المؤمنون في ساحة مابين الحرمين
وفي أجواءٍ إيمانية ذات روحانية خالصة لله تعالى مفعمة بعبق الرحمة الإلهية، ومن جوار الرحاب الطاهرة لمرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام) وفيوضات بركاتهما، أحيى المؤمنون ليلة القدر المباركة الثالثة وهم يتضرّعون إلى الله بأكفٍّ مرفوعة نحو السماء وعيونٍ اغرورقت بالدموع في توبة نصوح وتبتُّلٍ طاهرِ الصدق والإخلاص، جاش به وجدانهم توقاً للعتق من النار، ومبتهلين ومتوسّلين بالله تعالى أن يعمّ الأمن والسلام على العراق والعراقيين بجميع طوائفهم وانتماءاتهم وأن تنقضي محنته وكربته. وهذه الليلة بحسب الروايات هي أفضل من اللّيلتين السّابقتين، ويُستفاد من أحاديث كثيرة أنّها هي ليلة القدر وفيها يقدّر كلّ أمرٍ حكيم، ولهذه اللّيلة عدّة أعمال خاصّة فضلاً عن الأعمال العامّة التي تشترك بها مع اللّيلتين الماضيتين.
حيث جرت مراسيم أعمال هذه الليلة في ساحة ما بين الحرمين الشريفين، وابتُدِئتْ بدعاء الافتتاح ودعاء الجوشن الكبير ودعاء رفع المصاحف، فضلاً عن بعض الأذكار والأوراد الخاصة بإحياء ليلة القدر، والتي فيها من الثّواب والأجر العظيم ما لا يعلمه إلّا الله، وقد وردت فيها الكثير من الرّوايات الّتي تحثّ على إحيائها، مع الإشارة إلى أنّه ليس هناك إلّا ليلةُ قَدْرٍ واحدةٍ اختُلِفَ في تحديدها، ولكن اصطُلِحَ على تسمية هذه اللّيالي (19-21-23) بليالي القدر وهي إحداها.
وقد شهدت مدينة كربلاء المقدسة توافداً غفيراً للزائرين من أهالي المدينة وخارجها لإحياء هذه الليلة العظيمة داخل العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين والحسينيات والجوامع، من خلال إقامة الصلوات وقراءة القرآن الكريم والأدعية المباركة، كما شهدت المدينة إجراءات مختلفة للمساهمة في انسيابية حركة الزوّار داخل العتبات المطهَّرة والمدينة القديمة.