السيد السيستاني لحُماة عراق المقدّسات: لا تمنعوا قوماً من حقوقهم وإن أبغضوكم ما لم يقاتلوكم..

تضمّنت وصايا المرجع الدينيّ الأعلى السيد علي السيستانيّ(دام ظلّه الوارف) بخصوص آداب الجهاد التأكيدَ على ضرورة الالتزام بالأخلاق التي تحلّى بها أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) والإمام علي والأئمة الأطهار(عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) أبان الجهاد، وما ورد عنهم من أحاديث وتعاليم أخذت وأجمعت عليها الأمّة وجعلتها دستوراً وحجّةً بينها وبين ربّها.
إحدى التوصيات طالبت المجاهدين المؤمنين وهم يخوضون غمار حربٍ شرسة مع شرذمةٍ عديمة الإنسانية بالتأسّي بهذا النهج المقدّس وخاصة فيما يتعلّق بعدم البدء بالقتال إلّا عندما يشرع العدوُّ بالاعتداء، والحثّ على عدم سلب حقوق الطرف المقابل حتى لو كان خصماً عنيداً، متّخذةً ما ورد من إرشادات أمير المؤمنين(عليه السلام) بخصوص التعامل في مثل هذه الظروف منهجاً ودستوراً قويماً كونه هو (سلام الله عليه) من تأدّب بسيرة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في الحرب.
وتأخذنا هذه المسارات الى الجوّ الفكريّ للأئمة(عليهم السلام)، وما امتلكوه من قيمٍ نهضوية؛ كي لا تكون تلك الأعمال الداعشية هي النموذج الذي يمثّل الإسلام في عالم اليوم، وتذكّرنا أيضاً بمعركة الطفّ وأخلاق الإمام الحسين(عليه السلام) في حربه مع بني أميّة عندما خرج الشمرُ(عليه اللعنة) مهدّداً ومعربداً فرام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهمٍ فمنعه الحسين(عليه السلام) وقال: (أكره أن أبدأهم بقتال)، إذن من الذي بدأ بالقتال؟، إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) بعد أن ألقى عليهم الحجّة توجّهوا نحوه يزحفون بخيلهم ورجالهم، ونشبت بينهم معركةٌ داميةٌ وكان أوّل مَنْ رمى من الطرفين هو عمرُ بن سعد(عليه اللعنة) قائلاً: إشهدوا لي عند الأمير بأنّني أوّل من رمى.
ولذلك قدّمت المرجعيةُ الدينية المباركة هذه الوثيقة؛ لتكون هي رمز الإشعاع المؤثّر والقطب الجاذب للفكر الإنسانيّ، وهذا ما تجلّى في الوصية العاشرة من تلك الوصايا التي جاء فيها:
(ولا تمنعوا قوماً من حقوقهم وإن أبغضوكم ما لم يقاتلوكم، وقد جاء في سيرة أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه جعل لأهل الخلاف عليه ما لسـائر المسـلمين ما لم يحـاربوه، ولم يبدأهم بالحرب حتّى يكونوا هم المبتدئين بالاعتداء، فمن ذلك أنّه كان يخطب ذات مرّة في الكوفة فقام بعضُ الخوارج وأكثروا عليه بقولهم: لا حكم إلّا لله، فقال: (كلمةُ حقٍّ يُراد بها باطل، لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد الله أن تصلّوا فيها، ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدأكم بحربٍ حتى تبدؤونا بها).