الى

السيد السيستانيّ موصياً وموجّهاً القواتِ الأمنيةَ والحشدَ الشعبيّ: لا يفوتنّكم الاهتمامُ بصلواتكم المفروضة وهي دعامةُ الدين ومناطُ قبول الأعمال..

إنّ القارئ المتتبّع للنصائح والتوجيهات التي أصدرها مكتبُ المرجع الدينيّ الأعلى سماحة السيد علي الحسينيّ السيستانيّ(دام ظلّه الوارف) الى المقاتلين في ساحات الجهاد، يجدها قد أثارت جملةً من الصياغات المنهجية التابعة لمنظومةٍ فكريةٍ تشكّل في حقيقتها الجوهرَ التكوينيّ المؤسِّس لفكر المرجعية الدينية الشريفة، وهي من وصايا الإمام علي(عليه السلام) الى قادة جيشه والتي أصبحت دستوراً ومنهجاً قويماً، فعن عقيل الخزاعي أنَّ أمير المؤمنين علياً(عليه السلام) كان إذا حضرَ الحربَ يوصي المسلمين بكلماتٍ فيقول: (تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها، واستكثروا منها وتقرّبوا بها، فإنّها (كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)، ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سُئلوا مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قَالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين، وقد عرف حقّها رجالٌ من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينةُ متاعٍ ولا قرّةُ عينٍ من ولدٍ ولا مال).
وروى ابنُ حجر في صواعقه عن النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): (في كلّ خلفٍ من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله تعالى فانظروا من توفدون)، ولا شكّ ولا ريب أنّ مرجعيّتنا القائدة اليوم هي تجسيدٌ حيّ لهذا الحديث الشريف فيما صنعته في هذه الظروف العصيبة بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فقد كانت هذه المرجعية بشهادة العدوّ قبل الصديق والقاصي قبل الداني صمامَ أمانٍ لكلّ العراقيين بكافة ألوانهم وانتماءاتهم، ولا تنتهي سلسلةُ التوصيات القدسية في كلّ خطبةٍ من صلاة الجمعة للمجاهدين، والتي ترسم لهم خارطة الطريق في تحرّكاتهم المباركة لحماية وتحرير الأرض والعرض ومقدّسات الوطن.
وما بيّنه سماحةُ المرجع الأعلى(دام ظلّه) في النقطة الخامسة عشر من تعاهد الصلاة والالتزام بأدائها في أوقاتها هو عينُ ما كان يوصي به رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّةُ المعصومون(عليهم السلام) أصحابهم وأتباعهم، فقد جاء من ضمن وصاياه الكريمة للمقاتلين والمجاهدين في ساحات الجهاد والوغى والتي أصدرها مكتبُهُ، قوله:
(ولا يفوتنّكم الاهتمام بصلواتكم المفروضة، فما وفد امرؤٌ على الله سبحانه بعمل يكون خيراً من الصلاة، وإنّ الصلاة لهي الأدب الذي يتأدّب الإنسان به مع خالقه والتحية التي يؤدّيها تجاهه، وهي دعامةُ الدين ومناط قبول الأعمال، وقد خفّفها اللهُ سبحانه بحسب مقتضيات الخوف والقتال، حتى قد يُكتفى في حال الانشغال في طول الوقت بالقتال بالتكـبيرة عن كلّ ركـعة ولو لم يكن المرءُ مسـتقبلاً للقبلة، كما قال عزّ من قائل: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) البقرة 238-239.
على أنّه سبحانه وتعالى أَمَرَ المؤمنين بأن يأخذوا حذرهم وأسلحتهم ولا يجتمعوا للصلاة جميعاً بل يتناوبوا فيها حيطةً لهم، وقد ورد في سيرة أمير المؤمنين وصيّته بالصلاة لأصحابه، وفي الخبر المعتبر عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة: (يصلّي كلُّ إنسان منهم بالإيماء حيث كان وجهه وإن كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال، فإنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) صلّى ليلة صفّين -وهي ليلة الهرير- لم تكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء -عند وقت كلّ صلاة- إلّا التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء، فكانت تلك صلاتهم، ولم يأمرهم بإعادة الصلاة).
تعليقات القراء
1 | عشقي عباسي | 25/04/2015 | العراق
الله يحفظ السيد ذخرا للعراق
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: