البساطة والتركيب
قبل بيان المختار في هذا البحث نطرح مقدمة تساعد على وضوح محل النزاع وفهم المصطلحات الفلسفية والأصولية المطروحة فيه ، والمقدمة تشتمل على أمور:
الأمر الأول : في بيان معاني التركيب والبساطة ، وهي أربعة :
المعنى الأول : التركيب اللفظي ، وهو الذي عبر عنه علماء النحو وعلماء المنطق بقولهم « المركب ما دل جزؤه على جزء معناه » كغلام زيد حيث يدل كل
( 272 )
من المضاف والمضاف إليه على جزء من المعنى بنحو تعدد الدال والمدلول، ويقابله قولنا « زيد » حيث لا يدل جزء اللفظ هنا على جزء المعنى، ولذلك يعد مفرداً لا مركباً.
والسؤال المطروح هو: هل أن هذا المعنى من التركيب متحقق في المشتق أم لا؟
وقد يقال في الجواب : نعم هذا التركيب صادق على المشتقات أيضاً، وتقريب ذلك : أن علماء الأصول قالوا بأن المشتقات مشتملة على وضعين ، وضع شخصي لموادها ووضع نوعي لهيئآتها، فمثلاً بالنسبة للفظ (ضارب) قد وضعت مادته وضعاً شخصياً لطبيعي الحدث المعين ووضعت هيئته - وهي هيئة فاعل - لمن صدر منه هذا الحدث ، فهناك وضعان وضع شخصي للمادة ووضع نوعي للهيئة، سواءاً كان السبب في تحقق الهيئة هو زيادة الحروف نحو (ضراب ) و(ضارب ) أو تغير الحركات نحو (ضرب ) و(ضرب ) بالمبني للفاعل والمبني للمفعول .
وبناءاً على ما ذكر - من تعدد الوضع في المشتقات - يكون المشتق مركباً من جزئين مادة وهيئة وكل واحد منهما يدل على جزء المعنى ، فإن المادة تدل على طبيعي المعنى والهيئة تدل على كيفيته .
ولكن الصحيح عدم شمول هذا المعنى من التركيب للمشتقات ، وبيان ذلك بصياغتين :
أ - إن المقصود بالجزء في تعريف المركب هو الجزء العرفي لا الجزء التحليلي ، ولا يعد الملفوظ جزءاً عرفاً حتى يكون لفظاً مستقلاً يمكن لحاظه دالاً على جزء المعنى مستقلاً عن الجزء الآخر كما في (غلام زيد) ولذلك نرى الرضي (ره) في شرح الوافية يضيف قيد التعقب في التعريف ، فيقول : « المركب ما يدل جزءه المتعقب بلفظ على جزء المعنى » ليفيد أن المراد بالجزء هو الجزء
( 273 )
العرفي الذي لا ينطبق على كل من الهيئة والمادة إذ هما جزءان تحليليان يعينهما العقل بالتحليل والتأمل .
ب - قد ذكرنا في بحث الوضع أن الوضع النوعي أمر انتزعه العلماء بعد تحقق ظاهرة اللغة لا أنه قانون اخترعه أهل اللغة، وذلك لأن اللغة ظاهرة اجتماعية تنبع من حاجة المجتمع للتفهيم والتفهم ، والمجتمعات البدائية التي انطلقت منها شرارة اللغة كانت تقوم بالوضع من وحي الحاجات الشخصية، ومن الواضح أن الوضع الذي يلبي هذه الحاجات هو الوضع الشخصي للمشتق بمادته وهيئته معاً لمعنى معين كالوضع في الجوامد أيضاً بلا حاجة للوضع النوعي للهيئة المجردة.
مضافا لكون الوضع النوعي إبداعاً عقلياً يكشف عن تطور عقلي حضاري في ذهنية الواضع ، وهو غير متصور في المجتمعات البدائية . إذن فالوضع النوعي أمر انتزاعي توصل له العلماء بعد استقرائهم للألفاظ المشتركة في حروف معينة، فهو أمر حادث بعد اللغة لا أنه من مقومات ظهور اللغة، فلا يوجد في المشتق تركيب لفظي من مادة وهيئة كما ذكر.
المعنى الثاني : التركيب اللحاظي ، والمقصود منه : ان لفظ المشتق إذا خطر في الذهن فهل تخطر معه صورتان أم صورة واحدة ؟ فمثلاً إذا سمع الانسان لفظ (زيد ضارب) خطرت في ذهنه صورتان متقارنتان في الخطور الذهني لزيد ولضربه ، وهذا هو التركيب اللحاظي ، بينما إذا سمع الإنسان لفظة الانسان فإنه يخطر في ذهنه صورة واحدة لحاظاً وإن انحلت بالتعمل العقلي لصورتين وهما الحيوان والناطق ، الا أن هذا التعدد تحليلي لا ينافي الوحدة اللحاظية .
فهل لفظ المشتق - كعالم - مركب يستتبع في الذهن صورتين أم بسيط يستلزم صورة واحدة؟
( 274 )
ذهب صاحب الكفاية (قده) الى أن المراد بالتركيب والبساطة المبحوث عنهما في المشتق هو هذا التركيب اللحاظي وعدمه ، وأن الصحيح هو الوحدة اللحاظية للمشتق فهو بسيط بحسب اللحاظ لا مركب .
لكن الحق أن التركيب والبساطة المبحوث عنهما في المشتق ليس المراد بهما التركيب اللحاظي وعدمه :
أولاً : لأن الدليل على التركيب والبساطة اللحاظيين هو الوجدان بينما الدليل المستخدم للاستدلال في هذا البحث عند الأصوليين هو البرهان العقلي لا الوجدان .
وثانياً : لا ريب وجداناً عند أحد في البساطة اللحاظية للمشتق ، فلا يصح جعل ذلك محل النزاع بين علماء الأصول .
المعنى الثالث : التركيب الماهوي ، والمراد به : انحلال الماهية عند التأمل العقلي لجزءين عقليين ، وهما ما به الاشتراك وما به الامتياز، سواءاً كان المتصور ماهية حقيقية ام ماهية اعتبارية، وسواءاً كانت ماهية مركبة في واقعها كالجوهر المادي أم بسيطة كالأعراض . وهذا المعنى من التركيب ليس هو محل النزاع اصلاً، باعتبار أنه لا تخلو منه ماهية من الماهيات ولا مفهوم من المفاهيم فالمشتق مركب بهذا المعنى قطعاً لا بسيط .
المعنى الرابع : التركيب الاسنادي ، والمقصود به : أن مفهوم المشتق هل هو مفهوم إسنادي أخذت الذات فيه أم أنه مفهوم إفرادي لا دخالة للذات فيه ، بغض النظر عن كون ماهية المشتق في واقعها ماهية بسيطة أم مركبة فإن ذلك أمر لا ربط له ببحث التركيب ، بل المرتبط به هو دخالة الذات في مفهوم المشتق وعدم دخالتها .
فالقائل بالتركيب يرى أن مفهوم المشتق مفهوم إسنادي مشتمل على الذات ، وهذا المبنى يستلزم أمرين :

( 275 )
1 - كون الفرق بين المشتق والمبدأ فرقاً ذاتياً ، باعتبار اشتمال مفهومه على الذات كلفظ عالم - مثلاً - الذي يكون معناه ذات ثبت لها العلم ، بينما مفهوم المبدأ كالعلم أمر مغاير للذات لذلك لا يصح حمله عليها الا تجوزاً .
2 - كون الفرق بين عنوان عالم - مثلاً - وعنوان ذات ثبت لها العلم فرقاً لحاظياً، بمعنى أن الذهن بمقتضى نظرية التكثر الادراكي قد يتصور الشيء الواحد بعدة صور، فتارة يتصوره على نحو الاجمال فيعبر عنه بـ عالم وتارة يتصوره على نحو التفصيل ويعبر عنه بـ ذات ثبت لها العلم ، كالفرق اللحاظي بين الانسان والحيوان الناطق .
وأما القائل بالبساطة فهو يرى أن مفهوم المشتق مفهوم افرادي ، فلا فرق بينه وبين المبدأ الا باللحاظ ، حيث أن المبدأ كالعلم - مثلاً - مأخوذ على نحو البشرط لا والمشتق كالعالم مأخوذ على نحو اللابشرط ، بمعنى أن صفة العالم - مثلاً - إن لوحظت بما هي عرض نفساني له حده الخاص فهي المبدأ الماخوذ بنحو البشرط لا الذي لا يصح حمله على الذات الا تجوزاً المعبر عنه بالعلم .
وإن لوحظت بما هي شأن من شؤون الجوهر وطور من أطواره فهو المشتق المأخوذ بنحو اللابشرط المعبر عنه بالعالم .
الأمر الثاني (من الأمور التي ينبغي معرفتها في المقدمة قبل الدخول في بحث البساطة والتركيب ) : في بيان معنى الاعتبار وأقسامه .
والاعتبار عمل إبداعي تقوم به النفس بمقتضى خلاقيتها الفعالة، وله أقسام ثلاثة :
1 - الاعتبار اللفظي : وهو الاعتبار المتقوم بالصياغة اللفظية ، بحيث لا تترتب عليه آثاره الفردية والاجتماعية بمجرد إبداعه النفسي بل لا بد في ترتب الآثار عليه من إبرازه بمبرز معين ، وينقسم لنوعين :
أ - الاعتبار الراجع لاعطاء حد شيء لشيء آخر بهدف التأثير في أحاسيس
( 276 )
الآخرين كقولنا زيد أسد ، ويسمى بالاعتبار الأدبي .
ب - الاعتبار الراجع إلى صنع القرار الموافق للمصلحة العامة المؤثر في سلوك الآخرين فعلاً وتركاً ، وهو المسمى بالاعتبار القانوني كالأحكام التكليفية والوضعية . وقد سبق في هذا الكتاب بيان الفرق بين القسمين .
2 - الاعتبار القياسي : وهو الاعتبار المتقوم بالمقارنة والمقايسة بين ماهيتين المسمى عند الفلاسفة بباب اعتبارات الماهية .

مخلوطة مطلقة مجردة * عند اعتبارات عليها موردة(1)

ويسمى عند علماء الأصول بباب المطلق والمقيد، وتحليله بثلاث نظريات :
أ - ما طرحه الحكماء ومشهور الأصوليين من أن الماهية كالرقبة إذا قيست الى ماهية أخرى كالإيمان فإما أن تلاحظا متقارنتين وهو المعبر عنه بشرط شيء ، وإما أن تلاحظا متنافرتين وهو المعبرعنه بشرط لا، وإما أن لا تلاحظا لا بلحاظ التقارن ولا بلحاظ التنافر وهو المعبر عنه لا بشرط ، وهو الاطلاق عند الأصوليين مقابل التقييد بأحد نوعيه البشرط شيء والبشرط لا.
ب - ما ذهبنا إليه من أن الذهن عند مقايسة ماهية الى ماهية أخرى إما أن يقوم بخلق حالة من الالتحام والارتباط بين الماهيتين وهو التقييد المعبر عنه بشرط شيء ، وإما أن يقوم بالربط بين احداهما وعدم الأخرى وهو التقييد المعبر عنه بشرط لا، وإما أن لا يقوم الذهن بخلق أي لون من ألوان الارتباط بين الماهيتين الملاحظتين ، وهذا هو الاطلاق الذي هو في واقعه أمر عدمي راجع لعدم الربط بين الماهيتين في المورد القابل للتقييد . ويقابله التقييد الذي هو في نظرنا نوع من العمل النفسي بخلق حالة من الالتحام والاندماج بين الماهيتين ،
____________
(1) شرح المنظومة 2 | 338.

( 277 )
لا مجرد لحاظهما مقترنتين تصوراً ولحاظاً كما طرحه الرأي المشهور سابقاً .
ج - ما ذهب له الأستاذ السيد الخوئي (قده) من ان التقييد عبارة عن لحاظ الماهية متحصصة بالماهية الأخرى وجوداً كالرقبة المؤمنة أو عدماً كالرقبة الغير عربية ، والاطلاق عبارة عن لحاظ الماهية مرسلة رافضة للقيود والتحصيص . فالتقييد والاطلاق بنظره لحاظان وجوديان يتقابلان تقابل الضدين ، بخلاف النظريتين السابقتين القائلتين بأنهما وجودي وعدمي يتقابلان تقابل الملكة والعدم لا تقابل الضدين (1) .
3 - الاعتبار الحملي : وهو الاعتبار المتقوم بلحاظين لماهية واحدة عند الحمل ، ومثاله ما ذكره الفلاسفة في بيان الفارق بين الجنس والفصل والمادة والصورة، فإن العقل إذا تأمل أي موجود مادي قام بتقسيمه الى عنصرين أحدهما ما به الاشتراك والآخر ما به الامتياز، وما به الاشتراك إن لوحظ بما هو قوة واستعداد محض فهو ملحوظ بحده الخاص ، وهذا هو المعبر عنه بشرط لا وهو المادة، وإن لوحظ بما هو متحد مع محصله وبما هو متقوم به فهذا هو المعبر عنه بـ لا بشرط وهو الجنس.
وما به الامتياز إن لوحظ بما هو فعلية صرفة لها حد خاص فهذا هو المعبر عنه بشرط لا وهو الصورة ، وإن لوحظ بما هو محصل ومقوم للجهة المشتركة فهذا هو المعبر عنه لا بشرط وهو الفصل ، ولذلك كان المأخوذ بنحو اللابشرط من الجنس والفصل قابلين للحمل والمأخوذ بنحو البشرط لا من المادة والصورة غير قابلين للحمل .
إذن فالماهية الواحدة إذا لوحظت بلحاظين وكانت بالنظر لأحدهما قابلة للحمل وبالنظر للآخر غير قابلة للحمل فهذا هو الاعتبار الحملي المعبر عنه بلا بشرط
____________
(1) محاضرات في أصول الفقه : 5| 344.

( 278 )
وبشرط لا .
ومن أمثلته أيضاً ما هو محل كلامنا، فإن العرض ماهية إن لوحظت لحاظاً ذاتياً وبما لها من الحد الخاص المقابل للجوهر فهذا هو البشرط لا، ويعبر عنه حينئذٍ بالمبدأ كالعلم مثلاً، وإن لوحظت بما هي شأن من شؤون الجوهر وطور من أطواره فهذا هو اللابشرط ، ويعبر عنه حينئذ بالمشتق كالعالم .
فالخلاصة : أن الاعتبار إما متقوم بعنصر الابراز وهو الاعتبار اللفظي ، وإما غيره ، وغير المتقوم إما لحاظ واحد لماهيتين عند المقارنة بينهما وهو الاعتبار القياسي ، وإما لحاظان لماهية واحدة بالنظر لمرحلة الحمل وهو الاعتبار الحملي .
الأمر الثالث (من أمور المقدمة) : في البحث حول الحمل ومصححه ، فهنا جهتان :
1 - تعريف الحمل .
2 ـ مصحح الحمل .
الأولى : تعريف حقيقة الحمل ، وهو مستند لأمرين :
أ - إن الحمل من مقولة الفعل لا من مقولة الانفعال ، بمعنى أن إذعان النفس بقيام زيد ومشيه في الخارج - مثلاً - الذي هو عبارة عن انعكاس ما في الخارج في صفحة الذهن مع تسليم النفس به لا يعد حملاً ، وإنما الحمل عملية إبداعية تقوم بها النفس ، وهي إيجاد الاندماج والهوهوية بين الموضوع والمحمول ، ودليلنا على ما ذكرنا هو الوجدان لمن تأمل فيه .
ب - بما أن الحمل عمل نفسي يقوم به الإنسان لربط الموضوع والمحمول لذلك يكون للاعتبار واللحاظ دور فيه ، فيختلف الحمل باختلاف اللحاظ والاعتبار مما يكشف عن كون الحمل عملاً نفسياً يرتبط بنوع اللحاظ والاعتبار للموضوع والمحمول لا انفعالاً عما في الخارج فقط ، فمثلاً بالنسبة لما ذكرناه سابقاً من الفرق بين الجنس والمادة والفصل والصورة، حيث أن كل ماهية لها
( 279 )
عنصران ما به الاشتراك وما به الامتياز فما به الاشتراك إن لوحظ بما له من الحدود التي تفصله عما به الامتياز فهو المادة، وإن لوحظ بما هو مبهم تمام الابهام لا تحصل له الا بالصور النوعية والفصول فهو الجنس .
وبناءاً على اللحاظ الأول يكون ما به الاشتراك معتبراً في الذهن بنحو البشرط لا عن الحمل ، وبناءاً على اللحاظ الثاني يكون معتبراً في الذهن بنحو اللابشرط عن الحمل ، ويصح للذهن حمل الجنس على النوع ، فيقول : الإنسان حيوان بناءاً على الاعتبار الثاني ولا يصح للذهن حمل المادة على الصورة النوعية بناءاً على الاعتبار الأول .
فتبين لنا من خلال هذا المثال أن الحمل ليس انفعالاً محضاً عما في الخارج بل هو عمل نفسي يتأثر ويتغير بتغير اللحاظ والاعتبار الذهني ، كما أن هذه الاعتبارات ليست مجرد فرض واختراع بل لها مناشيء واقعية، فمثلاً ما به الاشتراك في الماهيات الواقعية له حيثيتان واقعيتان ، إحداهما : كونه ذا حد خاص يتميز به عن غيره ، وثانيتهما : كونه مبهماً تاماً الابهام لولا تحصله بالفصل . فإذا ادرك الذهن هاتين الحيثيتين فإن لاحظه بالحيثية الأولى أخذه بنحو البشرط لا، وترتب على ذلك عدم حمله على الذات ، وإن لاحظه بالحيثية الثانية أخذه بنحو اللابشرط ، وترتب على ذلك صحة حمله على الذات .
وكذلك مثال العرض المرتبط بمحل كلامنا، فإن العلم - مثلاً - كعرض من الأعراض له حيثيتان واقعيتان ، إحداهما : أنه ماهية لها حدها الخاص ووجودها النفسي المتميز عن وجود الجوهر، وثانيهما : أنه طور من أطوار الجوهر وشأن من شؤونه وصوره . فإن لاحظه الذهن من الزاوية الأولى أخذه بنحو البشرط لا عن الحمل ، وهذا هو المعبر عنه بالمبدأ كالعلم ، وإن لاحظه من الزاوية الثانية أخذه بنحو اللابشرط عن الحمل ، وهذا هو المعبر عنه بالمشتق كالعالم .

( 280 )
إذن فالحمل عمل ذهني مسبوق بنوع من الاعتبار واللحاظ الناشىء ذلك الاعتبار من مناشىء واقعية وحيثيات تكوينية كما ذكرنا .
الجهة الثانية : مصحح الحمل ، وفيه ثلاثة مطالب :
أ - مصحح الحمل : إن الحمل يتوقف على نوع من التغايربين الموضوع والمحمول ونوع من الاتحاد، فلولا التغاير بين الطرفين لما كانا طرفين وما صح الحمل ، ولولا الاتحاد لكان حمل المحمول على الموضوع من باب حمل المباين على المباين .
ب - أقسام الحمل : للحمل نوعان :
1 - الحمل الذاتي الأولي ، وهو ما كان متقوماً بالاتحاد المفهومي بين الموضوع والمحمول والتغاير الاعتباري ، ولو بالاجمال والتفصيل نحو الانسان حيوان ناطق أو بإيهام سلب الشيء عن نفسه ثم إثباته له نحو الناطق ناطق .
2 - الحمل الشائع الصناعي ، وهو ما كان متقوماً بالتغاير المفهومي بين الموضوع والمحمول والاتحاد الوجودي في أي وعاء من أوعية الوجود ذهناً أو خارجاً ، نحو الإنسان ناطق والإنسان كلي .
ج - أقسام حمل المشتق : تارة يدخل حمل المشتق في الحمل الذاتي الأولي نحو الناطق ناطق ولارب في صحته كما سبق ، وتارة يدخل في الحمل الشائع ، وهذا على أقسام :
1 - ما كان من الانتزاعيات نحو الإنسان ممكن ولا ريب في صحة حمله ، للتغاير المفهومي بين الطرفين والاتحاد الوجودي الذهني لو كان المراد بالامكان الامكان الماهوي ، أو الاتحاد الوجودي في الخارج لو كان المراد بالامكان الامكان الوجودي بمعنى الفقر الذاتي .
2 - ما كان من الاعتباريات نحو الخمر محرم والصلاة واجبة ولا ريب في صحة الحمل فيه ، للتغاير المفهومي والاتحاد في وعاء الاعتبار، فإن المعروض
( 281 )
للحرمة الاعتبارية هو طبيعي الصلاه الموجود في وعاء الاعتبار، لاشتراط وحدة الوعاء في حمل شيء على اخر.
3 - ما كان من الأعراض المقولية المتأصلة نحو الانسان قائم وقاعد، وهذا القسم قد يورد عليه بإيراد مبني على القول ببساطة المشتق ، وبيانه : أننا إذا قلنا زيد قائم فالحمل المذكور حمل شائع صناعي متقوم بالتغاير المفهومي والاتحاد الوجودي ، فأما التغاير المفهومي فهو حاصل بلا ريب ولكن الكلام في الاتحاد الوجودي ، فإننا إن اخترنا القول بالتركيب في المشتق فلا ريب حينئذٍ في وحدة الموضوع والمحمولى وجوداً لأن المراد بالمحمول الذات الواجدة للقيام وهذا المفهوم متحد وجوداً مع زيد الخارجي ، ولكننا إذا اخترنا القول ببساطة المشتق وأن لفظ قائم معناه نفس معنى القيام وإنما الفرق اعتباري وهو لحاظ اللابشرط عن الحمل والبشرط لا عنه فحينئذ لا يوجد اتحاد وجودي بين زيد والقيام ، فإن زيداً يعني الوجود الجوهري القائم بنفسه والقيام يعني وجوداً محمولياً آخر وهو الوجود العرضي . القائم بالموضوع فمع تحقق الوجودين كيف يحصل الاتحاد الوجودي المقوم للحمل الشائع ؟!
والجواب : إن هناك مسلكين في وجود الأعراض :
1 - مسلك الآقا علي المدرس وهو المختار عندنا، ومحصله : أن الأعراض ليس لها وجود محمولي خاص بها وإنما الوجود الجوهري يعيش في صميمه حركة تطورية تتشأن بعدة شؤون وتتلون بعدة ألوان والاعراض هي ألوان ذلك الوجود الجوهري المتطور، فحينئذ ليس عندنا وجودان في الخارج بل وجود واحد والاعراض نابعة من صميم هذا الوجود الواحد من دون أن توجب تعدداً وجودياً له ، نظير المادة الهيولائية المتصورة بعدة صور نوعية من دون أن يكون للمادة وجود آخر غير وجود الصورة المحددة لها ، وعلى هذا المسلك فالاتحاد الوجودي المقوم للحمل حاصل .

( 282 )
2 - مسلك المشهور من تعدد الوجود لموجود جوهري قائم بنفسه وموجود عرض قائم بموضوعه ، والاتحاد الوجودي المعتبر في الحمل حاصل حتى بناءاً على هذا المسلك .
بيان ذلك : إن الفلاسفة قسموا الحمل الشائع لقسمين :
1 - حمل حقيقي ذاتي .
2 - حمل مجازي عرفي .
والمراد بالقسم الأول ما كان المحمول فيه منتزعاً من ذات الموضوع من دون وجود واسطة بينهما، لا واسطة في الثبوت ولا واسطة في العروض ، نحو الوجود موجود والضوء مضيء والبياض أبيض ، ولا إشكال في صحة هذا الحمل للتغاير المفهومي بين الطرفين بلحاظ دخالة حيثية اللابشرط في مفهوم المحمول ودخالة حيثية البشرط لا في مفهوم الموضوع وللاتحاد الوجودي بينهما.
والمراد بالقسم الثاني ما كان المحمول فيه أجنبياً عن الموضوع ، وهو نوعان :
1 - الحمل المجازي الأدبي ، أي ما يعد بنظر العرف تجوزاً لا حقيقة نحو الميزاب جاري ، فإن الحمل هنا حمل مجازي حتى بنظر العرف لعدم الاتحاد الوجودي بين الموضوع والمحمول وإنما حمل عليه لواسطة جلية في العروض وهي جريان الماء فيه ، وهذا النوع من الحمل خارج عن محل كلامنا.
2 - الحمل المجازي العقلي ، أي ما يعد بنظر العرف حملاً حقيقياً وإن كان بنظر العقل حملاً مجازياً ، لأن هذا الحمل مستند لواسطة في العروض ولكن لخفاء هذه الواسطة عند العرف عده العرف حقيقياً ولجلائها عند العقل المتأمل كان الحمل مجازياً عنده ، ومثال ذلك الإنسان موجود، فإن الموجود في الحقيقة هو الوجود لا الانسان ولكن لأجل وجود واسطة خفية وهي كون الماهية حداً للوجود صح حمل الموجود على الانسان ، فهو حمل حقيقي عرفاً لخفاء الواسطة
( 283 )
وحمل مجازي عقلاً لمعرفة الواسطة عند العقل .
ومثال ذلك - أيضاً - الجسم أبيض ، فإن الأبيض في الواقع هو البياض لا الجسم لكن لوجود واسطة وهي تقوم وجود البياض بوجود الجسم ، سواءاً فسرنا هذا التقوم بالتركيب الانضمامي كما هو رأي بعض الفلاسفة ام فسرناه بالتركيب الاتحادي كما هو رأي البعض الاخرمنهم فهذا الحمل حقيقي عرفاً لخفاء الواسطة مجازي عقلاً للعلم بها عند العقل .
إذن فهذا الحمل الشائع نحو زيد قائم واجد لكلا عنصريه ، وهما التغاير المفهومي والاتحاد الوجودي ولكن بنظر العرف لا بنظر العقل ، والوحدة الوجودية العرفية كافية في تصحيح الحمل الشائع .
مورد النزاع : بعد فراغنا من شرح المصطلحات الدائرة في محل البحث نشرع في بيان الآراء المطروحة في البساطة والتركيب ، فنقول : ذهب المحقق النائيني (قده) للقول ببساطة المشتق ، بمعنى أن مفهومه خال من الاشتمال على الذات وأن الموضوع له فيه هو نفس المعنى الموضوع له المبدأ ولا فرق بينهما الا تضمن المشتق لحيثية اللابشرط عن الحمل وتضمن المبدأ حيثية البشرط لا عنه ، فمفهوم العالم - مثلاً - هو نفس مفهوم العلم حيث إن كليهما يعبرعن الكيفية النفسانية الخاصة وهي كيفية الانكشاف بدون اشتمال فيهما على معنى الذات أصلاً ، غاية الأمر ان لفظ العالم يحكي عن معنى الانكشاف بنحو اللابشرط ولفظ العلم يحكي معنى الانكشاف بنحو البشرط لا، فيصح حمل الأول على الذات دون الثاني(1) .
وهذا المسلك للمحقق النائيني (قده) صار مورد اعتراض الأعلام (قدهم) ، ونحن نستعرض هذه الايرادات مع مناقشتها .
____________
(1) فوائد الأصول : 1 | 120 .

( 284 )
الايراد الاول : ما طرحه بعض الأعاظم ، وخلاصته أمران :
أ - إن الحمل متقوم بشرط واقعي وهو الاتحاد المفهومي في الحمل الأولي والاتحاد الوجودي في الحمل الشائع ، فإذا تم هذا الشرط بين طرفين صح حمل أحدهما على الاخر بلا حاجة لاعتبار اللابشرط بل الحمل صحيح حتى ولو أخذ الطرفان بنحو البشرط لا ، وإذا لم يتحقق هذا الشرط فلا يصح الحمل وإن أخذ الطرفان بنحو اللابشرط ، إذن فالحمل انعكاس عن الواقع لا ينفصل عنه ولا يتأثر بتدخل الاعتبارات المختلفة فيه(1) .
ب - إن ما ذكره الحكماء في باب اعتبارات الماهية، وهو أن الماهية قد تؤخذ بنحو اللابشرط وقد تؤخذ بنحو البشرط لا وقد تؤخذ بشرط شيء (2) لا يمكن حمله على ظاهره ، وذلك لأن ظاهره تغير الواقعيات بتغير الاعتبارات وهو مستحيل .
بيان ذلك : إن الاعتبار معناه الاختراع والفرض الذهني بهدف التأثير في مشاعر الآخرين وعواطفهم ، وهذا يتناسب مع العلوم الأدبية الذوقية وأما العلوم الحكمية الباحثة عن الحقائق الواقعية فلا مدخلية للاعتبارات فيها ، لأن الاعتبار لا يغيرمن الواقع شيئاً فاعتبار الماهية لا بشرط أو بشرط لا لا يغير من حقيقتها شيئاً ، فلا بد أن يحمل الكلام على غير ظاهره ، وهو أن هذه الاعتبارات انعكاس عن الواقع نفسه ، فإن واقع الماهية أنها قد تكون منضمة للعوارض وهذا ما يسمى بالبشرط شيء وقد تكون مباينة لغيرها وهو البشرط لا وقد تكون خلواً من الاعتبارات في الذهن وهو اللابشرط ، لا أن هذه الحيثيات اعتبارات محضة وفرضيات ذهنية .
____________
(1) تهذيب الأصول : 1 |126.
(2) شرح المنظومة : 2 |340.

( 285 )
ولكننا لا نوافق على هذا الايراد لعدة أمور:
أولاً : إننا ذكرنا سابقاً أن الحمل عمل نفسي لا أنه إدراك للواقع فقط ، فإن الوجدان شاهد بأن الإنسان بعد إدراكه للواقع وانفعاله به يقوم بحمل شيء على شيء بخلق الهوهوية بينهما استناداً للاتحاد المفهومي أو الوجودي بينهما، لا أن نفس الادراك والانفعال هو الحمل ، ومما يؤيد ذلك تدخل الاعتبارات في صناعة الحمل فأنت ترى أن حمل الشيء على نفسه غير صحيح لعدم المغايرة بينهما والمغايرة شرط في الحمل ، ولكن بعد قيام الذهن باعتبار الاجمال والتفصيل يصح الحمل فيقال : الانسان حيوان ناطق ، أو بعد قيامه باعتبار امكان سلب الشيء عن نفسه فيقال : الانسان إنسان لإثبات عدم الامكان المذكور، فهنا نلاحظ تدخل الاعتبار في صناعة الحمل .
وكذلك - أيضاً - قد نرى شيئين متحدين وجوداً ولكن لا يصح حمل أحدهما على الآخر بمجرد ذلك الاتحاد الوجودي ، فالمادة والصورة النوعية متحدان وجوداً لأن المادة عين القوة والاستعداد والصورة عين الفعلية والتحصل ، ومع هذا الاتحاد الوجودي بينهما وهو اتحاد المتحصل باللامتحصل لا يصح حمل احدهما على الآخر، فإذا قام الذهن باعتبار المادة على نحو اللابشرط والنظر الى جهة الابهام فيها وأنها لا تحصل لها الا بالصورة والفصل كانت جنساً وصح حملها على النوع والفصل ، فالحمل ليس انعكاساً عن الواقع متقوماً بالاتحاد الوجودي والمفهومي بين الطرفين كما ذكرنا، بل هو عمل نفسي يقوم به الذهن ويكون خاضعاً للاعتبارات الذهنية أيضاً .
وثانياً : إننا لا ننكر أن الاعتبارات الذهنية المذكورة فى باب اعتبارات الماهية وباب الجنس والفصل ليست مجرد فرض ذهني فقط بل لها مناشئ واقعية وحيثيات وجودية، ولكن وجود المنشأ الواقعي لا ينافي تحقق الأعتبار، فالاعتبارات على ثلاثة أنواع :
( 286 )
1 - اعتبار لا يستند لمنشأ واقعي بل هو مجرد اختراع ذهني بلا هدف أو بهدف التأثير على المشاعر والعواطف كالاعتبارات الأدبية .
2 - اعتبار يستند لمنشأ واقعي استناد المدعو إليه للداعي كالاعتبارات القانونية، فإنها - عند العدلية - ناشئة عن المصالح والمفاسد، سواءاً كان في الجعل أم في المجعول ، فإذا أدرك المقنن مصلحة معينة وأراد الوصول لها أو إيصال المكلف إليها استخدم الاعتبار القانوني وسيلة للوصول لتلك المصلحة ، فهذا الاعتبار صار مدعوا إليه كوسيلة لتحقيق الهدف .
3 - اعتبار يستند لمنشأ واقعي على نحو الاقتضاء لا العلية التامة، ومن موارده موردان :
الأول : الانتزاعيات ، فإن الذهن بعد إدراكه لمنشأ الانتزاع كادراكه - مثلاً - لنسبة الأرض للسماء ينتزع عنوان الفوقية والتحتية، فبناءاً على ان الموجود الانتزاعي موجود بالعرض كما هو الصحيح لا موجود بالتبع كما ذهب له بعض الحكماء فليس له وجود خارجي أصلاً بل هو اعتبار ذهني يتسبب على نحو الاقتضاء لا العلية التامة عما في الخارج ، والا فليس له وجود في الخارج وإنما الوجود أولاً وبالذات لما في الخارج وهو منشأ الانتزاع وينسب ثانياً وبالعرض للعنوان الانتزاعي .
الثاني : مورد الكثرة الادراكية ، حيث ان انتقال صورة الخارج الى الذهن لا تعني كون الذهن صندوقاً أميناً يحتفظ بالصورة الخارجية كما هي عليه ، بل الذهن بحكم العوامل النفسية والاجتماعية والرواسب الثقافية يستخدم خلاقيته وفعاليته في تصور المعلوم على عدة صور، كما تقوم النفس أثناء النوم بخلق صور وأشكال تتناسب مع رواسب العقل الباطن كما يذكره بعض مدارس علماء النفس .
إذن فالصحيح أن وجود منشأ خارجي للصورة الذهنية لا يعني ان
( 287 )
الذهن لا يقوم باي اعتبار استناداً لهذه المناشئ الواقعية ، فاعتبارات الماهية اللابشرط والبشرط لا والبشرط شيء - مثلاً - ليست مجرد انعكاسات عن الواقع من دون تدخل الذهن في صناعة الاعتبار المتلائم مع المنشأ الواقعي كما شرحناه في الأمثلة السابقة ، حيث أن الأمور الانتزاعية اعتبارات يصنعها الذهن لوجود مناشئ واقعية تستلزم هذا الاعتبار ولو على نحو الاقتضاء لا العلية التامة، بناءاً على عدم وجود الامر الانتزاعي خارجاً لا بالأصالة ولا بالتبع لمنشأ انتزاعه وإنما ينسب إليه الوجود بالعرض .
كما أن الصور الذهنية المختلفة لشيء واحد يقوم الذهن بخلقها لمناشئ واقعية تدعو النفس الى خلق تلك الصور، فالاعتبارات التي طرحها الفلاسفة في باب اعتبارات الماهية وباب الجنس والفصل اعتبارات فرضية ناشئة عن حيثيات واقعية كما أوضحنا ذلك ، فلا مانع حينئذ من كون المشتق متحداً في المعنى مع المبدأ وكون الفرق بينهما فرقاً اعتبارياً راجعاً الى اللابشرط والبشرط لا بحيث يصح الحمل بناءاً على أحد الاعتبارين ولا يصح بناءاً على الاعتبار الاخر، ولا دليل عندنا على أن كل اعتبار لابد أن . يكون قابلاً للزوال باعتبار يغايره ، فإن ذلك خاص بالاعتبارات الأدبية ونحوها وأما الاعتبار الناشئ عن حيثية واقعية فلا يزول ما دام المنشأ الواقعي له موجوداً .
وثالثاً : إن ظاهر كلامه (قده) أن الاعتبارات المجازية لا مجال لها في العلوم العقلية مع أن الفلاسفة قد عقدوا بحثا في تعريف الواسطة وانقسامها للواسطة في الثبوت والواسطة في العروض والواسطة في العروض راجعة للإسناد المجازي المبني على الاعتبار الذهني ، فمثلاً إذا قلنا الجسم أبيض فإن هذه الجملة وإن كانت بحسب نظر العرف إسناداً حقيقياً الا أنها اسناد مجازي ، بنظر العقل ، لأن الأبيض هو البياض في الواقع لا الجسم وإنما أسند للجسم لواسطة في العروض ، وهي حيثية ارتباط البياض به على نحو التركيب
( 288 )
الانضمامي أو التركيب الاتحادي على الخلاف في بحث الأعراض .
بل حتى قولنا الإنسان موجود إسناد مجازي بنظر العقل في الواقع ، لأن الموجودية للوجود لا للماهية ولكن الوجود اسند لها بواسطة كونها حداً وقالباً للوجود، فإذن الحكماء يرون الاعتبار الذهني دخيلاً في الاسناد والحمل ، ويعبرون عنه بالواسطة في العروض ، ويستخدمونه في أكثر القضايا العقلية والواقعية كقولهم الإنسان موجود مثلاً، مما يدل على دخالة الاعتبار المجازي العقلي في العلوم الفلسفية وشيوع استخدامه عندهم ودوره الفعال في صناعة الحمل .
الايراد الثاني : ما طرح في كلمات السيد الأستاذ في المحاضرات في بحث المشتق وبحث علامات الحقيقة والمجاز ، وحاصله يرجع لنقطتين :
الأولى : مناقشة القول ببساطة المشتق من عدة زوايا :
أ - إن الحمل الشائع يعتبر فيه مغايرة الموضوع للمحمول مفهوماً واتحادهما حقيقة ووجوداً .
ب - إن العرض له وجود محمولي يختص به غير وجود الجوهر وإن كان قائماً بالجوهر.
ج - بما أن المشتق هو نفس المبدأ العرضي والمبدأ العرضي مغاير في الوجود لوجود الذات إذن فلا يوجد بين الموضوع والمحمول اتحاد وجوب مصحح للحمل .
د - إن هذه المغايرة ليست اعتبارية حتى تتغير باعتبار آخر كاعتبار اللابشرط مثلاً، بل هذا الاعتبار لو لوحظ ألف مرة لا يغير من الواقع شيئاً ، وهي المغايرة الحقيقية بين المبدأ والذات (1) .
____________
(1) محاضرات في أصول الفقه 1 |275 - 288 .