ما لا يجوز للمرأة وما يجوز لم تعد المرأة متأقلمة بإطارها القديم ، وقد بعثت روح الحضارة جذوة التفتح على الحياة الماصرة ، وقد أخذت المرأة من ذلك جزءاً لا يستهان به من الصحوة ، ولكن هذا لا يعني لها أن تخرج عن أصول الدين وسنن الشريعة ، فذلك رابط مقدسٌ يصونها عن الانحراف ، ويحميها من التدهور والانحطاط ، ويخلق منها نموذجاً رائعاً من نماذج القصد والاعتدال والاستقامة ، ولمّا كانت إفرازات العصر كثيرة ، كان التحرز والتحفظ منها بنسبتها ، ولقد اختطت الشريعة الغراء للمرأة المسلمة بلغت الذورة في الصفة والكمال ، وتسنمت مدارج الرفقة إلى الحياة الحرة الكريمة ، ولمّا كانت مفردات شؤون المرأة متعددة الجوانب في الإفتاء ، وهي منتشرة في مظانها من المصادر والمراجع فسأقتصر بالحديث عما لا يجوز للمرأة وما يجوز لها في حدود على سبيل النموذج والمثال لا الحصر والاستقصاء. لقد أولى سيدنا المفدى دام ظله الوريف عنايته الفائقة لهذا الجانب في كل المستويات من أجل إسعاد المرأة المسلمة ، والنهوض بها إلى المكان اللائق المرموق الذي يجب أن تحتله في الساحة ، فبحث مشكلاتها في ضوء المنطق الصحيح ، وأعطى الحلول الشرعية المناسبة لكل حادث ومستجد في مسيرتها في ظل الحضارة المعاصرة ، وإليك جزءاً من الفتاوى التي خصصت للموضوع : 1ـ يجب على المرأة أن تستر شعرها ، وما عدا الوجه والكفين من بدنها عن غير الزوج والمحارم ، وأما الوجه والكفان فالأظهر جواز إيدائهما إلاّ مع خوف الوقوع في الحرام أو كونه بداعي إيقاع الرجل في النظر المحرّم فيحرم الإيداء حينئذٍ حتى بالنسبة إلى المحارم . هذا في غير المرأة المسنّة التي لا ترجو النكاح ، وأما هي فيجوز لها إبداء شعرها وذراعها ونحوهما مما لا يستره الخمار والجلباب عادة ولكن من دون أن تتبرج بزينة. 2ـ يستثنى من حرمة النظر واللمس ووجوب التستر صورة الاضطرار ، كما إذا توقف استنقاذ الأجنبية من الغرق أو الحرق أو نحوهما على النظر واللمس المحرّم فيجوز حينئذٍ ، ولكن إذا اقتضى الاضطرار النظر دون اللمس أو العكس اقتصر على ما اضطر إليه ، وبمقداره لا أزيد. 3ـ إذا اضطرت المرأة ـ مثلاً ـ إلى العلاج من مرض ، وكان الرجل الأجنبي أرفق بعلاجها جاز له النظر إلى بدنها ولمسه بيده إذا توقف عليهما معالجته ، ومع إمكان الاكتفاء بأحدهما ـ أي اللمس والنظر ـ لا يجوز الآخر كما تقدم. 4ـ يجوز النظر واللمس من المرأة للصبي غير البالغ ـ ما عدا عورته ـ مع عدم التلذذ الشهوي والريبة ، ولا يجب عليها التستر عنه ما لم يبلغ مبلغاً يمكن أن يترتب على نظره إليها ثوران الشهوة ، وإلا وجب التستر عنه على الأحوط. 5ـ لا يجوز لمس بدن الغير وشعره ـ عدا الزوج والزوجة ـ بتلذذ شهوي أو مع الريبة ، وأما اللمس من دونهما فيجوز بالنسبة إلى شعر المحرم والمماثل وما يجوز النظر إليه من بدنهما ، وأما بدن الأجنبي والأجنبية وشعرهما فلا يجوز لمسهما مطلقاً حتى المواضع التي يجوز النظر إليها ، فتحرم المصافحة بين الأجنبي والأجنبية إلا من وراء الثوب ونحوه(1). وهناك أسئلة مهمة في الموضوع أجاب عنها سماحته استفتاء ، نضع السؤال بين يدي القاريء والجواب : 1ـ ذكرتم في رسالتكم العملية ما محصله : أنه لا يجوز للرجل الأجنبي النظر إلى عورة المرأة وكذلك العكس حتى في مقام العلاج إلا مع الضرورة . فهل يكفي في الضرورة كون الشخص في مقام التدريب كطالب الطب مثلاً ؟ * لا يكفي إلا إذا توقف عليه ولو في المستقبل دفع ضرر عظيم عن مسلم. 2ـ وهل يكفي صدق عنوان الضرورة علاج الحالة النفسية ، كالمرأة التي يسبب لها كثرة الحمل الانزعاج الشديد والتذمر ____________ (1) السيد السيستاني | منهاج الصالحين 3|12 ـ 14. النفسي بحيث لا وسيلة لمنع الحمل إلا عن طريق وضع ( اللولب ) الذي تضطر معه لكشف عورتها للأجنبي أو الأجنبية ؟ * لا يمكن إلا إذا كان الإنجاب يسبب لها القلق النفسي الشديد مما يوجب وقوعها في الحرج الرافع للتكليف ، فيجوز لها حينئذٍ كشف العورة للطبيب أو الطبيبة إذا لم تكن وسيلة أخرى مناسبة للمنع عن الحمل لا تتوقف عن كشف العورة. 3ـ وكذلك الحال بالنسبة للمرأة المصابة بالعقم ، هل يسوغ لها كشف عورتها للعلاج عند الضرورة. * يسوغ إذا كانت هناك ضرورة تلجئها إلى الإنجاب أو كان عدم الإنجاب يوجب وقوعها في الحرج الرافع للتكليف(1). 4ـ هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام المرأة غير المسلمة ؟ * يجوز ذلك ، ولكنه مكروه مع احتمال أن تصف زينة المسلمة لزوجها احتمالاً معتداً به(2). 5ـ هل يجوز للبكر وضع مساحيق التجميل الخفيفة بقصد إثارة الانتباه ، وزيادة الجمال في المجالس النسائية الخاصة قصد الزواج ، وهل يعدّ ذلك إخفاءً للعيوب الجسدية ؟ * يجوز لها ذلك ، ولا يعدّ إخفاء للعيوب ، مع أنه لو عدّ كذلك لم يحرم إلا إذا وقع تدليساً لمن يريد الزواج منها. ____________ (1) المستحدثات من المسائل الشرعية | 30. (2) المرجع نفسه | 35. 6ـ هل يجوز مصافحة العجائز الأجنبيات القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً ، وما هو العمر التقريبي للقواعد ؟ * لا يجوز لمس بدن الأجنبية مطلقاً إلا مع الضرورة ، وليس للقواعد عمر تقريبي بل تختلف امرأة عن غيرها في ذلك ، والمناط هو المذكور في الآية ، أن تكون ممن لا ترجو النكاح من جهة كبر السن. 7ـ هل يجوز للمرأة المحجبة تعلّم قيادة السيارة ، إذا كان معلمها أجنبياً ينفرد بها أثناء التعلم من دون أن يستلزم ذلك الوقوع في المحرم ؟ * يجوز مع الأمن مِنَ الفساد. 8ـ بعض محلات تجميل النساء تحتاج إلى عاملات ، فهل يحق للمؤمنة أن تجمّل النساء السافرات اللاتي يتجملن أمام الأجانب الغرباء ، مسلماتٍ كنّ أو غير مسلمات. * إذا عُدّ ذلك إسهاماً في ترويج المنكر وإشاعته فليس لها ذلك ، ولكن حصول هذا العنوان بعيد جداً. 9ـ هل يجوز للمرأة التي لا تستر وجهها إزالة الشعر عن وجهها ، وتصفيف حواجبها ، ووضع المساحيق الطبيعية الخفيفة على الوجه ؟ * إزالة شعر الوجه وتصفيف الحواجب لا يمنعها من كشف وجهها بشرط الأمن من الوقوع في الحرام ، وعدم كون الإبداء بداعي وقوع النظر المحرّم عليها. وأما مع استخدام مساحيق التجميل فلا بدّ من ستر الوجه. 10ـ هل يجوز تلوين الشعر بصبغه ، كلاً أو بعضاً ، بقصد جلب الانتباه في المجالس النسائية لغرض الزواج ؟ * إن كان لمجرد الزينة من دون تدليس ، كإخفاء العيب أو كبر السن ، فلا بأس به. 11ـ لو استعملت امرأة شعراً اصطناعياً سترت به شعرها الحقيقي ، فهل يجوز لها إظهار صورتها على غير ما هي عليه طلباً للزينة والستر معاً ؟ * يجوز لها استخدام الشعر الاصطناعي ، ولكنه زينة يجب ستره عن الرجال الأجانب. 12ـ جورب بلون البشر يجمّل الساق ، هل يجوز للمرأة الشابة لبسه ؟ * يجوز لها ذلك ، ولكنه إذا عدّ من الزينة في الملبس لزم ستره عن الأجانب. 13ـ جورب ساتر يجسم ما تحته ، هل يجوز لبسه ؟ * لا بأس به. 14ـ ممرضة مسلمة تعمل في عيادة طبية ، تلمس بطبيعة عملها أجساد الرجال ، مسلمين وغير مسلمين ، فهل يجوز لها ذلك ؟ علماً بأن ترك العمل صعب لقلة فرص الحصول على العمل ، ثم هل هناك فرق بين لمس جسد مسلم ، ولمس جسد غيره ؟ * لا يجوز للمرأة أن تلمس جسد الأجنبي ، مسلماً كان أم غيره ، إلا إذا كانت هناك ضرورة رافعة للحرمة. 15ـ مسلمة تلبس حذاءً ذا كعب علٍ ينقر الأرض نقرات مثيرة للانتباه ، فهل يجوز لها ذلك ؟ * لا يجوز إذا كان بداعي الفات نظر الرجال الأجانب إليها ، أو كان موجباً للفتنة النوعية. 16ـ هل لبس خاتم الزينة أو السوار أو القلادة بقصد التجميل حلال أو حرام ؟ * حلال ويجب سترها عن الأجانب باستثناء الخاتم والسوار مع الأمن من الوقوع في الحرام ، وعدم كون إبدائهما بداعي إيقاع النظر المحرّم عليها. 17ـ في الغرب يمكن إلصاق عدسات على حدقة العين بألوان شتى ، فهل يجوز للمسلمة وضع العدسات اللاصقة لغرض التجميل والظهور بها أمام الرجال الأجانب ( غير المحارم ) ؟ * إذا عدّت زينة لها لم يجز. 18ـ هل يجوز بيع بويضة المرأة ؟ وهل يجوز شراؤها ؟ * يجوز. 19ـ يتساقط شعر بعض النساء في حالات خاصة ، فهل يحق لهن عرض شعورهن على الطبيب للعلاج ، سواء استلزم سقوط الشعر الحرج لهن ، لم لم يستلزم ، بل اقتضاه التجميل ؟ * يجوز مع الحرج الذي لا يتحمل عادة ، لا بدونه. 20ـ هل يجوز لبس الباروكة للزينة بقصد إثارة الانتباه وزيادة الجمال في المجالس النسائية الخاصة ؟ وهل يعد هذا إخفاءً للعيوب ؟ * لا بأس إذا كان لمجرد الزينة دون التدليس وإخفاء العيب في مقام التزويج مثلاً. 21ـ هل يجوز للنساء مشاهدة أجساد الرجال الذين يخلعون ثيابهم أثناء العزاء ؟ * الأحوط وجوباً الترك. 22ـ هل يجوز لبس المرأة للبنطلون والخروج به في الشوارع والأسواق ؟ * لا يجوز إذا كان مجسماً لمفاتن بدنها ، أو موجباً لإثارة الفتنة غالباً. 23ـ هل تجوز المصارعة بأشكالها المختلفة للنساء ؟ وهل يجوز للنساء مشاهدة أجسام المتصارعين المكشوفة مباشرة أو من خلال جهاز التلفزيون من دون تلذذ ؟ * لا يجوز ما فيه إضرار بالغير أو بالنفس بالحد المحرّم ، والأحوط لزوماً أن لا تنظر المرأة إلى بدن الرجل من دون تلذذ ولو في التلفزيون ، ما عدا الرأس واليدين ونحوهما مما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره. 24ـ من تبرع بتربية طفلة فكبرت عنده حتى بلغت مبلغ النساء ، فهل يجب عليها الحجاب منه ؟ وهل يجب عليه عدم النظر لشعرها ، وعدم لمس جسدها ؟ * نعم يجب كل ذلك ، فشأنها معه شأن سائر الأجانب(1). ____________ (1) فقه المغتربين | 301 ـ 306. مشاهد المجون والرقص والموسيقى والغناء والقمار تأطرت إفرازات العصر بأطر بعيدة عن الشعور بالمسؤولية حيناً ، وداعية إلى الاستهتار بالقيم حيناً آخر ، وهي بين هذا وذاك قد تبرر ظواهر الخلاعة والعبث والمجون ، وقد تبيح حفلات الرقص والموسيقى والغناء ، وقد تخرج بسبيل ما عن مقتضيات الآداب العامة ، وتتمرد على الأعراف القائمة ، وهي تختلف نسبياً في بيئة ما عن بيئة أخرى ، فهي في مكان غيرها في مكان آخر ، والمسلم الواعي الملتزم هو الذي يبتعد عن كل ذلك بما فيه الشبهات. ولقد حرص سيدنا المفدى دام ظله العالي أن يجنب شبابنا ـ لا سيما في الغرب ـ عناء الانزلاق في هذه المتاهات المظلمة ، وحدب على إرشاد الضال وقمع الضلال ، واستقصاء الحالات الشاذة ، والردّ عليها رداً عنيفاً ، والأخذ بيد الجيل أخذاً رفيقاً ، بغية الوصول إلى الهدف الأسمى من بيان أحكام شريعة سيد المرسلين بكل يسر ومرونة دون عنت وإكراه. أولاً : ولقد ِأفتى سماحة السيد وأجاب عن الأسئلة الكثيرة ، ونشر ضمن رسالته العملية ما فيه الغناء والكفاية ليتبصر أولو الرأي والفكر والاعتبار ، وفي هذا الضوء أضع بعض المسائل : 1ـ هل يجوز مشاهدة مشهد غرامي على الطبيعة في الشارع ؟ * لا يجوز النظر إليه بتلذذ شهوي أو مع الريبة ، بل الأحوط تركه مطلقاً. 2ـ هل يجوز الذهاب إلى السينما المختلطة وأماكن اللهو غير المشروع ، مع عدم الاطمئنان بالوقوع في المحرم ؟ * لا يجوز. 3ـ هل يجوز قصد سواحل البحر والحدائق العامة في الأيام المشمسة للتنزه ، وفيها مشاهد مخلة بالآداب العامة ؟ * لا يجوز مع عدم الأمن من الوقوع في الحرام(1). 4ـ هل يجوز النظر إلى صور المسلمات العاريات أو شبه العاريات في التلفزيون وشبهه ، لإشباع غريزة الإطلاع والاستئناس ، مع عدم الاطمئنان بحصول اللذة الجنسية ؟ وهل يجوز النظر لهن في الشوارع لا للغرض المتقدم بل لغرض إثارة الزوج على زوجته ؟ * لا يجوز النظر بشهوة إلى المناظر الخلاعية مباشرة ، أو في التلفزيون ونحوه ، بل الأحوط لزوماً ترك النظر إليها مطلقاً. ____________ (1) فتاوى خطية بحوزة المؤلف | وانظر : فقه المغتربين | 227. 5ـ هل يجوز مشاهدة اللقطات المثيرة ، مع عدم الاطمئنان بعدم حصول الإثارة. * إذا كانت من اللقطات الخلاعية ، فالأحوط ترك النظر إليها. 6ـ هل يجوز مشاهدة الأفلام الجنسية دون تلذذ ؟ * لا يجوز مطلقاً على الأحوط. 7ـ هناك محطات تلفزيونية تقبض اشتراكات شهرية مقابل التقاط برامجها غير المختصة بالفساد ، وحين ينتصف الليل تعرض أفلاماً خلاعية ، فهل يجوز الاشتراك فيها ؟ * لا يجوز إلا إذا وثق من نفسه وغيره عدم مشاهدة البرامج الخلاعية. 8 ـ بالمدارس البريطانية الرسمية ، وربما في غيرها من الدول الغربية ، يدرس الطالب فتى وفتاة مادة تهتم بالتربية الجنسية يصاحبها شرح توضيحي بالرسوم مجسمة وغير مجسمة للأعضاء التناسلية ، فهل يجوز للطالب الشاب حضور درس كهذا ؟ وهل يجب على الوالدين منع الشاب من حضوره إذا رغب الشاب بذلك مدّعياً أنه درس نافع له مستقبلاً ؟ * إذا لم يكن حضوره مصحوباً بشيء من المحرمات كالنظر بتلذذ شهوي ، وكان بمنأى من الانحراف الخلقي جرّاء تعلم هذه المادة ، فلا بأس به(1). ____________ (1) فقه المغتربين | 227 ـ 289 ـ 290 ـ 286. ثانياً : تشيع الموسيقى في المجتمعات شيوعاً متزايداً ، ولما كانت الموسيقى على نوعين محلل ومحرم فقد اقتضى التفريق بينهما ، وكما تشيع الموسيقى فإن الغناء أكثر منها شيوعاً لأنه يشتمل عليها وعلى غيرها ، وفي المسائل الآتية القول الفصل في الموضوع : 1ـ يكثر السؤال حول الموسيقى المحلّلة والموسيقى المحرمة ، فهل نستطيع أن نقول بأن الموسيقى التي تثير الغرائز الجنسية الشهوانية ، وتحث على الميوعة والابتذال ، هي موسيقى محرّمة. وأن الموسيقى التي تهدىء الأعصاب ، أو تبعث الارتياح في النفس ، أو تلك التي تصاحب أحداث الفيلم عادة لتزيد من تأثير المشهد في النفوس ، أو تلك التي تصاحب الألعاب الرياضية أثناء التمارين الرياضية ، أو التي تصوّر بالعزف مشهداً معيناً ، أو التي تثير الحماس هي موسيقى محللة ؟ * الموسيقى المحرّمة : هي ما تكون مناسبة لمجالس اللهو واللعب ، وإن لم تكن مثيرة للغريزة الجنسية. والموسيقى المحللة هي : ما لا تناسب تلك المجالس ، وإن لم تكن مهدئة للأعصاب كالموسيقى العسكرية والجنائزية. 2ـ كما يكثر السؤال عن الموسيقى المحرمة والمحللة ، كذلك يكثر السؤال عن الأغاني المحللة والأغاني المحرمة ، فهل نستطيع أن نقول بأن الأغاني المحرمة هي تلك التي تثير الغرائز الجنسية الشهوانية ، وتدعو إلى الميوعة والابتذال . أما الأغاني التي لا تثير الغرائز الهابطة ، والتي تسمو بالنفوس والأفكار إلى مستوى رفيع ، كالأغاني الدينية التي تغنى بسيرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو بمدح الأئمة ( عليهم السلام ) أو تلك الأغاني والأناشيد الحماسية وأضرابها أغانٍ محلّلة ؟ * الغناء كلّه حرام ، وهو على المختار : الكلام اللهوي الذي يؤتى به بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب ، ويلحق به في الحرمة قراءة القرآن الكريم والأدعية المباركة ومدائح أهل البيت ( عليهم السلام ) بهذه الألحان. وأما قراءة سوى ذلك من الكلام غير اللهوي ـ كالأناشيد الحماسية ـ بالألحان الغنائية ، فحرمتها تبتني على الأحتياط اللزومي . وأما اللحن الذي لا ينطبق عليه التعريف المذكور فليس محرماً بذاته. 3ـ هل يجوز الاستماع إلى الأغاني الدينية في مدح أهل البيت ( عليهم السلام ) ، مصحوبة بالموسيقى ؟ * الغناء حرام مطلقاً ، وأما المدائح التي تنشد بلحن جميل لا ينطبق عليه تعريف الغناء فلا مانع منها. وأما الموسيقى فتجوز إذا لم تكن مناسبة لمجالس اللهو واللعب. 4ـ هل يجوز الالتذاذ بالاستماع إلى مقرىء القرآن وهو يرجع بصوته أثناء القراءة ؟ * إذا لم يكن اللحن المستخدم في القراءة غنائياً ، فلا بأس بالاستماع إليها. 5ـ بعض المقرئين أو المنشدين أو المغنين يأخذون ألحان أهل الفسوق ويغنون أو ينشدون بها قصائد في مدح المعصومين ( عليهم السلام ) فيكون المضمون مخالفاً لما تعارف عليه أهل الفسق والفجور ، واللحن مناسباً لها ؟ فهل يحرم التغني على هذه الصورة ؟ وهل يحرم الاستماع ؟ * نعم يحرم ذلك على الأحوط. 6ـ هل يجوز غناء النساء ليلة الزفاف بأي لحن كان ، حتى لو كان ذلك مناسباً لمجالس أهل الفسوق ؟ وهل يحلّ لهن استعمال الأدوات الموسيقية في الغناء تلك الليلة ، ثم هل يحلّ لهن التغني في حفلة العقد أو ليلة الحنّة أو ليلة السبعة كذلك ؟ أم أن الحلّية خاصة بليلة الزفاف فقط ؟ * الأحوط لزوماً تركه حتى في ليلة الزفاف ، فضلاً عن غيرها ، وقد مرّ حكم الموسيقى. 7ـ هل يجوز الاستماع إلى أناشيد ثورية مع ضرب البيانو والعود والطبل والمزمار والبيانو الكهربائي مثلاً ؟ * إذا كانت الموسيقى منبعثة منها من الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب ، لم يجز الاستماع إليها. 8 ـ هناك إغانٍ باللغات الأجنبية يوصي أساتذة اللغات الأجنبية ـ لتسهيل تعليم اللغة ـ بسماعها ، فهل يجوز الاستماع لها للغرض المتقدم ؟ * إذا صدق عليه الغناء بمعناه المتقدم ، لم يجز. 9ـ الآلات الموسيقية متنوعة ، تستعمل أحياناً في الحفلات الغنائية ، وتستعمل أحياناً للترويح عن النفس ، فهل يجوز شراء هذه الآلات ، أو صناعتها ، أو المتاجرة بها ، أو العزف عليها ، لترويج النفس ، أو الاستماع لعزف من يعزف عليها ؟ * لا يجوز المتاجرة بآلات اللهو المحرم بيعاً وشراء أو غيرها ، كما لا يجوز صنعها وأخذ الأُجرة عليها. والمقصود بآلة اللهو المحرم ما يكون بما له من الصورة الصناعية ـ التي بها قوام ماليته ولأجلها يقتنيه الغالب ـ لا يناسب أن يستعمل إلاّ في اللهو الحرام. 10ـ هل تجوز صناعة أو بيع أو شراء الآلات الموسيقية المعدّة لتسلية الأطفال ؟ وهل يجوز استعمالها من قبل الكبار ؟ * إذا كانت تنبعث منها الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب ، لم يجز التعامل بها ، ولا استعمالها من قبل المكلفين(1). 11ـ ما هو الحد الفاصل بين الموسيقى المحللة أو المحرمة ، وإذا كان الفاصل هو عنوان الإطراب أو اللهو فهو غير واضح عُرفاً لاختلاف الأنظار والرؤى في ذلك ؟ * الحدّ الفاصل هو كونها بالكيفية المناسبة لمجالس اللهو والفسوق. ____________ (1) فتاوى خطية في حوزة المؤلف ، ونشرت جميعها في : فقه المغتربين بالشكل الذي أثبتناه | 314 ـ 319. 12ـ بالنسبة للحن ما هو معيار الحرمة فيه . هل المدار كونه مستعملاً في الغناء عند أهل الفسوق فعلاً ؟ أو يكفي فيه الشأنية والمناسبة لذلك ؟ وهل يختلف الحال بين استعماله في ضمن عزاء حسيني ، أو أنشودة إسلامية مثلاً ، أو غير ذلك ؟ * العبرة فيه أيضاً بالمناسبة لتلك المجالس ، ولا ترتفع حرمته باستعماله ضمن عزاء أو غيره مطلقاً على الأحوط(1). وكان سماحة السيد دام ظله الوارف قد عالج الموضوع من ذي قبل في المكاسب المحرمة ضمن فتاوى الآتية : 1ـ الآلات المخترعة لالتقاط الأصوات والصور أو تسجيلها أو إذاعتها أو نشرها هي ـ في الغالب ـ من الآلات المشتركة بين الحلال والحرام ، فيجوز بيعها والمعاوضة عليها واقتناؤها واستعمالها في منافعها المحللة ، كإسماع القرآن المجيد واستماعه ، ونشر الأحكام الشرعية والمواعظ الدينية ، والتعزية والأخبار ، وتعليم العلوم والصنائع المحللة ، والتعريف بالأمتعة والبضائع التجارية ، ومشاهدة عجائب الخلقة ونحو ذلك ، ويحرم استعمالها في الأمور المحرمة : كالأمر بالمنكر ، والنهي عن المعروف ، ونشر الأفكار الهدّامة ، والصور الخلاعية المثيرة للشهوات الشيطانية ، وكل ما يوجب الانحطاط الفكري والخلقي للمسلمين ، وإذا صار بعض ما ذكر من الآلات مصداقاً لآلة الحرام بالمعنى المتقدم فلا إشكال في عدم جواز بيعه ، والمعاوضة عليه. ____________ (1) المستحدثات من المسائل الشرعية | 28. 2ـ الغناء حرام فعله واستماعه والتكسب به ، والظاهر أنه الكلام اللهوي ـ شعراً كان أو نثراً ـ الذي يؤتى به بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب ، وفي مقومية الترجيع والمدّ له إشكال ، والعبرة بالصدق العرفي ، ولا يجوز أن يقرأ بهذه الألحان القرآن المجيد والأدعية والأذكار ونحوها بل ولا سواها من الكلام غير اللهوي على الأحوط وجوباً. وقد يستثنى من الغناء المحرّم : غناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرم آخر من الضرب بالطبل ، والتكلم بالباطل ، ودخول الرجال على النساء ، وسماع أصواتهن على نحو يوجب تهيج الشهوة ، ولكن هذا الاستثناء لا يخلو عن إشكال. وأما الموسيقى فما كان منها مناسباً لمجالس اللهو واللعب كما هو الحال فيما يعزف بآلات الطرب كالعود والطنبور والقانون والقيثارة ونحوها فهي محرّمة كالغناء ، وأما غيرها كالموسيقى العسكرية والجنائزية ، فالأحوط الأولى الاجتناب عنها أيضاً(1). ثالثاً : وقد أدى تهاون الناس بالقمار أن أنتشرت وسائله ، وتعددت أنواعه ، وشاع تداوله بالشكل الذي يدعو إلى التساؤل والعجب بوقت واحد ، ففي الوقت الذي اعتبره القرآن رجساً من عمل الشيطان فهو وحده يجب أن يكون رادعاً في اجتنابه والابتعاد عنه ، ولكن الشهوات في الربح المحرم من جهة ، والفراغ والدعة قد دفعا بأساليبه إلى التطور والتكاثر والابتعاد عن حضيرة العقل والدين معاً. ____________ (1) السيد السيستاني | منهاج الصالحين 2|7 ، 11. وكان سماحة السيد أدام الله عزه العتيد ، قد أفتنى بعدة مسائل ما فيه إبانة للموضوع وإيضاح خال من التعقيد والتمحل وفيه الكفاية لمن أراد الهداية ، وإليك نموذجاً منها : 1ـ اللعب بآلات القمار ، كالشطرنج ، والدوملة ، والنرد ( الطاولي ) وغيرها مما أعد لذلك حرام مع الرهن ، ويحرم أخذ الرهن أيضاً ، ولا يملكه الغالب. وأما اللعب بها إذا لم يكن رهن فيحرم في النرد والشطرنج على الأقوى ، بل ولا يترك الاحتياط في غيرهما أيضاً ، ويحرم اللعب بغير الآلات المعدة للقمار إذا كان مع الرهن ، كالمراهنة على حمل الوزن الثقيل ، أو على المصارعة ، أو على القفز ، ونحو ذلك ، ويحرم أخذ الرهن ، وأما إذا لم يكن رهن فالأظهر الجواز. 2ـ لا تجوز التجارة بما يكون آلة للحرام بأن يكون بما له من الصورة الصناعية ـ التي بها قوام ماليته عند العرف ولأجلها يقتنيه الناس غالباً ـ لا يناسب أن يستعمل إلا في عمل محرّم ، وله أنواع منها الأصنام وشعائر الكفر كالصلبان ، ومنها آلات القمار كالنرد والشطرنج ، ومنها : آلات اللهو المحرم ، إلى غير ذلك من الأنواع. 3ـ كما يحرم بيع آلة الحرام يحرم عملها ، وأخذ الأجرة عليها ، بل يجب إعدامها ، ولو بتغير هيئتها فيما إذا توقف على ذلك النهي عن المنكر المترتب عليه ، وإلا لم يجب وإن كان أحوط. ويجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس بعد تغيير هيئتها بل قبله ، لكن لا يجوز دفعها إلى المشتري إلا مع الوثوق بأن المشتري يغيرها ، أما مع عدم الوثوق بذلك ، فالظاهر جواز البيع وإن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام. أمّا إذا كانت لها فائدة محلّلة ولو قليلة لم يجب تغيرها(1). ومع الوضوح المتقدم في تحريم اللعب بآلات القمار ، وتحريم التجارة بها والصنع لها ، فقد وجهت لسماحة السيد دام علاه استفتاءات حولها فأجاب : 1ـ ما حكم اللعب بالشطرنج بالآلة المتعارفة ؟ وهل يختلف الحكم فيما لو كان اللعب عن طريق جهاز الكمبيوتر الذي يستخدم الرموز والأشكال بدل الآلة المتعارفة ؟ * اللعب به حرام مطلقاً ولو بدون رهان ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون بالآلة المتعارفة ، أو عن طريق جهاز الكمبيوتر إذا كان اللعب بين شخصين ، وأما إذا كان الطرف الآخر هو الجهاز فالأحوط وجوباً تركه. 2ـ ما هي الضابطة في كون الآلة محرمة ومن آلات القمار ؟ هل هو الإعداد والاتخاذ للقمار أو استعمال العرف ؟ وهل يفرق في العرف بين كونه عرفاً لمجتمع خاص ، أو عرفاً عالمياً ؟ * الضابط أن تعد فعلاً آله للقمار ، ويكفي كونها آله له في مجتمع خاص(2) ليكون حراماً هناك ، وإن لم يعد في مجتمع آخر قماراً جاز هناك. ____________ (1) السيد السيستاني | منهاج الصالحين 2|7 وما بعدها. (2) المستحدثات من المسائل الشرعية | 27. 3ـ هل يجوز لعب القمار بأنواعه في الحاسوب الآلي ( الكمبيوتر ) دون رهن ؟ وهل يجوز مع الرهن. * لا يجوز ، وحكمه حكم القمار بالآلات المتعارفة. 4ـ بعض اللعب المحللة يدخل فيها الزار ( الزهر ) فهل يجوز لعبها به ؟ * إذا لم تكن الزار من الآلات المختصة بالقمار فلا مانع من اللعب بها في الألعاب غير القمارية(1). ____________ (1) فقه المغتربين | 289. |