|
أولاً : أعمال المصارف والبنوك 1ـ الاقتراض ـ الإيداع 2ـ الاعتمادات 3ـ خزن البضائع 4ـ بيع البضائع عند تخلّف أصحابها عن تسلّمها 5ـ الكفالة عند البنوك 6ـ بيع السهام 7ـ بيع السندات 8 ـ الحوالات الداخلية والخارجية 9ـ جوائز البنك 10ـ تحصيل الكمبيالات 11ـ بيع العملات الأجنبية وشراؤها 12ـ السحب على المكشوف 13ـ خصم الكمبيالات 14ـ العمل لدى البنوك 15ـ فتاوى مصرفية ثانياً : أوراق اليانصيب ثالثاً : عقد التأمين رابعاً : إخلاء المحلاّت التجارية خامساً : فتاوى حضارية بأموال الأوروبين أعمال المصارف والبنوك مما لا شك فيه أن طبيعة الاقتصاد الوطني لكل بلد من بلدان العالم الثالث تقتضي ضرورة تنظيمه وازدهاره وضبطه إلى الاستعانة بالمصارف والبنوك ، فرصد الميزانية العاملة للدولة إنما يحتضنها البنك المركزي عادة ليتم من خلال ذلك الإشراف على ميزانية كل الوزارات والدوائر المرتبطة بالدولة مالياً ، والإيراد الخارجي سواء أكان لتجارة خارجية أو داخلية أو مشتركة ، وسواء أكان لتسلم مبيعات الدولة نفسها من النفط والمعادن والحبوب وموارد الاقتصاد الأخرى ، فإنما يتم تحويلها وإيداعها لدى بنوك الدولة ومصارفها ، سواء أكانت مباشرة أو بطريق وسيط تجاري أو مالي. وشؤون الاقتصاد الوطني لا يرتبط بالدولة وحدها ، وإنما يشاركها في بنائه رأس المال التجاري في القطاع الخاص من التجار والكسبة ، وهؤلاء يرتبطون ارتباطاً مباشراً من حيث الفرض والإيداع والاعتمادات ، ومعاملات البضائع المستوردة والمصدرة ، والكفالات ، وبيع السهام والسندات ، والتحويل الخارجي ، والحوالات الداخلية ، وتحصيل الكمبيالات وخصمها ، والسحب على المكشوف ، وأضراب هذه الأصناف المتنوعة ، وهذا يعني الحاجة الماسة إلى المصارف والبنوك على المستوى الدولي والمستوى الشعبي ، والمستوى التجاري داخلياً وخارجياً ، يضاف إلى هذا ظروف الحياة المالية الأخرى في شراء أوراق اليانصيب وبيعها ، وعقود التأمين وإبرامها ، وإخلاء المحلات التجارية ، وأموال الأجانب ، وسوى ذلك من إفرازات الحياة المالية ، مما يعني تنظيم ذلك في النظر الشرعي ، وتصحيح جملة من المعاملات فقهياً ، ولقد نهد سيدنا العالم الموسوعي السيد السيستاني مد ظله العالي بوضع النقاط على الحروف في مثل هذه الطروحات بما لا مزيد عليه ، وأنا ميسرها للقارىء من مظانها. الاقتراض ـ الإيداع المصارف والبنوك على ثلاثة أصناف : 1ـ الأهلي: وهو ما يتكوّن رأس ماله من مال شخص واحد أو أشخاص مشتركين. 2ـ الحكومي : وهو الذي يكون رأس ماله مكوّناً من أموال الدولة. 3ـ المشترك : وهو الذي تشترك الدولة والأهالي في تكوين رأس ماله. مسألة 1: لا يجوز الاقتراض من البنوك الأهلية بشرك دفع الزيادة لأنّه رباً محرّم ، ولو اقترض كذلك صحّ القرض وبطل الشرط ، ويحرم دفع الزيادة وأخذها وقاءً للشرط. وقد ذكر للتخلّص من الربا طرق : منها : أن يشتري المقترض من صاحب البنك أو من وكيله المفوّض بضاعة بأكثر من قيمتها الواقعية 10% أو 20% مثلاً بشرط أن يقرضه مبلغاً معيّناً من النقد لمدّة معلومة يتّفقان عليها ، أو يبيعه متاعاً بأقلّ من قيمته السوقية ويشترط عليه في ضمن المعاملة أن يقرضه مبلغاً عيّناً لمدّة معلومة ، فيقال : إنّه يجوز الاقتراض عندئذٍ ولا ربا فيه. ولكنّه لا يخلو عن إشكال ، والأحوط لزوماً الاجتناب عنه ، ومثله الحال في الهبة والإجارة والصلح بشرط القرض. وفي حكم جعل القرض شرطاً في المعاملة المحاباتية جعل الإمهال في أداء الدين شرطاً فيه. ومنها : تبديل القرض بالبيع ، كأن يبيع البنك مبلغاً معيّناً كمائة دينار بأزيد منه ـ كمائة وعشرين دينار ـ نسيئة لمدّة شهرين مثلاً. ولكن هذا وإن لم يكن قرضاً ربوياً على التحقيق ، غير إنّ صحّته بيعاً محلّ إشكال. نعم ، لا مانع من أن يبيع البنك مبلغاً كمائة دينار نسيئة إلى شهرين مثلاً ، ويجعل الثمن المؤجّل عملة أُخرى تزيد قيمتها على المائة دينار بموجب أسعار صرف العملات بمقدار ما تزيد المائة والعشرون على المائة ، وفي نهاية المدّة يمكن أن يأخذ البنك من المشتري العملة المقرّرة أو ما يساويها من الدنانير ، ليكون من الوفاء بغير الجنس. ومنها : أن يبيع البنك بضاعة بمبلغ كمائة وعشرين ديناراً نسيئة لمدّة شهرين مثلاً ، ثم يشتريها من المشتري نقداً بما ينقص عنها كمائة دينار. وهذا أيضاً لا يصحّ إذا اشترط في البيع الأول قيام البنك بشراء البضاعة نقداً بالأقلّ من ثمنه نسيئة ولو بإيقاع العقد مبنيّاً على ذلك ، وأمّا مع خلوّه عن الشرط فلا بأس به. ويلاحظ أنّ هذه الطرق ونحوها ـ لو صحّت ـ لا تحقّق للبنك غرضاً أساسياً وهو استحقاق مطالبة المدين بمبلغ زائد لو تأخّر عن أداء دينه عند نهاية الأجل وازدياده كلّما زاد التأخير ، فإنّ أخذ الفائدة بإزاء التأخير في الدفع يكون من الربا المحرّم ولو كان ذلك بصيغة جعله شرطاً في ضمن عقد البيع مثلاً. مسألة 2: لا يجوز الاقتراض من البنوك الحكومية بشرط دفع الزيادة ، لأنّه ربا ، بلا فرق بين كون الاقتراض مع الرهن أو بدونه ، ولو اقترض كذلك بطل القرض والشرط معاً ، لأنّ البنك لا يملك ما تحت يده من المال ليملّكه للمقترض. وللتخلّص من ذلك يجوز للشخص أن يقبض المال من البنك بعنوان مجهول المالك لا بقصد الاقتراض ، والأحوط أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي ، ثم يتصرّف فيه بعد المراجعة إليه لإصلاحه ، ولا يضرّه العلم بأنّ البنك سوف يستوفي منه أصل المال والزيادة قهراً ، فلو طالبه البنك جاز له الدفع حيث لا يسعه التخلّف عن ذلك. مسألة 3 : يجوز الايداع في البنوك الأهلية ـ بمعنى إقراضها ـ مع عدم اشتراط الحصول على الزيادة ، بمعنى عدم إناطة القرض بالتزام البنك بدفع الزيادة ، لا بمعنى أن يبني في نفسه على أنّ البنك لو لم يدفع الزيادة لم يطالبه منها ، فإنّ البناء على المطالبة يجتمع مع عدم الاشتراط ، كما يجتمع البناء على عدم المطالبة مع الاشتراط ، فأحدهما أجنبي عن الآخر. مسألة 4 : لا يجوز الإيداع في البنوك الأهلية ـ بمعنى إقراضها ـ مع شرط الزيادة ، ولو فعل ذلك صحّ الإيداع وبطل الشرط ، فإذا قام البنك بدفع الزيادة لم تدخل في ملكه ، ولكن يجوز له التصرّف فيها إذا كان واثقاً من رضا أصحابه بذلك حتى على تقدير علمهم بفساد الشرط وعدم استحقاقه للزيادة شرعاً ـ كما هو الغالب ـ. مسألة 5 : لا يجوز الإيداع في البنوك الحكومية ـ بمعنى إقراضها ـ مع اشتراط الحصول على الزيادة ، فإنّه ربا ، بل إعطاء المال إليها ولو من دون شرط الزيادة بمنزلة الإتلاف له شرعاً ، لإنّ ما يمكن استرجاعه من البنك ليس هو مال البنك ، بل من المال المجهول مالكه ، وعلى ذلك يشكل إيداع الأرباح والفوائد التي يجنيها الشخص أثناء سنته في البنوك الحكومية قبل إخراج الخمس منها ، لأنّه مأذون في صرفه في مؤونته وليس مأذونا في إتلافه ، فلو أتلفه ضمنه لأصحابه. مسألة 6 : لا فرق في الإيداع ـ فيما تقدّم ـ بين الإيداع الثابت الذي له أمد خاصّ ـ بمعنى أنّ البنك غير ملزم بوضع المال تحت الطلب ـ وبين الإيداع المتحرّك ـ المسمّى بالحساب الجاري ـ الذي يكون البنك ملزماً بوضع المال تحت الطلب. مسألة 7 : تشترك البنوك المشتركة مع البنوك الحكومية فيما تقدّم من الأحكام ، لأنّ الأموال الموجودة لديها يتعامل معها معاملة مجهول المالك ، فلا يجوز التصرّف فيها من دون مراجعة الحاكم الشرعي. مسألة 8 : ما تقدّم كان حكم الإيداع والاقتراض من البنوك الأهلية والحكومية في الدول الإسلامية ، وأمّا البنوك التي يقوم غير محترمي المال من الكفّار بتمويلها ـ أهلية كانت أم غيرها ـ فيجوز الإيداع فيها بشرط الحصول على الفائدة ، لجواز أخذ الربا منهم على الأظهر. وأمّا الاقتراض منها بشرط دفع الزيادة فهو حرام ، ويمكن التخلّص منه بقبض المال من البنك لا بقصد الاقتراض بل استنقاذاً ، فيجوز له التصرّف فيه بلا حاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي. الاعتمادات الاعتماد على قسمين :1ـ اعتماد الاستيراد : وهو أنّ من يريد استيراد بضاعة أجنبية يتقدّم إلى البنك بطلب فتح اعتماد يتعهّد البنك بموجبه بتسلّم مستندات البضاعة المستوردة وتسليمها إلى فاتح الاعتماد وتسديد ثمنها إلى الجهة المصدّرة ، وذلك بعد تمامية المعاملة بين المستورد والمصدّر مراسلة أو بمراجعة الوكيل الموجود في البلد ، وإرسال القوائم المحدّدة لنوعية البضاعة كماً وكيفاً حسب الشروط والمواصفات المتّفق عليها ، وقيام المستورد بدفع قسم من ثمن البضاعة إلى البنك ، فإنه بعد هذه المراحل يقوم البنك بتسلّم مستندات البضائع وأداء ثمنها إلى الجهة المصدّرة.2ـ التصدير : وهو لا يختلف عن اعتماد الاستيراد إلاّ في الاسم ، فمن يريد تصدير بضاعة إلى الخارج يقوم المستورد الأجنبي بفتح اعتماد لدى البنك ليتعهّد البنك بموجبه بتسلّم مستندات البضاعة وتسديد ثمنها إلى البائع المصدّر بعد طيّ المراحل المشار إليها آنفاً. فالنتيجة أنّ القسمين لا يختلفان في الحقيقة ، فالاعتماد سواء أكان للأستيراد أم للتصدير يقوم على أساس تعهد البنك للبائع بأداء دين المشتري وهو ثمن البضاعة المشتراة وتسلّم مستنداتها وتسليمها إلى المشتري. نعم ، هنا قسم آخر من الاعتماد ، وهو أنّ المصدرّ يقوم بإرسال قوائم البضاعة كماً وكيفاً إلى البنك أو فرعه في ذلك البلد دون معاملة مسبقة مع الجهة المستوردة ، والبنك بدوره يعرض تلك القوائم على تلك الجهة ، فإن قبلتها طلبت من البنك فتح اعتماد لها ، ثم يقوم بدور الوسيط إلى أن يتمّ تسليم البضاعة وقبض الثمن. مسألة 9 : الظاهر جواز فتح الاعتماد لدى البنوك بجميع الأقسام المذكورة ، كما يجوز للبنوك قيامها بما ذكر من الخدمات. مسألة 10 : يتقاضى البنك من فاتح الاعتماد نحوين من الفائدة : الأول : ما يكون بإزاء خدماته له من التعهّد بأداء دينه والاتّصال بالمصدّر وتسلّم مستندات البضاعة وتسليمها إليها ، ونحو ذلك من الأعمال. وهذا النحو من الفائدة يجوز أخذه على أساس أنّه داخل في عقد الجعالة ، أي أنّ فاتح الاعتماد يعين للبنك جعلاً إزاء قيامه بالأعمال المذكورة ، ويمكن إدراجه في عقد الإجارة أيضاً مع توفّر شروط صحّته المذكورة في محلّها. الثاني : ما يكون فائدة على المبلغ الذي يقوم البنك بتسديده إلى الجهة المصدّرة من ماله الخاصّ لا من رصيد فاتح الاعتماد ، فإنّ البنك يأخذ فائدة نسبية على المبلغ المدفوع إزاء عدم مطالبة فاتح الاعتماد به إلى مدّة معلومة. وقد يصحّح أخذ هذا النحو من الفائدة بأنّ البنك لا يقوم بعملية إقراض لفاتح الاعتماد ، ولا يدخل الثمن في ملكه بعقد القرض ليكون رباً ، بل يقوم بدفع دين فاتح الاعتماد بموجب طلبه وأمره ، وعليه فيكون ضمان فاتح الاعتماد ضمان غرامة بقانون الإتلاف ، لا ضمان قرض ليحرم أخذ الزيادة. ولكن من الواضح أنّ فاتح الاعتماد لا يضمن للبنك بطلبه أداء دينه إلاّ نفس مقدار الدين ، فأخذ الزيادة بإزاء إمهاله في دفعه يكون من الربا المحرّم. نعم ، لو عيّن فاتح الاعتماد للبنك إزاء قيامه بأداء دينه جُعلاً بمقدار أصل الدين الزيادة المقرّرة نسيئة لمدّة شهرين مثلاً ، اندرج ذلك في عقد الجُعالة ، وصحّته حينئذٍ لا تخلو عن وجه. هذا ، ويمكن التخلّص من الربا في أخذ هذا النحو من الفائدة بوجه آخر ، وهو إدراجه في البيع ، فإنّ البنك يقوم بدفع ثمن البضاعة بالعملة الأجنبية إلى المصدّر ، فيمكن قيامه ببيع مقدار من العملة الأجنبية في ذمّة المستورد بما يعادله من عملة بلد المستورد مع إضافة الفائدة إليه ، وبما أنّ الثمن والمثمن يختلفان في الجنس فلا بأس به. هذا كلّه إذا كان البنك أهلياً ، وأمّا إذا كان حكومياً أو مشتركاً فحيث إنّ البنك يسدّد دين فاتح الاعتماد من المال المجهول مالكه ، فلا يصير مديناً شرعاً للبنك بشيء ، فلا يكون التعهّد بأداء الزيادة إليه من قبيل التعهّد بدفع الربا المحرّم. خزن البضائع قد يكون البنك وسيطاً في إيصال البضائع من المصدّر إلى المستورد ، فربّما يقوم بتخزينها على حساب المستورد ، كما إذا تمّ العقد بينه وبين المصدّر وقام البنك بتسديد ثمنها له ، فعند وصولها البضاعة يقوم البنك بتسليم مستنداتها للمستورد وإخباره بوصلها ، فإن تأخّر المستورد عن تسلّمها في الموعد المقرّر ، قام البنك بخزنها وحفظها على حساب المستورد إزاء أجر معيّن ، وقد يقوم بحفظها على حساب المصدّر ، كما إذا أرسل البضاعة إلى البنك دون عقد واتّفاق مسبق مع جهة مستوردة ، فعندئذٍ يقوم البنك بعرض قوائم البضاعة على الجهات المستوردة في البلد ، فإن لم يقبلوها حفظها على حساب المصدّر إزاء أجر معيّن. مسألة 11 : يجوز للبنك أخذ الأُجرة إزاء عملية التخزين في كلتا الصورتين المتقدّمتين إذا كان قيامه بها بطلب من المصدّر أو المستورد ، أو كان قد اشترط ذلك في ضمن عقد كالبيع ـ وإن كان الشرط ارتكازياً ـ وإلاّ فلا يستحقّ شيئاً. بيع البضائع عند تخلف أصحابها عن تسلّمها إذا تخلّف صاحب البضاعة عن تسلّمها ودفع المبالغ المستحقّة للبنك ـ بعد إعلان البنك وإنذاره بذلك ـ يقوم البنك ببيع البضاعة لاستيفاء حقّه من ثمنها. مسألة 12 : يجوز للبنك في الحالة المذكورة أن يقوم ببيع البضاعة ، كما يجوز للآخرين شراؤها ، لأنّ البنك وكيل من قبل أصحاب البضاعة في بيعها عند تخلّفهم عن دفع ما عليهم من بقيّة المبالغ المستحقّة له وتسلّم البضاعة ، وذلك بمقتضى الشرط الصريح أو الارتكازي الموجود في أمثال هذه الموارد ، فإذا جاز بيعها جاز شراؤها أيضاً. |