«حواريّة التجارة»
وما يلحق بها
ــ هل تودّ ان تمتهن التجارة اِذن فتفقه في دينك.
قال ذلك أبي وأردف:
«من أراد التجارة فليتفقه في دينه؛ ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات».
بهذا الحوار المعزّز بنص شريف للاِمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، بدأ أبي حوارية التجارة ليشير الى قضية قال اِنه غفل عنها الكثيرون أو تغافلوا فتورّطوا في الشبهات.
ولما كنت لم أدرك بعد كنه وسرّ هذا الربط بين الفقه والتجارة سألت أبي:
وما علاقة الفقه بالتجارة يا أبي؟
قال موضحاً بنبرة هادئة مستعيناً بحركة بسيطة ليديه:
ــ لقد كفل لنا التشريع الاِسلامي معالجة مختلف جوانب حياتنا الاقتصادية بما يضمن العدالة وحسن استثمار وتوزيع وانتقال الثروة بين مختلف أفراد وطبقات المجتمع لما فيه خير ومصلحة وسعادة الجميع.
وطبيعي ان يؤسس المشرّع الاَسلامي ـ لاَجل تطبيق مبدئه الاقتصادي من خلال منظوره ذاك ـ عدة ضوابط تجيز أو تحظر بعض الاَنشطة الاَقتصادية أحياناً، أو تضيّق أو توسِّع قنوات بعض منها أحياناً أخرى.
فهو يوجب على المكلف السعي للتكسّب لمعيشة نفسه، ولضمان معيشة من يجب عليه الانفاق عليهم، كالزوجة والاَولاد والاَبوين عند حاجتهم اِذا لم يكن المكلف واجداً لها.
وهو اذ يلزمه بالسعي لكسب لقمة العيش لا يترك له الباب مفتوحاً على مصراعيه لمزاولة أي من الاَعمال والنشاطات يقع اختياره عليها، فهناك من الاَنشطة التجارية ما يحرم مزاولتة أو مباشرته.
مثلاً؟
بيع الخمر مثلاً والبيرة حرام.
وبيع الكلاب ـ عدا كلب الصيد ـ حرام.
وبيع الخنزير حرام.
وبيع الميتة النجسة ـ مثلاً ـ بما في ذلك لحوم وجلود الحيوانات المذبوحة بطريقة غير شرعيّة حرام.
وغصب المال وبيعه حرام.
وبيع ما لا ينتفع به اِلاّ بالحرام مثل آلات القمار وآلات اللهو المحرّم كالمزمار حرام.
والغش حرام.
والربا حرام.
واحتكار الطعام ـ والمقصود به هنا القوت الغالب لاَهل البلد ـ واحتكار ما يتوقف عليه تهيئة الطعام كالوقود وما يُعد من مقومّاته كالملح والسمن انتظاراً لزيادة قيمتها السوقيّة مع حاجة المسلمين أو من يلحق بهم من النفوس المحترمة اِليها وعدم وجود من يطرحها في الاسواق حرام.
والرشوة على القضاء بالحق أو الباطل حرام.
واللعب بآلات القمار كالشطرنج والدومنة والطاولي مع الرهن، بل اللعب بالشطرنج والطاولي [ونحوهما] من دون رهن أيضاً حرام.
وزيادة أحد في ثمن شيءٍ لا يريد شراءه حقيقةً بل من أجل أن يسمعه غيره فيزيد في سعر ذلك الشيء بعد زيادته حرام [واِن خلا عن تغرير الغير وغشه] .
وشراء المأخوذ بالقمار أو السرقة حرام، وغيرها.
هذه كلها محرمات. فهل هناك مكروهات؟
ــ نعم، هناك من الاَنشطة التجارية ما هو مرجوح عند المشرع الاَسلامي ولكن رغبة تركه واجتنابه والنأي عنه غير ملزمة للمكلفين فهو مكروه لا محرم.
اِضرب لي مثلاً؟
ــ بيع العقار مثلاً مكروه اِلاّ أن يشتري بثمنه عقاراً آخر.
وبيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضّة من غير زيادة مكروه واما مع الزياده فحرام.
والاَقتراض من مستحدث النّعمة مكروه.
كما يكره للانسان ان يمتهن الجزارة (ذبح الحيوان) والحجامة أو يحترف بيع الاكفان وهناك غيرها.
قال ذلك أبي وأضاف: ثمّ اِن بعضاً من أساليب وطرائق التعامل في الاَنشطة التجارية مكروه لدى المشرّع الاَسلامي.
مثلاً؟
ــ يكره كتمان العيب اِذا لم يؤدِّ الى غش مثلاً. أما اِذا أدّى الى غش فهو حرام.
ويكره الحلف في المعاملة اِذا كان صادقاً، أما الحلف الكاذب فهو حرام.
ويكره زيادة الربّح على المؤمن اِذا زاد ذلك الربح على مقدار الحاجة اِليه.
ويكره طلب تنقيص السعر بعد البيع.
ويكره البيع في المكان المظلم الذي لا يظهر فيه عيب السلعة.
ويكره مدح البائع سلعته وذمّ المشتري لها.
وغيرها.
هذه كلها مكروهات فهل هناك مستحبات؟
ــ نعم هناك من الانشطة التجارية ما هو مرغوب فيه لدى المشرع الاَسلامي ومحبوب له. ولكنه غير ملزم للمكلّفين ولا واجب عليهم فهو مستحب.
اضرب لي مثلاً على ما تقول؟
ــ مثلاً: اِقراض المؤمن بغير طلب الزيادة مستحب.
وشراء العقار مستحب.
واِعطاء المال لمن يتاجر به وفق نسبة معينة من الرّبح للطرفين مستحب.
كما ان بعضاً من أساليب وطرائق الاَنشطة التجارية محبوبة للمشرِّع الاَسلامي ومرغوب فيها.
مثلاً:
ــ مثلاً يستحب التسوية بين المبتاعين في الثمن اِلاّ لمرجح كالفقر فيحسن أن لا يفرق البائع بين المشتري المماكس ـ ذلك الذي يلحّ على تخفيض السعر ـ وبين غيره ممن يشتري دون مماطلة أو مماكسة.
ويستحب للبائع أن يقيل النادم. وهو الذي يشتري البضاعة ثم يندم على شرائها ويرغب باِعادتها لبائعها واسترجاع ثمنها.
ويستحب للانسان أن يأخذ الناقص ويعطي الراجح.
ويستحب التساهل في الثمن.
ويستحب فتح الباب والجلوس في المحل لعله يبيع.
ويستحب التعرض للرزق وطلبه والتصدّي له.
ويستحب الاحسان في البيع والسماح فيه.
ويستحب اختيار وشراء الجيد وبيعه.
ويستحب الاغتراب في طلب الرزق والتبكير اِليه.
وغيرها.
أضاف أبي:
كما أن بعضاً من الاَنشطة التجارية واساليبها غير محبوبة لدى المشرِّع الاسلامي ولا مبغوضة له فالاَنسان مخير بين فعلها وتركها من دون ترجيح للفعل أو الترك، فهي مباحة كما هو حال الكثير من الانشطة التجارية السائدة اليوم.
قال ذلك أبي وعقب عليه:
ثمّ أن المشرِّع الاسلامي ـ اِضافة الى ذلك كله ـ يشترط شروطاً فيما يباع وشروطاً في نفس البيع وشروطاً فيمن يبيع ويشتري.
وما الذي يشترط فيما يُباع؟
ــ شروط عدة:
1 ـ العلم بمقدار ما يباع وزناً أو كيلاً أو عدداً أو مساحةً حسب اِختلاف الاََجناس فيما تقدّر به.
2 ـ القدرة على تسليم المبيع، فلا يجوز مثلاً بيع السمك وهو في النهر، ولا بيع الطائر وهو محلق في الجو.
نعم يكفي قدرة المشتري على تسلم المبيع. كما لو باع الدابّة الشاردة وكان المشتري قادراً على أخذها.
3 ـ معرفة الخصوصيات التي تختلف بها الرغبات ولو بشكل عام كالالوان والطعوم والجودة والرداءة وغير ذلك مما يترتب عليه اختلاف القيمة السوقية للمبيع لكل منها.
4 ـ أن لا يتعلق بالمبيع حق لاَحد يقتضي بقاءه في ملكية البائع، فلا يجوز للراهن بيع الرّهن من دون موافقة المرتهن، كما لا يجوز بيع الوقف اِلاّ اِذا سقط عن الانتفاع به في جهة الوقف أو كان في معرض السقوط .
5 ـ ان يكون المبيع من الاَعيان كالدار أو الكتاب أو الجهاز مثلاً، فلا يجوز بيع منفعة الدار.
قال ذلك أبي وأردف مضيفاً:
ــ كما أن ما يباع بالوزن في بلد ما لا يصح بيعه في ذلك البلد اِلاّ بالوزن.
وما يباع بالكيل في بلد ما لا يجوز بيعه اِلاّ بالكيل في ذلك البلد.
وهكذا حتى لا تكون جهالة في البيع.
اِضرب لي مثلاً على ذلك؟
ــ الفاكهة مثلاً تباع في بلد ما بالوزن فلا يجوز بيعها في ذلك البلد اِلاّ بالوزن.
والحليب مثلاً يباع في بلد ما باللتر، فلا يجوز بيعه في ذلك البلد اِلاّ باللتر.
وهكذا حذراً من حصول الجهالة.
هذه جملة من الشروط الواجب توفرّها في ما يباع وما يشترى.
وهناك بعض ما يشترط في نفس البيع، منها: انه لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل ساعة البيع.
اضرب لي مثلاً على ذلك؟
ــ لا يجوز أن تقول للمشتري مثلاً بعتك داري هذه اِذا هلِّ هلال الشهر ولا أن تقول له: بعتك سيارتي هذه اِذا ولد لي ولد ذكر وغيرها. بل لا بد من تجديد الاتفاق ثانية بعد ولادة الولد أو بزوغ الهلال مثلاً.
وما هي الشروط الواجب توفرها فيمن يبيع ويشتري تلك التي أشّرت اِليها في حديثك؟
ــ يشترط فيمن يبيع أو يشتري أن يكون بالغاً عاقلاً، رشيداً، قاصداً البيع، مختاراً غير مجبر ولا مكره، قادراً على التصرّف، سواء أكان مالكاً أم وكيلاً عنه أم مأذوناً منه أو وليّاً عليه.
ولو أكره أو اجبر مالك على بيع ما يملك؟
ــ لا يصح البيع اِذا كان ناشئاً عن امرظالم بحيث يخاف المالك ـ لو خالفه ـ ترتب ضرر على نفسه او ماله او من يتعلق به ممن يهمه أمرهم.
أحياناً يجبر اِنسان ما على تغيير محل اِقامته ظلماً فيضطر الى أن يبيع بعض أملاكه أو حاجياته؟
ــ هذا البيع صحيح.
قلت لي: يشترط فيمن يبيع أن يكون مالكاً أو وكيلاً أو وليّاً أو مأذوناً، فلو باع غير هؤلاء كالصّديق أو الجار أو القريب أو ما شاكل ذلك؟
ــ لا يصح البيع اِلاّ اِذا أجازه المالك أو الوكيل أو الولي أو المأذون بالبيع، واِلاّ فالبيع باطل.
ولو تم بيع المال المغصوب ثم رضي المالك بعد ذلك ببيع ماله؟
ــ صح البيع.
قلت لي: يشترط فيمن بيبع ويشتري أن يكون بالغاً سنّ التكليف، فكيف بمال الصبي غير البالغ اِذا أراد الصبي بيعه؟
ــ يصح بيعه في الاَشياء اليسيرة من ماله التي جرت العادة بتصدّي الصبي المميّز لمعاملتها، وأمّا غيرها فلا يصح له بيعه. منفرداً أو مستقلاً في المعاملة.
ومن يحق له بيع اموال الصبي؟
ــ ذلك هو الولي وهو الاب، والجد للاَب والوصي لاَحدهما. والحاكم الشرعي مع فقد من سبق، فيجوز للاَب ـ مثلاً ـ بيع مال الصبي مع عدم المفسدة فيه كما يجوز للحاكم بيع ماله ـ مع فقد الاب والجد للاَب والوصي لاَحدهما ـ مراعاة لمصلحته.
وهل يحق للصبي أن يتوكل عن غيره كأبيه أو جده في بيع ماله؟
ــ نعم يحق له ذلك.
ولو تم البيع وفق الشروط مارة الذكر. بيع أي شيء، فهل يحق للمشتري أن يعيد ما اشتراه ويستعيد الثمن؟ وهكذا هل يجوز للبائع ان يعيد الثمن ويستعيد ما باعه.
ــ يحق اِلغاء البيع في حالات عدة:
1 ـ اِذا كان البائع والمشتري مازالا بعد مصطحبين في محل البيع أو في الطريق مثلاً ولم يتفرقا فيحق لاَيّ منهما اِلغاء البيع.
واِذا تفرقا وذهب كل منهما لحاله وسبيله؟
ــ عندئذ يلزم البيع ويثبت.
2 ـ اِذا كان البائع أو المشتري مغبوناً فيحق له اِلغاء البيع، فمثلاً اِذا باع البائع بأقل من القيمة السوقيّة للبضاعة بفرق واضح غير قابل للتسامح وهو لا يعلم ثم علم بذلك فيحق له اِلغاء البيع، وكذلك اِذا اشترى المشتري بأكثر من القيمة السوقيّة للبضاعة وهو لا يدري ثمّ تبيّن له فيحق له اِرجاع البضاعة واِستعادة ماله الذي دفعه.
3 ـ اِذا اعتقد المشتري وجدان البضاعة الشخصية الغائبة حين البيع لبعض الصفات ـ امّا لاَخبار البائع أو اعتماداً على رؤية سابقة ـ فاشتراها ثم تبيّن له بعد ذلك ان البضاعة فاقدة لتلك الصفات فيحق للمشتري اِرجاع البضاعة واِلغاء البيع.
4 ـ اِذا اِشترط البائع أو المشتري على الاَخر شرطاً يخوِّله بموجبه فسخ البيع خلال مدة معيّنة فله حق فسخه خلال تلك المدّة.
5 ـ اِذا تعهد أحد المتبايعين بالعمل بطريقة معيّنة ولم يعمل وفق ما قال. أو اِشترط المشتري وجود صفة خاصة بالبضاعة فلم يجدها بعد الشراء، كان له حق اِلغاء البيع كما مرّ.
6 ـ اِذا اشترى المشتري شيئاً فوجد فيه عيباً جاز له اِرجاعه، كما اِذا وجد البائع عيباً في الثمن جاز له اِرجاعه واِستعادة البضاعة.
7 ـ اِذا تبيّن أن بعض الحاجات التي اِشتراها المشتري هي لغير البائع ولا يوافق مالكها على بيعها جاز للمشتري اِلغاء البيع في تمامها.
8 ـ اِذا لم يتمكن البائع من تسليم المبيع فللمشتري اِلغاء البيع واِبطاله.
9 ـ اِذا كان المبيع حيواناً فللمشتري حق اِلغاء البيع واِرجاع الحيوان لصاحبه خلال ثلاثة أيام من تاريخ البيع واِستعادة الثمن.
وهكذا لو كان الثمن حيواناً فان للبائع حينئذ حق اِلغاء البيع واِرجاع الحيوان الى المشتري خلال ثلاثة ايام من تاريخ البيع واستعادة المبيع.
10 ـ اِذا أرى البائع بضاعته بأفضل مما هي عليه في الواقع ليرغب فيها المشتري أو يزيد رغبة فيه فان للمشتري حق اِرجاعها للبائع واِستعادة ثمنه اِذا تبين له الحال بعد ذلك.
11 ـ اِذا باع البائع بضاعة معيّنة، ولم يقبض الثمن، ولم يسلّم البضاعة حتى يجيء المشتري بالثمن، لزم البيع، وثبت لثلاثة أيام فقط، ويحق بعدها للبائع اِلغاء البيع اِذا لم يأت المشتري بالثمن.
هذا اِذا أمهله البائع في تأخير تسليم الثمن من غير تعيين مدة الامهال.
واما ان لم يمهله ابداً فله الغاء البيع بمجرد تأخره في تسليم الثمن.
واِن امهله مدة معيّنة لم يكن له اِلغاء البيع قبل مضيها واِن كانت أزيد من ثلاثة ايام.
اِذا تم الاتفاق بين البائع والمشتري على تأجيل دفع الثمن وتأخيره، أقصد البيع بالدين فهل يصح هذا؟
ــ يصح، ولكن يجب ان تكون مدة الدين محدودة غير قابلة للزيادة والنقصان لا مبهمة غامضة، فلو اتفقا على دفع الثمن حين الحصاد، بطل البيع لاَن موعد الحصاد غير محدد.
واِذا حلّ موعد تسديد الدين واتفقا على تأجيله لمدة معيّنة مقابل زيادة؟
ــ لا يجوز ذلك لاَنّه من الربا. والربا محرم، قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(احلّ الله البيع وحرّم الربا)
.
يتفق البائع والمشتري أحياناً على بيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وعشرين كيلو منها.
ــ هذا من الربا وهو محرم.
ويتفقان أحياناً أخرى على مائة كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الحنطة زائداً خمسين ديناراً؟
ــ هذا البيع من الربا كذلك وهو ـ كما عرفت ـ حرام، اِلاّ أن يضم الى الناقص شيئاً متمولاً كالمنديل ويقصد كون الحنطة في أحد الطرفين بازاء المنديل في الطرف الاَخر، والخمسين ديناراً في ذاك الطرف بازاء الحنطة في الطرف الاول فانه حينئذٍ يصح البيع مطلقاً ولا يستلزم الربا المحرم.
وكيف أعرف أن هذه المعاملة من الربا فأجتنبها؟
ــ يشترط في تحقق الربا بالمعاملة النقديّة شيئان:
1 ـ أن يكون كل من العوضين مما يكال أو يوزن كالحنطة أو الشعير أو الرز أو العدس أو الماش أو الفاكهة أو الذهب أو الفضة وكل ما يوزن أو يكال.
2 ـ أن يكونا من جنس واحد.
واِذا كانت المعاملة نسيئة أي البيع بالاَجل فهل يشترط في تحقق الربا فيها نفس الامرين المتقدّمين؟
ــ [كلا بل يتحقق الربا فيها مع فقدهما أيضاً في موردين:
أ ـ ان يكون كل من العوضين من الموزون أو المكيل مع الاَختلاف في الجنس، كبيع مائة كيلو من الارز بمائة كيلو من الحنطة الى شهر.
ب ـ ان يكون العوضان من غير المكيل والموزون مع اتّحادهما في الجنس، وكون الزّيادة عينيه كبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة الى شهر].
هذا يعني انه اِذا كان كل من العوضين يباع بالعدد مثلاً لا بالوزن أو الكيل كالبيض مثلاً، أو كان يباع بالمساحة كالاَقمشة التي تباع بالاَمتار وغيرهما فيجوز بيعها بالزيادة اِذا كانت المعاملة نقدية؟
ــ نعم يجوز بيعها عندئذٍ بزيادة، فيجوز بيع ثلاثين متراً من القماش بأربعين متراً منها نقداً كما يجوز بيع ثلاثين بيضة بأربعين بيضة نقداً وهكذا غيرهما.
والذهب؟
ــ لا يجوز فيه لانه موزون.
وبيع الذهب المصوغ باكثر منه من غير المصوغ، كما هو السائد اليوم عند الصاغة؟
ــ هذا من الربا، وهو حرام اِلاّ أن يضمّ شيء مع الناقص كما تقدّم.
لو اختلفت نوعية الحنطة كما لو بيعت مائة كيلو حنطة رديئة بتسعين كيلو حنطة جيدة، أو الرز كما لو بيعت مائة كيلو من العنبر الجيد بمائة وعشرين كيلو من العنبر الرديء، وهكذا غيرهما؟
ــ كذلك لا يجوز بيع كهذا، لاَنّه ربا اِلاّ مع الضميمة كما سبق.
ولو بيعت مائة كيلو من الحنطة بسبعين كيلو من الرز؟
ــ يجوز البيع نقداً لاَن الحنطة جنس والرز جنس آخر، مع ملاحظة أن الحنطة والشعير في الربا جنس واحد، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة مثلاً بمائة وخمسين كيلو من الشعير بمفرده، كما أن التمور بانواعها المختلفة جنس واحد، والحنطة والدقيق منها والخبز منها جنس واحد، والحليب واللبن والجبن من نوع حيوان واحد جنس واحد، والرطب والتمر والدبس جنس واحد لاَن الاَصل وما يتفرّع عنه يعتبر جنساً واحداً [دائما] .
ــ هذا، وهناك نوع آخر من الربا يسمى بــ (ربا القرض).
وما ربا القرض؟
ــ ربا القرض أن يشترط المقرض زيادة في الدين على المقترض كأن يقرضه ألفٍ دينار على ان يدفع له بعد فترة من الزمن الفاً ومائة دينار وهو كذلك محرم. محرم عليهما معاً (المقرض والمقترض).
ربا القرض اِذن دين بفائدة، أمّا الدين بلا فائدة؟
ــ اِقراض المؤمن دون فائدة من المستحبات الاَكيدة كما قلت لك من قبل وخاصة لذوي الحاجة والعوز منهم فعن النبي صلى الله عليه وآله: «من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه».
وعن الاِمام أبي عبد الله عليه السلام : « مكتوب على باب الجنّة الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر » .
كان هذا هو حال القرض وحبذا لو تذكر لي بعض أحكام الشركة فقد عرفت أن أخي ينوي الاشتراك مع صديق له في عمل تجاري :
ــ الشركة جائزة بين شريكين بالغين عاقلين مختارين غير مجبرين مع عدم الحجر عليهما لسفه أو فلس .
قال ذلك أبي ثم اضاف:
ويقع عقد الشركة على أنحاء مختلفة ومنها ما يصطلح عليه بالشركة الاذنية ويتوقف على كون رأس مال الشركة الذي يساهم الطرفان في تكوينه مشاعاً بينهما بأحد اسباب الاشاعة كالامتزاج والتشريك، ويحق فيه لكل من الشريكين أو الشركاء فسخ العقد واِلغاء الشركة وكذا المطالبة بتقسيم المال المشترك اِذا كان ذلك لا يؤدي الى ضرر شريكه ضرراً ملموساً . فاذا فسخه أحدهما لم يجز للاَخر التصرف في المال المشترك ويلحق كلاً من الشريكين من الربح والخسران بنسبة ماله فان تساويا في الحصة كان الربح والخسران بينهما بالسوية، واِن اختلفا فنسبة كل منهما من الربح والخسارة بنسبة ما وضع من مال.
واِذا اتفق الشريكان على زيادة لاَحدهما في الربح لاَنّه يقوم بالعمل أو لاَن عمله أكثر أو أهم من عمل شريكه أو لا لشيء من ذلك؟
ــ الاتفاق صحيح ونافذ.
واذا تلف بيد من يعمل منهما شيءٌ من مال الشركة؟
ــ الشريك العامل أمين فلا يضمن التلف اِلاّ بالتعديّ أو التفريط.
وهناك معاملة أخرى سائدة بين الناس تشبه الشركة وهي ان يدفع مالك أمواله لشخص قادر على التجارة ليتاجر بها على أن يكون الربح بينهما بنسبة محددة كالنصف أو الثلث أو الربع؟
ــ هذه المعاملة صحيحة اذا اتفقا وكانا بالغين عاقلين رشيدين مختارين وكان المالك غير محجور عليه لفلس، وتسمى بالمضاربة.
والعامل؟
ــ يجوز ان يكون محجوراً عليه لفلس اذا لم يستلزم الاتفاق تصرفه في أمواله التي حجر عليها.
ثم اِنّه يحق لكل من المالك والعامل اِلغاء الاتفاق قبل الشروع بالعمل أو بعده، قبل تحقق الربح أو بعده.
ولا خسران على العامل اِذا لم يفرط أو لم يتعد.
واذا اِشترط صاحب المال على العامل أن تكون تمام الخسارة على العامل؟
ــ هذا الشرط صحيح ولكن نتيجته ان تكون تمام الربح للعامل ايضاً من دون مشاركة المالك فيه.
واذا اشترط ان تكون الخسارة عليهما معاً كالربح؟
ــ هذا الشرط باطل، نعم اذا اشترط على العامل ان يتدارك جزءً من الخسارة أو تمامها وتعويضها من ماله الخاص صح الشرط ولزم الوفاء به.
واذا اختلفا في مقدار نصيب العامل، فادعى المالك نسبة أقل، وادّعى العامل نسبة أكثر، ولا بينّة للعامل؟
ــ القول قول المالك، يأخذ به الحاكم الشرعي عند رفع القضية اليه مع حلفه عليه ما لم يكن مخالفاً للظاهر.
وكيف يكون مخالفاً للظاهر؟
ــ مثاله ما اذا ادّعى المالك قلّة نصيب العامل من الربح بمقدار لا يُجعل عادة للعامل كواحد في الاَلف وادّعى العامل الزيادة عليه بالمقدار المتعارف.
واذا ادّعى العامل تلف البضاعة، أو الخسارة، أو عدم الربح وانكر قوله المالك؟
ــ القول قول العامل عند المراجعة الى الحاكم الشرعي ما لم يكن مخالفاً للظاهر.
كما اذا ادّعى تلف البضاعة بحريق اصابها وحدها دون سائر الاموال التي كانت في ضمنها.
واذا ادّعى المالك ان العامل قد خان أو فرط في الاموال؟
ــ القول قول العامل ياخذ به ـ كسابقه ـ الحاكم الشرعي عند المراجعة بالشرط المتقدّم.
احياناً يوكل انسان انساناً آخر ليقوم مقامه في عمل كان هو يباشره، كأن يوكل اِنسان اِنساناً آخر بأن يبيع داره أو محله أو ما شاكل، فهل لهذه شروط خاصة؟
ــ نعم يعتبر في الوكيل والموكل أن يكونا عاقلين قاصدين اِجراء الوكالة مختارين غير مجبرين عليها. كما يعتبر في الموكل البلوغ اِلاّ فيما تصح مباشرته من الصبي المميز.
وهل هناك لفظة معينة للوكالة أو صيغة محددة؟
ــ كلا، فليس للوكالة لفظ محدد ولا ضيغة معيّنة ويكفي فيها كل ما يدل عليها من قول أو فعل أو كتابة، وتبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل.
احياناً يؤجِّر الانسان داره أو دكانه أو نحوهما أو يؤجر نفسه لعمل كالخياطة أو البناء أو السياقة مثلاً فماذا يعتبر في الاَجارة وما هي احكامها؟
ــ تصح الاجارة من المالك أو الوكيل أو الولي. وتصح من الاَخرين اذا أجازها بعد ذلك المالك أو الوكيل أو الولي.
ويعتبر في المؤجر والمستأجر البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم الحجر لسفه أو فلس، نعم تصح اجارة المفلس نفسه.
ويعتبر فيما يؤجر كالمحل أن يكون معيناً محدداً، وأن يشاهده المستأجر أو يعلم من خلال الوصف خصوصياته وأن يتمكن المؤجر من تسليمه للمستأجر نعم يكفي تمكن المستأجر من الاستيلاء عليه وأن يكون قابلاً للانتفاع به لما قصده المستأجر مع بقاء عينه، وأن يكون ذلك الانتفاع محللاً فلا تصح اجارة المحل مثلاً لبيع الخمر، وهكذا غيره من المحرمات.
وهل للاجازة لفظ محدد؟
ــ ليس للاجارة لفظ محدد بل يكفي في صحتها كل فعل يدل عليها، فيكفي للاَخرس مثلاً ان يشير اشارة مفهمة للايجار أو الاستئجار، فتصح اِجارته.
واِذا استأجر انسان بيتاً أو محلاً واشترط عليه المؤجر أن يسكنه هو دون غيره أو يعمل فيه هو دون غيره، فهل يحق للمستأجر أن يؤجره غيره؟
ــ كلا لا يحق له ذلك.
اِذا لم يشترط عليه المؤجر شرطاً كهذا؟
ــ للمستأجر حينئذٍ الحق في ايجاره لغيره، شرط أن لا يؤجّره بالاكثر قيمة مما أستأجره به اِلاّ أن يرممه أو يصبغه أو يعمره أو ماشاكل، هذا في الدار والسفينة والحانوت [وكذلك في غيرهما من الاَعيان المستأجرة بما في ذلك الاَراضي الزراعية].
قال ذلك أبي ثم اضاف.
ولا تصح الاِجارة اِلاّ اِذا حددت مدتها، فمن أجر داراً يجب أن يحدد مدة اِجارته ومن أجر محلاً يجب أن يحدد مدة اِجارته وهكذا.
اِضرب لي مثلاً على اِجارة غير محددة وبالتالي فهي غير صحيحة؟
ــ لو قال المالك للمستأجر: «أجرتك داري كل شهر بمائة دينار مهما أقمت فيها». فالاِجارة غير صحيحة.
ولو قال المالك للمستأجر: «أجرتك محلي لهذا الشهر فقط بخمسين ديناراً وكلما أقمت بعد ذلك فبحسابه». فالاِجارة صحيحة بالنسبة للشهر الاِول فقط وباطلة في غيرها.
هذا اِذا كانت المعاملة السابقة بعنوان الاِجارة، ويمكن أن تعالج وفق عناوين أخرى لا مجال هنا لذكرها.
واذا سلمَّ المؤجّر داره أو محله للمستأجر؟
ــ وجب على المستأجر تسليم الاَجرة.
واذا انهدمت الدار أثناء مدة الاِجارة وهي بيد المستأجر؟
ــ اذا لم يقصر المستأجر في حفظها ولم يتعد فيتسبب في هدمها فهو غير مسؤول عن ذلك.
ولو أجر مؤجر سيارته لمستأجر مثلاً؟
ــ وجب تحديد كيفية استخدامها فهل هي للركوب، أو لحمل البضاعة، أو لكليهما معاً وهكذا في بقية الاَشياء الأخرى يجب تعيين نوع المنفعة.
واذا أجرها لنقل كمية من اللحوم المذبوحة بطريقة غير شرعية ليبيعها على من يستحلها؟.
ــ ألم أقل لك سابقاً لا تصح اِجارة محل لبيع الخمر؟ [هذه مثلها لا تصح كذلك].
لو وكلِّ مالك شخصاً ليستأجر له عمّالاً بأجر معين فاستأجرهم الوكيل باقل مما حدد المالك؟
ـ يحرم على الوكيل أخذ الزيادة ويجب اعادتها الى المالك.
ولو أستاجر مالك دارٍ صباغاً لصبغ داره بصبغ حُدِّد للصباغ نوعه ولونه ومواصفاته فصبغه الصباغ بغيره.
ــ لم يستحق الصباغ أجرةً أصلاً.
بقي أن اسالك عن «السرقفلية» أو «الخلو»؟
ــ السرقفلية تقع على انحاء مختلفة.. منها ان يتفق المالك والمستأجر في ضمن عقد الايجار على ان يأخذ المالك مبلغاً معيناً من المال ويبقى للمستأجر حق استغلال المحل بعد انتهاء مدة الايجار أزاء مبلغ معين سنوياً أو ازاء ما يعادل الاجرة السنوية المتعارفة للمحل في كل سنة.
فاذا اتفقا على هذا النحو جاز للمستأجر أن يبقى في المحل بعد انتهاء مدة الاجارة ويدفع الى المالك المبلغ المتفق عليه كما يحق له التنازل عن حقه هذا لشخص ثالث ويخلّي له المحل ازاء مبلغ يتفقان بشأنه، ولا يشترط في الحالتين اذن المالك ورضاه بعد ما وافق منذ البداية على المستأجر حق استغلال المحل والاستفادة منه بعد انتهاء مدة الاِجارة.
لو أهدى انسان انساناً شيئاً ما دون مقابل ووهبه اِياه فهل لذلك شروط معينة من وجهة نظر المشرع الاسلامي؟
ــ نعم يعتبر في الواهب المهدي ان يكون بالغاً عاقلاً قاصداً الاِهداء مختاراً غير مجبر ولا محجور عليه فيما وهبه فانه حينئذٍ تصح هديته أو هبته بما في ذلك هدية أو هبة المريض وهو في مرض الموت فهي تنفذ بمقدار الثلث فما دونه أما فيما هو أكثر من ذلك فيصح باجازة الورثة.
ــ والهبة عقد يحتاج الى ايجاب وقبول ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من قول أو فعل كما يحتاج الى القبض أي أن يقبض الموهوب له العين الموهوبة اذا لم تكن هي بالاصل عنده.
واذا لم تكن عند الموهوب له ولم يقبضها من الواهب؟
ــ تبقى على ملك مالكها الاَول حتى يتسلمها الموهوب له في حياة الواهب فتنتقل الى ملكه.
وكيف يمكن قبض مثل الدار لو أعطيت هدية؟
ــ اِذا رفع الواهب يده عن الدار أو العقار وأخلاه وجعله تحت سيطرة الموهوب له فقد تم التسليم والقبض وصحت الهدية أو الهبة.
ولو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض أو التسليم؟
بطلت الهدية أو الهبة وانتقل الشيء الموهوب الى وارث الشخص الواهب.
احياناً يجد الانسان حاجة أو مالاً ضائعاً لا يعرف صاحبه فيلتقطه؟
ــ هنا عدة حالات:
1 ـ ان لا يوجد في المال الملتقط علامة (أي ميزة يمكن ان يصفه بها صاحبه فيتوصل بها اليه) وفي هذه الحالة يجوز للملتقط ان يأخذه لنفسه.
2 ـ ان يكون في المال الملتقط علامة وكانت قيمته دون الدرهم الشرعي أي 6\12 حمصة من الفضة المسكوكة وفي هذه الحالة لا يجب على الملتقط الفحص عن مالكه ولكن [ ليس له ايضاً ان يأخذ لنفسه بل يتصدّق به على فقير].
3 ـ ان يكون في المال الملتقط علامة وتكون قيمته درهماً أو يزيد وفي هذه الحالة يجب على الملتقط المبادرة الى التعريف به والتحري عن مالكه من تاريخ الالتقاط واِلى تمام السنة، ويجب ان يكون التعريف به في اماكن تجمع الناس كالاسواق والمحلات العامة والمجالس وغيرها حيث يتوقع وجود صاحبه هناك.
اِذا يعثر على المالك؟
ــ اِذا لم يعثر الملتقط على المالك وكانت اللقطة في حرم مكة المكرمة [تصدق بها عن مالكها] واِذا كانت في أي مكان آخر تخيّر الملتقط بين أمرين: اِما أن يحفظها لمالكها وله حينئذ حق الانتفاع بها مع التحّفظ على عينها واما ان يتصدق بها عن مالكها [وليس له أن يتملكها في مطلق الاحوال] .
لو كان الشيء الملتقط مجموعة من العملات النقدية؟
ــ اذا أمكن معرفة مالكها بسبب بعض خصوصياتها مثل عددها أو زمانها الخاص أو مكانها الخاص وجب التعريف بها.
ولو ادعى مدعٍ أنّه مالكها؟
ــ اِذا عُلم صدقهُ وجب دفعها اِليه، واذا وصفها وكان وصفه مطابقاً للحقيقة فحصل الاطمئنان بصدقه وجب كذلك دفعها اِليه.
تقول الاطمئنان، واذا لم يحصل الاطمئنان بصدقه، بل حصل الظن؟
ــ لا يكفي حصول الظن.
كان هذا هو حكم مال ملتقط لم يعرف صاحبه، أما اِذا استولى انسان ما على أموال أو حاجات أو عقار من انسان آخر ظلماً وعدواناً وغصباً؟
ــ الغصب من كبائر المحرمات، ويعذب الغاصب يوم القيامة بأشد أنواع العذاب، فقد روي عن النبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله: «من غصب شبراً من الاَرض طوّقه الله من سبع أرضين يوم القيامة».
ويجب على الغاصب ردِّ المغصوب الى مالكه داراً كان الشيء المغصوب أو نقوداً أو حاجات أو غير ذلك.
واذا أعاد الدار المغصوبة الى صاحبها فهل تبرأ ذمّته؟
لا بل يغرم له مقدار أجرة مثل تلك الدار أيضاً.
حتى لو لم يسكنها غاصبها؟
ــ نعم يغرم اجرتها حتى لو لم يسكنها في تلك المدة؛ لانّه فوت عليه استيفاء منفعة ملكه فكأنه قد أتلفها عليه فيضمنها له.
لو غصب انسان ارضاً فغرسها وزرعها؟
ــ على الغاصب اِزالة غرسه وزرعه فوراً مع أجرة مثل هذا المقدار من استغلاله للارض، بل لو استلزم قلع الغرس والزرع نقصاناً في قيمة الاَرض بسبب القلع وجب على الغاصب التعويض بدفع بدل النقصان، هذا اِذا لم يرض المالك ببقائه في الاَرض مجاناً أو بأجرة والا لم تجب على الغاصب ازالته بل يجوز له ابقاؤه فيها بالنحو الذي يرضى به المالك.
واذا تلف المغصوب عند الغصب دون تعمد منه؟
ــ يجب عليه رد عوضه الى مالكه وعوض منافعه المستوفاة والمفوتّة.
وكيف يرد عليه عوضه؟
ــ المغصوب، على نوعين:
1 ـ القيمي: وهو الذي لا يكثر وجود ما يماثله تماما في الخصوصيات والمشخصات التي تختلف باختلافها الرغبات كالبقر والغنم.. وهذا النوع يرد الغاصب قيمته يوم التلف.
2 ـ المثلي : وهو الذي يكثر ما يماثله تماماً في الخصوصيات والمشخصّات كالحنطة والشعير فيلزم الغاصب رد مثله، شريطة ان يتحد المثل المدفوع مع التالف في جميع الخصوصيات النوعية والصنفية فلا يجزي الرديء من الحنطة ـ مثلاً ـ عن النوعية الجيدة منها .
واذا أخذت غصباً سلعة من غاصبها الاول، ثم تلفت السلعة؟
ــ يحق لصاحبها مطالبة أي من الغاصبين شاء ببدلها من المثل أو القيمة سواء غاصبها الاَول أو غاصبها الثاني، لكن لو رجع المالك على الغاصب الاول كان له أن يطالب الثاني بما غرمه للمالك دون العكس.
اِذا علم المالك بوجود ماله المغصوب عند الغاصب؟
ــ يحق له انتزاعه من يد غاصبه ولو بالقوة. قال ذلك أبي وأضاف:
واذا وقع في يده مال للغاصب جاز له أخذه بدل المال المغصوب لو كان مساوياً له في القيمة.
واذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من المال المغصوب؟
ــ يجوز لصاحب المال المغصوب أخذ حصة منه مساوية لقيمة ماله المغصوب يستوفي بها حقه.
قبل أن تختم حوارية اليوم أحب أن أسالك سؤالا شخصياً.
ــ تفضل.
كثيراً ما أشاهدك تدفع الصدقة.
ــ نعم، ولكن كيف لاحظتني فأنا حين أتصدّق اُحاول أن لا يراني أحد، ذلك أن الصدقة المستحبة اِذا دفعت سراً كانت أفضل مما لو دفعت جهراً أمام أعين الناس فقد كان اِمامك علي بن الحسين عليه السلام يقول: «صدقة السر تطفىء غضب الرب».
وهل يعتبر في الصدقة شيء؟
ــ يعتبر في الصدقة قصد القربى لله تعالى.
وهل لها وقت محدد؟
ــ كلا.. ولكن يستحب التبكير بها، فاِن التبكير بها يدفع شرِّ ذلك اليوم ويستحب دفعها في أول الليل كذلك فاِن دفعها في أول الليل يدفع شرّ الليل.
يقول معلى بن خنيس: «خرج أبو عبد الله عليه السلام في ليلة قد رشّت السماء وهو يريد ظلة بني ساعدة فاتبعته فاذا هو قد سقط منه شيء، فقال: بسم الله اللّهم ردّ علينا. قال: فأتيته فسلّمت عليه، فقال: أنت معلى؟ قلت: نعم، جعلت فداك، وقال لي: التمس بيدك فما وجدت من شيء فادفعه اليّ. قال: فاِذا بخبز منتثر فجعلت أدفع اِليه ما وجدته فاِذا أنا بجراب من خبز، فقلت: جعلت فداك أحمله عنك، فقال: لا، أنا أولى به منك ولكن امض معي. قال: فاتينا ظلة بني ساعدة فاِذا نحن بقوم نيام فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخره. ثم انصرفنا. فقلت: جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق؟ فقال: لو عرفوا لواسيناهم بالدقة ـ والدقة هي الملح ـ اِن الله لم يخلق شيئاً اِلاّ وله خازن يخزنه اِلاّ الصدقة فاِن الرب تبارك وتعالى يليها بنفسه وكان أبي اِذا تصدّق بشيء وضعه في يد السائل ثمّ أرتده منه وقبله وشمّه ثم ردّه في يد السائل وذلك أنّها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل».
أفهم من هذه القصة أن للصدقة فضلاً عظيماً؟
ــ نعم فقد تواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها. فورد أنّها دواء المريض، وبها يدفع البلاء وقد أبرم ابراماً، وبها يستنزل الرزق، وبها يُقضى الدين، واِنّها تزيد في المال، وتدفع ميتة السوء والداء، و..، و... الى أن عدِّ سبعين باباً من ابواب السوء تسد.
ولكن رغم كل هذا الفضل للصدقة فاِن التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم. كما أن الصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره وأفضل منها الصدقة على الرحم المعادي.
على الرحم المعادي؟
ــ نعم الرحم المعادي.
ــ وأفضل من الصدقة القرض. نعم أفضل من الصدقة الاقراض كما سبق نقل الرواية فيها.