لا أكتمكم أني ساعة دخلت القاعة لحوارية اسمها «الذباحة والصيد» ما كان يخطر ببالي أن
أسمع ما سمعت، ولا أن أخرج منها بما خرجت به.
فقد كنت أظن أني سأسمع اليوم عن «الذباحة» قساوة في التعامل
مع المذبوح تساوق قساوة الذبح. ولكني فوجئت!!
تُرى، أبكل هذه الرِّقّة يوصي المشرِّع الاِسلامي ذابح الحيوان ان يتعامل مع حيوانه!
تُرى، أبكل هذا الاهتمام حتى بمشاعر الحيوان وأحاسيسه من أن تتوتَّر أو
تتشنّج أو تثور يحث المشرِّع الاِسلامي ذابح الحيوان أن يتصرَّف؟! تُرى، أبكل، هذا الحرص على عدم تعذيب
الحيوان أو اِيذائه يدعو المشرّع الاِسلامي ذابح الحيوان أن يكون..؟!
استعرضت هذه الافكار في ذهني على عجل، واستعرضت معها بالمقابل ببطء قاس
صوراً مفزعة لحالات تعذيب مريعة للحيوان وأنا استمع الى أبي وهو يحدثني عن مستحبّات الذباحة.
قال أبي: يستحب لذابح الحيوان أن يسوق حيوانه الى مذبحه برفق.
ويستحب لذابح الحيوان أن يعرض الماء على حيوانه قبل ذبحه.
ويستحب لذابح الحيوان أن لا يُري حيوانه شفرة الذباحة.
ويستحب لذابح الحيوان أن يُمرَّ السكّين على مذبح حيوانه بقوّة حتى يريحه ساعة الذبح.
ويستحب لذابح الحيوان أن يجدَّ في الاسراع بذبح حيوانه ليضمن سهولة الذبح.
ويستحب لذابح الحيوان أن لا يُحرك حيوانه بعد ذبحه من مكان الى اَخر حتى يموت.
ويكره أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان اَخر من جنسه.
ويكره أن يذبح الاِنسان بيده ما ربّاه من النِّعم.
ويكره سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها.
قال ذلك أبي وأضاف معزِّزاً قوله بحديث مروي عن نبيّنا الكريم محمّد صلى الله عليه وآله جاء
فيه: «ان الله تعالى شأنه كتب عليكم الاِحسان في كل شيء، فاذا قتلتم فاحسنوا
القتلة، واذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدَّ أحدُكم شفرته، وليُرح ذبيحته».
ولكني لا أعرف كيف أذبح حيواناً يا أبي؟
ــ اذا أردت أن تذبح فاقطع الاَوداج الاَربعة تماماً.
وما هي الاَوداج الاَربعة؟
ــ اِنّها «المريء» مجري الطعام و«الحلقوم» مجرى التنفّس و«الودجان»
وهما عرقان يحيطان بالحلقوم والمريء.
زدني ايضاحاً يا أبي.
ــ يقول الخبراء المتمرّسون في الذّباحة بأنّك اِذا قطعت الاَوداج الاَربعة
فستجد (الجوزة) في جهة الرأس. أما لو وجدت بعضها في الجسد فمعنى ذلك أن
قطعك للاَوداج الاَربعة لم يكن تامّاً، لاَنّ الجوزة هي مجمع الحلقوم والمريء وفوقها لا حلقوم ولا مريء.
معنى هذا اني حين أذبح أقطع من تحت الجوزة لا من فوقها؟
ــ بالضبط.. اِقطع من تحت الجوزة حتى لا تكون الجوزة في الجسد.
ولو أخطأتُ فقطعت من فوق الجوزة لا من تحتها ثمّ انتبهت فوراً لخطئي
فهل لي أن أعود فاقطع من تحت الجوزة قبل أن تموت الذبيحة؟
ــ نعم لك ذلك.
اضاف أبي قائلاً:
تختصّ الاِبل «الجمال» من بين البهائم بانّها تنحر ولا «تذبح».
وكيف أنحرها؟
ــ اذا اردت أن تنحر الاِبل فأدخل السكين أو الرمح أو غيرهما من الاَلات
الحديدية الحادة في «لبّتها».
وما اللبّة؟
ــ اللبّة هي الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متّصلاً بالعنق.
عرفت الاَن كيف أذبح الغنم أو البقر أو الدجاج أو الحمام أو غيرها.
وعرفت كيف أنحر الاِبل (الجمال).
ــ اذا عرفت ذلك ومن أجل أن يحل لك أكل لحوم حيوانات كالغنم والبقر والدجاج
والحمام وغيرها، فلابدّ من توافر شروط عدة في ذباحتها، وهذه الشروط هي:
1 ـ ان يكون الذابح مسلماً رجلاً كان أو أمرأة أو صبياً مميّزاً، فلا تحل
ذبيحة الكافر [حتّى الكتابي وان سمّى].
2 ـ ان يكون الذبح باَلة حديدية قدر الامكان، أمّا اذا لم توجد الاَلة
الحديدية جاز الذبح بالنحاس أو الصفر أو الرصاص أو الزجاج أو الحجارة الحادّة أو غيرها مما يقطع الاَوداج.
والسكاكين المصنوعة من الاستيل؟
ــ فيها نسبة غير مستهلكة من الكروم وهي مادّة اخرى غير الحديد فيُشكل الذبح بها.
3 ـ أن توجّه الذبيحة للقبلة حال الذبح وذلك بأن توجّه مقاديم جسدها من
الوجه واليدين والبطن والرجلين للقبلة اِذا كانت قائمة أو قاعدة للقبلة تماماً كما يتوجّه الاِنسان القائم أو القاعد للقبلة
حال الصلاة. أما اذا كانت الذّبيحة ملقاة على الارض فيتحقّق استقبالها للقبلة باستقبال منحرها وبطنها للقبلة.
ولو لم توجّه الذبيحة للقبلة حال الذبح؟
ــ حرمت مع العمد.
ومع عدم العمد؟
ــ اِذا كان السبب عدم توجيهها للقبلة هو النسيان أو الخطأ أو عدم العلم
بجهة القبلة أو عدم التمكن من توجيه الذبيحة لها أو عدم العلم بأن توجيهها
للقبلة شرط من الشروط التي يحل بموجبها أكل الذبيحة. اِذا كان السبب أحد ما
تقدم فلا تحرم الذبيحة بعدم توجيهها للقبلة.
4 ـ أن يذكر الذابح اسم الله وحده عليها لاجل الذبح سواء سمى حين الشروع
في الذبح ام قبله متّصلاً به عرفاً.
ماذا يقول في التسمية؟
ــ يكفي أن يقول: «بسم الله» أو «الله اكبر» أو «الحمد لله».
ولو نسي الذابح التسمية عليها؟
ــ لم تحرم الذّبيحة.
اُشاهد بعض القصّابين يقطع رأس الذبيحة عندما يذبحها.
ــ قل له [لا تقطع رأس الذبيحة متعمّداً، ولا تصب نخاعها قبل أن تموت،
والنخاع هو الخيط الاَبيض داخل فقرات الرّقبة].
5 ـ أن يخرج الدم بالشكل المتعارف المعتاد، فلا تحل
الذبيحة اِذا لم يخرج منها الدم أو خرج قليلاً بالنسبة الى نوعها بسبب انجماد
الدم في عروقها، واما اذا كانت قلّته لاَجل سبق نزيف الذبيحة لجرح مثلاً لم
يضرّ ذلك بحليتها. هذه هي الشروط الواجبة في الذباحة.
قال أبي:
بقي أن اشير الى حالة خاصة وهي أنه اذا شككنا في حياة حيوان حال ذبحه
فيشترط ـ اضافةً لما تقدم ـ أن يتحرّك بعد ذبحه ولو حركة يسيرة كأن يحرِّك
ذنبه أو رجله أو تطرف عيناه أو غيرها ليحل لنا أكل لحمه.
واذا كنّا نعلم بحياته حال الذبح؟
ــ لا حاجة لهذه الحركة حينئذ.
قلت لي ان الاِبل يجب ان تنحر، فهل هناك من شروط لحليّة أكل لحمها
اضافة للنحر؟
ــ يشترط في الناحر ما يشترط في الذابح «راجع فقرة ـ 1 ـ».
ــ ويشترط في اَلة النحر ما يشترط في اَلة الذبح «راجع فقره ـ 2 ـ».
ــ ويجب في النحر استقبال القبلة بالمنحور والتسمية والحياة حال النحر
وخروج الدّم المعتاد بعد النّحر.
والجنين الذي في بطن الحيوان؟
ــ اِذا اُخرج حيّاً من بطن اُمّه فحكمه حكم اُمّه، يذبح أو ينحر حسب نوعه.
قد يخرج ميتاً؟
اِذا ذبحت اُمّه أو نحرت وفق الشروط السابقة فمات في داخلها وكان تام
الخلقة قد نبت شعره أو صوفه أو وبره حل أكل لحمه، هذا ولا يجوز تأخير اخراج
الجنين من بطن اُمّه الى ان يموت، بل يجب التعجيل بشقّ بطنها بعد ذبحها فلو
تواني الذابح في اخراجه حتى مات لم يحل أكل لحمه.
واذا ماتت اُمّه من دون أن تذبح أو تنحر ومات جنينها في بطنها؟
ــ حرم أكل لحمه.
الشروط مارة الذكر ـ قال أبي ـ اذا اجتمعت في ذبح حيوان أو نحره قلنا ان
هذا الحيوان «مذكّى» فهو مذبوح وفق قواعد واُصول الذباحة في الشريعة الاِسلامية.
اضاف أبي شارحاً: ـ
والحيوانات بعضها مأكول اللحم كالغنم والبقر وغيرهما.
وبعضها غير مأكول اللحم كالاَسد والنمر والثعلب والفهد والصقر والنسر وبعض
الحشرات التي تسكن باطن الاَرض.
وبعضها نجس لا يطهر أبداً كالكلب والخنزير.
وتقع التذكية على كل حيوان مأكول اللحم، فاذا ذكّي طهر وحل أكل لحمه ولا
تقع على الحيوان النجس الذي لا يطهر أبداً كالكلب والخنزير.
والحيوانات غير مأكولة اللحم كالثعلب والاَسد والنسر؟
ــ تقع التذكية عليها كذلك عدا الحشرات وهي الدّواب الصغار التي تسكن
باطن الارض كالضب والفار فانّها لا تذكّى واما غيرها فتقع عليه التذكية،
فيطهر لحمه وجلده بها فيجوز استعمال جلده اَنذاك بشتّى انواع الاستعمالات
الممكنة حتى لو اتّخذ منه ـ كما كان يفعل أجدادنا ـ ظرفاً للسمن أو للماء فلا ينجس ما يلاقيه واِن كان رطباً لاَنّه مذكّى.
اذا وجدنا لحم حيوان قابل للتذكية أو جلده بيد شخص مسلم يبيعه أو يلبسه
أو يفرشه ولا نعلم هل هو مذكّى ام لا؟
ــ قل انّه مذكّى مادمت وجدته بيد المسلم مقترناً بما يقتضي تصرّفه فيه
تصرّفاً يناسب التذكية، اِلاّ اذا ثبت لك بانّه غير مذكّى.
اكثر من ذلك ـ قال أبي ـ اذ وجدته بيد المسلم يبيعه مثلاً وكان قبلاً بيد
الكافر ويحتمل انّه حقق تذكيته فقل كذلك انّه مذكّى اِلاّ اذا ثبت لك بأنّه غير مذكّى.
مع ملاحظة جديرة بالتأمّل وهي: أنّه اذا علمت انّ المسلم أخذه من الكافر من
دون تحقيق عن تذكيته واحتملت انّه مذكّى فلك ان تبني على
طهارته وان لم يجز لك استعماله فيما يعتبر فيه التذكية كالاَكل. وهكذا اللحوم والجلود المأخوذة من يد الكافر مباشرة.
قلت لي : اذا وجدت لحم حيوان قابل للتذكية أو جلده بيد مسلم ولا تعلم
انّه مذكّى أو لا ، فقل اِنّه مذكّى حتى يثبت لك عدم تذكيته أليس كذلك؟
ــ نعم.
المسلمون كما تعلم يا سيدي مذاهب وفرق مختلفة؟
ــ نعم ، قل انّه مذكّى سواء أكان مذهب المسلم هذا موافقاً لمذهبك أم مخالفاً له .
هناك ربما من المذاهب الاِسلامية أو الفرق من لا يشترط الشروط التي
ذكرتها للتذكية ، فلا يشترط استقبال القبلة مثلاً ، ولا التسمية ولا كون الذابح مسلماً ولا يشترط قطع الاَوداج الاَربعة .
ــ أعرف ذلك ، وهذا لا يهم . قل اِنّه مذكّى مادام يتصرف به تصرّفه في
لحم وجلد الحيوان المذكّى وتحتمل أنّه ذكّاه وفق الشروط مارة الذكر وان لم
يكن يعتقد لزوم رعايتها ، بل لو تيقنت عدم رعايته لشرط الاستقبال لم يضرّ ذلك
بحلية ذبيحته مادام معتقداً بعدم لزوم الاستقبال.
والحيوانات المذبوحة بالمكائن في البلدان الاِسلامية؟
ــ اذا توفرت في ذبحها الشروط مارة الذكر فهي مذكّاة ، فاذا كان العامل
الذي يتولّى تحريك السكينة بيده أو يضغط على الزر المعيّن لتقوم الماكنة
بتحريك الشّفرة مسلماً وكان يسمّي على ذبائحه وكانت الذبائح مستقبلة القبلة
حال الذبح مع توفّر بقيّة الشروط المتقدّمة حلّ اكل لحمها كالمذبوح باليد تماماً .
والاَسماك؟ لم تحدّثني عن تذكية الاَسماك .
ــ تذكية الاَسماك وبالتالي حلّية اكل لحمها تختلف عن تذكية الحيوانات
الاُخرى مارة الذكر، ذلك ان السمك متى ما استوليت عليه حيّاً خارج الماء كأن
تكون اصطدته بيدك داخل الماء وأخرجته حيّاً للخارج، أو اصطدته بالشباك أو
بالشصِّ أو بالفالة، أو كأن يكون السمك قد خرج بعد نضوب الماء فأخذته فقد
ذكيته، أو كأن يكون السمك قد قفز بنفسه الى الساحل فأمسكته حيّاً فقد ذكّيته، أو وثب في سفينة فأخذته حيّاً فقد ذكّيته. وهكذا.
واذا وثبت سمكة الى الاَرض فلم تؤخذ حتى ماتت؟
ــ حرم عليك أكل لحمها، اكثر من ذلك لو نظرت الى سمكة وهي حيّة تضطرب على
الاَرض ولم تعلم أن انساناً أخرجها من الماء ولم تستول أنت عليه حتى ماتت فقد حرم اكل لحمها عليك.
وشرط التسمية؟ لم تذكر شرط التسمية على السمك.
ــ لا يشترط في تذكية السمك التسمية.
والاِسلام؟ أقصد أن يكون صائدها وهي حيّة مسلماً؟
ــ لا يشترط في تذكية السمك ان يكون صائدها وهي حية مسلماً.
معنى هذا أنّه اذا أخرج الكافر السمك حيّاً من الماء جاز لي أكله؟
ــ نعم جاز لك أكله، فلا فرق هنا بين المسلم والكافر.
واذا وجدت سمكة في يد مسلم يبيعها مثلاً ولم أدر أنه
استولى عليها حيّة خارج الماء فيحل لي أكلها. أو استولى عليها ميتة فلا يحل لي أكلها؟
ــ قل انّها مذكّاة ما دامت في يد المسلم يتصرّف بها تصرّفاً دالاً على
التذكية كأّنَ يبيعها للاكل مثلاً أو ما شاكل.
واذ وجدتها في يد الكافر ولم أدر أنّه استولى عليها خارج الماء حيّة أو
ميتة. أقصد هل هي مذكّاة أم لا؟
ــ قل انّها غير مذكّاة.
اكثر من ذلك لو أخبرك الكافر أنّها مذكّاة لم يحل لك أكل لحمها، اِلاّ اذا
علمت أنّه قد أخرجها من الماء قبل موتها أو أنّه أخذها خارج الماء وهي حيّة
أو أنّها ماتت داخل شبكته أو حضيرته في الماء.
اذا ألقى الصياد الزهر «السم» في الماء فابتلعه السمك فطفا على سطح
الماء لعجزه عن السباحة؟
ــ اذا أخذته حيّاً جاز لك أكل لحمه أما اذا مات قبل ذلك فقد حرم.
لو نصب الصياد حضيرة أو صنع شبكة لاِصطياد السمك فدخلها السمك ثمّ نضب
الماء أو انحسر بسبب الجزر أو بأي سبب اَخر فمات السمك فيها بعد نضوب الماء؟
ــ لك ان تأكل ذلك السمك.
يرمي الصياد شباكه في الماء ثمّ يخرجها محملة بسمك قد
مات وهو في الشبكة؟
لك ان تأكله كذلك.
يخرج الصياد السمك الحي من الماء فيشق بطنه أو يضربه على رأسه فيموت؟
ــ يحل لك أكل لحمه، لاَنّه لا يشترط في السمكة اذا اخرجت من الماء حيّة أن
تموت بنفسها، فيجوز اكل لحمها لو ماتت بالتقطيع أو بالشواء أو بغير ذلك.
والدم الخارج منها، ألا تحتاج قبل الشواء الى تطهير؟
ــ دم السمكة طاهر.
قلت لاَبي: حدثتني عن صيد السمك ولم تحدثني عن صيد الحيوانات الوحشية
كالغزال مثلاً اذا اصطيد بالبندقيّة؟
ــ يشترط في تذكية الحيوان الوحشي المحلّل أكله كالغزال والطير وبقر الوحش
وحمار الوحش وغيرها اِذا اصطيد بالبندقيّة أو بغيرها من السلاح شروط عدة اذا اجتمعت حلَّ اكله وطهر كما لو ذبح.
من هذه الشروط:
1 ـ أن يكون الصائد مسلماً أو ما بحكمه كالصبي المميّز كما مرّ في شروط الذبح.
2 ـ أن يكون قاصداً الاِصطياد وهو يستعمل سلاحه، فلو رمى هدفاً فأصاب
حيواناً خطأً فقتله مصادفة لم يحل.
3 ـ أن يسمي عند استعمال سلاحه في الاِصطياد، او قبل اصابة الهدف
ويكفي في التسمية أن يقول: «الله اكبر» أو «بسم الله» أو «الحمد لله».
4 ـ أن يدرك صيده ميتاً بسبب السلاح أو يدركه حيّاً ولكن لا يسع الوقت
لتذكيته، فلو أدرك صيده حيّاً وكان الوقت يتسع لذبحه ولم يذبحه حتى مات لم يحل اكله.
5 ـ في صيد البندقيّة يجب أن تكون الطلقة على وجه تنفذ في بدن الحيوان،
وتخرقه بحيث يكون سبب قتله اختراقها ونفوذها في جسده.
واذا اصطيد الحيوان الوحشي المحلّل أكله كالغزال أو الطير مثلاً بكلب
الصيد لا بالسلاح؟
ــ يحل أكله ويطهر بعد اصطياده اذا توفّرت الشروط التالية:
1 ـ أن يكون الكلب معلّماً للاِصطياد بحيث يسترسل اذا أرسله صاحبه وينزجر اذا زجره.
2 ـ أن يكون صيده بارسال صاحبه له للاِصطياد، فلا يكفي استرساله بنفسه من دون ارسال.
3 ـ أن يكون مرسله للاِصطياد مسلماً كما مر في شروط الذبح.
4 ـ أن يسمي مرسله عند ارساله، ويكفي مثل «الله اكبر» أو «الحمد لله» أو «بسم الله».
5 ـ أن يستند موت الحيوان الى جرح الكلب وعقره، لا مثل
خنقه واتعابه في العَدْو ونحو ذلك.
6 ـ أن يدرك صاحب الكلب صيده بعد موته أو يدركه في الدقائق الاخيرة من
حياته بحيث لا يسع الوقت لذبحه، فلو أدركه حيّاً وكان الوقت يتسع لذبحه ولم
يذبحه حتى مات لم يحل أكله وهكذا لو توانى من الوصول اليه فمات قبل ان يدركه أو ضاق الوقت عن ذبحه بعد ادراكه.
واذا اصطاد الباشق أو الصقر أو البازي أو الفهد أو غيرها حيواناً؟
ــ لا يحل أكله اِلاّ اذا صاده الكلب فقط. علماً بأن موضع عضة الكلب نجس.
يجب غسله. ولا يجوز اكل الحيوان قبل غسله.
احياناً يصطاد غير الكلب كالصقر مثلاً حيواناً ويدرك صاحب الصقر صيده
قبل ان يموت فيذبحه؟
ــ يحل اكله اذا كان الصيد مأكول اللحم وذكّاه صائده وفق اصول واُسس التذكية
مارّة الذكر.
اشاهدك احياناً تستعمل عبارة «الحيوان المأكول اللحم» أو عبارة «الحيوان
غير مأكول اللحم» فهل هناك حيوانات لا يحل اكل لحمها دائماً؟
ــ نعم هناك حيوانات يحرم أكل لحمها دائماً.
قال ذلك أبي، ثم صمت قليلاً كأنّه يلملم خيوط فكرة راحت تتجمع بطيئة
متأنيّة في ذهنه ثم رفع رأسه اليَّ قائلاً:
من أجل أن أضعك في الصورة تماماً ساُعدد لك المهم من
الحيوانات التي يحل أكل لحمها . والمهم من الحيوانات التي لا يحل اكل لحمها
حتى تكون على بيِّنة منها ، وأردف أبي يقول :
من حيوانات البرّ : يحل لك اكل لحم الدجاج بأنواعه المختلفة والغنم والبقر
والاِبل والخيل والبغال والحمير وكبش الجبل وبقر الوحش وحمار الوحش والغزال .
ويكره منها ولا يحرم اكل لحم الخيل والبغال والحمير الاَهليّة .
ويحرم اكل كل ذي ناب كالاَسد والثعلب وغيرهما .
كما يحرم اكل الاَرنب والفيل والدبّ والقرد وايضاً يحرم اكل الضبّ واليربوع
والفأر والقنفذ والحية وغيرها من الحشرات .
ويحرم اكل لحم ما وطئه الانسان من البهائم [ ويحرم لبنه ويحرم لحم نسله
المتجدِّد بعد الوطء ] وأقصد بالوطء هنا أن يمارس الانسان الجنس مع الحيوان .
فاِن كان الحيوان الموطوء مما يطلب لحمه كالاِبل والبقر والغنم وغيرها وجب
ان يذبح اولاً ثمّ يحرق ويغرم الواطئ قيمته اذا كان غير المالك .
وان كان الحيوان الموطوء مما يقصد ظهره للركوب كالخيل والبغال والحمير وجب
نفيه من البلد وبيعه في بلد اَخر ويغرم الواطئَ قيمته اذا كان غير المالك .
أضاف أبي :
ومن حيوانات البحر : يحل لك اكل لحم السمك بكافة انواعه
واشكاله شرط أن يكون له قشر ( فلس ) .
ويحرم الميت الطافي منه على وجه الماء .
كما يحرم اكل حيوانات البحر الاُخرى عدا السمك مار الذكر، ويحرم بالتخصيص
لحم الجرّي والزّمير والمارماهي والسلحفاة والضفدع والسرطان .
ولحم الرّوبيان؟
ــ يحل لك أكله لاَن له قشراً .
واردف أبي قائلاً :
ومن الحيوانات الطائرة : يحل لك اكل لحم الحمام بانواعه المختلفة والعصافير
بانواعها والبلبل والزرزور والقبّرة والنعامة والطاووس والهدهد والخطّاف .
[ويحرم عليك اكل لحم الغراب بجميع انواعه حتى الزاغ ، كما يحرم عليك اكل
الزنبور وغيره من الحشرات الطائرة عدا الجراد ] ويحرم عليك كل طائر ذي مخلب
كالشاهين والعقاب والبازي والصقر، وكل طائر صفيفه اكثر من دفيفه، اي يحرم
اكل لحم كل طائر يصفّ جناحيه ولا يحركهما اثناء طيرانه اكثر مما يحركهما ويدفّ بهما .
واذا لم نعرف كيفيّة طيرانه؟
ــ العبرة في حليّة لحمه حينئذٍ بأن تكون له الحوصلة أو القانصة أو الصيصية
فما تكون له احدى الثلاث يحل اكله دون غيره.
والحوصلة: ما يجتمع فيه الحب وغيره من المأكول عند الحلق.
والقانصة: ما تجتمع فيه الحصى الدقاق التي يأكلها الطير.
والصيصية: شوكة في رجل الطير خارجة عن الكف.
اشاهد احياناً بعض القصابين يخرج من الذبيحة اثناء تقطيعها بعض الاَجزاء
ليرميها خارجاً.
ــ نعم لا تأكل من الذبيحة الاَجزاء التالية اِن وجدتها فيها:
الدم، والروث، والقضيب، والفرج، والمشيمة، والغدد بكل انواعها، والبيضتين،
وخرزة الدماغ، والنخاع، والمرارة، والطحال، والمثانة، وحدقة العين،
و[العصبتين الممتدتين من الرقبة الى الذنب على الظهر] .
هذا كله في ذبيحة غير الطيور، اما ذبيحة الطيور فيحرم منها (الدم والرجيع)
[ويجتنب ايضاً عن بقية المذكورات ان وجدت فيها].
ولما انتهى أبي من تعداده وصمت قلت في نفسي:
ما دمنا نتحدّث عما يحل أكله من الذبيحة وما لا يحل، فلماذا لا أسأل عما
يحرم أكله وتناوله من غير الذبيحة من أشياء. ثمّ لماذا لا أسأل ما دمنا نتحدّث عن الاَكل عما يستحب في أكل الطعام.
واذا اختمرت في ذهني فكرة السؤال قلت لاَبي:
ــ دعني أخرج عن الموضوع قليلاً لاَسأل عن سؤالين شغلا بالي:
أولهما: هل يا ترى هناك أشياء يحرم تناولها غير ما ذكرت؟
ــ ثانيهما: مادمنا نجلس على مائدة الطعام كل يوم ثلاث مرات، فهل هناك
مستحبّات في أكل الطعام؟
ابتسم أبي أول الاَمر كأنّه ذكر شيئاً ثم اعتدل في جلسته ليقول: ساُجيبك
عن السؤال الاَول ثم اُثنّي فاُجيبك عن السؤال الثاني.
ــ نعم هناك أشياء يحرم تناولها غير ما ذكرت، سأخصّ بالذِّكر منها شيئين مهمّين هما:
1 ـ يحرم شرب الخمر وغيره من المسكرات بما في ذلك «البيرة». وقد نصّ القراَن الكريم على
حرمة شرب الخمر، قال الله سبحانه وتعالى: (اِنّما الخَمْرَ والمَيسرُ والاَنْصابُ والاَزْلامُ رجسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطانِ
فاجْتَنِبوه). كما ورد في بعض الاَحاديث أنّه من أعظم المعاصي، قال الاِمام الصادق
عليه السلام: «الخمر اُمّ الخبائث ورأس كلّ شرّ...» الى اَخر الحديث.
اكثر من ذلك: يحرم أكلك من مائدة يشرب عليها شيءٌ من الخمر أو أي مسكر [بل
يحرم جلوسك على مثل هذه المائدة] .
2 ـ يحرم تناول كل ما يضرّ بالاِنسان ضرراً بليغاً كالهلاك وشبهه كالسموم القاتلة وأمثالها.
هذا ما يتعلّق بالسؤال الاَول.
أما ما يتعلق بالسؤال الثاني، «مستحبات أكل الطعام» فمستحبات أكل الطعام
كثيرة، ولكن هل ستلتزم بها؟
أعدك أن احاول.
ــ اذن خذ:
1 ـ غسل اليدين معاً قبل الطعام وبعده والتنشف بعده بالمنديل.
2 ـ التسمية عند الشروع بالاَكل.
3 ـ الاَكل باليمين.
4 ـ تصغير اللقم.
5 ـ أن تجوِّد مضغ الطعام.
6 ـ أن تطيل الاَكل والجلوس على المائدة.
7 ـ أن تفتتح وتختتم بالملح.
8 ـ أن تغسل الثمار بالماء قبل أكلها.
9 ـ أن لا تأكل وانت شبعان.
10 ـ أن لا تأكل الطعام الحار.
11 ـ أن لا تنفخ في الطعام والشّراب.
12 ـ أن لا تقشِّر الثمار التي تؤكل بقشورها.
13 ـ أن لا ترمي الثمرة من يدك قبل أن تستقصي أكلها.
14 ـ أن لا تنظر في وجوه الناس وهم يأكلون.
15 ـ أن يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع ويختتم بعد الجميع.
16 ـ أن لا تتناول الماء على الاَغذية الدّسمة.
17 ـ أن تأكل من أمامك لا من أمام الاَخرين.
18 ـ أن لا تمتلئ من الطعام.
19 ـ أن لا تقطع الخبز بالسكين.
20 ـ أن لا تضع الخبز تحت الاِناء.
وهناك غيرها لا يسع مجالي الاَن ذكرها.