حواريّة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الاَن ـ قال أبي ـ وقد أحطتّ بالكثير مّما تحتاجه من أحكامك الشرعيّة وتعلَّمت الكثير.
الاَن وقد عرفت من أحكام الله ما عرفت، واستوضحت من واجباتها ما استوضحت، وحفظت من محرّماتها ما حفظت.
الاَن، وقد بصرت بما لم تبصر به من قبل..
الاَن، وليس بعد الاَن.. يجب أن تتذكّر الماضي بكلّ قساوته، يوم رفعت رأسك الى السماء وقلبك يقطر أسىً وألماً وحيرة ولوعة، وأنت تقول:
اِلهي أعلم أنّك كلَّفتني. ولكنّي لا أَعْلم بماذا كلَّفتني.
اِلهي أنّى لي أن اعرف حلالك فافعله، أو حرامك فاجتنبه.
الاَن، وليس بعد الاَن.. آن لك أن تدرك أنَّ اعداداً كثيرة ممَّن هم في مثل سنِّك ومرحلتك الدراسية، أو أكبر منك، يعيشون مأساتك السالفة، ويعانون معاناتك، ويكابدون مكابدتك، تكتوي أجفانهم كما أكتوت اجفانك بنثيث دمعك المشتعل وانت تقول:
اللّهم أعن كتب الفقه الاِسلامي على الاِفصاح عمّا تريد قوله لاَفهم ما تريد قوله.
الاَن، وقد تعلّمت ما تعلّمت، والممت من أحكام الفقه بما ألممت.. آن لك أن تعمل بقوله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(ولتكن منكم اُمةٌ يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون)
فتدعو الى الخير، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
آمر بماذا يا أبتي؟ وأنهي عن ماذا؟
ـ اُؤمر بما علمت من معروف، واِنه عمّا علمت من منكر.
ولكن ما لي وللناس يا أبتي، وما علاقتي بمن يفعل المنكر مثلاً حتّى آمره بتركه، ثمّ لماذا أتدخل في شؤون الاَخرين فاَمرهم وأنهاهم ما دمتُ أنا أفعل المعروف وأجتنب المنكر، وهذا يكفيني؟
ـ حاذر ان تقول ذلك يا بني، وحاذر أن تكرّره ثانيةً، فالاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبهما واجبان كفائيان.. فاذا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر أحد.. لا أنا، ولا أنت، ولا أحد آخر غيرنا، أثمنا جميعاً، وتعرّضنا لغضب الله عزّ وجلّ وعقابه وسخطه.. أمّا اذا قام بالاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر احدنا، فقد سقط عن الجميع.
ألم تتدّبر قوله تعالى:
(ولتكن منكم أمةٌ يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون)
. تلك الاَية الكريمة التي قرأتها لك قبل قليل؟!
ألم تسمع قول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله: «لا تزال اُمتي بخير ما أمروا بالمعروف، ونهو عن المنكر، وتعانوا على البرِّ، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الاَرض ولا في السماء»؟!
ألم تقرأ قول الاِمام علي عليه السلام: «لا تتركوا الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فيولّي عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم»؟!
ألم تقرأ قول الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام: «اِن الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب وترد المظالم، وتعمَّر الاَرض، وينتصف من الاَعداء، ويستقيم الاَمر»؟!
وقوله عليه السلام: «الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ـ خلقان من خَلق الله، فمن نصرهما أعزه الله ومن خذلهما خذله الله»؟.
ثمَّ ألم تقرأ قول النّبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيّته»؟.
نعم قرأته؟
ـ فانت اِذن راع، ومسؤول كذلك عن رعيّتك. وللرّاعي واجبات، وعليه حقوق وتبعات، والمسؤولية ثقيلة.
أوَ بعد كلّ هذا تقول: لماذا أكون فضولياً، فأتدخل في شأن لا يعنيني، ليس أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر فضولاً. وليسا هما تدخّلاً منك يا بني في شأنٍ لا يعنيك.. هذان شأنك.. نعم شأنك.. فالذي أوجب عليك الصلاة والصوم والحج والخمس هو الذي أوجب عليك الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
ولكنّي لست رجل دين حتّى آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر؟
ـ ومن قال لك ان الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مسؤولية رجل الدّين وحده.. الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان عليك وعليَّ وعلى رجل الدّين والطالب والمدرِّس والتّاجر والعامل والموظّف والصناعي والعسكري والرئيس والمرؤوس والعادل والفاسق والغني والفقير والمرأة والرجل.. الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان على الجميع.
سمعتك تقول اِن الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبها واجبان كفائيان، فهل هما ببعض مراتبها الاُخرى واجبان عينيان كوجوب الصلاة اليوميّة؟
ـ اجل يا بُنَي.. اِنّهما واجبان عينيان ببعض مراتبهما، وهي مرتبة اظهار الكراهة فعلاً أو قولاً من ترك المعروف وفعل المنكر. ألم يبلغك أن امير المؤمنين عليه السلام قال: «امرنا رسول الله صلى الله عليه وآله ان نلقى اهل المعاصي بوجوه مكفهرّة» هذا يعني أن واجبنا ان نظهر لمرتكب المعصية كرهاً لما يرتكبه وانزعاجنا منه.
ولكن هل اِن الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان في مطلق الاَحوال.
ـ لا، انّما يجبان مع توفّر الشروط التالية: ـ
1 ـ أن يكون الشخص الاَمر بالمعروف الناهي عن المنكر عارفاً بالمعروف والمنكر حتى ولو كانت معرفته غير شاملة ولا مفصّلة، يكفي ان يعرف أن هذا العمل معروف ليأمر به أو أن هذا منكر محرم لينهى عنه.
2 ـ أن يحتمل ائتمار المأمور بالمعروف بأمره، وانتهاء المنهي عنه المنكر بنهيه، بأن لا يعلم منه انّه لا يبالي ولا يهتم ولا يكترث بأمره ونهيه.
واذا علم بانّ الفاعل سوف يفعل المنكر، أو يترك المعروف، ولا يهتمّ بأمره ولا نهيه؟
ـ حينئذٍ يسقط عنه الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراحلهما [ويجب ببعض مراحلهما الاُخرى وهي مرحلة اظهار الكراهة فعلاً أو قولاً من تركه للمعروف وارتكابه للمنكر].
3 ـ أن يكون تارك المعروف، أو فاعل المنكر، مصراً على ترك المعروف أو فعل المنكر، بمعنى انه بصدد الاستمرار على فعل المنكر، أما اِذا احتمل انه منصرف عن الاِستمرار على المنكر لم يجب امره ونهيه.
احب أن أتأكّد فأسأل: واِذا لم يكن مُصرّاً على فعله للمنكر أو تركه للمعروف؟
ـ لا يجب أمره بالمعروف، ولا نهيه عن المنكر.
وكيف أعرف أن هذا الشخص مصرٌّ على فعله للمنكر أو غير مصرِّ عليه؟
ـ اِذا ظهرت لك علامة أو امارة على اقلاعه عنه فهو غير مصرٍّ..
اِذا انصرف عن الفعل فهو غير مُصر.. اِذا ندم عليه فهو غير مُصِر.. وبالتالي فلا يجب عليك أمره أو نهيه.
أحياناً أعرف أن شخصاً ما ينوي أو يريد ارتكاب منكر وترك معروف فهل يجب عليّ أمره أو نهيه قبل أن يفعل فعلته؟
ـ نعم يجب عليك أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر حتّى ولو قصد المخالفة مرّةً واحدة فقط.
4 ـ أن لا يكون فاعل المنكر أو تارك المعروف معذوراً في فعله للمنكر أو تركه للمعروف لاعتقاده مثلاً أن ما فعله ليس حراماً أو أن ما تركه ليس واجباً وكان معذوراً في ذلك الاشتباه. واِلاّ لم يجب عليك شيء.
5 ـ أن لا يخاف الاَمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر من ترتّب ضرر عليه في نفسه او عرضه او ماله بالمقدار المعتد به أو بأحد من المسلمين كذلك من جراء أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر.
واِذا خاف الضّرر على نفسه أو على غيره من المسلمين من جراء الاَمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر؟
ـ لم يجب عليه الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في هذه الحالة اِلاّ اِذا كان المعروف أو المنكر من المهمّات في نظر المشرِّع الاِسلامي فيجب حينئذٍ الموازنة بين الطرفين بلحاظ قوّة الاِحتمال وأهميّة المحتمل فقد لا يجب الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وقد يجبان.
واِذا أردت أن آمر بالمعروف أو أنهى عن المنكر؟
ـ للاَمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر مراتب:
المرتبة الاُولى: أن تأتي بعمل تظهر به انزجارك القلبي وكراهتك لفعل المنكر وترك المعروف.
وكيف اُظهر ذلك.
ـ بطرقٍ عديدة.. بالاِعراض والصدِّ عن الفاعل.. أو باِظهار واِبراز الاِنزعاج والتأثّر منه.. أو بترك الكلام معه.. أو بغير ذلك.
المرتبة الثانية: أن تأمر وتنهى بقولك ولسانك.
وكيف آمر وأنهى بالقول واللسان؟
ـ بطرقٍ عدّة.. بنصح الفاعل ووعظه..يتذكيره بما أعدّ الله سبحانه وتعالى للعاصين من العقاب الاَليم.. باِرشاده، بتذكيره بما أعدَّه الله سبحانه وتعالى للمطيعين من الثواب العظيم، بتهديده بالاِنكار عليه.. بغير ذلك من الطرق المناسبة.
المرتبة الثالثة: أن تتّخذ اجراءات عمليّة للاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
وكيف؟
ـ أن تفرك اذن الفاعل، أو تضربه، أو تحبسه ليكون رادعاً له عن فعل المعصية.
قال ذلك أبي وأضاف: اِنّ لكلّ مرتبة من هذه المراتب درجاتٍ متفاوتة شدّةً وضعفاً حسب مقتضيات الحال والظروف.
وهل ابدأ أوّلاً بالمرتبة الاُولى، فاِن لم تكف انتقل الى المرتبة الثانية فالثالثة؟
ـ اِبدأ أوّلاً بالاُولى أو الثانية، أيّهما تحتمل تأثيرها أكثر أو امزج بينهما اذا تطلّب الاَمر ذلك مع مراعاة ما هو اخف ايذاءً وهتكاً والتدرج الى ما هو اشد منه.
واذا لم ينفعا؟
ـ اِنتقل عند ذاك بعد ان تحصل على اِذن الحاكم الشرعي الى المرتبة الثالثة الى... اتّخاذ الاِجراءات العملية متدرّجاً من الاِجراء الاَخف ايذاءً الى الاِجراء الاَشدِّ والاَقوى من دون أن يصل الى الجرح أو الكسر أو الشَّلل أو غيرها فضلاً عن القتل.
قال ذلك أبي واردف مؤكدا :
الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان، ولكنّهما يتأكّدان اكثر في حقّك اذا كان تارك المعروف أو فاعل المنكر واحداً من أهلك، فقد تجد بين اهلك من يتسامح في بعض الواجبات أو يتهاون.
قد تجد فيهم من لا يتوضّأ بالشكل الصحيح، أو لا يتيمّم بالشكل الصحيح أو لا يغتسل غسل الجنابة بالشكل الصحيح، أو لا يطهِّر جسده وملابسه بالشكل الصحيح، أو لا يقرا السورتين والاَذكار الواجبة بالشكل الصحيح، أو لا يخمّس ماله ولا يزكّيه وماله متعلق للخمس أو للزكاة.
قد تجد في أهلك مثلاً من يرتكب بعض المحرّمات، يمارس العادة السريّة مثلاً، أو يلعب القمار، أو يستمع الى الغناء، أو يشرب الخمر، أو يأكل الميتة.. أو يأكل أموال الناس بالباطل، أو يغش أو يسرق.
قد تجد في النساء من أهلك مَنْ لا تتحجّب، ولا تغطّي شعرها وقد تجد فيهّنّ من لا تزيل أثر طلاء الاَظافر عن أظافرها عندما تتوضّأ أو تغتسل..
قد تجد فيهّنَّ من تتعطّر لغير زوجها من الرجال، أو لا تستر شعرها وجسدها عن أنظار ابن عمّها أو ابن عمّتها، أو ابن خالها، أو ابن خالتها، أو أخي زوجها أو صديقه بحجّة أنّه يعيش معها في بيت واحد فهو كأخيها. أو غير ذلك من الاَعذار الواهية الاُخرى.
قد تجد في اهل بيتك من يكذب، ويغتاب، ويعتدي على الاَخرين، ويبذِّر أمواله، ويعين الظالمين على ظلمهم.. قد تجد.. وتجد وتجد..
واِذا وجدتُ؟
ـ اذا وجدتَ شيئاً من ذلك فاَمر بالمعروف وانهَ عن المنكر، مبتدئاً بالمرتبتين الاُولى والثانية.. اظهار الكراهة والاِنكار باللسان ومنتقلاً ـ اذا لم ينفع ذلك ـ الى المرتبة الثالثة بعد استحصال الاِذن من الحاكم الشرعي الى اتخاذ الاِجراءات العملية متدرّجاً فيها من الاَخفّ الى الاَشدّ.
احياناً يكون المعروف مستحباً؟
ـ ويستحب الاَمر به حينئذٍ، ولا يجب، فاذا أمرت به كنت مستحقاً للثّواب واذا لم تأمر به لم تكن مستحقّاً للعقاب. ذلك أن الدّال على الخير كفاعله.
قلت لي أن الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان، وقد عرفت من خلال امثلتك بعض ما يجب عليَّ أن آمر به، وبعض ما يجب عليَّ أن انهى عنه، غير أنّي اُحبّ أن تضع النقاط على الحروف فتذكر لي بالتحديد اُموراً يجب عليَّ أن آمر بها أو يستحب، واُموراً يجب عليَّ أن أنهى عنها غير تلك التي ذكرتها قبل قليل وغير تلك التي مرّت في حوارياتنا السابقة..
ـ ساحدّد لك على شكل نقاط اُموراً هي من المعروف أوّلاً، وأموراً هي من المنكر ثانياً، غير أنّي أشترط عليك شرطاً واحداً قبل أن اُجيبك.
وما هو؟
ـ أن تعمل بها مستحبّةً كانت أو واجبة.. وتدعو اِليها وتأمر بها اِن كانت معروفاً.. وتبتعد عنها وتنهى اِن كانت منكراً.
أعدك بذلك.
ـ سأبدأ أوّلاً بذكر اُمور هي من المعروف على شكل نقاط محدّدة.
قال ذلك، وبدأ أبي يعدّد مستعيناً بذاكرته تارّةً، وبمصادر وضعها أمامه تارة اُخرى فعدَّ من المعروف ما يأتي:
1 ـ التوكّل على الله تعالى: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(ومن يتوكَّل على الله فهو حسْبُه)
وروي انّه قد سأل سائل الاِمام عليه السلام عن هذه الاَية فقال عليه السلام «التوكّل على الله درجات، منها أن تتوكّل على الله في اُمورك كلّها فما فعل بك كنت عنه راضياً، تعلم أنّه لا يألوك خيراً وفضلاً وتعلم أنّ الحكم في ذلك له، فتوكّل على الله بتفويض ذلك اليه، وثق به فيها وفي غيرها»
2 ـ الاِعتصام بالله تعالى قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المحيد:
(ومن يعتصم بالله فقد هديَ الى صراطٍ مستقيم)
.
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «أوحى الله عزّ وجلّ الى داود: ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي، عرفت ذلك من نيّته، ثمَّ تكيده السموات والاَرض ومن فيهنَّ، اِلاّ جعلت له المخرج من بينهنّ. وما اِعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي، عرفت ذلك من نيّته، اِلاّ قطعت أسباب السموات من يديه وأسخت الاَرض من تحته ولم اُبال بأيِّ واد يهلك».
3 ـ شكر الله تعالى على نعمه المتواترة: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: (وما بكم من نعمةٍ فمن الله) وقال عزّ وجلّ:
(ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي انعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه)
.
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغت، فحمد الله عليها، اِلاّ كان حمده لله افضل من تلك النعمة واعظم وأوزن».
4 ـ حسن الظنّ بالله تعالى: فعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال على منبره: والذي لا اِله اِلاّ هو ما اُعطي مؤمن قط خير الدنيا والاَخرة اِلاّ بحسن ظنّه بالله ورجائه وحُسن خلقه».
5 ـ اليقين بالله تعالى في الرّزق والعمر والنّفع والضرّ: فعن الاِمام علي عليه السلام أنّه قال: «لا يجد عبد طعم الاِيمان حتّى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الضارَّ النّافع هو الله عزّ وجلّ»
6 ـ الخوف من الله عزّ وجلّ مع رجائه تعالى: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يصف المؤمنين:
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً وممّا رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءاً بما كانوا يعملون)
.
وعن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «مَنْ خلا بذنبٍ فراقب الله تعالى فيه واستحيا من الحفظة غفر الله عزّ وجلّ له جميع ذنوبه واِن كانت مثل ذنوب الثقلين».
وقال عليه السلام: «اُرج الله رجاءً لا يجرئك على معصيته، وخف الله خوفاً لا يؤسيك من رحمته».
7 ـ الصبر وكظم الغيظ: قال الله تعالى في كتابه المجيد:
(اِنّما يُوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب)
وقال تعالى:
(اِنَّ الله مع الصابرين)
.
وقال تعالى:
(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يجب المحسنين)
.
وعن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ما جرع عبد جرعةً أعظم أجراً من جرعة غيظ كظمها اِبتغاء وجه الله».
وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «من أحبِّ السبل الى الله جرعتان، جرعة غيظ يردها بحلم، وجرعة مصيبة يردّها بصبر».
وعن الاِمام الباقر عليه السلام أنّه قال لبعض ولده: «يا بُنيّ ما من شيءٍ أقرُّ لعين أبيك من جرعة غيظ عاقبتها صبر».
8 ـ الصبر عن محارم الله تعالى: فعن الاِمام علي عليه السلام أنّه قال: «الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن جميل، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرَّم الله تعالى عليك».
وعنه عليه السلام أنّه قال: «اِتّقوا معاصي الله في الخلوات فانَّ الشاهد هو الحاكم».
9 ـ العدل قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(اِنَّ الله يامر بالعدل والاِحسان واِيتاء ذي القربى)
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «ثلاث هم أقرب الخلق الى الله عزّ وجلّ يوم القيامة حتّى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه الى أن يحيف على من تحت يديه، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الاَخر ولو بشعيرة، ورجل قال الحق فيما عليه».
10 ـ تغليب العقل على الشهوة: قال الله تعالى في كتابه المجيد:
(زُيِّنَ للنّاس حبُّ الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب الفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الماَب * قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربِّهم جناتٍ تجري من تحتها الاَنهار خالدين فيها وازواج مطهَّرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره» وعن الاِمام علي عليه السلام أنّه قال: «كم من شهوةٍ ساعة أورثت حزناً طويلاً».
11 ـ التواضع: فعن النّبي صلى الله عليه وآله: «اِنَّ أحبَّكم اِليَّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً، أحسنكم خُلقاً وأشدَّكم تواضعاً» وعن الاِمام زين العابدين عليه السلام أنّه دعا ربّه قائلاً: «الّلهم صلِّ على محمّد وآل محمّد ولا ترفعني في النّاس درجةً اِلاّ حططتني عند نفسي مثلها ولا تحدث لي عزّاً ظاهراً اِلاّ أحدثت لي ذلّةً باطنة عند نفسي بقدرها».
12 ـ الاقتصاد في المأكل والمشرب ونحوهما: قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(وكلوا واشربوا ولا تُسرفوا اِنه لا يُحبُّ المُسرفين)
. وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «افطر رسول الله صلى الله عليه وآله عشيّة خميس في مسجد قبا فقال: هل من شراب؟ فأتاه أوس بن خولي الانصاري بعسِّ مخيض بعسل، فلما وضعه على فيه نحاه ثم قال: «شرابان يُكتفي بأحدهما عن صاحبه، لا أشربه ولا احرمه، ولكن أتواضع لله، فاَنّه مَنْ تواضع لله رفعه الله، ومن تكبَّر خفظه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذَّر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبَّه الله».
13 ـ اِنصاف النّاس ولو من النّفس: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «من واسى الفقير من ماله وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقّاً».
وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «سيّد الاَعمال اِنصاف النّاس من نفسك، ومواساة الاَخ في الله تعالى، وذكر الله تعالى على كلِّ حاله».
وعن الاِمام على عليه السلام أنّه قال: «ألا أنّه من ينصف النّاس من نفسه لم يَزِده الله اِلاّ عزّاً».
14 ـ العفّة: فعن الاِمام ابي جعفر عليه السلام أنّه قال: «أفضل العبادة عفّة البطن والفرج».
15 ـ اِشتغال الاِنسان بعيبه عن عيوب النّاس: فعن النّبي صلى الله عليه وآله: «طوبى لمن شغله خوف الله عزّ وجلّ عن خوف النّاس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين».
16 ـ التخلّق بمكارم الاَخلاق: قال الله تعالى يصف نبيّه الكريم:
(واِنّك لعلى خلقٍ عظيم)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «حسن الخلق خلق الله الاَعظم».
وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ألا أخبركم بأشبهكم لي؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: احسنكم خلقاً، وألينكم كنفاً، وابرَّكم بقرابته، وأشدَّكم حبّاً لاِخوانه في دينه، وأصبركم على الحقّ، واكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفواً، وأشدّكم من نفسه اِنصافاً في الرّضا والغضب».
وروي أنّه قيل له صلى الله عليه وآله: أيُّ المؤمنين أفضلهم اِيماناً؟ قال: «أحسنهم خلقاً».
وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «أكثر ما يلج الجنة: تقوى الله وحسن الخلق».
17 ـ الحلم: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ما أعزّ الله بجهلٍ قط ولا أذلَّ بحلم قط».
وعن الاِمام الرضا عليه السلام أنّه قال: «لا يكون الرجل عابداً حتّى يكون حليماً».
18 ـ حفظ القرآن الكريم والعمل به وقراءته: قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(اِن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصّلاة وأنفقوا ممّا رزقناهم سرّاً وعلانيةً يرجون تجارةً لن تبور)
وعن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله أنّه قال: «اِن اهل القرآن في أعلى درجةٍ من الاَدميّين ما خلا النبيّين والمرسلين» وعن الاِمام ابي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «الحافظ للقرآن والعامل به مع السَّفرة الكرام البَررَة» وعنه عليه السلام أيضاً: «من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بدمه ولحمه، وجعله الله مع السَّفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيجاً عنه يوم القيامة».
وهناك فضل خاص لقراءة سورٍ معيّنة من القرآن الكريم مذكور في كتب الحديث اِن شئت راجعتها.
19ـ زيارة النبيّ صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والزهراء والحسن والحسين والاَئمّة عليهم السلام، فعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «قال الحسين بن علي عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبَتِ ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من زارني، أو زار أباك، أو زارك، أو زار أخاك، كان حقّاً عليَّ أن ازوره يوم القيامة حتّى اُخلّصه من ذنوبه» وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام: «من زار قبر الحسين بن علي عليهما السلام عارفاً بحقّه كتب في عليِّين» وعنه عليه السلام: «من زار واحداً منّا كان كمن زار الحسين عليه السلام».
20 ـ الزهد في الدّنيا فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ازهد في الدّنيا يحبّك الله» وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «استحيوا من الله حقّ الحياء، قالوا: انّا لنستحي منه تعالى قال: فليس كذلك، تبنون ما لا تسكنون وتجمعون ما لا تأكلون» وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: «اِذا أراد الله بعبد خيراً زهّده في الدّنيا، ورغَّبه في الاَخرة، وبصَّرهُ بعيوب نفسه» وعن الاِمام على عليه السلام أنّه قال: «اِنَّ من أعون الاخلاق على الدّين الزهد في الدّنيا» وعنه عليه السلام أنّه قال: «اِنّ علامة الرّاغب في ثواب الاَخرة زهده في عاجل زهرة الدّنيا».
وعن الاِمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: «ما من عمل بعد معرفة الله عزّ وجلّ ومعرفة رسوله أفضل من بغض الدّنيا».
وروي أنّه قال رجل لاَبي عبدالله الصادق عليه السلام انّي لا ألقاك اِلاّ في السنين، فأوصِني بشيءٍ حتّى آخذ به. قال: «اُوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد، واِيّاك أن تطمع الى من فوقك وكفى بما قال الله عزّ وجلّ لرسول الله صلى الله عليه وآله
(ولا تمدَّن عينيك الى ما متعنا به ازواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا)
وقال:
(ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم)
فاِن خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله صلى الله عليه وآله فانّما كان قوته من الشّعير، وحلواه من التّمر، ووقوده من السعف. واذا اُصبت بمصيبةٍ في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه وآله فاِنَّ الخلائق لم يصابوا بمثله قط». وروي أنّه وقف الاِمام الكاظم عليه السلام على قبرٍ فقال: «اِن شيئاً هذا آخره لحقيقٌ أن يُزهد في أوّله واِنَّ شيئاً هذا أوّله لحقيقٌ أن يخاف من آخره».
21 ـ اِعانة المؤمن وتنفيس كربته واِدخال السرور عليه واِطعامه وقضاء حاجته: فعن الاِمام ابي عبدالله عليه السلام أنّه قال: «ما من مؤمنٍ يعين مؤمناً مظلوماً اِلاّ كان أفضل من صيام شهر رمضان واعتكافه في المسجد الحرام، وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته اِلاّ ونصره الله في الدّنيا والاَخرة، وما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته اِلاّ خذله الله في الدنيا والاَخرة».
وعنه عليه السلام أنه قال: «أيّما مؤمن نفّس عن مؤمنٍ كربة نفَّس الله عنه سبعين كربةً من كرب الدّنيا وكرب يوم القيامة».
وعنه عليه السلام أنّه قال: «من يسَّر على مؤمنٍ وهو معسر يسَّر له حوائجه في الدّنيا والاَخرة».
وعنه عليه السلام أنه قال: «واِنَّ الله عزّ وجل في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه المؤمن».
وعنه عليه السلام: «من سرَّ امرأً مؤمناً سرَّه الله يوم القيامة وقيل له تمنّ على الله ما أحببت فقد كنت تحبّ أن تسرَّ أولياؤه في دار الدّنيا».
وعنه عليه السلام: «مَنْ أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله ومَنْ أدخله على رسول الله فقد وصل ذلك الى الله وكذلك مَنْ أدخل عليه كرباً».
وعنه عليه السلام: « من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنّة، ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرّحيق المختوم، ومن كسا مؤمناً كساه الله من الثياب الخضر».
وعنه عليه السلام: « ما قضى مسلم لمسلم حاجة اِلاّ ناداه الله عليَّ ثوابك ولا أرضي لك بدون الجنّة».
22 ـ محاسبة النفس كل يوم: فقد روي أنّه أوصى النّبي صلى الله عليه وآله أبا ذر رضي الله عنه فقال: «يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب فاِنّه أهَوَن لحسابك غداً، وَزِنْ نفسك قبل أن توزن، وتجهّز للعرض الاَكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية».
وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: «يا أبا ذر لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يحاسب نفسه أشدُّ من محاسبة الشريك شريكه فيعلم من أين مطعمه ومن أين مشربه ومن أين ملبسه أمِن حلالٍ أو من حرامٍ، يا أبا ذر مَن لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله مِن اين أدخله النّار».
وعن الاِمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: «ابن آدم اِنّك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك وما كانت المحاسبة من همِّك، ابن آدم اِنّك ميِّت ومبعوث وموقوف بين يديّ الله فأعِدَّ جواباً».
23 ـ الاهتمام باُمور المسلمين: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: «مَنْ أصبح لا يهتمّ باُمور المسلمين فليس بمسلم». وعنه صلى الله عليه وآله: «من أصبح لا يهتّم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يُجبهُ فليس بمسلم».
وعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام: «اِنَّ المؤمن لترد عليه الحاجة لاَخيه فلا تكون عنده يهتمُّ بها قلبُهُ فيدخله الله تبارك وتعالى بهمِّه الجنّة».
24 ـ السخاء والكرم والاِيثار: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:
(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)
.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ما جعل الله أولياءه اِلاّ على السّخاء وحسن الخلق» وقال صلى الله عليه وآله: «اِن من موجبات المغفرة بذل الطعام واِفشاء السلام وحسن الكلام» وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «تجافوا عن ذنب السخي فاِنّ الله آخذ بيده كلما عثر».
وعنه صلى الله عليه وآله: «الجنّة دار الاَسخياء». وعنه صلى الله عليه وآله: «اِن افضل الناس ايماناً أبسطهم كفّاً».
25 ـ الاِنفاق على الاَهل والعيال: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «الكادُّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله» وقال صلى الله عليه وآله: «خيركم، خيركم لاَهله» وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ما أنفق الرجل على اهله فهو صدقة» وعنه صلى الله عليه وآله: «دينار أنفقته على أهلك ودينار أنفقته في سبيل الله ودينار انفقته في رقبة ودينار تصدّقت به على مسكين وأعظمُها أجراً الدينار الّذي أنفقته على أهلك».
26 ـ التّوبة من الذّنوب صغيرها وكبيرها والندم عليها: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(يا أيها الذين امنوا توبوا الى الله توبةً نصوحاً عسى ربكم أن يكفِّر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الانهار)
وقال تعالى:
(وتُوبوا الى الله جميعاً أيُّها المؤمنون لعلكم تفلحون)
وقال تعالى:
(اِن الله يحبُّ التوابين ويحبُّ المتطهِّرين)
وقال تعالى:
(وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون)
وقال تعالى:
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله اِنَّ الله يغفر الذّنوب جميعاً اِنّه هو الغفور الرّحيم)
.
وعن الاِمام الباقر عليه السلام انّه قال لمحمد بن مسلم: «يا محمد بن مسلم ذُنوب المؤمن اِذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التّوبة والمغفرة أما والله اِنّها ليست اِلاّ لاَهل الايمان. قلت فانّه يفعل ذلك مراراً يُذنب ثمَّ يتوب ويستغفر الله فقال: كلّما عاد المؤمن بالاِستغفار والتّوبة عاد الله عليه بالمغفرة» وعنه عليه السلام انّه قال: «التّائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذّنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ».
وعن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «ما من عبدٍ أذنب ذنباً فندم عليه اِلاّ غفر الله له قبل أن يستغفر» وعنه عليه السلام أنه قال: «اِن الله يفرح بتوبة عبده المؤمن اِذا تاب كما يفرح أحدكم بضالّته اذا وجدها».
وهناك من المعروف غير هذه نصّت عليها كتب الفقه والحديث فراجعها اِن شئت المزيد.
قلت لاَبي: الاَرقام الّتي مرّت أشارت لما هو من المعروف، أما المنكرات، أو ما يُعَدُّ من المنكر؟
قال: ما يعدُّ من المنكر كثير، ساُعدد لك بعضاً منها، ولكن بنفس الشرط السابق.
قلت: تقصد أن اعدك باِجتنابها والنّهي عنها؟
قال: نعم.
قلت: أعِدُك بذلك.
قال: اِذن اِليك بعضاً ممّا هو من المنكر.
وبدأ أبي يعدد مستعيناً بذاكرته وبمصادره ـ كما فعل سابقاً ـ فعدَّ من المنكر ما يأتي:
1 ـ الظلم: قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(وَسيعلمُ الّذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون)
.
عن الاِمام علي عليه السلام: «أعظم الخطايا اِقتطاع مال اِمرئٍ مسلم بغير حق».
وعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «لما حضرت علي بن الحسين الوفاة ضمَّني الى صدره ثمَّ قال: يا بُني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، مما ذكر انَّ أباه أوصاه به، قال: يا بُني اِيّاك وظلم من لا يجد عليك ناصراً اِلاّ الله».
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام: «من ظلم مظلمةً أُخِذَ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده».
وعنه عليه السلام انّه قال: « من اكل من مالِ أخيه ظلماً ولم يرده اِليه أكل جذوةً من النّار يوم القيامة».
2 ـ الاِعانة على الظلم والرّضا به: فعن النبي محمد صلى الله عليه وآله: «من مشى الى ظالم ليعينه، وهو يعلم أنّه ظالم، فقد خرج من الاِسلام» وعنه صلى الله عليه وآله: «شرُّ النّاس من باع آخرته بدنياه، وشر منه من باع آخرته بدنيا غيره».
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «العامل بالظلم والمعين له والرّاضي به شركاء ثلاثتهم» وعنه عليه السلام قال: «من عذر ظالماً بظلمه سلّط الله عليه من يظلمه، فاِن دعا لم يُستجب له» وعنه عليه السلام في وصيّته لاَصحابه: «واِيّاكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو عليكم فيستجاب له فيكم، فاِنّ أبانا رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول: اِن دعوة المسلم المظلوم مستجابة» وعنه عليه السلام أنه قال: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة بين عينيه مكتوب: آيسٌ من رحمة الله».
وعنه عليه السلام: يجيء يوم القيامة رجلٌ الى رجل حتّى يلطَّخه بدمه فيقول: يا عبدالله مالك ولي؟ فيقول أعنْتَ عليَّ يوم كذا وبكذا بكلمةٍ فقُتلت».
3 ـ كون الاِنسان ممّن ُيتّقى شره: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: «شرُّ النّاس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتّقاء شرَّهم».
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام: «مِن أبغض خلق الله عبدٌ اِتّقى النّاس لسانه»
4 ـ قطيعة الرّحم: قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(فَهل عَسيتم اِنْ تولَّيتُم أن تُفسدوا في الاَرض وتُقَطِّعوا أرْحامكم)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: «لا تقطع رحمك واِن قطعك».
وعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «في كتاب علي عليه السلام ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ أبداً حتى يرى وبالهُنَّ: البغي وقطعية الرّحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها».
وعن الاِمام أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال: «اِن رجلاً من خَثعَم جاء الى رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: يا رسول الله اخبرني ما أفضل الاِسلام؟ قال: الاِيمان بالله. قال: ثمّ ماذا؟ قال: صلة الرحم. قال: ثمّ ماذا؟ قال: الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: فقال الرجل: فاخبرني أيُّ الاَعمال أبغض الى الله؟ قال: الشرك بالله. قال: ثمّ ماذا؟ قال: قطيعة الرّحم. قال: ثمّ ماذا؟ قال: الاَمر بالمنكر والنهي عن المعروف».
5 ـ الغضب: فعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «اِن الرجل ليغضب فما يرضى أبداً حتّى يدخل النار، فأيما رجلٌ غضب على قومه وهو قائم فليجلس من فوره ذلك فاِنّه سيذهب عنه رجس الشيطان. وأيما رجل غضب على ذي رحم فليَدْنُ منه فليمسه فاِن الرّحم اذا مست سكنت».
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام: «الغضب مفتاح كلِّ شرّ».
6 ـ الاختيال والتكبّر: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(اُدخلوا أبواب جهنَّم خالدين فيها فبئس مثوى المُتكبِّرين)
.
وقال تعالى:
(ولا تُصَعِّر َخدَّكَ للنّاسِ ولا تَمشِ في الاَرضِ مَرَحاً اِنَّ الله لا يُحِبُّ كلَّ مُخْتالٍ فَخور)
.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «أكثر أهل جهنّم المتكبّرون».
وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «من مشى على الاَرض أختيالاً لعنته الاَرض ومن تحتها ومن فوقها».
وعنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «من تعظّم في نفسه واِختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان».
وعن الاِمامين الباقر والصادق عليهما السلام أنّهما قال: «لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرة من كبر».
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «الجبّارون أبعد النّاس من الله يوم القيامة».
7ـ أكل مال اليتم ظلماً: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(اِنَّ الّذين يأكُلون أموال اليتامى ظُلماً اِنّما يأكُلونَ في بُطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)
.
8 ـ اليمين الكاذبة: فعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال عن كتاب علي عليه السلام: «اِنَّ اليمين الكاذبة وقطعية الرّحم تذران الديار بلاقع من أهلها».
وعن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «من حلف على يمين وهو يعلم أنّه كاذب فقد بارز الله عزّ وجلّ».
9 ـ شهادة الزّور: قال الله تعالى في كتابه الكريم يصف المتّقين:
(والذينَ لا يشهدون الزّور واذا مرّوا باللغوا مرّوا كراماً)
.
وعن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ما من رجل شهد شهادة زور على مال رجل ليقطعه اِلاّ كتب الله عزّ وجل له مكاناً ضنكاً الى النار».
10 ـ المكر والخديعة: قال الله تعالى في كتابه المجيد:
(سيصيب الّذين أجرموا صغارٌ عند الله وعذابٌ شديدٌ بما كانوا يمكرون)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «ليس منّا من ماكَرَ مسلماً».
وعن الاِمام على عليه السلام أنّه قال: «لولا أنّ المكر والخديعة في النار لكنت أَمكَرَ العرب».
11 ـ تحقير المؤمن وخاصةً الفقير والاِستخفاف به: فعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام: «لاتحقِّروا مؤمناً فقيراً، فاِن من حقّر مؤمناً واستخفّ به حقَّره الله تعالى، ولم يزل ماقتاً له حتّى يرجع عن تحقيره أو يتوب».
وعنه عليه السلام: «من استذلّ مؤمناً وحقَّره لقلة ذات يده ولفقره شهَرهُ الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق».
12 ـ الحسد: قال الله تعالى في كتابه المجيد:
(ومن شرِّ حاسدٍ اِذا حسد)
.
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام: « اِنَّ الحسد ليأكل الاِيمان كما تأكل النّار الحطب » وعنه عليه السلام: « اِنَّ المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط ».
وعنه عليه السلام: «اُصول الكفر ثلاثة: الحرص والاستكبار والحسد».
13 ـ الغيبة والاستماع اليها: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(ولا تجسَّسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)
.
وعن الاِمام الصادق عليه السلام: « الغيبة حرام على كلِّ مسلم واِنّها لتأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب».
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله انّه قال: « ما عمّر مجلس بالغيبة اِلا خرب من الدين فنزهوا اسماعكم عن استماع الغيبة فان القائل والمستمع لها شريكان في الاثم ».
وعن الاِمام أبي جعفر عليه السلام: « من اغتيب عنده أخوه المؤمن فلم ينصره، ولم يُعِنه، ولم يدفع عنه، وهو يقدر على نصرته وعَوْنِه، حقَّره الله في الدّنيا والاَخرة ».
14ـ حُبُّ المال والحرص على الدّنيا: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فاُولئك هم الخاسرون)
وقال تعالى:
(واعلموا انّما أموالكم وأولادُكم فتنة)
.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: «من أصبح والدّنيا أكبر همّه فليس من الله في شيء» وعنه صلى الله عليه وآله: «لتأتينّكم بعدي دنياً تأكل ايمانكم كما تأكل النّار الحطب» وعنه صلى الله عليه وآله: «دعوا الدّنيا لاَهلها، من أخذ من الدّنيا فوق ما يكفيه فقد اخذ حتفه وهو لا يشعر».
وعنه صلى الله عليه وآله: «اِن الدينار والدّرهم أهلكا من كان قبلكم، وهما مهلكاكم».
وقال صلى الله عليه وآله: «من أحب دنياه أضرَّ باَخرته».
وعن الاِمام زين العابدين عليه السلام: «رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي النّاس».
وعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام: «بئس العبد عبد يكون له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذلّه».
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام: «حبّ الدّنيا راس كلِّ خطيئة».
15ـ الفحش والقذف وبذاءة اللسان والسَّب: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال لعائشة:
«يا عائشة... اِن الفحش لو كان مثالاً لكان مثال سوء» وعنه صلى الله عليه وآله: «اِن الله يبغض الفاحش البذيء والسائل الملحف» وعنه صلى الله عليه وآله: «اِن من أشرِّ عباد الله من تكره مجالسته لفحشه» وعنه صلى الله عليه وآله: «سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه».
وروي عن عمرو بن نعمان الجعفي: أنّه قال: «كان لاَبي عبدالله عليه السلام صديق لا يكاد يفارقه فقال يوماً لغلامه: يا بن الفاعلة أين كنت؟ قال: فرفع أبو عبدالله عليه السلام يده فصكّ بها جبهة نفسه ثمّ قال: سبحان الله تقذف اُمّه! قد كنت ارى لك ورعاً، فاذا ليس لك ورع، فقال: جعلت فداك اِن اُمّه سنديّة مشركة.. فقال عليه السلام: أما علمت أن لكلِّ اُمَّة نكاحاً، تنحَّ عني. فما رأيته يمشي معه حتّى فرّق بينهما الموت».
16 ـ عقوق الوالدين: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:
(وقضى ربُّك ألاّ تعبُدوا اِلاّ اِيّاه وبالوالدين اِحساناً اِمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً)
.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: «اِيّاكم وعقوق الوالدين».
وعنه صلى الله عليه وآله: «مَنْ أصبح مسخطاً لاَبويه أصبح له بابان مفتوحان الى النّار».
وعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام: اِن أبي عليه السلام نظر الى رجل ومعه ابنه يمشي والابن متّكىء على ذراع الاَب، قال فما كلّمه أبي مقتاً له حتّى فارق الدّنيا».
وعن الاِمام الصادق عليه السلام: «من نظر الى أبَوَيْه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة» وعنه عليه السلام: «لو علم الله شيئاً هو أدنى من اُفٍّ لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق... ومن العقوق ان ينظر الرجل الى والديه فيحدّ النظر اليهما».
17ـ الكذب: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(اِنّما يفتري الكذب الّذين لا يُؤمنون)
وقال تعالى:
(فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم الى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون)
.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدِّق، وأنت له به كاذب».
وعنه صلى الله عليه وآله: «الكذب ينقص الرّزق».
وعن الاِمام علي عليه السلام: «لا يجد العبد طعم الاِيمان حتّى يترك الكذب هزلة وجدّه».
وعن الاِمام السجاد عليه السلام: «اتّقوا الكذب الصغير منه والكبير، في كلّ جدٍّ وهزل، فاِنّ الرّجل اذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير».
وعن الاِمام العسكري عليه السلام: «جعلت الخبائث كلّها في بيت وجعل مفتاحها الكذب».
18 ـ خلف الوعد: قال الله تعالى في كتابه الكريم:
(فأعقبهُم نفاقاً في قلوبهم الى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه)
وعن النبي محمد صلى الله عليه وآله أنّه قال: «من كان يؤمن بالله وباليوم الاَخر فليف اذا وعد» وعنه صلى الله عليه وآله: «أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً ومن كانت فيه خلّة منهّن كانت فيه خلّة من النفاق حتّى يدعها: اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا عاهد غدر، واذا خاصم فجر».
19 ـ الاِصرار على الذّنب بتكرار ارتكابه وعدم تركه وعدم النّدم على فعله: قال الله سبحانه وتعالى:
(والذين اذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفرُ الذنوب اِلاّ الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجناتٌ تجري من تحتها الاَنهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين)
.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: «اِن من جملة علامات الشقاء الاِصرار على الذنب».
وعن الاِمام علي عليه السلام: «أعظم الذنوب ذنب أصرَّ عليه صاحبه».
وعن أبي عبدالله الصادق عليه السلام: «لا والله، لا يقبل الله شيئاً من طاعته مع الاِصرار على شيء من معاصيه».
20ـ احتكار الطعام بقصد زيادة سعره: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: «أيما رجل اشترى طعاماً فحبسه أربعين صباحاً، يريد به غلاء المسلمين، ثمّ باعه فتصدّق بثمنه لم يكن كفارة لما صنع».
وعنه صلى الله عليه وآله: «من احتكر فوق اربعين يوماً حرَّم الله عليه ريح الجنّة».
وعنه صلى الله عليه وآله: «من حبس طعاماً يتربّص به الغلاء أربعين يوماً، فقد برئ من الله وبرئ منه».
21ـ الغش: فعن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: «مَنْ غشَّ مسلماً في شراء أو بيع فليس منّا» وقال صلى الله عليه وآله: «ألا ومن غشّنا فليس منّا». قالها ثلاث مرّات. «ومن غشّ أخاه المسلم، نزع الله بركة رزقه، وأفسد عليه معيشته، ووكّله الى نفسه».
وعن الاِمام الباقر عليه السلام أنه قال: «مَرَّ النبي صلى الله عليه وآله في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه: ما أرى طعامك اِلاّ طيّباً، وسأله عن سعره. فأوحى الله عزّ وجلّ اليه أن يدسَّ يده في الطعام، ففعل، فأخرج طعاماً رديّاً فقال لصاحبه: ما أراك اِلاّ وقد جمعت خيانة وغشاً للمسلمين».
22 ـ الاَسراف وعدم الاِقتصاد والتبذير واتلاف المال ولو كان قليلاً: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:
(وَكُلوا وأشربوا ولا تُسرفوا اِنّه لا يُحبُّ المسرفين)
وقال تعالى:
(واِنّ المسرفين هم أصحاب النار)
وقال تعالى:
(اِنَّ المبذِّرين كانوا اِخوان الشياطين وكان الشيطان لربِّه كفورا)
.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: «اِن الله اذا اراد بعبد خيراً، ألْهمه الاِقتصاد، وحسن التدبير وجنّبه سوء التّدبير، والاِسراف».
وعن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «أترى الله تعالى أعطى من أعطى من كرامة عليه، ومنع من منع من هوان به عليه؟ ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، وجوَّز لهم أن يأكلوا قصداً، ويشربوا قصداً، وينكحوا قصداً، ويركبوا قصداً ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، ويلمّوا به شعثهم، فمن فعل ذلك، كان ما يأكل حلالاً، ويركب حلالاً، وينكح حلالاً، ومن عدا ذلك كان عليه حراماً، ثمّ قال عليه السلام:
(ولا تسرفوا اِن الله لا يحبّ المسرفين)
».
وعنه عليه السلام: «اِن القصد امرٌ يحبّه الله عزّ وجلّ واِن السرف يبغضه حتّى طرحك النواة فاِنّها تصلح لشيءٍ، وحتّى صبّك فضل شرابك».
23 ـ ترك أحد الواجبات: كترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من الواجبات: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «من ترك الصلاة متعمداً فقد برئ من ذمّة الله وذمّة رسوله».
وعن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «ولا ينظر الله الى عبده ولا يزكّيه لو ترك فريضة من فرائض الله، أو ارتكب كبيرة من الكبائر».
وعنه عليه السلام: أنّ الله أمَرَه بأمرٍ وأمَرَه اِبليس بأمرٍ، فترك ما أمَرَ الله عزّ وجلّ به وصار الى ما أمر به اِبليس، فهذا مع اِبليس في الدرك السابع من النار».
وهناك غير هذه وتلك لا يسع المجال لذكرها هنا، فراجعها اِن اِن شئت في كتب الحديث والفقه.
قال ذلك أبي، ثمَّ أضاف مؤكداً بحزم بينما راحت وتائر صوته تكتسي طابع صراحةٍ رزينة مؤثّرة.
قال: سأختتم حواريّة الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكلام لاَحد أكابر المجتهدين قدس سره جاء فيه: «اِن من أعظم افراد الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأعلاها وأتقنها وأشدّها، خصوصاً بالنسبة الى رؤساء الدين: أن يلبس رداء المعروف واجبه ومندوبة وينزع رداء المنكر محرّمه ومكروهه، ويستكمل نفسه بالاَخلاق الكريمة، وينزّهها عن الاَخلاق الذميمة فاِن ذلك منه سببٌ تام لفعل النّاس المعروف ونزعهم المنكر، خصوصاً اذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرِّغبة والمرِّهبة فاِن لكل مقام مقالاً، ولكل داء دواء. وطبّ النفوس والعقول أشدٌّ من طبّ الاَبدان بمراتب كثيرة. وحينئذٍ يكون قد جاء بأعلى افراد الاَمر بالمعروف والنّهي عن المنكر».
وبحواريّة الاَمّر بالمعروف والنّهي عن المنكر سننهي حواريّاتنا ـ قال أبي ـ راجياً من الله عزّ وجلّ أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، نافعة لك ولاِخوانك المؤمنين، وسأخصِّص حواريّة غدٍ للاِجابة عن اسئلة عامّة تختارها أنت قد تكون اغفلت الاِجابة عنها حواريّاتنا السابقة أو أوجزتها أو قد تكون هذه الاَسئلة خارج نطاق بحث الحواريّات مارّة الذّكر.
قلت: فكرة جيّدة، وأتوقّع أن تكون مفيدة.
قال: فاِلى جلسة يوم غد اِن شاء الله.. الى جلسة الغد والحوارية العامّة.
* * * * *