والشطرنج والنرد وما أشبه ذلك ـ حرام ، وبيعه وابتياعه حرام (1) ، انتهى.
وفي النهاية : وعمل الأصنام والصلبان والتماثيل المجسمة والصور والشطرنج والنرد وسائر أنواع القمار ـ حتى لعب الصبيان بالجوز ـ والتجارة فيها والتصرف فيها والتكسب بها محظور (2) ، انتهى. ونحوها ظاهر السرائر (3).
[ ما يمكن أن يستدلّ به لحرمة الاقتناء ] ويمكن أن يستدل للحرمة ـ مضافا إلى أن الظاهر من تحريم عمل الشيء مبغوضية وجود المعمول ابتداء واستدامة ـ بما تقدم فيصحيحة ابن مسلم من قوله عليه السلام : لا بأس ما لم يكن حيوانا (4) ، بناء على أن الظاهر من سؤال الراوي عن التماثيل سؤاله عن حكم الفعل المتعارف المتعلق بها العام البلوى ، وهو الاقتناء ، وأما نفس الإيجاد فهو عمل مختص بالنقاش ، ألا ترى أ نه لوسئل عن الخمر فأجاب بالحرمة ، أو عن العصير فأجاب بالإباحة ، انصرف الذهن إلى شربهما ، دون صنعتهما ، بل ما نحن فيه أولى بالانصراف ، لأن صنعة العصير والخمر يقع من كل أحد ، بخلاف صنعة التماثيل.
وبما (5) تقدم من الحصر في قوله عليه السلام ـ في رواية تحف العقول ـ :
1 ـ المقنعة : 587.
2 ـ النهاية : 363.
3 ـ السرائر 2 : 215.
4 ـ تقدمت في الصفحة : 185 ، بلفظ لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان.
5 ـ عطف على قوله : ويمكن أن يستدل للحرمة.
(192)
إنما حرم الله الصناعة التي يجيء منها الفساد محضا ، ولا يكون منه وفيه شيء منوجوه الصلاح [ إلى قوله عليه السلام : يحرم جميع التقلب فيه ] (1) ، فإن ظاهره أنكل ما يحرم صنعته ـ ومنها (2) التصاوير ـ يجيء منها (3) الفساد محضا ، فيحرم جميع التقلب فيه بمقتضى ما ذكر في الرواية بعد هذه الفقرة.
وبالنبوي : لا تدع صورة إلا محوتها ولا كلبا إلا قتلته (4) ، بناء على إرادة الكلب الهراش المؤذي ، الذي يحرم اقتناؤه.
وما عن قرب الإسناد بسنده عن علي بن جعفر عليه السلام عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن التماثيل هل يصلح أن يلعب بها ؟ قال : لا (5).
وبما ورد في إنكار أن المعمول لسليمان على نبينا وآله وعليه السلام هي تماثيل الرجال والنساء (6) ، فإن الإنكار إنما يرجع إلى مشيئة (7) سليمان للمعمول
1 ـ لم يرد ما بين المعقوفتين في ش ، وفي ن عليه علامة ( ز ) أي زائد ، ووردت في نسخة ف في الهامش.
2 و 3 ـ كذا في النسخ ـ في الموضعين ـ والمناسب : منه.
4 ـ الوسائل 3 : 562 ، الباب 3 من أبواب أحكام المساكن ، الحديث 8 ، وفيه : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة ، فقال : لا تدع صورة إلا محوتها ولا قبرا إلا سويته ، ولا كلبا إلا قتلته.
5 ـ قرب الإسناد : 265 ، الحديث 1165 ، والوسائل 12 : 221 ، الباب 94 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 10.
6 ـ الوسائل 3 : 561 ، الباب 3 من أبواب أحكام المساكن ، الحديث 4 ، 6.
7 ـ في ف : إلى أن مشية.
(193)
ـ كما هو ظاهر الآية (1) ـ دون أصل العمل ، فدل على كون مشيئة وجود التمثال من المنكرات التي لا تليق بمنصب النبوة.
وبمفهوم صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام : لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت إذا غيرت رؤوسها وترك ما سوى ذلك (2).
ورواية المثنى عن أبي عبد الله عليه السلام : أن عليا عليه السلام يكره (3) الصور في البيوت (4) بضميمة ما ورد في رواية اخرى ـ مروية في باب الربا ـ : أن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال (5).
ورواية الحلبي ـ المحكية عن مكارم الأخلاق ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اهديت إلي طنفسة من الشام فيها تماثيل طائر ، فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر (6).
هذا ، وفي الجميع نظر :
[ المناقشة في أدلّة حرمة الاقتناء ] أما الأول ، فلأن الممنوع هو إيجاد الصورة ، وليس وجودها مبغوضا حتى يجب رفعه.
1 ـ سبأ : 13.
2 ـ الوسائل 3 : 564 ، الباب 4 من أبواب أحكام المساكن ، الحديث 3.
3 ـ في المصدر : كره.
4 ـ الوسائل 3 : 561 ، الباب 3 من أبواب أحكام المساكن ، الحديث 3.
5 ـ الوسائل 12 : 447 ، الباب 15 من أبواب الربا ، ذيل الحديث الأول ، ولفظه هكذا : ولم يكن علي عليه السلام يكره الحلال.
6 ـ مكارم الأخلاق : 132 ، والوسائل 3 : 565 ، الباب 4 من أبواب أحكام المساكن ، الحديث 7.
(194)
نعم ، قد يفهم الملازمة من سياق الدليل أو من خارج ، كما أن حرمة إيجاد النجاسة في المسجد يستلزم مبغوضية وجودها فيه ، المستلزم لوجوب رفعها.
وأما الروايات ، فالصحيحة الاولى (1) غير ظاهرة في السؤال عن الاقتناء ، لأن عمل الصور مما هو مركوز في الأذهان ، حتى أن السؤال عن حكم اقتنائها بعد معرفة حرمة عملها ، إذ لا يحتمل حرمة اقتناء ما لا يحرم عمله.
وأما الحصر في رواية تحف العقول ، فهو ـ بقرينة الفقرة السابقة منها ، الواردة في تقسيم الصناعات إلى ما يترتب عليه الحلال والحرام ، وما لايترتب عليه إلا الحرام ـ إضافي بالنسبة إلى هذين القسمين ، يعني لم يحرم من القسمين إلا ما ينحصر فائدته في الحرام ولا يترتب عليه إلا الفساد.
نعم ، يمكن أن يقال : إن الحصر وارد في مساق التعليل وإعطاء الضابطة للفرق بين الصنائع ، لا لبيان حرمة خصوص القسم المذكور. وأما النبوي ، فسياقه ظاهر في الكراهة ، كما يدل عليه عموم الأمر بقتل الكلاب ، وقوله عليه السلام في بعض هذه الروايات : ولا قبرا إلا سويته (2).
1 ـ أي : صحيحة محمد بن مسلم ، المتقدمة في الصفحة : 185.
2 ـ هذا شطر من الحديث النبوي المتقدم ـ كما في المصادر الحديثية ـ وقد أورده المؤلف قدس سره سابقا بدون هذه الفقرة ، وظاهر عبارته هنا أنه شطر من حديث آخر ، ويحتمل ـ بعيدا ـ وقوع التحريف في العبارة ، بأن يكون الصحيح : في
(195)
وأما رواية علي بن جعفر ، فلا تدل إلا على كراهة اللعب بالصورة ، ولا نمنعها ، بلولا الحرمة إذا كان اللعب على وجه اللهو.
وأما ما في تفسير الآية ، فظاهره رجوع الإنكار إلى مشيئة سليمان على نبينا وآله وعليه السلام لعملهم ، بمعنى إذنه فيه ، أو إلى تقريره لهم في العمل.
وأما الصحيحة (1) ، فالبأس فيها محمول على الكراهة لأجل الصلاة أو مطلقا ، مع دلالته على جواز الاقتناء ، وعدم وجوب المحو.
وأما ما ورد من أن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال ، فمحمول على المباح المتساوي طرفاه ، لأنه صلوات الله عليه كان يكره المكروه قطعا.
وأما رواية الحلبي ، فلا دلالة لها على الوجوب أصلا.
[ معارضة روايات حرمة الاقتناء مع روايات الجواز ] ولو سلم الظهور في الجميع ، فهي معارضة بما هو أظهر وأكثر ، مثل : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام : ربما قمت اصلي وبين يدي الوسادة فيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا (2).
ورواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام : عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل طير أو سبع ، أيصلى فيه ؟ قال : لا بأس (3).
وعنه ، عن أخيه عليه السلام : عن البيت فيه صورة سمكة أو طير
ذيل هذه الرواية بدل قوله : بعض هذه الروايات.
1 ـ أي صحيحة زرارة المتقدمة في الصفحة : 193.
2 ـ الوسائل 3 : 461 ، الباب 32 من أبواب مكان المصلي ، الحديث 2.
3 ـ الوسائل 3 : 463 ، الباب 32 من أبواب مكان المصلي ، الحديث 10 ، باختلاف يسير.
(196)
يعبث به أهل البيت ، هل يصلى فيه ؟ قال : لا ، حتى يقطع رأسه ويفسد (1).
ورواية أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوسادة والبساط يكون فيه التماثيل ، قال : لا بأس به يكون في البيت. قلت : التماثيل (2) ؟ قال : كل شيء يوطأ فلا بأس به (3). وسياق السؤال مع عموم الجواب يأبى عن تقييد الحكم بما يجوز عمله ، كمالا يخفى.
ورواية اخرى لأبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنا نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل ونفترشها (4) ؟ قال : لا بأس منها بما يبسط ويفترش ويوطأ ، وإنما يكره منها ما نصب على الحائط وعلى السرير (5).
وعن قرب الإسناد ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل كان في بيته تماثيل أو في ستر ولم يعلم بها وهو يصلي في ذلك البيت ، ثم علم ، ما عليه ؟ قال عليه السلام : ليس عليه
1 ـ الوسائل 3 : 463 ، الباب 32 من أبواب مكان المصلي ، الحديث 12 ، مع اختلاف.
2 ـ كذا في ف والمصدر ، وفي سائر النسخ : ما التماثيل.
3 ـ الوسائل 3 : 564 ، الباب 4 من أبواب أحكام المساكن ، الحديث 2.
4 ـ كذا في ف والمصدر ، وفي ن و خ و م و ع و ش : نفرشها ، وفي ص : نفرشها ، نفترشها ( خ ل ).
5 ـ الوسائل 12 : 220 ، الباب 94 من أبواب ما يكتسب به ، الحديث 4 ، مع اختلاف.
(197)
فيما لم يعلم شيء ، فإذا علم فلينزع الستر ، وليكسر رؤوس التماثيل (1).
فإن ظاهره : أن الأمر بالكسر ، لأجل كون البيت مما يصلى فيه ، ولذلك لم يأمر عليه السلام بتغيير ما على الستر واكتفى بنزعه.
ومنه يظهر أن ثبوت البأس في صحيحة زرارة ـ السابقة (2) ـ مع عدم تغيير الرؤوس إنما هو لأجل الصلاة.
[ مختار المؤلّف ] وكيف كان ، فالمستفاد من جميع ما ورد من الأخبار الكثيرة في كراهة الصلاة في البيت الذي فيه التماثيل إلا (3) إذا غيرت ، أو كانت بعين واحدة ، أو القي عليها ثوب (4) جواز اتخاذها. وعمومها يشمل المجسمة وغيرها.
ويؤيد الكراهة : الجمع بين اقتناء الصور والتماثيل في البيت واقتناء الكلب والإناء المجتمع فيه البول في الأخبار الكثيرة :
مثل ما روي عنهم عليهم السلام ـ مستفيضا ـ عن جبرئيل على نبينا وآله وعليه السلام : أنا لا ندخل بيتا فيه صورة إنسان ، ولا بيتا يبال فيه ، ولا بيتا فيه كلب (5).
1 ـ قرب الإسناد : 186 ، الحديث 692 ، والوسائل 3 : 321 ، الباب 45 من أبواب لباس المصلي ، الحديث 20.
2 ـ تقدمت في الصفحة : 193.
3 ـ إلا من ش ومصححة ن.
4 ـ انظر الوسائل 3 : 317 ، الباب 45 من أبواب لباس المصلي ، و 461 ، الباب 32 من أبواب مكان المصلي.
5 ـ الوسائل 3 : 465 ، الباب 33 من أبواب مكان المصلي ، الحديث 3.
(198)
وفي بعض الأخبار إضافة الجنب إليها (1) ، والله العالم بأحكامه.
1 ـ الوسائل 3 : 465 ، الباب 33 من أبواب مكان المصلي ، الحديث 6.
[ حرمة التطفيف ] التطفيف حرام ، ذكره في القواعد في المكاسب (1) ، ولعله استطراد ، أو المراد اتخاذه كسبا ، بأن ينصب نفسه كيالا أو وزانا ، فيطفف للبائع.
[ إلحاق البخس في العدّ والذرع بالتطفيف حكماً ] وكيف كان ، فلا إشكال في حرمته ، ويدل عليه (2) الأدلة الأربعة. ثم إن البخس في العد والذرع يلحق به حكما ، وإن خرج عن موضوعه.
[ لووازان الربوي بجنسه فطفّف في أحدهما ] ولو وازن الربوي بجنسه فطفف في أحدهما :
فإن جرت المعاوضة على الوزن المعلوم الكلي ، فيدفع الموزون على أنه بذلك الوزن ، اشتغلت ذمته بما نقص.
وإن جرت على الموزون المعين باعتقاد المشتري أنه بذلك الوزن ، فسدت المعاوضة في الجميع ، للزوم الربا.
ولو جرت عليه على أنه بذلك الوزن ، بجعل (3) ذلك عنوانا للعوض
1 ـ القواعد 1 : 121.
2 ـ كذا ، والمناسب : عليها.
3 ـ كذا في ف و ش ، وفي غيرهما : يجعل.
(200)
فحصل الاختلاف بين العنوان والمشار إليه ، لم يبعد الصحة.
ويمكن ابتناؤه على أن لاشتراط المقدار مع تخلفه قسطا من العوض أم لا ؟ فعلى الأول يصح ، دون الثاني.