أقسام العمرة
مسألة 135 : العمرة كالحج، فقد تكون واجبة وقد تكون
مندوبة، وقد تكون مفردة وقد تكون متمتعاً بها.
مسألة 136 : تجب العمرة كالحج على كل مستطيع واجد
للشرائط، ووجوبها فوري كفورية وجوب الحج، فمن
استطاع لها ـ ولو لم يستطع للحج ـ وجبت عليه.
نعم، الظاهر عدم وجوب العمرة المفردة على من كانت
وظيفته حج التمتع ولم يكن مستطيعاً له ولكنه استطاع
لها.
وعليه، فلا يجب الإستئجار لها من مال الشخص إذا
استطاع ومات قبل الموسم، كما لا تجب على الأجير للحج
بعد فراغه من عمل النيابة، وإن كان مستطيعاً من
الإتيان بها، ولكن الاحتياط بذلك كله مما لا ينبغي
تركه.
وأما من أتى بحج التمتع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة
المفردة جزماً.
مسألة 137 : يستحب الإتيان بالعمرة المفردة في كل شهر
من شهور العام، ولا يعتبر الفصل بين عمرة وأخرى
بثلاثين يوماً، فيجوز الإتيان بعمرة في شهر وإن كان
في آخره وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في أوله.
ولا يجوز الإتيان بعمرتين في شهر واحد فيما إذا كانت
العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر، وإن كان لا
بأس بالإتيان بالثانية رجاءاً، ولا يعتبر هذا فيما
إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو
كانت كلتاهما عن شخصين غيره.
وفي اعتبار ما ذكر من الفصل بين العمرة المفردة و
عمرة التمتع إشكال، فالأحوط لمن اعتمر عمرة التمتع في
ذي الحجة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة بعد أعمال
الحج أن يؤخرها إلى محرم، ولمن أتى بعمرة مفردة في
شوال مثلاً وأراد الإتيان بعمرة التمتع بعدها أن لا يأتي بها في نفس الشهر.
وأما الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج
فالظاهر أنه يوجب بطلان عمرة التمتع، فتلزم إعادتها.
نعم، إذا بقي في مكة إلى يوم التروية قاصداً للحج
كانت العمرة المفردة متعته فيأتي بحج التمتع بعدها.
مسألة 138 : كما تجب العمرة المفردة بالإستطاعة، كذلك
تجب بالنذر أو الحلف أو العهد أو غير ذلك.
مسألة 139 : تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في
أعمالها، وسيأتي بيان ذلك، وتفترق عنها في أمور:
(1) أن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء، ولا يجب
ذلك لعمرة التمتع.
(2) أن عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج، وهي:
شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، وتصح العمرة
المفردة في جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب.
(3) ينحصر الخروج عن الإحرام في عمرة التمتع بالتقصير
فقط، ولكن الخروج عن الإحرام في العمرة المفردة
يتحقق بالتقصير وبالحلق، والحلق أفضل.
هذا بالنسبة إلى الرجال، وأما النساء فيتعين عليهن
التقصير مطلقاً.
(4) يجب أن تقع عمرة التمتع والحج في سنة واحدة على
ما يأتي، وليس كذلك في العمرة المفردة، فمن وجب
عليه حج الإفراد والعمرة المفردة صح منه أن يأتي بالحج في سنة
، والعمرة في سنة أخرى.
(5) أن من جامع في العمرة المفردة عالماً عامداً قبل
الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، ووجبت عليه
الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه
، وأما من جامع في عمرة التمتع فحكمه غير ذلك، و
سيأتي في المسألة 220.
مسألة 140 : يجب الإحرام للعمرة المفردة من نفس
المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع ويأتي بيانها.
نعم، إذا كان المكلف في مكة وأراد الإتيان بالعمرة
المفردة جاز له أن يحرم من أدنى الحل، كالحديبية و
الجعرانة والتنعيم، ولا يجب عليه الرجوع إلى
المواقيت والاحرام منها، ويستثنى من ذلك من أفسد عمرته
المفردة بالجماع قبل السعي، فانه يجب عليه الاحرام للعمرة
المعادة من أحد المواقيت، ولا يجزيه الاحرام من أدنى
الحل على الاحوط، كما سيأتي في المسالة 223.
مسألة 141 : لا يجوز دخول مكة بل ولا دخول الحرم إلا
محرماً، فمن أراد الدخول فيهما في غير أشهر الحج وجب
عليه أن يحرم للعمرة المفردة، ويستثنى من ذلك من
يتكرر منه الدخول والخروج لحاجة كالحطاب والحشاش و
نحوهما، وكذلك من خرج من مكة بعد إتمامه أعمال عمرة
التمتع والحج، أو بعد العمرة المفردة، فانه يجوز له العود
اليها من دون احرام قبل مضي الشهر الذي أدى فيه عمرته،
ويأتي حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع وقبل الحج في المسألة 154.
مسألة 142 : من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقي في
مكة إلى يوم التروية وقصد الحج كانت عمرته متعة ،
فيأتي بحج التمتع، ولا فرق في ذلك بين الحج الواجـب
والمندوب.
أقسام الحج
مسألة 143 : أقسام الحج ثلاثة : تمتع، وإفراد،
وقران.
والأول فرض من كان البعد بين أهله ومكة أكثر من ستة
عشر فرسخاً.
والآخران فرض أهل مكة ومن يكون البعد بين أهله ومكة
أقل من ستة عشر فرسخاً.
مسألة 144 : لا يجزي حج التمتع عمن فرضه الإفراد أو
القران، كما لا يجزي حج القران أو الإفراد عمن فرضه
التمتع، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع إلى الإفراد كما
سيأتي.
هذا بالنسبة إلى حجة الإسلام، وأما بالنسبة إلى الحج
المندوب والمنذور مطلقاً والموصى به كذلك من دون
تعيين فيتخير فيها البعيد والحاضر بين الأقسام
الثلاثة، وإن كان الأفضل التمتع.
مسألة 145 : إذا أقام البعيد في مكة انتقل فرضه إلى حج
الإفراد أو القران بعد الدخول في السنة الثالثة، و
أما قبل ذلك فيجب عليه حج التمتع، ولا فرق في ذلك
بين أن تكون استطاعته ووجوب الحج عليه قبل إقامته في
مكة أو في أثنائها، كما لا فرق فيه بين أن تكون إقامته
بقصد التوطن أم لا، وكذلك الحال فيمن أقام في غير مكة من الاماكن
التي يكون البعد بينها وبين مكة أقل من ستة عشر فرسخاً.
مسألة 146 : إذا أقام في مكة وأراد أن يحج حج التمتع
قبل انقلاب فرضه إلى حج الإفراد أو القران، قيل :
يجوز له أن يحرم لعمرة التمتع من أدنى الحل، ولكنه
لا يخلو عن إشكال، والأحوط أن يخرج إلى أحد المواقيت
فيحرم منه، بل الأحوط أن يخرج إلى ميقات أهل بلده ،
والظاهر أن هذا حكم كل من كان في مكة وأراد الاتيان بحج
التمتع ولو مستحبّاً.
حج التمتع
مسألة 147 : يتألف هذا الحج من عبادتين : تسمى أولاهما
بالعمرة، والثانية بالحج، وقد يطلق حج التمتع على
الجزء الثاني منهما، ويجب الإتيان بالعمرة فيه قبل
الحج.
مسألة 148 :
تجب في عمرة التمتع خمسة أمور :
الأمر الأول : الإحرام من أحد المواقيت، وستعرف
تفصيلها.
الأمر الثاني : الطواف حول البيت.
الأمر الثالث : صلاة الطواف.
الأمر الرابع : السعي بين الصفا والمروة.
الأمر الخامس : التقصير وهو قص بعض شعر الرأس أو
اللحية أو الشارب، فإذا أتى المكلف به خرج من إحرامه
، وحلت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب
الإحرام.
مسألة 149 : يجب على المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج
فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام،
وواجبات الحج ثلاثة عشر، وهي كما يلي :
1 ـ الإحرام من مكة، على تفصيل يأتي.
2 ـ الوقوف في عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة
الحرام من بعد ما يمضي من زوال الشمس مقدار الإتيان
بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر ـ جمعاً ـ إلى
المغرب، وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة.
3 ـ الوقوف في المزدلفة شطراً من ليلة العيد إلى قبيل
طلوع الشمس، وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة.
4 ـ رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، ومنى على بعد
فرسخ واحد من مكة تقريباً.
5 ـ النحر أو الذبح في منى يوم العيد أو في أيام
التشريق.
6 ـ الحلق أو التقصير في منى، وبذلك يحل له ما حرم
عليه من جهة الإحرام، ما عدا النساء والطيب، وكذا
الصيد على الأحوط.
7 ـ طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.
8 ـ صلاة الطواف .
9 ـ السعي بين الصفا والمروة، وبذلك يحل الطيب
أيضاً.
10 ـ طواف النساء .
11 ـ صلاة طواف النساء، وبذلك تحل النساء أيضاً.
12 ـ المبيت في منى ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني
عشر، بل وليلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.
13 ـ رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني
عشر، بل وفي اليوم الثالث عشر أيضاً، فيما إذا بات
المكلف هناك على الأظهر.
مسألة 150 :
يشترط في حج التمتع أمور
:
1 ـ النية، بأن يقصد الإتيان بحج التمتع بعنوانه ،
فلو نوى غيره أو تردد في نيته لم يصح حجه.
2 ـ أن يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج، فلو
أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة.
3 ـ أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، فلو أتى
بالعمرة وأخر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع ،
ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكة إلى السنة القادمة
وبين أن يرجع إلى أهله ثم يعود إليها، كما لا فرق
بين أن يحل من إحرامه بالتقصير وبين أن يبقى محرماً الي السنة القادمة.
4 ـ أن يكون إحرام حجه من مكة مع الاختيار، وأفضل
مواضعها المسجد الحرام، وإذا لم يمكنه الإحرام من
مكة ـ لعذر ـ أحرم من أي موضع تمكن منه.
5 ـ أن يؤدي مجموع عمرته وحجه شخص واحد عن شخص واحد ،
فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت أو حي أحدهما
لعمرته والآخر لحجه لم يصح ذلك، وكذلك لو حج شخص و
جعل عمرته عن واحد وحجه عن آخر لم يصح.
مسألة 151 : إذا فرغ المكلف من أعمال عمرة التمتع لم
يجز له الخروج من مكة لغير الحج على الأحوط، إلا أن
يكون خروجه لحاجة ـ وإن لم تكن ضرورية ـ ولم يخف
فوات أعمال الحج، وفي هذه الحالة إذا علم أنه يتمكن
من الرجوع إلى مكة والإحرام منها للحج فالأظهر جواز خروجه
محلاً، وان لم يعلم بذلك احرام للحج وخرج لحاجته،
والظاهر أنه لا يجب عليه حينئذ الرجوع الى مكة،
بل له ان يذهب الى عرفات من مكانه.
هذا، ولا يجوز لمن أتى بعمرة التمتع أن يترك الحج
اختياراً ولو كان الحج استحبابياً، نعم إذا لم يتمكن
من الحج فالأحوط أن يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف
النساء.
مسألة 152 : يجوز للمتمتع أن يخرج من مكة قبل إتمام
أعمال عمرته إذا كان متمكناً من الرجوع اليها على
الأظهر، وان كان الأحوط تركه.
مسألة 153 : المحرم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من
أعمال العمرة أنما هو الخروج عنها إلى محل آخر، وأما
المحلات المستحدثة التي تعد جزءاً من المدينة المقدسة
في العصر الحاضر فهي بحكم المحلات القديمة في ذلك،
وعليه فلا بأس للحاج أن يخرج إليها بعد الفراغ من عمرته لحاجة أو بدونها.
مسألة 154 : إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال
العمرة من دون إحرام، ففيه صورتان :
الأولى : أن يكون رجوعه قبل مضي الشهر الذي اعتمر فيه
، ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكة بدون إحرام ،
فيحرم منها للحج، ويخرج إلى عرفات.
الثانية : أن يكون رجوعه بعد مضي الشهر الذي اعتمر فيه
، ففي هذه الصورة يلزمه الإحرام بالعمرة للرجوع إليها.
مسألة 155 : من كانت وظيفته حج التمتع لم يجزئه العدول
إلى غيره من إفراد أو قران، ويستثنى من ذلك من دخل
في عمرة التمتع، ثم ضاق وقته عن إتمامها، فانه ينقل
نيته إلى حج الإفراد ويأتي بالعمرة المفردة بعد الحج،
وفي حد الضيق المسوغ لذلك خلاف، والأظهر وجوب العدول
لو لم يتمكن من اتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة،
وأما جواز العدول لو تمكن من اتمامها قبل ذلك ـ في يوم التروية أو بعده ـ
فلا يخلو عن اشكال.
مسألة 156 : من كان فرضه حج التمتع إذا علم قبل ان
يحرم للعمرة ضيق الوقت عن إتمامها قبل زوال الشمس من
يوم عرفة، لم يجزئه العدول إلى حج الإفراد أو القران
، بل يجب عليه الإتيان بحج التمتع بعد ذلك إذا كان
الحج مستقراً عليه.
مسألة 157 : إذا أحرم لعمرة التمتع في سعة الوقت، و
أخر الطواف والسعي متعمداً إلى زوال الشمس من يوم عرفة
بطلت عمرته، ولا يجزئه العدول إلى الإفراد على
الأظهر، وان كان الأحوط الإتيان بأعماله رجاءاً ، بل
الأحوط أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو
التقصير فيها بقصد الاعم من حج الافراد والعمرة المفردة.
حج الإفراد
مر عليك أن حج التمتع يتألف من جزءين، هما : عمرة
التمتع والحج، والجزء الأول منه متصل بالثاني، والعمرة
تتقدم على الحج.
وأما حج الإفراد فهو عمل مستقل في نفسه، واجب مخيراً
بينه وبين حج القران ـ كما علمت ـ على أهل مكة، ومن
يكون الفاصل بين منزله وبين مكة أقل من ستة عشر
فرسخاً، وفيما إذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة
المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضاً.
وعليه، فإذا تمكن من أحدهما دون الاخر وجب عليه ما
يتمكن منه خاصة، وإذا تمكن من أحدهما في زمان ومن
الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته
في كل وقت.
وإذا تمكن منهما في وقت واحد وجب عليه ـ حينئذٍ ـ
الإتيان بهما، والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة
وجوب تقديم الحج على العمرة المفردة، وهو الأحوط.
مسألة 158 : يشترك حج الإفراد مع حــج التمتع في جميع
أعماله، ويفترق عنه في أمور :
أولاً : يعتبر في حج التمتع وقوع العمرة والحج في
أشهر الحج من سنة واحدة ـ كما مر ـ ولا يعتبر ذلك في
حج الإفراد.
.
ثانياً : يجب النحر أو الذبح في حج التمتع ـ كما مر ـ
ولا يعتبر شيء من ذلك في حج الإفراد.
ثالثاً : الأحوط عدم تقديم الطواف والسعي على الوقوفين
في حج التمتع إلا لعذر ـ كما سيأتي في المسألة 412 ـ و
يجوز ذلك في حج الإفراد.
رابعاً : إن إحرام حج التمتع يكون بمكة، وأما
الإحرام في حج الإفراد فيختلف الحال فيه بالنسبة إلى
أهل مكة وغيرهم كما سيأتي في فصل المواقيت.
خامساً : يجب تقديم عمرة التمتع على حجه، ولا يعتبر
ذلك في حج الإفراد.
سادساً : لا يجوز بعد إحرام حج التمتع الطواف المندوب
على الأحوط وجوباً، ويجوز ذلك في حج الإفراد.
مسألة 159 : إذا أحرم لحج الإفراد ندباً جاز له ان
يعدل الى عمرة التمتع فيقصر ويحل، إلا فيما إذا لبى
بعد السعي، فليس له العدول ـ حينئذٍ ـ إلى التمتع.
مسألة 160 : إذا أحرم لحج الإفراد ودخل مكة جاز له ان
يطوف بالبيت ندباً، ولكن الأحوط الاولى ان يجدد
التلبية بعد الفراغ من صلاة الطواف إذا لم يقصد العدول
إلى التمتع في مورد جوازه، وهذا الإحتياط يجري في
الطواف الواجب أيضاً.
حج القران
مسألة 161 : يتحد هذا العمل مع حج الإفراد في جميع
الجهات، غير أن المكلف يصحب معه الهدي وقت الإحرام ،
وبذلك يجب الهدي عليه، والإحرام في هذا القسم من
الحج كما يكون بالتلبية يكون بالإشعار أو بالتقليد، وإذا
أحرم لحج القران لم يجز له العدول إلى حج التمتع ً.
مواقيت الإحرام
هناك اماكن خصصتها الشريعة الإسلامية المطهرة للإحرام
منها، ويجب أن يكون الإحرام من تلك الأماكن ويسمى
كل منها ميقاتاً، وهي تسعة :
1 ـ ذو الحليفة، وتقع بالقرب من المدينة المنورة، و
هي ميقات أهل المدينة وكل من أراد الحج من طريق
المدينة، والأحوط الإحرام من مسجدها المعروف بـ (
مسجد الشجرة ) وعدم كفاية الإحرام من خارج المسجد ـ
لغير الحائض ومن بحكمها ـ وإن كان محاذياً له.
مسألة 162 : لا يجوز تأخير الإحرام من ذي الحليفة إلى
الجحفة إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الأعذار.
2 ـ وادي العقيق، وهو ميقات أهل العراق ونجد، وكل
من مر عليه من غيرهم، وهذا الميقات له أجزاء ثلاثة.
( المسلخ ) وهو اسم لأوله، و( الغمرة ) وهو اسم
لوسطه، و( ذات عرق ) وهو اسم لآخره.
والأحوط الأولى أن يحرم المكلف قبل أن يصل ذات عرق ،
فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.
مسألة 163 : قيل : يجوز الإحرام في حال التقية قبل ذات
عرق سراً من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فإذا وصل
ذات عرق نزع ثيابه ولبس ثوبي الإحرام هناك ولا كفارة
عليه، ولكن هذا القول لا يخلو عن إشكال.
3 ـ الجحفة، وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب ، بل
كل من يمر عليها حتى من مر بذي الحليفة ولم يحرم منها
لعذر أو بدونه على الأظهر.
4 ـ يلملم، وهو ميقات أهل اليمن، وكل من يمر من
ذلك الطريق، ويلملم اسم لجبل.
5 ـ قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف، وكل من
يمر من ذلك الطريق.
ولا يختص الميقات في هذه الأربعة الأخيرة بالمساجد
الموجودة فيها، بل كل مكان يصدق عليه أنه من العقيق
أو الجحفة أو يلملم أو قرن المنازل يجوز الإحرام منه ،
وإذا لم يتمكن المكلف من إحراز ذلك فله أن يتخلص
بالإحرام نذراً قبل ذلك كما هو جائز اختياراً.
6 ـ محاذاة أحد المواقيت المتقدمة، فإن من سلك طريقاً
لا يمر بشيء من المواقيت السابقة إذا وصل إلى موضع
يحاذي أحدها أحرم من ذلك الموضع، والمراد بمحاذي
الميقات : المكان الذي إذا استقبل فيه الكعبة المعظمة
يكون الميقات على يمينه أو شماله بحيث لو جاوز ذلك المكان
يتمايل الميقات الى ورائه ، ويكفي في ذلك الصدق العرفي
ولا يعتبر التدقيق العقلي.
وإذا كان الشخص يمر في طريقه بموضعين يحاذي كل منهما
ميقاتاً فالأحوط الأولى له اختيار الإحرام عند محاذاة
أولهما.
7 ـ مكة، وهي ميقات حج التمتع، وكذا حج القران
والإفراد لأهل مكة والمجاورين بها ـ سواء انتقل فرضهم
إلى فرض أهل مكة أم لا ـ فإنه يجوز لهم الإحرام لحج
القران أو الإفراد من مكة ولا يلزمهم الرجوع إلى سائر
المواقيت، وإن كان الأولى ـ لغير النساء ـ الخروج الى
بعض المواقيت ـ كالجعرانة ـ والاحرام منها.
والأحوط الأولى الإحرام من مكة القديمة التي كانت على
عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وإن كان الأظهر جواز الإحرام
من المحلات المستحدثة بها أيضاً إلا ما كان خارجاً من
الحرم.
8 ـ المنزل الذي يسكنه المكلف، وهو ميقات من كان
منزله دون الميقات إلى مكة، فإنه يجوز له الإحرام من
منزله، ولا يلزم عليه الرجوع الى المواقيت.
9 ـ أدنى الحلّ ـ كالحديبية والجعرانة والتنعيم ـ وهو
ميقات العمرة المفردة لمن أراد الإتيان بها بعد
الفراغ من حج القران أو الإفراد، بل لكل عمرة مفردة
لمن كان بمكة وأراد الإتيان بها، ويستثنى من ذلك
صورة واحدة تقدمت في المسألة 140.
أحكام المواقيت
مسألة 164 : لا يجوز الإحرام قبل الميقات، ولا يكفي
المرور عليه محرماً، بل لابد من إنشاء الإحرام من نفس
الميقات، ويستثنى من ذلك موردان :
1 ـ ان ينذر الإحرام قبل الميقات فإنه يصح ولا يلزمه
التجديد في الميقات، ولا المرور عليه، بل يجوز له
الذهاب الى مكة من طريق لا يمر بشيء من المواقيت، و
لا فرق في ذلك بين الحج الواجب والمندوب، والعمرة
المفردة.
نعم، إذا كان إحرامه للحج أو عمرة التمتع فلابد أن
يراعى فيه عدم تقدمه على أشهر الحج كما علم مما تقدم.
2 ـ إذا قصد العمرة المفردة في رجب، وخشي عدم
إدراكها ـ إذا أخّر الإحرام إلى الميقات ـ جاز له
الإحرام قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب وإن أتى
ببقية الأعمال في شعبان، ولا فرق في ذلك بين العمرة
الواجبة والمندوبة.
مسألة 165 : يجب على المكلف اليقين بوصوله الى الميقات
والإحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة شرعية
، ولا يجوز له الإحرام عند الشك في الوصول الى
الميقات.
مسألة 166 : لو نذر الإحرام قبل الميقات وخالف وأحرم
من الميقات لم يبطل إحرامه، ووجبت عليه كفارة مخالفة
النذر إذا كان متعمداً.
مسألة 167 : كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات لا
يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة
أو دخول الحرم أو مكة أن يتجاوز الميقات اختياراً إلا
محرماً، وإن كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب
العود إليه مع الإمكان، ويستثنى من ذلك من تجاوز
ذا الحليفة الى الجحفة لا لعذر، فانه يجزيه الاحرام
من الجحفة على الاظهر وان كان آثماً.
والأحوط عدم التجاوز عن محاذاة الميقات إلا محرماً ،
وإن كان لا يبعد جواز التجاوز عنها إذا كان أمامه
ميقات آخر أو محاذاة أخرى.
وإذا لم يكن المسافر قاصداً للنسك أو دخول الحرم أو
مكة، بأن كان له شغل خارج الحرم ثم بدا له دخول الحرم
بعد تجاوز الميقات، جاز له الإحرام للعمرة المفردة من
أدنى الحل.
مسألة 168 : إذا ترك المكلف الإحرام من الميقات عن علم
وعمد حتى تجاوزه ـ في غير الفرض المتقدم ـ ففي
المسألة صورتان:
الأولى : ان يتمكن من الرجوع إلى الميقات، ففي هذه
الصورة يجب عليه الرجوع والإحرام منه، سواء أكان
رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه، فإن أتى بذلك
صح عمله من دون إشكال.
الثانية : أن لا يتمكن من الرجوع الى الميقات، سواء
كان خارج الحرم أم كان داخله، متمكّناً من الرجوع الى
الحل أم لا، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحج وعدم
الاكتفاء بالإحرام من غير الميقات ولزوم الإتيان
بالحج في عام آخر إذا كان مستطيعاً.
مسألة 169 : إذا ترك الإحرام من الميقات عن نسيان أو
إغماء أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل
بالميقات ـ في غير الفرض المتقدم ـ فللمسألة صور أربع :
الصورة الأولى : أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات ،
فيجب عليه الرجوع والإحرام من هناك.
الصورة الثانية : أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الميقات لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، وعليه
حينئذ الرجوع إلى الخارج والإحرام منه.
والأولى في هذه الصورة الإبتعاد عن الحرم بالمقدار
الممكن ثم الإحرام من هناك.
الصورة الثالثة : أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه ،
وإن كان قد دخل مكة.
الصورة الرابعة : أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه
الرجوع الى الميقات، والأحوط له في هذه الصورة ان
يرجع بالمقدار الممكن ثم يحرم.
وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلف إذا
قام بما ذكرناه من الوظائف، وفي حكم تارك الإحرام من
أحرم قبل الميقات أو بعده ولو كان عن جهل أو نسيان.
مسألة 170 : إذا تركت الحائض الإحرام من الميقات
لجهلها بالحكم إلى ان دخلت الحرم، فالأحوط أن تخرج
إلى خارج الحرم وتحرم منه إذا لم تتمكن من الرجوع إلى
الميقات، بل الاحوط لها ـ في هذه الصورة ـ ان تبتعد
عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم، على ان لا يكون
ذلك مستلزماً لفوات الحج، وفيما اذا لم يمكنها انجاز ذلك
فهي وغيرها على حد سواء.
مسألة 171 : إذا فسدت العمرة ـ ولو لفساد احرامها ـ
وجبت اعادتها مع التمكن، ومع عدم الاعادة ـ ولو من
جهة ضيق الوقت ـ يفسد حجه، وعليه الاعادة في سنة
اخرى.
مسألة 172 : قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما إذا
أتى المكلف بها من دون احرام لجهل أو نسيان، ولكن
هذا القول لا يخلو من اشكال، والاحوط ـ في هذه
الصورة ـ الاعادة على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكن
منها.
مسألة 173 : قد تقدم أن النائي يجب عليه الإحرام
لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الاولى، فإن كان طريقه
منها فلا إشكال، وإن كان طريقه لا يمر بها كما هو
الحال في زماننا هذا، حيث ان اغلب الحجاج يردون مطار
جدة ابتداءً، وقسم منهم يريدون تقديم أعمال العمرة
والحجّ على الذهاب الى المدينة المنورة، ومن المعلوم ان جدة
ليست من المواقيت، ومحاذاتها لاحد المواقيت غير ثابتة،
بل المطمأن به عدمها، فلهم أن يختاروا أحد الطرق الثلاثة:.
الأول : أن يحرم بالنذر من بلده أو من الطريق قبل
المرور جواً على بعض المواقيت، وهذا لا إشكال فيه
فيما إذا لم يستلزم الاستظلال من الشمس ـ كما إذا كان
الطيران في الليل ـ أو الاتقاء من المطر.
الثاني : أن يمضي من جدة إلى بعض المواقيت أو إلى ما
يحاذيه فيحرم منه، أو يذهب إلى مكان يقع خلف أحد
المواقيت فيحرم منه بالنذر كـ ( رابغ ) الذي يقع قبل
الجحفة، وهو بلد مشهور يربطه بجدة طريق عام فيسهل
الوصول إليه، بخلاف الجحفة التي ربما يصعب الذهاب
اليها.
الثالث : أن يحرم من جدة بالنذر، ويجوز هذا فيما لو
علم ـ ولو إجمالاً ـ بأن بين جدة والحرم موضعاً
يحاذي أحد المواقيت كما لا يبعد ذلك بلحاظ المحاذاة مع
الجحفة، وأما إذا احتمل وجود موضع المحاذاة ولم
يحرزه فلا يمكنه الإحرام من جدة بالنذر.
نعم، إذا وردها عازماً على الذهاب إلى أحد المواقيت
أو ما بحكمها ثم لم يتيسر له ذلك جاز له الإحرام منها
بالنذر أيضاً، ولا يلزمه في هذه الصورة أن يجدد
احرامه خارج الحرم قبل الدخول فيه على الأظهر.
مسألة 174 : تقدم إن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجه من
مكة، فلو أحرم من غيرها ـ عالماً عامداً ـ لم يصح
إحرامه وإن دخل مكة محرماً، بل وجب عليه الاستئناف
من مكة مع الإمكان وإلا بطل حجه.
مسألة 175 : إذا نسي المتمتع الإحرام للحج بمكة وجب
عليه العود مع الإمكان، وإلا أحرم في مكانه ـ ولو
كان في عرفات ـ وصح حجه، وكذلك الجاهل بالحكم.
مسألة 176 : لو نسي إحرام الحج ولم يذكر حتى أتى
بجميع أعماله صح حجه، وكذلك الجاهل.
كيفية الاحرام
واجبات الإحرام ثلاثة أمور:
الأمر الأول : النية
، ومعنى النية أن يعقد العزم على
الإتيان بالحج أو العمرة متقرباً إلى الله تعالى، و
لا يعتبر فيها المعرفة التفصيلية بما يشتمل عليه نسكه
، بل تكفي المعرفة الإجمالية أيضاً، فلو لم يعلم
المكلف حين النية بتفاصيل ما يجب عليه في العمرة
ـ مثلا ـ كفاه أن يتعلّمه شيئاً فشيئاً من الرسالة العملية
أو ممن يثق به من المعلمين.
ويعتبر في النية أمور:
1 ـ القربة والإخلاص كما في سائر العبادات.
2 ـ حصولها في مكان خاص، وقد تقدم بيانه في مبحث
المواقيت.
3 ـ تعيين المنوي وأنه الحج أو العمرة، وأن الحج حج
تمتع أو قران أو إفراد، وإذا كان عن غيره فلا بد من
قصد ذلك، ويكفي في وقوعه عن نفسه عدم قصد الوقوع عن
الغير، والأظهر أنه يكفي في سقوط الواجب بالنذر
انطباق المنذور على المأتي به، ولا يتوقف على قصد كونه
حجاً نذرياً مثلاً، كما يكفي في كونه حجة الاسلام انطباق الواجب بالاصالة
عليه ولا يحتاج الى قصد زائد.
مسألة 177 : لا يعتبر في صحة النية التلفظ بها وإن
كان مستحباً، كما لا يعتبر في قصد القربة الإخطار
بالبال، بل يكفي الداعي على حد سائر العبادات.
مسألة 178 : لا يعتبر في صحة الإحرام العزم على ترك
محرماته ـ حدوثاً وبقاء ـ فيصح الإحرام حتى مع العزم
على ارتكابها.
نعم، إذا كان عازماً حين الإحرام في العمرة المفردة
على أن يجامع زوجته قبل الفراغ من السعي أو تردد في
ذلك، فالظاهر بطلان إحرامه، وكذلك الحال في
الاستمناء على الأحوط.
وأما لو عزم على الترك حين الإحرام ولم يستمر عزمه،
بأن نوى بعد تحقق الإحرام الإتيان بشيء منهما لم
يبطل إحرامه.
الأمر الثاني : التلبية
، وصورتها أن يقول : ( لبيك
اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ) والأحوط الأولى
إضافة هذه الجملة : ( إن الحمد والنعمة لك والملك ،
لا شريك لك ) ويجوز إضافة ( لبيك ) إلى آخرها بأن
يقول : ( لا شريك لك لبيك ).
مسألة 179 : على المكلف أن يتعلم ألفاظ التلبية ويحسن
أداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الإحرام في الصلاة، ولو
كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر ،
فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم يتيسر له التلقين
اجتزأ بالتلفظ بها ملحوناً إذا لم يكن اللحن بحد يمنع من
صدق التلبية عليها عرفاً، والا فالاحوط الجمع بين الاتيان
بمرادفها وبترجمتها والاستنابة في ذلك.
مسألة 180 : الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التلبية
يأتي بها على قدر ما يمكنه، فإن عجز حرك بها لسانه و
شفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو
يناسب تمثيل لفظها.
وأما الاخرس الأصم من الأول ومن بحكمه، فيحرك لسانه
وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفظ بها، مع ضم الإشارة
بالأصبع إليها أيضاً.
مسألة 181 : الصبي غير المميز يلبى عنه.
مسألة 182 : لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام عمرته ،
وإحرام حج الإفراد، وإحرام العمرة المفردة إلا
بالتلبية.
وأما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق
بالإشعار أو التقليد، والإشعار مختص بالبدن،
والتقليد مشترك بين البدن وغيرها من أنواع الهدي، و
الأولى الجمع بين الإشعار والتقليد في البدن، و
الأحوط الأولى أن يلبي القارن وإن كان عقد إحرامه
بالإشعار أو التقليد.
ثم ان الإشعار : هو طعن صفحة سنام البدنة وتلطيخها
بالدم ليعلم أنها هدي، والأحوط ان يكون الطعن في
الصفحة اليمنى.
نعم، إذا كانت البدن كثيرة، جاز أن يدخل الرجل بين
كل بدنتين فيشعر احداهما من الصفحة اليمنى والأخرى من
اليسرى.
والتقليد : هو أن يعلق في رقبة الهدي خيطاً أو سيراً
أو نعلاً ونحوها ليعلم أنه هدي، ولا يبعد كفاية
التجليل بدلاً عن التقليد، وهو ستر الهدي بثوب
ونحوه ليكون علامة على كونه هدياً.
مسألة 183 : لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر و
الأكبر في صحة الإحرام، فيصح الإحرام من المحدث
بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء و
غيرهم.
مسألة 184 : التلبية وكذا الإشعار والتقليد لخصوص
القارن بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، فلا يتحقق
الإحرام بدونها، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل
شيئاً من المحرمات قبل أن يلبي لم يأثم وليس عليه
كفارة.
مسألة 185 : الأفضل لمن عقد الإحرام من مسجد الشجرة أن
يؤخر التلبية إلى أول البيداء عند آخر ذي الحليفة حين
تستوي به الارض، وإن كان الأحوط التعجيل بها وتأخير
رفع الصوت بها الى البيداء، هذا للرجل، وأما المرأة
فليس عليها رفع الصوت بالتلبية أصلاً.
والأولى لمن عقد الإحرام من سائر المواقيت تأخير
التلبية إلى ان يمشي قليلاً، ولمن عقده من المسجد
الحرام تأخيرها إلى الرقطاء، وهو موضع دون الردم،
(والردم موضع بمكة، قيل : يسمى الآن بـ ( مدعى )
بالقرب من مسجد الراية قبيل مسجد الجن).
مسألة 186 : الواجب من التلبية مرة واحدة، نعم يستحب
الإكثار منها وتكرارها ما استطاع، والأحوط لمن
اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت
مكة القديمة، وحده لمن جاء من أعلى مكة عن طريق
المدينة ( عقبة المدنيين )، ولمن جاء من أسفلها
(عقبة ذي طوى ).
كما أن الأحوط لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول
الحرم إذا جاء من خارج الحرم، وعند مشاهدة موضع بيوت
مكة إذا كان إحرامه من أدنى الحل، ولمن حج بأي نوع
من أنواع الحج قطعها عند الزوال من يوم عرفة.
مسألة 187 : إذا شك بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز من
المكان الذي لا يجوز تأخير التلبية عنه في أنه أتى بها
أم لا بنى على عدم الإتيان، وإذا شك بعد الإتيان
بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحة.
الأمر الثالث : لبس الثوبين
( الإزار والرداء ) بعد
التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه، ويستثنى من ذلك
الصبيان فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخ إذا ساروا من ذلك
الطريق.
والظاهر أنه لا يعتبر في لبسهما كيفية خاصة، فيجوز
الإتزار بأحدهما كيف شاء، والإرتداء بالآخر أو
التوشح به أو غير ذلك من الهيئات، وإن كان الأحوط
لبسهما على الطريق المألوف.
مسألة 188 : لبس الثوبين للمحرم واجب استقلالي وليس
شرطاً في تحقق الإحرام على الأظهر.
مسألة 189 : الأحوط في الإزار أن يكون ساتراً من السرة
إلى الركبة، وفي الرداء أن يكون ساتراً للمنكبين و
العضدين وقدراً معتداً به من الظهر.
والأحوط وجوباً كون اللبس قبل النية والتلبية، ولو
قدمهما عليه فالأحوط الأولى إعادتهما بعده.
مسألة 190 : لو أحرم في قميص ـ جاهلاً أو ناسياً ـ
نزعه وصح إحرامه، بل الأظهر صحة إحرامه حتى فيما إذا
أحرم فيه عالماً عامداً، وأما إذا لبسه ـ بعد
الإحرام ـ فلا اشكال في صحة احرامه، ولكن يلزم عليه
شقه واخراجه من تحت.
مسألة 191 : لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء
الإحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك.
مسألة 192 : يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في
لباس المصلي، فيلزم ان لا يكونا من الحرير الخالص، و
لا من أجزاء السباع، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه على
الأحوط، ولا من المذهب، ويلزم طهارتهما كذلك، نعم
لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة.
مسألة 193 : الأحوط في الإزار أن يكون جميعه ساتراً
للبشرة غير حاك عنها، ولا يعتبر ذلك في الرداء.
مسألة 194 : الأحوط الأولى في الثوبين أن يكونا من
المنسوج، ولا يكونا من قبيل الجلد والملبد.
مسألة 195 : يختص وجوب لبس الإزار والرداء بالرجال
دون النساء، فيجوز لهن أن يحرمن في البستهن العادية
على أن تكون واجدة للشرائط المتقدمة.
مسألة 196 : إن حرمة لبس الحرير وإن كانت تختص
بالرجال ولا يحرم لبسه على النساء، إلا أن الأحوط
للمرأة أن لا يكون ثوبها من الحرير، بل الأحوط أن لا
تلبس شيئاً من الحرير الخالص في جميع أحوال الإحرام
إلا في حال الضرورة كالاتقاء من البرد والحر.
مسألة 197 : إذا تنجس أحد الثوبين أو كلاهما بعد
التلبس بالإحرام فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو
التطهير.
مسألة 198 : لا تجب الاستدامة في لباس الإحرام، فلا
بأس بإلقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا بأس
بتبديله على أن يكون البدل واجداً للشرائط.