احكام السعي
السعي من اركان الحج، فمن تركه عمداً عالماً بالحكم أو
جاهلاً به أو بالموضوع إلى زمان لا يمكنه إتمام اعمال
العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة بطل حجه، وكان
حكمه حكم من ترك الطواف كذلك، وقد تقدم في أول
الطواف.
مسألة 341 : لو ترك السعي نسياناً اتى به متى ما ذكره وإن
كان تذكره بعد فراغه من اعمال الحج، ولو لم يتمكن
منه مباشرة، أو كان فيها حرج ومشقة إستناب غيره، ويصح
حجه في كلتا الصورتين.
مسألة 342 : من لم يتمكن من مباشرة السعي في الوقت
المحدد له ولو بمساعدة شخص آخر، وجب ان يستعين بغيره
ليسعى به، ولو بان يحمله على متنه أو على عربة أو
نحوها، وإن لم يتمكن من هذا ايضاً استناب غيره، ومع
عدم القدرة على الإستنابة كالمغمى عليه يسعى عنه وليه أو
غيره ويصح حجه.
مسألة 343 : الاحوط المبادرة إلى السعي بعد الفراغ من
الطواف وصلاته، وإن كان الظاهر جواز تاخيره إلى
الليل لرفع التعب أو للتخفيف من شدة الحر، بل مطلقاً
على الاقوى، نعم لا يجوز تأخيره إلى الغد في حال
الاختيار.
مسألة 344 : حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في
الطواف، فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد
على ما تقدم في الطواف.
نعم، إذا كان جاهلاً بالحكم فالاظهر عـــدم بطلان
السعي بالزيادة وإن كانت الإعادة احوط.
مسألة 345 : إذا زاد في سعيه خطأً صح سعيه، ولكن
الزائد إذا كان شوطاً أو ازيد يستحب له ان يكمله سبعة
اشواط ليكون سعياً كاملاً غير سعيه الاول، فيكون
إنتهاؤه إلى الصفا.
مسألة 346 : إذا نقص من اشواط السعي عامداً ـ عالماً
بالحكم أو جاهلاً به ـ فحكمه حكم من ترك السعي كذلك
وقد تقدم.
وامّا إذا كان النقص نسياناص فيجب عليه تدارك المنسي
متى ما تذكر سواء كان شوطاً واحداً ام ازيد على الاظهر.
ولو كان تذكره بعد مضي وقته ـ بان تذكر وقوع النقص في
سعي عمرة التمتع وهو بعرفات، أو التفت إلى وقوع
النقص في سعي الحج بعد مضي شهر ذي الحجة ـ فالاحوط ان
يعيد السعي بعد التدارك، وإذا لم يتمكن منه مباشرة
أو كان فيه حرج عليه استناب غيره، والاحوط ان يجمع
النائب بين تدارك الاشواط المنسية واعادة السعي.
مسألة 347 : إذا نقص شيئاً من السعي في عمرة التمتع
نسياناً فأحّل لاعتقاد الفراغ من السعي فالاحوط لزوم
التكفير عن ذلك ببقرة، ويلزمه اتمام السعي على النحو
الذي ذكرناه.
*
*
*
الشك في السعي
لا اعتبار بالشك في عدد اشواط السعي أو في صحتها بعد
التجاوز عن محله، كما لو كان الشك فيه في عمرة التمتع
بعد التقصير أو في الحج بعد الشروع في طواف النساء.
ولو شك في عدد الاشواط بعد الانصراف من السعي، فإن
كان شكه في الزيادة بنى على الصحة، وإن كان شكه في
النقيصة وكان ذلك قبل فوات الموالاة بطل سعيه، وكذا
إذا كان بعده على الاحوط.
مسألة 348 : إذا شك في الزيادة في نهاية الشوط، كما
لو شك وهو على المروة في إن شوطه الاخير كان هو
السابع أو هو ألتاسع فلا أعتبار بشكه ويصح سعيه، وإذا
كان هذا الشكّ أثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه
الاستئناف.
مسألة 349 : حكم ألشك في عدد ألأشواط في أثناء السعي
حكم الشك في عدد أشواط ألطواف في أثنائه، فيبطل السعي
به مطلقأ.
التقصير
وهو الواجب الخامس في عمرة التمتع.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ويتحقق بقص شعر
الرأس أو اللحية أو الشارب، ولا يكفي فيه النتف بدلاً
عن القص على الاظهر، والمشهور تحققه باخذ شيء من ظفر
اليد أو الرجل ايضاً، ولكن الاحوط عدم الإكتفاء به وتأخير
الإتيان به عن الاخذ من الشعر.
مسألة 350 : يتعين التقصير في إحلال عمرة التمتع ولا
يجزئه عنه حلق الرأس، بل يحرم الحلق عليه، وإذا حلق
لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالماً عامداً، بل مطلقاً
على الاحوط الاولى.
مسألة 351 : إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير، فإن
كان عالماً عامدا فعليه كفارة بدنة ـ كما تقدم في تروك
الإحرام ـ وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه على الأظهر.
مسألة 352 : محل التقصير بعد السعي، فلا يجوز الإتيان
به قبل الفراغ منه.
مسألة 353 : لا تجب المبادرة إلى التقصير بعد السعي،
ويجوز فعله في اي محل شاء، سواء كان في المسعى ام في
منزله أم في غيرهما.
مسألة 354 : إذا ترك التقصير عمداً فأحرم للحج،
فالظاهر بطلان عمرته وانقلاب حجه إلى الإفراد، فيأتي
بعمرة مفردة بعده إن تمكن، والاحوط إعادة الحج في
سنة اخرى أيضاً.
مسألة 355 : إذا ترك التقصير نسياناً فاحرم للحج صحت
عمرته وصح إحرامه، والاحوط الاولى التكفير عن ذلك
بشاة.
مسألة 356 : إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حل له جميع
ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه حتى الحلق على الاظهر،
وإن كان الاحوط تركه بعد مضي ثلاثين يوماً من يوم
عيد الفطر، ولو فعله عن علم وعمد فالاحوط الاولى
التكفير عنه بدم.
مسألة 357 : لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع، ولا
باس بالإتيان به رجاءاً.
إحرام الحج
تقدم في الصفحة ( 70 ) ان واجبات الحج ثلاثة عشر،
ذكرناها مجملة، وإليك تفصيلها :
الاول : الإحرام، وافضل أوقاته يوم التروية عند
الزوال، ويجوز التقديم عليه للشيخ الكبير والمريض
إذا خافا من الزحام فيحرمان ويخرجان قبل خروج الناس،
كما يجوز التقديم لمن له تقديم طواف الحج على
الوقوفين كالمرأة التي تخاف الحيض.
وقد تقدم جواز الخروج من مكة محرماً بالحج لحاجة بعد
الفراغ من عمرة التمتع في اي وقت كان.
ويجوز التقديم في غير ما ذكر ايضاً بثلاثة ايام، بل
بأكثر على الاظهر.
مسألة 358 : كما لا يجوز للمعتمر عمرة التمتع ان يحرك
للحج قبل التقصير، كذلك لا يجوز للحاج ان يحرم للعمرة
المفردة قبل ان يحل من إحرامه وإن لم يبق عليه سوى
طواف النساء على الاحوط.
مسألة 359 : من يتمكن من إدراك الوقوف بعرفات يوم عرفة
في تمام الوقت الإختياري لا يجوز له تاخير الإحرام إلى
زمان يفوت منه ذلك.
مسألة 360 : يتحد إحرام الحج وإحرام العمرة في كيفيته
وواجباته ومحرماته، والإختلاف بينهما انما هو في
النية فقط.
مسألة 361 : يجب الإحرام من مكة المكرمة ـ كما تقدم في
بحث المواقيت ـ وافضل مواضعها المسجد الحرام، ويستحب
الإتيان به بعد صلاة ركعتين في مقام ابراهيم أو
في حجر اسماعيل عليهما السلام.
مسألة 362 : من ترك الإحرام نسياناً أو جهلاً منه بالحكم
إلى ان خرج من مكة، ثم تذكر أو علم بالحكم وجب عليه
الرجوع إلى مكة ـ ولو من عرفات ـ والإحرام منها ـ
فإن لم يتمكن من الرجوع، لضيق الوقت أو لعذر آخر،
يحرم من الموضع الذي هو فيه .
وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات وإن
تمكن من العود إلى مكة والإحرام منها.
ولو لم يتذكر أو لم يعلم بالحكم إلى ان فرغ من الحج
صح حجه.
مسألة 363 : من ترك الإحرام عالماً عامداً حتى فاته
الوقوف الإختياري بعرفات بسبب ذلك فسد حجه، ولو
تداركه قبل ان يفوته الوقوف الركني لم يفسد وإن كان آثماً.
مسألة 364 : الاحوط ان لا يطوف المتمتع بعد إحرام الحج
قبل الخروج إلى عرفات طوافاً مندوباً، فلو طاف جدد
التلبية بعد الطواف على الاحوط الاولى.
الوقوف بعرفات
الثاني ـ من واجبات حج التمتع : الوقوف بعرفات بقصد
القربة والخلوص، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات
من دون فرق بين ان يكون راكباً أو راجلاً ساكناً أو
متحركاً.
مسألة 365 : حد عرفات من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى
ذي المجاز، ومن المأزمين إلى اقصى الموقف، وهذه
حدود عرفات وهي خارجة عن الموقف.
مسألة 366 : الظاهر ان جبل الرحمة موقف، ولكن الافضل
الوقوف على الارض في السفح من ميسرة الجبل.
مسألة 367 : يعتبر في الوقوف ان يكون عن قصد، ولو
قصد الوقوف في أول الوقت ـ مثلاً ـ ثم نام أو غشي عليه
إلى آخره كفى، ولو نام أو غشي عليه في جميع الوقت
غير مسبوق بالقصد لم يتحقق منه الوقوف، وإن كان
مسبوقاً به ففيه إشكال.
مسألة 368 : يجب الوقوف بعرفات في اليوم التاسع من ذي
الحجة مستوعباً من أول الزوال على الاحوط إلى الغروب،
والاظهر جواز تاخيره عن الزوال بمقدار الإتيان بالغسل
واداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً.
والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجباً ياثم
المكلف بتركها إختياراً، إلاّ إنه ليس من الاركان،
بمعنى ان من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد
حجه.
نعم، لو ترك الوقوف رأساً باختياره فسد حجه، فما هو
الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة.
مسألة 369 : من لم يدرك الوقوف الإختياري بعرفات (الوقوف في
النهار) لنسيان أو لجهل يعذر فيه، أو
لغيرهما من الاعذار، لزمه الوقوف الإضطراري فيه (الوقوف
برهة من ليلة العيد ) وصح حجه، فإن تركه
متعمداً فسد حجه.
هذا إذا امكنه إدراك الوقوف الإضطراري على وجه لا يفوت
معه الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس، واما مع خوف
فوته في الوقت المذكور بسبب ذلك فيجب الإقتصار على
الوقوف بالمشعر ويصح حجه.
مسألة 370 : تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس
عالماً عامداً، لكنها لا تفسد الحج، فإذا رجع إلى
عرفات فلا شيء عليه، وإلاّ كانت عليه كفارة بدنة ينحرها
يوم النحر، والاحوط ان يكون بمنى دون مكة، فإن لم
يتمكن منها صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في الطريق أو
عند أهله، والاحوط الاولى ان تكون متواليات.
ويجري هذا الحكم في من افاض من عرفات نسياناً أو جهلاً
منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أو التذكر،
فإن لم يرجع حينئذٍ فعليه الكفارة على الاحوط.
مسألة 371 : إن جملة من مناسك الحج كالوقوف في عرفات وفي
المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما ان لها
أياماً وليالي خاصة من شهر ذي الحجة الحرام، فوظيفة
المكلف ان يتحرى عن رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له
الإتيان بمناسك حجه في أوقاتها.
وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على
طبقه، وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال
بحجية حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه
متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك
حجه من الوقوفين وغيرهما.
فإذا فعل ذلك حكم بصحة حجه وإلا كان محكوماً بالفساد.
بل قد يقال بالإجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل
مطابقته مع الواقع في خصوص ما تقتضي التقية الجري على
وفقه.
ولكن كلا القولين في غاية الإشكال، وعلى هذا فإن
تيسر للمكلف اداء اعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما
تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال واتى بها صح حجه
مطلقاً على الاظهر.
وإن لم يات بها كذلك ـ ولو لعذر ـ فإن ترك ايضاً اتباع
رأي القاضي في الوقفين فلا شك في فساد حجه، واما مع
اتباعه ففي صحة حجه إشكال.
الوقوف في المزدلفة
وهو الثالث من واجبات حج التمتع.
والمزدلفة إسم لمكان يقال له : المشعر الحرام، وحد
الموقف من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر.
وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلا عند الزحام وضيق
الموقف، فإنه يجوز حينئذٍ الإرتفاع إلى المأزمين.
مسألة 372 : يجب على الحاج ـ بعد الإفاضة من عرفات ـ
أن يبيت شطراً من ليلة العيد بمزدلفة حتى يصبح بها، والأحوط
أن يبقى فيها إلى طلوع الشمس، وإن كان الأظهر
جواز الإفاضة منها إلى وادي محسر قبل الطلوع بقليل.
نعم، لا يجوز تجاوز الوادي إلى منى قبل أن تطلع الشمس.
مسألة 373 : الوقوف في تمام الوقت المذكور وأن كان
واجباً في حال الإختيار إلا أن الركن منه هو الوقوف في
الجملة.
فإذا وقف بالمزدلفة مقداراً من ليلة العيد ثم أفاض قبل
طلوع الفجر صح حجه على الأظهر وعليه كفارة شاة أن كان
عالماً، وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه.
وإذا وقف مقداراً مما بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو
متعمداً صح حجه أيضاً ولا كفارة عليه وإن كان آثماً.
مسألة 374 : يستثنى من وجوب الوقوف بالمزدلفة بالمقدار
المتقدم الخائف والصبيان والنساء والضعفاء ـ كالشيوخ
والمرضى ـ ومن يتولى شؤونهم، فإنه يجوز لهؤلاء
الإكتفاء بالوقوف فيها ليلة العيد والإفاضة منها إلى
منى قبل طلوع الفجر.
مسألة 375 : يعتبر في الوقوف بالمزدلفة نية القربة والخلوص،
كما يعتبر فيه أن يكون عن قصد نظير ما مر في
الوقوف بعرفات.
مسألة 376 : من لم يدرك الوقوف الإختياري ( الوقوف في
الليل والوقوف فيما بين الطلوعين ) في المزدلفة لنسيان
أو لعذر آخر أجزأه الوقوف الإضطراري ( الوقوف قليلاً
فيما بين طلوع الشمس إلى زوالها يوم العيد )، ولو
تركه عمداً فسد حجه.
إدراك الوقوفين أو أحدهما
تقدم أن كلا من الوقوفين ـ الوقوف في عرفات والوقوف
في المزدلفة ـ ينقسم إلى قسمين : إختياري وإضطراري،
فإن أدرك المكلف الإختياري من الوقوفين كليهما فلا
إشكال، وإن فاته ذلك لعذر فله صور:
الأولى : أن لا يدرك شيئاً من الوقوفين ـ الإختياري
منهما والإضطراري ـ أصلاً، ففي هذه الصورة يبطل حجه ويجب
عليه الإتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج.
وإذا كان حجه حجة الإسلام وجب عليه أداء الحج بعد ذلك
فيما إذا كانت إستطاعته باقية أو كان الحج مستقراً في
ذمته.
الثانية : أن يدرك الوقوف الإختياري في عرفات
والإضطراري في المزدلفة.
الثالثة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في عرفات
والإختياري في المزدلفة.
ففي هاتين الصورتين يصح حجه بلا إشكال.
الرابعة :أن يدرك الوقوف الإضطراري في كل من عرفات والمزدلفة،
والأظهر في هذه الصورة صحة حجه، وإن كان
الأحوط إعادته بعد ذلك كما في الحالة المتقدمة في
الصورة الأولى.
الخامسة : أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط،
ففي هذه الصورة يصح حجه أيضا.
السادسة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في المزدلفة فقط،
والأظهر في هذه الصورة بطلان الحج وانقلابه إلى عمرة
مفردة.
السادسة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في المزدلفة فقط،
والأظهر في هذه الصورة بطلان الحج وانقلابه إلى عمرة
مفردة.
السابعة :أن يدرك الوقوف الإختياري في عرفات فقط، والأظهر
في هذه الصورة أيضاً بطلان الحج فينقلب حجه إلى
العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا مر بمزدلفة
في الوقت الإختياري في طريقه إلى منى، ولكن لم يقصد
الوقوف بها جهلاً منه بالحكم، فإنه لا يبعد صحة حج
الثامنة : أن يدرك الوقوف الإضطراري في عرفات فقط،
ففي هذه الصورة يبطل حجه وينقلب إلى العمرة المفردة.
منى وواجباتها
يجب على الحاج بعد الوقوف في المزدلفة الإفاضة إلى منى،
لأداء الأعمال الواجبة هناك، وهي ـ كما نذكرها
تفصيلاً ـ ثلاثة :
1 ـ رمي جمرة العقبة
الرابع ـ من واجبات الحج : رمي جمرة العقبة يوم النحر،
ويعتبر فيه أمور :
(1) نية القربة والخلوص.
(2) أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولا يجزئ الأقل من
ذلك، كما لا يجزئ رمي غيرها من الأجسام.
(3) أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة، فلا يجزئ
رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.
(4) أن تصل الحصيات إلى الجمرة فلا يحسب ما لا يصل.
(5) أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزئ
وضعها عليها.
(6) أن يكون كل من الإصابة والرمي بفعله، فلو كانت
الحصاة بيده فصدمه حيوان أو إنسان والقيت إلى الجمرة
لم يكف، وكذا لو ألقاها فوقعت على حيوان أو إنسان
فتحرك فحصلت الإصابة بحركته.
نعم، إذا لاقت الحصاة في طريقها شيئاً ثم أصابت الجمرة
ـ ولو بصدمته كما لو وقعت على أرض صلبة فطفرت
فأصابتها ـ فالظاهر الإجزاء.
(7) أن يكون الرمي بيده، فلو رمى الحصيات بفمه أو
رجله لم يجزئه، وكذا لو رماها بآلة ـ كالمقلاع ـ على
الأحوط.
(8) أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها، ويجزئ
للنساء وسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر في الليل
أن يرموا بالليل ( ليلة العيد ).
مسألة 377 : إذا شك في الإصابة وعدمها بنى على العدم
إلا مع التجاوز عن المحل، كما إذا كان الشك بعد الذبح
أو الحلق أو بعد دخول الليل.
مسألة 378 : يعتبر في الحصيات أمران :
(1) أن تكون من الحرم سوى المسجد الحرام ومسجد الخيف
، والأفضل أخذها من المشعر.
(2) أن تكون أبكاراً على الأحوط، بمعنى أن لا تكون
مستعملة في الرمي قبل ذلك. ويستحب فيها أن تكون
ملونة ومنقطة ورخوة، وإن يكون حجمها بمقدار أنملة.
وإن يكون الرامي راجلاً، وعلى طهارة.
مسألة 379 : إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي
الإجتزاء برمي المقدار الزائد إشكال، فالأحوط أن يرمي
المقدار الذي كان سابقاً، فإن لم يتمكن من ذلك رمى
المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصاً آخر لرمي المقدار
المزيد عليه، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل والناسي.
مسألة 380 : إذا لم يرم يوم العيد لعارض من نسيان أو
جهل بالحكم أو غيرهما لزمه التدارك متى ارتفع العارض،
ولو كان ارتفاعه في الليل أخر التدارك إلى النهار،
إذا لم يكن ممن رخص له الرمي ليلاً كما سيأتي في رمي
الجمار.
والظاهر وجوب التدارك عند ارتفاع العارض ما دام الحاج
بمنى، بل وفي مكة، حتى ولو كان ذلك بعد اليوم
الثالث عشر، وإن كان الأحوط في هذه الصورة أن يعيد
الرمي في السنة القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه أن لم
يحج.
وأما إذا ارتفع العارض بعد خروجه من مكة فلا يجب عليه
الرجوع، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه
على الأحوط الأولى.
مسألة 381 : إذا لم يرم يوم العيد نسياناً أو جهلاً،
فعلم أو تذكر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة
الطواف، وإن كانت الإعادة أحوط.
وأما إذا كان الترك لعارض آخر ـ سوى الجهل أو النسيان
ـ فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد
تدارك الرمي.
2 ـ الذبح أو النحر في منى
وهو الخامس من واجبات حج التمتع.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، وعدم تقديمه على
نهار يوم العيد إلا للخائف، فإنه يجوز له الذبح والنحر
في ليلته، ويجب الإتيان به بعد الرمي على
الأحوط، ولكن لو قدمه عليه جهلاً أو نسياناً صح ولم
يحتج إلى الإعادة.
ويجب أن يكون الذبح أو النحر بمنى، وإن لم يمكن ذلك
لكثرة الحجاج وضيق منى عن إستيعاب جميعهم، فلا يبعد
جواز الذبح أو النحر بوادي محسر، وإن كان الأحوط
تركه ما لم يحرز عدم التمكن من الذبح أو النحر بمنى
إلى آخر أيام التشريق.
مسألة 382 : الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد،
وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام التشريق،
والأحوط عدم الذبح في الليل مطلقاً حتى الليالي
المتوسطات بين أيام التشريق إلا للخائف.
مسألة 383 : لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص واحد مع
التمكن منه باستقلاله، وأما مع عدم التمكن كذلك
فسيأتي حكمه في المسألة 396.
مسألة 384 : يجب أن يكون الهدي من الإبل، أو البقر،
أو الغنم، ولا يجزئ من الإبل إلا ما أكمل السنة
الخامسة ودخل في السادسة، ولا من البقر والمعز إلا
ما أكمل الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط، ولا
يجزئ من الضأن إلا ما أكمل الشهر السابع ودخل في الثامن ،
والأحوط أن يكون قد أكمل السنة الأولى ودخل في الثانية .
وإذا تبين له بعد ذبح الهدي أنه لم يبـــلغ السن
المعتبر فيه لم يجزئه ذلك، ولزمته الإعادة.
ويعتبر في الهدي أن يكون تام الاعضاء فلا يجزئ الاعور،
والأعرج، والمقطوع أذنه، والمكسور قرنه الداخل،
ونحو ذلك. والأظهر عدم كفاية الخصي أيضاً إلا مع
عدم تيسر غيره.
ويعتبر فيه أن لا يكون مهزولاً عرفاً، والأحوط الأولى
أن لا يكون مريضا ولا موجوءاً، ولا مرضوض الخصيتين،
ولا كبيراً لا مخّ له.
ولا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها، وإن كان
الأحوط اعتبار سلامته منهما، والأحوط الأولى أن لا
يكون الهدي فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته.
مسألة 385 : إذا اشترى هدياً معتقداً سلامته فبان معيباً
بعد نقد ثمنه فالظاهر جواز الإكتفاء به.
مسألة 386 : إذا لم يجد شيئاً من الأنعام الثلاثة واجداً
للشرائط المتقدمة في أيام النحر ( يوم العيد وأيام
التشريق ) فالأحوط الجمع بين الفاقد لها وبين الصوم
بدلاً عن الهدي.
وكذلك الحال فيما إذا لم يجد إلا ثمن الفاقد. وإذا
تيسر له تحصيل التامّ في بقية ذي الحجة فالأحوط ضمه إلى
ما تقدم.
مسألة 387 : إذا إشترى هدياً على أنه سمين فبان مهزولاً
أجزأه، سواء كان ذلك قبل الذبح أم بعده.
وأما إذا كان عنده كبش مثلاً فذبحه بزعم أنه سمين فبان
مهزولا لم يجزئه على الأحوط.
مسألة 388 : إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجداً للشرائط
لم يعتن بشكه، ومنه ما إذا شك بعد الذبح أنه كان
بمنى أم كان في محل آخر.
وأما إذا شك في أصل الذبح، فإن كان الشك بعد تجاوز
محله، كما إذا كان بعد الحلق أو التقصير لم يعتن بشكه،
وإلا لزم الإتيان به.
وإذا شك في هزال الهدي فذبحه برجاء أن لا يكون
مهزولاً مع قصد القربة، ثم ظهر له بعد الذبح أنه لم
يكن مهزولاً اجتزأ به.
مسألة 389 : إذا اشترى هدياً سليماً لحج التمتع فمرض بعد
ما اشتراه أو أصابه كسر أو عيب ففي الإجتزاء به إشكال
بل منع، والأحوط أن يذبحه أيضاً، ويتصدق بثمنه لو
باعه.
مسألة 390 : لو اشترى هدياً فضل فلم يجده، ولم يعلم
بذبحه عنه، وجب عليه تحصيل هدي آخر مكانه، فإن وجد
الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول وهو بالخيار في
الثاني، إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه، وهو كسائر
أمواله، والأحوط الأولى ذبحه أيضاً، وإن وجده بعد
ذبحه الثاني ذبح الاول ايضاً على الاحوط.
مسألة 391 : لو وجد أحد كبشاً مثلاً وعلم بكونه هدياً
ضل عن صاحبه جاز له أن يذبحه عنه، وإذا علم بذلك
صاحبه اجتزأ به، والأحوط للواجد أن يعرفه قبل ذبحه
إلى عصر اليوم الثاني عشر.
مسألة 392 : من لم يجد الهدي في أيام النحر وكان عنده
ثمنه فالأحوط أن يجمع بين الصوم بدلاً عنه وبين الذبح
في بقية ذي الحجة إن أمكن ـ ولو بإيداع ثمنه عند من
يطمئن به ليشتري به هدياً ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجة،
فإن مضى الشهر ذبحه في السنة القادمة ـ ولا يبعد جواز
الاكتفاء بالصوم وسقوط الهدي بمضيّ أيّام التشريق .
مسألة 393 : إذا لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه صام ـ
بدلاً عنه ـ عشرة أيام، يأتي بثلاثة منها في شهر ذي
الحجة ـ والأحوط أن يكون ذلك في اليوم السابع والثامن
والتاسع ولا يقدمه عليها ـ ويأتي بالسبعة
المتبقية إذا رجع إلى بلده، ولا يجزئه الإتيان بها
في مكة أو في الطريق.
وإذا لم يرجع إلى بلده وأقام بمكة فعليه أن يصبر حتى
يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك.
ويعتبر التوالي في الثلاثة الأولى، ولا يعتبر ذلك في
السبعة وإن كان أحوط.
كما يعتبر في الثلاثة الإتيان بها بعد التلبس بإحرام
عمرة التمتع، فلو صامها قبل ذلك لم يجزئه.
مسألة 394 : المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في
الحج، إذا فاته صوم جميعها قبل يوم العيد لم يجزئه ـ
على الأحوط ـ أن يصومها في اليوم الثامن والتاسع ويوماً
آخر بعد رجوعه إلى منى، والأفضل أن لا يبدأ بها
إلا بعد إنقضاء أيام التشريق، وإن كان يجوز له البدء
من اليوم الثالث عشر اذا كان رجوعه من منى قبله، بل
وان كان رجوعه فيه على الاظهر.
والأحوط الأولى المبادرة إلى الصوم بعد أيام التشريق
وعدم تأخيره من دون عذر.
وإذا لم يتمكن من الصيام بعد الرجوع من منى صام في
الطريق أو صامها في بلده أيضاً، ولكن الأحوط الأولى
أن لا يجمع بين الثلاثة والسبعة، فإن لم يصم الثلاثة
حتى أهل هلال محرم سقط الصوم وتعين الهدي للسنة
القادمة.
مسألة 395 : من لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه وصام
ثلاثة أيام في الحج، ثم تمكن منه قبل مضي أيام النحر،
وجب عليه الهدي على الأحوط.
مسألة 396 : إذا لم يتمكن من الهدي باستقلاله، وتمكن
من الشركة فيه مع الغير، فالأحوط الجمع بين الشركة في
الهدي والصوم على الترتيب المذكور.
مسألة 397 : إذا استناب غيره في الذبح عنه ثم شك في
أنه ذبح عنه أم لا بنى على عدمه، وفي كفاية إخباره
بذلك ما لم يوجب الإطمئنان إشكال.
مسألة 398 : ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر
فيما يذبح كفارة، وإن كان الأحوط إعتبارها فيه.
مسألة 399 : الذبح أو النحر الواجب هدياً أو كفارة لا
تعتبر فيه المباشرة، بل يجوز ذلك بالإستنابة ولو في
حال الإختيار، ولا بد أن تكون النية من النائب، ولا
يشترط نية صاحب الهدي وإن كانت أحوط، ويعتبر في
النائب أن يكون مسلماً.
مصرف هدي التمتّع
الأحوط الأولى أن يأكل المتمتع من هديه، ولو قليلاً
مع عدم الضرر، ويجوز له تخصيص ثلثه لنفسه أو إطعام
أهله به، كما يجوز له أن يهدي ثلثاً منه إلى من يحب من
المسلمين، وأما الثلث الآخر فالأحوط وجوباً أن يتصدق
به على فقراء المسلمين.
وإذا تعذر التصدق به أو كان حرجياً سقط، ولا يعتبر
ايصاله إلى الفقير نفسه، بل يجوز الإعطاء إلى وكيله (وإن
كان الوكيل هو نفس من عليه الهدي ) ويتصرف
الوكيل فيه حسب إجازة موكله من الهبة أو البيع أو
الإعراض، أو غير ذلك.
ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى مع عدم حاجة
الموجودين فيها إليه.
مسألة 400 : لا يعتبر الإفراز في ثلث الصدقة ولا في
ثلث الهدي، ولكن يعتبر فيهما القبض، فلو تصدق بثلثه
المشاع وأقبضه الفقير ـ ولو بقبض الكل ـ كفى،
وكذلك الحال في ثلث الهدية.
مسألة 401 : يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن يتصرف
فيما قبضه كيفما شاء، فلا بأس بتمليكه غير المسلم.
مسألة 402 : إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب عليه
قهراً قبل التصدق فلا ضمان على صاحب الهدي بلا إشكال،
ولو أتلفه هو باختياره ولو بإعطائه لغير اهله ضمن
حصة الفقراء لهم على الأحوط.
3 ـ الحلق أو التقصير
وهو الواجب السادس من واجبات الحج.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ولا يجوز ايقاعه
قبل يوم العيد حتى في ليلته إلا للخائف، والأحوط
تأخيره عن رمي جمرة العقبة، وعن تحصيل الهدي بمنى،
والأحوط الأولى تأخيره من الذبح والنحر أيضاً، وعدم
تأخيره عن نهار يوم العيد، ولو قدمه على الرمي أو تحصيل الهدي نسياناً
أو جهلاً منه بالحكم أجزأه ولم يحتج إلى الإعادة .
مسألة 403 : لا يجوز الحلق للنساء، بل يتعين عليهن
التقصير.
مسألة 404 : يتخير الرجل بين الحلق والتقصير، والحلق
أفضل إلا من لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو
نحوهما لدفع القمل، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه
ولفه، أو كان صرورة، فإن الأحوط وجوباً لهؤلاء
إختيار الحلق.
مسألة 405 : من أراد الحلق وعلم أن الحلاق يجرح رأسه
بالموسى لم يجز له الحلق به، بل يحلق بالماكينة
الناعمة جداً، أو يقصر أولاً ثم يحلق بالموسى ـ إن شاء
ـ إذا كان مخيرا بين الحلق والتقصير، ولو خالف
أجزأه وإن كان آثماً.
مسألة 406 : الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم
يكن ملبّداً أو معقوصاً أو صرورة، وإلا لزمه التقصير
أولاً وضم اليه الحلق بعده أيضاً على الأحوط.
مسألة 407 : إذا حلق المحرم أو قصر حل له جميع ما حرم
عليه بالإحرام ما عدا النساء والطيب، بل والصيد أيضاً
على الأحوط.
والظاهر أن ما يحرم عليه من النساء بعد الحلق أو
التقصير لا يختص بالجماع، بل يعم سائر الإستمتاعات
التي حرمت عليه بالإحرام.
نعم، يجوز له بعده العقد على النساء والشهادة عليه
على الأقوى.
مسألة 408 : يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى، فإذا
لم يقصر ولم يحلق فيها متعمداً أو جهلاً منه بالحكم حتى
نفر منها وجب عليه الرجوع إليها وتداركه، وهكذا
الحكم في الناسي على الأحوط.
وإذا تعذر عليه الرجوع أو تعسر، حلق أو قصر في مكانه،
ويبعث بشعره إلى منى إن أمكنه ذلك.
ومن حلق رأسه في غير منى ـ ولو متعمداً ـ يجتزئ به ولكن
يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه أليها مع الإمكان.
مسألة 409 : إذا لم يقصر ولم يحلق نسياناً أو جهلاً
فذكره، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج تداركه،
ولم تجب عليه إعادة الطواف والسعي على الأظهر، وإن
كانت الإعادة أحوط.