كتاب الزكاة
( 240 )
( 241 )
( زكاة الأموال )
الزكاة من الواجبات التي اهتم الشارع المقدس بها ، وقد قرنها الله
تبارك وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة ، وهي احدى
الخمس التي بني عليها الإسلام ، وقد ورد أن الصلاة لا تقبل من مانعها ،
وإنَّ من منع قيراطاً من الزكاة فليمت ان شاء يهودياً أو نصرانياً ، وهي على
قسمين: زكاة الاموال ، وزكاة الأبدان ( زكاة الفطرة ) وسيأتي بيان القسم
الثاني بعد ذلك.
( مسألة 531 ) : تجب الزكاة في اربعة اشياء:
(1) في الأنعام: الغنم بقسميها المعز والضأن ، والابل ، والبقر ومنه
الجاموس.
(2) في النقدين: الذهب والفضة.
(3) في الغلاّت: الحنطة والشعير ، والتمر والزبيب.
(4) في مال التجارة على ـ الأحوط وجوباً ـ .
ويعتبر في وجوبها في الجميع أمران:
(الأول): الملكية الشخصية ، فلا تجب في الأوقاف العامة ، ولا في
المال الذي أوصى بان يصرف في التعازي أو المساجد ، أو المدارس ونحوها.
(الثاني): ان لا يكون محبوساً عن مالكه شرعاً ، فلا تجب الزكاة في
الوقف الخاص ، والمرهون وما تعلق به حق الغرماء ، وأما المنذور التصدق به
فتجب فيه الزكاة ولكن يلزم اداؤها من مال آخر لكي لا ينافي الوفاء بالنذر.
( 242 )
( زكاة الحيوان )
( مسألة 532 ) : يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام امور: فلا تجب
بفقدان شيء منها:
(1) استقرار الملكية في مجموع الحول ، فلو خرجت عن ملك
مالكها اثناء الحول لم تجب فيها الزكاة ، والمراد بالحول هنا مضي احد عشر
شهراً والدخول في الشهر الثاني عشر ـ وان كان الحول الثاني يبدأ من بعد
انتهائه ـ وابتداء السنة فيها من حين تملكها وفي نتاجها من حين ولادتها.
(2) تمكن المالك ، أو وليّه من التصرف فيها في تمام الحول ، فلو
غصبت أو ضلت ، أو سرقت فترة يعتد بها عرفاً لم تجب الزكاة فيها.
(3) السوم ، فلو كانت معلوفة ـ ولو في بعض السنة ـ لم تجب فيها
الزكاة ، نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلاً ، والعبرة فيه بالصدق
العرفي ، وتحسب مدة رضاع النتاج من الحول وان لم تكن امهاتها سائمة.
(4) بلوغها حد النصاب ، وسيأتي بيانه.
( مسألة 533 ) : صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة ، او
المشتراة للرعي محل اشكال ، فثبوت الزكاة فيها مبني على ـ الاحتياط
اللزومي ـ .
( مسألة 534 ) : لا يشترط في وجوب الزكاة في البقر والابل زائداً على
كونها سائمة ان لا تكون عوامل على ـ الأحوط لزوماً ـ فلو استعملت في
( 243 )
السقي ، أو الحرث ، أو الحمل ، أو نحو ذلك فلا يترك الاحتياط باخراج
زكاتها ، وإذا كان استعمالها من القلة بحد يصدق عليها انها فارغة ـ وليست
بعوامل ـ وجبت فيها الزكاة بلا اشكال.
( مسألة 535 ) : في الغنم خمسة نصب:
(1) اربعون ، وفيها شاة.
(2) مائة واحدى وعشرون ، وفيها شاتان.
(3) مائتان وواحدة ، وفيها ثلاث شياه.
(4) ثلاثمائة وواحدة ، وفيها اربع شياه.
(5) اربعمائة فصاعداً ففي كل مائة شاة ، وما بين النصابين في حكم
النصاب السابق ـ والأحوط لزوماً ـ في الشاة المخرجة زكاة ان تكون داخلة
في السنة الثالثة ان كانت معزاً ، وان تكون داخلة في السنة الثانية ان كانت
ضأناً.
( مسألة 536 ) : في الإبل اثنا عشر نصاباً:
(1) خمس ، وفيها شاة.
(2) عشرة ، وفيها شاتان.
(3) خمس عشرة ، وفيها ثلاث شياه.
(4) عشرون ، وفيها اربع شياه.
(5) خمس وعشرون ، وفيها خمس شياه.
(6) ست وعشرون ، وفيها بنت مخاض ، وهي الداخلة في السنة
الثانية.
(7) ست وثلاثون ، وفيها بنت لبون ، وهي الداخلة في السنة الثالثة.
( 244 )
(8) ست واربعون ، وفيها حقة ، وهي الداخلة في السنة الرابعة.
(9) احدى وستون ، وفيها جذعة ، وهي التي دخلت في السنة
الخامسة.
(10) ست وسبعون ، وفيها بنتا لبون.
(11) احدى وتسعون وفيها حقتان.
(12) مائة واحدى وعشرون فصاعداً ، وفيها حقة لكل خمسين ،
وبنت لبون لكل اربعين ، بمعنى انه يتعين عدها بالأربعين اذا كان عادَّاً لها
بحيث اذا حسبت به لم تكن زيادة ولا نقيصة ، كما اذا كانت مائة وستين
رأساً ، ويتعين عدها بالخمسين اذا كان عاداً لها ـ بالمعنى المتقدم ـ كما اذا
كانت مائة وخمسين رأساً ، وان كان كل من الأربعين والخمسين عاداً كما اذا
كانت مأتي رأس تخير المالك في العدّ باي منهما ، وان كانا معاً عادين لها
وجب العد بهما كذلك كما اذا كانت مأتين وستين رأساً فيحسب خمسينين
واربع اربعينات.
( مسألة 537 ) : في البقر نصابان :
(1) ثلاثون ، وزكاتها ما دخل منها في السنة الثانية ـ والأحوط لزوماً ـ
ان يكون ذكراً.
(2) اربعون ، وزكاتها مسنّة ، وهي الداخلة في السنة الثالثة ، وفي ما
زاد على اربعين يعد بثلاثين أو أربعين على التفصيل المتقدم ، وما بين
النصابين في البقر والابل في حكم النصاب السابق كما تقدم في الغنم.
( مسألة 538 ) : اذا تولى المالك اخراج زكاة ماله لم يجز له اخراج
المريض زكاة اذا كان جميع النصاب في الانعام صحاحاً ، كما لا يجوز له
( 245 )
اخراج المعيب اذا كان النصاب باجمعه سليماً ، وكذلك لا يجوز له اخراج
الهرم اذا كان كان الجميع شباباً ، بل الأمر كذلك مع الاختلاف على
ـ الأحوط لزوماً ـ نعم إذا كان جميع افراد النصاب مريضاً ، أو معيباً أو هرماً
جاز له الاخراج منها.
( مسألة 539 ) : اذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثم ملك مقداراً آخر
بنتاج او شراء او غير ذلك ، ففيه صور:
(الأولى): ان يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملّكه أولاً ، ففي
هذه الصورة يبتدئ الحول للمجموع ، مثلاً إذا كان عنده من الابل خمس
وعشرون ، وبعد انتهاء الحول ملك واحدة فحينئذٍ يبتدئ الحول لست
وعشرين.
(الثانية): ان يكون ملكه الجديد اثناء الحول ، وكان هو بنفسه بمقدار
النصاب ، ففي هذه الصورة لا ينضم الجديد إلى الملك الاول ، بل يعتبر
لكل منهما حول بانفراده ـ وان كان الملك الجديد مكملاً للنصاب اللاحق
على الاحوط لزوماً ـ ، فإذا كان عنده خمس من الابل فملك خمساً اخرى
بعد مضي ستة اشهر ، لزم عليه اخراج شاة عند تمام السنة الاولى ، واخراج
شاة اخرى عند تمام السنة من حين تملكه الخمس الاخرى ، واذا كان عنده
عشرون من الابل وملك ستة في اثناء حولها فالاحوط لزوماً ان يعتبر
للعشرين حولاً وللستة حولاً آخر ويدفع على رأس كل حول فريضته.
(الثالثة): ان يكون ملكه الجديد مكملا للنصاب اللاحق ولا يعتبر
نصاباً مستقلاً ، ففي هذه الصورة يجب اخراج الزكاة للنصاب الأول عند
انتهاء سنته ، وبعده يضم الجديد الى السابق ، ويعتبر لهما حولا واحداً ، فاذا
ملك ثلاثين من البقر ، وفي اثناء الحول ملك احد عشر رأساً من البقر
( 246 )
وجب عليه ـ بعد انتهاء الحول ـ اخراج الزكاة للثلاثين ويبتدئ الحول
للاربعين.
(الرابعة): ان لا يكون ملكه الجديد نصاباً مستقلاً ولا مكملاً للنصاب
اللاحق ، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شيء لملكه الجديد ، وان كان هو
بنفسه نصاباً لو فرض انه لم يكن مالكاً للنصاب السابق ، فاذا ملك اربعين
رأساً من الغنم ثم ملك اثناء الحول اربعين غيرها لم يجب شيء في ملكه
ثانياً ما لم يصل إلى النصاب الثاني.
( مسألة 540 ) : إذا كان مالكاً للنصاب لا أزيد ـ كاربعين شاة مثلاً ـ
فحال عليه ، احوال فان اخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه
حينئذٍ عن النصاب ، وان اخرجها منه أو لم يخرجها اصلاً لم تجب الا زكاة
سنة واحدة ، ولو كان عنده ازيد من النصاب ـ كأن كان عنده خمسون شاة ـ
وحال عليه احوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من
السنين الى ان ينقص عن النصاب.
( مسألة 541 ) : لا يجب اخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلقت
الزكاة بها ، فلو ملك من الغنم اربعين جاز له ان يعطي شاة من غيرها زكاة.
( 247 )
( زكاة النقدين )
يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة أمور:
(الأول): كمال المالك بالبلوغ والعقل ، فلا تجب الزكاة في النقدين
من اموال الصبي والمجنون.
(الثاني): بلوغ النصاب ، ولكل منهما نصابان ، ولا زكاة فيما لم يبلغ
النصاب الأول منهما ، وما بين النصابين بحكم النصاب السابق ، فنصابا
الذهب: خمسة عشر مثقالاً صيرفياً ، ثم ثلاثة فثلاثة ، ونصابا الفضة: مائة
وخمسة مثاقيل ، ثم واحد وعشرون ، فواحد وعشرون مثقالاً وهكذا ،
والمقدار الواجب اخراجه في كل منهما ربع العشر ( 5‚2%).
(الثالث): ان يكونا من المسكوكات النقدية التي يتداول التعامل بها
سواء في ذلك السكة الاسلامية وغيرها ، فلا تجب الزكاة في سبائك الذهب
والفضة ، والحلي المتخذة منهما ، وفي غير ذلك مما لا يكون مسكوكاً او
يكون من المسكوكات القديمة الخارجة عن رواج المعاملة.
وبذلك يعلم انه لا موضوع لزكاة الذهب والفضة في العصر الحاضر
الذي لا يتداول فيه التعامل بالعملات النقدية الذهبية والفضية.
(الرابع): مضي الحول ، بان يبقى في ملك مالكه واجداً للشروط تمام
الحول ، فلو خرج عن ملكه اثناء الحول ، أو نقص عن النصاب ، او الغيت
سكته ـ ولو بجعله سبيكة ـ لم تجب الزكاة فيه ، نعم لو ابدل الذهب
( 248 )
المسكوك بمثله ، أو بالفضة المسكوكة ، أو ابدل الفضة المسكوكة بمثلها ،
أو بالذهب المسكوك كلاً أو بعضاً بقصد الفرار من الزكاة وبقي واجداً لسائر
الشرائط الى تمام الحول فلا يترك الاحتياط باخراج زكاته حينئذٍ ، ويتم
الحول بمضي احد عشر شهراً ، ودخول الشهر الثاني عشر.
(الخامس): تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول ،
فلا تجب الزكاة في المغصوب والمسروق ، والمال الضائع فترة يعتد بها
عرفاً.
( 249 )
( زكاة الغلات الأربع )
يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران:
( الأول: بلوغ النصاب ) ولها نصاب واحد وهو ثلاثمائة صاع ، وهذا
يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة وسبعة واربعين كيلو غراماً(1) ، ولا تجب الزكاة
في ما لم يبلغ النصاب ، فاذا بلغه وجبت فيه وفي ما يزيد عليه ، وان كان
الزائد قليلاً.
( الثاني: الملكية حال تعلق الزكاة بها ) فلا زكاة فيها اذا تملكها
الانسان بعد تعلق الزكاة بها.
( مسألة 542 ) : تتعلق الزكاة بالغلات حينما يصدق عليها اسم الحنطة
____________
(1) ان نصاب الغلات قد حدد في النصوص الشرعية بالمكاييل التي كانت متداولة في
العصور السابقة ولا تعرف مقاديرها اليوم بحسب المكاييل السائدة في هذا العصر ،
كما لا يمكن تطبيق الكيل على الوزن بضابط عام يطرد في جميع انواع الغلات لانها
تختلف خفة وثقلاً بحسب طبيعتها ولعوامل اُخرى ، فالشعير اخف وزناً من الحنطة
بكثير كما ان ما يستوعبه المكيال من التمر غير المكبوس أقل وزناً مما يستوعبه من
الحنطة لاختلاف افرادهما في الحجم والشكل مما تجعل الخلل والفُرَج الواقعة بين
أفراد التمر ازيد منها بين افراد الحنطة ، بل ان نفس افراد النوع الواحد تختلف في
الوزن بحسب اختلافها في الصنف وفي نسبة ما تحملها من الرطوبة ، ولذلك لا
سبيل إلى تحديد النصاب بوزن موحد لجميع الانواع والاصناف ، ولكن الذي يسهل
الامر ان المكلف اذا لم يحرز بلوغ ما ملكه من الغلة حد النصاب لا يجب عليه
اخراج الزكاة منه ومع كونه بالمقدار المذكور في المتن يقطع ببلوغه النصاب على
جميع التقادير والمحتملات.
( 250 )
أو الشعير ، أو التمر أو العنب ، إلاّ أن المناط في اعتبار النصاب بلوغها حده
بعد يبسها ، حين تصفية الحنطة والشعير من التبن ، واجتذاذ التمر واقتطاف
الزبيب ، فاذا كانت الغلة حينما يصدق عليها احد هذه العناوين بحد
النصاب ، ولكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.
( مسألة 543 ) : لا تتعلق الزكاة بما يؤكل ويصرف من ثمر النخل حال
كونه بُسراً (خلالاً) أو رطباً وإن كان يبلغ مقدار النصاب لو بقي وصار تمراً ،
وأمّا ما يؤكل ويصرف من ثمر الكرم عنباً فيجب إخراج زكاته لو كان بحيث
لو بقي وصار زبيباً لبلغ حد النصاب.
( مسألة 544 ) : لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلاّ مرة واحدة ، فاذا
ادى زكاتها لم تجب في السنة الثانية ، ولا يشترط فيها الحول المعتبر في
النقدين والأنعام.
( مسألة 545 ) : يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور
الآتية:
(الأولى): ان يكون سقيها بالمطر ، أو بماء النهر ، أو بمصّ عروقها
الماء من الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج ، ففي هذه
الصورة يجب اخراج عشرها (10%) زكاة.
(الثانية): ان يكون سقيها بالدلو والرشا ، والدوالي والمضخات ونحو
ذلك ، ففي هذه الصورة يجب اخراج نصف العشر (5%).
(الثالثة): ان يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة ، وبالدلو أو نحوه تارة
اُخرى ، ولكن كان الغالب احدهما بحد يصدق عرفاً انه سقي به ، ولا يعتد
بالآخر ، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.
( 251 )
(الرابعة): ان يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك ، بان لا يزيد
احدهما على الآخر ، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن
الاعتبار ، ففي هذه الصورة يجب اخراج ثلاثة ارباع العشر (7.5%).
( مسألة 546 ) : المدار في التفصيل المتقدم في الثمرة عليها لا على
شجرتها ، فاذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء مثلا فلما بلغ اوان
اثمارها صار يمص ماء النزيز بعروقه وجب فيه العشر 10%.
( مسألة 547 ) : إذا زرع الأرض حنطة ـ مثلاً ـ وسقاها بالمضخات أو
نحوها ، فتسرّب الماء إلى ارض مجاورة فزرعها شعيراً فمصّ الماء بعروقه
ولم يحتج الى سقي آخر فمقدار الزكاة في الزرع الأول 5% وفي الزرع الثاني
10% على ـ الأحوط لزوماً ـ ومثل ذلك ما إذا زرع الأرض وسقاها بعلاج ثم
حصده وزرع مكانه شعيراً مثلا فمصّ الماء المتخلف في الأرض ولم يحتج
الى سقي جديد فان ـ الأحوط لزوماً ـ ثبوت الزكاة فيه بنسبة 10%.
( مسألة 548 ) : لا يعتبر في بلوغ الغلات حدّ النصاب استثناء ما صرفه
المالك في المؤن قبل تعلق الزكاة وبعده ، فلو كان الحاصل يبلغ حد
النصاب ولكنه إذا وضعت المؤن لم يبلغه وجبت الزكاة فيه ، بل الأحوط
لزوماً إخراج الزكاة من مجموع الحاصل من دون وضع المؤن ، نعم ما
تأخذه الحكومة من اعيان الغلات لا تجب زكاته على المالك.
( مسألة 549 ) : اذا تعلقت الزكاة بالغلات لا يتعين على المالك تحمل
مؤونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء ، فان له المخرج عن ذلك بان يسلمها
الى مستحقها ، أو الحاكم الشرعي وهي على الساق ، أو على الشجر ثم
يشترك معه في المؤن.
( مسألة 550 ) : لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان
( 252 )
واحد ، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب ، وكان
له مثل ذلك في بلد آخر ، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب
وجبت الزكاة فيه.
( مسألة 551 ) : إذا ملك شيئاً من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات
وجب على الورثة إخراجها ، وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال باجمعه الى
الورثة ، فمن بلغ نصيبه حد النصاب ـ حين تعلق الزكاة به ـ وجبت عليه ،
ومن لم يبلغ نصيبه حده لم تجب عليه.
( مسألة 552 ) : من ملك نوعين من غلة واحدة كالحنطة الجيدة
والرديئة ، جاز له اخراج الزكاة منهما مراعياً للنسبة ، ولا يجوز اخراج تمامها
من القسم الرديء على ـ الأحوط لزوماً ـ.
( مسألة 553 ) : إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلة ـ كما في المزارعة
وغيرها ـ لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب ،
بل يختص الوجوب بمن بلغ نصيبه حده.
( 253 )
( زكاة مال التجارة )
وهو المال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصداً به الاكتساب
والاسترباح ، فيجب ـ على الأحوط ـ اداء زكاته ، وهي ربع العشر (2.5%)
مع استجماع الشرائط التالية:
(الأول): كمال المالك بالبلوغ والعقل.
(الثاني): بلوغ المال حد النصاب وهو نصاب احد النقدين المتقدم
في ص (229).
(الثالث): مُضيِّ الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح.
(الرابع): بقاء قصد الاسترباح طول الحول ، فلو عدل عنه ونوى به
القنية ، أو الصرف في المؤونة مثلاً في الأثناء لم تجب فيه الزكاة.
(الخامس): تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول.
(السادس): ان يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول ، فلو
طلب بنقيصة اثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.
( 254 )
( أحكام الزكاة )
يجب قصد القربة في اداء الزكاة حين تسليمها الى المستحق ، أو
الحاكم الشرعي ، أو العامل المنصوب من قبله ، أو الوكيل في ايصالها الى
المستحق ـ والأحوط استحباباً ـ استمرار النية حتى يوصلها الوكيل ، وان ادى
قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعيّنه واجزاؤه وإن أثم ،
والأولى تسليم الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليصرفها في مصارفها.
( مسألة 554 ) : لا يجب اخراج الزكاة من عين ما تعلقت به فيجوز
اعطاء قيمتها من النقود ، دون غيرها على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 555 ) : من كان له على الفقير دين جاز له ان يحتسبه زكاة ،
سواء في ذلك موت المديون وحياته ، نعم يعتبر في المديون الميت ان لا
تفي تركته باداء دينه ، أو يمتنع الورثة عن ادائه ، او يتعذر استيفاؤه لسبب
آخر.
( مسألة 556 ) : يجوز اعطاء الفقير الزكاة من دون إعلامه بالحال.
( مسألة 557 ) : إذا أدى الزكاة الى من يعتقد كونه مصرفاً لها ثم
انكشف خلافه استردها إذا كانت عينها باقية ، وكان له استرداد بدلها إذا
تلفت العين وقد علم الآخذ ان ما اخذه زكاة ، وأما إذا لم يكن الآخذ عالماً
بذلك فلا ضمان عليه ، ويجب على المالك حينئذٍ وعند عدم امكان
الاسترداد في الصورة الاولى اخراج بدلها ، نعم اذا كان أداؤه بعد الفحص
( 255 )
والاجتهاد ، أو مستنداً الى الحجة الشرعية فوجوب اخراج البدل مبني على
الاحتياط ، وإذا سلَّم الزكاة الى الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها
باعتقاد انه مصرف لها برئت ذمة المالك ، ولا يجب عليه اخراجها ثانياً.
( مسألة 558 ) : يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر ، وإذا كان في بلد
الزكاة مستحق كانت اجرة النقل على المالك ، ولو تلفت الزكاة بعد ذلك
ضمنها ، وإذا لم يجد المستحق في بلده فنقلها لغاية الايصال إلى مستحقه
استجاز الحاكم الشرعي ، أو وكيله في احتساب الأُجرة على الزكاة لم
يضمنها إذا تلفت بغير تفريط.
( مسألة 559 ) : يجوز عزل الزكاة من العين أو من مال آخر فيتعين
المعزول زكاة ويكون أمانة عنده ، ولا يضمنه حينئذٍ الا إذا فرط في حفظه
أو أخر أداءه مع وجود المستحق من دون غرض صحيح ، وفي ثبوت
الضمان إذا كان التأخير لغرض صحيح كما إذا أخّره لانتظار مستحق معين ،
أو للإيصال الى المستحق تدريجاً اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في
ذلك.
( مسألة 560 ) : لا يجوز للمالك أن يسترجع من الفقير ـ بشرط ، أو
بدونه ـ ما دفعه اليه من الزكاة مع عدم طيب نفسه بذلك ، كما لا يجوز
للفقير ان يصالح المالك على تعويض الزكاة بشيء قبل تسلمها.
( مسألة 561 ) : اذا اتفق تلف شيء من الأنعام اثناء الحول فان نقص
الباقي عن النصاب لم تجب الزكاة فيه ، والا وجبت الزكاة فيما بقي منها ،
ولو كان التلف بعد تعلق الزكاة به فان نقص به النصاب حسب التالف من
الزكاة ومن مال المالك بالنسبة اذا لم يكن بتفريط منه ، وان لم ينقص به
النصاب كان التلف من المالك فحسب على ـ الأحوط لزوماً ـ ويجري نظير
( 256 )
هذا الحكم في النقدين والغلات أيضاً.
( مسألة 562 ) : إذا باع المالك ما تعلقت به الزكاة قبل اخراجها صح
البيع ، سواء وقع على جميع العين الزكوية ، أو على بعضها المعين أو
المشاع ، ويجب على البائع اخراج الزكاة ولو من مال آخر ، وأما المشتري
القابض للمبيع فان اعتقد ان البائع قد اخرجها قبل البيع ، أو احتمل ذلك لم
يكن عليه شيء والا فيجب عليه اخراجها ، فان اخرجها وكان مغروراً من
قبل البائع جاز له الرجوع بها عليه.
( 257 )
( موارد صرف الزكاة )
تصرف الزكاة في ثمانية موارد:
( الأول والثاني : الفقراء والمساكين ) والمراد بالفقير من لا يملك
مؤونة سنته اللائقة بحاله لنفسه وعائلته ، لا بالفعل ولا بالقوة ، فلا يجوز
اعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي ـ ولو بالتجارة والاستنماء ـ بمصرفه
ومصرف عائلته مدة سنة ، أو كانت له صنعة أو حرفة يتمكن بها من اعاشة
نفسه وعائلته وان لم يملك ما يفي بمؤونة سنته بالفعل ، والمسكين أسوأ
حالاً من الفقير كمن لا يملك قوته اليومي.
( مسألة 563 ) : يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا علم فقره سابقاً
ولم يعلم غناه بعد ذلك ، ولو جهل حاله من أول أمره ـ فالأحوط لزوماً ـ
عدم دفع الزكاة اليه الا مع الوثوق بفقره ، وإذا علم غناه سابقاً فلا يجوز ان
يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة.
( مسألة 564 ) : لا يضر بصدق عنوان (الفقير) التمكن من تأمين مؤونته
بالتكسب بمهنة ، أو صنعة لا تناسب شأنه ، كما لا يضر به كونه مالكاً رأس
مال لا يكفي ربحه بمؤونته وان كانت عينه تكفي لذلك ، وكذلك لا يضرُّ به
تملكه داراً لسكناه واثاثاً لمنزله وسائر ما يحتاج اليه من وسائل الحياة اللائقة
بشأنه ، نعم إذا كان له من ذلك اكثر من مقدار حاجته وكانت تفي بمؤونته
لم يعد فقيراً ، بل لو كان يملك داراً فخمة ـ مثلاً ـ تندفع حاجته باقل منها
( 258 )
قيمة وكان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يعد فقيراً اذا بلغت الزيادة حد
الاسراف بان خرج عما يناسب حاله كثيراً والا لم يمنع من ذلك.
ومن كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بمؤونته لا
يجوز له ـ على الأحوط ـ ترك التعلم والأخذ من الزكاة ، نعم يجوز له الأخذ
منها في فترة التعلم ، بل يجوز له الأخذ ما لم يتعلم وإن كان مقصراً في
تركه ، وكذلك من كان قادراً على التكسب وتركه تكاسلاً وطلباً للراحة حتى
فات عنه زمان الاكتساب بحيث صار محتاجاً فعلاً الى مؤونة يوم ، أو ايام
فانه يجوز له ان يأخذ من الزكاة وان كان ذلك العجز قد حصل بسوء
اختياره.
( الثالث : العاملون عليها ) من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو الامام عليه السلام أو
الحاكم الشرعي أو نائبه.
( الرابع : المؤلفة قلوبهم ) وهم طائفة من الكفار يتمايلون الى
الاسلام ، أو يعاونون المسلمين بإعطائهم الزكاة ، أو يُؤمَن بذلك من شرهم
وفتنتهم ، وطائفة من المسلمين شكاك في بعض ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله
فيعطون من الزكاة ليحسن اسلامهم ويثبتوا على دينهم ، أو قوم من
المسلمين لا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها ،
ولا ولاية للمالك في صرف الزكاة على المذكورين في المورد الثالث
والرابع ، بل ذلك منوط برأي الامام عليه السلام أو نائبه.
( الخامس : العبيد ) فانهم يعتقون من الزكاة ، على تفصيل مذكور في
محله.
( السادس : الغارمون ) فمن كان عليه دين وعجز عن ادائه جاز اداء
دينه من الزكاة ، وان كان متمكناً من إعاشةِ نفسه وعائلته سنة كاملة بالفعل
( 259 )
أو بالقوة.
( مسألة 565 ) : يعتبر في الدين ان لا يكون قد صرف في حرام ، والا
لم يجز اداؤه من الزكاة ـ والأحوط لزوماً ـ اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته ،
فلو كان عليه دين مؤجل لم يحل اجله فلا يترك الاحتياط بعدم ادائه من
الزكاة ، وكذلك ما إذا قنع الدائن بادائه تدريجاً وتمكن المديون من ذلك من
دون حرج.
( مسألة 566 ) : لا يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الدين ، بل لا بد من
ثبوته بعلم أو بحجة معتبرة.
( السابع : سبيل الله ) ويقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد
الطرق ، وبناء الجسور والمستشفيات ، وملاجىء للفقراء ، والمساجد
والمدارس الدينية ، ونشر الكتب الاسلامية المفيدة وغير ذلك مما يحتاج
اليه المسلمون ، وفي ثبوت ولاية المالك على صرف الزكاة فيه اشكال ،
فلايترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي.
( الثامن : ابن السبيل ) وهو المسافر الذي نفدت نفقته ، أو تلفت
راحلته ولا يتمكن معه من الرجوع الى بلده وان كان غنياً فيه ، ويعتبر فيه ان
لا يجد ما يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله الى بلده ، وان لا يتمكن من
الاستدانة بغير حرج ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ اعتبار ان لا يكون متمكناً من
بيع ، او ايجار ماله الذي في بلده ، ويعتبر فيه أيضاً ان لا يكون سفره في
معصية ؛ فإذا كان شيء من ذلك لم يجز ان يعطى من الزكاة.
( مسألة 567 ) : يجوز للمالك دفع الزكاة الى مستحقيها مع استجماع
الشرائط الآتية:
( 260 )
(1) الايمان ، ولا فرق في المؤمن بين البالغ وغيره ، ويصرفها المالك
على غير البالغ بنفسه ، أو بتوسط أمين ، أو يعطيها لوليه.
(2) ان لا يصرفها الآخذ في حرام ، فلا يعطيها لمن يصرفها فيه ، بل
ـ الأحوط لزوماً ـ اعتبار ان لا يكون في الدفع اليه اعانة على الإثم واغراء
بالقبيح ، وان لم يكن يصرفها في الحرام ، كما ان ـ الأحوط لزوماً ـ عدم
اعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر ، أو المتجاهر بالفسق.
(3) ان لا تجب نفقته على المالك ، فلا يعطيها لمن تجب نفقته عليه
كالولد والأبوين ، والزوجة الدائمة ، ولا بأس باعطائها لمن تجب نفقته
عليهم ، فإذا كان الوالد فقيراً وكانت له زوجة تجب نفقتها عليه جاز للولد ان
يعطي زكاته لها.
( مسألة 568 ) : يختص عدم جواز اعطاء المالك الزكاة لمن تجب
نفقته عليه بما إذا كان الاعطاء بعنوان الفقر ، فلا بأس باعطائها له بعنوان
آخر ، كما إذا كان مديوناً أو ابن سبيل.
( مسألة 569 ) : لا يجوز اعطاء الزكاة للزوجة الفقيرة اذا كان الزوج باذلاً
لنفقتها ، أو كان قادراً على ذلك مع امكان اجباره عليه ، كما أن ـ الأحوط
لزوماً ـ عدم اعطاء الزكاة للفقير الذي وجبت نفقته على شخص آخر مع
استعداده للقيام بها من دون منة لا تتحمل عادة.
(4) ان لا يكون هاشمياً ، فلا يجوز اعطاء الزكاة للهاشمي من سهم
الفقراء أو من غيره ، وهذا شرط عام في مستحق الزكاة وان كان الدافع اليه
هو الحاكم الشرعي ، ولا بأس بأن ينتفع الهاشمي ـ كغيره ـ من المشاريع
الخيرية المنشأة من سهم سبيل الله ، ويستثنى مما تقدم ما إذا كان المعطي
هاشمياً ، فلا تحرم على الهاشمي زكاة مثله ، وأما إذا اضطر الهاشمي إلى