العوضين صحيحاً والآخر معيباً ، أو كان احدهما جيداً والآخر رديئاً ، أو كانت قيمتهما مختلفة لأمر آخر ، فلو أعطى الذهب المصوغ وأخذ اكثر منه من غير المصوغ فهو رباً وحرام.
( مسألة 654 ) : لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد من جنس العوضين ، فإذا باع كيلو غرام من الحنطة بكيلو غرام منها ودرهم فهو أيضاً رباً وحرام ، بل لو كان الزائد من الأعمال ـ كأن شرط أحد المتبايعين على الآخر أن يعمل له عملاً ـ فهو أيضاً رباً وحرام ، وكذلك إذا كانت الزيادة حكمية كأن باع كيلو غرام من الحنطة نقداً بكيلو غرام منها نسيئة.
( مسألة 655 ) : لا بأس بالزيادة في أحد الطرفين إذا أضيف الى الاخر شيء كأن يبيع كيلوغرام من الحنطة مع منديل بكيلو غرامين من الحنطة؛ بشرط ان تكون المعاملة نقديه ويقصد المتبايعان كون المنديل بازاء المقدار الزائد من الحنطة وكذلك لا بأس بالزيادة إذا كانت الإضافة في الطرفين كأن باع كيلو غرام من الحنطة مع منديل بكيلو غرامين ومنديل وتصح المعاملة نقداً ونسيئة إذا قصدا كون المنديل في كل طرف بازاء الحنطة في الطرف الآخر ، وكذا تصح نقداً إذا قصدا كون المنديل في طرف الناقص بازاء المنديل والكيلو غرام الزائد من الحنطة في الطرف الآخر.
( مسألة 656 ) : يجوز في ما يباع بالمساحة أو العد ، كالأقمشة والكتب بيعه باكثر منه نقداً ونسيئة مع اختلافهما جنساً ، واما مع الاتحاد في الجنس فالاحوط لزوماً ترك بيعه بالأكثر كأن يبيع متراً من الحرير بمترين منه الى شهر واحد.
( مسألة 657 ) : الأوراق النقدية بما أنها من المعدود يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلاً مع اختلافهما جنساً نقداً ونسيئة ، فيجوز بيع خمسة دنانير كويتية بعشرة دنانير عراقية مطلقاً ، واما مع الاتحاد في الجنس فيجوز


( 302 )

التفاضل في البيع بها نقداً واما نسيئة فالاحوط لزوماً تركه ، ولا بأس بتنزيل الصكوك نقداً بمعنى ان المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز خصمها في المصارف وغيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالاً ويكون الثمن نقداً.
( مسألة 658 ) : ما يباع في غالب البلدان بالكيل أو الوزن يجوز بيعه نقداً باكثر منه في البلد الذي يباع فيه بالعد ، وما يختلف حاله في البلاد من غير غلبة فحكمه في كل بلد يتبع ما تعارف فيه ، فلا يجوز بيعه بالزيادة في بلد يباع فيه بالكيل والوزن ، ويجوز نقداً فيما يباع فيه بالعدّ ، واما إذا اختلف حاله في بلد واحد فالاحوط وجوباً عدم بيعه فيه بالتفاضل.
( مسألة 659 ) : إذا كان العوضان من المكيل أو الموزون ولم يكونا من جنس واحد جاز أخذ الزيادة ان كانت المعاملة نقدية ، واما في النسيئة فالاحوط لزوماً تركه كأن يبيع كيلو غرام من الأُرز بكيلو غرامين من الحنطة الى شهر واحد.
( مسألة 660 ) : المشهور بين الفقهاء (رض) انه لا يجوز التفاضل بين العوضين المأخوذين من أصل واحد ، فلا يجوز بيع كيلو غرام من الزُبد بكيلو غرامين من الجبن ، ولكن إطلاق هذا الحكم مبني على الاحتياط اللزومي ، ولا يجوز التفاضل في بيع الرطب من فاكهة بالجاف منها.
( مسألة 661 ) : تعتبر الحنطة والشعير من جنس واحد في باب الربا ، فلا يجوز بيع كيلو غرام من أحدهما بكيلو غرامين من الآخر ، وكذا لا يجوز بيع كيلو غرام من الشعير نقداً بكيلو غرام من الحنطة نسيئة.
( مسألة 662 ) : لا ربا بين الوالد والولد ولا بين الرجل وزوجته فيجوز لكل منهما أخذ الزيادة من الاخر ، وكذا لا ربا بين المسلم والكافر غير الذمي اذا أخذ المسلم الزيادة.


( 303 )

( شرائط المتبايعين )
( مسألة 663 ) : يشترط في المتبايعين ستة أمور:
(1) البلوغ.
(2) العقل.
(3) الرشد.
(4) القصد.
(5) الاختيار.
(6) ملك العقد ، فلا تصح معاملة الصبي والمجنون والسفيه والهازل والمكره والفضولي ، على تفصيل في بعض ذلك يأتي في المسائل الاتية.
( مسألة 664 ) : لا يجوز استقلال غير البالغ في المعاملة على أمواله وإن أذن له الولي ، الا في الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها فانه تصح معاملته فيها ، وإذا كانت المعاملة من الولي وكان المميز وكيلاً عنه في مجرد إنشاء الصيغة جازت ، وكذا تجوز معاملته بمال الغير بأذنه وان لم يكن بأذن الولي كما لا مانع من وساطة الصبي في إيصال الثمن أو المبيع الى البائع أو المشتري.
( مسألة 665 ) : إذا اشترى من غير البالغ شيئاً من أمواله ـ في غير المورد الذي تصح معاملته فيه ـ وجب رد ما اشتراه الى وليه ، ولا يجوز رده الى الطفل نفسه ، وإذا اشترى منه مالاً لغيره من دون اجازة المالك وجب رده اليه أو استرضاؤه فان لم يتمكن من معرفة المالك تصدق بالمال عنه ، والأحوط وجوباً أن يكون ذلك باذن الحاكم الشرعي.


( 304 )

( مسألة 666) : لو اكره أحد المتعاملين على المعاملة ، ثم رضي بها صحت ، ولا حاجة إلى إعادة الصيغة.
( مسألة 667 ) : اذا باع مال الغير فضولاً اي من دون إذنه ، ثم اجازه بعد ذلك صح من حين العقد.
(مسألة 668 ) : يجوز لكل من الاب والجد من طرف الاب ان يبيع مال غير البالغ ومن بلغ مجنوناً أو سفيهاً او يشتري باموالهم اذا لم يكن فيه مفسدة لهم ، ويجوز ذلك أيضاً لوصيّ الاب والجد ولكن عليه ان يراعي مصلحتهم ولا يكفي عدم المفسدة ، ومع فقد الجميع يجوز للمجتهد العادل ووكيله في ذلك ـ وللعدل من المؤمنين عند عدم التمكن من الوصول إليهما ـ ان يبيع اموال هؤلاء ومال الغائب او يشتري باموالهم اذا اقتضت مصلحتهم ذلك ، وان كان الاحوط استحباباً الاقتصار على ما اذا كان في تركه الضرر والفساد.
( مسألة 669 ) : إذا بيع المال المغصوب ، ثم أجازه المالك صح ، وكان المال ومنافعه من حين المعاملة للمشتري والعوض ومنافعه للمالك الأصيل ، ولا فرق في ذلك بين أن يبيعه الغاصب لنفسه أو للمالك.


( 305 )

( شرائط العوضين )
( مسألة 670 ) : يشترط في العوضين خمسة أمور:
(1) العلم بمقدار كل منهما بما يتعارف تقديره به عند البيع من الوزن أو الكيل أو العدّ أو المساحة.
(2) القدرة على إقباضه ، وإلاّ بطل البيع ـ إلاّ ان يضم إليه ما يتمكن من تسليمه ـ ويكفي تمكن من انتقل اليه العوض من الاستيلاء عليه ، فإذا باع الدابة الشاردة وكان المشتري قادراً على أخذها صح البيع.
(3) معرفة جنسه وخصوصياته التي تختلف بها القيم.
(4) ان لا يتعلق به لأحدٍ حق يقتضي بقاء متعلقه في ملكية مالكه ، والضابط فوت الحق بانتقاله الى غيره ، وذلك كحق الرهانة ، فلا يصح بيع العين المرهونة الا بموافقة المرتهن أو مع فك الرهن.
(5) ان يكون المبيع من الأعيان وان كانت في الذمة ، فلا تصح بيع المنافع ، فلو باع منفعة الدار سنة لم يصح ، نعم لا بأس بجعل المنفعة ثمناً.
( مسألة 671 ) : ما يباع في بلد بالوزن أو الكيل لا يصح بيعه في ذلك البلد الا بالوزن أو الكيل ، ويجوز بيعه بالمشاهدة في البلد الذي يباع فيه بالمشاهدة.
( مسألة 672 ) : ما يباع بالوزن يجوز بيعه بالكيل ، إذا كان الكيل طريقاً الى الوزن ، وذلك كأن يجعل مكيال يحوي كيلو غرام من الحنطة ، فتباع الحنطة بذلك المكيال.
( مسألة 673 ) : إذا بطلت المعاملة لفقدانها شيئاً من الشروط المتقدمة ـ


( 306 )

عدا الشرط الرابع ـ ومع ذلك رضي كل من المتبايعين بتصرف الآخر في ماله من العوضين جاز له التصرف فيه.
( مسألة 674 ) : يجوز بيع الوقف إذا خرب بحيث سقط عن الانتفاع به في جهة الوقف ، أو صالا ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم وذلك كالحصير الموقوف على المسجد إذا خلق وتمزق بحيث لا يمكن الانتفاع به منفعة معتد بها فانه يجوز عندئذ بيعه للمتولي ومن بحكمه ، ومثل ذلك ما اذا طرأ على الوقف ما يستوجب ان يؤدي بقاؤه الى الخراب المسقط للمنفعة المعتد بها ولكن اللازم حينئذ تأخير البيع الى آخر أزمنة امكان الانتفاع به. والاحوط لزوماً في كل ذلك ان يشترى بثمن الوقف ملك ويوقف على نهج الوقف الاول ، بل الاحوط لزوماً ان يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الاول مع الامكان.
( مسألة 675 ) : لو وقع الخلاف بين الموقوف عليهم على وجه يظن بتلف المال أوالنفس إذا بقي الوقف على حاله ، ففي جواز بيعه وصرفه فيما هو أقرب الى مقصود الواقف إشكال فلا يترك مراعاة مقتضي الاحتياط فيه.
( مسألة 676 ) : لو شرط الواقف بيع الوقف إذا اقتضت المصلحة كقلة المنفعة أو وقوع الخلاف بين الموقوف عليهم ونحو ذلك جاز بيعه.
( مسألة 677 ) : يجوز بيع العين المستأجرة من المستأجر وغيره ، وإذا كان البيع لغير المستأجر لم يكن له انتزاع العين من المستأجر ، ولكن يثبت له الخيار إذا كان جاهلاً بالحال ، وكذا الحال لو علم بالايجار لكنه اعتقد قصر مدته فظهر خلافه.


( 307 )

( عقد البيع )
( مسألة 678 ) : لا تشترط العربية في صيغة البيع ، بل يجوز إنشاؤه بأية لغة كانت ، بل يصح بالأخذ والإعطاء بقصده من دون صيغة أصلاً.

( بيع الثمار )
( مسألة 679 ) : يصح بيع الفواكه والثمار قبل الاقتطاف من الاشجار إذا استبان حالها وأنّ بها آفة أم لا بحيث أمكن تعيين مقدارها بالخرص ، ويجوز بيعها بعد ظهورها وان كان قبل ان يستبين حالها في الصور التالية:
1 ـ ان يكون المبيع ثمر عامين فما زاد.
2 ـ أن يكون المبيع نفس ما هو خارج منها فعلاً ـ بشرط ان تكون له مالية معتد بها ـ وان لم يشترط على المشتري ان يقتطفها في الحال.
3 ـ ان يضم اليها بعض نباتات الأرض أو غيره ، والأحوط وجوباً في الضميمة ان تكون بحيث يتحفظ معها على رأس مال المشتري إن لم تخرج الثمرة ، وأما في غير هذه الصور الثلاث فجواز البيع محل اشكال: فلايترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
واما بيعها قبل ظهورها فلا يجوز إذا كان لعامٍ واحد وبغير ضميمة ، ولا بأس به إذا كان مع الضميمة أو لعامين فما زاد.
( مسألة 680 ) : يجوز بيع التمر على النخل ، ويلزم ان لا يجعل عوضه تمراً من ذلك النخل أو غيره ، الا أن يكون لشخص نخلة في دار شخص


( 308 )

آخر يشق دخوله اليها ، فانه يجوز تخمين مقدار تمرها وبيعه من صاحب الدار بذلك المقدار من التمر ، ولا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً ويجوز بيعه بثمر غيره.
( مسألة 681 ) : يجوز بيع الخيار والباذنجان ونحوهما من الخضروات التي تلتقط وتجّز كل سنة مرات عديدة فيما لو ظهرت وعين عدد اللقطات في اثناء السنة ، ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط وجوباً.
( مسألة 682 ) : لا يجوز بيع سنبل الحنطة بالحنطة ولو من غيره ، كما لا يجوز بيع سنبل غير الحنطة من الحبوب بحبّ منه ، والاحوط استحباباً عدم بيع سنبل الشعير بالشعير من غيره.


( 309 )

( النقد والنسيئة )
( مسألة 683 ) : يجوز لكل من المتبايعين في المعاملة النقدية مطالبة الآخر تسليم عوض ماله بعد المعاملة في الحال ، والتسليم الواجب في المنقول وغيره هو التخلية برفع يده عنه ورفع المنافيات بحيث يتمكن من التصرف فيه ، ويختلف صدقها بحسب اختلاف الموارد والمقامات.
( مسألة 684 ) : يعتبر في النسيئة ضبط الأجل بحيث لا يتطرق إليه احتمال الزيادة والنقصان ، فلو جعل الأجل وقت الحصاد مثلاً لم يصح.
( مسألة 685 ) : لا يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة قبل الأجل ، نعم لو مات وترك مالاً فللبايع مطالبته من ورثته قبل الأجل.
( مسألة 686 ) : يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة بعد انقضاء الأجل ، ولو لم يتمكن المشتري من أدائه فللبائع إمهاله أو فسخ البيع وارجاع شخص المبيع إذا كان موجوداً ، وان كان تالفاً استقر في ذمة المشتري بدله من المثل أو القيمة.
( مسألة 687 ) : اذا عيّن عند المقاولة لبضاعته ثمناً نقداً وآخر مؤجلاً بأزيد منه فابتاعها المشتري باحدهما المعين صحّ ، واما لو باعها بثمن نقداً وباكثر منه مؤجلاً بايجاب واحد ـ بأن قال مثلاً بعتك هذا الكتاب بعشرة نقدا وبعشرين مؤجلاً الى شهر ـ وقبل المشتري فيحتمل صحة البيع بأقلّ الثمنين مؤجلاً ولكن المشهور بين الفقهاء (رض) بطلانه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
( مسألة 688 ) : إذا باع شيئاً نسيئة وبعد مضي مدة من الأجل تراضيا على تنقيص مقدار من الثمن وأخذه نقداً فلا بأس به.


( 310 )

( بيع السلف )
( مسألة 689 ) : بيع السلف هو ( ابتياع كلي مؤجل بثمن حال ) عكس النسيئة ، فلو قال المشتري للبائع : ( اعطيك هذا الثمن على ان تسلمني المتاع بعد ستة اشهر ) وقال البائع : ( قبلت ) ، أو ان البائع قبض الثمن من المشتري وقال: ( بعتك متاع كذا ، على ان اسلمه لك بعد ستة أشهر ) فهذه المعاملة صحيحة.
( مسألة 690 ) : لا يجوز بيع الذهب أو الفضة سلفاً بالذهب أو الفضة ويجوز بغيرهما ، كما يجوز بيع غير الذهب والفضة سلفاً بالذهب أو الفضة أو بمتاع آخر ـ على تفصيل يأتي في الاَمر السابع من شرائط بيع السلف ـ والأحوط الأولى ان يجعل بدل المبيع في السلف من النقود.

( شرائط بيع السلف )
( مسألة 691 ) : يعتبر في بيع السلف سبعة أمور:
(1) أن يكون المبيع مضبوطاً من حيث الصفات الموجبة لاختلاف القيمة ولا يلزم الاستقصاء والتدقيق ، بل يكفي الضبط عرفاً ، ولا يصح فيما لا يمكن ضبط اوصافه مما لا ترتفع الجهالة فيه إلاّ بالمشاهدة.
(2) قبض تمام الثمن قبل افتراق المتبايعين ، ولو كان البائع مديوناً للمشتري بمقدار الثمن وكان الدين حالاً أو حلّ قبل افتراقهما وجعل ذلك ثمناً كفى ، ولو قبض البائع بعض الثمن صح البيع بالنسبة الى المقدار


( 311 )

المقبوض فقط ، وثبت الخيار له في فسخ أصل البيع.
(3) تعيين زمان تسليم المبيع مضبوطاً ، فلا يصح جعله وقت الحصاد مثلاً.
(4) ان يتمكن البائع من تسليم المبيع عند حلول الأجل سواء كان نادر الوجود أم لا.
(5) تعيين مكان تسليم المبيع مضبوطاً على الأحوط لزوماً ، إذا لم يكن تعيّن عندهما ولو لانصراف ونحوه.
(6) تعيين وزن المبيع أو كيله أو عدده ، والمتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز بيعه سلفاً ، ولكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء كبعض أقسام الجوز والبيض.
(7) أن لا يلزم منه الربا ، فاذا كان المبيع سلفاً من المكيل أو الموزون لم يجز ان يجعل ثمنه من جنسه ، بل ولا من غير جنسه من المكيل والموزون على الأحوط لزوما ، وإذا كان من المعدود فالاحوط وجوباً ان لا يجعل ثمنه من جنسه بزيادة عينية.

( أحكام بيع السلف )
( مسألة 692 ) : لا يجوز بيع ما اشتراه سلفاً من غير البائع قبل انقضاء الأجل ، ويجوز بعد انقضائه ولو لم يقبضه ، نعم لا يجوز بيع الحنطة والشعير وغيرهما مما يباع بالكيل أو الوزن ـ عدا الثمار ـ قبل القبض الا ان يبيعه بمقدار ثمنه الذي اشتراه به أو بوضيعة منه.
( مسألة 693 ) : لو سلم البائع المبيع على طبق ما قرر بينه وبين المشتري في بيع السلف بعد حلول الأجل وجب على المشتري قبوله ،


( 312 )

ومنه ما إذا كان واجداً لصفة لم يشترط وجودها أو انتفاؤها فيه.
( مسألة 694 ) : إذا سلّمه المبيع قبل الأجل ، أو فاقداً للصفة التي اشترطها لم يجب القبول ، وكذا إذا اعطاه زائداً على المقدار المقرر بينهما.
( مسألة 695 ) : إذا قبل المشتري تسلم المبيع قبل حلول الأجل ، أو رضي بما دفعه اليه البائع وان لم يطابق المقرر بينهما ـ كماً أو كيفاً ـ جاز ذلك.
( مسألة 696 ) : إذا لم يوجد المبيع سلفاً في الزمان الذي يجب تسليمه فيه فللمشتري أن يصبر الى أن يتمكن منه ، أو يفسخ البيع ويسترجع العوض أو بدله وكذا اذا دَفَعَ البعض وعجز عن الباقي ، ولا يجوز له أن يبيعه من البائع أكثر مما اشتراه به على الأحوط لزوماً.
( مسألة 697 ) : إذا باع متاعاً في الذمة مؤجلا الى مدة بثمن مؤجل بطل البيع.


( 313 )

( بيع الذهب والفضة )
( مسألة 698 ) : لا يجوز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مع الزيادة ، سواء في ذلك المسكوك وغيره.
( مسألة 699 ) : لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس نقداً ، ولا يعتبر تساويهما في الوزن ، وأما بيع أحدهما بالاخر نسيئة فلا يجوز مطلقاً.
( مسألة 700 ) : يشترط في بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة تقابض العوضين قبل الافتراق وإلاّ بطل البيع ، ولو قبض البائع تمام الثمن وقبض المشتري بعض المبيع أو بالعكس وافترقا صح البيع بالنسبة الى ذلك البعض ويبطل البيع بالنسبة الى الباقي ، ويثبت الخيار في أصل البيع لمن لم يتسلم التمام.
( مسألة 701 ) : لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات الذهبية أو الفضية بجنسِهِ مع زيادة بملاحظة اُجرة الصياغة ، بل اما ان يشتريه بغير جنسه أو باقل من مقداره من جنسه مع الضميمة على ما تقدم في كيفية التخلص من الربا.
( مسألة 702 ) : اذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حوِّلها دنانير في ذمتك فقبل المديون صحّ ذلك وتحوَّل ما في الذمة الى دنانير ، وهكذا الحكم في غيرهما من العملات النقدية اذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر بلا قبض.


( 314 )

( الخيارات )
( مسألة 703 ) : الخيار هو «ملك فسخ العقد» وللمتبايعين الخيار في أحد عشر مورداً:
(1) قبل ان يتفرق المتعاقدان ، فلكل منهما فسخ البيع قبل التفرق ، ولو فارقا مجلس البيع مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا ، ويسمى هذا الخيار بـ (خيار المجلس).
(2) ان يكون أحد المتبايعين مغبوناً ـ بان يكون ما انتقل اليه اقل قيمة مما انتقل عنه بمقدار لا يتسامح به عند غالب الناس ـ فللمغبون حق الفسخ بشرط وجود الفرق حين الفسخ أيضاً وأمّا مع زوال الفرق الى ذلك الحين فثبوت الخيار لهُ محل إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، وهذا الخيار يسمى بـ ( خيار الغبن ) ويجري في غير البيع من المعاملات التي لا تبتني على اغتفار الزيادة والنقيصة كالاجارة وغيرها ، وثبوته انما هو بمناط الشرط الارتكازي في العرف العام ، فلو فرض مثلاً كون المرتكز في عرف خاص ـ في بعض أنحاء المعاملات أو مطلقاً ـ هو اشتراط حق استرداد ما يساوي مقدار الزيادة وعلى تقدير عدمه ثبوت الخيار يكون هذا المرتكز الخاص هو المتبع في مورده ، ويجري نظير هذا الكلام في كل خيار مبناه على الشرط الارتكازي.
(3) اشتراط الخيار في المعاملة للطرفين أو لأحدهما أو لأجنبي الى مدة معينة ، ويسمّى بـ ( خيار الشرط ) .
(4) تدليس أحد الطرفين باراءة ماله أحسن مما هو في الواقع ليرغب فيه الطرف الأخر أو يزيد رغبة فيه ، فانه يثبت الخيار حينئذٍ للطرف الاخر ،


( 315 )

ويسمى بـ ( خيار التدليس ) .
(5) ان يلتزم أحد الطرفين في المعاملة ، بأن يأتي بعمل أو بأن يكون ما يدفعه ـ إن كان شخصياً ـ على صفة مخصوصة ، ولا يأتي بذلك العمل أو لا يكون ما دفعه بتلك الصفة ، فللآخر حق الفسخ ويسمى بـ ( خيار تخلف الشرط ) .
(6) أن يكون أحد العوضين معيباً ، فيثبت الخيار لمن انتقل اليه المعيب ، ويسمى بـ ( خيار العيب ) .
(7) أن يظهر ان بعض المتاع لغير البائع ، ولا يجيز مالكه بيعه ، فللمشتري حينئذٍ فسخ البيع ، ويسمى هذا بـ ( خيار تبعض الصفقة ) .
(8) أن يعتقد المشتري وجدان العين الشخصية الغائبة حين البيع لبعض الصفات ـ إما لاخبار البائع ، أو اعتماداً على رؤية سابقة ـ ثم ينكشف أنها غير واجدة لها ، فللمشتري الفسخ ويسمى هذا بـ ( خيار الرؤية ) .
(9) أن يؤخر المشتري الثمن ولا يسلمه الى ثلاثة ايام ، ولا يسلم البائع المتاع الى المشتري ، فللبائع حينئذٍ فسخ البيع ، هذا إذا أمهله البايع في تأخير تسليم الثمن من غير تعيين مدة الامهال صريحاً أو ضمناً بمقتضى العرف والعادة ، والا فان لم يمهله اصلاً فله حق فسخ العقد بمجرد تأخير المشتري في تسليم الثمن ، وان أمهله مدة معينة أو اشترط المشتري عليه ذلك ـ في ضمن العقد ـ لم يكن له الفسخ خلالها سواء كانت أقل من ثلاثة أيام أو أزيد ويجوز له بعدها.
ومن هنا يعلم أن في المبيع الشخصي إذا كان مما يتسرّع اليه الفساد ـ كبعض الفواكه ـ فالامهال فيه محدود طبعاً باقل من ثلاثة ايام من الزمان الذي لا يتعرض خلاله للفساد فيثبت للبائع الخيار بمضي زمانه ، ويسمى هذا بـ ( خيار التأخير ) .
(10) إذا كان المبيع حيواناً ، فللمشتري فسخ البيع الى ثلاثة أيام ،


( 316 )

وكذلك الحكم إذا كان الثمن حيواناً ، فللبائع حينئذٍ الخيار الى ثلاثة أيام ، ويسمى هذا بـ ( خيار الحيوان ) .
(11) أن لا يتمكن البائع من تسليم المبيع ، كما إذا شرد الفرس الذي باعه ، فللمشتري فسخ المعاملة ويسمى هذا بـ ( خيار تعذر التسليم ) .
( مسألة 704 ) : اذا لم يتمكن البايع من تسليم المبيع لتلفه بآفة سماوية او ارضية فلاخيار للمشتري بل البيع باطل من أصله ويرجع الثمن إلى المشتري ـ ومثله ما إذا تلف الثمن قبل تسليمه الى البايع فانه ينفسخ البيع ويرجع المبيع الى البايع ـ وفي حكم التلف تعذر الوصول اليه عادة كما لو انفلت الطائر الوحشي أو وقع السمك في البحر أو سرق المال الذي لا علامة له ونحو ذلك.
( مسألة 705 ) : لا بأس بما يسمى بـ ( بيع الشرط ) ، وهو بيع الدار ـ مثلاً ـ التي قيمتها الف دينار بمائتي دينار ، مع اشتراط الخيار للبائع لو أرجع مثل الثمن في الوقت المقرر الى المشتري ، هذا إذا كان المتبائعان قاصدين للبيع والشراء حقيقة ، والا لم يتحقق البيع بينهما.
( مسألة 706 ) : يصح بيع الشرط وان علم البائع برجوع المبيع اليه ، حتى لو لم يسلِّم الثمن في وقته الى المشتري ، لعلمه بان المشتري يسمح له في ذلك ، نعم إذا لم يسلِّم الثمن في وقته ليس له بعد ذلك أن يطالب المبيع من المشتري ، أو من ورثته على تقدير موته.
( مسألة 707 ) : لو اطلع المشتري على عيب في المبيع الشخصي ، كأن اشترى حيواناً فتبين انه كان أعمى ، فله الفسخ إذا كان العيب ثابتاً قبل البيع ، ولو لم يتمكن من الارجاع لحدوث تغيير فيه أو تصرف فيه بما يمنع من الرد ، فله ان يسترجع من الثمن بنسبة التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب ، مثلاً: المتاع المعيب المشترى بأربعة دنانير إذا كانت قيمته سالماً ثمانية دنانير ، وقيمة معيبه ستة دنانير ، فالمسترجع من الثمن ربعه ، وهو


( 317 )

نسبة التفاوت بين الستة والثمانية.
واذا كان المبيع كلياً فاطلع المشتري على عيب في الفرد المدفوع له منه لم يكن له فسخ البيع أو المطالبة بالتفاوت بل له المطالبة بفرد آخر من المبيع.
( مسألة 708 ) : لو اطلع البائع بعد البيع على عيب في الثمن الشخصي سابق على البيع فله الفسخ ، وارجاعه الى المشتري ، ولو لم يجز له الرد للتغير أو التصرف فيه المانع من الرد فله ان يأخذ من المشتري التفاوت من قيمة السالم من العوض ومعيبه ( بالبيان المتقدم في المسألة السابقة ) .
واذا كان الثمن كلياً ـ كما هو المتعارف في المعاملات ـ فاطلع البائع على عيب في الفرد المدفوع منه لم يكن له الفسخ ولا المطالبة بالتفاوت بل يستحق المطالبة بفرد آخر من الثمن.
( مسألة 709 ) : لو طرأ عيب على المبيع بعد العقد وقبل التسليم ثبت الخيار للمشتري إذا لم يكن طرو العيب بفعله ، ولو طرأ على الثمن عيب بعد العقد وقبل تسليمه ثبت الخيار للبائع كذلك ، واذا لم يتمكن من الارجاع جازت المطالبة بالتفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب.
( مسألة 710 ) : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في خيار العيب بمعنى عدم التأخير فيه أزيد مما يتعارف عادة حسب اختلاف الموارد ، ولا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار.
( مسألة 711 ) : لا يجوز للمشتري فسخ البيع بالعيب ولا المطالبة بالتفاوت في أربع صور:
(1) ان يعلم بالعيب عند الشراء.
(2) ان يرضى بالمعيب بعد البيع.
(3) ان يُسقط حقه عند البيع من جهة الفسخ ومطالبته بالتفاوت.
(4) ان يتبرأ البائع من العيب ، ولو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب آخر فللمشتري الفسخ به ، وإذا لم يتمكن من الرد أخذ التفاوت على


( 318 )

ما تقدم.
( مسألة 712 ) : إذا ظهر في المبيع عيب ، ثم طرأ عليه عيب آخر بعد القبض فليس له الرد وله أخذ التفاوت ، نعم لو اشترى حيواناً معيباً فطرأ عليه عيب جديد في الايام الثلاثة التي له فيها الخيار فله الرد وان قبضه ، وكذلك الحال في كل مورد طرأ على المعيب عيب جديد في زمان كان فيه خيار آخر للمشتري.
( مسألة 713 ) : إذا لم يطَّلع البائع على خصوصيات ماله بل أخبره بها غيره ، فباعه على ذلك او باعه باعتقاد انه على ما رآه سابقاً ، ثم ظهر انه كان أحسن من ذلك فله الفسخ.
( مسألة 714 ) : إذا أعلم البائع المشتري برأس المال فلا بد أن يخبره أيضاً ـ حذراً من التدليس ـ بكل ما أوجب نقصانه أو زيادته مما لا يستغنى عن ذكره لانصراف ونحوه ، فان لم يفعل كأن لم يخبره بانه اشتراه نسيئة أو مشروطاً بشرط ، ثم اطلع المشتري على ذلك كان له فسخ البيع ، ولو باعه مرابحة ـ اي بزيادة على رأس المال ـ ولم يذكر انه اشتراه نسيئة كان للمشتري مثل الأجل الذي كان له ، كما أن له حق فسخ المعاملة.
( مسألة 715 ) : إذا اخبر البائع المشتري برأس المال ثم تبين كذبه في إخباره ، كما إذا اخبر ان رأس ماله مائة دينار وباع بربح عشرة دنانير وفي الواقع كان رأس المال تسعين ديناراً تخيَّر المشتري بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة دنانير.
( مسألة 716 ) : لا يجوز للقصاب ان يبيع لحماً على أنه لحم الخروف ويسلّم لحم النعجة ، فان فعل ذلك ثبت الخيار للمشتري إذا كانت المعاملة شخصية ، وله المطالبة بلحم الخروف إذا كان المبيع كلياً في الذمة ، وكذلك الحال في نظائر ذلك كما إذا باع ثوباً على ان يكون لونه ثابتاً فسلم الى المشتري ما يزول لونه.


( 319 )

( خاتمة في الإقالة )
وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر ، والظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة ، نعم لا تجري في النكاح وفي جريانها في الضمان والصدقة إشكالٌ فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وان لم يكن عربياً ، بل تقع بالفعل كما تقع بالقول ، فاذا طلب أحد المتبايعين مثلاً الفسخ من صاحبه فدفع اليه ما أخذه منه كان فسخاً وإقالة ووجب على الطالب إرجاع ما في يده من العوض الى صاحبه.
( مسألة 717 ) : لا تجوز الاقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان ، فلو أقال كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.
( مسألة 718 ) : إذا جعل له مالاً خارجياً او في الذمة ليقيله بان قال له أقلني ولك هذا المال ، أو أقلني ولك عليّ كذا صحّ ذلك فيستحق المال بعد الاقالة.
( مسألة 719 ) : لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل: أقلتك بشرط أن تعطيني كذا ، أو تخيط ثوبي فقبل صح.
( مسألة 720 ) : لا يقوم وارث المتعاقدين مقامهما في صحة الاقالة فلا ينفسخ العقد بتقايل الوارثين.


( 320 )

( أحكام الشفعة )
( مسألة 721 ) : إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه ـ مع اجتماع الشرائط الآتية ـ حق أن يتملك المبيع بالثمن المقرر له في البيع ، ويسمى هذا الحق بالشفعة وصاحبه بالشفيع.
( مسألة 722 ) : تثبت الشفعة في البيع وما يفيد فائدته كالهبة المعوضة والصلح بعوض ، كما تثبت في المنقول وغير المنقول سواء قَبِل القسمة أم لم يقبلها ، وتثبت أيضاً في الوقف فيما يجوز بيعه.
( مسألة 723 ) : يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين ، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة ، وكذا إذا باعوا جميعاً الا واحداً منهم ويستثنى مما تقدم ما إذا كانت داران يختص كل منهما بشخص وكانا مشتركين في طريقهما فبيعت احدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق ، ففي مثل ذلك تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخرى ، ويجري هذا الحكم أيضاً في صورة تعدد الدور وإختصاص كل واحدة منها بواحد على الشرط المتقدم.
( مسألة 724 ) : يعتبر في الشفيع الاسلام ، إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر ، وتثبت للمسلم على الكافر وللكافر على مثله.
( مسألة 725 ) : يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه وان بذل الرهن أو وجد له ضامن الا ان يرضى المشتري بذلك ، نعم إذا طلب الشفعة وادعى غيبة الثمن أُجِّل ثلاثة أيام فان لم يحضره بطلت شفعته فان ذكر أن المال في بلد آخر أُجّل بمقدار وصول