الفصل السادس
في السجود
والواجب منه في كل ركعة سجدتان ، وهما معاً ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معا عمداً أو سهواً وكذا بزيادتهما عمداً بل وسهواً أيضاً على الأحوط ، ولا تبطل بزيادة واحدة ولا بنقصها سهواً ، والمدار في تحقق مفهوم السجدة على وضع الجبهة ، أو ما يقوم مقامها من الوجه بقصد التذلل والخضوع على هيئة خاصة ، وعلى هذا المعنى تدور الزيادة والنقيصة دون بقية الواجبات : وهي أمور :
الأول : السجود على ستة أعضاء : الكفين ، والركبتين ، وإبهامي الرجلين ، ويجب في الكفين الباطن ، وفي الضرورة ينتقل إلى الظاهر ، ثم إلى الأقرب فالأقرب من الذراع والعضد على الأحوط لزوماً ولا يجزئ في حال الاختيار السجود على رؤوس الأصابع وكذا إذا ضم أصابعه إلى راحته وسجد على ظهرها . ولا يجب الاستيعاب في الجبهة بل يكفي المسمى . ولا يعتبر أن يكون مقدار المسمى مجتمعا بل يكفي وإن كان متفرقا ، فيجوز السجود على السبحة إذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمى السجود ، ويجزئ في الركبتين أيضا المسمى ، وفي الإبهامين وضع ظاهرهما ، أو باطنهما ، وإن كان الأحوط الأولى وضع طرفهما .
مسألة 646 : لابد في الجبهة من مماستها لما يصح السجود عليه من أرض ونحوها ، ولا تعتبر في غيرها من الأعضاء المذكورة .
الثاني : الذكر على نحو ما تقدم في الركوع ، إلا أن التسبيحة الكبرى هنا (( سبحان ربي الأعلى وبحمده )) .
الثالث : المكث مقدمة للذكر الواجب بمقداره وكذا الطمأنينة على
( 219 )
النحو المتقدم في الركوع .
الرابع : كون المساجد في محالها حال الذكر ، فلو رفع بعضها بطل وأبطل إن كان عمداً ويجب تداركه إن كان سهواً ، نعم لا مانع من رفع ما عدا الجبهة في غير حال الذكر إذا لم يكن مخلاً بالاستقرار المعتبر حال السجود .
الخامس : رفع الرأس من السجدة الأولى إلى أن ينتصب جالساً مطمئنا .
السادس : تساوي مسجد الجبهة وموضع الركبتين والإبهامين ، إلا أن يكون الاختلاف بمقدار لبنة وقدر بأربعة أصابع مضمومة ، ولا فرق في ذلك بين الانحدار والتسنيم على الأحوط وجوبا ، كما أن الأحوط مراعاة التساوي بين مسجد الجبهة والموقف أيضا إلا أن يكون الاختلاف بينهما بالمقدار المتقدم .
مسألة 647 : إذا وضع جبهته على الموضع المرتفع ، أو المنخفض فإن لم يصدق معه السجود رفعها ثم سجد على المستوي ، وإن صدق معه السجود ، فإن التفت بعد الذكر الواجب لم يجب عليه الجر إلى الموضع المساوي وإن التفت قبله وجب عليه الجر والإتيان بالذكر بعده ، وإن لم يمكن الجر إليه أتى به في هذا الحال ثم مضى في صلاته ، وكذا الحكم لو سجد على ما لا يصح السجود عليه سهواً والتفت في الأثناء فإنه إن كان ذلك بعد الإتيان بالذكر الواجب مضى ولا شيء عليه وإن كان قبله فإن تمكن من جر جبهته إلى ما يصح السجود عليه فعل ذلك ومع عدم الإمكان يتم سجدته وتصح صلاته ، ولو سجد على ما يصح السجود عليه فالأحوط لزوماً عدم جر الجبهة إلى الموضع الأفضل أو الأسهل لاستلزامه الإخلال بالاستقرار المعتبر حال السجود .
مسألة 648 : إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهراً قبل الذكر ، أو
( 220 )
بعده ، فإن أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا احتسبت له ، وسجد أخرى بعد الجلوس معتدلاً ، وإن وقعت على المسجد ثانيا قهراً لم تحسب الثانية فيرفع رأسه ويسجد الثانية .
مسألة 649 : إذا عجز عن السجود التام انحنى بالمقدار الممكن ورفع المسجد إلى جبهته ، ووضعها عليه ووضع سائر المساجد في محالها وإن لم يمكن الانحناء أصلاً ، أو أمكن بمقدار لا يصدق معه السجود عرفاً ، أومأ برأسه ، فإن لم يمكن فبالعينين ، وإن لم يمكن فالأحوط وجوباً له أن يشير إلى السجود باليد ، أو نحوها ، وينويه بقلبه ويأتي بالذكر ، والأحوط ـ استحباباً ـ له رفع المسجد إلى الجبهة ، وكذا وضع المساجد في محالها ، وإن كان الأظهر عدم وجوبه .
مسألة 650 : إذا كان بجبهته دمل أو نحوه مما لا يتمكن من وضعه على الأرض ولو من غير اعتماد لتعذر أو تعسر أو تضرر ، فإن لم يستغرق الجبهة سجد على الموضع السليم ولو بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض ، وإن استغرقها وضع شيئا من وجهه على الأرض ، والأحوط لزوماً تقديم الذقن على الجبينين ـ أي طرف الجبهة بالمعنى الأعم ـ وتقديمهما على غيرهما من أجزاء الوجه ، فإن لم يتمكن من وضع شيء من الوجه ولو بعلاج أومأ برأسه أو بعينيه على التفصيل المتقدم .
مسألة 651 : لا بأس بالسجود على غير الأرض ونحوها ، مثل الفراش في حال التقية ، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر أو تأخير الصلاة والإتيان بها ولو في هذا المكان بعد زوال سبب التقية ، نعم لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقية بأن يصلي على البارية ، أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها .
مسألة 652 : إذا نسي السجدتين فإن تذكر قبل الدخول في الركوع
( 221 )
وجب العود إليهما ، وإن تذكر بعد الدخول فيه أعاد الصلاة على الأحوط ، وإن كان المنسي سجدة واحدة رجع وأتى بها إن تذكر قبل الركوع ، وإن تذكر بعدما دخل فيه مضى وقضاها بعد السلام ، وسيأتي في مبحث الخلل التعرض لذلك .
مسألة 653 : يستحب في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع ، ورفع اليدين حاله ، والسبق باليدين إلى الأرض ، واستيعاب الجبهة في السجود عليها ، والإرغام بالأنف ، وبسط اليدين مضمومتي الأصابع حتى الإبهام حذاء الأذنين متوجهاً بهما إلى القبلة ، وشغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود ، والدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول : (( اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكلت ، وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقة ، وشق سمعه وبصره الحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين وتكرار الذكر ، والختم على الوتر ، واختيار التسبيح والكبرى منه وتثليثها ، والأفضل تخميسها ، والأفضل تسبيعها ، وأن يسجد على الأرض بل التراب ، ومساواة موضع الجبهة للموقف تماما ، بل مساواة جميع المساجد لهما . قيل : والدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا والآخرة ، خصوصاً الرزق فيقول : (( ياخير المسؤولين ، وياخير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك ، فإنك ذو الفضل العظيم )) ، والتورك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما ، بأن يجلس على فخذه اليسرى ، جاعلاً ظهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى ، وأن يقول في الجلوس بين السجدتين : (( استغفر الله ربي وأتوب إليه )) ، وأن يكبر بعد الرفع من السجدة الأولى بعد الجلوس مطمئناً ، ويكبر للسجدة الثانية وهو جالس ، ويكبر بعد الرفع من الثانية كذلك ، ويرفع اليدين حال التكبيرات ، ووضع اليدين على الفخذين حال الجلوس ، واليمنى على اليمنى ، واليسرى على اليسرى ،و التجافي حال السجودعن
( 222 )
الأرض ، والتجنح بمعنى أن يباعد بين عضديه عن جنبيه ويديه عن بدنه ، وأن يصلي على النبي وآله في السجدتين ، وأن يقوم رافعا ركبتيه قبل يديه ، وأن يقول بين السجدتين : (( اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واجرني ، وادفع عني ، إني لما أنزلت إليّ من خير فقير ، تبارك الله رب العالمين )) وأن يقول عند النهوض : (( بحول الله وقوته أقوم وأقعد وأركع وأسجد )) أو (( بحولك وقوتك أقوم وأقعد )) أو (( اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد )) ويضم إليه (( وأركع وأسجد )) وأن يبسط يديه على الأرض ، معتمداً عليها للنهوض ، وأن يطيل السجود ويكثر فيه من الذكر ، والتسبيح ، ويباشر الأرض بكفيه ، وزيادة تمكين الجبهة . ويستحب للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهوي للسجود وعدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها ، وتلصق بطنها بالأرض ، وتضم أعضاءها ولا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام ، بل تنهض معتدلة . ويكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضا وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه ، ويكره أيضا نفخ موضع السجود إذا لم يتولد منه حرفان ، وإلا لم يجز ، وأن لا يرفع بيديه عن الأرض بين السجدتين ، وأن يقرأ القرآن في السجود .
مسألة 654 : الأحوط وجوبا الإتيان بجلسة الاستراحة وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأولى ، والثالثة مما لا تشهد فيه .
تتميم : يجب السجود عند قراءة آياته الأربع في السور الأربع وهي ألم تنزيل عند قوله تعالى : ( ولا يستكبرون ) وحم فصلت عند قوله : ( تعبدون ) ، والنجم ، والعلق في آخرهما ، وكذا يجب على المستمع إذا لم يكن في حال صلاة الفريضة ، فإن كان فيها أومأ إلى السجود ، وسجد بعد الصلاة على الأحوط لزوما ، ويستحب في أحد عشر موضعا في الأعراف عند
( 223 )
قوله تعالى : ( وله يسجدون ) وفي الرعد عند قوله تعالى ( وظلالهم بالغدو والآصال ) وفي النحل عند قوله تعالى : ( ويفعلون ما يؤمرون ) وفي بني إسرائيل عند قوله تعالى : ( ويزيدهم خشوعا ) وفي مريم عند قوله تعالى : ( وخروا سجدا وبكيا ) وفي سورة الحج في موضعين عند قوله : ( إن الله يفعل ما يشاء ) وعند قوله : ( لعلكم تفلحون ) وفي الفرقان عند قوله : ( وزادهم نفوراً ) وفي النمل عند قوله : ( رب العرش العظيم ) وفي (( ص )) عند قوله : ( خر راكعا وأناب ) ، وفي الانشقاق عند قوله : ( لا يسجدون ) بل الأولى السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود .
مسألة 655 : لابد في هذا السجود من النية ولكن ليس فيه تكبيرة افتتاح ، ولا تشهد ولا تسليم ، نعم يستحب التكبير للرفع منه ، بل الأحوط ـ استحباباً ـ عدم تركه ، ولا يشترط فيه الطهارة من الحدث ، ولا الخبث ، ولا الاستقبال ولا طهارة محل السجود ، ولا الستر ، ولا صفات الساتر ، بل يصح حتى في المغصوب ، نعم لابد فيه من إباحة المكان ووضع الجبهة على الأرض أو ما في حكمها على الأحوط وجوباً ، كما أن الأحوط استحباباً السجود فيه على الأعضاء السبعة وعدم اختلاف المسجد عن موضع الإبهامين والركبتين بل والموقف أزيد من أربع أصابع مضمومات ويستحب فيه الذكر الواجب في سجود الصلاة .
مسألة 656 : يتكرر السجود بتكرر السبب ، وإذا شك بين الأقل والأكثر ، جاز الاقتصار على الأقل ، ويكفي في التعدد رفع الجبهة ثم وضعها من دون رفع بقية المساجد ، أو الجلوس .
مسألة 657 : يستحب السجود شكراً لله تعالى عند تجدد كل نعمة ، ودفع كل نقمة ، وعند تذكر ذلك ، والتوفيق لأداء كل فريضة ونافلة ، بل كل فعل خير ، ومنه إصلاح ذات البين ، ويكفي سجدة واحدة ، والأفضل
( 224 )
سجدتان ، فيفصل بينهما بتعفير الخدين ، أو الجبينين أو الجميع ، مقدماً الأيمن على الأيسر ، ثم وضع الجبهة ثانياً ، ويستحب فيه افتراش الذراعين ، وإلصاق الصدر والبطن بالأرض ، وأن يمسح موضع سجوده بيده ، ثم يمرها على وجهه ، ومقاديم بدنه ، وأن يقول فيه (( شكراً لله شكراً لله )) أو مائة مرة (( شكراً شكراً )) أو مائة مرة (( عفواً عفواً )) أو مائة مرة (( الحمد لله شكراً )) وكلما قاله عشر مرات قال (( شكراً لمجيب )) ثم يقول : (( يا ذا المن الذي لا ينقطع أبداً ، ولا يحصيه غيره عدداً ، ويا ذا المعروف الذي لا ينفد أبداً ، يا كريم يا كريم يا كريم )) ، ثم يدعو ويتضرع ويذكر حاجته ، وقد ورد في بعض الروايات غير ذلك ، والأحوط فيه السجود على ما يصح السجود عليه ، والسجود على المساجد السبعة نحو ما تقدم في سجود التلاوة .
مسألة 658 : يستحب السجود لله تعالى ، بل هو من أعظم العبادات ، وقد ورد أنه أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد ، ويستحب إطالته .
مسألة 659 : يحرم السجود لغير الله تعالى ، من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام ، وغيرهم ، وما يفعله بعض الشيعة في مشاهد الأئمة عليهم السلام لابد أن يكون لله تعالى شكراً على توفيقهم لزيارتهم عليهم السلام والحضور في مشاهدهم ، جمعنا الله تعالى وإياهم في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين .
الفصل السابع
في التشهد
وهو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية ، وفي الثلاثية ، والرباعية مرتين ، الأولى كما ذكر ، والثانية بعد
( 225 )
رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة ، وهو واجب غير ركن ، فإذا تركه ـ عمداً ـ بطلت الصلاة ، وإذا تركه سهواً ـ أتى به ما لم يركع ، وإلا قضاه بعد الصلاة على الأحوط الأولى وعليه سجدتا السهو ويكفي فيه أن يقول (( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد وآل محمد )) ويجب فيه الجلوس والطمأنينة وأن يكون على النهج العربي مع الموالاة بين فقراته ، وكلماته ، نظير ما تقدم في القراءة ، والعاجز عن التعلم ولو بأن يتبع غيره فيلقنه ، يأتي بما أمكنه إن صدق عليه الشهادة مثل أن يقول : (( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله )) وإن عجز فالأحوط وجوباً أن يأتي بما أمكنه وبترجمة الباقي وإذا عجز يأتي بترجمة الكل وإذا عجز عنها يأتي بسائر الأذكار بقدره .
مسألة 660 : يكره الإقعاء فيه ، بل يستحب فيه الجلوس متوركاً كما تقدم فيما بين السجدتين ، وأن يقول قبل الشروع في الذكر : (( الحمد لله )) أو يقول : (( بسم الله وبالله ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله ، أو الأسماء الحسنى كلها لله )) ، وأن يجعل يديه على فخذيه منضمة الأصابع ، وأن يكون نظره إلى حجره ، وأن يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله : (( وتقبل شفاعته وارفع درجته )) في التشهد الأول ، وأن يقول : (( سبحان الله )) سبعا بعد التشهد الأول ، ثم يقوم ، وأن يقول حال النهوض عنه : (( بحول الله و قوته أقوم وأقعد )) وأن تضم المرأة فخذيها إلى نفسها ، وترفع ركبتيها عن الأرض .
( 226 )
الفصل الثامن
في التسليم
وهو واجب في كل صلاة وآخر أجزائها ، وبه يخرج عنها وتحل له منافياتها ، وله صيغتان ، الأولى : (( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين )) والثانية : (( السلام عليكم )) بإضافة (( ورحمة الله وبركاته )) على الأحوط الأولى ، والأحوط لزوما عدم ترك الصيغة الثانية وإن أتى بالأولى ، ويستحب الجمع بينهما ولكن إذا قدم الثانية اقتصر عليها ، وأما قوله (( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته )) فليس من صيغ السلام ، ولا يخرج به عن الصلاة ، بل هو مستحب .
مسألة 661 : يجب الإتيان بالتسليم على النهج العربي ، كما يجب فيه الجلوس والطمأنينة حاله ، والعاجز عنه كالعاجز عن التشهد في الحكم المتقدم .
مسألة 662 : إذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة وإن كان عن عذر على الأحوط ، وكذا إذا فعل غيره من المنافيات ، نعم إذا نسي التسليم حتى وقع منه المنافي فالظاهر صحة الصلاة وإن كانت إعادتها أحوط استحباباً ، وإذا نسي السجدتين حتى سلم أعاد الصلاة، اذا صدر منه ما ينافي الصلاة عمداً وسهواً، وإلا أتى بالسجدتين، والتشهد ، والتسليم ، وسجد سجدتي السهو لزيادة السلام على الأحوط وجوبا .
مسألة 663 : يستحب فيه التورك في الجلوس حاله ، ووضع اليدين على الفخذين ، ويكره الإقعاء كما سبق في التشهد .
( 227 )
الفصل التاسع
في الترتيب
يجب الترتيب بين أفعال الصلاة على نحو ما عرفت ، فإذا عكس الترتيب فقدم مؤخراً ، فإن كان عمداً بطلت الصلاة ، وإن كان سهواً ، أو عن جهل بالحكم من غير تقصير ، فإن قدم ركناً على ركن كما إذا قدم السجدتين على الركوع بطلت ولا يمكنه التدارك على الأحوط ، وإن قدم ركنا على غيره ـ كما إذا ركع قبل القراءة ـ مضى وفات محل ما ترك ولو قدم غير الركن عليه تدارك على وجه يحصل الترتيب ، وكذا لو قدم غير الأركان بعضها على بعض .
الفصل العاشر
في الموالاة
وهي واجبة في أفعال الصلاة ، بمعنى عدم الفصل بينها على وجه يوجب محو صورة الصلاة في نظر أهل الشرع ، وهي بهذا المعنى تبطل الصلاة بفواتها عمداً وسهواً ، ولا يضر فيها تطويل الركوع والسجود ، وقراءة السور الطوال ، وأما بمعنى توالي الأجزاء وتتابعها عرفا ، وإن لم يكن دخيلاً في حفظ مفهوم الصلاة ، فوجوبها محل إشكال ، والأظهر عدم الوجوب من دون فرق بين العمد ، والسهو .
( 228 )
الفصل الحادي عشر
في القنوت
وهو مستحب في جميع الصلوات ، فريضة كانت ، أو نافلة على إشكال في الشفع ، والأحوط الإتيان به فيها برجاء المطلوبية ، ويتأكد استحبابه في الفرائض الجهرية ، خصوصا في الصبح ، والجمعة ، والمغرب ، وفي الوتر من النوافل ، والمستحب منه مرة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية ، إلا في الجمعة ، ففيه قنوتان قبل الركوع في الأولى وبعده في الثانية، وإلا في العيدين ففي ركعتيهما عدة قنوتات ، بين كل تكبيرتين قنوت على تفصيل يأتي في محله ، وإلا في الآيات ، ففيها قنوتان قبل الركوع الخامس من الأولى ويؤتى به رجاءً وقبله في الثانية ، بل خمسة قنوتات قبل كل ركوع زوج ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، وإلا في الوتر ففيها قنوتان، قبل الركوع ، وبعده على إشكال في الثاني ، نعم يستحب بعده أن يدعو بما دعا به أبو الحسن موسى عليه السلام وهو : (( هذا مقام من حسناته نعمة منك ، وشكره ضعيف وذنبه عظيم ، وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك ، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل ، صلى الله عليه وآله ـ ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون ) طال والله هجوعي ، وقل قيامي وهذا السحر ، وأنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ، ولا موتاً ، ولا حياتاً ، ولا نشوراً )) كما يستحب أن يدعو في القنوت قبل الركوع في الوتر بدعاء الفرج وهو : (( لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السموات السبع ، ورب الأرضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ، ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين )) وأن يستغفر لأربعين مؤمناً أمواتاً ، وأحياءاً ، وأن يقول سبعين مرة :
( 229 )
(( أستغفر الله ربي وأتوب إليه )) ثم يقول : (( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، ذو الجلال والإكرام ، لجميع ظلمي وجرمي ، وإسرافي على نفسي وأتوب إليه ))، سبع مرات ، وسبع مرات (( هذا مقام العائذ بك من النار )) ثم يقول : (( رب أسأت ، وظلمت نفسي ، وبئس ما صنعت ، وهذي يدي جزاء بما كسبت ، وهذي رقبتي خاضعة لما أتيت ، وها أنا ذا بين يديك ، فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتى ترضى ، لك العتبى لا أعود )) ثم يقول : (( العفو )) ثلاثمائة مرة ويقول : (( رب اغفر لي ، وأرحمني ، وتب عليّ ، إنك أنت التواب الرحيم )) .
مسألة 644 : لا يشترط في القنوت قول مخصوص ، بل يكفي فيه ما يتيسر من ذكر ، أو دعاء أو حمد ، أو ثناء ، ويجزي سبحان الله خمساً أو ثلاثاً ، أو مرة ، والأولى قراءة المأثور عن المعصومين عليهم السلام .
مسألة 665 : يستحب التكبير قبل القنوت ، ورفع اليدين حال التكبير ، ووضعهما ، ثم رفعهما حيال الوجه ، قيل : وبسطهما جاعلاً باطنهما نحو السماء ، وظاهرهما نحو الأرض ، وأن تكونا منضمتين مضمومتي الأصابع ، إلا الإبهامين ، وأن يكون نظره إلى كفيه .
مسألة 666 : يستحب الجهر بالقنوت للإمام والمنفرد ، والمأموم ولكن يكره للمأموم أن يسمع الإمام صوته .
مسألة 667 : إذا نسي القنوت وهوى ، فإن ذكر قبل الوصول إلى حد الركوع رجع ، وإن كان بعد الوصول إليه قضاه حين الانتصاب بعد الركوع ، وإذا ذكره بعد الدخول في السجود قضاه بعد الصلاة جالساً مستقبلاً ، وإذا ذكره بعد الهوي إلى السجود قبل وضع الجبهة ، لم يرجع ـ على الأحوط لزوما ـ بل يقضيه بعد الصلاة ، وإذا تركه عمداً في محله ، أو بعدما ذكره بعد الركوع فلا قضاء له .
( 230 )
مسألة 668 : لا تؤدى وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي على الأحوط ، وإن كان لا يقدح ذلك في صحة الصلاة .
الفصل الثاني عشر
في التعقيب
وهو الاشتغال بعد الفراغ من الصلاة بالذكر ، والدعاء ، ومنه أن يكبر ثلاثاً بعد التسليم ، رافعاً يديه على نحو ما سبق ، ومنه ـ وهو أفضله ـ تسبيح الزهراء عليها السلام وهو التكبير أربعاً وثلاثين ، ثم الحمد ثلاثاً وثلاثين ، ثم التسبيح ثلاثاً وثلاثين ، ومنه قراءة الحمد ، وآية الكرسي ، وآية شهد الله ، وآية الملك ، ومنه غير ذلك مما هو كثير مذكور في الكتب المعدة له .
( 231 )
المبحث الثالث
منافيات الصلاة
و هي أمور :
الأول : الحدث ، سواء أ كان أصغر، أم أكبر فإنه مبطل للصلاة أينما وقع في أثنائها ولو وقع سهواً أو اضطراراً بعد السجدة الأخيرة على الأحوط ، نعم إذا وقع قبل السلام سهواً فقد تقدم أن الظاهر صحة صلاته ، ويستثنى من الحكم المذكور المسلوس والمبطون ونحوهما ، والمستحاضة كما تقدم .
الثاني : الالتفات عن القبلة لا عن عذر بحيث يوجب الإخلال بالاستقبال المعتبر في الصلاة، وأما الالتفات عن عذر كسهو أو قهر كريح ونحوه فأما أن يكون فيما بين اليمين واليسار وأما أن يكون أزيد من ذلك ومنه ما يبلغ حد الاستدبار ، أما الأول فلا يوجب الإعادة ـ فضلاً عن القضاء ـ ولكن إذا زال العذر في الأثناء لزم التوجه إلى القبلة فورا .
و أما الثاني فيوجب البطلان في الجملة؛ فإن الساهي إذا تذكر في وقت يتسع للاستئناف ولو بإدراك ركعة من الوقت وجبت عليه الإعادة وإلا فلا، وإن تذكر بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء ، وأما المقهور فإن تمكن من إدراك ركعة بلا التفات وجب عليه الاستئناف وإن لم يتمكن أتم صلاته ولا يجب عليه قضاؤها . هذا في الالتفات عن القبلة بكل البدن ويشترك معه في الحكم الالتفات بالوجه إلى جهة اليمين أو اليسار التفاتاً فاحشاً بحيث يوجب لي العنق ورؤية جهة الخلف في الجملة ، وأما الالتفات اليسير الذي لا يخرج
( 232 )
معه المصلي عن كونه مستقبلاً للقبلة فهو لا يضر بصحة الصلاة وإن كان مكروها .
الثالث : ما كان ماحياً لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع ، كالرقص والوثبة ، والاشتغال بمثل الخياطة والنساجة بالمقدار المعتد به ، ونحو ذلك ، ولا فرق في البطلان به بين صورتي العمد والسهو ، ولا بأس بمثل حركة اليد ، والإشارة بها والتصفيق للتنبيه ، والانحناء لتناول شيء من الأرض ، والمشي إلى إحدى الجهات بلا انحراف عن القبلة ، وقتل الحية والعقرب ، وحمل الطفل وإرضاعه ، ونحو ذلك مما لا يعد منافيا للصلاة عندهم .
مسألة 669 : الظاهر بطلان الصلاة فيما إذا أتى في أثنائها بصلاة أخرى مشتملة على الركوع والسجود ـ لا مثل صلاة الأموات ـ ويستثنى من ذلك ما إذا شرع في صلاة الآية فتبين ضيق وقت اليومية فإنه يقطعها ويأتي باليومية ثم يعود إلى صلاة الآية فيكملها من محل القطع كما سيأتي في المسألة 706 ، وأما في غير هذا المورد فتبطل الصلاة الأولى ، وتصح الصلاة الثانية مع السهو ، وكذلك مع العمد إذا كانت الصلاة الأولى نافلة ، وأما إذا كانت فريضة ففي صحتها إشكال والأظهر الصحة ، وإذا أدخل صلاة فريضة في أخرى سهوا وتذكر في الأثناء فإن كان التذكر قبل الركوع أتم الأولى إلا إذا كانت الثانية مضيقة فيتمها ، وإن كان التذكر بعد الدخول في الركوع بطلت الأولى على الأحوط وله حينئذ إتمام الثانية إلا إذا كانت الأولى مضيقة فيرفع اليد عما في يده ويستأنف الأولى .
مسألة 670 : إذا أتى بفعل كثير ، أو سكوت طويل ، وشك في فوات الموالاة ومحو الصورة قطع الصلاة واستأنفها ، والأحوط استحباباً إتمامها ثم إعادتها .
الرابع : التكلم عمداً ويتحقق بالتلفظ ولو بحرف واحد إذا كان مفهما
( 233 )
أما لمعناه مثل ( ق ) أمراً من الوقاية أو لغيره كما لو تلفظ ب ( ب ) للتلقين أو جوابا عمن سأله عن ثاني حروف المعجم ، وأما التلفظ بغير المفهم مطلقاً فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه إذا كان مركباً من حرفين فما زاد .
مسألة 671 : لا تبطل الصلاة بالتنحنح والنفخ ، ولا يترك الاحتياط بالاجتناب عن الأنين ، والتأوه ، وإذا قال : آه ، أو آه من ذنوبي ، فإن كان شكاية إليه تعالى لم تبطل ، وإلا بطلت .
مسألة 672 : لا فرق في الكلام المبطل عمداً ، بين أن يكون مع مخاطب أو لا ، وبين أن يكون مكرها عليه أو مضطراً فيه أو مختاراً ، على إشكال في المكره والمضطر إذا لم يكن الكلام ماحياً لصورة الصلاة وإلا فلا إشكال في مبطليته ، ولا بأس بالتكلم سهواً ولا لاعتقاد الفراغ من الصلاة .
مسألة 673 : لا بأس بالذكر ، والدعاء ، وقراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة ، وأما الدعاء بالمحرم فالظاهر عدم البطلان به وإن كانت الإعادة أحوط .
مسألة 674 : إذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه ، بل كان المخاطب غيره كما إذا قال لشخص (( غفر الله لك )) فالأحوط وجوبا عدم جوازه .
مسألة 675 : الأحوط لزوما ترك تسميت العاطس في الصلاة .
مسألة 676 : لا يجوز للمصلي ابتداء السلام ولا غيره من أنواع التحية نعم يجوز رد السلام بل يجب ، وإذا لم يرد ومضى في صلاته صحت وإن أثم .
مسألة 677 : يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم بأن لا يزيد عليه وكذا ألا يقدم الظرف إذا سلم عليه مع تقديم السلام على الأحوط بل الأحوط الأولى أن يكون الرد مماثلاً للسلام في جميع خصوصياته حتى في التعريف والتنكير والجمع والإفراد فإذا قال لك السلام عليك رده بمثله
( 234 )
وكذلك إذا قال سلام عليك أو سلام عليكم ، نعم إذا سلم المسلم بصيغة الجواب بأن قال مثلاً : عليك السلام جاز الرد بأي صيغة كان ، وأما في غير حال الصلاة فيستحب الرد بالأحسن فيقول في سلام عليكم : عليكم السلام ، أو بضميمة ورحمة الله وبركاته .
مسألة 678 : إذا سلم بالملحون وجب الجواب والأحوط لزوماً كونه صحيحا .
مسألة 679 : إذا كان المسلم صبيا مميزاً ، أو امرأة ، فالظاهر وجوب الرد .
مسألة 680 : يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة وغيرها ، ولو لم يمكن الإسماع كما لو كان المسلم أصم ، أو كان بعيدا ولو بسبب المشي سريعا فإن أمكن تفهيمه إياه بإشارة أو نحوها وجب الرد وإلا لم يجب في غير حال الصلاة ولا يجوز فيها .
مسالة 681 : إذا كانت التحية بغير السلام مثل : (( صبحك الله بالخير )) لم يجب الرد وإن كان أحوط أولى ، وإذا أراد الرد في الصلاة فالأحوط ـ وجوبا ـ الرد بقصد الدعاء على نحو يكون المخاطب به الله تعالى مثل : (( اللهم صبحه بالخير )) .
مسألة 682 : يكره السلام على المصلي .
مسألة 683 : إذا سلم واحد على جماعة كفى رد واحد منهم ، وإذا سلم واحد على جماعة منهم المصلي فرد واحد منهم لم يجز له الرد على الأحوط ، وإن كان الراد صبياً مميزاً فالأظهر كفاية رده وإن كان الأحوط الرد والإعادة ، وإذا شك المصلي في أن المسلم قصده مع الجماعة لم يجز الرد وإن لم يرد واحد منهم .
مسألة 684 : إذا سلم مرات عديدة كفى في الجواب مرة ، وإذا سلم
( 235 )
بعد الجواب ففي وجوب الجواب إشكال وإن لم ينطبق عليه عنوان الاستهزاء ونحوه .
مسألة 685 : إذا سلم على شخص مردد بين شخصين ، لم يجب على أحد منهما الرد ، وفي الصلاة لا يجوز الرد .
مسألة 686 : إذا تقارن شخصان في السلام ، وجب على كل منهما الرد على الآخر على الأحوط .
مسالة 687 : إذا سلم سخرية ، أو مزاحا أو متاركة ، فالظاهر عدم وجوب الرد .
مسألة 688 : إذا قال : ( سلام ) بدون عليكم ، وجب الجواب في الصلاة أما بمثله ويقدر ( عليكم ) أو بقوله ( سلام عليكم ) .
مسألة 689 : إذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة فالأحوط لزوما أن يرد بقوله ( سلام عليكم ) .
مسألة 690 : يجب رد السلام فوراً ، فإذا أخر عصياناً أو نسياناً حتى خرج عرفا عن صدق الجواب في حال التحية لم يجب الرد ، وفي الصلاة لا يجوز ، وإذا شك في الخروج عن الصدق وجب الرد وإن كان في الصلاة .
مسألة 691 : لو اضطر المصلي إلى الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره ، تكلم وبطلت صلاته على ما مر في المسألة 672 .
مسألة 692 : إذا ذكر الله تعالى في الصلاة ، أو دعا أو قرأ القرآن على غير وجه العبادة بل بقصد التنبيه على أمر من دون قصد القربة لم تبطل الصلاة ، نعم لو لم يقصد الذكر ، ولا الدعاء ، ولا القرآن ، وإنما جرى على لسانه مجرد التلفظ بطلت .
الخامس : القهقهة : وهي تبطل الصلاة وإن كانت بغير اختيار إذا كانت مقدماتها اختيارية بل مطلقا على الأحوط ولا بأس بها إذا كانت
( 236 )
عن سهو ، والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والمد والترجيع ولا بأس بالتبسم .
.
مسألة 693 : لو امتلأ جوفه ضحكاً وأحمر ولكن حبس نفسه عن إظهار الصوت ففي بطلان صلاته إشكال فالأحوط لزوماً إعادتها .
السادس : تعمد البكاء على الأحوط سواء المشتمل على الصوت ، وغير المشتمل عليه إذا كان لأمور الدنيا ، أو لذكر ميت ، فإذا كان خوفاً من الله تعالى ، أو شوقاً إلى رضوانه ، أو تذللاً له تعالى ، ولو لقضاء حاجة دنيوية ، فلا بأس به ، وكذا ما كان منه على سيد الشهداء ( عليه السلام ) إذا كان راجعاً إلى الآخرة ، كما لا بأس به إذا كان سهواً ، أما إذا كان غير اختياري بأن غلبه البكاء فلم يملك نفسه كان مبطلاً أيضا وإن لم تكن مقدماته اختيارية على الأحوط ، نعم لو لم يقدر إلا على الصلاة باكياً صحت صلاته .
السابع : الأكل والشرب ، وإن كانا قليلين ، إذا كانا ماحيين للصورة بل مطلقاً على الأحوط ، نعم لا بأس بابتلاع السكر المذاب في الفم ، وبقايا الطعام ، ولو أكل أو شرب سهواً فإن بلغ حد محو الصورة بطلت صلاته كما تقدم ، وإن لم يبلغ ذلك فلا بأس به .
مسألة 694 : يستثنى من ذاك ما إذا كان عطشاناً مشغولاً في دعاء الوتر ، وقد نوى أن يصوم ، وكان الفجر قريباً يخشى مفاجأته ، والماء أمامه ، أو قريبا منه قدر خطوتين ، أو ثلاثا ، فإنه يجوز له التخطي والارتواء ثم الرجوع إلى مكانه ويتم صلاته والأحوط الأولى الاقتصار على الوتر المندوب دون ما كان واجبا كالمنذور ، ولا يبعد التعدي من الدعاء إلى سائر الأحوال ، كما لا يبعد التعدي من الوتر إلى سائر النوافل ، ولا يجوز التعدي من الشرب إلى الأكل .
الثامن : التكفير ، و هو وضع إحدى اليدين على الأخرى خضوعاً وتأدباً
( 238 )
كما يتعارف عند غيرنا ، فإنه مبطل للصلاة على الأحوط سواء أتى به بقصد الجزئية أم لا ، نعم هو حرام حرمة تشريعية مطلقاً ، هذا فيما إذا وقع التكفير عمدا وفي حال الاختيار ، وأما إذا وقع سهواً أو تقية ، أو كان الوضع لغرض آخر غير التأدب ، من حك جسده ونحوه ، فلا بأس به .
التاسع : تعمد قول (( آمين )) بعد تمام الفاتحة فإنه مبطل للصلاة إذا أتى به المأموم عامداً في غير حال التقية أما إذا أتى به سهواً فلا بأس به وكذا إذا كان تقية ، بل قد يجب ، وإذا تركه حينئذ أثم وصحت صلاته على الأظهر ، وأما غير المأموم ففي بطلان صلاته به إشكال فلا يترك الاحتياط بتركه نعم لا إشكال في حرمته تشريعا إذا أتى به بعنوان الوظيفة المقررة في المحل شرعا .
مسألة 695 : إذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها ، بنى على العدم .
مسألة 696 : إذا علم أنه نام اختياراً ، وشك في أنه أتم الصلاة ثم نام ، أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة أو تعمداً ، بنى على صحة الصلاة إذا علم أنه أتى بالماهية المشتركة بين الصحيح والفاسد وكذلك الحال فيها إذا علم أنه غلبه النوم قهراً ، وشك في أنه كان في أثناء الصلاة ، أو بعدها ، كما إذا رأى نفسه في السجود وشك في أنه سجود الصلاة ، أو سجود الشكر .
مسألة 697 : لا يجوز قطع الفريضة اختياراً على الأحوط وجوباً ، ويجوز لضرورة دينية ، أو دنيوية ، كحفظ المال ، وأخذ الغريم من الفرار ، والدابة من الشراد ، ونحو ذلك ، بل لا يبعد جوازه لأي غرض يهتم به دينياً كان أو دنيوياً، وإن لم يلزم من فواته ضرر. فإذا صلى في المسجد وفي الأثناء علم أن فيه نجاسة ، جاز القطع وإزالة النجاسة كما تقدم ، ويجوز قطع النافلة مطلقا ، وإن كانت منذورة ، لكن الأحوط استحباباً الترك ، بل الأحوط
( 238 )
استحباباً ترك قطع النافلة في غير مورد جواز قطع الفريضة .
مسألة 698 : إذا وجب القطع فتركه ، واشتغل بالصلاة أثم ، وصحت صلاته.
مسألة 699 : يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا وبالعين والعبث باليد ، واللحية والرأس ، والأصابع ، والقران بين السورتين في الفريضة ـ إلا فيما استثني وقد تقدم في المسألة 605 ـ ، ونفخ موضع السجود ، والبصاق ، وفرقعة الأصابع ، والتمطي والتثاؤب ، ومدافعة البول والغائط والريح ، والتكاسل والتناعس والتثاقل ، والامتخاط ، ووصل إحدى القدمين بالأخرى بلا فصل بينهما ، وتشبيك الأصابع ، ولبس الخف ، أو الجورب الضيق ، وحديث النفس ، والنظر إلى نقش الخاتم والمصحف والكتاب ، ووضع اليد على الورك متعمداً ، وغير ذلك مما ذكر في المفصلات .
ختام : تستحب الصلاة على النبي ( صلي الله عليه وآله ) لمن ذكره أو ذكر عنده ، ولو كان في الصلاة ، من دون فرق بين ذكره باسمه الشريف ، أو لقبه ، أو كنيته ، أو بالضمير .
مسألة 700 : إذا ذكر اسمه مكرراً استحب تكرارها ، وإن كان في أثناء التشهد فالظاهر جواز الاكتفاء بالصلاة التي هي جزء منه .
مسألة 701 : الظاهر كون الاستحباب على الفور ، ولا يعتبر فيها كيفية خاصة ، نعم لابد من ضم آله عليهم السلام إليه في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم .
( 239 )
المقصد السادس
صلاة الآيات
وفيه مباحث
المبحث الأول
تجب هذه الصلاة على كل مكلف ـ عدا الحائض والنفساء ـ عند كسوف الشمس ، وخسوف القمر ، ولو بعضهما ، وكذا عند الزلزلة على الأحوط وجوبا ، والأحوط الأولى الإتيان بها عند كل مخوف سماوي ، كالريح السوداء ، والحمراء ، والصفراء ، والظلمة الشديدة ، والصاعقة ، والصيحة ، والنار التي تظهر في السماء ، بل عند كل مخوف أرضي أيضاً كالهدة والخسف ، وغير ذلك من المخاوف .
مسألة 702 : لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف والخسوف وكذا الزلزلة وأما المخوف السماوي والأرضي فيعتبر حصول الخوف منه لغالب الناس فلا عبرة بالمخوف للنادر كما لا عبرة بغير المخوف .
( 240 )
المبحث الثاني
وقت الشروع في صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف إلى تمام الانجلاء والأحوط استحبابا عدم تأخيرها عن الشروع في الانجلاء ، وإذا لم يدرك المصلي من الوقت إلا مقدار ركعة صلاها أداءا ، وكذلك إذا لم يسع الوقت إلا بقدر الركعة ، بل وكذا إذا قصر عن أداء الركعة أيضا على الأظهر ، وأما سائر الآيات فلم يثبت لصلاتها وقت محدد ، بل يؤتى بها بمجرد حصولها ، إلا مع سعة زمان الآية فلا تجب المبادرة إليها حينئذ .
مسألة 703 : إذا لم يعلم بالكسوف إلى تمام الانجلاء ، ولم يكن القرص محترقاً كله لم يجب القضاء ، وأما إن كان عالماً به ولم يصل ولو نسياناً أو كان القرص محترقاً كله وجب القضاء ، وكذا إذا صلى صلاة فاسدة ، والأحوط وجوباً الاغتسال قبل قضائها فيما إذا كان الاحتراق كلياً ، ولم يصلها عصياناً .
مسألة 704 : في غير الكسوفين من الآيات إذا لم يصل حتى مضى الزمان المتصل بالآية فالأظهر سقوط الصلاة وإن كان الأحوط الأولى الإتيان بها ما دام العمر .
مسألة 705 : يختص الوجوب بمكان الإحساس بالآية فلو كان البلد كبيراً جداً بنحو لا يحصل الإحساس بالآية لطرف منه عند وقوع الآية في الطرف الآخر اختص الحكم بطرف الآية .
( 241 )
مسألة 706 : إذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية واتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء ، وإن ضاق وقت أحداهما دون الأخرى قدمها ، وإن ضاق وقتهما قدم اليومية ، وإن شرع في إحداهما فتبين ضيق وقت الأخرى على وجه يخاف فوتها على تقدير إتمامها ، قطعها وصلى الأخرى لكن إذا كان قد شرع في صلاة الآية فتبين ضيق اليومية فبعد القطع وأداء اليومية يعود إلى صلاة الآية من محل القطع ، إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية .
مسألة 707 : يجوز قطع صلاة الآية وفعل اليومية إذا خاف فوت فضيلتها ثم يعود إلى صلاة الآية من محل القطع .
( 242 )
المبحث الثالث
صلاة الآيات ركعتان ، في كل واحدة خمسة ركوعات ينتصب بعد كل واحد منها ، وسجدتان بعد الانتصاب من الركوع الخامس ، ويتشهد بعدهما ثم يسلم ، وتفصيل ذلك أن يحرم مقارناً للنية كما في سائر الصلوات . ثم يقرأ الحمد وسورة ثم يركع ، ثم يرفع رأسه منتصباً فيقرأ الحمد وسورة ثم يركع ، وهكذا حتى يتم خمسة ركوعات ، ثم ينتصب بعد الركوع الخامس ، ويهوي إلى السجود ، فيسجد سجدتين ثم يقوم ويصنع كما صنع أولاً ، ثم يتشهد ويسلم .
مسألة 708 : يجوز أن يفرق سورة واحدة على الركوعات الخمسة ، فيقرأ بعد الفاتحة في القيام الأول بعضا من سورة ، بشرط أن لا يكون أقل من آية ـ إذا لم يكن جملة تامة ـ على الأحوط ، كما أن الأحوط الابتداء فيه من أول السورة وعدم الاقتصار على قراءة البسملة فقط ثم يركع ، ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من حيث قطع أولا ، ثم يركع ، ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضا آخر من حيث قطع ثم يركع . وهكذا يصنع في القيام الرابع والخامس حتى يتم سورة ، ثم يسجد السجدتين ، ثم يقوم ويصنع كما صنع في الركعة الأولى ، فيكون قد قرأ في كل ركعة فاتحة واحدة ، وسورة تامة موزعة على الركوعات الخمسة ، ويجوز أن يأتي بالركعة الأولى على النحو الأول وبالثانية على النحو الثاني ويجوز العكس ، كما أنه يجوز تفريق السورة على أقل من خمسة ركوعات ، لكن يجب عليه في القيام اللاحق لانتهاء السورة الابتداء
( 243 )
بالفاتحة وقراءة سورة تامة أو بعض سورة ، وإذا لم يتم السورة في القيام السابق ، لم تشرع له الفاتحة في اللاحق على الأحوط ، بل يقتصر على القراءة من حيث قطع ، نعم إذا لم يتم السورة في القيام الخامس فركع فيه عن بعض سورة وجبت عليه قراءة الفاتحة بعد القيام للركعة الثانية ، ثم قراءة السورة من حيث قطع ، ولابد له من إتيان سورة تامة في بقية الركوعات .
مسألة 709 ـ حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك في عدد الركعات ، وإذا شك في عدد الركوعات بنى على الأقل ، إلا أن يرجع إلى الشك في الركعات ، كما إذا شك في أنه الخامس أو السادس فتبطل .
مسألة 710 : ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بنقصها عمداً أو سهواً وبزيادتها عمداً وكذا سهواً على الأحوط كما في اليومية ، ويعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة اليومية من أجزاء وشرائط ، وأذكار واجبة ، ومندوبة وغير ذلك . كما يجري فيها أحكام السهو ، والشك في المحل وبعد التجاوز .
مسألة 711 : يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج ، ويجوز الاقتصار على قنوتين أحدهما قبل الركوع الخامس يؤتى به رجاءً والثاني قبل الركوع العاشر ويجوز الاقتصار على الأخير منهما ، ويستحب التكبير عند الهوي إلى الركوع وعند الرفع عنه ، إلا في الخامس والعاشر فيقول : (( سمع الله لمن حمده )) بعد الرفع من الركوع .
مسألة 712 : يستحب إتيان صلاة الكسوفين بالجماعة أداءاً كان ، أو قضاءاً مع احتراق القرص ، وعدمه ، ويتحمل الإمام فيها القراءة ، لا غيرها كاليومية وتدرك بإدراك الإمام قبل الركوع الأول ، أو فيه من كل ركعة ، أما إذا أدركه في غيره ففيه إشكال ، كما أن في مشروعية الجماعة في غير صلاة الكسوفين إشكالاً .
مسألة 713 : يستحب التطويل في صلاة الكسوف إلى تمام الانجلاء
( 244 )
فإن فرغ قبله جلس في مصلاه مشتغلاً بالدعاء ، أو يعيد الصلاة ، نعم إذا كان إماما يشق على من خلفه التطويل
خفف ، ويستحب قراءة السور الطوال كيس ، والنور ، والكهف ، والحجر ، وإكمال السورة في كل قيام ، وأن يكون كل من الركوع والسجود بقدر القراءة في التطويل والجهر بالقراءة ليلاً ، أو نهاراً ، حتى في كسوف الشمس على الأصح ، وكونها تحت السماء ، وكونها في المسجد .
مسألة 714 : يثبت الكسوف وغيره من الآيات بالعلم ، وبالاطمئنان الحاصل من إخبار الرصدي أو غيره من المناشئ العقلائية كما يثبت بشهادة العدلين ولا يثبت بشهادة العدل الواحد فضلاً عن مطلق الثقة إذا لم توجب الاطمئنان .
مسألة 715 : إذا تعدد السبب تعددت الصلاة ، والأحوط استحباباً التعيين مع اختلاف السبب نوعاً، كالكسوف والزلزلة .