( كتاب الصوم )
( 316 )
( 317 )
الفصل الأول
في النية
مسألة 970 : يعتبر في الصوم ـ الذي هو من العبادات الشرعية ـ العزم عليه على نحو ينطبق عليه عنوان الطاعة و التخضع لله تعالى ، و يكفي كون العزم عن داع إلهي و بقاؤه في النفس و لو ارتكازاً ، و لا يعتبر ضم الإخطار إليه بمعنى اعتبار كون الإمساك لله تعالى و إن كان ضمه أولى ، كما لا يعتبر استناد ترك المفطرات إلى العزم المذكور ، فلا يضر بوقوع الصوم العجز عن فعلها أو وجود الصارف النفساني عنها ، و كذا لا يعتبر كون الصائم في جميع الوقت بل في شئ منه في حالة يمكن توجه التكليف إليه فلا يضر النوم المستوعب لجميع الوقت و لو لم يكن باختيار منه كلاً أو بعضاً ، و لكن و في إلحاق الإغماء و السكر به إشكال فلا يترك الاحتياط للمغمى عليه اذا كان مسبوقا بالنيةوافاق اثناء النهار باتمام الصوم، وان لم يفعل فالقضاء، والسكران مع سبق النية بالجمع بين الإتمام إن أفاق أثناء الوقت و القضاء بعد ذلك .
مسألة 971 : لا يجب قصد الوجوب و الندب ، و لا الأداء و لا غير ذلك من صفات الأمر و المأمور به ، نعم إذا كان النوع المأمور به قصدياً كالقضاء و الكفارة ـ على ما سيأتي ـ لزم قصده ، و لكن يكفي فيه القصد الإجمالي كالقصد إلى المأمور به بالأمر الفعلي مع وحدة ما في الذمة .
مسألة 972 : يعتبر في القضاء قصده ، و يتحقق بقصد كون الصوم بدلاً عما فات ، و يعتبر في القضاء عن الغير قصد النيابة عنه في ذلك بإتيان العمل مطابقاً لما في ذمته بقصد تفريغها ، و يكفي في وقوعه عن نفسه عدم قصد النيابة عن الغير ، و إذا كان ما في ذمته واحداً مردداً بين كونه القضاء عن نفسه
( 318 )
أو عن غيره كفاه القصد الإجمالي .
مسألة 973 : يعتبر في الصوم ـ كما مر ـ العزم عليه و هو يتوقف على تصوره و لو بصورة إجمالية على نحو تميزه عن بقية العبادات كالذي يعتبر فيه ترك الأكل و الشرب بماله من الحدود الشرعية ، و لا يجب العلم التفصيلي بجميع ما يفسده و العزم على تركه ، فلو لم يتصور البعض ـ كالجماع ـ أو اعتقد عدم مفطريته لم يضر بينة صومه .
مسألة 974 : لا يقع في شهر رمضان صوم غيره و إن لم يكن الشخص مكلفاً بالصوم ـ كالمسافر ـ فإن نوى غيره متعمداً بطل ـ و إن لم يخل ذلك بقصد القربة على الأحوط ـ و لو كان جاهلاً به أو ناسياً له صح و يجزي حينئذ عن رمضان لا عما نواه .
مسألة 975 : يكفي في صحة صوم رمضان وقوعه فيه و لا يعتبر قصد عنوانه على الأظهر ، و لكن الأحوط قصده و لو إجمالاً بأن ينوي الصوم المشروع غداً ، و مثله في ذلك الصوم المندوب فيتحقق إذا نوى صوم غد قربة إلى الله تعالى إذا كان الزمان صالحاً لوقوعه فيه و كان الشخص ممن يجوز له التطوع بأن لم يكن مسافراً و لم يكن عليه قضاء شهر رمضان ، و كذلك الحال في المنذور بجميع أقسامه إلا إذا كان مقيداً بعنوان قصدي كالصوم شكراً أو زجراً ، و مثله القضاء و الكفارة ففي مثل ذلك إذا لم يقصد المعين لم يقع ، نعم إذا قصد ما في الذمة و كان واحداً أجزأ عنه .
مسألة 976 : وقت النية في الواجب المعين ـ و لو بالعارض ـ عند طلوع الفجر الصادق على الأحوط لزوماً بمعنى أنه لابد فيه من تحقق الإمساك مقروناً بالعزم و لو ارتكازاً لا بمعنى أن لها وقتاً محدداً شرعاً ، و أما في الواجب غير المعين فيمتد وقتها إلى ما قبل الزوال و إن تضيق وقته فله تأخيرها إليه و لو اختياراً ، فإذا أصبح ناوياً للإفطار و بدا له قبل الزوال أن يصوم واجباً
( 319 )
فنوى الصوم أجزأه ، و إن كان ذلك بعد الزوال لم يجز على الأحوط ، و أما في المندوب فيمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يقترن فيه الصوم بالنية .
مسألة 977 : يجتزئ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر فلا يعتبر حدوث العزم على الصوم في كل ليلة أو عند طلوع الفجر من كل يوم و إن كان يعتبر وجوده عنده و لو ارتكازاً على ما سبق ، و الظاهر كفاية ذلك في غير شهر رمضان أيضاً كصوم الكفارة و نحوها .
مسألة 978 : إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع ، أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطراً ثم تذكر أو علم أثناء النهار فالظاهر الاجتزاء بتجديد نيته قبل الزوال ، و يشكل الاجتزاء به بعده فلا يترك الاحتياط بالإمساك بقية النهار بقصد القربة المطلقة و القضاء بعد ذلك .
مسألة 979 : إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندباً أو قضاءً أو نذراً أجزأ عن شهر رمضان إن كان ، و إذا تبين أنه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية ، و إن صامه بنية رمضان بطل ، و أما إن صامه بنية الأمر الواقعي المتوجه إليه ـ إما الوجوبي أو الندبي ـ فالظاهر الصحة ، و إن صامه على أنه إن كان من شعبان كان ندباً ، و إن كان من رمضان كان وجوباً فلا يبعد الصحة أيضاً ، و إذا أصبح فيه ناوياً للإفطار فتبين أنه من رمضان جرى عليه التفصيل المتقدم في المسألة السابقة .
مسألة 980 : تجب استدامة النية إلى آخر النهار ، فإذا نوى القطع فعلا أو تردد بطل و إن رجع إلى نية الصوم على الأحوط ، و كذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريته ، و إذا تردد للشك في صحة صومه فالظاهر الصحة ، هذا في الواجب المعين ، أما الواجب غير المعين فلا يقدح شئ من ذلك فيه إذا رجع إلى نيته قبل الزوال .
مسألة 981 : لا يصح العدول من صوم إلى صوم و إن بقي وقت
( 320 )
المعدول إليه على الأصح ، نعم إذا كان أحدهما غير متقوم بقصد عنوانه و لا مقيداً بعدم قصد غيره ـ و إن كان مقيداً بعدم وقوعه ـ صح و بطل الآخر ، مثلاً لو نوى صوم الكفارة ثم عدل إلى المندوب المطلق صح الثاني و بطل الأول ، و لو نوى المندوب المطلق ثم عدل إلى الكفارة وقع الأول دون الثاني .
الفصل الثاني
المفطرات
وهي أمور :
الأول ، و الثاني : الأكل و الشرب مطلقاً ، و لو كانا قليلين ، أو غير معتادين ، و سيأتي بعض ما يتعلق بهما في المفطر التاسع .
الثالث : الجماع قبلاً و دبراً ، فاعلاً و مفعولا به ، حياً و ميتاً ، حتى البهيمة على الأحوط وجوباً فيها و في وطء دبر الذكر للواطئ و الموطوء ، و لو قصد الجماع و شك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة كان من قصد المفطر و قد تقدم حكمه و لكن لم تجب الكفارة عليه . و لا يبطل الصوم إذا قصد التفخيذ ـ مثلاً ـ فدخل في أحد الفرجين من غير قصد .
الرابع : الكذب على الله تعالى ، أو على رسول الله صلى الله عليه و آله أو على الأئمة عليهم السلام على الأحوط وجوباً ، بل الأحوط الأولى إلحاق سائر الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام بهم ، من غير فرق بين أن يكون في أمر ديني أو دنيوي ، و إذا قصد الصدق فكان كذباً فلا بأس ، و إن قصد الكذب فكان صدقاً كان من قصد المفطر ، و قد تقدم حكمه .
مسألة 982 : إذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه إلى أحد ، أو موجهاً له إلى من لا يفهم معناه و كان يسمعه من يفهم أو كان في معرض سماعه ـ كما إذا سجل بآلة ـ جرى فيه الاحتياط المتقدم .
( 321 )
الخامس : رمس تمام الرأس في الماء على المشهور ، و لكن الأظهر أنه لا يضر بصحة الصوم بل هو مكروه كراهة شديدة ، و لا فرق في ذلك بين الدفعة و التدريج ، و لا بأس برمس أجزاء الرأس على التعاقب و إن استغرقه ، و كذا إذا ارتمس و قد أدخل رأسه في زجاجة و نحوها كما يصنعه الغواصون .
مسألة 983 : في إلحاق المضاف بالماء إشكال ، و الأظهر عدم الإلحاق .
مسألة 984 : الأحوط للصائم في شهر رمضان و في غيره عدم الاغتسال برمس الرأس في الماء و إن كان الأظهر جواز ذلك .
السادس : تعمد إدخال الغبار أو الدخان الغليظين في الحلق على الأحوط وجوباً ، و لا بأس بغير الغليظ منهما ، و كذا بما يتعسر التحرز عنه عادة كالغبار المتصاعد بإثارة الهواء .
السابع : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ، و الأظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان و قضائه ، أما غيرهما من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك .
مسألة 985 : الأقوى عدم البطلان بالإصباح جنباً لا عن عمد في صوم رمضان و غيره من الصوم حتى قضاء رمضان و إن لم يتضيق وقته على الأظهر ، و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط فيه .
مسألة 986 : لا يبطل الصوم ـ واجباً أو مندوباً ، معيناً أو غيره ـ بالاحتلام في أثناء النهار ، كما لا يبطل بالبقاء على حدث مس الميت ـ عمداً ـ حتى يطلع الفجر .
مسألة 987 : إذا أجنب ـ عمدا ليلا ـ في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتاً إلى ذلك فهو من تعمد البقاء على الجنابة ، نعم إذا تمكن من التيمم وجب عليه التيمم و الصوم ، و الأحوط استحباباً قضاؤه ، و إن ترك
( 322 )
التيمم وجب عليه القضاء و الكفارة .
مسألة 988 : إذا نسي غسل الجنابة ـ ليلاً ـ حتى مضى يوم أو أيام من شهر رمضان وجب عليه القضاء ، دون غيره من الواجب المعين و غيره ، و إن كان أحوط استحباباً ، و الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة ، و إن كان الإلحاق أحوط استحباباً .
مسألة 989 : إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض و نحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر ، فإن تركه بطل صومه ، و إن تيمم لم يجب عليه أن يبقى مستيقظاً إلى أن يطلع الفجر ، و إن كان ذلك أحوط .
مسألة 990 : إذا ظن سعة الوقت فأجنب ، فبان ضيقه حتى عن التيمم فلا شئ عليه ، و إن كان الأحوط الأولى القضاء مع عدم المراعاة .
مسألة 991 : حدث الحيض و النفاس كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان بل و لقضائه على الأحوط دون غيرهما ، و إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم أو لم تعلم بنقائها حتى طلع الفجر صح صومها .
مسألة 992 : حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة و كذا في الاستحاضة المتوسطة على الأظهر ، و أما في الاستحاضة الكثيرة فالمشهور أنه يعتبر في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح و كذا للظهرين و لليلة الماضية ، و لكن لا يبعد عدم اعتباره و إن كان أحوط ، بل الأحوط أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر ثم تعيده بعده .
مسألة 993 : إذا أجنب في شهر رمضان ـ ليلاً ـ و نام حتى أصبح فإن نام ناوياً لترك الغسل ، لحقه حكم تعمد البقاء على الجنابة ، و كذا إذا نام متردداً فيه على الأحوط ، و إن نام ناوياً للغسل ، فإن كان في النومة الأولى صح صومه إذا كان واثقاً بالانتباه لاعتياد أو غيره و إلا فالأحوط وجوب القضاء
( 323 )
عليه و إن كان في النومة الثانية ـ بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق و نام ثانياً حتى أصبح ـ وجب عليه القضاء عقوبة ، دون الكفارة ، على الأقوى ، و إذا كان بعد النومة الثالثة ، فالأحوط ـ استحباباً ـ الكفارة أيضاً و كذلك في النومين الأولين إذا لم يكن واثقاً بالانتباه . و إذا نام عن ذهول و غفلة عن الغسل فالأظهر وجوب القضاء مطلقاً و الأحوط الأولى الكفارة أيضاً في الثالث .
مسألة 994 : يجوز النوم الأول و الثاني مع كونه واثقاً بالانتباه ، و الأحوط لزوماً تركه إذا لم يكن واثقاً به ، فإن نام و لم يستيقظ فالأحوط القضاء حتى في النومة الأولى ، بل الأحوط الأولى الكفارة أيضاً و لا سيما في النومة الثالثة .
مسألة 995 : إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلى الغسل منه ، و يجوز له الاستبراء بالبول و إن علم ببقاء شئ من المني في المجرى ، و لكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالأحوط الأولى مع عدم الضرر تأخيره إلى ما بعد المغرب .
مسألة 996 : يعد النوم الذي احتلم فيه ليلاً من النوم الأول فإذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الإفاقة هو النوم الثاني .
مسألة 997 : الظاهر إلحاق النوم الرابع و الخامس بالثالث .
مسألة 998 : الأقوى عدم إلحاق الحائض و النفساء بالجنب ، فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل و إن كان البقاء على الحدث في النوم الثاني أو الثالث ، و أما معه فيحكم بالبطلان و إن كان في النوم الأول .
الثامن : إنزال المني بفعل ما يؤدي إلى نزوله مع احتمال ذلك و عدم الوثوق بعدم نزوله ، و أما إذا كان واثقاً بالعدم فنزل اتفاقاً ، أو سبقه المني بلا فعل شئ لم يبطل صومه .
التاسع : الاحتقان بالمائع ، و لا بأس بالجامد ، كما لا بأس بما يصل إلى الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمى أكلاً أو شرباً ، كما إذا صب
( 324 )
دواءً في جرحه أو إذنه أو في إحليله أو عينه فوصل إلى جوفه و كذا إذا طعن برمح أو سكين فوصل إلى جوفه و غير ذلك ، نعم إذا فرض إحداث منفذ لوصول الغذاء إلى الجوف من غير طريق الحلق ، كما يحكى عن بعض أهل زماننا فلا يبعد صدق الأكل و الشرب حينئذ فيفطر به ، كما هو كذلك إذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الأنف ، و أما إدخال الدواء و نحوه ـ كالمغذي ـ بالإبرة في العضلة أو الوريد فلا بأس به ، و كذا تقطير الدواء في العين أو الإذن و لو ظهر أثره من اللون أو الطعم في الحلق .
مسألة 999 : الأحوط عدم ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلى فضاء الفم و إن كان لا يبعد جوازه ، أما إذا لم يصل إلى فضاء الفم فلا بأس بهما .
مسألة 1000 : لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و إن كان كثيراً و كان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلاً .
العاشر : تعمد القئ و إن كان لضرورة من علاج مرض و نحوه و لا بأس بما كان سهواً أو بلا اختيار .
مسألة 1001 : إذا خرج بالتجشؤ شئ ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلاً ، و إذا وصل إلى فضاء الفم فابتلعه ـ اختياراً ـ بطل صومه و عليه الكفارة ، على الأحوط لزوماً فيهما .
مسألة 1002 : إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا تقيأ ، أو لم يكن عازماً على ترك التقيؤ ـ مع الالتفات إلى كونه مانعا عن صحة الصوم ـ في الوقت الذي لا يجوز تأخير النية إليه اختياراً المختلف باختلاف أنحاء الصوم كما تقدم في المسألة 976 و لا فرق في ذلك كله بين ما إذا انحصر إخراج ما ابتلعه بالقئ و عدم الانحصار به .
مسألة 1003 : ليس من المفطرات مص الخاتم ، و مضغ الطعام
( 325 )
للصبي ، و ذوق المرق و نحوها مما لا يتعدى إلى الحلق ، أو تعدى من غير قصد ، أو نسياناً للصوم ، أما ما يتعدى ـ عمداً ـ فمبطل و إن قل ، و منه ما يستعمل في بعض البلاد المسمى عندهم بالنسوار ـ على ما قيل ـ و كذا لا بأس بمضغ العلك و إن وجد له طعماً في ريقه ، ما لم يكن لتفتت أجزائه ، و لا بمص لسان الزوج و الزوجة ، و الأحوط الأولى الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة ، و لكن لا يترك الاحتياط بعدم بلع الريق مع عدم استهلاكها فيه .
مسألة 1004 : يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها إذا كان واثقاً من نفسه بعدم الإنزال ، و إن قصد الإنزال كان من قصد المفطر ، و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر و المسك ، و كذا دخول الحمام إذا خشي الضعف ، و إخراج الدم المضعف ، و السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق ، و شم كل نبت طيب الريح ، و بل الثوب على الجسد ، و جلوس المرأة في الماء ، و الحقنة بالجامد ، و قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم ، و السواك بالعود الرطب ، و المضمضة عبثاً ، و إنشاد الشعر إلا في مراثي الأئمة ( عليهم السلام ) و مدائحهم . و في الخبر : « إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب ، و غضوا أبصاركم ، و لا تنازعوا ، و لا تحاسدوا و لا تغتابوا ، و لا تماروا ، و لا تكذبوا ، و لا تباشروا ، و لا تخالفوا ، و لا تغضبوا ، و لا تسابوا ، و لا تشاتموا ، و لا تنابزوا ، و لا تجادلوا ، و لا تباذوا ، و لا تظلموا ، و لا تسافهوا ، و لا تزاجروا ، و لا تغفلوا عن ذكر الله تعالى » الحديث طويل .
تتميم
المفطرات المذكورة إنما تفسد الصوم إذا وقعت على وجه العمد و الاختيار ، و أما مع السهو و عدم القصد فلا تفسده ، من غير فرق في ذلك بين
( 326 )
أقسام الصوم من الواجب المعين و الموسع و المندوب . فلو أخبر عن الله ما يعتقد أنه صدق فتبين كذبه أو كان ناسياً لصومه فاستعمل المفطر أو دخل في جوفه شئ قهراً بدون اختياره لم يبطل صومه ، و لا فرق في البطلان مع العمد بين العالم و الجاهل ، نعم لا يبعد عدم البطلان في الجاهل القاصر غير المتردد بالإضافة إلى ما عدا الأكل و الشرب و الجماع من المفطرات ، و في حكمه المعتمد في عدم مفطريتها على حجة شرعية .
مسألة 1005 : إذا أكره الصائم على الأكل أو الشرب أو الجماع فأفطر به بطل صومه ، و كذا إذا كان لتقية سواء كانت التقية في ترك الصوم ـ كما إذا أفطر في عيدهم تقية ـ أم كانت في أداء الصوم كالإفطار قبل الغروب ، فإنه يجب الإفطار حينئذ و لكن يجب القضاء ، و أما لو أكره على الإفطار بغير الثلاثة المتقدمة أو أتى به تقية ففي بطلان صومه إشكال ، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط بالإتمام و القضاء .
مسألة 1006 : إذا غلب على الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه ، أو كان حرجاً جاز أن يشرب بمقدار الضرورة و لا يزيد عليه على الأحوط ، و يفسد بذلك صومه ، و يجب عليه الإمساك في بقية النهار إذا كان في شهر رمضان على الأحوط، وأما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب .
الفصل الثالث
كفارة الصوم
تجب الكفارة بتعمد الإفطار بالأكل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة في صوم شهر رمضان ، أو بأحد الأربعة الأول في قضائه بعد الزوال ، أو بخصوص الجماع في صوم الاعتكاف ، أو بشئ من
( 327 )
المفطرات المتقدمة في الصوم المنذور المعين ، و الظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالماً بكون ما يرتكبه مفطراً ، و أما الجاهل القاصر أو المقصر ـ غير المتردد ـ فلا كفارة عليه على الأظهر ، فلو استعمل مفطراً باعتقاد أنه لا يبطل الصوم لم تجب عليه الكفارة سواء اعتقد حرمته في نفسه أم لا على الأقوى ، فلو استمنى متعمداً عالماً بحرمته معتقداً ـ و لو لتقصير ـ عدم بطلان الصوم به فلا كفارة عليه ، نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها .
مسألة 1007 : كفارة إفطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة ، و صوم شهرين متتابعين ، و إطعام ستين مسكيناً ، لكل مسكين مد . و كفارة إفطار قضاء شهر رمضان ـ بعد الزوال ـ إطعام عشرة مساكين ، لكل مسكين مد ، فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام ، و كفارة إفطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين ، و هي عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، لكل واحد مد ، أو كسوة عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات .
مسألة 1008 : تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين ، لا في يوم واحد حتى في الجماع و الاستمناء ، فإنها لا تتكرر بتكررهما على الأظهر ، و من عجز عن الخصال الثلاث تصدق بما يطيق ، و مع التعذر يتعين عليه الاستغفار و لكن يلزم التكفير عند التمكن ، على الأحوط وجوباً .
مسألة 1009 : الأحوط الأولى في الإفطار على الحرام الجمع في التكفير بين الخصال الثلاث المتقدمة .
مسألة 1010 : إذا أكره زوجته على الجماع في صوم شهر رمضان فالأحوط وجوباً أن عليه كفارتين ، و يعزر بما يراه الحاكم الشرعي ، و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة ، و لا تلحق الزوجة بالزوج إذا أكرهت زوجها على ذلك .
( 328 )
مسألة 1011 : إذا علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم ، و تردد بين ما يوجب القضاء فقط ، أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه ، و إذا علم أنه أفطر أياماً و لم يدر عددها اقتصر في الكفارة على القدر المعلوم ، و إذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة ، و إن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكيناً .
مسألة 1012 : إذا أفطر عمداً ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة .
مسألة 1013 : إذا كان الزوج مفطراً لعذر فأكره زوجته الصائمة على الجماع لم يتحمل عنها الكفارة ، و إن كان آثماً بذلك ، و لا تجب الكفارة عليها .
مسألة 1014 : يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوماً كانت أو غيره ، و في جوازه عن الحي إشكال .
مسألة 1015 : وجوب الكفارة موسع ، و لكن لا يجوز التأخير إلى حد يعد توانياً وتسامحاً في أداء الواجب .
مسألة 1016 : مصرف كفارة الإطعام الفقراء إما بإشباعهم ، و إما بالتسليم إليهم ، كل واحد مد ، و الأحوط استحباباً مدان ، و يجزي مطلق الطعام من التمر و الحنط و الدقيق و الأرز و الماش و غيرها مما يسمى طعاماً، نعم الأحوط لزوماً في كفارة اليمين و ما بحكمها الاقتصار على الحنطة و دقيقها .
مسألة 1017 : لا يجزي في الكفارة إشباع شخص واحد مرتين أو أكثر ، أو إعطاؤه مدين أو أكثر ، بل لابد من ستين نفساً ، إلا مع تعذر استيفاء تمام العدد فيكفي حينئذ في وجه لا يخلو عن إشكال ، فلا يترك مراعاة مقتضى
( 329 )
الاحتياط إذا اتفق التمكن منه بعد ذلك .
مسألة 1018 : إذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطاؤه بعددهم إذا كان ولياً عليهم ، أو وكيلاً عنهم في القبض ، فإذا قبض شيئاً من ذلك كان ملكاً لهم ، و لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنهم إذا كانوا كباراً ، و إن كانوا صغاراً صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم .
مسألة 1019 : زوجة الفقير إذا كان زوجها باذلاً لنفقتها على النحو المتعارف لا تكون فقيرة ، و لا يجوز إعطاؤها من الكفارة إلا إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين و نحوه .
مسألة 1020 : تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين ، و لا تتوقف البراءة على أكله الطعام ، فيجوز له بيعه عليه و على غيره .
مسألة 1021 : تحديد المد بالوزن لا يخلو عن إشكال ، و لكن يكفي في المقام احتساب المد ثلاثة أرباع الكيلو .
مسألة 1022 : في التكفير بنحو التمليك يعطى الصغير و الكبير سواء ، كل واحد مد .
مسألة 1023 : يجب القضاء دون الكفارة في موارد :
الأول : نوم الجنب حتى يصبح على تفصيل قد مر .
الثاني : إذا أبطل صومه بالإخلال بالنية من دون استعمال المفطر .
الثالث : إذا نسي غسل الجنابة يوماً أو أكثر .
الرابع : من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاته بنفسه و لا حجة على طلوعه ، أما إذا قامت حجة على طلوعه وجب القضاء و الكفارة ، و إذا كان مع المراعاة بنفسه فلا قضاء ، و لو مع الشك في بقاء الليل على الأظهر ، بلا فرق في ذلك بين جميع أقسام الصوم .
الخامس : الإفطار قبل دخول الليل باعتقاد دخوله ، حتى فيما إذا كان
( 330 )
ذلك من جهة الغيم في السماء على الأحوط ، بل الأحوط إن لم يكن أقوى وجوب الكفارة فيه أيضاً إذا لم يكن قاطعاً بدخوله .
مسألة 1024 : إذا شك في دخول الليل لم يجز له الإفطار ، و إذا أفطر أثم و كان عليه القضاء و الكفارة ، إلا أن يتبين أنه كان بعد دخول الليل ، و كذا الحكم إذا قامت حجة على عدم دخوله فأفطر ، أما إذا قامت حجة على دخول أو قطع بدخوله فأفطر فلا إثم و لا كفارة ، نعم يجب عليه القضاء إذا تبين عدم دخوله ، و إذا شك في طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر ، و إذا تبين الخطأ بعد استعمال المفطر فقد تقدم حكمه .
السادس : إدخال الماء إلى الفم بمضمضة أو غيرها لغرض التبرد عن عطش ، فيسبق و يدخل الجوف ، فإنه يوجب القضاء دون الكفارة ، و إن نسي فابتلعه فلا قضاء ، و كذا في سائر موارد إدخال المائع في الفم أو الأنف و تعديه إلى الجوف بغير اختيار و إن كان الأحوط الأولى القضاء فيما إذا كان ذلك في الوضوء لصلاة النافلة بل مطلقاً إذا لم يكن لوضوء صلاة الفريضة .
مسألة 1025 : الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره .
السابع : سبق المني بفعل ما يثير الشهوة ـ غير المباشرة مع المرأة ـ إذا لم يكن قاصداً و لا من عادته فإنه يجب فيه القضاء دون الكفارة ، وأما سبقه بالمباشرة مع المرأة كاللمس والتقبيل فالظاهر ثبوت القضاء والكفارة فيه وان لم يكن قاصداً ولا من عادته.
هذا إذا كان يحتمل سبق المني احتمالاً معتداً به ، و أما إذا كان واثقاً من نفسه بعدم الخروج فسبقه اتفاقاً فالظاهر عدم وجوب القضاء ولا الكفارة عليه في الصورتين.
( 331 )
الفصل الرابع
شرائط صحة الصوم
وهي أمور :
1 ـ الإسلام ، فلا يصح الصوم من الكافر ، نعم إذا أسلم في نهار شهر رمضان و لم يأت بمفطر قبل إسلامه فالأحوط لزوماً أن يمسك بقية يومه بقصد ما في الذمة و أن يقضيه إن لم يفعل ذلك ، و أما الإيمان فالأظهر عدم اعتباره في الصحة ـ بمعنى سقوط التكليف ـ و إن كان معتبراً في استحقاق المثوبة .
2 ـ العقل و عدم الإغماء ، فلو جن أو أغمي عليه بحيث فاتت منه النية المعتبرة في الصوم و أفاق أثناء النهار لم يصح منه صوم ذلك اليوم ، نعم إذا كان مسبوقاً بالنية في الفرض المذكور فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه .
3 ـ الطهارة من الحيض و النفاس ، فلا يصح من الحائض و النفساء و لو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار .
4 ـ عدم الإصباح جنباً، أو على حدث الحيض أو النفاس كما تقدم .
5 ـ أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة ، مع العلم بالحكم في الصوم الواجب ، إلا في ثلاثة مواضع :
أحدها : الثلاثة أيام و هي التي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه .
ثانيها : صوم الثمانية عشر يوماً، التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب .
ثالثها : صوم النافلة في وقت معين ، المنذور إيقاعه في السفر أو الأعم منه و من الحضر .
مسألة 1026 : الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر ، إلا ثلاثة
( 332 )
أيام للحاجة في المدينة ، و الأحوط لزوماً أن يكون ذلك في الأربعاء و الخميس و الجمعة. نعم اذا وصل المسافر الى وطنه أو ما بحكمه قبيل الغروب ولم يستعمل مفطراً جاز له على الاظهر ان ينوي صيام ذلك اليوم ندباً.
مسألة 1027 : يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم ، و إن علم في الأثناء بطل ، و لا يصح من الناسي .
مسألة 1028 : يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام ، كناوي الإقامة و المسافر سفر معصية و نحوهما .
مسألة 1029 : لا يصح الصوم من المريض ، و منه الأرمد ، إذا كان يتضرر به لإيجابه شدته ، أو طول برئه ، أو شدة ألمه ، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله ، و لا فرق بين حصول اليقين بذلك و الظن و الاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية ، و كذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض ، فضلاً عما إذا علم ذلك ، أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه .
مسألة 1030 : لا يكفي الضعف في جواز الإفطار و لو كان مفرطاً إلا أن يكون حرجاً فيجوز الإفطار ، و يجب القضاء بعد ذلك ، و كذا إذا أدى الضعف إلى العجز عن العمل اللازم للمعاش ، مع عدم التمكن من غيره ، أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار على الصوم لغلبة العطش و الأحوط لزوما فيهم الاقتصار في الأكل و الشرب على مقدار الضرورة و الإمساك عن الزائد .
مسألة 1031 : إذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف ففي صحة صومه إشكال و إن كان الضرر بحد لا يحرم ارتكابه مع العلم به ، و إذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل ، إلا إذا كان قد تمشى منه قصد القربة ، فإنه لا يبعد الحكم بالصحة إذا بان عدم الضرر بعد ذلك .
( 333 )
مسألة 1032 ـ قول الطبيب إذا كان يوجب الظن بالضرر أو احتماله الموجب لصدق الخوف جاز لأجله الإفطار ، و لا يجوز الإفطار بقوله في غير هذه الصورة ، و إذا قال الطبيب : لا ضرر في الصوم ؛ و كان المكلف خائفا جاز له الإفطار ، بل يجب إذا كان الضرر المتوهم بحد محرم ، و إلا فيجوز له الصوم رجاء و يجتزئ به لو بان عدم الضرر بعد ذلك .
مسألة 1033 : إذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر فالأحوط لزوماً أن ينوي و يصوم و يقضي بعد ذلك .
مسألة 1034 : يصح الصوم من الصبي المميز كغيره من العبادات .
مسألة 1035 : لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه قضاء شهر رمضان ، و إذا نسي او جهل أن عليه قضاءه فصام تطوعاً فذكر او علم بعد الفراغ ففي صحة صومه إشكال والصحة اظهر، و الظاهر جواز التطوع لمن عليه صوم واجب لكفارة أو قضاء أو إجارة أو نحوها ، كما أنه يجوز إيجار نفسه للصوم الواجب على غيره و إن كان عليه قضاء رمضان .
مسألة 1036 : يشترط في وجوب الصوم البلوغ و العقل و الحضر و عدم الإغماء و عدم المرض و الخلو من الحيض و النفاس .
مسألة 1037 : لو صام الصبي تطوعاً و بلغ في الأثناء ـ و لو قبل الزوال ـ لم يجب عليه الإتمام ، و إن كان هو الأحوط استحباباً ، و لو أفاق المجنون أو المغمى عليه أثناء النهار و كان مسبوقاً بالنية فالأحوط لزوماً أن يتم صومه و أن يقضيه إن لم يفعل ذلك .
مسألة 1038 : إذا سافر قبل الزوال وجب عليه الإفطار على الأحوط لزوماً خصوصاً إذا كان ناوياً للسفر من الليل ، و إن كان السفر بعده وجب إتمام الصيام على الأحوط لزوماً سيما إذا لم يكن ناوياً للسفر من الليل ، و إذا كان مسافراً فدخل بلده أو بلداً نوى فيه الإقامة ، فإن كان قبل الزوال و لم يتناول
( 334 )
المفطر وجب عليه الصيام ، و إن كان بعد الزوال ، أو تناول المفطر في السفر بقي على الإفطار ، نعم يستحب له الإمساك إلى الغروب .
مسألة 1039 : الظاهر أن المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده ، و كذا في الرجوع منه هو البلد لا حد الترخص ، نعم لا يجوز الإفطار للمسافر إلا بعد الوصول إلى حد الترخص فلو أفطر ـ قبله ـ عالماً بالحكم وجبت الكفارة .
مسألة 1040 : يجوز السفر في شهر رمضان ـ اختياراً ـ و لو للفرار من الصوم و لكنه مكروه ، إلا في حج أو عمرة ، أو غزو في سبيل الله ، أو مال يخاف تلفه ، أو إنسان يخاف هلاكه ، و إذا كان على المكلف صوم واجب معين فالأقوى عدم جواز السفر له إذا كان واجباً بإيجار و نحوه و كذا الثالث من أيام الاعتكاف و الأظهر جوازه فيما إذا كان واجباً بالنذر ، و في إلحاق اليمين و العهد به إشكال .
مسألة 1041 : يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب ، و كذا الجماع في النهار على كراهة في الجميع ، و الأحوط ـ استحبابا ًـ الترك و لا سيما في الجماع .
الفصل الخامس
ترخيص الإفطار
وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص : منهم الشيخ و الشيخة و ذو العطاش إذا تعذر عليهم الصوم ، و كذلك إذا كان حرجاً و مشقة و لكن يجب عليهم حينئذ الفدية عن كل يوم بمد من الطعام ، و الأفضل كونها من الحنطة ، بل كونها مدين ، بل هو أحوط استحبابا ، و الظاهر عدم وجوب القضاء على الشيخ و الشيخة إذا تمكنا من القضاء ، و الأحوط ـ الأولى ـ
( 335 )
لذي العطاش القضاء مع التمكن ، و منهم الحامل المقرب التي يضر بها الصوم أو يضر حملها ، و المرضعة القليلة اللبن إذا أضر بها الصوم أو أضر بالولد ، و عليهما القضاء بعد ذلك ، كما أن عليهما الفدية أيضاً ، و لا يجزئ الإشباع عن المد في الفدية من غير فرق بين مواردها .
مسألة 1042 : لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها ، و أن يكون لغيرها ، و الأحوط لزوماً الاقتصار على صورة انحصار الإرضاع بها بأن لم يكن هناك طريق آخر لإرضاع الطفل و لو بالتبعيض من دون مانع و إلا لم يجز لها الإفطار .
الفصل السادس
ثبوت الهلال
يثبت الهلال بالعلم الحاصل من الرؤية أو التواتر ، أو غيرهما ، و بالاطمئنان الحاصل من الشياع أو غيره ، و بمضي ثلاثين يوماً من هلال شعبان فيثبت هلال شهر رمضان ، أو ثلاثين يوماً من شهر رمضان فيثبت هلال شوال و بشهادة عدلين ، و لا يثبت بشهادة النساء ، و لا بشهادة العدل الواحد و لو مع اليمين ، و لا بقول المنجمين ، و لا بغيبوبته بعد الشفق ليدل على أنه لليلة السابقة ، و لا بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية ، و لا برؤيته قبل الزوال ، ليكون يوم الرؤية من الشهر اللاحق ، و لا بتطوق الهلال ، ليدل على أنه لليلة السابقة ، و في ثبوته بحكم الحاكم الذي لا يعلم خطأه و لا خطأ مستنده إشكال بل منع ، نعم إذا أفاد حكمه أو الثبوت عنده الاطمئنان بالرؤية في البلد أو فيما بحكمه اعتمد عليه .
مسألة 1043 : لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم ، بل كل من علم بشهادتها عول عليها ، و لكن يعتبر عدم العلم أو الاطمئنان باشتباهها
( 336 )
وعدم وجود معارض لشهادتها و لو حكماً كما إذا استهل جماعة كبيرة من أهل البلد فادعى الرؤية منهم عدلان فقط أو استهل جمع و لم يدع الرؤية إلا عدلان و لم يره الآخرون و فيهم عدلان يماثلانهما في معرفة مكان الهلال وحدة النظر مع فرض صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل أن يكون مانعاً عن رؤيتهما فإن في مثل ذلك لا عبرة بشهادة البينة .
مسألة 1044 : إذا رؤي الهلال في بلد كفى في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الأفق بمعنى كون الرؤية الفعلية في البلد الأول ملازماً للرؤية في البلد الثاني لو لا المانع من سحاب أو غيم أو جبل أو نحو ذلك .
الفصل السابع
أحكام قضاء شهر رمضان
مسألة 1045 : لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا ، أو الجنون أو الإغماء أو الكفر الأصلي ، و يجب قضاء ما فات في غير ذلك من ارتداد ، أو حيض ، أو نفاس ، أو نوم ، أو سكر ، أو مرض ، و إذا رجع المخالف إلى مذهبنا يجب عليه قضاء ما فاته و أما ما أتى به على وفق مذهبه ، أو على وفق مذهبنا مع تمشي قصد القربة منه فلا يجب قضاؤه عليه .
مسألة 1046 : إذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بنى على الأداء ، و إذا شك في عدد الفائت بنى على الأقل .
مسألة 1047 : لا يجب الفور في القضاء ، و إن كان الأحوط ـ استحباباً ـ عدم تأخير قضاء شهر رمضان عن رمضان الثاني ، و إن فاتته أيام من شهر واحد لا يجب عليه التعيين ، و لا الترتيب ، و إن عين لم يتعين إلا إذا كان له أثر ، و إذا كان عليه قضاء من رمضان سابق و من لاحق لم يجب التعيين و لا يجب الترتيب ، فيجوز قضاء اللاحق قبل السابق ، و يجوز العكس إلا أنه إذا
( 337 )
تضيق وقت اللاحق بمجئ رمضان الثالث فالأحوط قضاء اللاحق ، و إن نوى السابق حينئذ صح صومه ، و وجبت عليه الفدية .
مسألة 1048 : لا ترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و الإيجار فله تقديم أيهما شاء ، نعم لا يصح صوم نذر التطوع لمن عليه قضاء شهر رمضان على الأظهر .
مسألة 1049 : إذا فاتته أيام من شهر رمضان بمرض ، و مات قبل أن يبرأ لم تقض عنه ، و كذا إذا فات بحيض أو نفاس ماتت فيه أو بعد ما طهرت قبل مضي زمان يمكن القضاء فيه .
مسألة 1050 : إذا فاته شهر رمضان ، أو بعضه بمرض ، و استمر به المرض إلى رمضان الثاني سقط قضاؤه ، و تصدق عن كل يوم بمد و لا يجزئ القضاء عن التصدق ، أما إذا فاته بعذر غير المرض وجب القضاء و تجب الفدية أيضاً على الأحوط لزوماً ، و كذا إذا كان سبب الفوت المرض و كان العذر في التأخير السفر ، و كذا العكس .
مسألة 1051 : إذا فاته شهر رمضان ، أو بعضه لعذر و أخر القضاء إلى رمضان الثاني ، مع تمكنه منه ، عازماً على التأخير أو متسامحاً و متهاوناً لزمه القضاء الفدية معاً ، و هكذا إذا كان عازماً على القضاء ـ قبل مجئ رمضان الثاني ـ فاتفق طرو العذر . و لا فرق في ذلك بين المرض و غيره من الأعذار ، واذا فاته شهر رمضان او بعضه لا لعذر بل للتعمد في الترك ولم يقضه الى رضمان آخر لاي سبب كان وجب عليه القضاء وكذا الفدية على الاحوط، واذا كان فوته مع الافطار فيه عمداً وجبت عليه كفارة الافطار ايضاً.
مسألة 1052 : إذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني ، و هكذا إن استمر إلى أربعة رمضانات ، فتجب مرة ثالثة للثالث ، و هكذا و لا تتكرر الكفارة للشهر الواحد .
( 338 )
مسألة 1053 : يجوز إعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور إلى شخص واحد .
مسألة 1054 : لا تجب فدية الزوجة على زوجها ، و لا فدية العيال على المعيل ، و لا فدية واجب النفقة على المنفق .
مسألة 1055 : لا تجزئ القيمة في الفدية ، بل لابد من دفع العين و هو الطعام ، و كذا الحكم في الكفارات .
مسألة 1056 : يجوز الإفطار في الصوم المندوب إلى الغروب ، و لا يجوز في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال إذا كان القضاء لنفسه ، بل تقدم أن عليه الكفارة ، أما قبل الزوال فيجوز إذا كان موسعاً ، و أما الواجب الموسع غير قضاء شهر رمضان فالظاهر جواز الإفطار فيه مطلقاً ، و إن كان الأحوط استحباباً ترك الإفطار بعد الزوال .
مسألة 1057 : لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه في الحرمة و الكفارة و إن كان الأحوط ـ استحباباً ـ الإلحاق .
مسألة 1058 : يجب على الأحوط على ولي الميت ـ و هو الولد الذكر الأكبر ـ حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر إذا وجب عليه قضاؤه ، هذا إذا لم يكن قاصراً حين موته ـ لصغر أو جنون ـ و لم يكن ممنوعاً من إرثه لبعض أسبابه كالقتل و الكفر و إلا لم يجب عليه ذلك ، و في كفاية التصدق بدلاً عن القضاء بمد من الطعام عن كل يوم ـ و لو من تركة الميت فيما إذا رضيت الورثة بذلك ـ قول لا يخلو عن وجه ، و الأحوط ـ استحباباً ـ إلحاق الأكبر الذكر في جميع طبقات المواريث ـ على الترتيب في الإرث ـ بالابن ، كما إن الأحوط استحباباً إلحاق الأم بالأب ، و أما ما فات الميت عمداً أو أتى به فاسداً ففي إلحاقه بما فات عن عذر إشكال بل منع ، و إن فاته ما لا يجب عليه قضاؤه كما لو مات في مرضه لم يجب القضاء ، و قد تقدم
( 339 )
في كتاب الصلاة بعض المسائل المتعلقة بالمقام ، لأن المقامين من باب واحد .
مسألة 1059 : يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير ، و يكفي في حصوله صوم الشهر الأول ، و يوم من الشهر الثاني متتابعاً ، و يجوز التفريق بعد ذلك على إشكال فيما إذا لم يكن لعارض يعد عذراً عرفاً فلا يترك معه الاحتياط .
مسألة 1060 : كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر اضطر إليه بنى على ما مضى عند ارتفاعه ، و إن كان العذر بفعل المكلف إذا كان مضطراً إليه ، أما إذا لم يكن عن اضطرار وجب الاستئناف ، و من العذر ما إذا نسي النية ، أو نسي فنوى صوماً آخر إلى أن فات وقتها ، و منه ما إذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس ، فإن تخلله في الأثناء لا يضر في التتابع بل يحسب من الكفارة أيضاً إذا تعلق النذر بصوم يوم الخميس على الإطلاق ، و لا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال .
مسألة 1061 : إذا نذر صوم شهرين متتابعين جرى عليه الحكم المذكور ، إلا أن يقصد تتابع جميع أيامها .
مسألة 1062 : إذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه ، نعم إذا كان غافلاً أو جاهلاً مركباً قاصراً فلا بأس به ، أما إذا كان مقصراً أو شاكاً فالظاهر البطلان و قد يستثنى من ذلك مورد واحد و هو صوم الثلاثة بدل الهدي فيقال أن له أن يشرع فيه يوم التروية و يأتي بالثاني يوم عرفة و بالثالث بعد العيد بلا فصل ، أو بعد أيام التشريق لمن كان بمنى ، و لكن هذا الاستثناء محل إشكال ، و الأحوط لزوماً لمن فاته صوم جميعها قبل يوم العيد أن يأتي بها متتابعاً بعد ذلك .
مسألة 1063 : إذا نذر أن يصوم شهراً أو أياماً معدودة لم يجب التتابع ، إلا مع اشتراط التتابع ، أو الانصراف إليه على وجه يرجع إلى
( 340 )
التقييد .
مسألة 1064 : إذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالأحوط الأولى التتابع في قضائه .
مسألة 1065 : الصوم من المستحبات المؤكدة ، و قد ورد أنه جنة من النار ، و زكاة الأبدان ، و به يدخل العبد الجنة ، و إن نوم الصائم عبادة و نفسه و صمته تسبيح ، و عمله متقبل ، و دعاءه مستجاب ، و خلوق فمه عند الله تعالى أطيب من رائحة المسك ، و تدعوا له الملائكة حتى يفطر ، و له فرحتان فرحة عند الإفطار ، و فرحة حين يلقى الله تعالى . و أفراده كثيرة و عد من المؤكد منه صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، و الأفضل في كيفيتها أول خميس من الشهر ، و آخر خميس منه ، و أول أربعاء من العشر الأواسط ، و يوم الغدير ، فإنه يعدل ـ كما في بعض الروايات ـ مائة حجة و مائة عمرة مبرورات متقبلات ، و يوم مولد النبي ( صلى الله عليه و آله ) و يوم بعثه ، و يوم دحو الأرض ، و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة ، و يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال و يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة و تمام رجب ، و تمام شعبان و بعض كل منهما على اختلاف الأبعاض في مراتب الفضل ، و يوم النوروز ، و أول يوم محرم و ثالثه و سابعه ، و كل خميس و كل جمعة إذا لم يصادفا عيداً .
مسألة 1066 : يكره الصوم في موارد : منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء ، و الصوم فيه مع الشك في الهلال ، بحيث يحتمل كونه عيد أضحى ، و صوم الضيف تطوعاً أو لواجب غير معين بدون إذن مضيفه ، و صوم الولد نافلة من غير إذن والده .
مسألة 1067 : يحرم صوم العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكاً كان أم لا ، و يوم الشك على أنه من شهر رمضان ، و نذر المعصية بأن
( 341 )
ينذر الصوم على تقدير فعل الحرام شكراً ، أما زجراً فلا بأس به ، و صوم الوصال . و لا بأس بتأخير الإفطار و لو إلى الليلة الثانية إذا لم يكن عن نية الصوم ، و الأحوط استحباباً اجتنابه ، و الأحوط أن لا تصوم الزوجة تطوعاً أو لواجب غير معين بدون إذن الزوج و إن كان الأقوى جوازه إذا لم يمنع عن حقه و لا يترك الاحتياط بتركها الصوم إذا نهاها زوجها عنه و إن لم يكن مزاحماً لحقه و الحمد لله رب العالمين .
( 342 )
الخاتمة
في الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد بقصد التعبد به و الأحوط استحباباً أن يضم إليه قصد فعل العبادة فيه من صلاة و دعاء و غيرهما ، و يصح في كل وقت يصح فيه الصوم ، و الأفضل شهر رمضان ، و أفضله العشر الأواخر .
مسألة 1068 : يشترط في صحته مضافاً إلى العقل و الإسلام ـ بتفصيل تقدم في الصوم ـ أمور :
الأول : نية القربة ، كما في غيره من العبادات . و الواجب إيقاعه من أوله إلى آخره عن النية ، و يقوى جواز الاكتفاء بتبييت النية ، مع قصد الشروع فيه في أول يوم ، و أما لو قصد الشروع فيه وقت النية في أول الليل فيكفي بلا إشكال .
مسألة 1069 : لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر اتفقا في الوجوب و الندب أو اختلفا ، و لا من نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر و لا من نيابة عن غيره إلى نفسه و بالعكس .
الثاني : الصوم ، فلا يصح بدونه فلو كان المكلف ممن لا يصح منه الصوم لسفر ، أو غيره لم يصح منه الاعتكاف .
الثالث : العدد ، فلا يصح أقل من ثلاثة أيام ، و يصح الأزيد منها و إن كان يوماً أو بعضه ، أو ليلة أو بعضها ، و تدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الأولى و الرابعة ، و إن جاز إدخالهما بالنية ، فلو نذره كان أقل ما يمتثل به ثلاثة . و لو نذره أقل لم ينعقد إذا اراد به الاعتكاف المعهود و إلا صح ، و لو نذره ثلاثة معينة ، فاتفق أن الثالث عيد لم ينعقد ، و لو نذر اعتكاف خمسة فإن
( 343 )
نواها بشرط لا من جهة الزيادة و النقصان بطل ، و إن نواها بشرط لا من جهة الزيادة و لا بشرط من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيام ، و إن نواها بشرط لا من جهة النقيصة ، و لا بشرط من جهة الزيادة ضم إليها السادس أفرد اليومين أو ضمهما إلى الثلاثة .
الرابع : أن يكون في أحد المساجد الأربعة : المسجد الحرام ، و مسجد المدينة ، و مسجد الكوفة ، و مسجد البصرة ، و يجوز إيقاعه في المسجد الجامع في البلد أيضاً إلا إذا اختص بإمامته غير العادل فإنه لا يجوز حينئذ على الأحوط ، و الأحوط استحباباً ـ مع الإمكان ـ الاقتصار على المساجد الأربعة .
مسألة 1070 : لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل ، و لم يجز اللبث في مسجد آخر ، و الأحوط لزوماً قضاؤه ـ إن كان واجباً ـ في مسجد آخر ، أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع .
مسألة 1071 : يدخل في المسجد سطحه و سردابه ، كبيت الطشت في مسجد الكوفة ، و كذا منبره و محرابه ، و الإضافات الملحقة به إذا جعلت جزءاً منه .
مسألة 1072 : إذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغي قصده .
الخامس : إذن من يعتبر إذنه في جوازه ، كالوالدين بالنسبة إلى ولدهما إذا كان موجباً لإيذائهما شفقة عليه ، و كالزوج بالنسبة إلى زوجته إذا كان منافياً لحقه على إشكال فيما إذا لم يكن مكثها في المسجد بدون إذنه حراماً بنفسه .
السادس : استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه ، فإذا خرج لغير الأسباب المسوغة للخروج بطل ، من غير فرق بين العالم بالحكم
( 344 )
والجاهل ، و لا يبعد البطلان في الخروج نسياناً أيضاً ، بخلاف ما إذا خرج عن اضطرار أو إكراه أو لحاجة لابد له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة ، أو استحاضة ، أو مس ميت و إن كان السبب باختياره . و يجوز الخروج للجنائز لتشييعها ، و الصلاة عليها ، و دفنها ، و تغسيلها ، و تكفينها ، و لعيادة المريض ، أما تشييع المؤمن و إقامة الشهادة و تحملها و غير ذلك من الأمور الراجحة ففي جوازها إشكال ، و الأظهر الجواز فيما إذا عد من الضرورات عرفاً و الأحوط ـ لزوماً ـ مراعاة أقرب الطرق و لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة ، و أما التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل و إن كان عن إكراه أو اضطرار ، و لا يجوز الجلوس تحت الظلال في الخارج بل الأحوط لزوماً ترك الجلوس فيه بعد قضاء الحاجة مطلقاً إلا مع الضرورة .
مسألة 1073 : إذا امكنه أن يغتسل في المسجد فالأحوط لزوماً عدم الخروج لأجله إذا كان الحدث لا يمنع من البقاء في المسجد كمس الميت ، و أما إذا كان يمنع منه ـ كالجنابة ـ فإن تمكن من الاغتسال في المسجد من غير مكث و لم يستلزم محرماً آخر كالتلويث و الهتك وجب على الأحوط ، و إلا لم يجز مطلقا و إن كان زمان الغسل أقل من زمان الخروج ، هذا في غير المسجدين و أما فيهما فإن لم يكن زمان الغسل أطول من زمان التيمم و كذا من زمان الخروج وجب الغسل في المسجد ما لم يستلزم محرما و إلا وجب الغسل خارجه .
فصل
الاعتكاف في نفسه مندوب ، و يجب بالعارض من نذر و شبهه ، فإن كان واجباً معيناً فلا إشكال في وجوبه ـ قبل الشروع ـ فضلاً عما بعده ، و إن
( 345 )
كان واجباً مطلقاً أو مندوباً فالأقوى عدم وجوبه بالشروع ، و إن كان في الأول أحوط استحباباً ، نعم يجب بعد مضي يومين منه فيتعين اليوم الثالث ، إلا إذا اشترط حال النية الرجوع لعارض ، فاتفق حصوله بعد يومين ، فله الرجوع عنه ـ حينئذ ـ إن شاء ، و لا عبرة بالشرط إذا لم يكن مقارناً للنية ، سواء أ كان قبلها أم بعد الشروع فيه .
مسألة 1074 : يشكل جواز اشتراط الرجوع متى شاء و إن لم يكن عارض ، نعم يكفي في العارض العذر العرفي .
مسألة 1075 : إذا شرط الرجوع حال النية ، ثم بعد ذلك اسقط شرطه ، فالظاهر عدم سقوط حكمه .
مسألة 1076 : إذا نذر الاعتكاف ، و شرط في نذره الرجوع بأن كان المنذور ـ أي الاعتكاف ـ مشروطاً جاز له الرجوع ، و إن لم يشترطه حين الشروع فيه إذا أتى به وفاءً لنذره لأنه يكون من الاعتكاف المشروط به إجمالاً .
مسألة 1077 : إذا جلس في المسجد على فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف ، و إن سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه ، و جلس فيه ففي البطلان تأمل بل منع .
فصل
في أحكام الاعتكاف
مسألة 1078 : لابد للمعتكف من ترك أمور :
منها : الجماع ، و الأحوط ـ وجوباً ـ إلحاق اللمس و التقبيل بشهوة به و أولى منهما بالاحتياط ما يصدق عليه المباشرة بما دون الفرج كالتفخيذ و نحوه ، و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة .
( 346 )
و منها : الاستمناء و إن كان على الوجه الحلال كالنظر إلى الزوجة ـ على الأحوط وجوباً ـ .
و منها : شم الطيب مطلقاً و لو للشراء و شم الريحان مع التلذذ و لا مانع منه إذا كان بدونه .
و منها : البيع و الشراء بل مطلق التجارة ، على الأحوط وجوباً ، و لا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات ، حتى الخياطة و النساجة و نحوهما ، و إن كان الأحوط ـ استحباباً ـ الاجتناب ، و إذا اضطر إلى البيع و الشراء ـ لا ما يلحقهما من مطلق التجارة ـ لأجل الأكل أو الشرب مما تمس حاجة المعتكف به و لم يمكن التوكيل أو ما بحكمه و لا النقل بغير ذلك فعله .
و منها : المماراة في أمر ديني أو دنيوي بداعي إثبات الغلبة و إظهار الفضيلة ، لا بداعي إظهار الحق و رد الخصم عن الخطأ ، فإنه من أفضل العبادات ، و المدار على القصد .
مسألة 1079 : لا يجب على المعتكف الاجتناب عما يحرم على المحرم على الأقوى ، و لا سيما لبس المخيط و إزالة الشعر ، و أكل الصيد ، و عقد النكاح ، فإن جميعها جائز له .
مسألة 1080 : الظاهر أن المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار ، و في حرمتها تكليفاً إذا لم يكن واجبا معيناً و لو لأجل انقضاء يومين منه إشكال ، و إن كان أحوط وجوباً .
مسألة 1081 ـ إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة ـ سهواً ـ فالظاهر عدم بطلان اعتكافه حتى في الجماع على الأقرب .
مسألة 1082 ـ إذا أفسد اعتكافه بأحد المفسدات ، فإن كان واجباً معيناً وجب قضاؤه على الأحوط وجوباً و إن كان غير معين وجب استئنافه ؛ و كذا يجب القضاء ـ على الأحوط لزوماً ـ إذا كان مندوباً ، و كان الإفساد بعد
( 347 )
يومين ، أما إذا كان قبلهما فلا شئ عليه ، و لا يجب الفور في القضاء و لكن لا يجوز تأخيره بحد يعد تهاوناً و توانياً في أداء الواجب .
مسألة 1083 : إذا باع أو اشترى في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شراؤه ، و إن بطل اعتكافه .
مسألة 1084 : إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلاً وجبت الكفارة ، و يلحق به على الأحوط لزوماً الجماع المسبوق بالخروج المحرم و إن بطل اعتكافه به بشرط عدم رفع يده عنه ، و الأقوى عدم وجوب الكفارة بالإفساد بغير الجماع ، و إن كان أحوط استحباباً ، و كفارته ككفارة صوم شهر رمضان و إن كان الأحوط استحباباً أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار ، و إذا كان الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع نهاراً وجبت كفارتان ، إحداهما لإفطار شهر رمضان و الأخرى لإفساد الاعتكاف ، و كذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، و إن كان الاعتكاف المذكور منذوراً معيناً أو ما بحكمه وجبت كفارة ثالثة لمخالفة النذر ، و إذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها وجبت كفارة رابعة عنها على الأحوط لزوماً .
و الحمد لله رب العالمين