المقصد الخامس
غسل الأموات
وفيه فصول:
الفصل الأول
في أحكام الاحتضار
مسألة 259 : الأحوط توجيه المؤمن ـ و من بحكمه ـ حال احتضاره إلى القبلة ، بأن يوضع على قفاه و تمد رجلاه نحوها بحيث لو جلس كان وجهه تجاهها ، و الأحوط الأولى للمحتضر نفسه أن يفعل ذلك إن أمكنه ، و لا يعتبر في توجيه غير الولي إذن الولي إن علم رضا المحتضر نفسه بذلك ـ ما لم يكن قاصراً ـ و إلا اعتبر إذنه على الأحوط .
و ذكر العلماء ( رضوان الله عليهم ) أنه يستحب نقل المحتضر إلى مصلاه إن اشتد عليه النزع ما لم يوجب ذلك أذاه .
و تلقينه الشهادتين ، و الإقرار بالنبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام و سائر الاعتقادات الحقة ، و تلقينه كلمات الفرج ، و يكره أن يحضره جنب أو حائض ، و أن يمس حال النزع بل الأحوط تركه ، و إذا مات يستحب أن تغمض عيناه ، و يطبق فوه ، و يشد لحياه ، و تمد يداه إلى جانبيه ، و ساقاه ، و يغطى بثوب ، و أن يُقرأ عنده القرآن ، و يسرج في البيت الذي كان يسكنه ، و إعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته ، و يعجل تجهيزه ، إلا إذا شك في موته فينتظر به حتى يعلم موته ، و يكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره ، و أن يترك وحده .
( 96 )
الفصل الثاني
في الغسل
الأحوط إزالة عين النجاسة عن جميع بدن الميت قبل الشروع في الغسل و إن كان الأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه .
ثم أن الميت يغسل ثلاثة أغسال : الأول : بماء السدر ، الثاني : بماء الكافور ، الثالث : بالماء القراح ، و كل واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي مع تقديم الأيمن على الأيسر و لا يكفي الارتماسي مع التمكن من الترتيبي على الأحوط ، و لا بد فيه من النية على ما عرفت في الوضوء .
مسألة 260 : يجب تغسيل الميت و سائر ما يتعلق بتجهيزه من الواجبات التي يأتي بيانها على وليه ، فعليه التصدي لها مباشرة أو تسبيباً، و يسقط مع قيام غيره بها بإذنه بل مطلقا في الدفن و نحوه ، و الولي بالنسبة إلى الزوجة زوجها ، و في غير الزوجة يكون هو الأولى بميراث الميت من أقربائه ـ حسب طبقات الإرث ـ أي الأبوان و الأولاد في الطبقة الأولى و الأجداد و الأخوة في الطبقة الثانية و الأعمام و الأخوال في الطبقة الثالثة .
و إذا لم يكن للميت وارث غير الإمام عليه السلام فالأحوط الأولى الاستئذان من الحاكم الشرعي في تجهيزه ، و إن لم يتيسر الحاكم فمن بعض عدول المؤمنين .
مسألة 261 : الذكور في كل طبقة مقدمون على الإناث ، و في تقديم الأب على الأولاد ، و الجد على الأخ ، و الأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما ، و الأخ من الأب على الأخ من الأم ، و العم على الخال إشكال ، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، و الأظهر عدم ثبوت الولاية للقاصر مطلقاً و لا للغائب الذي لا يتيسر إعلامه و تصدية لتجهيز الميت بأحد
( 97 )
الوجهين مباشرة أو تسبيبا .
مسألة 262 : إذا فقد الولي يجب تجهيز الميت على سائر المكلفين ، و كذا مع امتناعه عن القيام به على أحد الوجهين ـ مباشرة أو تسبيباً ـ و يسقط اعتبار إذنه حينئذ على الأقوى .
مسألة 263 : إذا أوصى إلى شخص معين أن يغسله لم يجب عليه القبول ، و لكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الولي ، و إذا أوصى أن يتولى تجهيزه شخص معين فالأحوط وجوباً له قبول الوصية ـ ما لم يكن حرجياً ـ إلا إذا ردها في حياة الموصي و بلغه الرد و كان متمكناً من الإيصاء إلى غيره ، و لو قبل كان هو الأولى بتجهيزه من غيره .
مسألة 264 : يعتبر في التغسيل طهارة الماء و إباحته ، و إباحة السدر و الكافور ، و لا يعتبر إباحة الفضاء الذي يشغله الغسل و ظرف الماء ، و لا مجري الغسالة و لا السدة التي يغسل عليها و إن كان اعتبار الإباحة في الجميع أحوط ، هذا مع عدم الانحصار و أما معه فيسقط الغسل فييمم الميت ، لكن إذا غسل صح الغسل .
مسألة 265 : يجزي تغسيل الميت قبل برده .
مسألة 266 : إذا تعذر السدر أو الكافور أو كلاهما فالأحوط ـ وجوبا ـ أن يغسل الميت بالماء القراح بدلاً عن الغسل بالمتعذر منهما مع قصد البدلية به عنه ، و مراعاة الترتيب بالنية ، و يضاف إلى الأغسال الثلاثة تيمم واحد .
مسألة 267 : يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة ، و لا قليلاً بحيث لا يصدق أنه مخلوط بالسدر و الكافور ، و يعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما ، فلا بأس أن يكون فيه شيء منهما ، إذا لم يصدق الخلط ،
( 98 )
و لا فرق في السدر بين اليابس ، و الأخضر .
مسألة 268 : إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل ييمم بدلاً عن الغسل ، و الأظهر كفاية تيمم واحد ، و الأحوط أن ييمم ثلاث مرات ، يؤتى بواحد منها بقصد ما في الذمة .
مسألة 269 : يجب أن يكون التيمم بيد الحي ، و الأحوط ـ استحباباً ـ مع الإمكان أن يكون بيد الميت أيضاً .
مسألة 270 : يشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل ، فإذا حصل اليأس جاز التيمم ، لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل على الأحوط ، و إذا تجددت بعد الدفن و خيف على الميت من الضرر أو الهتك لم يجب الغسل ، و إلا ففي وجوب نبشه و استئناف الغسل إشكال بل منع ، و كذا الحكم فيما إذا تعذر السدر و الكافور .
مسألة 271 : إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل ، أو في أثنائه بنجاسة خارجية ، أو منه و أمكن تطهيره بلا مشقة و لا هتك وجب ، و لو بعد وضعه في القبر على الأحوط ، نعم لا يجب ذلك بعد الدفن .
مسألة 272 : إذا خرج من الميت بول ، أو مني ، لا تجب إعادة غسله ، و لو قبل الوضع في القبر .
مسألة 273 : لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت على الأحوط ، و يجوز أخذ العوض على بذل الماء و نحوه ، مما لا يجب بذله مجانا .
مسألة 274 : لا يشترط أن يكون المغسل بالغا على الأظهر ، فيكفي تغسيل الصبي المميز إذا أتى به إلى الوجه الصحيح .
مسألة 275 : يجب في المغسل أن يكون مماثلاً للميت في الذكورة و الأنوثة ، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى ، و لا العكس ، و يستثنى من ذلك
( 99 )
صور :
الأولى : الطفل إذا لم يتجاوز ثلاث سنين على الأحوط و الأظهر كفاية كونه غير مميز فيجوز حينئذ للذكر و للأنثى تغسيله ، سواء أ كان ذكراً أم أنثى ، مجرداً عن الثياب أم لا ، وجد المماثل له أم لا .
الثانية : الزوج و الزوجة ، فإنه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر ، سواء أ كان مجرداً أم من وراء الثياب ، و سواء وجد المماثل أم لا ، من دون فرق بين الدائمة و المنقطعة ، و كذا المطلقة الرجعية إذا كان الموت في أثناء العدة .
الثالثة : المحارم بنسب ، أو رضاع ، أو مصاهرة لا بغيرها كالزنا و اللواط و اللعان ، و الأحوط ـ وجوبا ـ اعتبار فقد المماثل ، و الأولى كون التغسيل من وراء الثياب ، نعم لا يجوز النظر إلى العورة و لا مسها و إن لم يبطل الغسل بذلك .
مسألة 276 : إذا اشتبه ميت أو عضو من ميت بين الذكر و الأنثى ، غسله كل من الذكر و الأنثى .
مسألة 277 : يعتبر في المغسل أن يكون عاقلاً مسلماً بل مؤمناً أيضاً على الأحوط ، و إذا لم يوجد مؤمن مماثل للميت أو أحد محارمه جاز أن يغسله المخالف المماثل ، و إن لم يوجد هذا أيضاً جاز أن يغسله الكافر الكتابي المماثل بأن يغتسل هو أولاً ثم يغسل الميت بعده ، و في اعتبار النية في تغسيله نظر بل منع و الأحوط استحباباً أن ينوي هو ـ إن أمكن ـ و من أمره بالغسل ـ إن كان ـ و إذا أمكن أن يكون تغسيله بالماء المعتصم كالكر و الجاري أو لا يمس الماء و لا بدن الميت فهو الأحوط الأولى ، و إذا تيسر المماثل غير الكتابي بعد ذلك قبل الدفن فالأحوط لزوما إعادة التغسيل .
مسألة 278 : إذا لم يوجد المماثل حتى الكتابي سقط الغسل و دفن بلا تغسيل .
( 100 )
مسألة 279 : إذا دفن الميت بلا تغسيل ـ عمداً أو خطأ ـ جاز نبشه لتغسيله أو تيممه بل يجب إذا لم يكن حرجيا ـ و لو من جهة التأذي برائحته ـ و إلا لم يجب إلا على من تعمد ذلك ، و كذا الحال إذا ترك بعض الأغسال و لو سهواً، أو تبين بطلانها ، أو بطلان بعضها ، كل ذلك إذا لم يلزم محذور من هتكه أو الإضرار ببدنه و إلا فلا يجوز .
مسألة 280 : إذا مات الميت محدثاً بالأكبر ـ كالجنابة أو الحيض ـ لا يجب إلا تغسيله غسل الميت فقط .
مسألة 281 : إذا كان مُحرماً لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني إلا أن يكون موته بعد الحلق في حج الإفراد أو القران أو بعد الطواف و صلاته و السعي في حج التمتع ، و كذلك لا يحنط بالكافور ، بل لا يقرب إليه طيب آخر ، و لا يلحق به المعتدة للوفاة و المعتكف .
مسألة 282 : يجب تغسيل كل مسلم و من بحكمه حتى المخالف عدا صنفين :
الأول : الشهيد المقتول في المعركة مع الإمام أو نائبه الخاص ، أو في حفظ بيضة الإسلام ، و يشترط أن لا يكون فيه بقية حياة حين يدركه المسلمون ، فإذا أدركه المسلمون و به رمق وجب تغسيله على الأظهر .
و إذا كان في المعركة مسلم ـ غير الشهيد ـ و كافر ، و اشتبه أحدهما بالآخر ، وجب الاحتياط بتغسيل كل منهما و تكفينه ، و دفنه .
الثاني : من وجب قتله برجم أو قصاص ، فإنه يغتسل و الأحوط أن يكون غسله كغسل الميت ـ المتقدم تفصيله ـ و يحنط و يكفن كتكفين الميت ، ثم يقتل فيصلى عليه ، و يدفن بلا تغسيل .
مسألة 283 : قد ذكروا للتغسيل سننا ، مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع ، و أن يكون تحت الظلال ، و أن يوجه إلى القبلة كحالة
( 101 )
الاحتضار ، و أن ينزع قميصه من طرف رجليه و إن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث ، و الأولى أن يجعل ساتراً لعورته ، و أن تلين أصابعه برفق ، و كذا جميع مفاصله ، و أن يغسل رأسه برغوة السدر و فرجه بالأشنان ، و أن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات ثم بشق رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، و يغسل كل عضو ثلاثاً في كل غسل و يمسح بطنه في الأولين قبلهما ، إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك ، و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت ، و أن يحفر للماء حفيرة ، و أن ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه .
و ذكروا أيضاً أنه يكره إقعاده حال الغسل ، و ترجيل شعره ، و قص أظافره و جعله بين رجلي الغاسل ، و إرسال الماء في الكنيف ، و حلق رأسه ، أو عانته ، و قص شاربه ، و تخليل ظفره ، و غسله بالماء الساخن بالنار ، أو مطلقاً إلا مع الاضطرار ، و التخطي عليه حين التغسيل .
الفصل الثالث
في التكفين
يجب تكفين الميت بثلاثة أثواب :
الأول : المئزر ، و الأحوط لزوماً أن يكون من السرة إلى الركبة ، و الأفضل أن يكون من الصدر إلى القدم .
الثاني : القميص ، و الأحوط لزوماً أن يكون من المنكبين إلى النصف من الساقين ، و الأفضل أن يكون إلى القدمين .
الثالث : الإزار ، و يجب أن يغطي تمام البدن و الأحوط أن يكون طولاً بحيث يمكن أن يشد طرفاه و عرضاً بحيث يقع أحد جانبيه على الآخر .
( 102 )
و الأحوط في كل واحد منها أن يكون ساتراً لما تحته غير حاك عنه ، و إن كان الأقوى كفاية حصول الستر بالمجموع .
مسألة 284 : لا يعتبر في التكفين نية القربة ، و وجوبه كوجوب التغسيل .
و قد مر الكلام فيه في المسألة 260 .
مسألة 285 : إذا تعذرت القطعات الثلاث اقتصر على الميسور ، فإذا دار الأمر بينها يقدم الإزار ، و عند الدوران بين المئزر و القميص يقدم القميص ، و إن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به ، و إذا دار الأمر بين ستر القبل و الدبر تعين ستر القبل .
مسألة 286 : يجب أن يكفن الميت بما يصدق عليه اسم الثوب ، و إن كان مصنوعا من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل و لو من جلده على الأظهر .
و لكن لا يجوز اختياراً التكفين بالحرير ، و لا بالنجس و لا بالمتنجس حتى فيما كانت نجاسته معفواً عنها في الصلاة ، بل الأحوط ـ وجوباً ـ أن لا يكون مذهبا ، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه .
و أما في حال الاضطرار فيجوز بالجميع فإذا انحصر في واحد منها تعين ، و إذا تعدد و دار الأمر بين تكفينه بالمتنجس و تكفينه بالنجس قدم الأول ، و إذا دار الأمر بين النجس أو المتنجس و بين الحرير قدم الثاني ، و لو دار الأمر بين أحد الثلاثة و بين غيرها قدم الغير ، و مع دوران الأمر بين التكفين بأجزاء ما لا يؤكل لحمه و التكفين بالمذهب فلا يبعد التخيير بينهما و إن كان الاحتياط بالجمع حسناً .
مسألة 287 : لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار فيدفن الميت بلا تكفين .
مسألة 288 : يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير .
( 103 )
مسألة 289 : إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت ـ أو من غيره ـ وجب إزالتها و لو بعد الوضع في القبر ، بغسل أو بقرض لا يضر بساتريته ، و إن لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الإمكان .
مسألة 290 : القدر الواجب من الكفن و كذا الزائد عليه من المستحبات المتعارفة يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية ، و كذا الحال في مؤنة تجهيزه و دفنه ، من السدر و الكافور ، و ماء الغسل ، و قيمة الأرض ، و ما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة ، و أجرة الحمل و الحفر ، و نحوها .
مسألة 291 : كفن الزوجة على زوجها و إن كانت صغيرة أو مجنونة أو غير مدخول بها ، و كذا المطلقة الرجعية ، و الناشز و المنقطعة على الأظهر ، و لا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر و الكبر و الجنون و العقل ، فلو كان قاصراً اقتطعه الولي من ماله .
مسألة 292 : يشترط في وجوب كفن الزوجة على زوجها أن لا يقترن موتها بموته ، و إن لا تكفن من مال متبرع ، أو من مال نفسها بوصيتها ، و إن لا يكون بذل الكفن على الزوج حرجيا ، فلو توقف على الاستقراض أو فك ماله من الرهن و لم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، و إلا لم يجب .
مسألة 293 : كما أن كفن الزوجة على زوجها ، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر ، و الكافور و غيرهما مما عرفت على الأحوط وجوبا .
مسألة 294 : الزائد على المقدار الواجب و ما يلحقه من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل ، و كذا الحال في قيمة المقدار الواجب و ما يلحقه فإنه لا يجوز أن يخرج من الأصل إلا ما هو المتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال و في البعض الآخر يحتاج إليه قدم الأول ، نعم يجوز
( 104 )
إخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به أو وصيته بالثلث من دون تعين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز إخراجه من حصص كبار الورثة برضاهم دون القاصرين إلا مع إذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك .
مسألة 295 : كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة .
مسألة 296 : إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن لم يدفن عارياً بل يجب على المسلمين بذل كفنه على الأحوط و يجوز احتسابه من الزكاة .
تكملة : فيما ذكروا من سنن هذا الفصل : يستحب في الكفن العمامة للرجل و يكفي فيها المسمى ، و الأولى أن تدار على رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه على صدره ، الأيمن على الأيسر ، و الأيسر على الأيمن ، و المقنعة للمرأة و يكفي فيها أيضاً المسمى ، و لفافة لثدييها يشدان بها إلى ظهرها ، و خرقة يعصب بها وسط الميت ذكراً كان أو أنثى ، و خرقة أخرى للفخذين تلف عليهما ، و لفافة فوق الإزار يلف بها تمام بدن الميت ، و الأولى كونها برداً يمانيا ، و أن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه ، يستر به العورتان ، و يوضع عليه شيء من الحنوط ، و أن يحشى دبره و منخراه و قبل المرأة إذا خيف خروج شيء منها ، و إجادة الكفن ، و أن يكون من القطن ، و أن يكون أبيض ، و أن يكون من خالص المال و طهوره ، و أن يكون ثوبا قد أحرم أو صلى فيه ، و أن يلقى عليه الكافور و الذريرة ، و أن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة ، و أن يكتب على حاشية الكفن : فلان ابن فلان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أن محمداً رسول الله ، ثم يذكر الأئمة عليهم السلام واحداً بعد واحد ، و أنهم أولياء الله و أوصياء رسوله ، و أن البعث و الثواب و العقاب حق ، و أن يكتب على الكفن دعاء الجوشن الصغير ،
( 105 )
والكبير ، و يلزم أن يكون ذلك كله في موضوع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة ، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت ، و قيل : ينبغي أن يكون ذلك في شيء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشد في يمينه ، لكنه لا يخلو من تأمل ، و يستحب في التكفين أن يجعل طرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت ، و الأيسر على أيمنه ، و أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث ، و إن كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات ، و رجليه إلى الركبتين ، و يغسل كل موضع تنجس من بدنه ، و أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة ، و الأولى أن يكون كحال الصلاة عليه ، و يكره قطع الكفن بالحديد ، و عمل الأكمام و الزرور له ، و لو كفن في قميصه قطع أزراره .
و يكره تبخيره و تطييبه بغير الكافور و الذريرة ، و أن يكون أسود بل مطلق المصبوغ ، و أن يكون من الكتان ، و أن يكون ممزوجاً بإبريسم ، و المماكسة في شرائه ، و جعل العمامة بلا حنك ، و كونه وسخاً ، و كونه مخيطاً .
مسألة 297 : يستحب لكل أحد أن يهييء كفنه قبل موته و أن يكرر نظره إليه .
الفصل الرابع
في التحنيط
يجب تحنيط الميت المسلم و هو : إمساس مساجده السبعة بالكافور ، و يكفي فيه وضع المسمى و الأحوط ـ استحبابا ـ أن يكون بالمسح باليد بل بالراحة ، و الأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية ، و يستحب مسح مفاصله و لبته ، و صدره ، و باطن قدميه ، و ظاهر كفيه .
مسألة 298 : محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم ، قبل التكفين أو
( 106 )
في أثنائه .
مسألة 299 : يشترط في الكافور أن يكون مباحاً مسحوقاً له رائحة ، كما يشترط طهارته و إن لم يوجب تنجس بدن الميت على الأحوط .
مسألة 300 : يكره إدخال الكافور في عين الميت ، و أنفه ، و أذنه و على وجهه .
الفصل الخامس
في الجريدتين
يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان ، و الأولى في كيفيته جعل إحداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه ، و الأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص و الإزار ، و الأولى أن تكونا من النخل ، فإن لم يتيسر فمن السدر أو الرمان ، فإن لم يتيسرا فمن الخلاف ، و إلا فمن كل عود رطب .
مسألة 301 : إذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه ، فالأولى جعلهما فوق القبر ، واحدة عند رأسه ، و الأخرى عند رجليه .
مسألة 302 : قيل أن الأولى أن يكتب عليهما ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم ، و يلزم حينئذ الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة و لو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن و نحوه .
( 107 )
الفصل السادس
في الصلاة على الميت
تجب الصلاة على كل ميت مسلم ، ذكراً كان أم أنثى ، مؤمناً أم مخالفاً ، عادلاً أم فاسقاً و وجوبها كوجوب التغسيل و قد تقدم ، و لا تجب الصلاة على أطفال المسلمين إلا إذا عقلوا الصلاة و امارته بلوغ ست سنين ، و في استحبابها على من لم يعقل الصلاة إشكال ، و الأحوط لزوماً الإتيان بها برجاء المطلوبية .
و كل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً ، و كذا لقيط دار الإسلام ، بل دار الكفر إذا احتمل كونه مسلما على الأحوط لزوماً .
مسألة 303 : يجب في صلاة الميت خمس تكبيرات و الدعاء للميت عقيب إحدى التكبيرات الأربع الأول ، و أما في البقية فالظاهر أنه يتخير بينه و بين الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله و الشهادتين و الدعاء للمؤمنين و التمجيد لله تعالى ، و لكن الأحوط أن يكبر أولاً، و يتشهد الشهادتين ، ثم يكبر ثانيا و يصلي على النبي صلى الله عليه و آله ، ثم يكبر ثالثاً و يدعو للمؤمنين ، ثم يكبر رابعاً و يدعو للميت ، ثم يكبر خامساً و ينصرف ، و الأفضل الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة و لا قراءة فيها و لا تسليم .
و يجب فيها أمور ـ و إن كان وجوب بعضها مبنياً على الاحتياط ـ :
منها : النية على نحو ما تقدم في الوضوء مع تعيين الميت على نحو يرفع الإبهام .
و منها : حضور الميت فلا يصلى على الغائب .
و منها : استقبال المصلي القبلة حال الاختيار .
و منها : أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي ، و رجلاه إلى
( 108 )
جهة يساره .
و منها : أن يكون مستلقياً على قفاه .
و منها : وقوف المصلي خلفه محاذياً لبعضه ، إلا إذا كان مأموما و قد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة ، أو كان يصلي على جنائز متعددة مع جعلها صفا واحداً على النحو الثاني المذكور في المسألة ( 309 ) الآتية .
و منها : أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أو مع تعدد الجنائز و الصلاة عليها دفعة واحدة كما سيجيء .
و منها : أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار ، و لا يضر الستر بمثل التابوت أو ميت آخر .
و منها : أن يكون المصلي قائما ، فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم .
و منها : الموالاة بين التكبيرات و الأدعية .
و منها : أن تكون الصلاة قبل الدفن بعد التغسيل ، و التحنيط ، و التكفين ، في موارد وجوبها كلاً أو بعضاً .
و منها : أن يكون الميت مستور العورة و لو بنحو الحجر ، و اللبن إن تعذر الكفن .
و منها : إباحة مكان المصلي على الأحوط الأولى .
و منها : إذن الولي إلا مع امتناعه عن التصدي لها مباشرة و تسبيباً فيسقط اعتبار إذنه حينئذ ، و كذا يسقط اعتباره إذا كان الميت قد أوصى إلى شخص معين بأن يصلي عليه فيجوز له ذلك و إن لم يأذن الولي .
مسألة 304 : لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث و الخبث ، و إباحة اللباس ، و ستر العورة . و إن كان الأحوط الأولى اعتبار جميع
( 109 )
شرائط الصلاة ، بل لا يترك الاحتياط وجوباً بترك الكلام في أثنائها و الضحك و الالتفات عن القبلة .
مسألة 305 : إذا شك في أنه صلى على الجنازة أم لا ، بنى على العدم ، و إذا صلى و شك في صحة الصلاة و فسادها بنى على الصحة ، و إذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح ، و كذا لو أدى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها ، نعم إذا صلى المخالف على المخالف لم تجب إعادتها على المؤمن مطلقاً إلا إذا كان هو الولي .
مسألة 306 : يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد ، لكنه مكروه على ما قيل و إن لم يثبت ، و لو كان الميت من أهل الشرف في الدين جاز بلا كراهة .
مسألة 307 : لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة ، لم يجز نبش قبره للصلاة عليه ، و في مشروعية الصلاة عليه و هو في القبر إشكال ، و الأحوط الإتيان بها رجاءً .
مسألة 308 : يستحب أن يقف الإمام و المنفرد عند وسط الرجل و عند صدر المرأة .
مسألة 309 : إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة ، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها . و الأولى مع اجتماع الرجل و المرأة ، أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي و يجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل . و يجوز جعل الجنائز صفاً واحداً ، فيجعل رأس كل واحد عند إلية الآخر شبه الدرج ، و يقف المصلي وسط الصف و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع، تثنية الضمير ، و جمعه .
مسألة 310 : يستحب في صلاة الميت الجماعة ، و يعتبر ـ على الأحوط ـ في الإمام أن يكون جامعاً لجميع شرائط الإمامة ، من البلوغ ،
( 110 )
و العقل ، و الإيمان و طهارة المولد و غيرها حتى العدالة على الأحوط استحباباً ، و أما شرائط الجماعة فالأظهر اعتبار ما له دخل منها في تحقق الائتمام و الجماعة عرفا ـ كانتفاء البعد الكثير ـ دون غيره .
مسألة 311 : إذا حضر شخص في أثناء صلاة الإمام ، كبر مع الإمام ، و جعله أول صلاته و تشهد الشهادتين بعده و هكذا يكبر مع الإمام و يأتي بما هو وظيفة نفسه ، فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء و إن كان الدعاء أحوط و أولى .
مسألة 312 : لو صلى الصبي على الميت ، لم تجز ـ على الأحوط ـ صلاته عن صلاة البالغين و إن كان صلاته صحيحة .
مسألة 313 : إذا كان الولي للميت امرأة ، جاز لها مباشرة الصلاة ، و الإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى .
مسألة 314 : لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئاً عن المأموم .
مسألة 315 : يجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء إذا لم يكن أحد أولى منها ، و الأحوط حينئذ أن تقوم في وسطهن و لا تتقدم عليهن .
مسألة 316 : قد ذكروا للصلاة على الميت آدابا :
منها : أن يكون المصلي على طهارة ، و يجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة إن توضأ أو اغتسل .
و منها : رفع اليدين عند التكبير .
و منها : أن يرفع الإمام صوته بالتكبير و الأدعية .
و منها : اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع .
و منها : أن تكون الصلاة بالجماعة .
و منها : أن يقف المأموم خلف الإمام .
و منها : الاجتهاد في الدعاء للميت و للمؤمنين .
( 111 )
و منها : أن يقول قبل الصلاة : الصلاة ـ ثلاث مرات ـ .
الفصل السابع
في التشييع
يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه ، و يستحب لهم تشييعه ، و قد ورد في فضله أخبار كثيرة ، ففي بعضها : من تبع جنازة أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، و لم يقل شيئا إلا و قال الملك : و لك مثل ذلك . و في بعضها : أن أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته .
و له آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة ، مثل: أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة ، خاشعا متفكراً ، حاملاً للجنازة على الكتف ، قائلاً حين الحمل : بسم الله و بالله و صلى الله على محمد و آل محمد ، اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات .
و يكره الضحك و اللعب ، و اللهو و الإسراع في المشي ، و أن يقول : ارفقوا به ، و استغفروا له ، و الركوب و المشي قدام الجنازة ، و الكلام بغير ذكر الله تعالى و الدعاء و الاستغفار ، و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة ، فإنه يستحب له ذلك ، و أن يمشي حافيا .
الفصل الثامن
في الدفن
يجب دفن الميت المسلم و من بحكمه ، و وجوبه كوجوب التغسيل و قد مر ، و كيفية الدفن أن يوارى في حفيرة في الأرض ، فلا يجزي البناء عليه و لا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض ، و الأحوط أن
( 112 )
تكون الحفيرة بحيث يؤمن على جسده من السباع و إيذاء رائحته للناس و إن كان الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين و لو من جهة عدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو البناء على قبره بعد مواراته ، و يجب وضعه على الجانب الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة و إذا اشتبهت القبلة و لم يمكن تأخير الدفن إلى حين حصول العلم أو ما بحكمه وجب العمل بالاحتمال الأرجح بعد التحري بقدر الإمكان ، و مع تعذر تحصيله يسقط وجوب الاستقبال ، و إذا كان الميت في البحر و لم يمكن دفنه في البر ـ و لو بالتأخير ـ غسل و حنط و صلي عليه و وضع في خابية و أحكم رأسها و ألقي في البحر ، أو ثقل بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر ، و الأحوط استحباباً اختيار الوجه الأول مع الإمكان و كذلك الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره و تمثيله .
مسألة 317 : لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين ، و كذا العكس .
مسألة 318 : إذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم ، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة للقبلة ، و كذلك الحكم ـ على الأحوط الأولى ـ إن كان الجنين لم تلجه الروح .
مسألة 319 : لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة ، و لا في المكان المملوك بغير إذن المالك ، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس و المساجد و الحسينيات المتعارفة في زماننا و الخانات الموقوفة و إن أذن الولي بذلك .
مسألة 320 : لا يجوز نبش قبر ميت لأجل دفن ميت آخر فيه قبل اندراس الميت الأول و صيرورته ترابا ، نعم إذا كان القبر منبوشاً جاز الدفن فيه ما لم يستلزم محرما كالتصرف في ملك الغير بلا مسوغ .
( 113 )
مسألة 321 : ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أنه : يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة ، و أن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس ، و في الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميت و يسقف عليه ثم يهال عليه التراب . و أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة . و الأذكار المخصوصة المذكورة في محالها عند تناول الميت ، و عند وضعه في اللحد ، و ما دام مشتغلاً بالتشريج ، و التحفي و حل الأزرار و كشف الرأس للمباشر لذلك . و أن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس ، و أن يحسر عن وجهه و يجعل خده على الأرض ، و يعمل له وسادة من تراب ، و أن يوضع شيء من تربة الحسين عليه السلام معه . و تلقينه الشهادتين و الإقرار بالأئمة عليهم السلام ، و أن يسد اللحد باللبن . و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين ، و أن يهيل الحاضرون ـ غير ذي الرحم ـ التراب بظهور الأكف . و طم القبر و تربيعه لا مثلثاً ، و لا مخمساً ، و لا غير ذلك . و رش الماء عليه دوراً يستقبل القبلة ، و يبتدأ من عند الرأس فإن فضل شيء صب على وسطه. و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش ، و لا سيما لمن لم يحضر الصلاة عليه . و إذا كان الميت هاشميا فالأولى أن يكون الوضع على وجه يكون أثر الأصابع أزيد بأن يزيد في غمز اليد ، و الترحم عليه بمثل : اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، و صعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين و ألحقه بالصالحين ، و أن يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته . و أن يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر و ينصب على القبر .
مسألة 322 : ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى أنه : يكره دفن ميتين في قبر واحد . و نزول الأب في قبر ولده . و غير المحرم في قبر المرأة . و إهالة الرحم التراب . و فرش القبر بالساج من غير حاجة . و تجصيصه و تطيينه و تسنيمه . و المشي عليه و الجلوس و الاتكاء . و كذا البناء عليه و تجديده بعد
( 114 )
اندراسه إلا قبور الأنبياء و الأوصياء و العلماء و الصلحاء .
مسألة 323 : يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر ، إلا المشاهد المشرفة ، و المواضع المحترمة فإنه يستحب ، و لا سيما الغري و الحائر . و في بعض الروايات أن من خواص الأول ، إسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير ، و لكن إذا استلزم النقل إليها أو إلى غيرها تأخير الدفن إلى حين فساد بدن الميت ففي جواز التأخير إشكال و الأحوط تركه .
مسألة 324 : لا فرق في جواز النقل ـ في غير الصورة المذكورة ـ بين ما قبل الدفن و ما بعده إذا اتفق تحقق النبش ، و في جواز النبش للنقل إلى المشاهد المشرفة حتى مع وصية الميت به أو إذن الولي فيه و عدم استلزامه هتك حرمته إشكال .
مسألة 325 : يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده ، إلا مع العلم باندراسه و صيرورته ترابا ، من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون ، و يستثنى من ذلك موارد :
منها : ما إذا كان النبش لمصلحة الميت ، كما لو كان مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما ، أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل أو سبع أو عدو .
و منها : ما لو عارضه أمر راجح أهم ، كما إذا توقف دفع مفسدة عظيمة على رؤية جسده .
و منها : ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي ، كما إذا دفن معه مال غصبه من غيره ـ من خاتم و نحوه ـ فينبش لدفع ذلك الضرر المالي ، و مثل ذلك ما إذا دفن في ملك الغير من دون إذنه أو إجازته إذا لم يلزم من نبش قبره و إخراجه محذور أشد كبقائه لا دفن أو تقطع أوصاله بالإخراج أو نحوه و إلا لم يجز بل جوازه فيما إذا فرض كونه موجبا لهتك حرمته ـ و لم يكن هو
( 115 )
الغاصب ـ محل إشكال ، فالأحوط للغاصب في مثل ذلك إرضاء المالك بإبقائه في أرضه و لو ببذل عوض زائد إليه .
و منها : ما إذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين مع التمكن منهما ، أو تبين بطلان غسله ، أو بطلان تكفينه ، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي ، لوضعه في القبر على غير القبلة ، أو في مكان أوصى بالدفن في غيره ، أو نحو ذلك فيجوز نبشه في هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته ، و إلا ففيه إشكال .
مسألة 326 : يشكل توديع الميت بوضعه على وجه الأرض و البناء عليه تمهيداً لنقله إلى المشاهد المشرفة مثلاً، و مثله في الإشكال وضعه في براد أو نحوه لفترة طويلة من غير ضرورة تقتضيه .
مسألة 327 : لا يكفي في الدفن مجرد وضع الميت في سرداب و إغلاق بابه و إن كان مستوراً فيه بتابوت أو شبهه ، نعم إذا كان بابه مبنياً باللبن أو نحوه فلا يبعد كفايته ، و لكن يشكل حينئذ فتح بابه لإنزال ميت آخر فيه سواء أ ظهر جسد الأول أم لا .
مسألة 328 : إذا مات ولد الحامل دونها ، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب و إلا جاز تقطيعه ، و يتحرى الأرفق فالأرفق. و إن ماتت هي دونه ، شق بطنها من الجانب الأيسر إذا كان شقها أوثق ببقاء الطفل و أرفق بحياته ، و إلا فيختار ما هو كذلك ، و مع التساوي ، يتخير ، ثم يخاط بطنها ، و تدفن .
مسألة 329 : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً أنه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس و اليدين و الرجلين ـ كلا أو بعضا ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون من ضمنها عظام صدره ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه ، و كذا ما يتقدمها من التغسيل و التحنيط ـ إن وجد بعض مساجده ـ و التكفين بالإزار و القميص بل و بالمئزر أيضاً أن وجد بعض ما يجب ستره به .
( 116 )
و إذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه أنه بدنه بل بعض بدنه فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر و ما يوازيه من الظهر سواء أ كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه و كذا التغسيل و التكفين بالإزار و القميص و بالمئزر إن كان محله موجوداً ـ و لو بعضا ـ على الأحوط ، و لو كان معه بعض مساجده و جب تحنيطه على الأحوط .
و يلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على الأحوط و إذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت أطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه و لو كان فيها بعض عظام الصدر فلا تجب الصلاة عليه بل و لا تغسيله و لا تكفينه و لا تحنيطه على الأظهر .
و إن وجد منه شيء لا يشتمل على العظم و لو كان فيه القلب فالظاهر أنه لا يجب فيه أيضا شيء مما تقدم عدا الدفن و الأحوط أن يكون ذلك بعد اللف بخرقة .
مسألة 330 : السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن و لم يصل عليه ، و إذا كان لدون ذلك لف بخرقة على الأحوط وجوبا و دفن ، لكن لو كان مستوي الخلقة حينئذ فالأحوط إن لم يكن أقوى جريان حكم الأربعة أشهر عليه .