كتاب الزكاة


( 350 )

( 351 )
وهي أحد الأركان التي بني عليها الإسلام ، و وجوبها من ضروريات الدين و قد قرنها الله تبارك و تعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة و قد ورد في بعض الروايات أن الصلاة لا تقبل من مانعها و إن من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً .

المقصد الأول
في الشرائط العامة لثبوت الزكاة

وهي على المشهور أمور :
الأول : الملكية الشخصية ، فلا تثبت الزكاة على الأعيان الزكوية إذا لم تكن مملوكة لأحد بأن تكون من المباحات الأصلية كما إذا وجدت غلات أو مواش كذلك ، كما لا تثبت عليها إذا كانت مملوكة للجهة أو للمسجد مثلاً ، و يعتبر أن تكون الملكية فعلية في الغلات في وقت التعلق و في ما عداها في تمام الحول فلا عبرة بالملكية المنشأة للموهوب له قبل قبض العين و للموصى له قبل قبوله و لو بعد وفاة الموصي .
الثاني و الثالث : كمال المالك بالبلوغ و العقل ، و الأظهر كونهما من شرائط ثبوت الزكاة في خصوص النقدين و مال التجارة ـ دون الغلات و المواشي ـ فلا تثبت الزكاة على النقدين و مال التجارة إذا كان المالك صبياً أو مجنوناً في أثناء الحول بل لا بد من استئناف الحول من حين البلوغ و العقل .

( 352 )
مسألة 1085 : لا فرق في الجنون المانع عن ثبوت الزكاة بين الإطباقي و الإدواري ، نعم لا يضر عروض الجنون آناً ما بل ساعة و نحوها في ثبوت الزكاة .
الرابع : الحرية ، فلا تجب الزكاة في أموال الرق .
الخامس : التمكن من التصرف ، و الأظهر كونه شرطاً لثبوت الزكاة في ما عدا الغلات ، و المراد به كون المالك أو من بحكمه ـ كالولي ـ مستولياً على المال الزكوي خارجاً غير محبوس عنه شرعاً ، فلا زكاة في المال الغائب الذي لم يصل إلى المالك و لا إلى وكيله و لا في المسروق و المحجور و المدفون في مكان منسي مدة معتداً بها عرفاً و لا في الدين و إن تمكن من استيفائه و لا في الموقوف و المرهون و ما تعلق به حق الغرماء ، و أما المنذور التصدق به فلا يبعد ثبوت الزكاة فيه فتجب إداؤها و لو من مال آخر حتى لا ينافي الوفاء بالنذر .
مسألة 1086 : لا تجب الزكاة في نماء الوقف إذا كان مجعولاً على نحو المصرف إلا مع صيرورته ملكاً للموقوف عليه ، و كذا لا تجب الزكاة فيه إذا كان مجعولاً على نحو الملك و كان الوقف عاماً ـ أي على عنوان عام كالفقراء ـ إلا بعد صيرورته ملكاً شخصياً لهم ، و تجب إذا كان الوقف خاصاً بان يكون نماؤه ملكاً لشخص أو أشخاص ، فإذا جعل بستانه وقفاً على أن يصرف نماؤها على ذريته أو على علماء البلد لم تجب الزكاة فيه ، نعم لو قسم بينهم قبل وقت تعلق الزكاة بحيث تعلقت في ملكهم وجبت عليهم إذا بلغت النصاب ، و كذا إذا جعلها وقفاً على أن يكون نماؤها ملكاً للفقراء أو العلماء مثلاً لم تجب الزكاة إلا إذا بلغت حصة من وصل إليه النماء قبل زمان التعلق مقدار النصاب ، و لو جعلها وقفاً على أن يكون نماؤها ملكاً لاشخاص كالذرية مثلاً و كانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد
( 353 )
منهم .
مسألة 1087 : إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين أثنين أو أكثر أعتبر في وجوب الزكاة على بعضهم بلوغ حصته النصاب ، و لا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع النصاب .
مسألة 1088 : ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن لا يمنع من تعلق الزكاة و إن كان مرجعه الى اشتراط إبقاء المبيع على ملك المشتري ، فيجب إخراج الزكاة من مال آخر لكي لا ينافي العمل بالشرط .
مسألة 1089 : الإغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة .
مسألة 1090 : إذا عرض عدم التمكن من التصرف ، بعد مضي الحول متمكناً فقد استقر الوجوب ، فيجب الأداء إذا تمكن بعد ذلك ، فإن كان مقصراً كان ضامناً وإلا فلا .
مسألة 1091 : زكاة القرض على المقترض بعد قبضه ، لا على المقرض فلو اقترض نصاباً من الأعيان الزكوية ، و بقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة ، و إن كان قد اشترط في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه . نعم إذا أدى المقرض عنه صح ، و سقطت الزكاة عن المقترض و يصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي .
مسألة 1092 : يجب على ولي الصبي و المجنون إخراج زكاة غلاتهما و مواشيهما كما يستحب له إخراج زكاة مال التجارة إذا أتجر بمالهما لهما .
مسألة 1093 : الإسلام ليس شرطاً في وجوب الزكاة ، فتجب الزكاة على الكافر على الأظهر ، نعم الظاهر أنها لا تؤخذ منه قهرا مع أخذ الجزية ، و لو أداها فالأظهر تعينها و إجزاؤها و إن كان آثما بالإخلال بقصد القربة .
مسألة 1094 : إذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة ، إذا كان تعلقها
( 354 )
قبل تعلق الحج ، و لم يجب الحج ، و إن كان بعده وجب الحج و يجب عليه ـ حينئذ ـ حفظ استطاعته و لو بتبديل المال بغيره إذا لم يتمكن من إدائه بغير ذلك حتى متسكعا ، و إذا لم يبدل حتى مضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضاً .

( 355 )

المقصد الثاني
ما تجب فيه الزكاة

تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة :الإبل و البقر و الغنم ، و الغلات الأربع : الحنطة ، و الشعير ، و التمر ، و الزبيب ، و في النقدين : الذهب و الفضة ، و في مال التجارة على الأحوط وجوباً ولا تجب فيما عدا ذلك ، نعم تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم ، و الأرز ، و الدخن ، و الحمص ، و العدس ، و الماش ، و الذروة ، و غيرها ، و لا تستحب في الخضروات مثل البقل و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها .
و الكلام في العشرة الأول يقع في مباحث :

المبحث الأول
الأنعام الثلاثة

و شرائط وجوبها ـ مضافاً إلى الشرائط العامة المتقدمة ـ أربعة :
الشرط الأول : النصاب .
في الإبل إثنا عشر نصاباً ، الأول : خمس ، و فيها : شاة ، ثم عشر و فيها : شاتان ، ثم خمس عشرة و فيها ثلاث شياه ، ثم عشرون و فيها أربع شياه ، ثم خمس و عشرون و فيها : خمس شياه ، ثم ست و عشرون ، و فيها : بنت مخاض ، و هي الداخلة في السنة الثانية ، ثم ست و ثلاثون و فيها : بنت لبون ، و هي الداخلة في السنة الثالثة ، ثم ست و أربعون و فيها : حقة ، و هي الداخلة
( 456 )
في السنة الرابعة ، ثم إحدى و ستون و فيها : جذعة ، و هي الداخلة في السنة الخامسة ، ثم ست و سبعون و فيها : بنتا لبون ، ثم إحدى و تسعون ، و فيها : حقتان ، ثم مائة و إحدى و عشرون فصاعداً و فيها : في كل خمسين حقة ، و في كل أربعين : بنت لبون ، فإن كان العدد مطابقاً للأربعين ـ بحيث إذا حسب بالأربعين لم تكن زيادة و لا نقيصة ـ عمل على الأربعين كالمائة و الستين ، و إذا كان مطابقاً للخمسين ـ بالمعنى المتقدم ـ عمل على الخمسين ، كالمائة و الخمسين ، و إن كان مطابقاً لكل منهما ـ كالمائتين ـ تخير المالك بين العد بالأربعين و الخمسين ، و إن كان مطابقاً لهما ـ معاً ـ كالمائتين و الستين عمل عليهما معاً ، فيحسب خمسينين و أربع أربعينات ، و لا شئ فيما نقص عن النصاب الأول ، و ما بين النصابين في حكم النصاب السابق .
مسألة 1095 : إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها إبن لبون ، و إذا لم يكن عنده تخير في شراء أيهما شاء .
مسألة 1096 : في البقر نصابان ، الأول ثلاثون ، و فيها تبيع و لا تجزئ التبيعة على الأحوط وجوباً و هو ما دخل في السنة الثانية ثم أربعون ، و فيها مسنة و هي الداخلة في السنه الثالثة ، و فيما زاد على هذا الحساب ، و يتعين العد بالمطابق الذي لا عفو فيه ، فإن طابق الثلاثين ـ لا غير ـ كالستين عد بها ، و إن طابق الأربعين ـ لا غير ـ كالثمانين عد بها ، و إن طابقهما ـ كالسبعين ـ عد بهما معاً ، و إن طابق كلا منهما كالمائة و العشرين ـ يتخير بين العد بالثلاثين و الأربعين ، و لا شئ فيما دون الثلاثين ، و ما بين النصابين في حكم النصاب السابق .
مسألة 1097 : في الغنم خمسة نصب : أربعون ، و فيها : شاة ، ثم مائة و إحدى و عشرون ، و فيها : شاتان ، ثم مائتان و واحدة ، و فيها : ثلاث
( 357 )
شياه ، ثم ثلاثمائة و واحدة ، و فيها : أربع شياه ، ثم أربعمائة فصاعداً ففي كل مائة: شاة بالغاً ما بلغ ، و لا شيء فيما نقص عن النصاب الأول و ما بين النصابين في حكم النصاب السابق .
مسألة 1098 : الجاموس و البقر جنس واحد ، و لا فرق في الإبل بين العراب و البخاتي ، و لا في الغنم بين المعز و الظأن ، و لا بين الذكر و الأنثى في الجميع .
مسألة 1099 : المال المشترك ـ إذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب ـ وجبت الزكاة على كل منهم ، و إن بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت على من بلغ نصيبه دون شريكه ، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة ، و إن بلغ المجموع النصاب .
مسألة 1100 : إذا كان مال المالك الواحد متفرقاً بعضه عن بعض فإن كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة ، و لا يلاحظ كل واحد على حده .
مسألة 1101 : الأحوط وجوباً في الشاة التي تجب في نصب الإبل و الغنم أن تكمل لها سنة ، و تدخل في الثانية ، إن كانت من الظأن ، أو تكمل لها سنتان و تدخل في الثالثة ، إن كانت من المعز ، و يتخير المالك بين دفعها من النصاب و غيره ، و لو كانت من بلد آخر ، كما يجوز دفع القيمة من النقدين ، و ما بحكمهما من الأثمان ، كالأوراق النقدية و إن كان دفع العين أفضل و أحوط استحباباً ، و أما جواز دفع القيمة من غير النقدين و ما بحكمهما فلا يخلو عن إشكال .
مسألة 1102 : المدار على القيمة وقت الدفع لا وقت الوجوب ، و في كون الاعتبار بقيمة بلد الدفع أو بلد النصاب إشكال و الأول أقرب و إن كان الأحوط استحبابا دفع أعلى القيمتين .
مسألة 1103 : إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد ـ كأربعين شاة مثلاً ـ
( 358 )
فحال عليه أحوال فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه ـ حينئذ ـ عن النصاب ، و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلاً لم تجب إلا زكاة سنة واحدة ، و لو كان عنده أزيد من النصاب ـ كأن كان عنده خمسون شاة ـ و حال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين ، إلى أن ينقص عن النصاب .
مسألة 1104 : إذا كان جميع النصاب من الإناث يجزئ دفع الذكر عن الأنثى ، و بالعكس ، و إذا كان كله من الظأن يجزي دفع المعز عن الظأن ، و بالعكس ، و كذا الحال في البقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتي .
مسألة 1105 : لا فرق بين الصحيح و المريض ، و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في العد من النصاب ، نعم إذا تولى المالك إخراج زكاته و كانت كلها صحيحة لا يجوز له دفع المريض ، و كذا إذا كانت كلها سليمه لا يجوز له دفع المعيب و إذا كانت كلها شابة لا يجوز له دفع الهرم ، و كذا إذا كان النصاب ملفقاً من الصنفين على الأحوط ، إن لم يكن أقوى ، نعم إذا كانت كلها مريضة أو هرمة أو معيبة جاز له الإخراج منها .
الشرط الثاني : السوم طول الحول فإذا كانت معلوفة ، و لو في بعض الحول لم تجب الزكاة فيها ، نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلاً و العبرة فيه بالصدق العرفي .
مسألة 1106 : لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار و الاضطرار ، و أن تكون من مال المالك و غيره بإذنه أو لا كما أن الظاهر أنه لا فرق في السوم بين أن يكون من نبت مملوك أو مباح فإن رعاها في الحشيش و الدغل الذي ينبت في الأرض المملوكة في أيام الربيع أو عند
( 359 )
نضوب الماء وجبت فيها الزكاة ، نعم إذا كان المرعى مزروعاً ففي صدق السوم إشكال ، و الأظهر عدم الصدق ، و إذا جز العلف المباح فأطعمها إياه كانت معلوفة ، و لم تجب الزكاة فيها .
الشرط الثالث : أن لا تكون عوامل و لو في بعض الحول
على المشهور ، و الأحوط عدم اعتبار هذا الشرط فتجب الزكاة في الإبل و البقر و إن استعملت في السقي أو الحرث أو الحمل أو نحو ذلك ، و لو كان استعمالها من القلة بحد يصدق عليها أنها فارغة و ليست بعوامل وجبت فيها الزكاة بلا إشكال .
الشرط الرابع : أن يمضي عليها حول جامعة للشرائط
و يكفي فيه الدخول في الشهر الثاني عشر ، و الأقوى استقرارالوجوب بذلك ، فلا يضر فقد بعض الشرائط قبل تمامه ، نعم الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الأول ، و ابتداء الحول الثاني بعد إتمامه .
مسألة 1107 : إذا إختل بعض الشروط في أثناء الأحد عشر بطل الحول ، كما إذا نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو بدلها بجنسها ، أو بغير جنسها و لو كان زكوياً ، إذا لم يكن التبديل بقصد الفرار من الزكاة و إلا فالأحوط إخراجها إذا كان التبديل بما يشاركها في القيمة الاستعمالية كتبديل الشاة الحلوب بمثلها .
مسألة 1108 : إذا حصل لمالك النصاب ـ في أثناء الحول ـ ملك جديد بنتاج ، أو شراء ، أو نحوهما ، فإما أن لا يكون الجديد نصاباً مستقلاً و لا مكملاً للنصاب السابق كما إذا كان عنده أربعون من الغنم ، و في أثناء الحول ولدت أربعين فلا شيء عليه ، إلا ما وجب في الأول ، و هو شاة في
( 360 )
الفرض ، و إما أن يكون نصاباً مستقلاً ، كما إذا كان عنده خمس من الإبل ، فولدت في أثناء الحول خمساً أخرى ، كان لكل منهما حول بانفراده ، و وجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله ، و كذلك الحكم ـ على الأحوط لزوماً ـ إذا كان نصاباً مستقلاً ، و مكملاً للنصاب اللاحق كما إذا كان عنده عشرون من الإبل و في أثناء حولها ولدت ستة ، و أما إذا لم يكن نصاباً مستقلاً ، و لكن كان مكملاً للنصاب اللاحق ، كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر ، و في أثناء الحول و لدت إحدى عشرة وجب عند انتهاء حول الأول استئناف حول جديد لهما معاً .
مسألة 1109 : ابتداء حول النتاج من حين ولادتها ، و الأظهر احتساب مدة رضاعها من الحول و إن لم تكن أمهاتها سائمة .

( 361 )

المبحث الثاني
زكاة النقدين

مسألة 1110 : يشترط في زكاة النقدين ـ مضافاً إلى الشرائط العامة ـ أمور :
الأول : النصاب ، و لكل منهما نصابان ، و لا زكاة فيما لم يبلغ النصاب الأول منهما ، و ما بين النصابين بحكم النصاب السابق ، فنصابا الذهب خمسة عشر مثقالاً صيرفياً ثم ثلاثة فثلاثة ، و نصابا الفضة مائة و خمسة مثاقيل ثم واحد و عشرون فواحد وعشرون مثقالاً و هكذا ، و المقدار الواجب إخراجه في كل منهما ربع العشر ( 5 , 2 % ) .
الثاني : أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة : بسكة الإسلام أو الكفر بكتابة و بغيرها ، بقيت السكة أو مسحت بالعارض ، أما الممسوح بالأصل فالأحوط لزوماً وجوب الزكاة فيه إذا عومل به ، و أما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت فالأظهر عدم وجوب الزكاة فيه ، و إذا اتخذ للزينة فإن كانت المعاملة به باقية وجبت فيه على الأحوط ، و إلا فالأظهر عدم الوجوب ، و لا تجب الزكاة في الحلي و السبائك و قطع الذهب و الفضة .
الثالث : الحول ، بان يبقى في ملك مالكه واجداً للشروط تمام الحول فلو خرج عن ملكه أثناء الحول أو نقص عن النصاب أو ألغيت سكته و لو بجعله سبيكه لم تجب الزكاة فيه ، نعم إذا أبدل الذهب المسكوك بمثله أو بالفضة المسكوكة أو أبدل الفضة المسكوكة بمثلها أو بالذهب المسكوك كلاً
( 362 )
أو بعضاً بقصد الفرار من الزكاة و بقي واجداً لسائر الشرائط إلى تمام الحول فلا يترك الاحتياط بإخراج زكاته حينئذ ، و يتم الحول بمضي أحد عشر شهراً و دخول الشهر الثاني عشر .
مسألة 1111 : لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الردئ ، و لا يجوز الإعطاء من الرديء إذا كان تمام النصاب من الجيد .
مسألة 1112 : تجب الزكاة في النقدين المغشوشين و إن لم يبلغ خالصهما النصاب ، و إذا كان الغش كثيراً بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش ، ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال بل منع .
مسألة 1113 : إذا شك في بلوغ النصاب و عدمه فلا يترك الاحتياط بالفحص .
مسألة 1114 : إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها ، و لا يضم بعضها إلى بعض ، فإذا كان عنده تسعة عشر ديناراً و مائة و تسعون درهماً لم تجب الزكاة في أحدهما ، و إذا كان من جنس واحد ـ كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية و ليرة ذهب انكليزية ـ ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب ، و كذا إذا كان عنده روبية انكليزية و قران إيراني .

( 363 )

المبحث الثالث
زكاة الغلات الأربع

مسألة 1115 : يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران :
الأول : بلوغ النصاب ، و هو ثلاثمائة صاع ، و هذا يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلو غراماً ، و لا تجب الزكاة فيما لم يبلغ النصاب ، فإذا بلغه وجبت فيه و فيما يزيد عليه و إن كان الزائد قليلاً .
الثاني : الملك في وقت تعلق الوجوب ، سواء أ كان بالزرع ، أم بالشراء ، أم بالإرث ، أم بغيرها من أسباب الملك .
مسألة 1116 : المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و الشعير ، و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل ، و عند انعقاده حصرما في ثمر الكرم ، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب .
مسألة 1117 : المدار في قدر النصاب بلوغ المذكورات حده بعد يبسها في وقت وجوب الإخراج ـ الآتي في المسألة اللاحقة ـ فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد العناوين المذكورة بحد النصاب و لكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها .
مسألة 1118 : وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة من التبن ، و اجتذاذ التمر ، و اقتطاف الزبيب على النحو المتعارف ، فإذا أخر المالك الدفع عنه ـ بغير عذر ـ ضمن مع وجود المستحق ، و لا يجوز للساعي
( 364 )
المطالبة قبله ، نعم يجوز الإخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب ، و يجب على الساعي القبول على إشكال في إطلاقه .
مسألة 1119 : لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين ، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شيء و هكذا غيرها .
مسألة 1120 : المقدار الواجب إخراجه في زكاة الغلات ، العشر ( 10 % ) إذا سقي سيحاً ، أو بماء السماء ، أو بمص عروقه من الأرض ، و نصف العشر ( 5 % ) إذا سقي بالدلاء و الماكينة ، و الناعور ، و نحو ذلك من العلاجات ، و إذا سقي بالأمرين فإن كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي إليه و لا يعتد بالآخر ، فالعمل على الغالي ، و إن كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفاً و إن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر ، يوزع الواجب فيعطي ثلاثة أرباع العشر ( 5 , 7 % ) ، و إذا شك في صدق الاشتراك و الغلبة كفى الأقل ، و الأحوط ـ استحباباً ـ الأكثر .
مسألة 1121 : المدار في التفصيل المتقدم على الثمر ، لا على الشجر فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء ، فلما أثمر صار يسقى بالنزيز أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر ، و لو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر .
مسألة 1122 : الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه ، إلا إذا كثرت بحيث يستغنى عن الدوالي ، فيجب حينئذ العشر ، أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي ، فيجب التوزيع .
مسألة 1123 : إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثاً ، أو لغرض فسقى به آخر زرعه ففي وجوب العشر إشكال و إن كان أحوط وجوباً ، و كذا إذا أخرجه هو عبثاً أو لغرض آخر ثم بدا له فسقى به زرعه ، و أما إذا أخرجه لزرع فبدا له فسقى به زرعاً آخر ، أو زاد فسقى به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر .

( 365 )
مسألة 1124 : ما يأخذه السلطان بإسم المقاسمة ـ و هو الحصة من نفس الزرع ـ لا يجب إخراج زكاته .
مسألة 1125 : المشهور استثناء المؤن التي يحتاج إليها الزرع و الثمر من أجرة الفلاح ، و الحارث ، و الساقي ، و العوامل التي يستأجرها للزرع و أجرة الأرض و لو غصباً ، و نحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع ، أو الثمر ، و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج ، و لكن الأحوط لزوماً ـ في الجميع ـ عدم الاستثناء ، نعم المؤن التي تتعلق بالزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة يمكن احتسابهاعلى الزكاة بالنسبة بأن يسلمه إلى مستحقه أو إلى الحاكم الشرعي و هو على الساق أو على الشجر ثم يشترك معه في المؤن .
مسألة 1126 : يضم النخل بعض إلى بعض ، و إن كانت في أمكنة متباعدة و تفاوتت في الإدراك ، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد ، و إن كان بينهما شهر أو أكثر ، و كذا الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع ، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة ، و إن لم يبلغه كل واحد منها ، و أما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال و إن كان الضم أحوط وجوباً .
مسألة 1127 : يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين ، و ما بحكمهما من الأثمان ، كالأوراق النقدية ، و أما جواز دفعها من غيرها فلا يخلو عن إشكال .
مسألة 1128 : إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة ، أما لو مات قبله و انتقل إلى الوارث ، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه ، و إن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر ، وجبت على من بلغ
( 366 )
نصيبه دون الآخر ، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب على واحد منهم ، و كذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة .
مسألة 1129 : إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود و الرديء عن الرديء ، و في جواز دفع الرديء عن الجيد إشكال و الأحوط ـ وجوبا ـ العدم .
مسألة 1130 : الأقوى  أن الزكاة حق متعلق بالعين ، لا على وجه الإشاعة ، و لا على نحو الكلي في المعين ، و لا على نحو حق الرهانة ، و لا على نحو حق الجناية ، و لا على نحو الشركة في المالية ، بل على نحو آخر ، و إذا بلغ المالك ما تعلقت به الزكاة قبل إخراجها صح البيع على الأظهر سواء وقع على جميع العين الزكوية أو على بعضها المعين أو المشاع ، و يجب على البائع إخراج الزكاة و لو من مال آخر ، و أما المشتري القابض للمبيع فإن أعتقد إن البائع قد أخرجها قبل البيع أو احتمل ذلك لم يكن عليه شيء و إلا فيجب عليه إخراجها ، فإن أخرجها و كان مغرورا من قبل البائع جاز له الرجوع بها عليه .
مسألة 1131 : لا يجوز التأخير في دفع الزكاة عن وقت وجوب الإخراج من دون عذر ، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه لم يضمن ، و إن أخره ـ مع العلم بوجود المستحق ـ ضمن ، نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر مع عدم المستحق ، بل مع وجوده على الأقوى فيتعين المعزول زكاة ، و يكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط ، أو مع التأخير مع وجود المستحق ، من دون غرض صحيح . و في ثبوت الضمان معه ـ كما إذا أخره لانتظار مستحق معين أو للإيصال إلى المستحق تدريجاً في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة ـ إشكال ، و نماء الزكاة تابع لها في المصرف ، و لا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل .

( 367 )
مسألة 1132 : إذا باع الزرع أو الثمر ، و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتى تكون عليه ، أو قبله حتى تكون على المشتري لم يجب عليه شيء ، حتى إذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع على الأظهر .
و إن كان الشاك هو المشتري ، فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه إخراجها ، و إلا وجب عليه ، حتى إذا علم زمان التعلق و جهل زمان البيع ، فإن الزكاة متعلقة بالعين على ما تقدم .
مسألة 1133 : يجوز للحاكم الشرعي و وكيله خرص ثمر النخل و الكرم على المالك ، و فائدته جواز الاعتماد عليه ، بلا حاجة إلى الكيل و الوزن ، و الظاهر جواز الخرص للمالك ، إما لكونه بنفسه من أهل الخبرة ، أو لرجوعه إليهم .

( 368 )

المبحث الرابع
زكاة مال التجارة

وهو المال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصداً به الاكتساب و الاسترباح فيجب على الأحوط أداء زكاته و هي ربع العشر ( 5 , 2 % ) مع استجماع الشرائط التالية مضافاً إلى الشرائط العامة المتقدمة :
1 ـ النصاب ، و هو نصاب أحد النقدين المتقدم .
2 ـ مضي الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح .
3 ـ بقاء قصد الاسترباح طول الحول فلو عدل عنه و نوى به القنية أو الصرف في المؤونة مثلاً في الأثناء لم تجب فيه الزكاة .
4 ـ أن يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول فلو طلب بنقيصة أثناء السنة لم تجب فيه الزكاة .

( 369 )
المقصد الثالث
أصناف المستحقين و أوصافهم
وفيه مبحثان:
المبحث الأول
أصنافهم
و هم ثمانية :
الأول : الفقير .
الثاني : المسكين .
و كلاهما من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله له و لعياله ، و الثاني أسوأ حالاً من الأول كمن لا يملك قوته اليومي ، و الغني بخلافهما فإنه من يملك قوت سنته فعلاً ـ نقداً أو جنساً ـ و يتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه بمؤونته و مؤونة عياله ، أو قوة : بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المؤنة ، و إذا كان قادراً على الاكتساب و تركه تكاسلاً ، فالظاهر عدم جواز أخذه ، نعم إذا خرج وقت التكسب جاز له الأخذ .
مسألة 1134 : إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤونة السنة جاز له أخذ الزكاة ، و كذا إذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمؤنته، أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمؤونته ، و لكن لا يكفيه الحاصل منها فإن له إبقاءها و أخذ المؤونة من الزكاة .

( 370 )
مسألة 1135 : دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ـ و لو لكونه من أهل الشرف ـ لا تمنع من أخذ الزكاة ، و كذا ما يحتاج إليه من الثياب ، و الألبسة الصيفية ، و الشتوية ، و الكتب العلمية ، و أثاث البيت من الظروف ، و الفرش ، و الأواني ، و سائر ما يحتاج إليه . نعم إذا كان عنده من المذكورات أكثر من مقدار الحاجة و كانت كافية في مؤونته لم يجز له الأخذ ، بل إذا كان له دار تندفع حاجته بأقل منها قيمة ، و كان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يجز له الأخذ من الزكاة فيما إذا بلغت الزيادة حد الإسراف بإن خرج عما يناسب حاله كثيراً و إلا جاز له أخذها على الأظهر ، و كذا الحكم في الفرس و السيارة و غيرهما من أعيان المؤونة ، إذا كانت عنده و كان يكفي الأقل منها .
مسألة 1136 : إذا كان قادراً على التكسب بخصوص ما ينافي شأنه جاز له الأخذ ، و كذا إذا كان قادراً على الصنعة ، لكنه كان فاقداً لآلاتها .
مسألة 1137 : إذا كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة على الأحوط ، إلا إذا خرج وقت التعلم فيجوز ، و لا يكفي في صدق الغنى القدرة على التعلم في الوقت اللاحق ، إذا كان الوقت بعيداً ، بل إذا كان الوقت قريباً ـ مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك ـ جاز له الأخذ ما لم يتعلم .
مسألة 1138 : طالب العلم الذي لا يملك فعلاً ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة و إن كان قادراً على الاكتساب فيما إذا كان طلب العلم واجباً عليه عيناً و كان طلبه مانعاً عن الاكتساب و إلا فلا يجوز له أخذها ، هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء ، و أما من سهم سبيل الله تعالى فيجوز له الأخذ منه بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط إذا كان يترتب على اشتغاله مصلحة عامة محبوبة لله تعالى ، و إن لم يكن المشتغل ناوياً للقربة ، نعم إذا كان ناوياً للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الأخذ .

( 371 )
مسألة 1139 : المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به ، و إن جهل ذلك جاز إعطاءه إذا علم فقره سابقاً و لم يعلم غناه بعد ذلك و لو جهل حاله من أول أمره فالأحوط عدم دفع الزكاة إليه إلا مع الوثوق بفقره ، و إذا علم غناه سابقاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة .
مسألة 1140 : إذا كان له دين على الفقير جاز له احتسابه من الزكاة حياً كان أم ميتاً ، نعم يشترط في الميت أن لا يكون له مال يفي بدينه و إلا لم يجز ، إلا إذا تلف المال على نحو لا يكون مضموناً ، و إذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب إشكال ، و إن كان أظهر ، و كذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه ، أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه .
مسألة 1141 : لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة ، بل يجوز الإعطاء على نحو يتخيل الفقير أنه هدية ، و يجوز صرفها في مصلحة الفقير كما إذا قدم إليه تمر الصدقة فأكله .
مسألة 1142 : إذا دفع الزكاة ـ باعتقاد الفقر ـ فبان كون المدفوع إليه غنياً وجب عليه استرجاعها و صرفها في مصرفها إذا كانت عينها باقية ، و إن كانت تالفة جاز له أن يرجع ببدلها إلى القابض ، إذا كان يعلم أن ما قبضه زكاة ، و إن لم يعلم بحرمتها على الغني ، و إلا فليس له الرجوع إليه و يجب عليه حينئذ و عند عدم إمكان الاسترجاع في الفرض الأول إخراج بدلها و إن كان أداؤه بعد الفحص و الاجتهاد أو مستنداً إلى الحجة الشرعية على الأحوط . و كذا الحكم فيما إذا تبين كون المدفوع إليه ليس مصرفاً للزكاة من غير جهة الغنى ، مثل أن يكون ممن تجب نفقته ، أو هاشمياً إذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك .

( 372 )
الثالث : العاملون عليها .
و هم المنصبون لأخذ الزكاة و ضبطها و حسابها و إيصالها إلى الإمام أو نائبه ، أو إلى مستحقها .
الرابع : المؤلفة قلوبهم .
و هم المسلمون الذين يضعف إعتقادهم بالمعارف الدينية ، فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم ، و يثبتوا على دينهم ، أو لا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها و يثبتوا عليها ، أو الكفار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام ، أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار أو يؤمن بذلك من شرهم و فتنتهم .
و الأظهر أنه لا ولاية للمالك في صرف الزكاة على الصنفين الثالث و الرابع بل ذلك منوط برأي الإمام عليه السلام أو نائبه .
الخامس : الرقاب .
و هم العبيد فإنهم يعتقون من الزكاة على تفصيل مذكور في محله .
السادس : الغارمون .
و هم الذين ركبتهم الديون و عجزوا عن أدائها ، و إن كانوا مالكين قوت سنتهم ، بشرط أن لا يكون الدين مصروفاً في المعصية ، و الأحوط اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته ، فلو كان عليه دين مؤجل لم يحل أجله لم يجز أداؤه من الزكاة و كذلك ما إذا قنع الدائن بأدائه تدريجاً و تمكن المديون من ذلك من دون حرج ، و لو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة ، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمديون فيكون له ثم يأخذه وفاءً عما عليه من الدين ، و لو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها ، و لو بدون إطلاع الغارم ، و لو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه و إن لم يجز إعطاؤه
( 373 )
لنفقته ـ كما سيأتي ـ .
السابع : سبيل الله تعالى .
و يقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد الطرق و بناء الجسور و المستشفيات و المدارس الدينية و المساجد و ملاجئ الفقراء و نشر الكتب الإسلامية المفيدة و غير ذلك مما يحتاج إليه المسلمون ، و في جواز دفع هذا السهم في كل طاعة ، مع عدم تمكن المدفوع إليه من فعلها بدونه أو مع تمكنه إذا لم يكن مقدماً عليه إلا به ، إشكال بل منع .
كما أن في ثبوت ولاية المالك على صرف هذا السهم إشكالاً فلا يترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي .
الثامن : إبن السبيل .
الذي نفدت نفقته ، بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده ، فيدفع له ما يكفيه لذلك ، بشرط أن لا يكون سفره في معصية ، و إن لا يتمكن من الاستدانة بغير حرج بل الأحوط اعتبار أن لا يكون متمكناً من بيع أو إيجار ماله الذي في بلده .
مسألة 1143 : إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها ، ثم بان العدم جاز له استرجاعها ، و إن كانت تالفة استرجع البدل ، إذا كان الفقير عالماً بالحال ، و إلا لم يجز الاسترجاع .
مسألة 1144 : إذا نذر أن يعطي زكاته فقيراً معيناً انعقد نذره فإن سها فأعطاها فقيراً آخر أجزأ ، و لا يجوز استردادها ، و إن كانت العين باقية ، و إذا أعطاها غيره ـ متعمداً ـ فالظاهر الإجزاء أيضاً ، و لكن كان آثماً بمخالفة نذره ، و وجبت عليه الكفارة .

( 374 )

المبحث الثاني
في أوصاف المستحقين

يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقيها مع استجماع الشروط الآتية :
الأول : الإيمان
فلا يعطي الكافر ، و كذا المخالف منها ، و يعطى أطفال المؤمنين و مجانينهم ، فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليهم ، و إن كان بنحو الصرف ـ مباشرة أو بتوسط أمين ـ فلا يحتاج إلى قبول الولي و إن كان أحوط استحباباً .
مسألة 1145 : إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته ، ثم رجع إلى مذهبنا أعادها ، و إن كان قد أعطاها المؤمن أجزأ .
الثاني : أن لا يصرفها الآخذ في الحرام ، فلا تعطى لمن يصرفها فيه بل الأحوط اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم و إغراء بالقبيح و إن لم يكن يصرفها في الحرام ، كما أن الأحوط عدم إعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق .
الثالث : أن لا يكون ممن تجب نفقته على المعطي .
كالأبوين و الأولاد من الذكور أو الإناث و كذا الأجداد و الجدات و إن علوا و أولاد الأولاد و إن سفلوا على الأحوط فيهما و كذا الزوجة الدائمة ـ إذا لم تسقط نفقتها ـ فهؤلاء لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة للإنفاق ، و يجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه ، كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة يجب
( 375 )
نفقتها عليه ، أو كان عليه دين يجب وفاؤه ، أو عمل يجب أداؤه بإجارة و كان موقوفاً على المال ، و أما إعطاؤهم للتوسعة زائداً على اللازمة فالأحوط ـ أن لم يكن أقوى ـ عدم جوازه إذا كان عنده ما يوسع به عليهم . و يختص عدم جواز إعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته عليه بما إذا كان الإعطاء بعنوان الفقر فلا بأس بإعطائها له بعنوان آخر كما إذا كان مديوناً أو إبن سبيل .
مسألة 1146 : يجوز لمن وجبت نفقته على غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه ، إذا لم يكن قادراً على الإنفاق ، أو لم يكن باذلاً بل و كذا إذا كان باذلاً مع المنة غير القابلة للتحمل عادة و إلا فيشكل له أخذها ، بل الظاهر أنه لا يجوز للزوجة أن تأخذ من الزكاة ، مع بذل الزوج للنفقة ، بل مع إمكان إجباره ، إذا كان ممتنعاً .
مسألة 1147 : يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتع بها ، سواء كان الدافع الزوج أم غيره ، و كذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه ، أما إذا كان بالنشوز ففيه إشكال .
مسألة 1148 : يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج ، و لو كان للإنفاق عليها .
مسألة 1149 : إذا عال بأحد تبرعاً جاز للمعيل و لغيره دفع الزكاة إليه ، من غير فرق بين القريب و الأجنبي .
مسألة 1150 : يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته ، إذا كان عاجزاً عن الإنفاق عليه ، و إن كان الأحوط ـ استحباباً ـ الترك .
الرابع : أن لا يكون هاشمياً إذا كانت الزكاة من غير هاشمي .
و هذا شرط عام في مستحق الزكاة و إن كان الدافع إليه هو الحاكم الشرعي و لا فرق فيه بين سهم الفقراء و غيره من سائر السهام ، حتى سهم العاملين ،
( 376 )
و سبيل الله ، نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة ، مثل المساجد ، و منازل الزوار و المدارس ، و الكتب و نحوها .
مسألة 1151 : يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي من دون فرق بين السهام أيضاً ، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار ، و في تحديد الاضطرار إشكال ، و قد ذكر جماعة من العلماء أن المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية و هو أيضاً مشكل ، و الأحوط لزوماً تحديده بعدم كفاية الخمس ، و سائر الوجوه و الاقتصار في الأخذ على قدر الضرورة يوماً فيوماً ، مع الإمكان .
مسألة 1152 : الهاشمي هو المنتسب ـ شرعاً ـ إلى هاشم بالأب دون الأم ، و أما إذا كان منتسباً إليه بالزنا فيشكل إعطاءه من زكاة غير الهاشمي ، و كذا الخمس و إن كان الأقرب المنع في الأول و الجواز في الثاني .
مسألة 1153 : المحرم من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة . أما الصدقات المندوبة فليست محرمة ، بل كذا الصدقات الواجبة كالكفارات ، و رد المظالم ، و مجهول المالك ، و اللقطة و منذور الصدقة ، و الموصى به للفقراء .
مسألة 1154 : يثبت كونه هاشمياً بالعلم ، و البينة ، و باشتهار المدعي له بذلك في بلده الأصلي أو ما بحكمه و لا يكفي مجرد الدعوى و في براءة ذمة المالك ـ إذا دفع الزكاة إليه حينئذ ـ إشكال و الأظهر عدم البراءة .

فصل
في بقية أحكام الزكاة

مسألة 1155 : لا يجب على المالك البسط على الأصناف الثمانية على الأقوى و لا على أفراد صنف واحد ، و لا مراعاة أقل الجمع فيجوز له
( 377 )
إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد .
مسألة 1156 : يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره لكن إذا كان المستحق موجوداً في البلد كانت مؤونة النقل عليه ، و إن تلفت بالنقل يضمن ، و لا ضمان مع التلف بغير تفريط ، إذا لم يكن في البلد مستحق ، كما لا ضمان إذا وكله الفقيه في قبضها عنه ، فقبضها ثم نقلها بأمره ، و أجرة النقل حينئذ على الزكاة .
مسألة 1157 : إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده ، و لو مع وجود المستحق فيه ، و كذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة ، إذا كان فقيراً ، و لا إشكال في شيء من ذلك .
مسألة 1158 : إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية برئت ذمة المالك ، و إن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه ، أو دفعها إلى غير المستحق .
مسألة 1159 : لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب ، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضاً قبل وقت الوجوب ، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحاق كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره ، و يبقى ما في ذمة الفقير قرضاً ، و إذا أعطاه قرضاً فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك ، و كذلك النقص عليه إذا نقص .
مسألة 1160 : إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب متلف ، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك و إن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن ، و للحاكم الرجوع على أيهما شاء ، فإن رجع على المالك رجع هو على المتلف ، و إن رجع على المتلف لم يرجع هو على المالك .

( 378 )
مسألة 1161 : يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها إلى المستحق أو الحاكم الشرعي أو العامل المنصوب من قبله ، و إن أدى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعينه و إجزاؤه و إن أثم .
مسألة 1162 : يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة ، كما يجوز التوكيل في الإيصال إلى المستحق ، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل و الأحوط استحباباً استمرارها إلى حين الدفع إلى المستحق .
مسألة 1163 : يجوز للفقير أن يوكل شخصاً في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقاً ، و تبرأ ذمة المالك بالدفع إلى الوكيل و إن تلفت في يده .
مسألة 1164 : الأقوى عدم وجوب دفع الزكاة الى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة ، و إن كان هو الأحوط استحباباً ، نعم تقدم أنه لا ولاية للمالك في صرفها في جملة من مصارفها كالمصرف الثالث و الرابع و السابع ، فلو كان هناك ما يوجب صرف الزكاة في شيء منها وجب أما دفعها إلى الحاكم الشرعي أو الاستئذان منه في ذلك .
مسألة 1165 : تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة ، و كذا الخمس ، و سائر الحقوق الواجبة ، و إذا كان الوارث مستحقاً جاز للوصي احتسابها عليه و إن كان واجب النفقة على الميت حال حياته .
مسألة 1166 : الأحوط استحباباً عدم نقصان ما يعطى الفقير من الزكاة عما يجب في النصاب الأول من الفضة في الفضة و هو 625 / 2 من المثقال و عما يجب في النصاب الأول من الذهب في الذهب ، و هو 375 0/0 من المثقال و إن كان الأقوى الجواز .
مسألة 1167 : يستحب لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك ، سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير ، بل هو الأحوط ـ استحباباً ـ في الفقيه الذي
( 379 )
يأخذه بالولاية .
مسألة 1168 : يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب كما أنه يستحب ترجيح الأقارب و تفضيلهم على غيرهم ، و من لا يسأل على من يسأل ، و صرف صدقة المواشي على أهل التجمل ، و هذه مرجحات قد تزاحمها مرجحات أهم و أرجح .
مسألة 1169 : يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة ، نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أحق به و لا كراهة ، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري ، من ميراث وغيره .

( 380 )

المقصد الرابع
زكاة الفطرة

و يشترط في وجوبها البلوغ و العقل و عدم الإغماء و الغنى ، و الحرية في غير المكاتب ، و أما فيه فالأحوط لزوماً عدم الاشتراط فلا تجب على الصبي و المملوك و المجنون و المغمى عليه ، و الفقير الذي لا يملك قوت سنة فعلاً أو قوة ، كما تقدم في زكاة الأموال ، و المشهور أنه يعتبر اجتماع الشرائط آناً ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقق الغروب ، فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة ، أو مقارناً للغروب لم تجب و كذا إذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب لكن الأحوط وجوباً إخراجها فيما إذا تحققت الشرائط مقارنة للغروب بل بعده أيضا ما دام وقتها باقياً .
مسألة 1170 : يستحب للفقير إخراجها أيضاً ، و إذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله ، ثم هو على آخر يديرونها بينهم ، و الأحوط استحباباً عند إنتهاء الدور التصدق على الأجنبي ، كما أن الأحوط استحباباً إذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه .
مسألة 1171 : إذا أسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه و لا تسقط عن المخالف إذا اختار مذهبنا ، و تجب فيها النية على النهج المعتبر في زكاة المال .
مسألة 1172 : يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به ، واجب النفقة كان أم غيره ، قريباً أم بعيداً مسلماً أم كافراً ، صغيراً أم كبيراً ، بل الظاهر الاكتفاء بكونه ممن يعوله و لو في وقت يسير ، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال و بقي عنده ليلة العيد و إن لم يأكل
( 381 )
عنده ، و كذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط لزوماً ، و أما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال ، و لم تجب فطرته على من دعاه .
مسألة 1173 : إذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكف ذلك في صدق كونه عياله ، فيعتبر في العيال نوع من التابعية بمعنى كونه تحت كفالته في معيشته و لو في مدة قصيرة .
مسألة 1174 : من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه ، و إن كان الأحوط ـ وجوباً ـ عدم السقوط إذا لم يخرجها من وجبت عليه عصياناً أو نسياناً ، و إذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب .
مسألة 1175 : إذا ولد له ولد بعد الغروب ، لم تجب عليه فطرته ، و أما إذا ولد له قبل الغروب ، أو ملك مملوكاً أو تزوج امرأة ، فإن كانوا عيالاً وجبت عليه فطرتهم ، و إلا فعلى من عال بهم ، و إذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة على نفسها إذا جمعت الشرائط و لم تجب على المولود و المملوك .
مسألة 1176 : إذا كان شخص عيالاً لاثنين وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع ، و مع فقر أحدهما تسقط عنه ، و الأحوط عدم سقوط حصة الآخر ، و مع فقرهما تسقط عنهما ، فتجب على العيال إن جمع الشرائط .
مسألة 1177 : الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتاً شايعاً لأهل البلد يتعارف عندهم التغذي به و إن لم يقتصروا عليه سواء أ كان من الأجناس الأربعة ( الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ) أم من غيرها كالأرز و الذرة ، و أما ما لا يكون كذلك فالأحوط عدم إخراج الفطرة منه و إن كان من الأجناس الأربعة كما إن الأحوط أن لا تخرج الفطرة من القسم المعيب و يجزي دفع القيمة من النقدين و ما بحكمهما من الأثمان ، و المدار قيمة وقت الأداء لا الوجوب ، و بلد الإخراج لا بلد المكلف .

( 382 )
مسألة 1178 : المقدار الواجب صاع و هو أربعة أمداد و قد تقدم أن تحديد المد بالوزن لا يخلو عن إشكال و لكن يكفي في المقام احتساب المد ثلاثة أرباع الكيلو فيكون مقدار الصاع بحسب الكيلو ثلاث كيلوات .
و لا يجزي ما دون الصاع من الجيد و إن كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد ، كما لا يجزي الصاع الملفق من جنسين ، و لا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله ، و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر .

فصل

تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور و يجوز تأخيرها إلى زوال الشمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد و الأحوط لزوماً عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها ، و إذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي ، كما مر في زكاة الأموال ، فإن لم يدفع و لم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط ـ وجوباً ـ الإتيان بها بقصد القربة المطلقة .
مسألة 1179 : الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان ، و إن كان الأحوط استحباباً التقديم بعنوان القرض .
مسألة 1180 : يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الأجناس أو من النقود بقيمتها و في جواز عزلها في الأزيد بحيث يكون المعزول مشتركاً بينه و بين الزكاة إشكال ، و كذا جواز عزلها في مال مشترك بينه و بين غيره و إن كان ماله بقدرها .
مسألة 1181 : إذا عزلها تعينت ، فلا يجوز تبديلها ، و إن أخر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحق على ما مر في زكاة المال .

( 383 )
مسألة 1182 : يجوز نقل زكاة الفطرة إلى الإمام عليه السلام أو نائبه و إن كان في البلد من يستحقها ، و الأحوط لزوماً عدم النقل إلى غيرهما خارج البلد مع وجود المستحق فيه ، نعم إذا سافر عن بلد التكليف إلى غيره جاز دفعها في البلد الآخر .

فصل

الأحوط لزوما اختصاص مصرف زكاة الفطرة بالفقراء و المساكين مع استجماع الشرائط المتقدمة في زكاة المال .
مسألة 1183 : تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي ، و تحل فطرة الهاشمي على الهاشمي و غيره ، و العبرة على المعيل دون العيال ، فلو كان العيال هاشمياً دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي ، و إذا كان المعيل هاشمياً و العيال غير هاشمي حلت فطرته على الهاشمي .
مسألة 1184 : إذا لم يكن في البلد من يستحق الفطرة من المؤمنين يجوز دفعها إلى غيرهم من المسلمين ، و لا يجوز إعطاؤها للناصب .
مسألة 1185 : يجوز للمالك دفعها إلى الفقراء بنفسه ، و الأحوط استحباباً و الأفضل دفعها إلى الفقيه .
مسألة 1186 : الأحوط ـ استحباباً ـ أن لا يدفع للفقير أقل من صاع إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ، و يجوز أن يعطى الواحد أصواعاً .
مسألة 1187 : يستحب تقديم الأرحام و الجيران على سائر الفقراء ، و ينبغي الترجيح بالعلم ، و الدين ، و الفضل .

والله سبحانه أعلم ، والحمد لله رب العالمين