كتاب الحوالة

( 360 )

( 361 )
الحوالة هي : ( تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه ) فهي متقومة بأشخاص ثلاثة : ( المحيل ) و هو المديون و ( المحال ) و هو الدائن و ( المحال عليه ) .
مسألة 1169 : يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل و القبول من المحال و أما المحال عليه فيعتبر قبوله في الحوالة على البريء و في الحوالة على المدين بغير جنس الدين و فيما إذا كان الدين المحال به معجلاً و الدين الذي على ذمته للمحيل مؤجلاً ، أو كانا مؤجلين جميعاً مع تأخر أجل الثاني عن الأول ، و هل يعتبر قبوله في غير هذه الموارد أيضاً أم لا ؟ الأظهر اعتباره .
مسألة 1170 : يكفي في الإيجاب و القبول من الأطراف الثلاثة كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة .
مسألة 1171 : يعتبر في المحيل و المحال و المحال عليه: البلوغ و العقل و القصد و الرشد و الاختيار ، و يعتبر في الأولين عدم الحجر لفلس أيضاً ، إلا في الحوالة على البريء فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلساً .
مسألة 1172 : يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل فلا تصح في غير الثابت في ذمته و إن وجد سببه كمال الجعالة قبل العمل فضلاً عما إذا لم يوجد سببه كالحوالة بما سيقترضه .
مسألة 1173 : يعتبر أن يكون المال المحال به معيناً ، فإذا كان الشخص مديناً لآخر بمن من الحنطة و دينار لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين .

( 362 )
مسألة 1174 : للدائن أن لا يقبل الحوالة و إن كان المحال عليه ملياً غير مماطل في أداء الحوالة .
مسألة 1175 : يستحق المحال عليه البريء أن يطالب المحيل بالمحال به و لو قبل أدائه على الأظهر ، نعم إذا كان الدين المحال به مؤجلاً لم يكن له مطالبة المحيل به إلا عند حلول أجله و إن كان قد أداه قبل ذلك ، و لو تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين لم يجز له أن يأخذ من المحيل إلا الأقل .
مسألة 1176 : الحوالة عقد لازم فليس للمحيل و لا المحال عليه فسخها و كذلك المحال و إن أعسر المحال عليه بعد ما كان موسراً حين الحوالة ، بل لا يجوز فسخها مع إعسار المحال عليه حين الحوالة إذا كان المحال عالماً به ، نعم لو لم يعلم به ـ حينذاك ـ كان له الفسخ إلا إذا صار المحال عليه غنياً حين استحقاق المحال للدين فإن في ثبوت حق الفسخ له في هذه الصورة إشكالاً ، و المراد بإعسار المحال عليه أن لا يكون عنده ما يوفي به الدين زائداً على مستثنيات الدين .
مسألة 1177 : يجوز اشتراط حق الفسخ للمحيل و المحال و المحال عليه أو لأحدهم .
مسألة 1178 : إذا أدى المحيل الدين برأت ذمة المحال عليه ، فإن كان ذلك بطلبه و كان مديوناً للمحيل فله أن يطالبه بما أداه ، و أن لم يكن بطلبه أو لم يكن مديوناً فليس له ذلك .
مسألة 1179 : إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته ، و كذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال .
مسألة 1180 : لا فرق في المحال به بين كونه عيناً في ذمة المحيل و بين كونه منفعة أو عملاً لا يعتبر فيه المباشرة ، فتصح إحالة مشغول الذمة
( 363 )
بخياطة ثوب أو زيارة أو صلاة أو حج أو قراءة قرآن و نحو ذلك على بريء أو على من اشتغلت ذمته له بمثل ذلك ، و كذلك لا فرق بين كونه مثلياً كالحنطة و الشعير أو قيمياً كالحيوان ، فإذا اشتغلت ذمته بشاة موصوفة مثلاً بسبب كالسلم جاز له إحالتها على من كان له عليه شاة بذلك الوصف أو كان بريئاً .
مسألة 1181 : لا إشكال في صحة الحوالة مع اتحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه جنساً و نوعاً ، كما إذا كان عليه لرجل دراهم و له على آخر دراهم فيحيل الأول على الثاني، و أما مع الاختلاف ـ بأن كان عليه دراهم و له على آخر دنانير فيحيل الأول على الثاني ـ فهو يقع على أنحاء : فتارة يحيل الأول على الثاني بالدنانير بأن يستحق عليه بدل الدراهم دنانير ، و أخرى يحيله عليه بالدراهم بأن يستحق عليه الدراهم بدل ما عليه للمحيل من الدنانير ، و ثالثة يحيله عليه بالدراهم بأن يستحق عليه دراهمه و تبقى الدنانير على حالها ، و الأظهر صحة الأنحاء الثلاثة .
مسألة 1182 : إذا تحققت الحوالة جامعة للشرائط برئت ذمة المحيل عن الدين و اشتغلت ذمة المحال عليه للمحال بما أحيل عليه ، هذا حال المحيل مع المحال ، و المحال مع المحال عليه ، و أما حال المحال عليه مع المحيل فإن كانت الحوالة بمثل ما عليه برئت ذمته مما عليه و كذا إن كانت بغير الجنس و وقعت على النحو الأول أو الثاني من الأنحاء الثلاثة المتقدمة ، و أما إذا وقعت على النحو الأخير أو كانت الحوالة على البريء اشتغلت ذمة المحيل للمحال عليه بما أحال عليه و إن كان له عليه دين يبقى على حاله .
مسألة 1183 : إذا أحال البائع دائنه على المشتري بدينه و قبلها المشتري على أساس كونه مديناً للبائع بالثمن ثم تبين بطلان البيع بطلت الحوالة و كذا إذا أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ثم ظهر بطلان البيع فإنه تبطل الحوالة أيضاً بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار
( 364 )
أو بالإقالة فإنه تبقى الحوالة و لم تتبع البيع فيه .
مسألة 1184 : إذا كان للمدين عند وكيله أو أمينه مال خارجي فأحال دائنه عليه فرجع إليه لأخذه لم يجز له الامتناع من دفعه إليه مع علمه بالحوالة ، و لو لم يتحقق الدفع فله الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمته .
مسألة 1185 : إذا طالب المحال عليه المحيل بما حوله عليه ، و ادعى المحيل أن له عليه مالاً مثل ما حوله عليه و أنكره المحال عليه ، فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف على براءته .
مسألة 1186 : إذا اختلف الدائن و المدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة ، فمع عدم قيام البينة يقدم قول المنكر الحوالة ، سواء أ كان هو الدائن أم المدين ، ما لم يكن مخالفاً للظاهر و هكذا الحال فيما تقدم كما مضى في نظائرهما .

( 365 )

كتاب الكفالة

( 366 )

( 367 )
الكفالة هي : ( التعهد لشخص بإحضار شخص آخر له حق عليه عند طلبه ذلك ) و يسمى المتعهد ( كفيلاً ) و صاحب الحق ( مكفولاً له ) و من عليه الحق ( مكفولاً ) .
مسألة 1187 : تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بلفظ أو بفعل مفهم ـ و لو بحسب القرائن ـ للتعهد المذكور و بالقبول من المكفول له ، و في اعتبار رضا المكفول إشكال و الأحوط اعتباره بل الأحوط كونه طرفاً للعقد بأن يكون عقدها مركباً من إيجاب و قبولين من المكفول له و المكفول .
مسألة 1188 : يعتبر في الكفيل و المكفول له و كذا في المكفول بناءً على اعتبار رضاه : البلوغ و العقل و الاختيار ، كما يعتبر في الكفيل القدرة على إحضار المكفول و عدم الحجر عليه من التصرف في ماله لسفه أو فلس إذا كان إحضار المكفول يتوقف على التصرف فيه .
مسألة 1189 : لا تعتبر في الكفالة أن يكون الحق للمكفول له بشخصه فيجوز أن يكون لمن هو ولي عليه شرعاً كالصبي و المجنون ، فلو كان لهما حق على الغير جاز للولي أن يأخذ الكفيل عليه .
مسألة 1190 : تصح الكفالة بالتعهد بإحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال .
مسألة 1191 : إذا كان المال ثابتاً في الذمة فلا شبهة في صحة الكفالة ، و أما إذا لم يكن ثابتاً في الذمة فعلاً، و لكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة و كالعوض في عقد السبق و الرماية و ما شاكل ذلك ففي صحة
( 368 )
الكفالة البدنية في هذه الموارد إشكال ، نعم يصح فيها الكفالة المالية بمعنى الالتزام بدفع الجعل أو العوض المقرر في السبق مثلاً للمكفول له على تقدير تخلف من عليه الدفع عن ذلك .
مسألة 1192 : تصح كفالة كل من يستحق عليه الحضور إلى مجلس الشرع ، بأن تكون عليه دعوى مسموعة و إن لم تقم البينة عليه بالحق ، و لا تصح كفالة من عليه حد أو تعزير .
مسألة 1193 : إذا كان الحق حالاً صح إيقاع الكفالة حالة و مؤجلة ، و مع الإطلاق تكون حالة ، و إذا كان الحق مؤجلاً صح إيقاعها مؤجلة فقط ، و يلزم في المؤجلة تعيين الأجل على وجه لا يختلف زيادة و نقصاً .
مسألة 1194 : الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلا بالإقالة أو بجعل الخيار له .
مسألة 1195 : إذا تحققت الكفالة جامعة للشرائط جازت مطالبة المكفول له الكفيل بالمكفول عاجلاً إذا كانت الكفالة حالة ، و بعد الأجل إن كانت مؤجلة ، فإن كان المكفول حاضراً وجب على الكفيل إحضاره ، فإن أحضره و سلمه تسليماً تاماً بحيث يتمكن المكفول له منه فقد برئ مما عليه و إن امتنع عن ذلك كان له رفع أمره إلى الحاكم فيحبسه حتى يحضره ، نعم إذا كان ما عليه من الحق قابلاً للأداء من قبل الغير كالدين فأداه الكفيل أخلي سبيله ، و إن كان غائباً فإن كان موضعه معلوماً و يمكن الكفيل إحضاره أمهل بقدر ذهابه و مجيئه ، فإذا مضى قدر ذلك و لم يأت به من غير عذر حبس كما مر ، و إن كان غائباً غيبة منقطعة لا يعرف موضعه و انقطع خبره و لا يرجى الظفر به لم يكلف الكفيل إحضاره ، و هل يلزم بأداء ما عليه ؟ الأقرب عدمه إلا فيما إذا كان ذلك بتفريط من الكفيل بأن طالبه المكفول له و كان متمكناً منه فلم يحضره حتى هرب .

( 369 )
مسألة 1196 : إذا لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ منه المال ، فإن لم تكن الكفالة و لا الأداء بطلب المكفول لم يكن له الرجوع عليه بما أداه ، و إن كان الأداء بطلبه كان له أن يرجع به عليه ، سواء أ كانت الكفالة بطلبه أيضاً أم لا ، و أما إذا كان قد طلب منه الكفالة دون الأداء فهل يرجع عليه أم لا ؟ الظاهر عدم الرجوع و إن كان غير متمكن من إحضاره عند طلب المكفول له ذلك .
مسألة 1197 : إذا عين الكفيل في الكفالة مكان التسليم تعين فلا يجب عليه تسليمه في غيره ، و لو طلب ذلك المكفول له لم تجب إجابته ، كما أنه لو سلمه في غير ما عين لم يجب على المكفول له تسلمه ، و في حكم التعيين صريحاً وجود قرينة حالية أو مقالية عليه كقيامها على تعيين بلد المكفول له ، و مع فقدها فإن وجدت قرينة صارفة عن بعض الأمكنة بالخصوص ـ كوجود الموانع الخارجية عادة من إحضاره فيه أو احتياجه إلى مؤونةٍ غير متعارفة ـ كان ذلك في حكم تعيين غيره و لو إجمالاً ، و حينئذ فالظاهر وجوب إحضاره على الكفيل لو طالب به المكفول له في أي مكان غيره .
مسألة 1198 : يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول ، فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر و لم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به .
مسألة 1199 : إذا كان المكفول غائباً و احتاج إحضاره إلى مؤونة فالظاهر أنها على الكفيل إلا إذا كان صرفها بطلب من المكفول .
مسألة 1200 : تبرأ ذمة الكفيل بإحضار المكفول أو حضوره و تسليم نفسه تسليماً تاماً ، و كذا تبرأ ذمته لو أخذ المكفول له المكفول طوعاً أو كرهاً بحيث تمكن من استيفاء حقه أو إحضاره مجلس الحكم ، أو أبرأ المكفول
( 370 )
عن الحق الذي عليه أو أبرأ الكفيل من الكفالة .
مسألة 1201 : لو نقل المكفول له الحق الذي له على المكفول إلى غيره ببيع أو صلح أو حوالة بطلت الكفالة .
مسألة 1202 : إذا مات الكفيل أو المكفول بطلت الكفالة ، بخلاف ما لو مات المكفول له فإنه تكون الكفالة باقية و ينتقل حق المكفول له منها إلى ورثته .
مسألة 1203 : من خلى غريماً من يد صاحبه قهراً أو حيلة ضمن إحضاره أو أداء ما عليه من الحق إن كان قابلاً للأداء كالدين ، و لو خلى القاتل عمداً من يد ولي الدم لزمه إحضاره و يحبس لو امتنع عن ذلك ، فإن تعذر الإحضار لموت أو غيره دفع إليه الدية .
مسألة 1204 : يكره التعرض للكفالات فعن مولانا الصادق عليه السلام : الكفالة خسارة ، غرامة ، ندامة .

( 371 )

كتاب الصلح

( 372 )

( 373 )
الصلح هو : ( التسالم بين شخصين على تمليك عين أو منفعة أو على إسقاط دين أو حق بعوض مادي أو مجانا ) و لا يشترط كونه مسبوقا بالنزاع ، و يجوز إيقاعه على كل أمر و في كل مقام إلا إذا كان محرما لحلال أو محللا لحرام ، و قد مر المقصود بهما في المسألة ( 172 ) من كتاب التجارة .
مسألة 1205 : الصلح عقد مستقل بنفسه و لا يرجع إلى سائر العقود و إن أفاد فائدتها ، فيفيد فائدة البيع إذا كان على عين بعوض و فائدة الهبة إذا كان على عين بلا عوض و فائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض و فائدة الإبراء إذا كان على إسقاط حق أو دين و هكذا ، فعلى ذلك فلا يلحقه أحكام سائر العقود و لا يجري فيه شروطها و إن أفاد فائدتها ، فما أفاد فائدة البيع لا يلحقه أحكامه و شروطه فلا يجري فيه الخيارات المختصة بالبيع كخياري المجلس و الحيوان ، و لا يشترط فيه قبض العوضين في المجلس إذا تعلق بمعاوضة النقدين ، و ما أفاد فائدة الهبة من تمليك عين بلا عوض لا يعتبر فيه قبض العين كما اعتبر في الهبة و هكذا .
مسألة 1206 : لما كان الصلح عقدا من العقود يحتاج إلى الإيجاب و القبول مطلقاً حتى فيما أفاد فائدة الإبراء و إسقاط الحق ، فإبراء المديون من الدين و إسقاط الحق عمن عليه الحق و إن لم يتوقفا على قبول من عليه الدين أو الحق لكن إذا وقعا بعنوان الصلح توقفا على القبول .
مسألة 1207 : يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك ، و لا تعتبر فيه صيغة خاصة ، نعم لفظ ( صالحت ) كالصريح في إفادة
( 374 )
هذا المعنى من طرف الموجب فيقول مثلاً : ( صالحتك عن الدار أو منفعتها بكذا أو على كذا ) فيقول المتصالح : ( قبلت المصالحة ) .
مسألة 1208 : عقد الصلح لازم في نفسه حتى فيما إذا كان بلا عوض و كانت فائدته فائدة الهبة و لا ينفسخ إلا بتراضي المتصالحين بالفسخ أو بفسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح .
مسألة 1209 : لا يجري خيار المجلس ، و لا خيار الحيوان في الصلح كما مر ، و في جريان خيار الغبن فيه إشكال بل الظاهر عدم جريانه في الصلح الواقع في موارد قطع النزاع و الخصومات ، و كذا لا يجري فيه خيار التأخير على النحو المتقدم في البيع ، نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف ، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به فللآخر أن يفسخ المصالحة ، و أما بقية الخيارات التي سبق ذكرها في البيع فهي تجري في الصلح أيضاً .
مسألة 1210 : لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ ، و أما أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب ففيه إشكال .
مسألة 1211 : متعلق الصلح أما عين أو منفعة أو دين أو حق ، و على التقادير أما أن يكون مع العوض أو بدونه ، و على الأول أما أن يكون العوض عيناً أو منفعة أو ديناً أو حقاً ، فهذه عشرون صورة كلها صحيحة ، فيصح الصلح عن عين بعين و منفعة و دين و حق و بلا عوض و عن منفعة بمنفعة و عين و دين و حق و بلا عوض و هكذا .
مسألة 1212 : إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح ، سواء أ كان مع العوض أم بدونه ، و كذا إذا تعلق بدين للمصالح على ثالث أو حق قابل للانتقال كحقي التحجير و الاختصاص و حق الأولوية لمن بيده الأرض الخراجية ، و إذا تعلق بدين على المتصالح أفاد سقوطه ، و كذا الحال إذا تعلق بحق قابل للإسقاط و غير قابل للنقل و الانتقال كحق
( 375 )
الشفعة و نحوه ، و أما مالا يقبل الانتقال و لا الإسقاط فلا يصح الصلح عليه .
مسألة 1213 : يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين ، كأن يصالح شخصاً على أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة ، أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه ، أو يجري ماءه على سطح داره ، أو يكون ميزابه على عرصة داره ، أو يكون له الممر و المخرج من داره أو بستانه ، أو على أن يخرج جناحاً في فضاء ملكه ، أو على أن يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه ، و غير ذلك ، و لا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه .
مسألة 1214 : يعتبر في المتصالحين : البلوغ ، و العقل ، و الاختيار ، و القصد ، كما يعتبر فيمن تقتضي المصالحة أن يتصرف في ماله من الطرفين أن لا يكون محجوراً عليه من ذلك لسفه أو فلس .
مسألة 1215 : يجري الفضولي في الصلح ـ كما يجري في البيع و نحوه ـ حتى فيما إذا تعلق بإسقاط دين أو حق و أفاد فائدة الإبراء و الإسقاط اللذين لا تجري فيهما الفضولية .
مسألة 1216 : يجوز الصلح على ثمار و خضر و زرع العام الواحد قبل ظهورها من دون ضميمة و إن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مر .
مسألة 1217 : لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به فإذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف كما يجوز لأحدهما أن يصالح الآخر بمال خارجي معين ، و لا يفرق في ذلك بين ما إذا كان التمييز بين المالين متعذراً و ما إذا لم يكن متعذراً .
مسألة 1218 : لو علم المديون بمقدار الدين و لم يعلم به الدائن و صالحه بأقل مما يستحقه لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد ، إلا أن يعلم رضا الدائن بالمصالحة حتى لو علم بمقدار الدين أيضاً ، و هكذا لو لم يعلم
( 376 )
بمقدار الدين تحديداً و لكنه علم إجمالاً زيادته على المقدار المصالح به فإنه لا تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا في الحالة المذكورة ، و يجري نظير هذا الكلام في العين أيضاً .
مسألة 1219 : إذا كان شخصان لكل منهما مال في يد الآخر أو على ذمته و علمت زيادة أحدهما على الآخر ، فإن كان المالان بحيث لا يجوز بيع أحدهما بالآخر لاستلزامه الربا لم يجز التصالح على المبادلة بينهما أيضاً ، لأن حرمة الربا تعم الصلح على هذا النحو على الأظهر ، و هكذا الحكم في صورة احتمال الزيادة و عدم العلم بها على الأحوط ، و يمكن الاستغناء عن الصلح على المبادلة بين المالين بالصلح على نحو آخر بأن يقول أحدهما لصاحبه في الفرض الأول : ( صالحتك على أن تهب لي ما في يدي و أهب لك ما في يدك ) فيقبل الآخر ، و يقول في الفرض الثاني : ( صالحتك على أن تبرأني مما لك في ذمتي و أبرأك مما لي في ذمتك ) فيقبل الآخر .
مسألة 1220 : لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين فيما إذا لم يستلزم الربا على ما مر في المسألة السابقة ، مثلاً إذا كان أحد الدينين الحالين من الحنطة الجيدة و الآخر من الحنطة الرديئة و كانا متساويين في المقدار جاز التصالح على مبادلة أحدهما بالآخر ، و مع فرض زيادة أحدهما ـ في المثال ـ لا تجوز المصالحة على المبادلة بينهما على الأظهر .
مسألة 1221 : يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين و أخذ الباقي منه نقداً ، هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون ، و أما في غير ذلك فيجوز الصلح و البيع بالأقل نقداً من المديون و غيره ، و عليه فيجوز للدائن تنزيل ( الكمبيالة ) في المصرف و غيره في عصرنا الحاضر على
( 377 )
ما مر في المسألة ( 234 ) .
مسألة 1222 : يجوز للمتنازعين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشيء من المدعى به أو بشيء آخر حتى مع إنكار المدعى عليه ، و يسقط بهذا الصلح حق الدعوى ، و كذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر ، فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة ، و لكن هذا قطع للنزاع ظاهراً و لا يحل به لغير المحق ما يأخذه بالصلح ، و ذلك مثل ما إذا ادعى شخص على آخر ديناً فأنكره ثم تصالحا على النصف فهذا الصلح و إن أثر في سقوط الدعوى ، و لكن المدعي لو كان محقاً فقد وصل إليه نصف حقه و يبقى نصفه الآخر في ذمة المنكر و إن لم يكن عليه إثم إن كان معذوراً في اعتقاده ، نعم لو فرض رضا المدعي باطناً بالصلح عن جميع ماله في الواقع فقد سقط حقه ، و لو كان المدعي مبطلاً في الواقع حرم عليه ما أخذه من المنكر إلا مع فرض طيب نفسه واقعاً بأن يكون للمدعي ما صالح به لا أنه رضي به تخلصاً من دعواه الكاذبة .
مسألة 1223 : لو قال المدعى عليه للمدعي ( صالحني ) لم يكن ذلك منه إقراراً بالحق ، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الإقرار و الإنكار ، و أما لو قال ( بعني ) أو ( ملكني ) كان إقراراً .
مسألة 1224 : يجوز أن يصطلح الشريكان بعد انتهاء الشركة على أن يكون لأحدهما رأس المال و الربح للآخر و الخسران عليه .
مسألة 1225 : لو تصالح مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلاً بإزاء لبنها ، و اشترط عليه أن يعطي له مقداراً معيناً من الدهن صحت المصالحة ، بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من الدهن غير المقيد بالدهن المأخوذ منها صحت الإجارة أيضاً .

( 378 )
مسألة 1226 : إذا كان لواحدٍ ثوب اشتراه بعشرين درهماً و لآخر ثوب اشتراه بثلاثين و اشتبها ، و لم يميز كل منهما ماله عن مال صاحبه ، فإن خير أحدهما صاحبه فلا إشكال ، فكل ما اختاره يحل له و يحل الآخر لصاحبه ، و أما مع عدمه فإن توافقا على بيعهما بيعا و قسم الثمن بينهما بنسبة رأس مالهما فيعطي صاحب العشرين في المثال سهمين من خمسة و الآخر ثلاثة أسهم منها ، و لو تعاسرا في البيع و لو من جهة كون مقصود أحدهما أو كليهما نفس المال لا ثمنه فلابد من القرعة .
مسألة 1227 : لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح ، و لزم الوفاء بالشرط .
مسألة 1228 : إذا كان شخصان لكل منهما مال فاختلطا ثم تلف البعض من المجموع ، فإن كان الاختلاط على نحو يوجب الشركة بينهما في الخليط حسب التالف عليهما بنسبة المالين ، و إن لم يكن يوجب الشركة فيه ـ سواء أ كانا مثليين أو قيميين ـ فإن تساوى المالان في المقدار حسب التالف عليهما و قسم الباقي بينهما نصفين ، و أما مع الاختلاف فيه فإن كان احتمال وقوع التلف ممن ماله أقل ضعيفاً يوثق بخلافه حكم بوقوعه في مال الآخر ، كما إذا كان المجموع عشرة آلاف درهم ، لأحدهما درهم أو درهمان و البقية للآخر و كان التالف درهماً أو درهمين أيضاً فإن احتمال كون التالف ممن ماله أقل واحد من عشرة آلاف أو خمسة آلاف و هو احتمال ضعيف لا يعبأ به العقلاء .
و أما إذا لم يكن كذلك فالأقوى احتساب التالف عليهما بنسبة ماليهما فلو كان المجموع عشرة لأحدهما درهم واحد و للآخر تسعة دراهم و كان التالف درهماً واحداً أعطي لصاحب الواحد تسعة أعشار الدرهم و لصاحب
( 379 )
التسعة ثمانية دراهم و عشر الدرهم ، و لو كان التالف في المثال خمسة أعطى لصاحب الدرهم نصف درهم و لصاحب التسعة أربعة دراهم و نصف و هكذا .