كتاب الهبة
( 406 )
( 407 )
الهبة هي : ( تمليك عين من دون عوض عنها ) و يعبر عن بعض أقسامها بالعطية و النحلة و الجائزة و الصدقة .
مسألة 1310 : الهبة عقد يتوقف على إيجاب و قبول ، و يكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة و لا يعتبر فيه صيغة خاصة و لا العربية و يكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك .
مسألة 1311 : يعتبر في الواهب البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر عليه من التصرف في الموهوب لسفه أو فلس ، و تصح الهبة من المريض بمرض الموت على تفصيل تقدم في كتاب الحجر .
مسألة 1312 : يعتبر في الموهوب له قابليته لتملك الموهوب شرعاً فلا تصح هبة الخنزير للمسلم و لو من قبل الكافر ، و لا يعتبر فيه البلوغ و العقل و القصد و الاختيار إلا إذا كان هو القابل بنفسه أو بوكيله دون ما إذا كان القائل وليه .
مسألة 1313 : يعتبر في الموهوب أن يكون عيناً فلا تصح هبة المنافع ، و أما الدين فتصح هبته لغير من هو عليه و يكون قبضه بقبض مصداقه ، و أما هبته لمن هو عليه بقصد إسقاطه فهو إبراء و لا يحتاج إلى القبول .
مسألة 1314 : يشترط في صحة الهبة القبض و لابد فيه من إذن الواهب إلا أن يهب ما في يده فلا حاجة حينئذٍ إلى قبض جديد و إن كان
( 408 )
الأحوط لزوماً اعتبار الإذن في القبض بقاءً .
مسألة 1315 : للأب و الجد من جهته ولاية القبول و القبض عن الصغير و المجنون إذا بلغ مجنوناً ، أما لو جن بعد البلوغ و الرشد ففي كون ولاية القبول و القبض لهما أو للحاكم الشرعي إشكال فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً ، و لو وهب الولي أحدهما و كانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد .
مسألة 1316 : يتحقق القبض في المنقول و غير المنقول باستيلاء الموهوب له على الموهوب و صيرورته تحت يده و سلطانه ، و الظاهر اختلاف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد .
مسألة 1317 : تصح هبة المشاع و يمكن قبضه و لو بقبض المجموع بإذن الشريك أو بتوكيل الموهوب له إياه في قبض الحصة الموهوبة عنه ، بل الظاهر تحقق القبض الذي هو شرط للصحة في المشاع باستيلاء الموهوب له عليه من دون إذن الشريك أيضاً ، و ترتب الأثر عليه و إن فرض كونه تعدياً بالنسبة إليه .
مسألة 1318 : لا تعتبر الفورية في القبض و لا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير ، و متى تحقق القبض صحت الهبة من حينه فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له .
مسألة 1319 : لو مات الواهب بعد العقد و قبل القبض بطل العقد و انفسخ ، و انتقل الموهوب إلى ورثته و لا يقومون مقامه في الإقباض. فيحتاج إلى إيقاع هبة جديدة بينهم و بين الموهوب له ، كما أنه لو مات الموهوب له لا يقوم ورثته مقامه في القبض بل يحتاج إلى هبة جديدة من الواهب إياهم .
مسألة 1320 : إذا تمت الهبة بحصول القبض فإن كانت لذي رحم
( 409 )
أباً كان أو أماً أو ولداً أو غيرهم لم يكن للواهب الرجوع في هبته ، كما لا يحق له الرجوع فيها بعد التلف أو مع التعويض عنها و لو بشيء يسير ، من غير فرق بين ما كان دفع العوض لأجل اشتراطه في الهبة و بين غيره بأن أطلق في العقد لكن الموهوب له أثاب الواهب و أعطاه العوض ، و كذا لا يحق له الرجوع فيها لو قصد بهبته القربة و أراد بها وجه الله تعالى .
مسألة 1321 : في إلحاق الزوج و الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة إشكال ، و الأقرب عدمه ، و إن كان الأحوط عدم الرجوع فيها و لو قبل القبض .
مسألة 1322 : يلحق بالتلف في عدم جواز الرجوع في الهبة التصرف الناقل كالبيع و الهبة و التصرف المغير للعين بحيث لا يصدق معه كون الموهوب قائماً بعينه كطحن الحنطة و خبز الدقيق و صبغ القماش أو تقطيعه و خياطته ثوباً و نحو ذلك ، و أما التصرف غير المغير كلبس الثوب و فرش السجادة و ركوب الدابة و أمثال ذلك فلا يمنع من الرجوع ، و من الأول الامتزاج الموجب للشركة كما أن من الثاني قصارة الثوب .
مسألة 1323 : فيما جاز للواهب الرجوع في هبته لا فرق بين الكل و البعض فلو وهب شيئين لأجنبي بعقد واحد يجوز له الرجوع في أحدهما ، بل لو وهب شيئاً واحداً يجوز له الرجوع في بعضه مشاعاً أو معيناً و مفروزاً .
مسألة 1324 : الهبة أما معوضة أو غير معوضة ، و المراد بالأولى ما شرط فيها الثواب و العوض و إن لم يعط العوض و ما عوض عنها و إن لم يشترط فيها العوض .
مسألة 1325 : إذا وهب و أطلق لم يلزم على الموهوب له إعطاء الثواب و العوض ، سواء أ كانت من الأدنى للأعلى أو العكس أو من المساوي للمساوي و إن كان الأولى بل الأحوط في الصورة الأولى إعطاؤه ، و لو أعطى العوض لم يجب على الواهب قبوله ، و إن قبل و أخذه لزمت الهبة و لم يكن له
( 410 )
الرجوع فيما وهبه و لم يكن للموهوب له أيضاً الرجوع فيما أعطاه .
مسألة 1326 : إذا شرط الواهب في هبته على الموهوب له أن يعوضه عليها كأن يهبه شيئاً مكافاة لهبته و وقع منه القبول على ما اشترط و كذا القبض للموهوب وجب عليه العمل بالشرط ، فإذا تعذر أو امتنع من العمل به جاز للواهب الرجوع في الهبة و لو لم يكن الموهوب قائماً بعينه ، بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط أيضاً ، نعم إذا كان تدريجياً و شرع فيه الموهوب له لم يكن للواهب الرجوع إلا مع عدم الإكمال في المدة المضروبة أو المتعارفة .
مسألة 1327 : لو عين العوض في الهبة المشروط فيها العوض تعين و يلزم على الموهوب له بذل ما عين ، و لو أطلق ـ بأن شرط عليه أن يعوض و لم يعين العوض ـ فإن اتفقا على شيء فذاك ، و إلا فالأحوط أن يعوض بالمساوي من مثل أو قيمة إلا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على الاجتزاء باليسير .
مسألة 1328 : لا يعتبر في الهبة المعوضة سواءً أ كان التعويض وفاءً بالشرط أم تبرعاً أن يكون العوض هبة الموهوب له عيناً للواهب بل يجوز أن يكون غيرها من العقود أو الإيقاعات كبيع شيء على الواهب بأقل من قيمته السوقية مثلاً أو إبراء ذمته من دين له عليه و نحو ذلك ، بل يجوز أن يكون عملاً خارجياً ـ و لو في العين الموهوبة ـ يتعلق به غرض الواهب كأن يشترط على الموهوب له أن يبني في الأرض الموهوبة مدرسة أو مسجداً أو غيرهما .
مسألة 1329 : لو رجع الواهب في هبته فيما جاز له الرجوع و كان للموهوب نماء منفصل حدث بعد العقد و القبض كالولد كان من مال الموهوب له و لا يرجع إلى الواهب ، و إن كان النماء متصلاً فإن كان غير قابل للانفصال كالسمن و الطول فهو تابع للعين فيرجع الواهب إلى العين كما هي
( 411 )
إلا إذا كان النماء كثيراً كما سيأتي ، و إن كان قابلاً للانفصال كالصوف و الثمرة و نحوهما ففي التبعية إشكال و الأظهر عدمها و إن الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضاً .
مسألة 1330 : إذا كان النماء المتصل غير القابل للانفصال بحيث لا يصدق معه كون الموهوب قائماً بعينه ، كما لو وهبه فرخاً في أول خروجه من البيضة فصار دجاجاً لم يكن للواهب الرجوع .
مسألة 1331 : لو مات الواهب بعد إقباض الموهوب لزمت الهبة و إن كانت لأجنبي و لم تكن معوضة و ليس لورثته الرجوع ، و كذلك لو مات الموهوب له ، فينتقل الموهوب إلى ورثته انتقالاً لازماً .
مسألة 1332 : لو باع الواهب العين الموهوبة فإن كانت الهبة لازمة بأن كانت لذي رحم أو معوضة أو قصد بها القربة يقع البيع فضولياً ، فإن أجاز الموهوب له صح و إلا بطل ، و إن كانت غير لازمة فالظاهر صحة البيع و وقوعه من الواهب و كان رجوعاً في الهبة ، هذا إذا كان ملتفتاً إلى هبته ، و أما لو كان ناسياً أو غافلاً و ذاهلاً ففي كونه رجوعاً قهرياً إشكال فلا يترك الاحتياط .
مسألة 1333 : الرجوع أما بالقول ، كأن يقول : ( رجعت ) و ما يفيد معناه ، و أما بالفعل كاسترداد العين و أخذها من يد الموهوب له بقصد الرجوع ، و من ذلك بيعها بل و إجارتها و رهنها إذ كان ذلك بقصد الرجوع .
مسألة 1334 : لا يشترط في الرجوع اطلاع الموهوب له ، فلو أنشأ الرجوع من غير علمه صح .
مسألة 1335 : يستحب العطية للأرحام الذين أمر الله تعالى أكيداً بصلتهم و نهى شديداً عن قطيعتهم ، فعن الباقر عليه السلام : ( في كتاب علي عليه السلام : ثلاثة لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن : البغي ، و قطيعة الرحم ، و اليمين الكاذبة يبارز الله بها ، و إن أعجل الطاعة ثواباً لصلة
( 412 )
الرحم ، و إن القوم ليكونون فجاراً فيتواصلون فتنمى أموالهم و يثرون ، و إن اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها ) و خصوصاً الوالدين الذين أمر الله تعالى ببرهما ، فعن الصادق عليه السلام : ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه و آلة و قال : أوصني قال : لا تشرك بالله شيئاً و إن أحرقت بالنار و عذبت إلا و قلبك مطمئن بالإيمان ، و والديك فأطعهما و برهما حيين كانا أو ميتين ، و إن أمراك أن تخرج من أهلك و مالك فافعل فإن ذلك من الإيمان ) .
و لا سيما الأم التي يتأكد برها و صلتها أزيد من الأب فعن الصادق عليه السلام : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و آله فقال : يا رسول الله من أبر ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أباك ) .
مسألة 1336 : يجوز تفضيل بعض الولد على بعض في العطية على كراهية ، و ربما يحرم إذا كان سبباً لإثارة الفتنة و الشحناء و البغضاء المؤدية إلى الفساد ، كما أنه ربما يفضل التفضيل فيما إذا أمن من الفساد و كان لبعضهم خصوصية موجبة لأولوية رعايته .
( 413 )
كتاب الوصية
( 414 )
( 415 )
وهي قسمان :
1 ـ الوصية التمليكية : و هي أن يجعل الشخص شيئاً مما له من مال أو حق لغيره بعد وفاته ، كأن يجعل شيئا من تركته لزيد أو للفقراء بعد مماته ، فهي وصية بالملك أو الاختصاص .
2 ـ الوصية العهدية : و هي أن يعهد الشخص بتولي أحد بعد وفاته أمراً يتعلق به أو بغيره كدفنه في مكان معين أو في زمان معين أو تمليك شيء من ماله لأحدٍ أو وقفه أو بيعه ، أو الاستنابة عنه في صلاة أو صوم أو حج أو القيمومة على صغاره و نحو ذلك ، فهي وصية بالتولية .
مسألة 1337 : تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة و الصيام و أداء الكفارات و النذور و نحوها من الواجبات البدنية و غيرها فتجب المبادرة إلى أدائها .
و إن ضاق الوقت عن أدائها فإن كان له مال لزمه الاستيثاق من أدائها عنه بعد وفاته و لو بالوصية به ، و إن لم يكن له مال و احتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يؤديها شخص آخر عنه تبرعاً وجبت عليه الوصية به أيضا ، و ربما يغني الإخبار عن الوصية كما لو كان له من يطمئن بأدائه لما وجب عليه كالولد الأكبر فيكفي حينئذٍ إخباره بما عليه من الواجبات .
و أما أمانات الناس من الوديعة و العارية و مال المضاربة و نحوها مما يكون تحت يده فإن أمكنه إيصاله إلى صاحبه أو وكيله أو وليه أو إعلامه بذلك تعين عليه ذلك على الأحوط ، و إن لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصوله إلى
( 416 )
صاحبه بعد وفاته و لو بالإيصاء به و الاستشهاد على ذلك و إعلام الوصي و الشاهد باسم صاحبه و خصوصياته و محله .
و أما ديون الناس فإن كان له تركة لزمه الاستيثاق من وصولها إلى أصحابها بعد مماته و لو بالوصية بها و الاستشهاد عليها ، هذا في الديون التي لم يحل أجلها بعد أو حل و لم يطالبه بها الديان أو حل و طالبوا و لم يكن قادراً على وفائها ، و إلا فتجب المبادرة إلى وفائها فوراً و إن لم يخف الموت .
و أما الحقوق الشرعية مثل الزكاة و الخمس و المظالم فإن كان متمكناً من أدائها فعلاً وجبت المبادرة إليه و لا يجوز التأخير و إن علم ببقائه حياً ، و إن عجز عن الأداء و كانت له تركة وجب عليه الاستيثاق من أدائها بعد وفاته و لو بالوصية به إلى ثقة مأمون ، و إن لم يكن له تركة و احتمل أن يؤدي ما عليه بعض المؤمنين تبرعاً و إحساناً وجبت الوصية به أيضاً و نحوه في ديون الناس إذا لم يكن له تركة .
مسألة 1338 : يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ ـ صريح أو غير صريح ـ أو فعل و إن كان كتابة أو إشارة ، بلا فرق فيه بين صورتي الاختيار و عدمه ، بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر من قرائن الأحوال إرادة العمل به بعد موته .
مسألة 1339 : إذا قيل للشخص هل أوصيت ؟ فقال : لا ، فقامت البينة على أنه قد أوصى ، كان العمل على البينة و لم يعتد بخبره ، نعم إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه .
و كذا الحكم لو قال : نعم ، و قامت البينة على عدم الوصية منه فإنه إن قصد الإخبار كان العمل على البينة ، و إن قصد إنشاء الوصية صح الإنشاء و تحققت الوصية .
مسألة 1340 : الوصية التمليكية لها أركان ثلاثة : الموصي ،
( 417 )
والموصى به ، و الموصى له ، و أما الوصية العهدية فيكون قوامها بأمرين : الموصي ، و الموصى به ، نعم إذا عين الموصي شخصاً لتنفيذها كانت أطرافها ثلاثة بإضافة الموصى إليه و هو الذي يطلق عليه الوصي ، و إذا كان الموصى به أمراً متعلقاً بالغير كتمليك مال لزيد مثلاً كانت أطرافها أربعة بإضافة الموصى له .
مسألة 1341 : إذا لم يعين الموصي في الوصية العهدية وصياً لتنفيذها ، تولى الحاكم أمرها أو عين من يتولاه ، و لو لم يكن الحاكم ولا منصوبه تولاه بعض عدول المؤمنين .
مسألة 1342 : الوصية العهدية لا تحتاج إلى القبول ، نعم إذا كان الموصى به أمراً متعلقاً بالغير فربما احتاج إلى قبوله ، كما أنه إذا عين وصياً لتنفيذها فلابد من عدم ردها من قبله ـ كما سيأتي ـ و لكن هذا معتبر في وصايته لا في أصل الوصية .
وأما الوصية التمليكية فإن كانت تمليكاً لعنوان عام كالوصية للفقراء و السادة و الطلبة فهي كالعهدية لا يعتبر فيها القبول و إن كانت تمليكاً للشخص فالأظهر أنه يعتبر فيها القبول من الموصى له و القول بعدم اعتباره و كفاية عدم الرد ضعيف .
مسألة 1343 : يكفي في القبول كل ما دل على الرضا قولاً أو فعلاً ، كأخذ الموصى به بقصد القبول .
مسألة 1344 : لا فرق في القبول بين وقوعه في حياة الموصي أو بعد موته ، كما أنه لا فرق في الواقع بعد الموت بين أن يكون متصلاً به أو متأخراً عنه مدة .
مسألة 1345 : الظاهر أن رد الموصى له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها إذا كان الرد بعد الموت و لم يسبق بقبوله ، أما إذا سبقه القبول بعد
( 418 )
الموت أو في حال الحياة فلا أثر له و كذا الرد حال الحياة .
مسألة 1346 : لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما و رد الآخر صحت فيما قبل و بطلت فيما رد إلا إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع ، و كذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه و رد في البعض الآخر .
مسألة 1347 : لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الرد و القبول ، و ليس لهم إجباره على الاختيار معجلاً إلا إذا كان تأخيره موجباً للضرر عليهم فيجبره الحاكم حينئذٍ على اختيار أحدهما .
مسألة 1348 : لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه رد أو قبول قام ورثته مقامه في الرد و القبول ، فيملكون الموصى به بقبولهم كمورثهم لو لم يرجع الموصى عن وصيته قبل موته .
مسألة 1349 : إذا قبل بعض الورثة و رد بعضهم صحت الوصية فيمن قبل و بطلت فيمن رد بالنسبة إلا إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع فتبطل مطلقاً .
مسألة 1350 : الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من الموصي ابتداءً لا أنه ينتقل إلى الموصى له أولاً ثم إلى وارثه و إن كانت القسمة بين الورثة في صورة التعدد على حسب قسمة المواريث ، فعلى هذا لا يخرج من الموصى به ديون الموصى له و لا تنفذ فيه وصاياه .
مسألة 1351 : المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي .
مسألة 1352 : إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً ففي انتقال الموصى به إلى ورثته أيضاً إشكال ، و الانتقال أظهر .
مسألة 1353 : إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلا
( 419 )
فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه ؟ الظاهر ذلك .
مسألة 1354 : يشترط في الموصي أمور :
الأول : البلوغ فلا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشراً فإنه تصح وصيته في المبرات و الخيرات العامة و كذا لأرحامه و أقربائه ، و أما الغرباء ففي نفوذ وصيته لهم إشكال ، و كذا في نفوذ وصية البالغ سبع سنين في الشيء اليسير فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما .
الثاني : العقل ، فلا تصح وصية المجنون و المغمى عليه و السكران حال جنونه و إغمائه و سكره ، و إذا أوصى حال عقله ثم جن أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل وصيته .
الثالث : الرشد ، فلا تصح وصية السفيه في أمواله و تصح في غيرها كتجهيزه و نحوه .
الرابع : الاختيار ، فلا تصح وصية المكره .
الخامس : الحرية ، على تفصيل مذكور في محله .
السادس : أن لا يكون قاتل نفسه ، فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله ، أما إذا كانت في غيره من تجهيز و نحوه صحت ، و كذا تصح الوصية في ماله و غيره إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأً أو سهواً أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر ، أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله ، و كذا إذا عوفي ثم أوصى ، بل الظاهر الصحة أيضاً إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات .
مسألة 1355 : إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت وصيته و إن كان حين الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها .
( 420 )
مسألة 1356 : تصح الوصية من كل من الأب و الجد بالولاية على الطفل مع فقد الآخر و لا تصح مع وجوده .
مسألة 1357 : لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته ، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره .
مسألة 1358 : لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال و لكنه جعل أمره إلى غير الأب و الجد و غير الحاكم لم يصح هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب و الجد مع وجود أحدهما و للحاكم مع فقدهما ، نعم لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغ فيملكه إياه صح ، و كذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليه من دون أن يملكه إياه بشرط عدم منافاته لحقي الحضانة و الولاية .
مسألة 1359 : يجوز أن يجعل الأب و الجد الولاية و القيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره و تصويبه كما يأتي في الوصية بالمال .
مسألة 1360 : إذا قال الموصي لشخص : أنت ولي و قيم على أولادي القاصرين و أولاد ولدي و لم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشؤون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم و تربيتهم و حفظ أموالهم و الإنفاق عليهم و استيفاء ديونهم و وفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو حقوق شرعية واجبة كالخمس أو مستحبة كالزكاة في بعض الموارد ، و غير ذلك من الجهات ، نعم في ولايته على تزويجهم كلام سيأتي إن شاء الله .
مسألة 1361 : إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن دون غيره من الجهات و كان المرجع في الجهات الأخرى الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله .
( 421 )
مسألة 1362 : ينفق الولي و القيم على الصبي من غير إسراف و لا تقتير ، فيطعمه و يلبسه عادة أمثاله و نظرائه ، فإن أسرف ضمن الزيادة ، و لو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادعى عليه الإسراف فالقول قول القيم بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر ، و كذا لو ادعى عليه أنه باع ماله من غير حاجة و لا غبطة ، نعم لو اختلفا في دفع ماله إليه بعد البلوغ فادعاه القيم و أنكره الصبي قدم قول الصبي بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر .
مسألة 1363 : يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ من ماله أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة و كان فقيراً أما إذا كان غنياً ففيه إشكال و الأحوط الترك .