الفصل الثامن
النقد و النسيئة
مسألة 201 : من باع و لم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالاً فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد ، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري و ليس له الامتناع من أخذه .
مسألة 202 : إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل و إن طالبه به البائع و لكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً .
مسألة 203 : يجب أن يكون الأجل معيناً لا يتردد فيه بين الزيادة و النقصان ، فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد .
مسألة 204 : لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب مثل أول الحمل أو الميزان فالظاهر البطلان ، نعم لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال و النقصان فالظاهر الصحة .
مسألة 205 : إذا عين ـ عند المقاولة ـ لبضاعته ثمناً نقداً و آخر مؤجلاً بأزيد منه فابتاعها المشتري بأحدهما المعين صح ، و أما لو باعها بثمن نقداً و بأكثر منه مؤجلاً بإيجاب واحد ـ بأن قال : بعتك الفرس بعشرة نقداً و بعشرين إلى سنة ـ فقبل المشتري فالمشهور البطلان ، و قيل بالصحة بأقل الثمنين مؤجلاً و لا يخلو عن وجه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، و أما لو باع بثمن إلى أجل و بأزيد منه إلى آخر فالأظهر البطلان .
مسألة 206 : لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقداراً ليؤخره إلى أجل و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل
( 69 )
ليزيد في الأجل ، و يجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء بل على وجه المعاوضة أيضاً ما لم يستلزم الربا .
مسألة 207 : يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يكال و يوزن و أما فيهما فلا يجوز لأنه ربا ، و لا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل .
مسألة 208 : إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه ، حالاً كان البيع الثاني أو مؤجلاً ، نعم إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه نقداً بعد شرائه بأقل مما اشتراه به نسيئة أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه نسيئة بأكثر مما اشتراه منه نقداً فإن الأظهر فيه البطلان .

إلحاق
في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية

التعامل بين البائع و المشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة و أخرى لا يكون كذلك ، و الثاني يسمى مساومة و هذا هو الغالب المتعارف ، و الأول تارة يكون بزيادة على رأس المال و أخرى بنقيصة عنه و ثالثة بلا زيادة و لا نقيصة ، و الأول يسمى مرابحة و الثاني مواضعة ، و الثالث يسمى تولية .
مسألة 209 : لابد في جميع الأقسام المذكورة غير المساومة من ذكر الثمن تفصيلاً فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها و زيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة و لا نقيصة لم يصح حتى يقول : بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به و هو مائة درهم بزيادة درهم مثلاً أو نقيصته أو بلا زيادة و لا
( 70 )
نقيصة .
مسألة 210 : إذا قال البائع : بعتك هذه السلعة بمائة درهم و ربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مائة و عشرة دراهم صح البيع و إن لم يعرف المشتري ذلك حال البيع لم يصح و إن كان يعرفه بعد الحساب ، و كذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال : بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة ، فإن المشتري إذا عرف أن الثمن تسعون صح البيع و إن لم يعرف ذلك بطل البيع و إن كان يعرفه بعد الحساب .
مسألة 211 : إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل فإن أخفى تخير المشتري بين الرد و الإمساك بالثمن مؤجلاً بذلك الأجل .
مسألة 212 : إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحة بالتقويم إلا بعد الإعلام .
مسألة 213 : إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة و باع بربح عشرة و كان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و إمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد و هو مائة و عشرة .
مسألة 214 : إذا اشترى سلعة بثمن معين مثل مائة درهم و لم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها و جاز له الإخبار بذلك ، أما إذا عمل في السلعة عملاً فإن كان بأجرة جاز ضم الأجرة إلى رأس المال فإذا كانت الأجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة و عشرة و ربح كذا .
مسألة 215 : إن باشر العمل بنفسه و كانت له أجرة لم يجز له أن يضم الأجرة إلى رأس المال بل يقول رأس المال مائة و عملي يساوي كذا و بعتكها بما ذكر و ربح كذا .

( 71 )

مسألة 216 : إذا اشترى معيباً فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش ، و لو أسقط البائع بعض الثمن تفضلاً منه أو مجازاة على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد .

( 72 )

الفصل التاسع
في الربا

وهو قسمان :
الأول : ما يكون في المعاملة .
الثاني : ما يكون في القرض و يأتي حكمه في كتاب الدين والقرض إن شاء الله تعالى .
أما الأول : فهو كبيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة و عشرين منها ، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة و دينار ، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة ، و هو حرام ، و هل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات ؟ قولان ، و الأظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين ، سواء كانت بعنوان البيع أو المبادلة أو الصلح مثل أن يقول : صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي ، أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول : صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة واهب لك هذه الخمسة ، أو يقول : أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك عليّ و نحوهما فالظاهر الصحة .
مسألة 217 : يشترط في تحقق الربا في المعاملة النقدية أمران :
الأول : اتحاد الجنس و الذات عرفا و إن اختلفت الصفات ، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة و خمسين كيلو من الرديئة و لا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الردئ كالحويزاوي ، أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مائة و خمسين كيلو من
( 73 )
الحنطة بمائة كيلو من الأرز .
الثاني : أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون ، فإن كانا مما يباع بالعد مثلاً كالبيض و الجوز في بعض البلاد فلا بأس ، فيجوز بيع بيضة ببيضتين و جوزة بجوزتين في تلك البلاد ، و أما إذا كانت المعاملة نسيئة ففي اشتراط تحقق الربا فيها بالشرطين المذكورين نظر ، فيشكل صحة المعاملة في موردين :
1 ـ أن يكون العوضان من المكيل أو الموزون مع الاختلاف في الجنس كبيع مائة كيلو من الأرز بمائة كيلو من الحنطة إلى شهر .
2 ـ أن يكون العوضان من المعدود و نحوه مع اتحادهما في الجنس و كون الزيادة عينية كبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة إلى شهر .
مسألة 218 : المعاملة الربوية باطلة إذا صدرت من العالم بحرمة الربا تكليفياً ، و أما إذا صدرت من الجاهل بها سواء أ كان جهله بالحكم أو بالموضوع ثم علم بالحال فتاب فلا يبعد حلية ما أخذه حال الجهل ، و الظاهر أن الحلية حينئذ من جهة صحة المعاملة لا الحلية التعبدية لتختص به دون الطرف الآخر إذا كان عالماً بالحرمة .
مسألة 219 : الحنطة و الشعير في الربا جنس واحد فلا يباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير و إن كانا في باب الزكاة جنسين ، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب ، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة و نصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة .
مسألة 220 : ذكر بعضهم أن العلس نوع من الحنطة و السلت نوع من الشعير فإن ثبت ذلك لحقهما حكمهما و إلا فلا .
مسألة 221 : اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر نقداً و كذا الحكم في
( 74 )
لبن الغنم و لبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل نقداً .
مسألة 222 : التمر بأنواعه جنس واحد و الحبوب كل واحد منها جنس ، فالحنطة و الأرز و الماش و الذرة و العدس و غيرها كل واحد جنس ، و الفلزات من الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص و غيرها كل واحد منها جنس برأسه .
مسألة 223 : الضأن و المعز جنس واحد و البقر و الجاموس جنس واحد و الإبل العراب و البخاتي جنس واحد ، و الطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره ، فالعصفور غير الحمام و كل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة و الحمام المتعارف جنسان ، و السمك أجناس مختلفة بحسب اختلاف أصنافه في الاسم .
مسألة 224 : الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما نقداً ، و كذا الحمار الأهلي و الوحشي ، و الغنم الأهلي و الوحشي .
مسألة 225 : المشهور أن كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد و كذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة و الدقيق و الخبز ، و كالحليب و اللبن و الجبن ، و كالبسر و الرطب و التمر و الدبس ، و لكن الكلية المذكورة محل إشكال في بعض مواردها كاتحاد الحليب و الزبد ، و الخل و التمر ، و السمسم و دهنه ، و نظائر ذلك .
مسألة 226 : إذا كان الشيء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون و الثياب المنسوجة منه التي ليست منه فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل ، و كذلك القطن و الكتان و الثياب المنسوجة منهما .
مسألة 227 : إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال أخرى
( 75 )
ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الأولى و جاز في الحال الثانية .
مسألة 228 : الأحوط عدم بيع لحوم حيوان بحيوان حي من جنسه كبيع لحم الغنم بالغنم بل و لا بغير جنسه أيضاً كبيع لحم الغنم بالبقر .
مسألة 229 : إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالرطب يصير تمراً و العنب يصير زبيباً و الخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه نقداً جافاً بجاف منه و رطباً برطب منه متماثلاً و لا يجوز متفاضلاً ، و أما بيع الرطب منه بالجاف متماثلاً ففيه إشكال و الأظهر جوازه نقداً على كراهة و لا يجوز بيعه متفاضلاً حتى بمقدار الرطوبة بحيث إذا جف يساوي الجاف .
مسألة 230 : إذا كان الشيء يباع بالعد مثلاً في بلد و مكيلاً أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه سواء أ كان مكيلاً أو موزوناً في غالب البلاد أم لا ، فلا يجوز بيعه متفاضلاً في بلد يباع فيه بالكيل أو الوزن و يجوز ذلك نقداً في بلد يباع فيه بالعد . و أما إذا كان الشيء يباع بكل من الوزن و العد مثلاً في بلد واحد فالأحوط عدم التفاضل فيه و إن بيع بالعدّ نقداً .
مسألة 231 : يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة و منديلاً بمائتي كيلو من الحنطة إذا قصدا كون المنديل بإزاء المقدار الزائد و كانت المعاملة نقدية ، و كذا يتخلص منه بضم غير الجنس إلى كل من الطرفين و لو مع التفاضل فيهما كما لو باع منديلين و مائتي كيلو من الحنطة بمنديل و مائة كيلو منها و تصح المعاملة مطلقاً إذا قصدا كون المنديل في كل طرف بإزاء الحنطة في الطرف الآخر و كذا تصح نقداً إذا قصدا كون المنديل من الطرف الناقص بإزاء المنديلين و المقدار الزائد من الحنطة في الطرف الآخر .
مسألة 232 : لا ربا بين الوالد و ولده و لا بين الرجل و زوجته فيجوز
( 76 )
لكل منهما أخذ الزيادة من الآخر ، و كذا لا ربا بين المسلم و الحربي إذا أخذ المسلم الزيادة. و أما الذمي فتحرم المعاملة الربوية معه على الأظهر و لكن يجوز للمسلم أخذ الزيادة منه بعد وقوع المعاملة إذا كان إعطاؤها جائزاً في شريعته ، و لا فرق فيما ذكر بين ربا البيع و ربا القرض .
مسألة 233 : لا فرق في الولد بين الذكر و الأنثى و الخنثى و لا بين الصغير و الكبير و لا بين الصلبي و ولد الولد ، كما لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المتمتع بها ، و ليست الأم كالأب فلا يصح الربا بينها و بين الولد .
مسألة 234 : الأوراق النقدية بما أنها من المعدود لا يجري فيها الربا ، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلاً مع اختلافها جنساً نقداً أو نسيئة فيجوز بيع خمسة دنانير كويتية بعشرة دنانير عراقية مطلقاً ، و أما مع الاتحاد في الجنس فيجوز التفاضل في البيع بها نقداً ، و أما نسيئة فلا يخلو عن إشكال ، و لا بأس بتنزيل الأوراق المالية نقداً بمعنى أن المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز خصمها في المصارف و غيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالا و يكون الثمن نقداً .
مسألة 235 : ما يتعارف في زماننا من إعطاء شخص للآخر سنداً بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون مديناً له به فيأخذه الثاني فينزله عند شخص ثالث بأقل منه الظاهر عدم جوازه، نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك و التصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي ، و قد ذكرنا تفصيل ذلك في رسالة ( مستحدثات المسائل ، المسألة 28 ) .

( 77 )

الفصل العاشر
بيع الصرف

وهو بيع الذهب أو الفضة ، بالذهب أو الفضة و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره .
مسألة 236 : لا يجوز بيع الذهب بالذهب و الفضة بالفضة مع الزيادة .
مسألة 237 : لا بأس ببيع الذهب بالفضة و بالعكس نقداً و لا يعتبر تساويهما في الوزن و أما بيع أحدهما بالآخر نسيئة فلا يجوز مطلقاً على الأظهر .
مسألة 238 : يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق ، فلو لم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع و لو تقابضا في بعض المبيع صح فيه و بطل في غيره .
مسألة 239 : لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة و لم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد و بطل في النقد .
مسألة 240 : لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل الافتراق صح البيع .
مسألة 241 : لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالبيع .
مسألة 242 : لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي و النوط الهندي و التومان الإيراني و الدولار و الباون و نحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض و إن لم
( 78 )
يتحقق التقابض قبل الافتراق كما أنه لا زكاة فيها .
مسألة 243 : إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق صح البيع و لا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته .
مسألة 244 : لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد و قبضه من عمرو و وكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال ، بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد و يعينه في مصداق بعينه قبل التفرق .
مسألة 245 : إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول و إذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول أيضاً .
مسألة 246 : إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك و تحول ما في الذمة إلى دنانير و إن لم يتقابضا ، و كذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم و قبل المديون فإنه يصح و تتحول الدنانير إلى دراهم ، و كذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر .
مسألة 247 : لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه و لو كان للمبيع أو الثمن منفعة قبل القبض كانت لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه .
مسألة 248 : الدراهم و الدنانير المغشوشة إن كان رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها سواء أ كان غشها مجهولاً أم معلوماً و سواء أ كان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً ، و إن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها إلا بعد إظهار حالها .

( 79 )
مسألة 249 : يجوز صرف المسكوكات من النحاس و أمثاله إلى أبعاضها و لو مع التفاضل بين الأصل و أبعاضه كما هو الغالب ، نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية و الفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلا مع الضميمة .
مسألة 250 : يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب و الفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلك و كانت له قيمة في حال كونه غشاً و لا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية ، فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل مطلقاً إذا قصدا كون الغش في كل طرف بإزاء الخالص في الطرف الآخر ، و إذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل فيما إذا كانت المعاملة نقدية و كانت الزيادة في طرف الخالص و قصدا كونها بإزاء الغش في الطرف الآخر و لا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش مطلقاً .
مسألة 251 : الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من الذهب المحلى به و قصدا كون الزائد بإزاء نفس الآلة و كانت المعاملة نقدية ـ كما مر ـ و إلا لم يجز ، نعم لو بيع السيف بالسيف و كان كل منهما محلى جاز البيع و إن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر ، و يصح مطلقاً إذا قصدا كون الحلية في كل طرف بإزاء السيف في الطرف الآخر و يصح نقداً خاصة إذا قصدا كون السيف و الزيادة في الطرف الزائد بإزاء السيف في الطرف الآخر .
مسألة 252 : الكلبتون المصنوع من الإبريسم و الفضة يجوز بيعه نقداً ـ كما مر ـ بالفضة إذا كانت أكثر من الفضة الموجودة فيه وزناً، و المصنوع من الإبريسم و الذهب يجوز بيعه كذلك بالذهب إذا كان أكثر من الذهب الموجود فيه وزنا .

( 80 )
مسألة 253 : إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل التفرق فوجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع و ليس له المطالبة بالإبدال ، و لو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه و صح في الباقي و له حينئذ رد الكل لتبعض الصفقة ، و إن وجدها فضة معيبة فإن كان العوض من جنسها كان له الرد و لم يكن له أخذ الأرش و لو مع عدم التمكن من الرد على الأحوط ، و إن كان العوض من غير جنسها كان بالخيار بين الرد و بين المطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد و لا فرق في ذلك بين كون أخذ الأرش قبل التفرق و بعده .
مسألة 254 : إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب و بعد القبض وجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما ، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع و إن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع و لا يكفي الإبدال في صحته ، و إذا وجدها فضة معيبة كالمغشوشة و مضطربة السكة فالأقوى أن المشتري مخير بين رد المقبوض و إبداله و بين الرضا به من دون أرش و ليس له فسخ العقد من أصله ، و لا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع و غيره و لا بين كون ظهور العيب قبل التفرق و بعده .
مسألة 255 : لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة ، بل أما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة على ما تقدم ليتخلص من الربا .
مسألة 256 : لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية و أخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالربيات فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان ، فإذا كان الدين
( 81 )
خمس ليرات و أخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات و في الثاني عشراً ، و في الثالث عشراً و كان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية ، و في الثاني اثنتي عشرة روبية ، و في الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول و خمسة أسداسها في الثاني و ليرة تامة في الثالث ، و إن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد و بقي دين زيد عليه ، و في جواز احتساب أحدهما دينه وفاءاً عن الآخر إشكال ، و الأظهر الجواز ، و تجوز المصالحة بينهما على إيراء كل منهما صاحبه مما له عليه .
مسألة 257 : من اشتغلت ذمته لآخر بنقد معين من الذهب أو الفضة كأن اقترض منه ألف دينار مثلاً أو أصدق زوجته مهراً كذلك أو جعله ثمناً في البيع مؤجلاً أو حالاً فتغير سعره لزمه النقد المعين و لا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة .
مسألة 258 : لا يجوز أن يبيع مثقالاً من فضة خالصة بمثقال من فضة مغشوشة بغش غير متمول بشرط أن يصوغ له خاتماً مثلاً ، و يجوز ذلك في المعاملة النقدية إذا كان الغش متمولاً و قصدا كون الزيادة في طرف الخالص بإزاء الغش و صياغة الخاتم في الطرف الآخر ، كما يجوز أن يقول له صغ لي هذا خاتماً و أبيعك مثقالاً من فضة خالصة بمثقال من فضة مغشوشة بغش غير متمول على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم لا بأن تكون الصياغة شرطاً في البيع ، و يجوز أيضاً أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ .
مسألة 259 : لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلساً صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة ـ بحسب سعر الوقت ـ حتى يعلما المقدار المستثنى من الليرة .
مسألة 260 : المصوغ من الذهب و الفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما
( 82 )
بلا زيادة ، بل إما أن يباع نقداً بأحدهما مع الزيادة أو بهما معاً ـ على ما تقدم ـ أو يباع بجنس آخر غيرهما .
مسألة 261 : ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة و يجتمع فيه عند الصائغ إذا أحرز عدم مطالبة المالك به و إعراضه عنه ـ و لو بلحاظ جريان العادة على ذلك ـ جاز للصائغ تملكه ، و إلا لزم أن يتصدق به أو بثمنه عن مالكه مع الجهل به و الاستئذان منه مع معرفته ، و يطرد التفصيل المذكور في الخياطين و النجارين و الحدادين و نحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب و الخشب و الحديد فإنه إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء لم يضمنوا شيئاً بسبب ذلك سواء أ كانت لتلك الأجزاء مالية عند العرف أم لا ، و لكن يجري فيها التفصيل المتقدم .

( 83 )

الفصل الحادي عشر
في السلف

ويقال له السلم أيضاً ، و هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال ، عكس النسيئة ، و يقال للمشتري المسلّم ( بكسر اللام ) و للبائع المسلّم إليه و للثمن المسلّم و للمبيع المسلّم فيه ( بفتح اللام ) في الجميع .
مسألة 262 : يصح في السلف صدور الإيجاب من كل واحد من البائع و المشتري و صدور القبول من الآخر ، فالإيجاب من البائع بلفظ البيع و أشباهه بأن يقول مثلاً ( بعتك طناً من الحنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا ) فيقول المشتري ( قبلت ) أو ( اشتريت ) ، و أما الإيجاب من المشتري فهو بلفظ ( أسلمت ) أو ( أسلفت ) بأن يقول أسلمت إليك أو أسلفتك مائة دينار مثلاً في طن من الحنطة بصفة كذا إلى أجل كذا فيقول المسلّم إليه ـ و هو البائع ـ ( قبلت ) .
مسألة 263 : يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير الذهب و الفضة ـ على تفصيل يأتي في المسألة التالية ـ كما يجوز أن يكون أحدهما من الذهب أو الفضة و الآخر من غيرهما ثمناً كان أو مثمناً و لا يجوز أن يكون كل من الثمن و المثمن من الذهب أو الفضة أو أحدهما من الذهب و الآخر من الفضة .
مسألة 264 : يشترط في السلف أمور :
الأول : أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة و الرداءة و الطعم و الريح و اللون و غيرها ، و لا يلزم التدقيق و الاستقصاء بل يكفي التعيين بنحو يكون المبيع مضبوطاً عرفاً ، فيصح السلف
( 84 )
في الحيوان و الخضر و الفواكه و الحبوب و الجوز و الجوز والبيض و الملابس و الأشربة و الأدوية و آلات السلاح و آلات النجارة و النساجة و الخياطة و غيرها من الأعمال و غير ذلك ، و لا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كغالب أنواع الجواهر و اللآلي و البساتين و غيرها مما لا ترتفع الجهالة فيها إلا بالمشاهدة .
الثاني : قبض الثمن قبل التفرق ، و لو قبض البعض صح فيه و بطل في الباقي ، و لو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالاً ، أو حل قبل افتراقها و إلا لم يصح .
الثالث : تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره ، و المتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز بيعه سلفاً و لكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء كبعض أقسام الجوز و البيض .
الرابع : تعيين أجل مضبوط للمسلّم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها ، و لو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع ، و يجوز فيه أن يكون قليلاً كيوم و نحوه و أن يكون كثيراً كعشرين سنة .
الخامس : تعيين مكان تسليم المسلّم فيه مضبوطاً على الأحوط ، إذا لم يكن له تعين عندهما و لو لانصراف و نحوه كما سيأتي .
السادس : إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول و في البلد الذي شرط التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك سواء أكان عام الوجود أم نادره ، فلو لم يمكن ذلك و لو تسبيباً لعجزه عنه و لو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الأجل بطل .
السابع : أن لا يلزم منه الربا ، فإذا كان المبيع سلفاً من المكيل أو الموزون لم يجز أن يجعل ثمنه من جنسه بل و لا من غير جنسه من المكيل و الموزون على الأحوط ، و إذا كان من المعدود لم يجز على الأحوط جعل ثمنه من جنسه بزيادة عينية .

( 85 )
مسألة 265 : إطلاق العقد يقتضي تسليم المسلّم فيه في بلد العقد إلا أن تقوم قرينة على خلافه ، و حينئذ أن اقتضت تعيين غيره يؤخذ به و إلا فالأحوط لزوماً ـ كما مر ـ تعيين مكان التسليم .
مسألة 266 : إذا جعل الأجل شهراً حمل على ما ينصرف إليه إطلاقه في عرف المتبايعين من الشهر الهلالي أو الشهر الشمسي ـ على اختلاف أنواعه ـ فإن وقع البيع في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر و إن كان في أثناء الشهر ففي كون المراد به ثلاثين يوماً أو مجموع ما بقي من الشهر الأول مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول وجهان ، لا يخلو أولهما عن وجه و إن كان الأحوط هو التعيين من الأول و مع عدمه فالأحوط التصالح بلحاظ أصل البيع .
و أن جعل الأجل شهرين أو عدة شهور و وقع البيع في أثناء الشهر جعل الشهر الثاني و ما بعده هلالياً أو شمسياً ـ كما مر ـ و يجري الوجهان المتقدمان في الشهر الأول .
مسألة 267 : إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة و حل بأول جزء من ليلة الهلال ، و إذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة و حل بأول جزء من نهار اليوم المذكور .
مسألة 268 : إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بائعه قبل حلول الأجل نقداً و كذا بعده نقداً و نسيئة بجنس الثمن ـ بشرط عدم الزيادة على الأحوط ـ أو بجنس آخر ما لم يستلزم الربا على التقديرين ، و لا يجوز بيعه من غير البائع قبل حلول الأجل و يجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي ما لم يستلزم الربا. هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما ـ ما عدا الثمار ـ فلا يجوز بيعهما لغير البائع قبل القبض مرابحة مطلقاً كما تقدم في المسألة 200 .

( 86 )
مسألة 269 : إذا دفع البائع المسلّم فيه دون الصفة لم يجب على المشتري القبول ، و لو رضى بذلك صح ، و كذلك إذا دفع أقل من المقدار ، و تبرأ ذمة البائع إذا أبرأه المشتري من الباقي ، و إذا دفعه على الصفة و المقدار وجب عليه القبول ، و إذا دفع فوق الصفة فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً ، و إن كان راجعاً إلى استثناء ما دونها و ما فوقها لم يجب القبول ، و لو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول .
مسألة 270 : إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلّم فيه تخير المشتري بين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر و بين الفسخ و الرجوع بالثمن أو بدله بلا زيادة و لا نقصان ، و لا يجوز له بيعه من البائع بأكثر مما اشتراه على الأحوط ، و لو تمكن من دفع بعضه و عجز عن الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه و الانتظار ، و في جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال ، و الأظهر الجواز ، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل .
مسألة 271 : لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي عين للتسليم فيه فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز ، و إلا فإن أمكن و تعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله ، و إلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ و الانتظار .

( 87 )

الفصل الثاني عشر
بيع الثمار و الخضر و الزرع

مسألة 272 : لا يجوز بيع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة و يجوز بيعها عامين فما زاد و عاماً واحداً مع الضميمة على الأقوى ، و أما بعد ظهورها فإن استبان حالها و أن بها آفة أم لا بحيث أمكن تعين مقدارها بالخرص أو كان البيع في عامين فما زاد أو مع الضميمة أو كان المبيع نفس ما هو خارج منها فعلاً ـ بشرط أن تكون له مالية معتد بها ـ و إن لم يشترط على المشتري أن يقتطفها في الحال جاز بيعها و أما مع انتفاء هذه الأربعة فجواز البيع محل إشكال .
مسألة 273 : يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل استبانة حاله أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً و يعتبر كونها مملوكة لمالك الثمر، و كون الثمن لها و للمنضم إليه على الإشاعة. و لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة. نعم يشترط فيها ـ على الأحوط لزوماً ـ أن تكون بحيث يتحفظ معها على رأس مال المشتري إن لم تخرج الثمرة .
مسألة 274 : يكفي في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان على الشرط المتقدم .
مسألة 275 : لو بيعت الثمرة قبل استبانة حالها مع أصولها جاز بلا إشكال .
مسألة 276 : إذا ظهر بعض ثمر البستان و استبان حاله جاز للشرط المتقدم بيع المتجدد في تلك السنة معه و إن لم يظهر ، اتحد الجنس أم
( 88 )
اختلف ، اتحد البستان أم تكثر ، على الأقوى .
مسألة 277 : إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال ، أظهره الجريان .
مسألة 278 : إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع أصولها على شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة ، و له الخيار في الفسخ مع الجهل .
مسألة 279 : لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة ، و كذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته .
مسألة 280 : إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد و كانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض ، و تقدم أيضاً إلحاق السرقة و نحوها بالتلف و حكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي .
مسألة 281 : يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها و أن يستثنى حصة مشاعة كالربع و الخمس و أن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى و المستثنى منه على النسبة ، ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة و أما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلاً فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة ، فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث و إن كان الربع يسقط الربع و هكذا .
مسألة 282 : يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في أصولها بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام و بالمنافع و الأعمال و غيرها ، كغيره من أفراد البيع .

( 89 )
مسألة 283 : لا تجوز المزابنة و هي بيع ثمرة النخل ـ تمراً كانت أو رطباً أو بسراً أو غيرها ـ بالتمر دون الرطب و البسر أو غيرهما ، سواء من ثمره أم من ثمر غيره ، في الذمة أم معيناً في الخارج ، و يستثنى من ذلك بيع العرية كما سيأتي .
مسألة 284 : لا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً ، و أما بيعه بغير ثمره فلا بأس به .
مسألة 285 : يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو ، سواء أ باعه قبل قبضه أم بعده .
مسألة 286 : لا يجوز بيع الزرع بذراً قبل ظهوره على الأحوط وجوباً ، و يجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه ، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعنى بيع المقدار الظاهر مع أصوله الثابتة فإن شاء المشتري قصله و إن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء ـ أو ما بحكمه من اقتضاء التعارف ذلك ـ أو بإذن من صاحب الأرض ، فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل و عليه أجرة الأرض إذا لم يشترط الإبقاء مجاناً ، و إن قصله قبل أن يسنبل فنمت الأصول الثابتة في الأرض حتى سنبلت كان له أيضاً و لا تجب عليه أجرة الأرض إلا إذا كان قد اشترط عليه إزالة الأصول فلم يفعل .
مسألة 287 : يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلاً إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يصير قصيلاً أو قبل ذلك ، فإن قطعه و نمت الأصول حتى صارت سنبلاً كان السنبل للبائع و إن لم يقطعه كان لصاحب الأرض فسخ البيع كما أن له إلزامه بقطعه فإن لم يمكن جاز له قطعه و الأحوط أن يكون بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي مع الإمكان ، و له إبقاؤه و المطالبة بالأجرة فلو أبقاه فنما حتى سنبل ففي كون السنبل للمشتري و عليه أجرة الأرض أو مشتركاً بينه و بين البائع وجهان ، و الأحوط التصالح . و كذا
( 90 )
الحال لو اشترى نخلاً بشرط القلع فلم يقلعه حتى أثمر .
مسألة 288 : يجوز بيع الزرع محصوداً و لا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن ، بل تكفي فيه المشاهدة .
مسألة 289 : لا تجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة بالحنطة و لو من غيره ، كما لا يجوز بيع سنبل غير الحنطة من الحبوب بحب منه و الأحوط استحباباً عدم بيع سنبل الشعير بالشعير من غيره .
مسألة 290 : الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط وجوباً ، و يجوز بعد ظهورها لقطة واحدة أو لقطات معلومة ، و المرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع .
مسألة 291 : إنما يجوز بيع الخضر كالخيار و البطيخ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته من خلال الأوراق و لا يضر عدم مشاهدة بعضها المستورة كما لا يضر عدم تنامي عظمها كلاً أو بعضاً .
مسألة 292 : لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم و الجزر و نحوهما فالظاهر جواز بيعها أيضاً .
مسألة 293 : إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها بعد ظهورها جزة و جزات و لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط لزوماً ، و المرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق في اللقطة . و كذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء و التوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة و خرطات .
مسألة 294 : إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فإذا خرص حصة صاحبه بمائة كيلو غراماً مثلاً جاز أن يتقبلها بتلك المائة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها .

( 91 )
مسألة 295 : الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر و كون المقدار المتقبل به منها و في الذمة ، نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه ، و الظاهر أن هذه المعاملة خاصة برأسها ، نعم فيما إذا كان المقدار المتقبل في الذمة فالظاهر أن مرجعها إلى الصلح على نقل حصة الشريك ـ بعد تعيينها في كمية خاصة ـ إلى ذمة المتقبل ، و يكفي فيها كل لفظ دال على المقصود بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود .
مسألة 296 : إذا مر الإنسان بشيء من النخل أو الشجر أو الزرع جاز له أن يأكل ـ و لو من غير ضرورة ـ من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها .
مسألة 297 : الظاهر جواز الأكل للمار و إن كان قاصداً له من أول الأمر ، و لا يجوز له أن يحمل معه شيئاً من الثمر و إذا حمل معه شيئاً حرم ما حمل و لم يحرم ما أكل ، و إذا كان للبستان جدار أو حائط أو ظن كراهة المالك أو كان قاصراً ففي جواز الأكل إشكال و الاجتناب أحوط .
مسألة 298 : لا بأس ببيع العرية و هي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره يشق دخوله إليها فيبيع منه ثمرتها قبل أن تكون تمراً بخرصها تمراً .

( 92 )

الفصل الثالث عشر
في بيع الحيوان

مسألة 299 : يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه و ربعه ، و لا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه و جلده إذا لم يكن في معرض الذبح أو نحوه كأن كان المقصود الإبقاء عليه حياً للركوب أو الحمل أو غيرهما .
مسألة 300 : لو كان الحيوان في معرض الذبح أو نحوه جاز شراء بعض معين منه فأن ذبح يكون للمشتري ما اشتراه و إن لم يذبح لمانع كما إذا كان مريضاً فبرئ فكان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكاً بنسبة الجزء أي بأن ينسب ذلك الجزء على تقدير الذبح إلى قيمة البقية فلهم من الحيوان بتلك النسبة ، و كذا لو باع الحيوان و استثنى الرأس و الجلد مثلاً ، و أما إذا اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم أن يعين حصته ـ بعد ذبح الحيوان ـ في الرأس و الجلد مثلاً فلم يذبح ـ لما مر ـ كان شريكاً فيه بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد .
مسألة 301 : لو قال شخص لآخر : اشتر حيواناً بشركتي صح ، و يثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق و يكون على كل واحد منهما نصف الثمن ، و لو قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها .
مسألة 302 : لو دفع المأمور عن الآمر بالشراء شركة ما عليه من جزء الثمن فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه و إلا كان متبرعاً و ليس له الرجوع عليه به .
مسألة 303 : يجوز في البهائم تفرقة الأم عن الولد ، ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم .

( 93 )

خاتمة
في الإقالة

وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر ، و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة ـ غير النكاح ـ حتى الهبة اللازمة ، و في جريانها في الضمان و الصدقة إشكال ، و تقع بكل لفظ يدل على المراد و إن لم يكن عربياً بل تقع بالفعل كما تقع بالقول ، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً و إقالة و وجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه .
مسألة 304 : لا تجوز الإقالة بزيادة على الثمن أو المثمن أو نقصان عنهما فلو أقال كذلك بطلت و بقي كل من العوضين على ملك مالكه .
مسألة 305 : إذا جعل له مالاً في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له أقلني و لك هذا المال أو أقلني و لك عليّ كذا فالأظهر الصحة .
مسألة 306 : لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح .
مسألة 307 : لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة .
مسألة 308 : في قيام وارث المتعاقدين مقام المورّث في صحة الإقالة إشكال و الظاهر العدم .
مسألة 309 : تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة، و إذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما و الطرف الآخر بالنسبة إلى حصته و لا يشترط رضى الآخر .
مسألة 310 : تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة
( 94 )
فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول فإن كان موجوداً أخذه و إن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثلياً و بقيمته يوم التلف إن كان قيمياً .
مسألة 311 : الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف و تلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف .
مسألة 312 : العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع الإقالة . و الحمد لله رب العالمين .