كتاب الشفعة

( 96 )

( 97 )
وفيه فصول:
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه ـ مع اجتماع الشرائط الآتية ـ حق أن يتملك المبيع بالثمن المجعول له في البيع و يسمى هذا الحق بالشفعة ، و صاحبه بالشفيع .

فصل
في ما تثبت فيه الشفعة

مسألة 313 : تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين و الدور و البساتين بلا إشكال ، و هل تثبت فيما ينقل كالآلات و الثياب و الحيوان و فيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة كالضيقة من الأنهار و الطرق و الآبار ؟ قولان أقواهما الأول حتى في الحيوان و السفينة و النهر و الطريق و الحمام و الرحى ، لكن الأحوط للشريك عدم الأخذ فيها بالشفعة إلا برضا المشتري كما أن الأحوط إجابة الشريك إن أخذ بها .
مسألة 314 : لا تثبت الشفعة بالجوار فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة .
مسألة 315 : إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص و كانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الأخرى سواء أ كانت الداران قبل ذلك مشتركتين و قسمتا أم لم تكونا كذلك .

( 98 )
مسألة 316 : يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق ، فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة للباقين .
مسألة 317 : إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق .
مسألة 318 : إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك .
مسألة 319 : هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الأملاك المفروزة المشتركة في الطريق ؟ وجهان ، و لا يترك مراعاة الاحتياط .
مسألة 320 : ألحق جماعة بالطريق النهر ، و الساقية ، و البئر ، فإذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الأخرى الشفعة في الدار أيضاً، و فيه إشكال بل منع .
مسألة 321 : إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه و ليس له الأخذ في المقسوم .
مسألة 322 : تثبت الشفعة في البيع و يلحق به على الأقرب ما يفيد فائدته ـ كالهبة المعوضة و الصلح بعوض ـ دون غيره كجعل الحصة صداقاً أو فدية للخلع .
مسألة 323 : إذا كانت العين بعضها ملكاً و بعضها وقفاً فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى و إن كان الموقوف عليه واحداً .
مسألة 324 : إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان أقربهما ذلك .

( 99 )
مسألة 325 : يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين ، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة ، و إذا باعوا جميعاً إلا واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع .
مسألة 326 : إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للآخر ، و كذا لو باع حصته من اثنين ـ مثلاً ـ دفعة أو تدريجاً فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع تثبت الشفعة للشريك الآخر ، و حينئذ هل له التبعيض بأن يأخذ الشفعة بالنسبة إلى أحد المشتريين و بترك الآخر أو ليس له ذلك أو يفصّل بين وقوع البيع تدريجاً و وقوعه دفعة فيحق له التبعيض في الأول دون الثاني ؟ وجوه لا يخلو أخيرها من قوة .

( 100 )

فصل
في الشفيع

مسألة 327 : يعتبر في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم و إن اشترى من كافر ، و تثبت للمسلم على الكافر و للكافر على مثله .
مسألة 328 : يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه و إن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلا أن يرضى المشتري بذلك . نعم إذا ادعى غيبة الثمن أمهل ثلاثة أيام فإن لم يحضره بطلت شفعته إلا أن يذكر أن الثمن في بلد آخر فيمهل بمقدار وصول المال إليه مضافاً إلى الأيام الثلاثة ، فإن انتهت المهلة و لم يدفع الثمن فلا شفعة له. و يكفي في الثلاثة أياماً التلفيق نظير ما تقدم في خيار الحيوان ، و مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع .
مسألة 329 : إذا كان الإمهال ثلاثة أيام أو إلى زمان وصول المال من البلد الآخر ـ حيث يدعي وجوده فيه ـ يوجب الضرر المعتد به على المشتري فالظاهر سقوط الشفعة ، و كذا إذا استغرق إحضاره من البلد الآخر وقتاً أزيد من المتعارف .
مسألة 330 : إذا كان الشريك غائباً عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد و علم بالبيع و إن كانت الغيبة طويلة .
مسألة 331 : إذا كان له وكيل في البلد إما في خصوص الأخذ بالشفعة أو فيما هو أعم من ذلك جاز لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه .
مسألة 332 : تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن
( 101 )
في ذمته أو كان له مال تجدد له بعد الحجر ـ و لو بالاستدانة أو قبول الهدية مثلاً ـ أو أذن له الغرماء بدفع الثمن من ماله المحجور عليه .
مسألة 333 : تثبت الشفعة للشريك و إن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً فيأخذ لهم الولي بها ، بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح . نعم إذا كان الولي هو الوصي أو الحاكم ليس له ذلك إلا مع رعاية الغبطة و المصلحة بخلاف الأب و الجد فإنه تكفي فيهما رعاية عدم المفسدة كما هو الحال في سائر التصرفات .
مسألة 334 : إذا أسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة ـ مع رعاية ما تقدم ـ لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و العقل و الرشد ، و كذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب . أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و العقل و الرشد .
مسألة 335 : إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي و المولى عليه فباع الولي سهم المولىّ عليه جاز له أن يأخذ بالشفعة لنفسه على الأقوى .
مسألة 336 : إذا باع الولي سهم نفسه جاز له أن يأخذ بالشفعة للمولى عليه ، و كذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل .

( 102 )

فصل
في الأخذ بالشفعة

مسألة 337 : الأخذ بالشفعة من الإنشائيات المعتبر فيها الإيقاع و يتحقق ذلك بالقول مثل أن يقول : أخذت المبيع الكذائي بثمنه ، و بالفعل مثل أن يدفع الثمن إلى المشتري و يستقل بالمبيع .
مسألة 338 : لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه الآخر بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع .
مسألة 339 : الشفيع يتملك المبيع بإعطاء قدر الثمن إلى المشتري لا بأكثر منه و لا بأقل سواء أ كانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة ، و لا يلزم أن يعطي عين الثمن في فرض التمكن منها بل له أن يعطي مثله إن كان مثلياً .
مسألة 340 : إذا كان الثمن قيمياً ففي ثبوت الشفعة للشريك بأن يأخذ المبيع بقيمة الثمن حين البيع إشكال ، فالأحوط له عدم الأخذ بالشفعة إلا برضى المشتري كما أن الأحوط للمشتري إجابته إذا أخذ بها .
مسألة 341 : إذا غرم المشتري شيئاً من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرع بشيء للبائع من خلعة و نحوها لم يلزم الشفيع تداركه .
مسألة 342 : إذا حط البائع شيئاً من الثمن للمشتري بعد البيع لم يكن للشفيع تنقيصه .
مسألة 343 : الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة و التأخير بلا عذر و لا يسقط إذا كان التأخير عن عذر ـ و لو كان عرفياً ـ كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا ،
( 103 )
أو كون المشتري زيداً فبان عمراً ، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس ، أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس ، أو أن المبيع النصف بمائة فتبين أنه الربع بخمسين ، أو كون الثمن ذهباً فبان فضة ، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه ، و كذا أمثال ذلك من الأعذار .
مسألة 344 : المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة ، فإذا كان مشغولاً بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها .
مسألة 345 : إذا كان مشغولاً بأكل أو شرب لم يجب قطعه و لا يجب عليه الإسراع في المشي .
مسألة 346 : يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفاً ، أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره لمثله ، و قضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع و هو في الحمام و أمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله ، نعم يشكل مثل عيادة المريض و تشييع المؤمن و نحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً للطعن فيه و كذا الاشتغال بالنوافل ابتداءً ، و الأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً .
مسألة 347 : إذا كان غائباً عن بلد البيع و علم بوقوعه و كان يتمكن من الأخذ بالشفعة و لو بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة .
مسألة 348 : لا ينتقل المبيع إلى الشفيع بمجرد قوله : ( أخذت بالشفعة ) مثلاً ، بل لابد من تعقبه بدفع الثمن إلا أن يرضى المشتري بالتأخير ، فإذا قال ذلك و هرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع و بالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري .
مسألة 349 : إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل
( 104 )
جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني و تجزي الإجازة منه في صحته له ، و له الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الأول .
مسألة 350 : إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالأول بطل ما بعده و يصح مع إجازته ، و إن أخذ بالأخير صح ما قبله ، و إن أخذ بالمتوسط صح ما قبله و بطل ما بعده و يصح مع إجازته .
مسألة 351 : إذا تصرف المشتري في المبيع بوقف أو هبة غير معوضة أو بجعله صداقاً أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له .
مسألة 352 : الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط، و يجوز أخذ المال بإزاء إسقاطها و بإزاء عدم الأخذ بها ، لكن على الأول لا يسقط إلا بالإسقاط فإذا لم يسقطه و أخذ بالشفعة صح و لم يستحق المال المبذول ، بل الظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً . و يصح الصلح على سقوطها فيسقط بذلك .
مسألة 353 : الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال إلى غير الشفيع .
مسألة 354 : إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة .
مسألة 355 : المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة ، فإذا أخذ بها و كان جاهلاً به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه .
مسألة 356 : إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت .
مسألة 357 : إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط و جاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري .

( 105 )
مسألة 358 : إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه .
مسألة 359 : إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة و مسامحة المشتري في الإقباض .
مسألة 360 : في انتقال الشفعة إلى الوراث إشكال و على تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون .
مسألة 361 : إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط ، و كذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري إلا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بالمباركة بعد البيع .
مسألة 362 : إذا كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث فعرضها للبيع بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه و التصرف فيه ما لم يعلم كذبه في دعواه ، و هل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد إطلاعه على البيع ؟ إشكال ، و إن كان الجواز أقرب فإذا حضر الغائب و صدق فهو ، و إن أنكر كان القول قوله بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع و كان له عليه الأجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة أو غيرها على تفصيل تقدم في المسألة ( 78 ) ، فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة .
مسألة 363 : إذا كان الثمن مؤجلاً جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجل ، و الظاهر جواز إلزامه بالكفيل ، و يجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالاً إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع .
مسألة 364 : إذا تقايل المتبايعان قبل أخذ الشريك بالشفعة فالمشهور عدم سقوطها بالإقالة ، بل لو أخذ الشفيع بها كشف ذلك عن بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري و نماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها
( 106 )
كذلك ، و لكن لا يبعد سقوطها حينئذ ، و أما لو كان التقايل بعد أخذ الشريك بالشفعة لم يمنع ذلك عن صحة الإقالة فيرجع البائع بعوض المبيع إلى المشتري .
مسألة 365 : إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به لكن البائع إذا فسخ قبل أخذ الشريك بالشفعة يرجع المبيع إليه و لا شفعة و إن فسخ بعده رجع بالمثل أو القيمة ، و هكذا الحكم في سائر الخيارات الثابتة للبائع أو المشتري غير ما يسقط بخروج العين عن ملك المشتري كخيار العيب .
مسألة 366 : إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له و لا أرش ، فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شيء له و إن كان جاهلاً كان له الخيار في الرد و ليس له اختيار الأرش ، و إذا كان المشتري جاهلاً كان له الرد فإن لم يمكن ـ و لو لأخذ الشريك بالشفعة قبل ذلك ـ كان له الأرش ، و أما الشفيع الجاهل بالعيب حين أخذه بالشفعة فيتخير بين الرد إلى المشتري و بين مطالبته بالأرش حتى و إن كان قد أسقطه عن البائع على الأقرب .
مسألة 367 : إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش و عليه دفعه إلى الشفيع ، و إذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش بل له إعلام المشتري بالحال و يتخير بين رد العين المعيبة إليه و بين مطالبته بالأرش .

( 107 )

كتاب الإجارة


( 108 )

( 109 )
وهي المعاوضة على المنفعة عملاً كانت أو غيره ، فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة ، و الثاني مثل إجارة الدار .
وفيه فصول:

فصل في شروطها

مسألة 368 : لابد فيها من الإيجاب و القبول ، فالإيجاب مثل قول الخياط : آجرتك نفسي ، و قول صاحب الدار : آجرتك داري ، و القبول مثل قول المستأجر : قبلت ، و يجوز وقوع الإيجاب من المستأجر ، مثل : استأجرتك لتخيط ثوبي و استأجرت دارك ، فيقول المؤجر : قبلت ، و يكفي في الأخرس الإشارة المفهمة للإيجار أو الاستئجار .
مسألة 369 : تجري المعاطاة في الإجارة ـ كما تجري في البيع ـ فلو سلّم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الإيجار و قبضه المستأجر بقصد الاستئجار صحت الإجارة .
مسألة 370 : يشترط في صحة الإجارة أمور بعضها في المتعاقدين ، و بعضها في العين المستأجرة ، و بعضها في المنفعة المقصودة بالإجارة ، و بعضها في الأجرة .

( 110 )

شرائط المتعاقدين

يشترط في المؤجر و المستأجر أن يكون كل منهما بالغاً عاقلا مختارا ، كما يشترط في المؤجر أن يكون مالكا للمنفعة المقصودة بالإيجار و في المستأجر أن يكون مالكاً للأجرة ، و يشترط فيهما أن لا يكونا محجورين لسفه أو تفليس ، فلا تصح إجارة الصبي و المجنون و المكره ـ إلا أن يكون الإكراه بحق ـ كما لا تصح إجارة الفضولي ، و لا إجارة السفيه أمواله مطلقاً ، و لا إجارة المفلس أمواله التي حجر عليها .
مسألة 371 : إذا أجر السفيه نفسه لعمل فالأظهر بطلان الإجارة ـ ما لم تتعقب بإجازة الولي ـ و أما إذا آجر المفلس نفسه فالأظهر صحتها .
مسألة 372 : إذا لم يكن المؤجر مالكاً للمنفعة ـ و لم يكن ولياً و لا وكيلاً ـ توقفت صحة الإجارة على إجازة المالك ، و إذا كان محجوراً عليه لسفه توقفت صحتها على إجازة الولي ، و إن كان محجوراً عليه لفلس توقفت صحتها على إجازة الغرماء ، و إن كان مكرهاً توقفت صحتها على الرضا لا بداعي الإكراه .

شرائط العين المستأجرة

وهي أمور :
1 ـ التعيين ، فلا يصح إجارة المبهم كما لو قال : ( آجرتك إحدى دوري ) نعم يصح إجارة الكلي في المعين كسيارة من عدة سيارات متماثلة .
2 ـ المعلومية ، فإن كانت عيناً معينة فإما بالمشاهدة و أما بذكر الأوصاف التي تختلف بها الرغبات في إجارتها لو كانت غائبة ، و كذا لو كانت كلية .

( 111 )
3 ـ التمكن من التسليم ، فلا تصح الإجارة من دونه حتى مع الضميمة على الأحوط ، نعم يكفي تمكن المستأجر من الاستيلاء على العين المستأجرة فتصح إجارة الدابة الشاردة مثلاً إذا كان المستأجر قادراً على أخذها .
4 ـ إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها ، فلا تصح إجارة الخبز و نحوه من المأكولات للأكل .
5 ـ قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة ، فلا تصح إجارة الأرض للزراعة إذا لم يكن المطر وافياً و لم يمكن سقيها من النهر أو غيره .

شرائط المنفعة المقصودة بالإجارة

وهي أمور:
1 ـ أن تكون محللة ، فلو انحصرت منافع المال في الحرام أو اشترط الانتفاع بخصوص المحرم منها ، أو أوقع العقد مبنياً على ذلك بطلت الإجارة ، كما لو آجر الدكان بشرط أن يباع أو يحفظ فيه الخمر ، أو آجر الحيوان بشرط أن يحمل الخمر عليه .
2 ـ أن تكون لها مالية يبذل المال بإزائها عند العقلاء على الأحوط .
3 ـ تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين منافع متعددة ، فلو أجر حيواناً قابلاً للركوب و لحمل الأثقال وجب تعيين حق المستأجر من الركوب أو الحمل أو كليهما .
4 ـ معلومية المنفعة ، و هي أما بتعيين المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً ، و أما بتعيين المسافة مثل ركوب السيارة فرسخاً أو فرسخين ، و أما بتعيين العمل كخياطة الثوب المعين على كيفية معينة أو سياقة السيارة إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة من طريق معين .

( 112 )
و لابد في الأولين من تعيين الزمان ، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة ، و السيارة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان ، بطلت الإجارة ، إلا أن تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل .
مسألة 373 : لا يعتبر تعيين الزمان في الإجارة على الخياطة و نحوها من الأعمال ، فيجب الإتيان به متى طالب المستأجر ، هذا إذا لم تختلف الأغراض باختلاف الأزمنة التي يقع فيها العمل ، و إلا فلابد من تعيين الزمان فيه أيضاً .

( شرائط الأجرة )

يعتبر في الأجرة معلوميتها ، فإذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لابد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العد ، و ما يعرف منها بالمشاهدة لابد من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة .
و يجوز أن تكون الأجرة عيناً خارجية أو كلياً في الذمة ، أو عملاً أو منفعة أو حقاً قابلاً للنقل و الانتقال كحق التحجير .
مسألة 374 : إذا استأجر سيارة للحمل فلابد من تعيين الحمل ، و إذا استأجر دراجة للركوب فلابد من تعيين الراكب ، و إذا استأجر ماكنة لحرث جريب من الأرض فلابد من تعيين الأرض . نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافاً في الأغراض النوعية لم يجب التعيين .
مسألة 375 : إذا قال آجرتك الدار شهراً أو شهرين أو قال آجرتك كل شهر بدرهم مهما أقمت فيها بطلت الإجارة ، و إذا قال : آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه صح في الشهر الأول و بطل في غيره ، هذا إذا كان بعنوان الإجارة ، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطيه درهماً أو كان من قبيل الإباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا
( 113 )
بأس .
مسألة 376 : إذا قال : إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم و إن خطته بدرزين فلك درهمان ، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح و إن قصد الإجارة بطل ، و كذا إن قال : إن خطته هذا اليوم فلك درهم و إن خطته غداً فلك نصف درهم. و الفرق بين الإجارة و الجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد و كذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض و لأجل ذلك صارت عقداً و ليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً ، و لأجل ذلك صارت إيقاعا .
مسألة 377 : إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله ، فإن لم يمكن العمل ثانياً تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و بين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل المستأجر عليه فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل ، و إن أمكن العمل ثانياً وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة .
مسألة 378 : إذا استأجره على عمل بشرط ، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة أو وقع العقد مبنياً عليه فلم يتحقق الشرط ، كما إذا استأجره ليوصله إلى مكان معين و شرط عليه أن يوصله في وقت محدد فأوصله و لكن في غير ذلك الوقت أو استأجره على خياطة ثوبه و اشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب و لم يقرأ السورة ـ كان له فسخ الإجارة و عليه حينئذ أجرة المثل و له إمضاؤها و دفع الأجرة المسماة ، و الفرق بين القيد و الشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص و أما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل و لكن العقد معلق على التزام الطرف بتحقق أمر كالإيصال في الوقت المحدد أو القراءة في المثالين ، و لازم
( 114 )
ذلك أن يكون التزامه بالعقد مشروطاً بنفس تحقق الملتزم به ، و معنى ذلك جعل الخيار لنفسه على تقدير عدم تحققه .
مسألة 379 : إذا استأجر سيارة إلى «كربلاء» مثلاً بدرهم و اشترط له على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهاراً أعطاه درهمين صح .
مسألة 380 : لو استأجر سيارة مثلاً إلى مسافة بدرهمين و اشترط على المؤجر أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً صح ذلك .
مسألة 381 : إذا استأجر سيارة على أن يوصله المؤجر نهاراً بدرهمين أو ليلاً بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مردداً بينهما فالإجارة باطلة .
مسألة 382 : إذا استأجره على أن يوصله إلى «كربلاء» و كان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان و لكن لم يذكر ذلك في العقد و لم تكن قرينة على التعيين استحق الأجرة و إن لم يوصله ليلة النصف من شعبان .