|
حرمة اُصول المرتضع على فروع المرضعة نسبا |
تحرم اُصول المرتضع على فروع المرضعة من النسب على الأظهر وإن كانت القاعدة لا تقتضي ذلك ؛ نظرا إلى أنّ فروع المرضعة لا تزيد على أن تكون إخوة لولد اُصول المرتضع ، وأخ الولد أو اُخته لا دليل على تحريمه من حيث اخوّة الولد ، وإنما يحرم حيث يحرم إما من حيث كونه ولدا ، وإما من حيث كونه ولدا لأحد الزوجين ؛ ولذا حكي عن جماعة ـ منهم الشيخ في المبسوط ـ عدم التحريم (1) ، إلا أنه
قد دلّ غير واحد من الأخبار المعتبرة على التحريم .
مثل ما رواه في التهذيب عن أيوب بن نوح في صحيح : « قال : كتب عليّ بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السلام : امرأة أرضعت بعض ولدي ، هل يجوز أن أتزوّج بعض ولدها ؟ فكتب عليه السلام لا يجوز ذلك (2) لأنّ ولدها صارت بمنزلة ولدك » (3) .
ومثل ما رواه الكليني قدس سره عن محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر : قال : « كتبت إلى أبي محمد عليه السلام : امرأة أرضعت ولد الرجل ، هل يحلّ لذلك الرجل أن يتزوّج ابنة هذه المرضعة أم لا ؟ فوقّع عليه السلام : لا يحلّ » (4) .
|
واعلم أنه قد يتفرّع على [ هذا ] (1) القول : أنه لو أرضعت ولدا جدّته لاُمّه بلبن جدّه أو غيره ، حرمت اُمّه على أبيه ، لأنّ اُمّه من أولاد المرضعة ، فتحرم على اُصول المرتضع .
وأما تحريم الجدّة المرضعة على جدّه من غير جهة صيرورتها اُما لولد بنته ، فقد تقدّم في المسألة الثانية : أنه لا وجه له .
هذا كله من فروع المرضعة نسبا ،
وأما فروعها بالرضاع : فلا دليل على تحريمهم على اُصول المرتضع ، لأنّ « الولد » و « البنت » في الخبرين المتقدمين (7) ظاهران في خصوص النسبيّ ، فيبقى حكم الرضاعي بأقسامه تحت أصالة الإباحة .
اللهم إلا أن يقال : إنه إذا ثبت التحريم في الولد النسبيّ للمرضعة ، ثبت في الولد الرضاعي لها ؛ لأنه « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » .
وفيه : أنّ الإمام عليه السلام حكم بتحريم ولد المرضعة على أب المرتضع لا من حيث هو ولدها حتى يحرم ولدها الرضاعي أيضا ، بل لأجل كونها بمنزلة ولد أب المرتضع نسبا ، وهذا المعنى غير معلوم في ولدها الرضاعي : فتأمّل .
مع أنّ هذا الكلام لا يصحّ في ولدها الرضاعي الذي ارتضع بلبن فحل غير فحل المرتضع الذي يكون الكلام في اُصوله ، لعدم الاخوّة بين ذلك الولد وبين المرتضع على قول غير الطبرسي ؛ ومن الظاهر ـ بل المقطوع ـ أنّ كون ولد المرضعة بمنزلة ولد أب المرتضع فرع الاخوّة الرضاعية للمرتضع
|
|
حرمة فروع المرتضع وإن نزلوا على فروع المرضعة في المرتبة الاولى
عدم حرمة حاشية المرتضع على فروع المرضعة الرضاعيّة |
المفقودة مع تعدد الفحل ؛ وإنما يصح هذا الكلام ـ لو صحّ ـ في صورة اتحاد الفحل وحدوث الاخوّة بين ذلك الولد وبين المرتضع ، وحينئذ فيكون هذا الولد من أولاد الفحل رضاعا ؛ وسيأتي الكلام فيه في مسألة تحريم اُصول المرتضع على فروع الفحل .
واعلم أنّ الخبرين المذكورين (1) وإنّ دلا على تحريم أولاد المرضعة نسبا على أب المرتضع ، لكن الظاهر تحريمهم على اُمّ المرتضع أيضا ، لأنّ كونهم بمنزلة ولد أبيه يستلزم كونهم بمنزلة ولد اُمّه ، ولذا استفيد من تحريم البنات على الآباء تحريم الأبناء على الاُمهات .
فروع المرتضع وإن نزلوا نسبا أو رضاعا يحرمون على فروع المرضعة في المرتبة الاُولى : لأنهم خؤولة لفروع المرتضع ؛ ولا فرق بين فروع المرضعة نسبا وفروعها رضاعا مع نشر الرضاع بينهم وبين نفس المرتضع . وأما فروع المرضعة في غير المرتبة الاُولى فلا يحرمون على فروع المرتضع مطلقا ، لأنهم أولاد خؤولة لهم .
مَن في حاشية نسب المرتضع أو رضاعه ـ أعني إخوته أو أخواته النسبيّة أو الرضاعيّة ـ لا يحرمون لأجل ارتضاع أخيهم على فروع المرضعة الرضاعية بلا إشكال ولا خلاف ، لأنهم لم يزيدوا على أن صاروا إخوة
|
لأخي اُولئك الحواشي ، أو أولادا لاُمّ أخيهم ، ولم يتعلّق التحريم في الشريعة بأحد العنوانين . وكذا فروع المرضعة النسبية ـ وهم المتولدون منها ـ لا تحرم عليها حواشي المرتضع الرضاعيّة ، لما ذكر .
وأما تحريم حواشي المرتضع من النسب على فروع المرضعة النسبية فاختلف فيه ، فالأشهر ـ كما قيل (1) ـ عدم التحريم لما ذكر ، وهو الأظهر .
وقيل بالتحريم (2) ، لأن فروع المرضعة إذا صاروا بمنزلة ولد أبوي المرتضع ـ بحكم ما تقدّم في المسألة العاشرة ـ فقد صاروا إخوة لأولادهما الذين هم حواشي المرتضع .
وفيه : منع استلزام صيرورتهم أولادا للأبوين صيرورتهم إخوة لأولادهما ، إذ لا مستند له إلا تلازم عنواني البنوة للأبوين مع الأخوة للإخوة ، وهو مسلّم إذا حدثت بالرضاع نفس البنوة للأبوين ، كما إذا ارتضع شخص بلبنهما ، فإن بنوّته لهما تستلزم اُخوّته لأولادهما . وأما إذا حدث به شيء آخر حكم الشارع بكونه بمنزلة البنوّة للأبوين في أحكامها الشرعية ، فلا يلزم ثبوت الاُخوة للإخوة .
والحاصل : أنّ العنوان الحاصل بارتضاع ولد الأبوين من امرأة ذات أولاد ليس إلاّ كون أولادهما إخوة للمرتضع ؛ ومن المعلوم ـ مما سبق في
|
القول بحرمة حواشي المرتضع نسبا على فروع المرتضعة نسبا ومناقشته |
المسألة الثانية ـ أنّ بمجرد هذا العنوان لا يحرم هؤلاء الأولاد على أبوي المرتضع ولا على إخوته ، لكن لما دل الدليل على كون الأولاد بمنزلة أولاد الأبوين في جميع الأحكام الشرعية ـ التي من جملتها تحريمهم عليهما ـ حكم به ، لكن لا يستلزم ذلك كونهم (1) بمنزلة الإخوة لأولادهما حتى يحرموا عليهم .
وكذا ليس من الأحكام الشرعية لأولاد الأبوين تحريم بعضهم على بعض ، فإن التحريم في آية المحرمات (2) إنما علّق على عنوان الأخ والاُخت ، لا على ولد الأبوين أو أحدهما .
ومن هنا ظهر ما في استدلال صاحب الكفاية على التحريم بأنّ كونهم بمنزلة الولد يقتضي أن يثبت لهم جميع الأحكام الثابتة للولد من حيث الولديّة ، ومن جملة أحكامه تحريم أولاد الأب عليه (3) إذ لا يخفى أنّ تحريم أولاد الأب على الولد ليس من حيث الولديّة للأب ، بل من حيث أخوّته للأولاد .
اللهم إلا أن يقال : إنّ الإخوّة التي نيطت بها الحرمة في آية المحرّمات ليس مفهومها العرفي ـ بل الحقيقي ـ إلاّ كون الشخصين ولدا لواحد ، فكونهم أولادا لأبيه أو لاُمه عين كونهم إخوة له ، لا أنه عنوان آخر ملازم له .
ويشهد لذلك تعليل تحريم المرتضعة من لبن ولد على أخيه من
|
أبيه في صحيحة صفوان ـ المروية في الكافي ـ بصيرورة أبيه أبا له وامه أما لها (1) .
وليس هذا إلاّ لأنه إذا ثبتت اُبوّة الرجل لشخص واُمومة المرأة له ثبتت اخوّة أولادهما له ، فيحرمون عليه من هذه الجهة .
فالقول بالتحريم في المسألة لايخلو عن قوة ، وفاقا للمحكيّ عن الشيخ (2) وبعض المتأخرين (3) .
يحرم المرتضع على من في حاشية نسب المرضعة ـ أعني إخوتها وأخواتها ـ وكذا مَن في حاشية رضاعها ـ وهم إخوتها وأخواتها مِن الرضاع ـ بلا إشكال ولا خلاف .
ويدلّ على تحريم إخوتها من الرضاع ـ المستلزم لتحريم إخوتها من النسب بالأولويّة وعدم القول بالفصل ـ صحيحة الحلبي المرويّة في الكافي والتهذيب : « قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يرضع من امرأة وهو غلام ، أيحلّ له أن يتزوّج اُختها لاُمها من الرضاع ؟ فقال : إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحلّ ، وإن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن
|
تقوية القول بالتحريم حرمة المرتضع على حاشية المرضعة |
|
حرمة المرتضع على فروع حاشية المرضعة
عدم حرمة اُصول المرتضع على حاشية المرضعة نسبا حرمة فروع المرتضع على حواشي المرضعة |
فحلين فلا بأس » (1) .
ونحوها موثّقة عمار المتقدمة معها (2) في أدلة القول المشهور باعتبار اتحاد الفحل في مقابل الطبرسي قدس سره ، فتأمل .
وفي حكم أولئك الحواشي فروعهم ، فيحرم المرتضع عليهم .
لا تحرم اُصول المرتضع على من في حاشية نسب المرضعة ، فيجوز لآباء المرتضع ـ وإن عَلَوا ـ التزويج في أخوات المرضعة ، ولإخوتها التزويج في اُمّهات المرتضع .
ولا يتوهّم في الأول كون المرضعة في حكم الزوجة فلا يجوز العقد على اُختها ؛ لعدم ثبوت الزوجيّة بالرضاع ، ولا في الثاني كون اُمّ المرتضع اُما لولد اُخت إخوة المرضعة واُمّ ولد الاُخت محرمة لكونها اُختا ؛ لما مرّ من أن الحرمة إنما تعلّقت على عنوان « الاُخت » لا على « اُمّ ولد الاُخت » وإن تلازم العنوانان في النسب .
تحرم فروع المرتضع على حواشي نسب المرضعة ورضاعها ، لكونهم خؤولة لأبيهم بلا إشكال ولا خلاف ، ولا يحرمون على فروع اُولئك الحواشي .
|