39 ـ باب القضاء والأحكام
إعلم أن القضاء أربعة: قاض يقضي بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار، وقاض
يقضي بالباطل وهو لا يعلم أنه فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو لا
يعلم أنه حق فهو في النار، وقاض يقضي بالحق هو يعلم أنه حق فهو في الجنة،
فاجتنب القضاء فإنك لا تقوم به
(1).
واعلم أنه يجب عليك أن تساوي بين الخصمين حتى في النظر إليها، حتى لا يكون
نظرك إلى أحدهما أكثر من نظرك إلى الثاني
(2).
فإذا تحاكمت إلى حاكم، فانظر أن تكون على يمين خصمك
(3).
وإذا تحاكم خصمان فادعى لك واحد منهما على صاحبه دعوى، فالذي يدعي بالدعوى أولاً أحق من صاحبه أن يسمع منه، فإذا ادعيا جميعاً، فالدعوى للذي على يمين
خصمه.
واعلم أن الحكم في الدعاوى كلها، أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فإن نكل عن اليمين لزمه الحكم، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعى إذا لم يكن للمدعي شاهدان فلم يخلف حق له، إلا في الحدود يمين فيها، وفي الندم لأن البينة على المدعى عليه واليمين على المدعى لئلا يبطل دم امرئ مسلم
(4).
واعلم أنه لا يجوز شهادة شارب الخمر، ولا اللاعب بالشطرنج والنرد، ولا
____________
(1) الفقيه 3: 3|6، المقنع: 132 باختلاف يسير.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 3: 8|27، والمقنع: 133، والكافي 7: 413|3،
والتهذيب 6: 226|543.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 3: 7|26، والتهذيب 6: 227|548.
(4) الفقيه 3: 39 عن رسالة والده، المقنع: 132، الهداية: 74.
(261 )
مقامر، ولا متهم ولا تابع لمتبوع، ولا أخير لصاحبه، ولا أمرأة لزوجها، ولا
المشهور بالفسق والفجور، ولا المرابي
(1).
وتجوز شهادة الرجل لا مرأته، وشهادة الولد لوالده، وتجوز شهادة الوالد على ولده،
وتجوز شهادة الأعمى إذا أثبت، وشهادة العبد لغير صاحبه
(2).
ولا تجوز شهادة المفتري حتى يتوب من فريته
(3)، وتوبته أن
يوقف في الموضع الذي قال فيه ما قال يكذب نفسه
(4).
ولا تجوز شهادة على شهادة في الحدود
(5).
ولا تجوز شهادة الرجل لشريكه إلا فيها لا يعود نفعه إليه، فإذا شهد رجل على شهادة
رجل فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة، وإذا شهد رجلان على شهادة رجل فقد ثبت
شهادة رجل واحد.
وإن كان الذي شهد عليه معه في مصره، ولو أنهما حضرا فشهد أحدهما على شهادة
الآخرة، وأنكر صاحبه أن يكون أشهده على شهادته، فإنه يقبل قول
أعدلهما
(6).
وإذا دعي رجل ليشهد على رجل، فليس له أن يمتنع من الشهادة عليه، لقوله تعالى:
(
ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا
)
(7) فإذا أراد صاحبه أن يشهد له بما
أشهد فلا يمتنع، لقوله تعالى: (
ومن يكتمها
فإنه اثم قلبه )
(8).
وإذا أتى الرجل بكتاب فيه خطه وعلامته ـ ولم يذكر الشهادة ـ فلا يشهد، لأن الخط
يتشابه، إلا أن يكون صاحبه ثقة معه شاهد آخر ثقة فيشهد له حينئذ
(9).
وإذا ادعى رجل على رجل عقاراً أو حيواناً أو غيره، وأقام بذلك بينه، وأقام
____________
(1) الفقيه 3: 25|67، المقنع: 133، الهداية: 75 وقد ورد فيها اكثر الفقرات.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 3: 26|69 و 70، والمقنع: 133.
(3) في نسخة « ض »: « الفرية ».
(4) المقنع: 133.
(5) الفقيه 3: 41|140.
(6) المقنع: 133.
(7) البقرة 2: 282.
(8) البقرة 2: 283. وورد مؤداه في الفقيه 3: 34|111 و 112، والكافي 7: 379|1 و 2، والتهذيب 6: 275|750 و 751.
(9) مختلف الشيعة: 724 عن علي بن بابويه.
(262 )
الذي في يده شاهدين، فإن الحكم فيه أن يخرج الشيء من يد مالكه إلى المدعي لأن
البينة عليه، فإن لم يكن الملك في يد أحد، وادعى فيه الخصمان جميعاً، فكل من أقام
عليه شاهدين فهو أحق به، فإن أقام كل واحد منها شاهدين فإن أحق المدعيين من عدل
شاهداه، فإن استوى الشهود في العدالة، فأكثرهم شهوداً يحلف بالله ويدفع إليه الشيء
(1).
وكل ما لا يتهيأ فيه الأشهاد عليه، فإن الحق فيه أن يستعمل في القرعة
(2).
وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: « أي قضية أعدل من القرعة، إذا
فوض الامر إلى الله، لقوله تعالى: (
فساهم
فكان من المدحضين )
(3) ».
ولو أن رجلين إشتريا جارية وواقعاها جميعاً فأتت بولد، لكان الحكم فيه أن يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة اُلحق به الوالد و يغرم نصف قيمة الجارية لصاحبه، وعلى كل
واحد منها نصف الحد.
وإن كانوا ثلاثة نفر وواقعوا جارية على الإنفراد، بعد أن اشتراها الأول وواقعها
اشتراها الثاني وواقعها فاشتراها الثالث وواقعها، كل ذلك في طهر واحد، فأت بوالدٍ
لكان الحق أن يلحق الوالد بالذي عنده الجارية، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: «
الوالد للفراش وللعاهر الحجر » هذا فيما لا يخرج في النظر، وليس فيه إلا التسليم
(4).
وتقبل شهادة النساء في النكاح، والدين، وفي كل ما لا يتهيأ للرجال أن ينظروا إليه.
ولا تقبل في الطلاق، ولا في رؤية الهلال. وتقبل في الحدود إذا شهد امرأتان وثلاثة
رجال، ولا تقبل شهادتهن إذا كن أربع نسوة ورجلين
(5).
ولا تقبل شهادة الشهود في الزنا إلاّ شهادة العدول، فإن شهد أربعة بالزنا ولم يعدلوا
ضربوا بالسوط حد المفتري، وإن شهد ثلاثة عدول وقالوا: الآن ياتيكم الرابع،
____________
(1) الفقيه 3: 39، المقنع: 133 عن رسالة والده باختلاف يسير.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 3: 52|174، والتهذيب 6: 240|593.
(3) الصافات 37: 141، الفقيه 3: 52|175.
(4) المقنع: 134، والقول بعد الحديث الشريف عن رسالة والده.
(5) المقنع: 135 بتقديم وتأخير.
(263 )
كان عليهم حد المفتري، إلا أن يشهد أربعة عدول في موقف واحد.
فإن شهد أربعة عدول على رجل بالزنا، أو شهد رجلان على رجل بقتل رجل أو سرقة
، فرجم الذي شهدوا عليه بالزنا، وقتل الذي شهدوا عليه بالقتل، وقطع الذي شهدوا عليه بالسرقة، ثم رجعا عن شهادتهما وقال: غلطنا في هذا الذي شهدنا، وأتيا برجل وقالا: هذا الذي قتل، وهذا الذي سرق، وهذا الذي زنى.
قال: يجب عليهما دية المقتول الذي قتل، ودية ( اليد التي قطعت )
(1) بشهادتهما، ولم تقبل شهادتهما على الثاني الذي شهدوا عليه.
وإن قالوا: تعمدنا، قطعا في السرقة.
وكل من شهد شهادة الزور في مال أو قتل لزمه دية المقتول، ورد المال بشهادتهما ولم
تقبل شهادتهما بعد ذلك، وعقوبتهما في الآخرة النار استحقاها من قبل أن تزول اقدامهما
(2).
____________
(1) في نسخة « ض »: « يد الذي قطع ».
(2) المقنع: 135 باختلاف يسير، ومن « فإن شهد أربعة... » أورده عن رسالة
والده.
(264 )
40 ـ باب الشفعة
واعلم أن اشفعة واجبة في الشركة المشاعة، و
(1) في المجاز
المقسوم، وفي المجاروة، والشرب الجامع، وفي الأرحية، وفي الحمامات
(2).
ولا شفعة ليهودي، ولانصراني، ولا مخالف
(3).
ولا ضرر في سفينة، ولا طريق يجمع المسلمين، ولا حيوان.
ولا ضرر في شفعة ولا ضرار
(4).
والشفعة على البائع والمشتري، ليس للبائع أن يبيع أو يعرض على شريكه أو
مجاروه، ولا للمشتري أن يمتنع إذا طولب بالشفعة.
و روي أن الشفعة واجبة في كل شيء من الحيوان والعقار والرقيق، إذا كان الشيء بين
شريكين فباع أحدهما، فالشريك أحق به من الغريب.
وإذا كان الشركاء أكثر من اثنين فلا شفعة لواحد منهم
(5)، وإنما يجب للشريك إذا باع شريكه أن يعرض عليه، فإن لم يفعل بطلت الشفعة متى
ما سأل، لا أن يتجافي عنه أو يقول: بارك الله لك فيما اشتريت أو بعت، أو يطلب
منه مقاسمة
(6).
وروي أنه ليس في الطريق شفعة، ولا في النهر، ولا في الرحى، ولا في حمام،
____________
(1) في البحار 10: 256|3: وليس.
(2) المقنع: 135، الهدية: 75، بالختلاف في ألفاظه.
(3) الفقيه 3: 45|157، الكافي 5: 681|6، التهذيب 7: 166|737 باختلاف يسير
وليس فيهم المخالف.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 3: 45|154، والكافي 5: 280|4، والتهذيب 7: 164|727، من « ولاضرر.. ».
(5) المقنع: 135 باختلاف يسير من « وروي أن الشفعة... ».
(6) ورد مؤداه في الفقيه 3: 47|164.
(265)
ولا في ثوب، ولا في شيء مقسوم
(1).
فإذا كانت داراً فيها دور وطريق أبوابها في عرصة واحدة، فباع رجل داراً منها من رجل، كان لصاحب الدار الأخرى شفعة إذا لم يتهيأ له أن يحول باب الدار التي اشتراها إلى موضع اخر، فإن حول بابها فلا شفعة لأحد عليه
(2).
وإنما يجب عليه الشفعة لشريك غير مقاسم
(3)، فإذا عرف
حصة الرجل من حصة الشريك فلا شفعة لواحد منهما، وبالله التوفيق.
____________
(1) مختلف الشيعة: 402 عن علي بن بابوية.
(2) الفقيه 3: 47|164، المقنع: 136 باختلاف يسير.
(3) الفقيه 3: 45|145، المقنع: 136 باختلاف يسير.
(4) الهداية: 75.
(266)
41 ـ باب اللقطة
إعلم أن اللقطة لقطتان: لقطة الحرم، ولقطة غير الحرم.
فأما لقطة الحرم فإنها تعرّف سنة، فإن جاء صاحبها وإلا تصدقت بها، وإن كنت وجدت في المحرم ديناراً مطلساً
(1) فهو لك لا تعرفّه.
ولقطة غير الحرم تعرفها أيضاً سنة، فإذا جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك وإن كان دون درهم فهي لك حلال.
وإن وجدت في داروهي عامرة فهي لأهلها، وإن كان خراباً فهي لمن وجدها.
فأن وجدت في جوف البهائم والطيور وغير ذلك، فتعرفها صاحبها الذي اشتريتها من، فإن عرفها فهو له وإلا فهي كسبيل ما.
وأفضل ما تستعمله في اللقطة إذا وجدتها في الحرم أو غير الحرم، أن تتركها فلا تأخذها ولا تمسها، ولو أن الناس تركوا ما وجدوا لجاء صاحبها فأخذها.
وإن وجدت اداوة أو نعلاً او سوطاً فلا تأخذه، وإن وجدت مسلّة أو محيطاً أو سيراً فخذه وانتفع به.
وإن وجدت طعاماً في مفازة، فقومه نفسك لصاحبه ثم كله، فإن جاء صاحبه فرد عليه ثمنه، وإلا فتصدق به بعد سنة.
فإن وجدت شاة في فلاة من الأرض فخذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب.
____________
(1) الدينار المطلس: الدينار الذي محيت كتابته « الصحاح ـ طلس ـ 3: 944 ».
(267)
فإن وجدت بعيراً في فلاة فدعه ولا تأخذه، فإن بطنه وعاؤه، وكرشه سقاؤه، وخفه
حذاؤه
(1).
____________
(1) المقنع: 127 باختلاف يسير وبتقدم وتأخير.
(268)
42 ـ باب الدين والقرض
واعلم أنه من استدان ديناً ونوى قضاءه فهو في أمان الله حتى يقضيه، فإن لم ينو قضاءه فهو سارق، فاتق الله وأد إلى من له عليك، وارفق بمن لك عليه حتى تأخذه منه في عفاف وكفاف.
فإن كان غريمك معسراً، وكان أنفق ما أخذ منك في طاعة الله، فانظره إلى ميسرة، هي أن يبلغ خبره الإمام فيقضي عنه، أويجد الرجل طولاً فيقضي دينه.
وإن كان انفق ما أخذه منك في معصية الله، فطالبه بحقك، فليس هو من أهل هذه الاية
(1).
وإن كان لك على رجل مال، وضمنه رجل عند موته، وقبلت ضمانه، فالميت قد برئ منه، وقد لزم الضامن رده عليك.
وإذا مات رجل وله دين على رجل، فإن أخذه وارثه منه فهو له، وإن لم يعطه فهو
للميت في الآخرة.
وزكاة الدين على من استقرض.
ولو كان على رجل دين ولم يكن له مال وكان لابنه مال، يجوز أن ياخذ من مال إبنه
فيقضي به دينه
(2).
وإذا كان لك على رجل مال، فلا زكاة عليك فيه، حتى يقضيه
(3) ويحول عليه الحول يدك، إلا أن تأخذ عليه منفعة في التجارة، فإن كان كذلك فعليك زكاته
(4).
____________
(1) المراد بالآية، قوله تعالى: « وان كان ذوعسرة فنظرة إلى ميسرة... ».
(2) المقنع: 126 عن وصية والده، باختلاف يسير وتقديم وتأخير.
(3) في هامش نسخة « ش»: وفي نسخة: « تقبضه ».
(4) المقنع: 52 باختلاف في ألفاظه.
(269)
وإذا مات رجل وعليه دين ولم يكن له إلا قدر ما يكفن به كفن به، فإن تفضل عليه رجل بكفن كفن به، ويقضى بما ترك دينه
(1)، واذا مات رجل وعليه دين ولم يخلف شيئاً، فكفنه رجل من زكاة ما له فهو جائز له، فإن اتجر عليه رجل آخر بكفن كفن من الزكاة، وجعل الذي اتجر عيله لورثته يصلحون به حالهم، لأن هذا ليس بتركة الميت إنما هوشيء صار إليهم بعد موته، وبالله الاعتصام
(2).
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 4: 143|492، والكافي 7: 23|2.
(2) مؤاده في التهذيب 1: 445|1440.
(270)
43 ـ باب الأيمان والنذور والكفارات
إعلم ـ يرحمك الله ـ أن أعظم الأيمان الحلف بالله عزوجل، فإذا حلف الرجل بالله على طاعة ـ نظير رجل حلف بالله أن يصلي صلاة معلومة، أو أن يعمل شيئاً من
خصال البر ـ فقد وجب عليه في يمينه أن يفي بما حلف عليه، لأن الذي حلف عليه
لله طاعة، فإن لم يف بما حلف وجاز الوقت حيث ووجب عليه الكفارة، فإن حلف
أن لايقرب معصية أو حراماً ثم حنث، فقد وجب عليه الكفارة
(1).
والكفارة إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم ثوبين لكل مسكين، والمكفر عن يمينه بالخيار إن كان موسراً أي ذلك شاء، والمعسر لاشيء، عليه إلا إطعام عشرة مساكين أو صوم ثلاثة أيام إن أمكنه ذلك، والغني والفقير في ذلك سواء
(2) .
فإن حلف بالظهار وهو يريد اليمين، فعليه للفظ اليمين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً
(3) وقد روي أن الثلاثة عليه عقوبة على مكروه امه وذوي رحمه بمثل هذا.
ولا يمين في قطيعة رحم، ولا في ترك الدخول في خلال، وكفارة هذه الأيمان الحنث.
واعلم أن كان ما كان من قول الانسان: لله عليّ نذر من وجوه الطاعة ووجوه البر،
فعليه الوفاء بما جعل على نفسه
(4)، وإن كان النذر لغير الله، فإنه إن لم يعط ولم يف بما
____________
(1) مؤاده في الفقيه 3: 231|1094، والمقنع: 136، والهداية: 72، والكافي 7: 445|1 ـ 10، والتهذيب 8: 291|1074 ـ 1078.
(2) المقنع: 137، الهداية: 73 باختلاف في ألفاظه.
(3) مؤاده في الفقيه 3: 341|1641، والمقنع: 108، والهداية: 71.
(4) مؤاده في المقنع: 137. من « واعلم أن كان ما كان... ».
(271)
جعله على نفسه، فلا كفارة عليه ولا صوم ولا صدقة، نظير ذلك أن تقول: لله عليّ
صلاة معلومة أو صوم معلوم أو بر أووجه من وجوه البر، فيقول: إن عافاني الله من
مرضي، أو ردني من سفري، أورد عليّ غائبي، أو رزقني رزقاً، أو وصلني إلى
محبوبي حلالاً فأعطي ما تمنى، لزمه ما جعل على نفسه، إلا أن يكون جعل على نفسه ما لا يطيقه، فلا شيء عليه إلا بمقدار ما يحتمله، وهذا ممكن يجب أن يستغفر الله منه، ولا يعود إلى مثله
(1).
وإن هو نذر لوجه من وجوه المعاصي، مثل الرجل يجعل على نفسه نذراً على شرب
الخمر، أو فسق، أو زنا، أو سرقة، أو قتل، أو موت، أو إساءة مؤمن، أو عقوق، أو قطيعة، رحم، فلا شيء عليه في نذره، وقد روي أن عليه في ذلك كفارة يمين بالله للعقوبة ـ لا غير ـ لإقدامه على نذر في معصية
(2).
وقد روي إذا نذرت نذر طاعة لله فقدمه، فإن الله أوفى منك.
واعلم أن الكفارة على مثل المواقعة في شهر رمضان والأكل والشرب فيه، فعليه لكل يوم عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، فإن عاد لزمه لكل يوم مثل الكفارة الاول
(3). وقد روي: أن الثلاث عليه ـ وهذا الذي يختاره خواص الفقهاء ـ ثم لا يدرك مثل ذلك اليوم أبداً
(4).
فأما الظهار أن يقول الرجل لا مرأته أوما ملكت يمينه: هي عليه كظهر أمه أو كظهر
أخته، أوخالته أو عمته، أودايته، فإذا فعل ذلك وجب عليه للفظ، ما قد فسرناه في باب الظهار.
وإن حلف المملوك أوظاهر فليس عليه إلا الصوم فقط وهو شهران متتابعين
(5).
وأما كفارة الدم، فعلى من قتل مؤمناً متعمداً أن يقاد به، فإن عفي عنه وقبلت منه الدية فعليه التوبة والإستعفار. ومن قتل مؤمناً خطأ، فعليه عتق رقبة مؤمنة، أو
____________
(1) ورد موداه في المقنع: 137، والهداية: 73.
(2) ورد مؤاده في الفقيه 3: 227|1070، والمقنع: 137، واهداية 73، وفيه « ولا نذر في معصية ».
(3) ورد مؤاده في المقنع: 107، والهداية: 47، من « واعلم ان الكفارة... ».
(4) ورد مؤاده في الفقيه 2: 73|317.
(5) مؤاده في الفقيه 3: 346|1661، والكافي 6: 156|13، التهذيب 8: 24|89،
وفيها « وفيها ما على الحر صوم شهر ».
(272)
صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، ودية مسلمة إلى أهله، فإن لم يكن له
مال اخذ من عاقلته
(1).
فأما الكفارة على من واقع جاريته أو أهله ـ وهومحرم ـ فعليه بدنه قبل أن يشهد الموقفين،
وعليه الحج من قابل
(2).
وإن أصاب صيداً (
مثل ما قتل من النعم يحكم به
ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة )
(3) إن كان
صيده نعامة فعليه بدنة، فمن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد فصيام ثمانية عشر يوماً.
وإن كان حمار وحش أو بقرة وحش، فعليه بقرة، فإن لم يجد فإطعام ثلاثين مسكيناً، فان
لم يجد فصيام تسعة أيام.
وإن كان الصيد من الظبي فعليه شاة، فإن لم يجد فإطعام عشرة مساكين، فإن لم تستطع
فصيام ثلاثة أيام
(4).
وإن كان الصيد طائراً فعليه درهم، وإن كان فرخاً فعليه نصف درهم، وإن كان
بيضاً أو كسرها أو أكل فعليه ربع درهم
(5).
وإن كان به أذى من رأسه ففدية من صيام أوصدقة أو نسك، والنسك شاة أو إطعام ستة
مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صوم ثلاثة أيام
(6).
ومن ظلل على نفسه وهو محرم فعليه شاة
(7)، أوعدل ذلك صياماً
وهو ثلاثة أيام.
ومن بات ليالي منى بمكة، فعليه لكل ليلة دم يهريقه
(8).
ومن كان متمتعاً فلم يجد هدياً، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا
____________
(1) مؤاده في التهذيب 8: 322|1196.
(2) مؤاده في الفقيه 2: 213 عن رسالة أبيه، المقنع: 71.
(3) المائدة 5: 95.
(4) الفقيه 2: 233|1112، المقنع: 77 باختلاف يسير وفيهما حكم الحمارٍ الوحش مثل النعامة.
(5) مؤاده في المقنع: 78.
(6) مؤاده في الفقيه 2: 228|1083 و 229|1084، والمقنع: 75.
(7) مؤاده في الفقيه 2: 226|1063.
(8) الفقيه 2: 286|1406 باختلاف في ألفاظه.
(273)
رجع إلى اهله، تلك عشرة كاملة
(1).
والمحرم في الحرم إذا فعل شيئاً من ذلك، تضاعف عليه الفداء مرتين، أو عدل الفداء
الثاني صياماً، وبالله التوفيق.
واعلم أن اليمين على وجهين: يمين فيها كفارة، ويمين لا كفارة فيها، فاليمين التي فيها
الكفارة، فهو أن يحلف العبد على شيء يلزمه أن يفعل، فيحلف ان يفعل ذلك الشيء وان
لم يفعله فعليه الكفارة، او يحلف على ما يلزمه أن يفعله أن لايفعله فعليه الكفارة إذا فعله.
واليمين التي لا كفارة فيها على ثلاثة أوجه: فمنها ما يؤجر عليه الرجل إذا حلف كاذباً،
ومنها مالا كفارة فيها عليه ولا أجرله، ومنها مالا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها إدخال
النار.
فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذباً ولم يلزم فيها الكفارة فهو أن يحلف الرجل في
خلاص امرئ مسلم، أويخلص بها مال امرئ مسلم من متعد يتعدى عليه من لص
أوغيره.
وأما التي لا كفارة عليه ولا أجرله، فهو أن يحلف الرجل على شيء ثم يجد ما هو خير
من اليمين، فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير.
وقال العالم عليه السلام: لا كفارة عليه، وذلك من خطوات الشيطان.
وأما التي عقوبتها دخول النار، فهو إذا حلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه
ظلماً، فهو يمين غموس يوجب النار ولا كفارة عليه في الدنيا
(2).
واعلم أنه لا يمين في قطيعة رحم، ولا نذر في معصية الله، ولايمين لولد مع الوالدين،
ولا للمرأة مع زوجها، ولا للمملوك مع مولاه، ولو أن رجلاً حلف أو نذر أن يشرب
خمراً أو يفعل شيئاً مما ليس لله فيه رضا، فحنث لا يفي بنذره، فلا شيء عليه
(3).
والنذر على وجهين: أحدهما أن يقول الرجل: إن عوفيت من مرضي أو تخلصت من كذا
وكذا، فعليّ صدقة أوصوم أو شيء من أفعال البر، فهو بالخيار إن شاء
____________
(1) المقنع: 90، التهذيب 5: 233|789، الاستبصار 2: 282|1001 باختلاف يسير.
(2) الهداية: 72، الفقيه 3: 231|1094، المقنع: 136 باختلاف يسير، من « واعلم
أن اليمين على وجهين... ».
(3) الهداية: 73، المقنع: 137.
(274)
فعل وإن شاء لم يفعل.
فإن قال لله عليّ كذا وكذا من أفعال البر، فعليه أن يفي ولا يسعه تركه، فإن خالف لزمه صيام شهرين متتابعين، وروي كفارة يمين.
وإذا نذر الرجل أن يصوم صوماً يوماً أو شهراً، ولم يسمّ يوماً بعينه أوشهراً بعينه، فهو بالخيار أي يوم شاء صام، وأي شهر شاء صام، مالم يكن ذي الحجة أوشوال فإن فيهما العيدين ولا يجوز صومهما.
فإن صام يوماً، أو شهراً لم يسمه في النذر ـ متتابع أوغيره ـ فأفطر فلا كفارة عليه، إنما عليه أن يصوم مكانه يوماً آخر أوشهراً آخر على حسب مانذر.
فإن نذر أن يصوم يوماً معروفاً أو شهراً معروفاً، فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر، فإن لم يصمه أو صامه فأفطر فعليه الكفارة لخلف النذر.
ولو أن رجلا نذر نذراً ـ ولم يسم شيئاً ـ فهو بالخيار، إن شاء تصدق بشيء، وإن شاء صلى ركعتين، أو صام يوماً، إلا أن يكون ينوي شيئاً في نذره ويلزمه ذلك الشيء بعينه.
وإن امرؤ نذر أن يتصدق بمال كثير ـ ولم يسم مبلغه ـ فإن الكثير ثمانون وما زاد، لقول الله جل وعز: (
لقد نصركم الله في
مواطن كثيرة )
(1) فكانت ثمانين،
موطناً، وبالله حسن الاسترشاد
(2).
____________
(1) التوبة 9: 25.
(2) الهداية: 73، الفقيه 3: 232|1095، المقنع: 137 باختلاف يسير.
(275)
44 ـ باب الزنا واللواطة
واعلم أن الله جل وعز حرم الزنا لما فيه من بطلان الأنساب ـ التي هي من أصول هذا
العالم ـ وتعطيل الماء
(1).
وروي: أن الدفق في الرحم إثم، والعزل أهون.
وروي: أن يعقوب النبي عليه السلام قال لابنه يوسف عليه السلام: يا بني، لا تزن،
فإن الطير لو زنى لتناثر ريشه
(2).
وروي: أن الزنا يسود الوجه، ويورث الفقر، ويبتر
(3) العمر،
ويقطع الرزق، ويذهب بالبهاء، ويقرب السخط، وصاحبه مخذول مشؤوم
(4).
وروي: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ؛ فسئل عن معنى ذلك، فقال: يفارقه روح
الإيمان في تلك الحال، فلا يرجع إليه حتى يتوب
(5).
ومن زنى بذات محرم، ضرب ضربة بالسيف ـ محصناً كان أم غيره ـ فإن كانت تابعته
ضربت ضربة بالسيف، وإن استكرهها فلا شيء عليها
(6).
ومن زنى بمحصنة وهومحصن، فعلى كل واحد منهما الرجم
(7).
ومن زنى بمحصنة وهو غير محصن، فعليها الرجم، وعليه الجلد
(8) وتغريب سنة.
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 3: 369|1748، وعلل الشرائع: 479، وعيون أخبار الرضا عليه
السلام 2: 92.
(2) الفقيه 4: 13|13، الكافي 5: 542|8، والمحاسن: 106|92 من « وروي: ان
يعقوب عليه السلام ».
(3) في نسخة « ش »: « ويبير ».
(4) الفقيه 4: 266، الخصال: 320|2 و3 و4 وفيهما بعض الفقرات.
(5) الفقيه 4: 14|20 باختلاف يسير.
(6) الفقيه 4: 30|81 باختلاف يسير.
(7) المقنع: 144، علل الشرائع 540|13 باختلاف في ألفاظه.
(8) المقنع: 144 باختلاف في ألفاظه.
(276)
وحد التغريب خمسون فرسخاً.
والرجم أن يحفر بئر بقامة الرجل إلى صدره
(1)، وللمرأة إلى فوق
ثدييها وترجم
(2)، فإن فر المرجوم ـ وهو المقر ـ ترك، وإن فر ـ
قد قامت عليه البينة ـ رد إلى البئر ورجم حتى يموت
(3).
وروي: أن لا يتعمد بالرجم رأسه.
وروي: لا يقتله إلا حجر الإمام.
وحد المحصن أن يكون له فرج يغدو عليه ويروح
(4).
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات بالزنا ـ اذا
لم يكن شهود
(5) ـ فاذا رجع وأنكر ترك ولم يرجم.
ولا يقطع السارق حتى يقر مرتين إذا لم يكن شهود
(6).
ولا يحد اللوطي حتى يقر أربع مرات، على تلك الصفة
(7).
وروي: أن جلد الزاني أشد الضرب، وأنه يضرب من قرنه إلى قدمه، لما تفضى من
اللذة بجميع جوارح.
وروي: أنه إن وجد وهو عريان جلد عرياناً، وإن وجد عليه ثوب جلد فيه
(8).
وروي أن الحدود في الشتاء لا تقام بالغدوات، ولايقام في الصيف في الهاجرة، ويقام إذا
برد النهار
(9)، ولا يقيم حداً من في جنبه حد
(10).
وأما أصل اللواط من قوم لوط، وفرارهم من قرى الأضياف من مدركة
____________
(1) المقنع: 144 باختلاف في ألفاظه من « والرجم أن يحفر... » وفيه: « إلى عنقه
».
(2) ورد مؤداه في الفقيه 4: 20|50 و 24|52، والمحاسن: 309|23.
(3) ورد مؤاده في الفقيه 4: 24|19، والكافي 7: 185|5.
(4) الفقيه 4: 25|57، الكافي 7: 179|10، التهذيب 10: 12|28 باختلاف يسير من « وحد المحصن... ».
(5) الهداية: 75 باختلاف يسير.
(6) الفقيه 4: 43|145، تفسير العياشي 1: 319|107.
(7) ورد مؤاده في الكافي 7: 201|1، التهذيب 10: 53|198.
(8) ورد مؤاده في الفقيه 4: 20|46 و 47، والمقنع: 143.
(9) ورد مؤاده في الكافي 7: 217|1 ـ3، والتهذيب 10: 39|136 و137، والمحاسن: 274|379.
(10) ورد مؤاده في الفقيه 4: 22|51 و 24|52 و 53، وعيون أخبار الرضا عليه
السلام 2: 238|1، والكافي 7: 188|3.
(277)
الطريق، وانفرادهم عن النساء، واستغناء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ولذلك قال
رسول الله صلّى الله عليه وآله: « أيّ داء أدوى من البخل » وذكر هذا الحديث
(1).
وحرم لما فيه من الفساد، وبطلان ما حضّ الله عليه، وأمر به من النساء
(2).
أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لو كان ينبغي لاحد ان ان يرجم مرتين لرجم اللوطي
(3) وعليه مثل حد الزاني من الرجم والحد، محصناً أو غير محصن
(4).
وإذا وجد الرجلان عراة في ثوب واحد ـ وهما متهمان ـ فعلى كل واحد منهما مائة جلدة،
وكذلك امرأتان في ثوب واحد، ورجل وامرأة في ثوب واحد
(5).
وفي اللوطة الكبرى ضربة بالسيف، أو هدمة، أوطرح الجدار، وهي الإيقاب. وفي
الصغرى مائة جلدة.
وروي أن اللواطة هي التفخذ، وأن على فاعله القتل، والإيقاب الكفر بالله.
وليس العمل
على هذا، وإنما العمل على الاولى في اللواط
(6).
واتق الزنا واللواط، وهو أشد من الزنا، والزنا أشد منه
(7)، وهما
يورثان صاحبهما اثنين وسبعين داءً في الدنيا وفي الآخرة.
ويجلد على الجسد كله إلا الفرج والوجه، فإن عادا جلدا مائة مائة، فإن عادا قتلا، وان زنيا
أول مرة ـ وهما محصنان، أو أحدهما محصن والآخر غير محصن ـ ضرب الذي هو
غير محصن مائة جلدة، وضرب المحصن مائة ثم رجم بعد ذلك
(8)
.
____________
(1) ورد مؤداه في علل الشرائع: 548|4، وتفسير العياشي 2: 244|26.
(2) ورد مؤداه في علل الشرائع: 547|1، وعيون اخبار الرضا عليه السلام 2: 97
.
(3) الفقيه 4: 31|87، عقاب الأعمال: 316|5، الكافي 7: 199|3، التهذيب 10: 53|196، الاستبصار 4: 220|824، المحاسن: 122|104، الجعفريات: 126
.
(4) ورد مؤداه في المقنع: 147، والكافي 7: 198|1، والتهذيب 1: 54|200،
والاستبصار 4: 220|824، وقرب الاسناد: 64.
(5) ورد مؤداه في الكافي 7: 181|6 و182|10، والتهذيب 10: 42|151 و43|153.
(6) ورد مؤداه في المقنع: 144، والهداية: 76.
(7) المقنع: 143 باختلاف يسير.
(8) المقنع: 143 باختلاف يسير، من « ويجلد على الجسد... ».
(278)
قال: وأول من يبدأ برجمها الشهود الذين شهدوا عليهما، والإمام
(1).
فإذا زنى العبد والجارية، جلد كل واحد منهما خمسين جلدة ـ محصنين كانا أو
غير محصنين ـ وإن عادا جلدا خمسين ـ كل واحد منهما ـ الى أن يزنيا ثماني مرات ثم،
يقتلا في الثامنة
(2).
ولا يجوز مناكحة الزاني والزانية حتى تظهر توبتهما
(3).
فإن زنى رجل بعمته أو بخالته، حرمت عليه أبداً بناتهما
(4).
ومن زنى بذات بعل ـ محصناً كان او غير محصن ـ ثم طلقها زوجها أومات عنها،
وأراد الذي زنى بها أن يتزوج بها لم تحل له أبدا، ويقال لزوجها يوم القيامة: خذ من
حسناته ما شئت
(5).
ومن لاط بغلام فعقوبته أن يحرق بالنار، أو يهدم عليه حائط، أو يضرب ضربة
بالسيف
(6)، ولا تحل له أخته في التزويج أبداً ولا ابنته
(7)، ويصلب يوم القيامة على شفير جهنم، حتى يفرغ الله من
حساب الخلائق ثم يلقيه في النار، فيعذبه بطبقة طبقة حتى يؤديه إلى أسفلها فلا يخرج
منها أبداً.
وإذا قبل الرجل غلاماً بشهوة، لعنته ملائكة السماء، وملائكة الارض، وملائكة الرحمة،
وملائكة الغضب، وأعدله جهنم وساءت مصيراً.
وفي خبر آخر: من قبل غلاماً بشهوة ألجمه الله بلجام من نار
(8).
واعلم أن حرمة الدبر أعظم من الفرج، لأن الله أهلك أمة بحرمة الدبر، ولم يهلك أحداً
بحرمة الفرج
(9).
____________
(1) الفقيه 4: 26|62، المقنع: 144، الكافي 7: 184|3 باختلاف في ألفاظه.
(2) المقنع: 148، الفقيه 4: 32|90 باختلاف في ألفاظه.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 3: 256|1217، والمقنع: 101، والتهذيب 7:
327|1347.
(4) ورد مؤاده في الكافي 5: 417|10، والتهذيب 7: 311|1291، والانتصار: 108
.
(5) ورد مؤداه في الانتصار: 108.
(6) المقنع: 144، الهدايه: 76 باختلاف يسير، و مختلف الشيعة: 764 عن رسالة
علي بن بابويه.
(7) ورد مؤداه في الكافي 5: 417|2، والتهذيب 7: 310|1286.
(8) مكارم الاخلاق: 238، من « وفي خبر آخر... ».
(9) المقنع: 144.
(279)
45 ـ باب شرب الخمر والغناء
إعلم ـ يرحمك الله ـ أن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينه، وحرم رسول الله صلى الله
عليه وآله كل شراب مسكر، ولعن رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر، وغارسها،
عاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وشاربها، وآكل ثمنها،
وساقيها
(1) ، والمتحول فيها، فهي ملعونة، شراب لعين
(2) ، وشاربها اللعناء
(3).
واعلم أن شارب الخمر كعبدة الأوثان، وكناكح أمه في حرم الله، وهو يحشر يوم القيامة
مع اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا بالله اولئك حزب الشيطان ألا ان حزب
الشيطان هم الخاسرون.
واعلم أن من شرب من الخمر قدحاً واحداً، لا يقبل الله صلاته أربعين يوماً،
(4).
ومن كان مؤمناً فليس له في الايمان حظ، ولا في الإسلام له نصيب، ولا يقبل منه
الصرف ولا العدل، وهو أقرب إلى الشرك من الإيمان. خصماء الله
(5) واعداؤه في
أرضه، شرّاب الخمر والزناة.
فإن مات في أربعين يوماً لا ينظر الله اليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه، وله
____________
(1) الفقيه 4: 40 عن رسالة أبيه، المقنع: 152 باختلاف يسير.
(2) في نسخة « ش »: « فهي الملعونة وشراب اللعين ».
(3) في نسخة « ض »: « لعينان ».
(4) الفقيه 4: 41 عن رسالة أبيه و4:4 و 255، المقنع: 153، عقاب الاعمال:
289|2 باختلاف في ألفاظه، من « واعلم ان من شرب...».
(5) في نسخة « ش »: « الرحمن ».
(280)
عذاب أليم، ولا يقبل توبته في أربعين، وهو في النار لاشك فيه
(1)
.
وقال ( صلى الله عليه وآله )
(2): « الخمر حرام بعينه، والمكسر
من كل شراب، فما أسكر كثيره فقليله حرام »
(3).
ولها خمسة أسام: العصير من الكرم وهي الخمر الملعونة، والنقيع من الزبيب، ( البتع )
(4) من العسل، والمزر
(5) من الشعير وغيره
، والنبيذ من التمر
(6).
وإياك أن تزوج شارب الخمر، فإن زوجته فكأنما قدت
(7) إلى
الزنا.
ولا تصدقه إذا حدثك، ولا تقبل شهادة، ولا تأمنه على شيء من مالك، فإن ائتمنته فليس
لك على الله ضمان
(8)، ولا تؤاكله، ولاتصاحبه، ولا تضحك في
وجهه، ولا تعانقه، وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشيع لجنازته
(9).
واعلم أن أصل الخمر من الكرم إذا أصابته النار، او غلى من غير أن تصيبه النار فهو
خمر، ولا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه
(10) النار ويبقى ثلثه.
فإن نش من غير أن تصيبه النار، فدعه حتى يصير خلاً من ذاته من غير أن يلقى فيه شيء، فإن تغير بعد ذلك وصار خمراً، فلا بأس أن يطرح فيه ملح ـ أو غيره ـ حتى
يتحول خلاً.
وإن صب في الخل خمر، لم يحل أكله حتى يذهب عليه أيام يصير خلاً، ثم اكل
(11) بعد ذلك
(12).
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 4: 255، والمقنع: 153، وعقاب الأعمال: 292، من
«فإن مات في أربعين... ».
(2) في نسخة « ش»: « العالم عليه السلام ».
(3) المقنع: 152، 153، الفقيه 4: 40 و 255، الخصال: 609، عيون أخبار
الرضا عليه السلام 2: 126. باختلاف يسير.
(4) البتع: نبيذ العسل « الصحاح ـ بتع ـ 3: 1183 ».
(5) المزر: نبيذ الذرة « الصحاح ـ مزر 2: 816 ».
(6) الفقيه 4: 40 عن رسالة والده، المقنع: 152.
(7) في نسخة « ش » و « ض »: « زوجته » وما أثبتناه من البحار 79: 142|55.
(8) المقنع: 153 باختلاف يسير.
(9) ورد مؤداه في الفقيه 4: 41|133، وجامع الأخبار: 178.
(10) في نسخة « ش»: « من ».
(11) في نسخة « ش »: « يؤكل ».
(12) الفقيه 4: 40، المقنع: 153 عن رسالة أبيه.
(281)
ولا بأس أن تصلي في ثوب أصابه الخمر، لأن الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة
في ثوب أصابه
(1).
وإن خاط خياط ثوبك بريقه، وهو شارب الخمر، فإن كان يشرب غياً فلا بأس، وإن
كان مدمناً للشرب ـ كل يوم ـ فلا تصّل في ذلك الثوب حتى يغسل. ولا تصلّ في بيت فيه
خمر محصورة في آنية
(2).
ولا تأكل في مائدة يشرب عليها بعدك خمر، ولا تجالس شارب الخمر
(3)، ولا تسلم عليه إذا جزت به فإن سلم عليك فلا ترد عليه السلام
بالمساء والصبح، ولا تجتمع معه في مجلس، فإنّ اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس
(4).
واعلم أن الغناء مما قد وعد الله عليه النار في قوله: (
ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله
بغير علم، يتخذها هزواً اولئك لهم عذاب مهين )
(5)،
(6).
وقد نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله بعض أصحابه فقال: جعلت فداك، إن
لي جيراناً ولهم جوار قينات
(7) يتغنين يضربن بالعود، فربما
دخلت الخلاء فاطيل الجلوس استماعاً مني لهم. قال: فقال له أبو عبد الله عليه السلام: «
لا تفعل » فقال الرجال: والله ما هو شيء أتيته برجلي، إنما هو شيء أسمع بأذني. فقال
ابو عبد الله عليه السلام: « بالله أنت ما سمعت قول الله تبارك وتعالى: (
ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا
)
(8).
وأروي في تفسير هذه الآية: انه يسأل السمع عما سمع، البصر عما نظر، والقلب عما
عقد عليه ».
____________
(1) الفقيه 4: 41|132، المقنع: 153.
(2) الفقيه 4: 41|132، المقنع: 25 و 153 باختلاف يسير، من « ولا تصل... ».
(3) المقنع: 135 باختلاف يسير.
(4) الفقيه 4: 41|132، المقنع: 135 باختلاف يسير، من « ولا تجتمع معه... ».
(5) لقمان 31: 6.
(6) الفقيه 4: 41|134، المقنع: 154 باختلاف يسير.
(7) في نسخة « ش »: « مغنيات ».
(8) الاسراء 17: 36.
(282)
فقال الرجل: كأني لم أسمع بهذه الآية في كتاب الله من عجمي وعربي، لا جرم اني قد
تركتها، واني أستغفر الله.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: « إذهب فاغتسل وصلّ ما بدالك، فلقد كنت مقيماً على أمر
عظيم، ما كان أسوأ حالك لو كنت مت على هذا! استغفر الله واسال الله التوبة من كل ما
يكره، فانه لا يكره، فانه لا يكره إلا القبيح، والقبيح دعه لأهله، فإن لكل قبيح أهلاً »
(1).
ونروي أنه من أبقى في بيته طنبوراً أو عوداً أو شيئاً من الملاهي من المعزفة و الشطرنج
وأشباهه ـ أربعين يوماً ـ فقد باء بغضب من الله، فإن مات ـ في أربعين ـ مات فاجراً
فاسقاً، مأواه النار وبئس المصير
(2).
وان الله تعالى حرم الخمر لما فيها من الفساد، وبطلان العقول في الحقائق، و ذهاب
الحياء من الوجه، وأن الرجل إذا سكر فربما وقع على امه، أو قتل النفس التي حرم الله
، ويفسد أمواله، ويذهب بالدين، ويسيء المعاشرة، ويوقع العربدة، وهو يورث ـ مع
ذلك ـ الداء الدفين
(3). فمن شرب الخمر في دار الدنيا سقاه الله من طينة
خبال، وهي صديد أهل النار
(4).
و روي: أن من سقى صبياً جرعة من مسكر، سقاه الله من طينة الخبال حتى يأتي بعذر
مما أتى، وإن لا يأتي أبداً يفعل به ذلك، مغفوراً له أو معذباً
(5).
وعلى شارب كل مسكر مثل ما على شارب الخمر من الحد
(6).
واعلم أن السحق مثل اللواط، إذا قامت على المرأتين البينة بالسحق، فعلى كل واحدة منهما ضربة بالسيف، أو هدمة أو طرح جدار، وهن الرسيّات اللواتي ذكرن
____________
(1) الفقيه 1: 45|177، الكافي 6: 432|10 التهذيب 1: 116|304 باختلاف يسير.
(2) ورد مؤداه في الفقيه 4: 42|135.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 3: 218|1009، وعلل الشرائع: 476|1 و2: 484|1، وأمالي الصدوق:
530|1.
(4) الفقيه 4: 4، أمالي الصدوق: 346. باختلاف يسير.
(5) ورد مؤداه في الخصال: 635، والكافي 6: 397|7.
(6) ورد مؤداه في الفقيه 4: 40|130، الهدايه: 76، وعلل الشرائع: 539|8.
(283)
في القرآن (1).
وكذلك إذا قامت البينة في اللواط الأكبر وهو الإيقاب، واللواط الأصغر فيه الحد مائة
جلدة، وحد الزاني والزانية أغلظ ما يكون من الحد، وأشد ما يكون من الضرب.
____________
(1) ورد مؤداه في مكارم الأخلاق: 232.