23 ـ باب الصلاة على الميت
واعلم أن أولى الناس بالصلاة على الميت الولي، أو من قدمه الولي، فإن كان في القوم رجل من
بني هاشم فهو أحق بالصلاة إذا قدمه الولي، فإن تقدم من غير أن يقدمه الولي فهو
غاصب
(1).
فإذا صليت على جنازة مؤمن، فقف عند صدره أو عند وسطه، وارفع يديك بالتكبير
الأول وكبر وقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله
، وأن الموت حق، والجنة حق، والنار حق، والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب
فيها، وأن الله يبعث من في قبور.
ثم كبر الثانية وقل: اللهم صلّ على محمد وآل محمد، وارحم محمداً وآل محمد،
أفضل ما صليت وباركت، ورحمت وترحمت، وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم،
في العالمين إنك حميد مجيد.
ثم تكبر الثالثة وتقول: اللهم اغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات
، الأحياء منهم والأموات، تابع بيننا وبينهم بالخيرات، إنك مجيب الدعوات وولي
الحسنات، يا أرحم الراحمين.
ثم تكبر الرابعة وتقول: اللهم إن هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك، نزل بساحتك
وأنت خير منزول به، اللهم إنّا
(2) لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منّا، اللهم إن
كان محسناً فزد في إحسانه إحساناً
(3)، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه، واغفر لنا وله،
اللهم احشره
____________
(1) الفقيه 1: 102 عن رسالة أبيه، والمقنع: 20 باختلاف يسير.
(2) ليس في نسخة « ش ».
(3) ليس في نسخة « ش ».
(178 )
مع من يتولاه ويحبه، وأبعده ممن يتبراه ويبغضه، اللهم ألحقه بنبيك وعرف بينه
وبينه
(1)، وارحمنا إذا توفيتنا ( يا أرحم الراحمين )
(2).
ثم تكبر الخامسة وتقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب
النار
(3).
ولا تسلم ولا تبرح من مكانك حتى ترى الجنازة على أيدي الرجال
(4).
وإذا كان الميت مخالفاً فقل في تكبيرك الرابعة: اللهم اخز عبدك وابن عبدك هذا،
اللهم اصله نارك، اللهم أذقه أليم عقابك وشديد عقوبتك، وأورده ناراً واملأ جوفه ناراً
، وضيّق عليه لحده، فإنه كان معادياً لأوليائك وموالياً لأعدائك، اللهم لا تخفف عنه
العذاب واصبب عليه العذاب صبّاً. فإذا رفع جنازتة فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه
(5).
واعلم أن الطفل لا يصلّي عليه حتى يعقل الصلاة، فإذا حضرت مع قوم يصلون
عليه فقل: اللهم اجعله لأبويه ولنا ذخراً ومزيداً وفرطاً
(6) وأجراً
(7).
وإذا صليت على مستضعف فقل: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب
الجحيم.
وإذا لم تعرف مذهبه فقل: اللهم هذه النفس أنت أحييتها وأنت أمتّها، دعوت فأجابتك،
اللهم ولّها ما تولّت، واحشرها مع من أحبت، وأنت أعلم بها
(8).
فإذا اجتمع جنازة رجل وامرأة وغلام ومملوك فقدم المرأة إلى القبلة، واجعل المملوك
بعدها، واجعل الغلام بعد المملوك والرجل بعد الغلام مما يلي الإمام، ويقف
____________
(1) في نسخة « ش »: « وبين نبيه ».
(2) في نسخة « ض »: « يا إله العالمين ».
(3) الفقيه 1: 101|469، والمقنع: 20 باختلاف في ألفاظه.
(4) الفقيه 1: 101|469.
(5) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 105|490 و491.
(6) الفرط: هو الذي يتقدم الواردين فيهيء لهم الدلاء ويستقي لهم، ومنه قيل للطفل
الميت: اللهم اجعله لنا فرطا، أي أجراً يتقدمنا حتى نرد عليه. « الصحاح ـ فرط ـ
3: 1148 ».
(7) ورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 104|486، والمقنع: 21.
(8) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 1: 106|491، والمقنع: 21.
(179 )
الإمام خلف الرجل في وسطه، ويصلي عليهم جميعاً صلاة واحدة
(1).
وإذا صليت على الميت وكانت الجنازة مقلوبة، فسوّها وأعد الصلاة عليها مالم يدفن
(2).
فإذا فاتك مع الإمام بعض التكبير ورفعت الجنازة، فكبر عليها تمام الخمس وأنت مستقبل القبلة
(3).
وإن كنت تصلي على الجنازة وجاءت الأخرى فصلّ عليهما صلاة واحدة بخمس تكبيرات
، وإن شئت استأنفت على الثانية
(4).
ولا بأس أن يصلي الجنب على الجنازة، والرجل على غير وضوء، والحائض، إلا
أن الحائض تقف ناحية ولا تخلط بالرجال
(5)، وإن كنت جنباً وتقدمت للصلاة عليها،
فتيمم أو توضأ وصلّ عليها
(6).
وقد كره أن يتوضأ إنسان عمداً
(7) للجنازة، لأنه ليس بالصلاة إنما هو التكبير، و
الصلاة هي التي فيها الركوع والسجود
(8).
وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير
(9).
ولا يصلّي
(10) على الجنازة بنعل حذو
(11).
ولا يجعل ميتين على جنازة واحدة، فإن لم تلحق الصلاة على الجنازة حتى يدفن الميت،
فلا بأس أن تصلي بعدما دفن، وإذا صلّى الرجلان على الجنازة، وقف
____________
(1) الفقيه 1: 107، عن رسالة أبيه، والمقنع: 21.
(2) الفقيه 1: 102|470، والمقنع: 21 باختلاف يسير.
(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 102|471، والتهذيب 3: 325|1012، والاستبصار
1: 484|1877.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 1: 102|470، والمقنع: 21.
(5) المقنع: 21 باختلاف يسير.
(6) الفقيه 1: 107|497 باختلاف يسير.
(7) في نسخة « ض » زيادة: « متعمداً ».
(8) ورد مؤداه في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 115، والكافي 3: 178|1.
(9) الفقيه 1: 106|493.
(10) في نسخة « ش »: « تصل ».
(11) ليس في نسخة « ش » وفي نسخة « ض »: « حد »، وما أثبتناه من البحار
81: 354، ومنه « لا تصل على الجنازة بنعل حذو » أي نعل يحتذي به « مجمع
البحرين 1: 97 ».
(180 )
أحدهما خلف الاخر ولا يقوم بجنبه
(1).
____________
(1) الفقيه 1: 106 عن رسالة أبيه باختلاف يسير.
(181 )
24 ـ باب آخر في غسل الميت والصلاة عليه
إعلم ـ يرحمك الله ـ أن تجهيز الميت فرض واجب على الحي، عودوا مرضاكم وشيعوا
جنازة موتاكم، فإنها من خصال الإيمان، وسنة نبيكم صلّى الله عليه وآله وسلم، تؤجرون على ذلك ثواباً عظيماً فإذا حضر ( أحدكم الموت )
(1) فاحضروا عنده بالقرآن،
وذكر الله، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وغسل الميت مثل غسل الحي من الجنابة، إلا أنّ غسل الحي مرة واحدة بتلك الصفات
، وغسل الميت ثلاث مرات على تلك الصفات، تبتدئ بغسل
(2) اليدين إلى نصف
المرفقين ثلاثاً ثلاثا
(3) ثم الفرج ثلاثاً ثم الرأس ثلاثاً، ثم الجانب الأيمن ثلاثاً ثم الجانب
الأيسر ثلاثاً، بالماء والسدر. ثم تغسله مرة اُخرى بالماء والكافور على هذه الصفة،
ثم بالماء القراح مرة ثالثة، فيكون الغسل ثلاث مرات، كل مرة خمسة عشر صبة.
ولا تقطع الماء إذا ابتدأت بالجانبين من الرأس إلى القدمين، فإن كان الإناء يكبر عن ذلك وكان
الماء قليلاً، صببت في الأول مرة واحدة على اليدين، ومرة على الفرج، ومرة على
الرأس، ومرة على الجنب الأيمن، ومرة على الجنب الأيسر، بإفاضة لا يقطع الماء
من أول الجانبين إلى القدمين، ثم عملت ذلك في سائر الغسل، فيكون غسل كل مرة
واحدة على ما وصفناه.
ويكون الغاسل على يديه خرقة، ويغسل الميت من وراء ثوب أو يستر عورته بخرقة.
____________
(1) في نسخة « ض »: « أحدهم الوفاة ».
(2) في نسخة « ش »: « تغسل ».
(3) ليس في نسخة « ش ».
(182 )
فإذا فرغت من غسله حنطه بثلاثة عشر درهماً وثلث درهم كافوراً تجعل في المفاصل
، ولا تقرب السمع والبصر، وتجعل في موضع سجوده.
وأدنى ما يجزيه من الكافور مثقال ونصف
(1).
ثم يكفن بثلاث قطع وخمس وسبع، فأمّا الثلاثة: مئزر وعمامة ولفافة، والخمس:
مئزر وقميص وعمامة ولفافتان
(2).
وروي أنه لا يقرب الميت من الطيب شيئاً ولا البخور، إلا الكافور، فإن سبيله سبيل
المحرم
(3).
وروي اطلاق المسك فوق الكفن وعلى الجنازة
(4) لأن في ذلك تكرمة للملائكة، فما من
مؤمن يقبض روحه إلا تحضر عنده الملائكة.
وروي أنّ الكافور يجعل في فمه وفي مسامعه وبصره ورأسه ولحيته ـ وكذلك المسك
ـ وعلى صدره وفرجه.
وقال ( العالم عليه السلام )
(5): الرجل والمرأة سواء، وقال العالم عليه السلام:
غير أني أكره أن يجمر ويتبع بالمجمرة
(6)، ولكن يجمر الكفن.
وقال العالم عليه السلام: تؤخذ خرقة فيشهدها على مقعدته ورجليه، قلت: الإزار،
قال العالم عليه السلام: انها لا تعد شيئاً، وإنما اُمر بها لكي لا يظهر منه شيء. وذكر
العالم عليه السلام أن ما جعل من القطن أفضل
(7). وقال العالم عليه السلام: يكفن
بثلاثة أثواب: لفافة، وقميص، وإزار
(8).
وذكر العالم عليه السلام أن عليّاً عليه السلام غسل النبي صلى الله عليه وآله
____________
(1) التهذيب 1: 291|849 باختلاف يسير. من « وأدنى ما يجزيه... ».
(2) ورد مؤداه في الفقيه 1: 92|18.
(3) ورد مؤداه في الكافي 3: 147|3، والتهذيب 1: 295|863.
(4) ورد مؤداه في الكافي 3: 143|3، والتهذيب 1: 307|889.
(5) ليس في نسخة « ض ». وكذلك في الموارد الاتية.
(6) ورد مؤداه في الكافي 3: 143|4. من « وروي أن الكافور... ».
(7) ورد باختلاف يسير في الكافي 3: 144|9، والتهذيب 1: 308|894.
(8) الفقيه 1: 92|420 باختلاف يسير.
(183 )
وسلم في قميصه
(1) وكفنه في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين
(2) وثوب حبرة
يمنية
(3).
ولحد له أبو طلحة، ثم خرج أبو طلحة ودخل علي عليه السلام القبر، فبسط يده فوضع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فأدخله اللحد.
وقال العالم عليه السلام: إن علياً عليه السلام لما أن غسّل رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وفرغ من غسله، نظر في عينه
(4) فرأى فيها شيئاً، فانكب عليه فأدخل
لسانه فمسح ما كان فيها، فقال: « بأبي واُمي يا رسول الله ( صلى الله عليك )
(5)
طبت حيّاً وطبت ميّتاً ».
قال العالم عليه السلام
(6): وكتب أبي في وصيته: أن أكفنه في ثلاثة أثواب:
أحدها رداء له حبرة وكان يصلي فيه يوم الجمعة، وثوب آخر، وقميص، فقلت لأبي
: لم تكتب هذا؟ فقال: إني أخاف أن يغلبك الناس، يقولون: كفّنه بأربعة أثواب أو
خمسة، فلا تقبل قولهم. وعصبته بعد بعمامة، وليس تعدّ العمامة من الكفن، إنما تعد
مما يلف به الجسد، وشققنا له القبر شقاً من أجل أنه كان رجلا بديناً وأمرني أن أجعل
ارتفاع قبره أربعة أصابع مفرجات
(7).
وقال العالم عليه السلام
(8): تتوضأ إذا أدخلت القبر الميت
(9)، واغتسل إذا غسلته
(10) ولا تغتسل إذا حملته.
وإذا أردت أن تصلي على الميت فكبر عليه
(11) خمس تكبيرات يقوم الامام عند وسط
الرجل وصدر المرأة، يرفع اليد بالتكبير الأول، ويقنت بين كل تكبيرتين،
____________
(1) مختلف الشيعة: 44، وفيه « وقد تواترات الأخبار عليهم السلام ان علياً... ».
(2) نسبة إلى صحار قرية باليمن تنسب إليها الثياب، « مجمع البحرين ـ صحر ـ
3: 361 ».
(3) ورد باختلاف يسير في الكافي 3: 143|2 والتهذيب 1: 291|850.
(4) في نسخة « ض »: « عينيه ».
(5) ليس في نسخة « ش ».
(6) في نسخة « ض »: « قاله العالم عليه السلام ».
(7) التهذيب 1: 300|876 باختلاف يسير.
(8) ليس في نسخة « ض »، وكذا في الموارد الاتية.
(9) التهذيب 1: 321|934.
(10) ورد مؤداه في الفقيه 1: 98|451.
(11) ليس في نسخة « ش ».
(184 )
والقنوت ذكر الله، والشهادتين، والصلاة على محمد وآله، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات،
هذا في تكبيرة بغير رفع اليدين ولا تسليم، لأن الصلاة على الميت إنما هو دعاء و
تسبيح واستغفار
(1).
وصاحب الميت لا يرفع الجنازة ولا يحثو التراب، ويستحب له أن يمشي حافياً حاسراً
مكشوف الرأس.
وروي أنه يعمل صاحب كل مصيبة فيها على مقدارها في نفسه، ومقدار مصيبته
في الناس.
ويصلي عليه أولى الناس به، فإذا وضعته عند القبر وجعلت رأس الميت مما يلي
الرجلين، وينتظر هنيهه ثم يسل سلاًّ رفيقاً فيوضع في لحده، ويكشف وجهه ويلصق
خده الأرض، ويلصق أنفه بحائط
(2) القبر، ويضع يده اليمنى على أذنه
(3).
وروي يضع فمه على أذنه ـ الذي يدفنه ـ ويذكر ما يجب أن يذكر من الشهادتين،
ويتبعه بالدعاء
(4)، ويجعل معه في أكفانه شيئاً من طين القبر وتربة الحسين ابن علي
عليهما السلام
(5).
ويغتسل الغاسل، ويتوضأ الدافن إذا خرج من القبر
(6).
وتقول في التكبيرة الاُولى
(7) في الصلاة: أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله رب العالمين رب
الموت والحياة، وصلّى الله على محمد وعلى أهل بيته، وجزى الله محمداً عنّا خير
الجزاء، بما صنع لأمته، وما بلغ من رسالات ربه، ثم يقول: اللهم عبدك وابن
عبدك وابن أمتك، ناصيته بيدك، تخلّى من الدنيا واحتاج إلى ما عندك، نزل بك وأنت
خير منزول به، وافتقر إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه. اللهم إنّا لا نعلم منه إلا
خيراً
____________
(1) ورد مؤداه في الفقيه 1: 101|469، والمقنع: 20، والهداية: 25.
(2) في نسخة « ش »: « تجاه ».
(3) ورد مؤداه في المقنع: 20.
(4) ورد مؤداه في الكافي 3: 195|5.
(5) ورد مؤداه في التذهيب 6: 75|149، والاحتجاج: 489.
(6) ورد مؤداه في الكافي 3: 160|2، والتهذيب 1: 428|1364.
(7) في نسخة « ض »: « ويقول في تكبيره الأول و ».
(185 )
وأنت أعلم به منّا
(1)، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه ( وتقبل منه )
(2) وإن كان مسيئاً فاغفر له ذنبه
وارحمه، وتجاوز عنه برحمتك، اللهم ألحقه بنبيك، وثبته بالقول الثابت في الدنيا والآخرة، اللهم اسلك بنا وبه
سبيل الهدى، واهدنا وإيّاه صراطك المستقيم اللهم
(3) عفوك عفوك.
ثم تكبر الثانية، وتقول مثل ما قلت، حتى تفرغ من خمس تكبيرات
(4).
وقال العالم عليه السلام: ليس فيها التسليم
(5).
فإذا أتيت به القبر فسله من قبل رأسه، فإذا وضعته في القبر فأقرأ آية الكرسي وقل: بسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله، اللهم افسح له في قبره، وألحقه بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم. وقل كما قلت في الصلاة مرة
واحدة، واستغفر له ما استطعت.
قال العالم عليه السلام: وكان علي بن الحسين عليه السلام، اذا ادخل الميت القبر، قام على قبره ثم قال: اللهم
جاف الارض عن ( جنبيه، وأصعد )
(6) عمله، ولقّه منك رضواناً
(7).
وعن أبيه، قال: إذا مات المحرم، فليغسل وليكفن كما يغسل الحلال، غير أنه لا يقرب الطيب، ولا يحنط
ويغطى وجهه، والمرأة تكفن بثلاثة أثواب: درع، وخمار، ولفافة، ـ تدرج فيها ـ وحنوط الرجل والمرأة
سواء.
وعن ابيه عليه السلام: أنه كان يصلي على الجنازة بعد العصر، ما كانوا في وقت الصلاة حتى تصفار
(8)
الشمس، فإذا اصفارت
(9) لم يصلّ عليها ( حتى تغرب )
(10).
____________
(1) ليس في نسخة « ض ».
(2) ليس في نسخة « ش ».
(3) ليس في نسخة « ض ».
(4) الكافي 3: 184|4 باختلاف يسير.
(5) ورد باختلاف في الفاظه في الكافي 3: 185|2 و3، والتهذيب 3: 192|437، 438.
(6) في نسخة « ض »: « جنبه وصعد ».
(7) الكافي 3: 194|1، والتهذيب1: 315|915.
(8) في نسخة « ش »: « تصفر ».
(9) في نسخة « ش »: « اصفرت ».
(10) ليس في نسخة « ش » وقد ورد مؤداه في الكافي 3: 180|2، والتهذيب
3: 320|996، والاستبصار 1: 470|1814 و1816. من « وعن أبيه أنه كان...».
(186 )
وقال العالم عليه السلام: لا بأس بالصلاة على الجنازة حين تغيب الشمس وحين تطلع،
إنما هو استغفار
(1).
____________
(1) التهذيب 3: 321|999، والإستبصار 1: 470|1815.
(187 )
25 ـ باب آخر في الصلاة على الميت
قال عليه السلام: تكبر، ثم تصلّي على النبي وأهل بيته، ثم تقول: اللهم عبدك وابن
عبدك وابن أمتك، لا أعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسناً ( فزد في
إحسانه وتقبل منه وإن كان مسيئاً فاغفر له ذنبه )
(1) وافسح له في قبره، واجعله
من رفقاء محمد صلّى الله عليه وآله وسلم.
ثم تكبر الثانية وتقول: اللهم إن كان زاكياً
(2) فزكه، وإن كان خاطئاً فاغفر له.
ثم تكبر الثالثة وتقول: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده.
ثم تكبر الرابعة وتقول: اللهم اكتبه عندك في علّيين، واخلف على أهله في الغابرين،
واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم تكبر الخامسة وتنصرف
(3).
وإذا كان ناصباً فقل: اللهم إنّا لا نعلم إلا أنه عدوّ لك ولرسولك، اللهم فاحش جوفه
ناراً، وقبره ناراً، وعجله إلى النار، فإنه كان يتولى أعداءك، ويعادي أولياءك،
ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيق عليه قبره. فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه
ولا تزكه.
وإذا كان مستضعفاً فقل: اللهم اغفر للّذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم.
وإذا لم تدر ما حاله فقل: اللهم إن كان يحب الخير وأهله، فاغفر له وارحمه
____________
(1) ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».
(2) في نسخة « ض »: « زكياً ».
(3) الكافي 3: 183|2.
(188 )
وتجاوز عنه
(1).
وإذا ماتت المرأة وليس معها ذو محرم ولا نساء، تدفن كما هي في ثيابها، وإذا مات
الرجل وليس معه ذو محرم ولا رجال يدفن كما هو ( في ثيابه )
(2).
ونروي أن علي بن الحسين عليهما السلام لما أن مات، قال أبو جعفر عليه السلام:
« لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك ».
فأدخل يده وغسل جسده، ثم دعا اُم ولد له فأدخلت يدها وغسلت عورته
(3)، وكذلك
فعلت أنا بأبي.
قال جعفر عليه السلام: « صلّى عليّ على سهل بن حنيف ـ وكان بدريّاً ـ فكبر
خمس تكبيرات، ثم مشى ساعة فوضعه، ثم كبر عليه خمساً اُخرى، فصنع ذلك حتى
كبّر عليه خمساً وعشرين تكبيرة »
(4).
وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أوصى إلى علي عليه السلام: إلا
يغسلني غيرك. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله من يناولني الماء؟ وإنك رجل
ثقيل لا أستطيع أن اُقلّبك، فقال: جبرائيل معك يعاونك، ويناولك الفضل
(5) الماء،
وقل له فليغطّ عينيه، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه. قال
عليه السلام: كان الفضل يناوله الماء، وجبرائيل يعاونه، وعلي عليه السلام يغسله
(6).
فلما أن فرغ من غسله وكفنه، أتاه العباس فقال: يا علي، إن الناس قد اجتمعوا على
أن يدفنوا
(7) النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في بقيع المصلّى، وأن يؤمهم رجل
منهم.
فخرج علي عليه السلام إلى الناس فقال: يا أيها الناس، أما تعلمون أن رسول الله
صلّى الله عليه وآله إمامنا حيّاً وميّتاً؟ وهل تعلمون أنه صلّى الله عليه وآله لعن من
____________
(1) الفقيه 1: 105|491.
(2) ليس في نسخة « ش » وورد باختلاف يسير في الفقيه 1: 94|430، والتهذيب
1: 440|1423.
(3) في نسخة « ض »: « مراقه ». ومراق البطن: ما رقّ منه « القاموس المحيط
ـ رقق ـ 3: 237 ».
(4) الكافي 3: 186|2، والتهذيب 3: 325|1011، والاستبصار 1: 484|1876.
باختلاف يسير من « قال جعفر عليه السلام: صلّى علي.... ».
(5) المقصود به: الفضل بن العباس بن عبد المطلب.
(6) ورد مؤداه في الطرف: 42، وإعلام الورى 1: 144.
(7) في نسخة « ش »: « يدفن ».
(189 )
جعل القبور مصلّى؟ ولعن من يجعل مع الله إلهاً؟ ولعن من كسر رباعيته، وشقّ
لثته؟
فقالوا: الأمر إليك فاصنع ما رأيت، قال: وإني أدفن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلّم في البقعة التي قبض فيها. ثم قام على الباب فصلّى عليه، ثم أمر الناس عشرة
عشرة يصلون عليه ثم يخرجون »
(1).
قال العالم عليه السلام: أول من جعل له النعش فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه
وآله وسلّم صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها
(2).
____________
(1) الكافي 1: 375|37 باختلاف في ألفاظه.
(2) الفقيه 1: 124|597، والتهذيب 1: 469|1539.
(190 )
26 ـ باب الاعتكاف
قال العالم عليه السلام: وسئل عن الإعتكاف فقال: لا يصلح الإعتكاف إلا في المسجد
الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة، ومسجد الجماعة، ويصوم مادام معتكفاً
(1).
ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد، إلا لحاجة لا بدّ منها، وتشييع الجنازة،
ويعود المريض، ولا يجلس حتى يرجع من ساعته، واعتكاف المرأة مثل اعتكاف الرجل
(2).
قال العالم عليه السلام: كانت بدر في رمضان، فلم يعتكف النبي صلى الله عليه وآله
وسلّم، فلمّا كان من قابل اعتكف عشرين يوماً من رمضان: عشرة لعامه، وعشرة قضاء
لما فاته عليه السلام
(3).
____________
(1) الكافي 4: 176|3.
(2) ورد باختلاف يسير في الفقيه 2: 120|521 و122|529، والكافي 4: 178|3.
(3) الفقيه 2: 120|518، والكافي 40: 175|2.
(191 )
27 ـ باب الحيض، والإستحاضة، والنفاس، والحامل، ودم القرحة
والعذرة، والصفراء إذا رأت، وما يستعمل فيها
إعلم أن أقل ما يكون أيام الحيض ثلاثة أيام، وأكثر ما يكون عشرة أيام، فعلى المرأة أن
تجلس عن الصلاة بحسب عادتها، ما بين الثلاثة إلى العشرة، لا تطهر في أقل
من ذلك، ولا تدع الصلاة أكثر من عشرة أيام.
والصفرة قبل الحيض حيض، وبعد أيام الحيض ليست من الحيض.
فإذا زاد عليها الدم ـ على أيامها ـ إغتسلت في كل يوم مع الفجر، واستدخلت
الكرسفة
(1) وشدت وصلّت ثم لا تزال تصلي يومها ما لم يظهر الدم فوق الكرسف والخرقة،
فإذا ظهر أعادت الغسل، وهذه صفة ما تعمله المستحاضة بعد أن تجلس أيام الحيض على عادتها.
والوقت الذي يجوز فيه نكاح المستحاضة، وقت الغسل وبعد أن تغتسل وتنظف، لأن
غسلها يقوم مقام الطهر للحايض
(2)، والنفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضها
وهي عشرة أيام، وتستظهر بثلاثة أيام، ثم تغتسل فإذا رأت الدم عملت كما تعمل
المستحاضة.
وقد روي ثمانية عشر يوماً، وروي ثلاثة وعشرين يوماً، وبأي هذه الأحاديث أخذ من
جهة التسليم جاز.
والحامل إذا رأت الدم في الحمل كما كانت تراه، تركت الصلاة أيام الدم،
____________
(1) الكرسف: القطن « الصحاح ـ كرسف ـ 4: 1421 ».
(2) ورد مؤداه في الفقيه 1: 50 عن رسالة أبيه، والمقنع: 15، والهداية: 21.
(192 )
فإن رأت صفرة لم تدع الصلاة، وقد روي أنها تعمل ما تعمله
(1) المستحاضة إذا
صح لها الحمل فلا تدع الصلاة، والعمل من خواص الفقهاء على ذلك
(2).
واعلم أن أول ما تحيض المرأة دمها كثير، ولذلك صار حدّها عشرة أيام.
فإذا دخلت في السن نقص دمها، حتى يكون قعودها تسعة أو ثمانية أو سبعة وأقل
من ذلك، حتى ينتهى إلى أدنى الحد وهو ثلاثة أيام.
ثم ينقطع الدم عليها، فتكون ممن قد يئست من الحيض
(3).
وتفسير المستحاضة أن دمها يكون رقيقاً تعلوه صفرة، ودم الحيض إلى السواد وله رقة
(4)
فإذا دخلت المستحاضة في حد حيضتها الثانية، تركت الصلاة حتى تخرج الأيام التي
تقعد في حيضها، فإذا ذهب عنها الدم إغتسلت وصلت.
وربما عجل الدم من الحيضة الثانية، والحد بين الحيضتين القرء وهو عشرة أيام بيض.
فإن رأت الدم بعد اغتسالها من الحيض قبل استكمال عشرة أيام بيض، فهو ما بقي من الحيضة
الاُولى.
وإن رأت الدم بعد العشرة البيض، فهو ما تعجل من الحيضة الثانية.
فإذا دام دم المستحاضة ومضى عليها مثل أيام حيضها، أتاها زوجها متى ما شاء، بعد
الغسل أو قبله
(5).
ولا تدخل الحائض المسجد إلا أن تكون مجتازة، ويجب عليها عند حضور كل صلاة أن
تتوضأ وضوء الصلاة، وتجلس مستقبل القبلة وتذكر الله بمقدار صلاتها كل يوم.
وإذا
(6) رات يوماً أو يومين فليس ذاك
(7) من الحيض، ما لم تر ثلاثة أيام متواليات
، وعليها أن تقضي الصلاة التي تركتها في اليوم واليومين.
وإن رأت الدم أكثر من عشرة أيام، فلتقعد عن الصلاة عشرة، ثم تغتسل يوم حادي
____________
(1) في نسخة « ش »: « تعمل ».
(2) ورد مؤداه في الفقيه 1: 56|211، والكافي 3: 96|2 من « والحامل اذا رأت
الدم... ».
(3) ورد مؤداه في الكافي 3: 76|5، والتهذيب 1: 158|452.
(4) كذا، والظاهر أن الصواب: حرقة.
(5) ورد مؤداه في الكافي 3: 90|5 و6.
(6) في نسخة « ض »: « وان ».
(7) في نسخة « ش »: « ذلك ».
(193 )
عشر وتحتشي وتغتسل، فإن لم يثقب الدم القطن صلّت صلاتها، كل صلاة بوضوء.
وإن ثقب الدم الكرسف ولم يسل صلت صلاة اللّيل والغداة بغسل واحد، وسائر الصلوات
بوضوء.
وإن ثقب الدم الكرسف وسال، صلّت صلاة الليل والغداة بغسل، والظهر والعصر بغسل،
وتؤخر الظهر قليلاً وتعجل العصر، وتصلّي المغرب والعشاء الآخرة بغسل واحد،
وتؤخر المغرب قليلاً وتعجّل العشاء الاخرة.
فإذا دخلت في أيام حيضها تركت الصلاة.
ومتى ما اغتسلت على ما وصفت حلّ لزوجها أن يأتيها
(1).
وإذا رأت الصفرة في أيام حيضها فهو حيض، وإن
(2) رأت بعدها فليس من الحيض
(3).
وإذا أرادت الحائض بعدُ الغسل من الحيض فعليها أن تستبرئ والإستبراء أن تدخل
قطنة، فإن كان هناك دم خرج ولو مثل رأس الذباب لم تغتسل، وإن لم يخرج اغتسلت
(4).
وإذا أرادت المرأة أن تغتسل من الجنابة فأصابها الحيض، فلتترك الغسل حتى تطهر،
فإذا طهرت إغتسلت غسلاً واحداً للجنابة والحيض
(5).
وإذا رأت الصفرة أو شيئاً من الدم، فعليها أن تلصق بطنها بالحائط، وترفع رجلها اليسرى
ـ كما ترى الكلب إذا بال ـ وتدخل قطنة، فإن خرج فيها دم فهي حائض، وإن لم
يخرج فليست بحائض.
وإن اشتبه عليها الحيض بدم القرحة ـ فربما كان في فرجها قرحة ـ فعليها أن
تستلقي على قفاها وتدخل أصابعها، فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من القرحة،
وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحائض
(6).
____________
(1) الفقيه 1: 50 عن رسالة أبيه، من « ولا تدخل الحائض المسجد... »، والهداية:
21، من « واذا رأت يوماً أو يومين... »، والمقنع: 15، من « وإن رأت الدم...
».
(2) في نسخة « ش »: « واذا ».
(3) ورد باختلاف في ألفاظه في المقنع: 15.
(4) الفقيه 1: 53|203، والهداية: 22.
(5) الفقيه 1: 48|191.
(6) المقنع: 15، 16.
(194 )
وإن افتضّها زوجها ولم يرقأ
(1)
دمها، ولا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة، فعليها
أن تدخل قطنة، فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة، وإن خرجت منغمسة
فهو من الحيض
(2).
واعلم أن دم العذرة لا يجوز الشفرتين، ودم الحيض حار يخرج بحرارة شديدة، ودم
المستحاضة
(3) بارد يسيل وهي لا تعلم، وبالله التوفيق
(4).
____________
(1) لم يرقأ لم ينقطع. « القاموس المحيط ـ رقاً ـ 1: 16 ».
(2) المقنع: 17.
(3) في نسخة « ض »: « الإستحاضة ».
(4) المقنع: 16، وأورده عن رسالة أبيه في الفقيه 1: 54، من « وإذا رأت الصفرة
أو شيئاً من الدم.. ».