النتيجة

بهذا يمكننا حصر أهم دواعي الخليفة الإتيان بالوضوء الجديد بما يلي :
1 ـ إنّ عثمان كان يرى لنفسه أهليّة التشريع ووجوب الاقتداء به كأبي بكر وعمر ، وكان يتساءل مع نفسه ، كيف يحق لعمر أن يشرّع أوينهي مصلحة ، ولا يحقّ لي ذلك ؟
2 ـ لمّا كان عثمان من أتباع مدرسة الاجتهاد الرأي ، كان يرى لنفسه المبرّر لطرح ما يرتئيه من أفكار وتشريعها للمسلمين ، وقد طبّق بالفعل ما ارتآه من فعل الرسول ـ حسب ما حكاه هو ـ واعتبره سنّة ، في حين أنّ ما نقله ينبئ بأنّ الفعل الثلاثيّ وفي الوضوء كان من مختصّاته (ص) لقوله : (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي) ، إذ إنّه قد بيّن وضوء المرّة وقال عنه : (هذا وضوء لاتقبل الصلاة إلاّ به) ، وعن المرّتين : (هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرّتين) ، أمّا الثلاثة فقال عنها : (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي) ، أي إنّه (ص) كان يعني بأنّ هذا الفعل ـ على فرض صحّة صدوره عنه ـ هو مختصّ به وبالأنبياء وليس حكماً عامّاً للمسلمين ، بل وضوء المرّتين هو ما يضاعف به الأجر ، ويمكن للمسلمين العمل به .
أمّا عثمان فقد جاء ليعمّم هذه الرؤية ويجعلها سنّة رسول الله يجب الاقتداء بها وفقاً لرأيه .
3 ـ المعروف عن عثمان أنّه كان من المتشدّدين في الدين ذلك التشدّد المنهي عنه ، حتّى قيل عنه بأنّه كان يغتسل كلّ يوم خمس مرّات ، وكان لا يردّ سلام المؤمن إذا كان في حالة الوضوء ، وقال هو عن نفسه بأنّه لا يمدّ يده إلى ذكره منذ بايع رسول الله ، وغيرها من الأخبار المنقولة .
ومن البيّن أنّ مثل هذه الحالة النفسيّة الميّالة إلى التزيّد والمبالغة في التطهّر تجعل صاحبها مهيّأً للتزيّد في عدد غسلات الوضوء ، ولتفضيل الغسل على
(101)

المسح مادام يحقّق مزيداً من الإنقاء،وقد تفتح هذه الحالة أمامه باباً للإكثار والتزيّد لا يكاد يوصد .
4 ـ أشرنا سابقاً إلى أن الثورة على عثمان كانت تستبطن أمراً دينيّاً،وأنّ المنتفضين كانوا يطلبون من الخليفة العمل بالكتاب وسنّة رسول الله،وأنّ مواقفهم ضدّه توحي بأنهم كانوا يشكّكون في إيمانه،وأنّ الخليفة جاء ليؤكّد لهم على إيمانه ويذكّرهم بمواقفه في الإسلام كقوله لهم :
أنشدكم الله هل علمتم اني اشتريت رومة من مالي يستعذب بها،فجعلت رشائي منها كرشاء رجل من المسلمين !
قال : قيل : نعم .
قال : فما منعني أن أشرب منها حتّى أفطر على ماء البحر !
قال : أنشدكم الله،هل علمتم أنّي اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد ؟
قيل : نعم .
قال : فهل علمتم أحداً من الناس منع أن يصلّي فيه قبلي !
قال : أنشدكم الله،هل سمعتم منّي ...
فالخليفة وبتذكيره المسلمين هذه الأمور أراد الإشارة إلى قداسته ، وأراد إبعاد نيران الثورة عنه ومثله تماماً مبالغته في الوضوء وإظهار القدسية الزائدة في الوضوء دفعاً للناس عن قتله .
5 ـ إشغال الناس بالخلافات الفقهيّة والثانوية ، وذلك دفعاً لهم عن الخوض في ذكر مساوئ سياسته الماليّة والإداريّة ، وأنّ ابن عوف وابن أبي وقّاص وعليّاً وغيرهم من كبار الصحابة قد اهتمّوا بالفعل لمناقشة آراء الخليفة الجديدة وقد كلّفهم ذلك كثيراً من الجهد والوقت .
6 ـ من أكبر الدوافع وأعمقها في تغيير سياسة عثمان ، هو التفاف بني أميّة
(102)

حوله وابتعاد كبار الصحابة من التعاون مع الخليفة ، ممّا خلق لدى الخليفة فجوة واسعة وفراغاً فقهيّاً وعقائديّاً لم يسدّ إلاّ بالأمويين ومروان بن الحكم وكعب الأحبار .
كانت هذه من أهم النقاط التي أفرغت الخليفة والخلافة من محتواها وأبّهتها وقداستها ، وحدت بالخليفة أن يلتزم آراء فقهيّة مغلوطة وسياسات غير منهجيّة ، فكان نتاجها تخطّي سيرة الرسول وترك العمل بالكتاب .

عود على بدء

بهذا . . فقد عرفنا بأنّ النقمة على عثمان كانت تستبطن أمراً دينيّاً ، ملخّصه عدم عمل الخليفة بكتاب الله وسنّة نبيّه بل إحداث أمور لم تسنّ على عهد الرسول ولم يعمل بها الشيخان .
حيث أخرج الواقديّ بإسناده عن صهبان ـ مولى الأسلميين ـ في حديث طويل : قال أبو ذرّ لعثمان : اتبع سنّة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام .
فقال له عثمان : مالك وذلك لا أمّ لك !
فقال له أبو ذرّ : والله ما وجدت عذراً إلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فغضب عثمان ؛ وقال : أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب ، إمّا أن أضربه ، أو أحبسه ، أوأقتله . . فأنّه قد فرق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من الأرض !
أجابه أبو ذرّ بقوله : أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر ؟ . . هل رأيت هذا هديهم ؟ ! . . . إنّك لتبطش بي بطش جبّار !
فقال عثمان : أخرج عنّا من بلادنا !
فقال أبو ذرّ : ما أبغض إليّ جوارك ، أين أخرج . . . (1) ـ الخبر .
____________
(1) الفتوح لابن أعثم 1 : 11 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 : 57 .
(103)

كانت هذه سياسة عثمان مع الصحابة ، فإنّ النصيحة تستوجب النقمة والإبعاد ، وتهمة تفريق جماعة المسلمين وراء من يريد النصح الله !
أولم تكن رغبة الناصح هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ . . أولم يقل أبوبكر لجموع المسلمين : قوّموني ، فلست بأعلمكم . . أو : بخيركم ؟ . . أو قوله : فإن احسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ؟
ثمّ . . أولم يتبع عمر أبابكر في سيرته بهذا الشأن ؟
فلماذا لا يقبل الخليفة الثالث نهج من سبقه ؛ ولماذا لا نراه يستشير الصحابة في الأحكام الشرعيّة ، كما كان الشيخان ، بل يريد أن يحدث في الأحكام ويشرّع دون أن يقف أمامه أحد ؟
فالصحابة كانوا يسعون للحفاظ على وحدة الصف دوماً ، لكنّ الخليفة استغلّ ذلك التعاطف الدينيّ ، وتصرّف بالأمور من أجل ترسيخ دعائم سياسته الخاصّة !
فقد نقل عن ابن عوف ـ على رغم مخالفته لعثمان ـ بأنّه عندما خرج من عند عثمان ، يوم اعترض عليه في إتمامه الصلاة بمنى ، لقي ابن مسعود فقال ابن مسعود : الخلاف شرّ ، قد بلغني أنّه صلّى أربعاً فصليت بأصحابي أربعاً .
فقال عبد الرحمن بن عوف : قد بلغني أنّه صلّى أربعاً ، فصلّيت بأصحابي ركعتين ، أمّا الآن فسوف يكون الأمر الذي تقول ، يعني نصلّي معه أربعاً (1) .
وقيل لابن مسعود : ألم تحدثنا أنّ النبيّ صلّى ركعتين ، وأبا بكر صلّى ركعتين ؟
فقال : بلى ؛ وأنا أحدثكموه الآن . . ولكنّ عثمان كان إماماً فما أخالفه ، والخلاف شرّ (2) .
____________
(1) الكامل في التاريخ 3 : 104 ، البداية والنهاية 7 : 228 .
(2) سنن البيهقي 3 : 144 ، البداية والنهاية 7 : 228 .

(104)

وقيل لابن عمر : عبت على عثمان ثمّ صلّيت أربعاً !
قال : الخلاف شرّ (1) .
وجاء في طبقات ابن سعد : إنّ ناساً من أهل الكوفة قالوا لأبي ذرّ ـ وهو بالربذة ـ : إنّ هذا الرجل فعل بك ما فعل ، هل أنت ناصب لنا راية (يعني نقاتله) ؟
قال : لا ؛ لو أنّ عثمان سيّرني من المشرق إلى المغرب ، سمعت وأطعت (2) .
كانت هذه حالة الصحابة مع عثمان في السنوات الست الأولى ، أمّا عندما رأوا أنّ الدين على خطر ، فقد تغيّرت سياستهم العامّة ووقفوا بوجهه وأفتوا بقتله ، كما صدر عن السيدة عائشة : اقتلوا نعثلاً ، فقد كفر .
وقد أخرج الثقفي في تاريخه عن سعيد بن المسيّب ؛ قال : لم يكن مقداد وعمّار يصلّيان خلف عثمان ، ولا يسمّيانه بأمير المؤمنين .
وعليه . . فالثورة ـ بنظرنا ـ لم تكن لأسباب شخصيّة ، ولاتنحصر في اختلاس ذوي رحم الخليفة من بيت المال ، وتولية الفسّاق ، والتنكيل بالصحابة ، وإرجاع المطرودين ، وغيرها من الإحداثات المذكورة ، بل يمكن عزو الثورة إلى عامل دينيّ وهو : عدم العمل بالكتاب والسنّة النبويّة ، وإتيان ما لم يكن في الشريعة . وهذا هو الذي جعل البعض من الصحابة يوجب على نفسه التقرّب إلى الله بدم عثمان . . بل ونرى من الصحابة من يوصي بعدم صلاة عثمان عليه بعد وفاته (3) ، وثالث ورابع و . . .
جاء في تاريخ المدينة المنوّرة (4) : بأنّ عبد الله بن مسعود قال : ما سرّني أنّي
____________
(1) نفس المصدر السابق .
(2) الطبقات 4 : 227 ، أنساب الأشراف 5 : 56 .
(3) وقد جاء في أنساب الأشراف 5 : 57 وشرح النهج لا بن أبي الحديد 3 : 28 بأنّ عبد الرحمن أوصى بأن لا يصلى عليه عثمان ؛ فصلّى عليه الزبير أو سعد بن أبي وقّاص ، وقد كان حلف لمّا تتابعت أحداث عثمان ألاّ يكلّمه أبداً ، وقد أوصى ابن مسعود مثل ذلك ، انظر : شرح النهج لابن أبي الحديد 3 : 42 .
(4) تاريخ المدينة المنوّرة 3 : 1052 .

(105)

أردت عثمان بسهم فأخطأه وأنّ لي مثل اُحد ذهباً .
وقوله : إنّ دم عثمان حلال (1) .
وقال الحجاج بن غزية الأنصاري : والله لو لم يبق بين أجله إلاّ ما بين العصر إلى الليل لتقرّبنا إلى الله بدمه (2) .
وروى شعبة بن الحجاج ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : قلت له : كيف لم يمنع أصحاب رسول الله عن عثمان ؟
فقال : إنّما قتله أصحاب رسول الله (3) .
وروى عن أبي سعيد الخدريّ ، انّه سئل عن مقتل عثمان : هل شهده أحد من أصحاب رسول الله (ص) ؟ فقال : نعم ، شهده ثمانمائة ، أو قوله لعلي : فإذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي ، إنّه خالف ما أعطاني (4) .
وقال ابن عمر ـ كما روى الواقدي عنه ـ : والله ما فينا إلاّخاذل أوقاتل (5) .
وقال سعد بن أبي وقّاص : وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه .
وفي النصّين الأخيرين إشارة إلى إمكان نصرته ، لكنّهم أحجموا ! لماذا ؟ !
ونحن أمام هذا الواقع . . إمّا أن نجرّد سعداً وابن عمر من الحميّة الدينيّة أو نقول بمشروعيّة جواز قتل الخليفة ، ولا ثالث .
ومن المؤشّرات الدالّة على أن الثورة على عثمان كانت ذات دافع دينيّ ما مرّ من رسالة من بالمدينة من أصحاب محمّد ، إلى من بالآفاق ، التي جاء فيها : إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله ، تطلبون دين محمّد ، فإنّ دين محمّد قد
____________
(1) أنساب الأشراف 5 : 36 .
(2) أنساب الأشراف 5 : 90 .
(3) شرح النهج لابن أبي الحديد 3 : 27 ـ 28 .
(4) شرح النهج لابن أبي الحديد 3 : 28 ، أنساب الأشراف 5 : 57 .
(5) شرح النهج لابن أبي الحديد 3 : 8 .

(106)

أفسده من خلفكم (وفي الكامل : خليفتكم) ، وترك . . . فهلمّوا ، فأقيموا دين محمّد(1) .
وجاء في كتاب المهاجرين الأوّلين إلى من بمصر من الصحابة والتابعين : أمّا بعد : أن تعالوا إلينا ، وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها . . فإنّ كتاب الله قد بدّل ، وسنّة رسول الله قد غيّرت ، وأحكام الخليفتين قد بدّلت ، فننشد الله من قرأ كتابنا من بقيّة أصحاب رسول الله والتابعين بإحسان إلاّ أقبل إلينا وأخذ الحقّ لنا وأعطاناه . . فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، وأقيموا الحقّ على النهج الواضح الذي فارقتم عليه نبيّكم وفارقكم عليه الخلفاء .
وقد روي من طرق مختلفة وبأسانيد كثيرة أنّ عمّاراً كان يقول : ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر وأنا الرابع ، وأنا أشدّ الأربعة لقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وأنا أشهد الله إنّه قد حكم بغير ما أنزل الله .
وروي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة انّه قيل له : بأيّ شيء كفّرتم عثمان ؟ فقال : بثلاث ، جعل المال دولة بين الأغنياء ، وجعل المهاجرين من اصحاب رسول الله بمنزلة من حارب الله ورسوله ، وعمل بغير كتاب الله (2) .
وهناك الكثير من هذه النصوص التي تشير إلى ترك الخليفة الثالث العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة الشيخين ، ممّا لها الدور الأكبر في قتله ، فعدم العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه لا يمكن تخصيصه بتقريبه لأهله غير المنزّهين ، وإن كانت تدخل ضمن عدم العمل بكتاب الله .
والآن ندع هذه المقدمة لنواصل الدراسة ، راجين أن لا نكون بدرجنا لما
____________
(1) تاريخ الطبريّ 4 : 367 ، الكامل في التاريخ 3 : 168 .
(2) انظر : شرح النهج لا بن أبي الحديد 3 : 51 .

(107)

سبق قد اغظنا أحداً ، بل إنّها كانت رؤية ألزمنا الطبريّ وابن الأثير وغيرهم من المؤرخّين بطرحها ، ونحتمل أن تكون هي إحدى تلك الأسباب التي تخوّفوا من نقلها رعاية لحال العامّة ! !
لكناّ وكما قلنا سابقاً نعتقد أنّ مناقشة النصوص والوقوف على الحقيقة ، ضرورة علميّة ينبغي متابعتها في جميع الأخبار التاريخيّة ، وأنّ طرح رأي أو ترجيح آخر في مثل تلك الدراسات لا يعاب عليها الباحث ، إذا الأدلّة هي التي تلزمه الطرح أو الترجيح .
أمّا تصوّر ذلك عند المؤرّخين ـ كما رأيناه عند الطبريّ وابن الأثير وذكرهم لخبر العاذرين لمعاوية في نفيه لأبي ذرّ مع وجود أخبار أخرى ، أو استعباد ابن الأثير صدورها مع تواتر النقل فيها ، فنراه هو القبح بعينه ، لانّهم مؤرّخون ، والمؤرخ من شأنه أن لا ينحاز في نقله للأحداث إلى جهة دون أخرى ، هذا وإنّ رسالة من بالمدينة من أصحاب محمّد إلى من بالآفاق ورسالة المهاجرين إلى من بمصر من الصحابة ، وكلمات الصحابة ومواقفهم من إحداثات عثمان ، والتقرّب بدمه إلى الله ، وغيرها . . . إنّما يعضد بعضها البعض ويرجّح ما توصّلنا إليه من أنّ الثورة على الخليفة عثمان كانت تستبطن أمراً دينيّاً ، وأنّه قتل لإحداثاته تلك وإن كنّا لا ننكر ما للدوافع الماليّة والاقتصاديّة من دور في الأمر .
علماً بأنّه لم يقل أحد في سبب قتل عمر بن الخطّاب أو علي بن أبي طالب إنّه كان بسبب إحداثهما ، بل نرى المسلمين يبكون عليهما ويشيّعونهما ويصلّون عليهما ويوارونهما التراب بحزن وأسى ، وألقوا القبض على قتلتهما ، ولم ترهم يفعلون ذلك مع عثمان بل كفّروه لما فعله في الستّ الأواخر من حياته ورموه بالابتداع والاحداث وزهدوا فيه بعد قتله ، فلم يواروه التراب إلاّ بعد ثلاثة أيّام (1) !
____________
(1) لاحمد امين كلام : مثل ما قلناه في (يوم الاسلام) ، فراجع .

(108)

ونحن لا نريد من طرحنا لما سبق إلزام الآخرين بما نقوله ، فلهم الخيار في قبوله أو طرحه .

من هم « الناس » في الوضوء وما هي منزلتهم ؟

تناولنا فيما سبق تحديد زمن النزاع وتعيين أطرافه ، واستكمالاً للبحث لابدّ من التعرّف على « الناس » المعنيين في حديث الوضوء ؟
إنّ البتّ بذكر أسمائهم صعب جدّاً ؛ لكن الشواهد والقرائن تدلّنا على كونهم من الرعيل الأوّل ، ومن فقهاء الصحابة ، وممّن عارضوا عثمان في أكثر من فكرة وموقف .
وسنتعرّف على أسماء بعض أولئك « الناس » وفق المقدمات والقرائن ، التالية :
1 ـ طرحنا ـ وبشكل إجمالي (1) ـ بعض اجتهادات عثمان في قضايا مختلفة ، ثمّ حصرنا أسماء المعرضين له في تلك القضايا .
2 ـ جردنا أسماء المخالفين لاجتهادات عثمان من الصحابة ، ثمّ وقفنا على أسماء المخالفين المكثرين من تخطئته ومن اطّرد منهم في ذلك .
3 ـ النظر إلى أُولئك « الناس » وهل أنّهم قد رووا ما يوافق عثمان في الوضوء ، أم كانوا من مخالفيه ؟ !

« الناس » في الإحداثات الأخرى ؟ ! !
1 ـ الصلاة بمنى :


ذكرنا أكثر من مرّة خبر إتمام عثمان الصلاة بمنى وغيرها من إحداثاته ، لكنّا
____________
(1) كنّا قد درسنا المسألة ، بصورة تفصيليّة واستقرائيّة ، لكنّنا تركنا عرضها هنا تجنّباً للإطالة .

(109)

بإعادتنا الأخبار هنا نريد الوقوف على أسماء مخالفيه في تلك القضايا ثّم تطبيقها على ما نحن فيه .
لقد ناقشه في رأيه الجديد عبد الرحمن بن عوف وفنّد مزاعمه في حديث طويل (1) ؛ وكذا أبو هريرة وابن عمر وحتّى عائشة قد رووا انّ الصلاة في السفر ركعتان ، لكنّ عائشة وكما ستقف أتمّت الصلاة وربّعتها بعد مقتل عثمان (2) . وعن ابن عباس : « خرج رسول الله آمناً لا يخاف إلاّ الله فصلّى اثنتين حتى رجع ، ثمّ خرج أبوبكر لا يخاف إلاّ الله فصلّى اثنتين حتى رجع ، ثمّ فعل ذلك عثمان ثلثي إمارته أو شطرها ثمّ صلاّها أربعاً » (3) .
وعن عروة : « أنّ رسول الله صلّى الرباعيّة بمنى ركعتين ، وانّ أبابكر صلاّها بمنى ركعتين وانّ عمر بن الخطّاب صلاّها بمنى ركعتين ، وأنّ عثمان صلاّها بمنى ركعتين شطر أمارته ثمّ أتمّها بعد » (4) .
وقد اعترف عثمان ـ على أثر اعتراض الناس ـ بأنّ هذه الصلاة ليست بسنّة رسول الله ولاسنّة صاحبيه .
فعن حميد عن عثمان : أنّه أتمّ الصلاة بمنى ثمّ خطب فقال : « أيّها الناس إنّ السنّة سنّة رسول الله وسنّة صاحبيه ولكنّه حدث العام من الناس فخفت أن يستنّوا » (5) .
وعليه ، فقد تمخّض الرأي الجديد الذي طرحه عثمان في صلاة المسافر عن مخالفة كلّ من :
عليّ بن أبي طالب ، عبد الرحمن بن عوف ، عبد الله بن مسعود ، وأبي هريرة ؛
____________
(1) مرّ عليك ص 81 ، من هذا الكتاب .
(2) انظر زاد المعاد 1 : 130 صلاته (ص) في السفر ، وقد قال ابن حجر : وأما فعل عثمان وعائشة فانّهما تأوّلا تأويلاً خالفهما فيه غيرهما من الصحابه .
(3) كنز العمّال 8 : 238 | 22720 .
(4) الموطّأ 1 : 402 | 201 .
(5) سنن البيهقيّ 3 : 144 .

(110)

وكان من قبلهم : النبيّ (ص) ، والشيخان ، بل عثمان نفسه في صدر خلافته . . حيث إنّهم قد صلّوها قصراً ، وبذلك يمكن عدّهم المخالفين لرأيه الجديد .
وخالفه أيضاً من وجوه الصحابة ، كلّ من :
عبد الله بن عبّاس (1) ، عبد الله بن عمر (2) ، عمران بن حصين (3) ، أنس بن مالك (4) ، حفص بن عمر (5) ، وعروة بن الزبير (6) ، وعائشة (7) .
فتحصّل : أنّ المخالفين لعثمان في رأيه الفقهيّ المستحدث في إتمام الصلاة هم :
النبيّ الاكرم (ص)
أبوبكر .
عمر بن الخطّاب .
عليّ بن أبي طالب .
عبد الرحمن بن عبّاس .
عبد الله بن عبّاس .
أبو هريرة .
عبد الله بن مسعود .
عبد الله بن عمر .
أنس بن مالك .
عروة بن الزبير .
عمران بن حصين .
____________
(1) انظر : كنز العمّال 8 : 238 | 22720 .
(2) انظر : المحلّى لابن حزم 4 : 270 ، صحيح مسلم 1 : 482 | 17 .
(3) انظر : سنن البيهقيّ 3 : 135 ، أحكام القرآن للجصّاص 2 : 254 .
(4) انظر : البخاريّ 2 : 53 ، مسلم 1 : 481 | 15 ، مسند أحمد 3 : 190 ، سنن البيهقيّ 3 : 136 و 145 ، ومجمع الزوائد 2 : 155 .
(5) انظر : مسند أحمد 3 : 159 ، مجمع الزوائد 2 : 155 .
(6) انظر : الموطّأ 1 : 402 | 201 .
(7) مجمع الزوائد 2 : 154 .

(111)

حفص بن عمر .
عائشة بنت أبي بكر .
فالأحاديث المعارضة لرأي عثمان الصلاتي كثيرة جدّاً ، قد يصعب استقصاؤها وحصرها ، وقد اعتبرنا رواة قصر النبيّ الصلاة بمنى من مخالفي عثمان الفقهيين ، وكذا الحال بالنسبة إلى فعل النبيّ والشيخين .
وقال ابن حجر العسقلانيّ : أخرج أحمد والبيهقي من حديث عثمان : وأنّه لمّا صلّى بمنى أربع ركعات ، أنكر الناس عليه (1) . . . وعن ابن عباس ما يماثله (2) .
فالمخالفون لعثمان إذاً هم « الناس » كثيرون من الصحابة والتابعين يشكّلون تيّاراً قويّاً قبال التوجّه الجديد للخليفة ؛ لكنّ تسلّم عثمان لزمام أمور السلطة وشدّته في مواجهة معارضيه ، جعلت بعض مخالفيه من الصحابة الفقهاء يتّخذون موقف الصمت ، أو مسايرة الخليفة في بعض آرائه خوفاً من بطشه ، أو من سراية الخلاف إلى نتائج لا تحمد عقباها على المدى البعيد ومستقبل الرسالة ، ولذا نراهم قد صلّوا مثل صلاته ، على الرغم من علمهم الجازم ببطلان دعوى عثمان وسقوط مستندها ، كلّ ذلك إمّا خوفاً على أنفسهم ، أو توقّياً للفتنة ، إذ الخلاف شر (3) .
انّ في اعتراضات الصحابة على عثمان إشارة إلى أنّهم كانوا لا يرون للخليفة حقّ الإحداث في الدين وتشريع ما لم يكن سائغاً في شريعة المسلمين وإن كانوا يسايرونه رهبة أو رغبة أو . . . .
وحتّى أولئك الذين سايروا عثمان في إحداثاته السابقة لا نراهم يوافقونه فيما رواه عن رسول الله في الوضوء بل نر اختصاص تلك الأخبار بنفر يسير لا يتجاوز عدد الاصابع ، وعلى رأسهم حمران بن أبان الذي اسلم في السنه
____________
(1) فتح الباري 2 : 456 .
(2) تاريخ الطبري 4 : 267 سنة 29 ، المنتظم 5 : 5 .
(3) انظر : سنن البيهقي 3 : 144 ، الكامل في التاريخ 3 : 104 ، تاريخ الطبريّ 4 : 268 .

(112)

الثالثة من خلافة عثمان وكان من اسرى عين التمر ! !

2 ـ العفو عن عبيد الله بن عمر :

من الثابت إنّ القصاص من أهم الحدود التي أكّدت عليها الشريعة لإقامة العدل وردع المعتدين .
فجاء عن عمر بن الخطاب انه قال ـ لما سمع ما فعل ابنه عبيد الله بالهرمزان ـ : انظروا إذا أنا متّ ، فسألوا عبيد الله البيّنة على الهرمزان ، هو قتلني ؟ فإن أقام البيّنة فدمه بدمي ؛ وإن لم يقم البيّنة ، فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان (1) .
وكان عثمان يذهب الى ذات الرأي الفقهيّ ـ قبل أن تناط به الخلافة ـ (2) .
وروي عن أبي وجزة ، عن أبيه ؛ قال : رأيت عبيد الله يومئذٍ وإنّه ليناصي عثمان ، وإنّ عثمان ليقول :
قاتلك الله ؛ قتلت رجلاً يصلّي ، وصبيّة صغيرة [ بنت أبي لؤلؤة ] ، وآخر في ذمّة رسول الله [ جفينة ] ؟ ! ما في الحقّ تركك (3) .
بعد ذلك بدا لعثمان أن يتريّث ولا يجمع قتل عمر وابنه معاً ، ولأنّه [ حسب مدّعاه الفقهيّ ] وليّ الدم . . عفا عن عبيد الله ، ولم يقتصّ منه (4) ! وجعل ديته في بيت المال .
والذي دفعه لاتخاذ هذا الرأي القصاصيّ هو عمرو بن العاص ، بحجّة إنّ الحادث وقع قبل خلافته ، وبهذا فقد خالف عثمان في ذلك كلّ من :
____________
(1) سنن البيهقيّ 8 : 61 ـ 62 .
(2) طبقات ابن سعد 5 : 15 ، أنساب الأشراف 5 : 24 .
(3) سنن البيهقيّ 8 : 61 ، طبقات ابن سعد 5 : 16 ، تاريخ الطبريّ 4 : 239 .
(4) السنن الكبرى 8 : 61 ـ 62 ، طبقات ابن سعد 5 : 15 ـ 17 ، الطبريّ 4 : 239 .

(113)

عمر بن الخطّاب (1) .
عليّ بن أبي طالب (2) .
المقداد بن عمرو (3) .
زياد بن لبيد البياضيّ الأنصاريّ (4) .
سعد بن أبي وقّاص (5) .
والأكابر من أصحاب رسول الله (ص) (6) .
والمهاجرين والأنصار (7) .
والمهاجرين الأوّلين (8) .
والناس (9) .
وقد مرّ عليك أنّ عثمان نفسه كان له رأي مخالف لرأيه الذي ارتآه فيما بعد !

3 ـ ردّه للشهود وتعطيل الحدود :

جاء عن عثمان إنه أمر بتعطيل الحدود ، وردّ الشهود الذين شهدوا على الوليد بن عقبة بشرب الخمر ، وقد خالفه في ذلك كلّ من :
عليّ بن أبي طالب (10) .
____________
(1) سنن البيهقيّ 8 : 61 ، شرح النهج لا بن أبي الحديد 3 : 60 .
(2) أنساب الأشراف 5 : 24 ، طبقات ابن سعد5 : 17 ، الطبريّ 4 : 239 ، الكامل في التاريخ 3 : 75 وفي الأنساب : فقال عليّ : أقد الفاسق ، فإنه أتى عظيماً ، قتل مسلماً بلاذنب .
(3) تاريخ اليعقوبيّ 2 : 163 ـ 164 .
(4) تاريخ الطبريّ 4 : 239 ، الكامل في التاريخ 3 : 75 .
(5) طبقات ابن سعد 5 : 16 ، تاريخ الطبريّ 4 : 239 .
(6) طبقات ابن سعد 5 : 16 ـ 17 ، عن المطلب عن عبد الله بن حنطب .
(7) طبقات ابن سعد 5 : 17 ، عن الزهريّ ، وفيه : فأجمع رأي المهاجرين والأنصار على كلمة واحدة يشجّعون عثمان على قتله .
(8) طبقات ابن سعد 5 : 15 ، قوله : فاجتمع المهاجرين الأوّلون فأعظموا ما صنع عبيد الله من قتل هؤلاء واشتدّوا عليه وزجروه .
(9) تاريخ اليعقوبيّ 2 : 163 ، طبقات ابن سعد 5 : 17 ، شرح النهج لابن أبي الحديد 3 : 60 .
(10) أنساب الأشراف 5 : 33 ، عن الواقديّ .

(114)

طلحة (1) .
الزبير (2) .
عائشة (3) .
عبد الله بن مسعود (4) .
جندب بن زهير (5) .
أبي حبيبة الغفاريّ (6) .
ورهط من أصحاب رسول الله (7) .
والناس (8) .
كشفت لنا جملة هذه الآراء الفقهيّة في الوضوء ، والصلاة ، والقصاص ، والحدود عن وجود عدد كبير مخالف من الصحابة والتابعين ، وقد عبّر عنهم في ألفاظ الرواة والمؤرّخين ، في احيان كثيرة ، بلفظ « الناس » إشعاراً منهم بضخامة الكمّ المعارض لفقه عثمان وآرائه الفقهيّة .
وكان أولئك المعارضون يقدّمون الأدلّة القاطعة ، ويحتجوّن على الخليفة بتعطيل الحدود ، ومخالفة نظره ورأيه لما ثبت عن رسول الله وجاء في القرآن .
وإذا ما أصرّ الخليفة في مواقفه تلك ، فهم بين تارك له ناقم ، وبين ساكت عنه غير راضٍ .
فإذن قد وقفت على انّ الأخبار لم تنقل لنا إحصاءً دقيقاً ، ولا ذكراً مفصّلاً لأسماء من عارض الخليفة من الصحابة الآخرين ، ولكنّ الروايات والنقولات
____________
(1) أنساب الأشراف 5 : 33 ـ 35 ، أخرج من عدّة طرق .
(2) المصدر السابق نفسه .
(3) المصدر السابق نفسه ، عن أبي إسحاق ، والواقديّ .
(4) تاريخ الطبريّ 4 : 274 ، السيرة الحلبيّة 2 : 284 ، الكامل في التاريخ 3 : 106 ، تاريخ الخلفاء : 154 .
(5) أنساب الأشراف 5 : 34 ، عن أبي مخنف ، وغيره .
(6) المصدر السابق نفسه .
(7) انظر الأغاني عن الزهريّ ، تاريخ الطبري 4 : 240 ، الكامل في التاريخ 3 : 76 . .
(8) الكامل في التاريخ 3 : 106 ، تاريخ الطبريّ 4 : 277 .

(115)

قد أشارت إليهم بألفاظ مختلفة ، مثل :
الناس .
ناس من أصحاب النبيّ(ص) .
رهط من أصحاب النبيّ(ص) .
جمع من الأنصار والمهاجرين . . . ، وما شاكلها من عبارات .
ومن خلال تتبّعنا الدقيق للمرويّات ، تمكّنّا من تشخيص بعض أفراد تلك العبارات العامّة .
فقد نقل من طريق الزهريّ : إنّ ابن شاس الجذامّي قتل رجلاًَ من أنباط الشام ، فرفع إلى عثمان ، فأمر بقتله ؛ فكلّمه الزبير وناس من أصحاب رسول الله ، فنهوه عن قتله ؛ قال : فجعل ديته ألف دينار (1) .
وهذا النصّ كما ترى لم يذكر من أسماء الناس المخالفين ، إلاّ الزبير بن العوّام ، أمّا الباقون فقد درجهم جميعاً في عبارة (ناس من أصحاب رسول الله) ؛ لكنّ التتبّع يدلّنا على أنّ الراوين لحديث النبيّ(ص) القائل : « لا يقتل مسلم بكافر » ، أو الذين نقلوا ما يوافقه معنىً عن النبيّ (ص) أو الصحابة ، أو الذين التزاموا بذلك هم :
عمر بن الخطّاب (2) .
عليّ بن أبي طالب (3) .
مالك الأشتر (4) .
____________
(1) الأمّ 7 : 321 ، السنن الكبرى 8 : 33 .
(2) نيل الأوطار 7 : 151 ، وفيه : ما روايناه عن عمر أنّه كتب في مثل ذلك أن يقاد به ، ثمّ ألحقه كتاباً ، فقال : لا تقتلوه ، ولكن اعتقلوه .
(3) صحيح البخاريّ 9 : 16 ، سنن الدارميّ 2 : 190 ، سنن ابن ماجة 2 : 887 | 2658 ، سنن النسائيّ 8 : 23 ، سنن البيهقيّ 8 : 28 ، صحيح الترمذيّ 2 : 432 ، مسند أحمد 1 : 79 ، الأمّ 6 : 38 و 105 ، أحكام القرآن للجصّاص 1 : 143 ، أحكام القرآن للشافعيّ 1 : 275 .
(4) مسند أحمد 1 : 119 و 122 ، سنن أبي داود 4 : 180 | 4530 ، سنن النسائيّ 8 : 24 ، أحكام القرآن 1 : 65 ، نيل الأوطار 7 : 150 .

(116)

قيس بن سعد بن عبادة (1) .
عائشة (2) .
عبد الله بن عباس (3) .
عبد الله بن عمرو بن العاص (4) .
عبد الله بن عمر بن الخطّاب (5) .
عمران بن الحصين (6) .
فالمظنون أنّ بعض هؤلاء كانوا ممّن كلّم عثمان وردّه عن قتله المسلم بالذميّ ، ومن الثابت ان المكلمين كانوا من رواة هذا الأثر النبويّ والمعتقدين به ، إذا لا معنى لتكليمهم وردعهم بلا حجّة يحملونها عن رسول الله (ص) .
ولم تقتصر آراء عثمان الفقهيّة على رأيه الثلاثيّ الغسليّ في الوضوء ، ورأيه الإتماميّ في الصلاة ، ورأيه التسامحيّ في القصاص ، ورأيه الإبطاليّ في الحدود ، ورأيه في قتل المسلم بالذميّ ، بل امتدّت إلى : خطبة صلاة العيدين أيضاً ! . . فقد قدّمها الخليفة الثالث على الركعتين :

4 ـ تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين :

روى ابن المنذر ، عن عثمان ، بإسناد صحيح إلى الحسن البصريّ ؛ قال : أوّل من خطب قبل الصلاة عثمان ؛ صلّى بالناس ، ثمّ خطبهم ، فرأى ناساً لم يدركوا الصلاة ، ففعل ذلك ، أي : صار يخطب قبل الصلاة (7) .
____________
(1) سنن البيهقيّ 8 : 29 ، مسند أحمد 1 : 122 .
(2) سنن البيهقيّ 8 : 30 .
(3) سنن ابن ماجة 2 : 888 | 2660 .
(4) سنن أبي داود 4 : 181 | 4531 ، مسند أحمد 2 : 211 ، سنن الترمذيّ 2 : 433 | 1434 ، سنن ابن ماجة 2 : 887 | 2659 ، أحكام القرآن للجصّاص 1 : 142 ، نيل الأوطار 7 : 150 .
(5) أحكام القرآن للجصّاص 1 : 142 .
(6) الأمّ 7 : 322 ، سنن البيهقيّ 8 : 29 .
(7) فتح الباري 2 : 361 ، نيل الأوطار 3 : 362 ، تاريخ الخلفاء : 164 ـ 165 ، محاضرة الأوائل : 145 .

(117)

هذا ، مع أنّ الثابت روايته من فعل النبيّ (ص) هو صلاة الركعتين ثمّ الخطبة .
ومن الذين رووا فعل النبيّ (ص) ذلك :
عليّ بن أبي طالب (1) .
عبد الله بن عبّاس (2) .
عبد الله بن عمر (3) .
أبو سعيد الخدريّ (4) .
جابر بن عبد الله الأنصاريّ (5) .
أنس بن مالك (6) .
عبد الله بن السائب (7) .
البراء بن عازب (8) .
بالإضافة إلى عثمان نفسه ، إذ كان أوّلاً يصلّي ثمّ يخطب ، كما تقدّم .
وبعد هذا فقد عرفت بأنّ المخالفين لعثمان كانوا من الصحابة ولم يكونوا من الذين قد تأثّروا بالاتجاهات المنحرفه البعيده عن واقع الإسلام .
____________
(1) الموطّأ 1 : 179 | ذيل الحديث 5 ، وابن ابي شيبه في مصنفه 2 : 48 | 6 ، واليعقوبي 2 : 162 قد ذكرا خطبة عثمان .
(2) صحيح البخاريّ 2 : 23 ، صحيح مسلم 2 : 602 | 1 ، 2 ، سنن أبي داود 1 : 297 | 1142 ، سنن ابن ماجة 1 : 406 | 1273 ، سنن النسائيّ 3 : 184 ، سنن البيهقيّ 3 : 296 .
(3) صحيح البخاريّ 2 : 23 ، صحيح مسلم 2 : 605 | 8 ، مسند أحمد 2 : 38 ، سنن ابن ماجة 1 : 407 | 1276 ، سنن الترمذيّ 2 : 21 | 529 ، سنن النسائيّ 3 : 183 ، سنن البيهقيّ 3 : 296 ، الأمّ 1 : 235 ، وفيه : عن عبد الله بن عمر : إنّ النبيّ وأبا بكر وعمر كانوا يصلّون في العيدين قبل الخطبة ، ثمّ روى الشافعيّ بعدها بأنّ معاوية قدّم الخطبة .
(4) سنن ابن ماجة 1 : 406 | 1275 ، 409 | 1288 ، سنن البيهقيّ 3 : 296 ـ 297 ، المدوّنة الكبرى 1 : 169 ، صحيح البخاريّ 2 : 23 .
(5) البخاريّ 2 : 22 ، مسلم 2 : 603 | 403 ، أبي داود 1 : 297 | 1141 ، النسائيّ 3 : 186 ، البيهقيّ 2 : 296 ، 298 .
(6) المدوّنة الكبرى لمالك 1 : 169 .
(7) ابن ماجة 1 : 410 | 1290 ، أبي داود 1 : 300 | 1155 ، النسائيّ 3 : 185 ، البيهقيّ 3 : 301 .
(8) صحيح البخاريّ 2 : 23 ، سنن النسائيّ 3 : 185 .

(118)

بعد نقلنا بعض آراء الخليفة الثالث عثمان بن عفّان ، وأسماء مخالفيه من الصحابة البارزين ، وكشفنا عن آراء الخليفة الفقهيّة التي عاكست فقه سائر الصحابة ، اتّضح لنا أنّ المراد من لفظ « الناس » في روايات الوضوء هم بعض أولئك الصحابة العظام وأمثالهم ، وأنّ عثمان هو مؤسس المدرسة الوضوئيّة الجديدة .
نعم ؛ وبهذا . . يرتفع الاستبعاد والاستغراب في نسبتنا لعثمان الابتداع في الوضوء وغيره ويمكننا أن نقول قولاً قاطعاً : انّ فقه الخليفة الثالث لم يكن يتمشّى مع فقه الصحابة ، وإنّه قد أخطأ في الفهم ، والاستنباط ، وردّ الفروع إلى الأصول ، وإنّ علله المستنبطة ، ووجوهه الاستحسانيّة لم تلق التأييد والقبول ، إلاّ من نفر قليل دفعتهم إلى ذلك دوافع مختلفة ، فقهيّة سياسيّة ، واجتماعيّة ، وعشائريّة وغيرها ممّا سوف تقف على المزيد منه لو واصلت معنا البحث حتّى أواخر الكتاب .
فلا بدع أن خالفه كبار الصحابه في وضوئه ، ممّا اضطرّه لأن يدعم وضوءه بأساليبه آنفة الذكر . .
لكنّ بعض الصحابة المقرّبين من عثمان قد حاولوا التكيّف مع مستجدّاته محاولين بثّ ذلك بين أوساط المسلمين ؛ وبمرور الأيّام تطبّع بعض المسلمين على تلك المنهجيّة الجديدة ، وما أن وصلت الأيّام لمعاوية بن أبي سفيان وأنصاره ، ـ وكانوا قد قاموا بدور لتوسيع دائرة الفقه العثماني ـ حتّى صارت افكار وآراء الخليفة الثالث مدرسة فقهيّة ضخمة ، أرسى قواعدها عثمان ، وأقام بناءها ـ فيما بعد ـ الأمويّون ، ونظّرها دعاتهم ، وسار على نهجها ما لا يحصى من المسلمين .
ترشّح ممّا سبق بروز أسماء لامعة من الصحابة المعارضين لرأي عثمان قد تكون مطّردة المخالفة معه ، عاملة بدأب وإخلاص من أجل إيصال الفقه الذي
(119)

استقته من رسول الله (ص) إلى جميع الناس ، رافضة لكلّ ما يأتي من الخليفة الثالث ومن سار على نهجة ـ من اراء فقهيّة جديدة ـ . . وإن على رأس تلك المجموعة :
عليّ بن أبي طالب .
عبد الله بن عبّاس .
طلحة بن عبيد الله .
الزبير بن العوّام .
سعد بن أبي وقّاص .
عبد الله بن عمر .
عائشة بنت أبي بكر .
ومن هؤلاء خرج الّذين افتوا بقتل عثمان ، وجوّزوه ، ومنهم من كان لا يصلّي خلفه ، ولا يسمّيه بأمير المؤمنين ، وقد أوصى البعض ـ كعبد الرحمن بن عوف ، وابن مسعود ، و . . . ـ أن لا يصّلي عليه عثمان بعد وفاته ، وأنّ الجموع الهاجمة عليه قد منعت من دفنه ـ والصلاة عليه ـ في البقيع . . .
قد صار كلّ ذلك بسبب إحداثات عثمان المتكرّرة في الدين ، فدراسة سلسلة الأحداث بتأمّل وموضوعيّة وتجرّد عن العصبيّة ، تجعلنا نستبعد أن يكون أولئك الصحابة وبتلك الممارسات والمواقف إنّما ثاروا على عثمان بسبب تدهور الأوضاع الاقتصاديّة ، أو بسبب سوء النظام الإداريّ ـ كما يدّعي ذلك غالب الكتّاب ـ . . فالسبب كان دينيّاً ، ونستمدّ هذا التوجيه من نصوصهم التي مرّبنا بعضها .
(120)

روايات مفتعلة :

وضع أنصار مدرسة عثمان أحاديث على لسان مخالفي الخلفية المطّردين ! ليمكّنهم بذلك الاستنصار لوضوئة ، ومن تلك الأحاديث ما رواه أبو النضر ، حيث قال :
إنّ عثمان دعا بوضوء ، وعنده طلحة والزبير وعليّ وسعد ؛ ثمّ توضّأ وهم ينظرون . . فغسل وجهه ثلاث مرّات ، ثمّ أفرغ على يمينه ثلاث مرّات ، ثمّ أفرغ على يساره ثلاث مرّات ، ثمّ رشّ على رجله اليمنى ، ثمّ غسلها ثلاث مرّات ، ثمّ رشّ على رجله اليسرى ، ثمّ غسلها ثلاث مرّات ؛ ثمّ قال للّذين حضروا : أنشدكم الله ، أتعلمون أنّ رسول الله (ص) كان يتوضأ كما توضّأت الآن ؟ قالوا : نعم .
وذلك لشيء بلغه عن وضوء رجال (1) .
وهذه الرواية . . زيادة على سقوطها سنداً ، بانقطاعها بأبي النضر ، كما قال
____________
(1) كنز العمّال 9 : 447 |26907 ، ومثله في ص 439 | 26876 عن أبي النظر ، بلفظ : فتوضّأ ثلاثاً ، ثمّ قال : أنشدكم . . . الخ .

(121)

البوصيريّ (1) فإنّها ساقطة المتن ، لأنّ الوضوء المنقول فيها خالٍ عن مسح الرأس ، وهو وضوء غير مجزٍ باتّفاق المسلمين ، فكيف يشهد على ذلك أربعة من أكابر الصحابة ، فالمرجّح قويّاً ـ بعد احتمال سقوط المتن ـ أن يكون الخبر إعلاميّاً وسياسيّاً إذ نرى الراوي يؤكّد على الفعل الثلاثيّ وغسل الأرجل ويتناسى حكم الرأس ، لأنّ النزاع بين هؤلاء الأربعة وعثمان كان فيهما .
وكذا توحي العبارة بأنّ طلحة والزبير وعليّاً وسعداً هم المعنيّون بجملة (وذلك لشيء بلغه عن وضوء رجال) !
وعليه فنسبة هذا الخبر إلى هؤلاء الصحابة جاء للتقليل من أهميّة القضيّة ، لأنّهم ـ وكما عرفت ـ من المخالفين المطّردين لفقه عثمان ، ومن جملة « الناس » المخالفين للخليفة الثالث في وضوئه . .
ومن ذلك ما أخرجه النسائيّ بسنده عن شيبة : أنّ محمّد بن عليّ (الباقر) أخبره ، قال : أخبرني أبي عليّ (زين العابدين) أنّ الحسين بن عليّ قال : دعاني أبي عليّ بوضوء فقرّبته له ، فبدأ فغسل كفّيه ثلاث مرّات قبل أن يدخلهما في وضوئه ، ثمّ مضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً ، ثمّ غسل وجهه ثلاث مرّات ، ثمّ غسل يده اليمنى إلى المرافق ثلاثاً ، ثمّ اليسرى كذلك ، ثمّ مسح برأسه مسحة واحدة ، ثمّ غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثاً ، ثمّ اليسرى كذلك ، ثمّ قام قائماً فقال : ناولني ، فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه فشرب من فضل وضوئه قائماً ، فعجبت ، فلمّا رآني ، قال : لا تعجب فإنّي رأيت أباك النبيّ (ص) يصنع مثل ما رأيتني صنعت يقول لوضوئه هذا وشرب فضل وضوئه قائماً (2) .
إنّ علامات الوضع بارزة على هذا الخبر ، ولا أكلّف نفسي مؤونة الجواب عنه ، لأنّ الصفحات القادمة ستثبت أنّ وضوء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ
____________
(1) كنز العمّال 9 : 448 | 26907 .
(2) سنن النسائيّ 1 : 69 ـ 70 .

(122)

وجعفر بن محمّد وابن عبّاس وغيرهم من أولاد عليّ هو غير المنقول هنا .
ولا أدري ما معنى قوله : (فعجبت ، فلمّا رآني قال : لا تعجب ، فإنّي . . .) !
وهل إنّ الحسين بن عليّ كان يعتقد أنّ شارب فضل ماء الوضوء واقفاً مبدع ، كما ترى تعجّبه ؟ ! !
أم إنّه كان من أولئك المحدثين في الدّين ، والذين ستقف على حالهم في عهد عليّ بن أبي طالب ؟
أم إنّه تعجّب من وضوء أبيه والذي كان غير معهود له ولا هو بالمتعارف في ذلك البيت ؟ ! !
نعم ؛ إنّ ظاهرة الافتعال والتزوير قد تفشّت ولقيت رواجاً في العهد الأمويّ ، وستقف على ذلك بمزيد من التفصيل لاحقاً .
والأنكى من هذا ، ذلك الخبر المفتعل الذي ينصّ على ذهاب عليّ إلى ابن عبّاس من أجل أن يعلّم ابن عبّاس وضوء رسول الله ! !
فقد أخرج أبو داود ، وصاحب كنز العمّال ، وغيرهما . . عن ابن عبّاس ؛ إنّه قال : دخل عليّ عليُّ ـ يعني ابن أبي طالب ـ وقد أهراق الماء ، فدعا بوضوء . . فأتيناه بتور فيه ماء ، حتّى وضعناه بين يديه ؛ فقال : يا ابن عبّاس ! ألا أريك كيف كان يتوضّأ رسول الله (ص) ؟
قلت : بلى . . ؛ فأصغى الإناء على يده فغسلها . . . ـ الخبر ـ (1) ، فأتى بوضوء عثمان عن النبيّ (ص) !
والآن ، نتساءل : هل يصحّ هذا الخبر مع ما عرفنا من موقف عليّ باعتباره الرائد والمعيد لمدرسة الوضوء الثنائيّ المسحيّ كيانها ؟
وهل كان ابن عبّاس ـ حقّاً ـ بحاجة إلى معرفة الوضوء . . وهو حبر الأمّة ؟ !
____________
(1) سنن أبي داود 1 : 29 | 117 ، كنز العمّال 9 : 459 | 26967 وفيه بتفاوت .

(123)

بل ، كيف نوفّق بين هذا الخبر مع ما نقل عن ابن عبّاس في اعتراضه على الرّبيّع بنت معوّذ ، بقوله : أبى الناس إلاّ الغسل ، ولا أجد في كتاب الله إلاّ المسح ؛ وقوله : الوضوء غسلتان ومسحتان ؛ و . . . ؟ ! (1)
وعليه . . فإنّنا نرجّح أن يكون « الناس » الذين يتحدّثون عن رسول الله (ص) في حديث الوضوء ، هم من المخالفين المطرّدين . .
ونستند في ترجيحنا على ما يلي :
1 ـ مخالفتهم لعثمان في أغلب اجتهاداته ـ كما مرّ عليك ـ .
2 ـ عدم ورود أسمائهم في قائمة الراوين للوضوء الثلاثيّ الغسليّ الذي وضع عثمان لبنة تأسيسه .
3 ـ ورود أسماء بعضهم في قائمة الراوين للوضوء الثنائيّ المسحيّ (2) .
فالقرائن المدرجة أعلاه توصلنا إلى أنّ « الناس » هم المعارضون المطرّدون لعثمان .

تلخّص ممّا سبق :
وحدة الوضوء في زمن النبيّ (ص) والشيخين .
ظهور الخلاف في زمن عثمان بن عفّان .
اختلاف عثمان مع « ناس » هم من أعاظم الصحابة .
البادئ بالخلاف : عثمان .
عدم ارتضاء الصحابة لرأي عثمان .
مخالفة عثمان بن عفّان لسنّة رسول الله (ص) وسيرة الشيخين .
____________
(1) سنبحث دور الحكومتين الاموية والعباسية في اشاعة التحريف والوضع في الحديث .
(2) وستقف على أسمائهم لا حقاً هنا وفي الجانب الروائي من هذه الدراسة إن شاء الله تعالى .

(124)

عهد عليّ بن أبي طالب (35 ـ 40 هـ)


بعد أن توصلنا في البحوث السابقة إلى تعيين زمن الخلاف ، ومنزلة المختلفين ، نتساءل ، بما يلي :
لو صحّ ما ذهبنا إليه ، فلماذا لا نرى لعليّ موقفاً في مواجهة هذه البدعة الظاهرة ، من خطبة أو رسالة أورأي ؟
وإذا كان الأمر كذلك . . فما هوتفسيرنا لها ؟
أضف إلى ذلك ، أنّ الشيخ الأميني ـ وهو من علماء الامامية ـ وكذا المجلسي لم يتطرقا لهذه المسألة ، ولم يعدّاها من مبتدعات الخليفة الثالث !
نلخص الجواب عن هذا التساؤل في اربع نقاط :

الأولى : معارضة الصحابة لوضوء عثمان

أوقفتنا البحوث السابقة على وجود معارضة دينيّة قويّة كانت تواجه الخليفة ، وقفت له بالمرصاد وعارضت اجتهاداته ، وبمناسبات عدّة ، لكنّ
(125)

الخليفة ظلّ غير عابئ بتلك المعارضة ، وواصل مسيره في تطبيق ما يراه من آراء ، غير مكترث بما قيل ويقال ضدّه ، وما قضيّة الوضوء إلاّ إحدى تلك الموارد ؛ فأنّه ـ وكما مرّ سابقاً ـ كان يجلس بالمقاعد وباب الدرب ، وبحضور الصحابة ، فيشهدهم على وضوئه الغسليّ ، ثمّ يحمد الله لموافقتهم إيّاه ، وقد عرفت بأنّه كان يتوضّأ ويمسح على رجليه شطراً من خلافته (1) ! ويضحك عند حكايته الوضوء ! ! !
لكن جهوده ذهبت هباءً ، بعد أن غلبت كفّة المعارضة عليه ، وأودت بحياته في آخر المطاف .
والمعارضة ـ كما عرفت ـ هم من :
أصحاب محمّد (ص) . .
قرّاء الأمّة . .
فقهاء الإسلام . .
العشرة المبشّرة بالجنّة . .
أزواج النبيّ (ص) . .
فهم ليسوا بفئة سياسيّة أو حزب علويّ ، كما أدّعاه بعض الكتّاب والمؤرّخين .
وما الذي يعنيه تصدّر الأصحاب ، والقرّاء ، والفقهاء ، والأزواج وغيرهم للوقوف بوجه إحداثات عثمان ؟ ! !
فاذا تصدّر المعارضة أمثال هولاء ، فهل يلزم عليّاً لأن يخطب ، أو يكتب رسالة ، وما شابه . . في الرّد على إحداث عثمان ؟
إنّ المعارضة قد كفت عليّاً مواجهة عثمان في هذه المسألة ؛ وقد عرف عن
____________
(1) كما في خبر كنز العمال 9 : 436 | 26863 .