التناقض في التنفّس في الاناء
(643)عن أبي قتادة: انّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفّس في الاناء
(1).
(644) عن أنس: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفّس في الاناء ثلاثاً
(2).
أقول لفظ كان يدلّ على المداومة كما لا يخفى.
اهانة مقام النبوة
(645) عن أنس: انّ جاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسيّاً كان طيب المرق،
فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء يدعوه فقال: «وهذه لعائشة!» فقال: لا، فقال
رسول الله «لا».
فعاد يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهذه» قال: لا، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «لا».
ثم عاد يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهذه» قال: نعم في الثالثة،
فقاما يتدافعان؟!! حتّى اتيا منزله
(3).
أقول: أيّها المسلم العاقل هل يرضى عقلك بهذا النسبة إلى هذه
الشخصية العظيمة. أليس أبو حنيفة على حق في عدم قبوله روايات أنس
كما نقل عنه؟
(646) عن عمرو بن العاص: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات
السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحبّ اليك؟ قال عائشة.
قلت: من الرجال؟
قال: «أبوها».
قلت: ثم من؟
____________
(1و2) صحيح مسلم بشرح النووي 13: 198.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 13: 209.
( 348 )
قال: عمر. فعد رجالاً!
(1).
أقول: هل ترى الرسول الذي بعثه الله إلى الانس والجن إلى يوم
القيامة وهو أفضل رسل الله أن يتكلم بمثل هذا الكلام وانّ زوجته أحبّ اليه
من جميع أُمتّه؟ وهل يتكلم به عالم عند انصاره وخواصه؟ ونحن لا نشك
في انّه صلى الله عليه وسلم كان يحبّ عائشة كجملة من زوجاته حب الزوج لزوجته الجميلة
لكن ليس معنى هذا تقديمها في الحب على العلماء والزهاد والمجاهدين
إلى يوم القيامة، فان هذا لا يليق بعاقل.
الايثار والانقياد
(647) عن أبي هريرة: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انّي
مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلاّ
ماء، ثم أرسل إلى اُخرى فقالت: مثل ذلك، حتّى قلن كلهنَّ مثل ذلك: لا
والذي بعثك بالحق ما عندي إلاّ ماء.
فقال: «من يضيف هذا الليلة رحمه الله».
فقام رجل من الانصار فقال: أنا يا رسول الله، فأنطلق به إلى رحله
فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلاّ قوت صبياني.
قال فعلليهم بشيء، فاذا دخل ضيفنا فاطفىء السراج وأريه انّا نأكل،
فاذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتّى تطفئيه.
قال: فقعدوا وأكل الضيف، فلمّا أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «قد
عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة»
(2).
(648) عن ابن عباس: انّ رسول الله رأى خاتماً من ذهب في يد
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 153.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 11.
( 349 )
رجل فنزعه فطرحه وقال: «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في
يده» فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به.
قال: لا، والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1).
فائدة لغوية
(649) عن عبد الرحمن:... سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا
الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في
صحافها...»
(2).
عن الكسائي: اعظم القصاع الجفنة، ثم القصعة تليها تشبع العشرة،
ثم الصفحة تشبع الخمسة، ثم المكيلة تشبع الرجلين والثلاثة، ثم الصحيفة
تشبع الرجل.
في حق علي
(650) عن ابن عمر:... اُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلل سيراء، فبعث إلى
عمر بحلّة، وبعث إلى اُسامة بحلّة، واعطى علي بن أبي طالب حلّة وقال:
« شقّقها خمراً (جمع خمار) بين نسائك».
قال: فجاء عمر بحلته يحملها فقال: يا رسول الله بعثت اليَّ بهذه وقد
قلت بالاَمس في حلة عطارد ما قلت (اي انّما يلبس الحرير في الدنيا من لا
خلاق له في الآخرة) فقال: «انّي لم أبعث بها اليك لتلبسها...»
(3).
(651) وعن أبي صالح الحنفي، عن عليّ: انّ اُكيدر دومة أهدى
إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير، فأعطاه علياً فقال: شقّقه خمراً بين
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 66.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 37.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 40.
( 350 )
الفواطم»
(1)، (فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت
حمزة، كما قيل).
(652) عن أبي صالح، عن علي قال: اُهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلّة
سيراء، فبعث بها اليَّ فلبستها، فعرفت الغضب في وجهه فقال: «انّي لم
أبعث بها اليك لتلبسها، انّما بعثت بها اليك لتشقّقها خمراً بين النساء»
(2).
(653) عن زيد، عن علي قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم حلّة سيراء،
فخرجت فيها، فرأيت الغضب في وجهه. قال: فشققتها بين نسائي
(3).
(654) عن علي: انّه اُهدي لرسول الله حلّة مكفوفة بحرير، إمّا سداها
وإما لحمتها، فأرسل بها اليَّ، فأتيته فقلت: يا رسول الله ما أصنع بها
ألبسها؟ قال: «لا، ولكن اجعلها خُمراً بين الفواطم»
(4).
قيل: السدى من الثوب خلاف اللحمة، وهو ما يمد طولاً في النسج،
ولحمة الثوب بالفتح ما ينسج عرضاً، والضم لغة.
أقول: انظر التعارض والتضارب بين الروايات واهانة علي.
بديعة من أبي هريرة
(655) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل وزغاً في أول ضربة
كتبت له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك»
(5).
وكأنّ ابن ماجة استحى من ذكر مائة حسنة فذكر كذا وكذا!
(656) وعنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الفرات أن يحسر عن جبل
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 49.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 49.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 50.
(4) سنن ابن ماجة رقم 3596.
(5) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 238.
( 351 )
من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً!!»
(1).
خاتم النبوة
(657) عن عبدالله بن سرجس:... قال: ثم درت خلفه فنظرت إلى
خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغض كتفه اليسرى، جُمعاً عليه خيلانٍ كأمثال
الثآليل
(2).
(658) وعن جابر بن سمرة قال: رأيت خاتماً في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم
كأنّه بيضة حمام
(3).
(659) وعن السائب:... ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين
كتفيه مثل زر الحجلة
(4).
قيل: الحجلة: واحدة الحجال بيت كالقُبَّة لها ازرار كبار وعرى.
وقيل: الحجلة: الطائر المعروف وزرها بيضها كما عن الترمذي،
وانكره عليه العلماء.
وفي صحيح البخاري: كانت بضعة ناشزة: أي مرتفعة على جسده.
وأمّا ناغض كتفه: أي أعلى الكتف. وقيل غير ذلك.
ومعنى جُمعاً: انّه كجمع الكتف، وهو صورته بعد أن تجمع الاَصابع
وتضمّها.
والخيلان: ـ بكسر الخاء واسكان الياء ـ : جمع خال، وهو الشامة
في الجسد. ولاحظ شرح النووي، والبخاري برقم (187).
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 19.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 99.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 97.
(4) صحيح مسلم بشرح النووي 14: 98.
( 352 )
خلاف الواضحات
(660) عن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم... بعثه الله على رأس أربعين
سنة، فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين، وتوفّاه الله على راس
ستين سنة
(1).
أقول: وحتّى كثير من العوام يعرفون انّه قبض وهو ابن ثلاث وستين
سنة، وقد روي ذلك حتّى عن أنس أيضاً.
(661) عن عروة: لبث النبي بمكة عشراً.
قلت: فإنّ ابن عباس يقول بضع عشر.
قال: فغفره وقال: انّما أخذه من قول شاعر
(2).
ومعنى غفره: أي قال: غفر الله له، وعن بعض النسخ صغره.
أقول: لا مجال للترديد في صحة قول ابن عباس واشتباه عروة.
(662) وعن ابن عباس: انّه صلى الله عليه وسلم توفّى وهو ابن خمس وستين
(3).
(663) وعنه: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة، يسمع
الصوت ويرى الضوء سبع سنين، وثمان سنين يوحى اليه، وأقام بالمدينة
عشراً
(4).
أقول: هذا أيضاً غلط واضح، وليعلم أهل التحقيق أولاً انّ ما تسمّى
بالصحاح مشتملة على المتناقضات والاَغلاط الواضحة، وليعلموا أيضاً انّ
الاعتماد على أخبار أنس وأمثاله في ما جرى في مكة أو على اخبار عائشة
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 100.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 101.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 103.
(4) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 104.
( 353 )
وابن عباس وامثالهما عمّا حدث قبل ولادتهما أو في صغرها اشتباه يوهن
قيمة الروايات، فليكن هذا ببالكم في جميع أحاديث الصحاح.
أعظم المسلمين جرماً
(664) عن سعد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعظم المسلمين جرماً من سأل
عن أمر لم يحرَّم، فحرَّم على الناس من أجل مسألته»
(1).
أبو هريرة وخليل الرحمن عليه السلام ووجوب الكذب تقيّة
لاَبي هريرة روايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقّه عليه السلام ، فمنها: انّه
اختتن وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم
(2).
ومنها: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نحن أحقّ بالشك من ابراهيم إذ قال:
(
ربّ أرني كيف تحيي الموتى..).
ومنها: انّه لم يكذب قط إلاّ ثلاث كذبات...
(3).
وفي شرح النووي: نقلاً عن المازري وأمّا ما لا يتعلّق بالبلاغ ويعد
من الصفات كالكذبة الواحدة في حقير من امور الدنيا ففي امكان وقوعه
منهم وعصمتهم منه القولان المشهوران للسلف والخلف... وفيه أيضاً:
وقد اتفق الفقهاء على انّه لو جاء ظالم يطلب انساناً مختفياً ليقتله أو يطلب
وديعة لانسان ليأخذها غصباً وسأل عن ذلك وجب على من علم ذلك اخفاؤه
وانكاره العلم به، وهذا كذب جائز، بل واجب؛ لكونه في دفع الظالم
(4).
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 111.
(2) وفي موطأ مالك: وهو ابن 120 سنة. ثم القدوم بالتشديد: اسم قرية،
وبالتخفيف: اسم آلة النجار، ويحتمل ارادة القرية، وفي شرح النووي: والاكثرون
على التخفيف وارادة الآلة!
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 123 ـ 124.
(4) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 124.
( 354 )
ثم انّه يمكن الخدش في صحة هذه الروايات، لكن البحث فيها
وحول ما نسب إلى إبراهيم الخليل على نبينا وآله وعليه السلام من كذبات
ثلاث لا يناسب هذا المختصر.
اجتهاد معاوية وغيره في لعن علي
(665) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن
أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسبّ أبا التراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت
ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه»
(1)
(666) عن سهل بن سعد، قال: استعمل على المدينة رجل من آل
مروان، قال: فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً، قال: فأبى سهل،
فقال له: أمّا إذا أبيت فقل: لعن الله أبا التراب...»
(2).
(667) عن ابن مسعود: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «... انّما الشقي من
شقي في بطن اُمّه، والسعيد من وعظ بغيره، ألا انّ قتال المؤمن. كفر
وسبابه فسوق...»
(3).
أقول: لا أريد أن أبحث عن تلاعن الصحابة وسب بعضهم بعضاً ولا
عن شدّة بغض جمع من الصحابة لا سيما معاوية وحزبه عليّاً وحزبه،
ولكن اريد أن أنبه على ما ذكره النووي في شرح الحديث الاَول، قال:
قال العلماء: الاَحاديث الواردة التي في ظاهرها دِخل على صحابي
يجب تأويلها... فقول معاوية هذا ليس فيه تصريح بانّه أمر سعداً بسبه
وانّما سأله عن السبب المانع له من السب... ولعلّ سعداً كان في طائفة
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 175.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 182.
(3) سنن ابن ماجة: حديث 46.
( 355 )
يسبّون فلم يسب معهم... فسأله هذا السؤال.
قالوا: ويحتمل تأويلاً آخر انّ معناه ما منعك أن تخطئه في رأيه
واجتهاده وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وانّه أخطأ
(1).
أقول: أولاً: انّ معاوية لتأخُّر اسلامه وعدم اعتنائه بالشريعة غير
مجتهد، وهو نفسه يصرح بانّه: ما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقلّ
عنه حديثاً مني
(2).
وثانياً: لو بنينا مذهبنا على هذه التأويلات الركيكة، المشمئزة منها
الطبع، الخارجة عن طريقة أهل اللسان المألوفة، لحكمنا على انفسنا، ولا
يقبل عاقل منّا هذا الدفاع عن الصحابة، لا سيّما كمعاوية وامثاله، والله
سبحانه لا يرضى الغلو في الدين لاَحد.
ثم انّه لو سلّمنا وسلّم العقلاء انّ مراد معاوية من تأنيب سعد على
عدم سبّه علياً هو تشويقه لذكر مناقب علي!! لكن ماذا يصنع المتأوّلون بما
صدر عن معاوية من سبّ علي وآله وشتمهم وتحقيرهم بما هو متواتر؟
وماذا يقولون عن حربه معه في صفين وكونه من فئة باغية داعية إلى النار،
إلاّ أن يقال انّ المراد بالنار هي الجنة، وان الغرض من حربه في صفين
إلزامه عليّاً بأن يقبل بيعته وبيعة أهل الشام وادخال الشام في دائرة حكومته
كالكوفة!!
اخرج أحمد والحاكم وصحّحه عن اُمّ سلمة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من أحبَّ عليّاً فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحب الله، ومن أبغض عليّاً
فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله».
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 15: 175 ـ 176.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 17: 23.
( 356 )
من جمع القرآن
(668) عن همام: قال: قلت لاَنس: من جمع القرآن على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلّهم من الاَنصار: اُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل،
وزيد بن ثابت، ورجل من الاَنصار يكنّى أبا زيد
(1).
ردّ على حديث العشرة المبشرة بالجنة
(669) عن سعد: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحيّ يمشي انّه في
الجنة إلاّ لعبدالله بن سلام
(2).
أقول: يظهر منه انّ حديث العشرة المبشرة لم يكن مشهوراً بين
الصحابة في تلك الاَزمان.
من فضائل أبي سفيان
(670) عن عكرمة، عن أبي زميل، عن ابن عباس قال: كان المسلمون
لا ينظرون (الى) أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله
ثلاث أعطنيهنَّ، قال: «نعم».
قال: عندي أحسن العرب وأجمله اُمّ حبيبة بنت أبي سفيان أزوّجكها.
قال: «نعم».
قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك.
قال: «نعم».
قال: وتؤمّرني حتّى اُقاتل الكفار كما كنت اُقاتل المسلمين.
قال: «نعم».
قال أبو زميل: ولولا انّه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك؛ لانّه
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 20.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 41.
( 357 )
لم يكن يُسئل شيئاً إلاّ قال: «نعم»
(1).
أقول: أما انّ المسلمين لا ينظرون ولا يقاعدون أبا سفيان فوجهه
معلوم، فانّهم على شكّ من اسلامه أو على ظن ببغضه ونفاقه، وأمّا
الحديث فوضعه جاهل أجير، ولذا يقول النووي في شرحه على المقام: انّ
هذا الحديث من الاَحاديث المشهورة بالاشكال، ووجه الاشكال: انّ أبا
سفيان انّما أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة، وهذا مشهور لا خلاف
فيه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوّج اُم حبيبة قبل ذلك بزمان طويل... سنة ست،
وقيل: سنة سبع...
وقال ابن حزم: هذا الحديث وهم من بعض الرواة، لانّه لا خلاف
بين الناس انّ النبي صلى الله عليه وسلم تزوّج اُم حبيبة قبل الفتح بدهر...
وفي رواية عن ابن حزم أيضاً انّه قال: موضوع، والآفة فيه من
عكرمة بن عمار الراوي عن أبي زميل.
أقول: دع عنك غلو المتعصبين وتأويل المتأوّلين، ولا تغتر بوجود
الروايات في الكتب الستة فتكون من الضالّين.
(671) عن عائذ بن عمرو: انّ أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب
وبلال في نفر، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدّو الله مأخذها.
قال: فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم! فأتى النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبره فقال: «يا أبا بكر لعلك اغضبتهم، لئن كنت اغضبتهم لقد اغضبت
ربّك» فأتاهم أبو بكر فقال: يا أخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا
أخي
(2).
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 63.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 66.
( 358 )
أقول: يظهر منه انّ أبا سفيان عدو الله، وانّما أظهر الاسلام خوفاً،
وان زعمه أبو بكر شيخ قريش وسيّدهم.
من فضائل جعفر وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم
(672) عن أبي موسى قال: بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم... حتّى قدمنا
جميعاً، قال: فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر فأسهم لنا... فدخلت
اسماء بنت عميس ـ وهي ممّن قدم معنا ـ على حفصة زوج النبي... فقال
عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم، فغضبت وقالت
كلمة: كذبت يا عمر كلاّ، والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ
جاهلكم، وكنّا في دار ـ أو أرض ـ البعداء البغضاء في الحبشة... فقال
رسول الله: «ليس (أي عمر) بأحق بي منكم، له ولاَصحابه هجرة واحدة،
ولكم انتم أهل السفينة هجرتان...»
(1).
سبّ الصحابة
(673) عن أبي سعيد قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن
بن عوف شيء فسبّه خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أحداً من
أصحابي، فانّ أحدكم لو أنفق مثل اُحدٍ ذهباً ما أدرك مدّ أحدهم ولا
نصيفه»
(2).
أقول: اي ما أدرك ثواب نفقة أحد منهم مدّاً ولا نصف مدّ.
وفي شرح النووي: قال القاضي وسبّ أحدهم من المعاصي الكبائر،
ومذهبنا ومذهب الجمهور انّه يعزّر ولا يقتل، وقال بعض المالكية: يقتل.
أقول: الاَمر كما ذكر القاضي، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعزر خالداً، وكذا
الخلفاء لم يعزروا السابّين كما مرّ.
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 64 ـ 65.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 93.
( 359 )
تكوّن الجنين وأطواره في الرحم
(674) عن عبدالله: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «انّ
أحدكم يجمع خلقه في بطن اُمّه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك علقة مثل
ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه
الروح ويؤمر بأربع كلمات، يكتب: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو
سعيد...»
(1).
أقول: لا بدّ من مراجعة علوم اليوم في تعيين حياة الجنين، وظاهر
هذه الرواية ـ كبعض روايات الشيعة ـ انّ الجنين تحلّه الحياة بنفخ الروح
فيه بعد أربعة أشهر.
(675) لكن في حديث حذيفة، عنه صلى الله عليه وسلم: «يدخل الملك على النطفة
بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة، فيقول: يا ربّ
أشقي أو سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي ربّ أذكر أو انثى؟ فيكتبان، ويكتب
عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص»
(2).
(676) وفي سند آخر عن عبدالله بن مسعود: الشقيّ من شقي في بطن
اُمّه، والسعيد من وعظ بغيره... فانّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مرّ
بالنظفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله اليها ملكاً...»
(3).
والمذكور في الاحاديث مقادير:
1 ـ أربعة أشهر.
2 ـ أربعون أو خمسة وأربعون.
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 192.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 193.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 193.
( 360 )
3 ـ ثنتان وأربعون.
4 ـ بضع وأربعون.
وهذا كغيره من المتضاربات دليل على ضعف الاَحاديث وعدم صحة
جميعها، وان تجشم المتجشمون في تأويلها تجمشاً خارجاً عن طريقة
العقلاء وأهل اللسان.
أولاد الكفّار
(677) عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلاّ يولد
على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصّرانه ويشركانه».
فقال رجل: يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك؟
قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»
(1).
ظاهر الجملة الاَخيرة التي رواها ابن عباس أيضاً انّ أولاد الكفّار أو مطلق
الاولاد يجزون بعملهم على تقدير بقائهم إن شراً فشراً، وإن خيراً فخيراً،
لكن ظواهر القرآن المجيد تدلّ على انّ العقاب على العمل والنية لا مع فقدهما.
وفي شرح النووي: أجمع من يعتدّ به من علماء المسلمين على انّ
من مات من اطفال المسلمين فهو من أهل الجنة... وأمّا اطفال المشركين
ففيهم ثلاثة مذاهب:
قال الاَكثرون: هم في النار تبعاً لاَبائهم! وتوقّفت طائفة فيهم،
والثالث ـ وهو الصحيح الذي ذهب اليه المحقّقون ـ: انّهم من أهل الجنة.
واستدلّ له بأمور منها: قوله تعالى: (
وما كنّا معذّبين حتّى نبعث
رسولاً)
(2)(3).
أقول: لكن الآية المباركة لا تدلّ على دخولهم الجنة، وان كان القول
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 209.
(2) الاسراء 17: 15.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 16: 207.
( 361 )
الاول باطلاً، فانّه ظلم تعالى الله عن ذلك.
خلق الارض
(678) عن أبي هريرة قال: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «خلق الله
عزّ وجلّ التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الاَحد، وخلق الشجر
يوم الاثنين، وخلق المكروه ـ قيل: هو ما يقوم به المعاش ويصلح به
التدبير كالحديد وغيره من جواهر الارض! ـ يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم
الاربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من
يوم الجمعة في آخر الخلق...»
(1).
أقول: الرواية مخالفة للقرآن ولعلم طبقات الارض الحديث
(الجيولوجيا)، فهو ـ كما يدلّ على كذب أبي هريرة ـ يدلّ على بطلان ما
توهمه المشهور من صحة أحاديث مسلم واقرانه.
ارض القيامة
(679) عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون الاَرض
يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يكفؤ أحدكم خبزته في
السفر نزلاً لاَهل الجنة».
قال: فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك أبا القاسم، ألا
أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟
قال: «بلى».
قال: تكون الاَرض خبزة واحدة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم...
(2)
(680) وعن عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عزّ وجلّ:
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 17: 133.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 17: 135.
( 362 )
(
يوم تبدّل الاَرض غير الاَرض والسموات)
(1)، فأين يكون الناس
يومئذ يا رسول الله؟ فقال: «على الصراط»
(2).
أقول: الآية الشريفة تدلّ على انّ أرض القيامة غير هذه الاَرض،
فالناس يوم القيامة في أرض القيامة، فلا مفهوم لحديث عائشة، والظاهر انّه
موضوع من جاهل لم يفهم معنى الآية فاراد أن يجيء بشيء جديد للناس
فضلّ بقبوله حتّى العلماء كمسلم! وأعلم أنّ أرض المحشر كرة كما أنّ
أرضنا كرة، وكما أنّ الجنة والنار كرتان، والآية تنبيء عن أُمور كونية منطبقة
على العلوم الحديثة التي لا يتصورها بشر قبل عدة قرون أو قرنين، وهي
من معجزاته صلى الله عليه وسلم وتفصيله في محلّه.
بلية القبر للمسلمين
(681) عن زيد:... فقال: «انّ هذه الاُمّة تبتلى في قبورها...»
(3).
أقول: ظاهر هذه الجملة انّ المسلمين وحدهم يبتلون في قبورهم
دون سائر الاُمم، وهو بعيد.
علوم جمع من الصحابة
(682) عن حذيفة انّه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن
تقوم الساعة، فما منه شيء إلاّ قد سألته، ألا انّي لم اسأله ما يخرج أهل
المدينة من المدينة
(4).
وله رواية أُخرى مرّت عن كتاب البخاري.
____________
(1) إبراهيم 14: 48.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 17: 134.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 17: 202.
(4) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 16.
( 363 )
(683) عن أبي زيد قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر
فخطبنا حتّى حضرت الظهر، فنزل فصلّى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتّى
حضرت العصر، ثم نزل فصلّى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتّى غربت
الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا
(1).
أقول: رأيت في بعض كتب الشيعة نقل هذين الحديثين وما تقدّم
من حديث أبي هريرة من انّه لم يبث إلاّ أحد الوعائين من العلم، وما مرّ
من انّ عمر محدّث، ثم سأل مؤلف الكتاب أهل الانصاف أي فرق بين
هؤلاء وبين علي؟ حيث يصرّ أهل السنة على انه لم يكن عنده علم سوى
ما في الصحيفة، أليس هذا عناداً للحقيقة؟
ضرر بني امية
(684) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يهلك اُمّتي هذا الحي من
قريش».
قالوا: فما تأمرنا.
قال: «لو انّ الناس اعتزلوهم»
(2).
أقول: ذكر بعض من علق على كتاب مسلم: انّ المراد بهذا الحي بنو
اُميّة، ثم اشار إلى ما فعل يزيد بحسين بن علي وأهل بيته.
أقول: وكذا معاوية ما فعل بصفين، ولو انّ الاُمّة اعتزلوهم ولم
يعتمدوا عليهم في دينهم ودنياهم لاستراحوا من أكثر الشرور.
تحديد القيامة بعمر غُلام
(685) عن أنس: انّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تقوم الساعة؟
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 16.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 41.
( 364 )
وعنده غلام من الانصار يقال له محمّد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان يعش هذا
الغلام فعسى أن لا يدركه الهرم حتّى تقوم الساعة»
(1).
وفي حديث آخر: «انّ عمِّر هذا الغلام».
وفي حديث ثالث: «ان أخّر هذا الغلام».
أقول: وقد مضى ألف وأربعمائة سنة ولم تقم الساعة، مع انّ القرآن
ينفي علم قيام الساعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بدّ من تكذيب الحديث.
عمر بن سعد
(686) عن عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في ابله،
فجاءه ابنه عمر، فلمّا رآه سعد قال: اعوذ بالله من شرّ هذا الراكب! فنزل،
فقال له: انزلت في ابلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم،
فضرب سعد صدره فقال: اسكت...
(2)
أقول: هذا حال عمر بن سعد بنظر أبيه وبرواية أخيه، ومع ذلك وثّقه
بعضهم. ولعلّ وثاقته ثبتت من امارته على جند عبيد الله بن زياد في
كربلاء، وقبوله قتل الحسين تحكيماً لحكومة يزيد بن معاوية.
النهي عن الكتابة أو آفة السنّة القولية
(687) عن أبي سعيد الخدري: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكتبوا
عنّي، ومن كتب عنّي غير القرآن فليمحه، وحدّثوا عنّي ولا حرج، ومن
كذب عليَّ... (متعمدّا) فليتبوّأ مقعده من النار»
(3).
أقول: مرّ ما يتعلّق بالحديث في مقدمة الكتاب.
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 90.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 100.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 129.
( 365 )
المقصد الثالث
حول أحاديث سنن أبي داود
سليمان بن الاشعث السجستاني الاَزدي
202 ـ 275 هـ
( 366 )
( 367 )
وعندنا النسخة المطبوعة من دار الحديث بالقاهرة المجزأة بأربعة
أجزاء (توزيع المكتبة التجارية بمكة المكرمة) وذكر لكل حديث رقماً آخره
5274 بمكرراتها القليلة بالنسبة إلى البخاري ومسلم، وقد ذكر بعض من
ترجمه باللغة الاردوية وطبعه في ثلاث أجزاء انّ أبا داود اختار (4800)
حديثاً من (500000) حديث في كتابه هذا، وجده الاَعلى ـ عمران ـ كان
مع علي بصفين واستشهد هناك.
وعن القاضي عياض ـ كما نقله السيوطي في شرحه على سنن
النسائي ص241 ج7 ـ: روي عن أبي داود السجستاني قال: كتبت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، الثابت منها أربعة آلاف حديث...
وعن جماعة: انّ عدّة من أحاديث كتابه غير معتبرة.
أقول: ويدلّ عليه انّ في بعض اسانيده: عن رجل. وهذا الرجل
مجهول طبعاً، فلاحظ ص126 وص144 وص166 وص167 ج3، بل
روى عن الضعفاء أيضاً. وعلى كلّ معظم رواياته في الاَحكام الفرعية
الفقهية.
تخفيف عذاب القبر
(688) عن ابن عباس: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «انّهما
يعذّبان...» ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين، ثم غرس على هذا واحداً
وعلى هذا واحداً، وقال: «لعلّه يتخفّف عنهما ما لم ييبسا»
(1).
____________
(1) سنن أبي داود 1: 6.
( 368 )
اهانة النبي الاكرم
(689) عن عبد الرحمن بن حسنة قال: انطلقت أنا وعمرو بن العاص
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ومعه درقة ثم استتر بها ثم بال، فقلنا: انظروا اليه يبول
كما تبول المرأة!!، فسمع ذلك فقال: «ألم تعلموا ما لقي صاحب بني
اسرائيل؟ كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصاب البول منهم (من جلد
أحدهم) (من جسد أحدهم)...»
(1).
أقول: كلام عبد الرحمن وابن العاص اهانة للنبي صلى الله عليه وسلم، والذيل اهانة
للتشريع، فانّ العقلاء لا يرضون بحكم فطرتهم وضميرهم الانساني ان
ينسب إلى التشريع الديني قطع أعضاء البدن.
(690) عن حكيمة بنت اُميمة، عن اُمّها انّها قالت: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم
قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل
(2).
أقول: ومن المأسوف عليه أنْ تدخل النساء في كتب أحاديثنا بشكل
واسع فذكرن أشياء فيها بعنوان الحديث والسنة كهذه القصة القبيحة،
فصارت موجبة لتنفر الناس في هذه الاعصار عن الاسلام.
(691) عن حذيفة: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائماً ثم دعا
بماء فمسح على خفّيه... قال: فذهبت أتباعد فدعاني حتّى كنت عند
عقبه
(3).
أقول: القرائن على وضع هذا الحديث المهين لمقام النبوة والموجب
لتحقير النبي صلى الله عليه وسلم عند العقلاء كثيرة، فمنها: ذكر مسح الخفين، إذ لا ربط له
____________
(1) سنن أبي داود 1: 7.
(2) سنن أبي داود 1: 7.
(3) سنن أبي داود 1: 6.
( 369 )
بالمقام، فيفهم انّ لجاعله فيه غرضاً خاصاً.
ومنها: انّ الراوي استحى من تلك الحالة وتباعد والنبي صلى الله عليه وسلم لم يستح
(نعوذ بالله) وأمر بأن يقترب منه، فبالله عليك هل رأيت عالماً بل عاقلاً
يبول قائماً ثم يدعو تابعه ومخلصه حتّى يدنو منه في تلك الحالة؟ أليس
هذا عمل المجانين، أليس هذا دليلاً على انّ الموضوعات نفذت في كتب
الصحاح؟
ومنها: ما عن عائشة ـ كما في أوائل سنن النسائي ـ: من حدّثكم انّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلاّ جالساً.
ثم انّ قصة البول قائماً حيث انّه أمر منكر عند العقول ذهب جمع من
الغالين في حق الرواة ورواياتهم المصونة عن الكذب والخطأ والاَهواء! إلى
أقوال: فقيل: كان له صلى الله عليه وسلم مرض مانع من الجلوس! أو لم يكن هناك محل
للجلوس.
وقيل: انّه منسوخ! وقيل: انّه لاَجل التحفّظ من سراية البول!
وقيل: شيء آخر لا نذكره.
لطيفة
نقل القاضي الحسين في تعليقة له على المقام: انّ أهل هرات (بلدة
من بلاد افغانستان) اعتادوا أن يبولوا قائمين في كلّ سنة مرة حتّى عملوا
بالسنة!!
نجاسة الكلب
(692) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «طهور اناء احدكم إذا ولغ فيه
( 370 )
الكلب ان يغسل سبع مرار أولاهنّ بالتراب»
(1).
وفي حديث آخر: «السابعة بالتراب!!».
وفي رواية ابن مغفل:... «والثامنة عفّروه بالتراب»
(2).
والعجيب انّ عبدالله بن عمر لا يرى نجاسة بول الكلب!
(693) عن ابن عمر: كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم...
وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئاً
(3).
واعلم انّ قوله تعالى: (
وكُلوا ممّا أمسكن)
(4)، لا يدلّ على طهارة
لعاب فم الكلب حتّى يقال بطهارة الكلب، فانّ نظر الآية إلى حلّيّة الاكل
وعدم كونه ميتة محرمة فقط، ولا اطلاق لها يدفع لزوم تطهير الصيد، وهذا
أمر دقيق قرّرناه في اصول الفقه، وانّه لا اطلاق للفظ بالنسبة إلى قيد إذا لم
يكن ناظرا اليه، فلا تغفل. وما قيل من انّ الحياة سبب للطهارة وهي محقّقة
في الكلب غلط لا دليل عليه، وكل شيء حي أو غير حي فهو طاهر إلاّ ما
دلّ الدليل على نجاسته، والكلب قد ثبتت نجاسته بهذا الحديث وغيره.
ادعاء كاذب في جماعه صلى الله عليه وسلم
(694) عن أبي رافع: انّ النبي طاف ذات يوم على نسائه يغتسل عند
هذه وعند هذه، قال: فقلت (له): يا رسول الله ألا تجعله غسلاً واحداً؟
قال: «هذا أزكى وأطيب وأطهر»
(5).
أقول: وكأنّه صلى الله عليه وسلم بعث ليري الناس طوافه على نسائه وأغساله! أهكذا
____________
(1) سنن أبي داود 1: 19.
(2) سنن أبي داود 1: 20.
(3) سنن أبي داود 1: 103.
(4) المائدة 5: 4.
(5) سنن أبي داود 1: 56.
( 371 )
كان النبي الحكيم الوقور، ألم يأن للذين يعقلون أن يحكموا ببطلان هذه
الروايات، ألم يشعر أبو داود انّ أبا رافع كيف دار معه صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه
صلى الله عليه وسلم، وهل يرضى غيور أن يدور معه رجل ويعرف جماعه مع أزواجه.
غسل الجنابة يكفي عن الوضوء
(695) عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ويصلّي الركعتين وصلاة
الغداة ولا أراه يحدث وضوء بعد الغسل
(1).
أقول: هذا هو المستفاد من القرآن المجيد، فانّ وظيفة القائم إلى
الصلاة إمّا الوضوء ـ على فرض عدم الجنابة ـ وإمّا الغسل ـ على فرض
الجنابة ـ فانّ التقسيم قاطع للشركة كما ذكر في محلّه.
متعارضات ومتناقضات
(696) تعارضت روايات ابن عباس في كفارة وطء الحائض، ففي
بعضها: دينار أو نصف دينار.
وفي بعضها: إذا أصابها في أول الدم فدينار، وإذا اصابها في انقطاع
الدم فنصف دينار.
وفي بعضها: آمره أن يتصدّق بخمسي دينار
(2).
كما تعارضت الروايات في غسل المستحاضة عند صلواتها اليومية
(3).
(697) عن عائشة: كنت إذا حضت نزلت عن المثال
(4) على الحصير،
فلم نقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ندن منه حتّى نطهر
(5).
____________
(1) سنن أبي داود 1: 65.
(2) سنن أبي داود 1: 68.
(3) سنن أبي داود 1: 76 ـ 81.
(4) المِثال: الفراش. «الصحاح ـ مثل ـ 5: 1816».
(5) سنن أبي داود 1: 70.
( 372 )
أقول: وهذا يعارض كل ما ورد في المباشرة والمضاجعة حتّى في
نفس الصفحة من السنن المذكورة!!
(698) عن أبي هريرة:... ليس لي إلاّ ثوب واحد وأنا احيض...
قال: «إذا طهرت فاغسليه ثم صلّي فيه...»
(1).
لاحظ ما ورد عن عائشة بخلافه
(2).
(699) وعن عثمان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَنْكِح المحرم ولا يُنْكح
ولا يخطب»
(3).
(700) وعن ابن عباس: انّ النبي تزوّج ميمونة وهو محرم
(4).
(701) وعن ميمونة: تزوّجني رسول الله ونحن حلالان بسرف
(5).
(702) عن عبدالله الحرث:... فقال علي:... أتعلمون انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
أُهدي اليه رجل حمار وحش وهو محرم فابى أن يأكله؟ قالوا: نعم
(6).
(703) عن ابن عباس قال: يا زيد بن ارقم، هل علمت انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
اُهدي اليه عضد صيد فلم يقبله وقال: «أنا حرم»؟ قال: نعم
(7).
(704) عن أبي قتادة:... ثم شدّ على الحمار فقتله، فأكل منه بعض
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «انّما هي طعمة اطعمكموها
الله تعالى»
(8).
____________
(1) سنن أبي داود 1: 99.
(2) سنن أبي داود 1: 97..
(3) سنن أبي داود 2: 175.
(4) سنن أبي داود 2: 175.
(5) سنن أبي داود 2: 175.
(6) سنن أبي داود 2: 176.
(7) سنن أبي داود 2: 177.
(8) سنن أبي داود 2: 177.