كتاب نظرة عابرة الى الصحاح الستة ص 347 ـ ص 462
المقصد الخامس
في أحاديث سنن النسائي

( 438 )

( 439 )
ويظهر من ذكر الارقام في بعض نسخها المطبوعة انّ عدد أحاديثها بمكرراتها 5764 حديثاً، واسم مؤلفه أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان، ولد سنة 214 أو 215هـ في بلدة نساء من خراسان، وكان مقيماً بمصر، ومات سنة 303.
وعن الذهبي: سئل بدمشق عن فضائل معاوية فقال: ألا يرضى رأساً برأس حتّى يفضّل؟! قال: فما زالوا يدفعونه حتّى اخرج من المسجد، ثم حمل إلى مكّة فتوفى بها. وقيل: وصوابه إلى الرملة.
ونقل انّه قال: دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير، فصنفت كتاب الخصائص رجوت أن يهديهم الله.
وقيل: وروايات النسائي تختلف اختلافاً كثيراً، والذي عدّ من الاصول الخمسة هو المجتبى المعروف بسنن النسائي الصغير.
وأعلم انّي لا أتعرض لكلّ ما هو قابل للتعرض بل لبعضها، ولا أذكر ما تعرّضنا له في ما سبق عليه من الكتب (البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي) إلاّ نادراً، والله الموفق.
والنسخة الموجودة عندي منه ما طبعها دار الكتاب العربي بيروت، مع شرح جلال الدين السيوطي وحاشية الامام السندي. في ثمانية أجزاء.

هل يجب الوضوء ممّا غيرت النار؟
الروايات المذكورة فيه متعارضة متضاربة(1).
____________
(1) انظر سنن النسائي 1: 105 ـ 108.

( 440 )
الخليفة لا يرضي بالتيمم
(906) عن أبزي: انّ رجلاً اتى عمر فقال: انّي اجنبت فلم أجد الماء، قال عمر: لا تصلّ!
فقال عمّار بن ياسر: يا أمير المؤمنين أما تذكر إذ أنا وانت في سرية فاجنبنا فلم نجد الماء، فأمّا انت فلم تصلّ، وأمّا أنا... فقال عمر نوليك ما تولي(1).
أقول: الخليفة رضي الله عنه مع هذا الحديث وتشريع القرآن وعمل المسلمين لا يرضى بالتيمم بل يترك الصلاة عند فقد الماء ويفتي به أيضاً، والله يعلم كم ترك الصلاة في اسفاره، وللمخطئ أجر واحد.
وفي حديث آخر: قال له رجل: ربّما نمكث الشهر والشهرين ولا نجد الماء، فقال عمر: أمّا أنا فاذا لم أجد الماء لم أكن لاَصلّي حتّى أجد الماء.

التعارض في التيمم
(907) وعنه:... ثم مسح بهما وجهه وكفيه(2).
(908) وعن عمّار: فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب.
وفي سند آخر: بعض ذراعيه.

في التيمم أيضاً
(909) وعنه انّ رجلاً سأل عمر بن الخطاب عن التيمم فلم يدر ما يقول، فقال عمّار : . . . ونفخ في يديه ومسح بهما وجهه وكفيه مرة واحدة(3).
____________
(1) سنن النسائي 1: 166.
(2) سنن النسائي 1: 166 وكذا في سائر الكتب.
(3) سنن النسائي 1: 169.

( 441 )
غريبة في باب معراجه
(910) عن انس: «و... ثم دخلت بيت المقدس، فجمع لي الانبياء عليهم السلام فقدّمني جبرئيل حتّى أممتهم ثم صعد بي إلى السماء الدنيا فاذا فيها وآدم عليه السلام »(1).
يبعد كلّ البعد حضور الانبياء في بيت المقدس ثم وصولهم إلى السموات اسرع منه صلى الله عليه وسلم، فلا يبعد كونه زيادة من بعض الرواة.

حبس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن الصلوات
(911) عن عبدالله بن مسعود قال: كنّا في غزوة فحبسنا المشركون عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فلمّا انصرف المشركون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً فأقام لصلاة الظهر و...(2)
أقول: لكن في رواية جابر انّهم حبسوا عن صلاة العصر وحدها، وثانياً انّ الصلاة لا تسقط بحال فانّ لها مراتب آخرها الاشارة كما صلّى كذلك ابن عمر، فهذه رواية موضوعة.

صلاته صلى الله عليه وسلم في الحرير
(912) عن عقبة قال: اُهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه ثم صلّى فيه! ثم انصرف فنزعه نزعاً شديداً كالكاره له ثم قال: «لا ينبغي هذا للمتقين»(3).
ومن يحكم بوضع الحديث لا أراه ملوماً.
والفروج: القباء المشقوق.
____________
(1) سنن النسائي 1: 222 فرض الصلاة.
(2) سنن النسائي 2: 18.
(3) سنن النسائي 2: 72.

( 442 )
مبالغة كاذبة
(913) عن عبدالله قال: لمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الانصار: منّا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: ألستم تعلمون انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس، فأيّكم تطيب نفسه أن يتقدّم أبا بكر؟ قالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر(1).
أقول: كلّ من وقف على التأريخ وما جرى في السقيفة يعلم كذب هذا الحديث. على انّ أبا بكر ليس هو الامام وحده في حياته صلى الله عليه وسلم، مع أنّ في امامته كلاماً صعباً مرّ عليك سابقاً.

ترك السجدة الواجبة
(914) عن زيد انه زعم انه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم والنجم إذا هوى. فلم يسجد(2).

التناقض في الالتفات في الصلاة
(915) عن أبي ذر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله عزّ وجلّ مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فاذا صرف وجهه انصرف عنه»(3).
(916) عن عائشة: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: «اختلاس يختلسه الشيطان من الصلاة».
(917) عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً ولا يلوي عنقه خلف ظهره(4). أقول: اعوذ بالله من اهانة النبي
____________
(1) سنن النسائي 2: 75.
(2) سنن النسائي 2: 160.
(3) سنن النسائي 3: 8.
(4) سنن النسائي 3: 9.

( 443 )
الخاشع الخاضع والكذب على ابن عباس.

الكلام في الصلاة
(918) عن أبي الدرداء: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي فسمعناه يقول: «اعوذ بالله منك» ثم قال: «ألعنك بلعنة الله ثلاثاً» وبسط يده كأنّه يتناول شيئاً... قال: «انّ عدو الله ابليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت...»(1).
أقول: الكلام مع غير الله مبطل للصلاة وابليس لا يقدر على مجيئه بالنار، مع انّها لو كانت لكانت محسوسة لغيره صلى الله عليه وسلم.

منزلة علي من النبي صلى الله عليه وسلم
(919) عن علي: كانت لي منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لاَحد من الخلائق، فكنت آتيه كلّ سحر فاقول: السلام عليك يا نبي الله، فان تنحنح انصرفت إلى أهلي وإلاّ دخلت عليه(2).

الصلاة على محمّد وعلى آل محمّد صلى الله عليه وسلم
(920) عن أبي مسعود الانصاري:... ثم قال: «فقولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد كما صلّيت على آل ابراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على آل ابراهيم في العالمين...»(3).
(921) وعن كعب بن عجرة: قلنا يا رسول الله... فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم انّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد
____________
(1) سنن النسائي 3: 13.
(2) سنن النسائي 3: 12.
(3) سنن النسائي 3: 45.

( 444 )
كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انّك حميد مجيد».
(922) وعن طلحة: قلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: «اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انّك حميد مجيد».
(923) عن زيد بن خارجة قال: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صلّوا عليَّ، واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد»(1).

عذاب القبر
(924) عن عائشة: دخلت عليَّ امرأة من اليهود فقالت: انّ عذاب القبر من البول.
فقلت: كذبت.
فقال: انّا لنقرض منه الجلد والثوب.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت اصواتنا فقال: «ما هذا» فأخبرته بما قالت، فقال: «صدقت» فما صلّى بعد يومئذ صلاة إلاّ قال في دبر الصلاة: «ربّ جبرئيل وميكائيل واسرافيل اعذني من حر النار وعذاب القبر»(2).
أقول: هذه صورة أخرى من صور القصة المتعارضة المتضاربة، على أنّ اخبار عائشة عن دعائه صلى الله عليه وسلم بعد كلّ صلاة غير قابلة للتصديق، لعدم علمها بذلك، وهو رجم بالغيب، مضافاً إلى دلالة الحديث على انّ توجهه صلى الله عليه وسلم إلى
____________
(1) سنن النسائي 3: 49 وانظر سائر الاَسانيد والمتون هناك.
(2) سنن النسائي 3: 72.

( 445 )
وهو رجم بالغيب، مضافاً إلى دلالة الحديث على انّ توجهه صلى الله عليه وسلم إلى الاستعاذة من عذاب القبر انّما نشأ من اخبار اليهودية، واليك بعض صورها الاُخرى من هذه السيدة.
(925) عنها: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول: انّكم تفتنون في القبور، فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «انّما تفتن يهود».
وقالت عائشة: فلبثنا ليالي ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّه اُوحي اليَّ انّكم تفتنون في القبور»(1).
أقول: الحديث ـ مضافاً إلى تناقضه مع السابق ـ يدل على جهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بما علمته يهودية، نعوذ بالله من هذه الفضيحة للاسلام والمسلمين.
(926) وعنها: دخلت يهودية... فقالت: أجارك الله من عذاب القبر.
قالت عائشة: فوقع في نفسي من ذلك حتّى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «انّهم ليعذّبون في قبورهم عذاباً تسمعه البهائم»(2).
(927) وعنها: دخلت عليَّ عجوزتان من عَجُز يهود المدينة فقالتا: انّ أهل القبور يعذّبون في قبورهم، فكذبتهما ولم انعم ان اصدقهما...
أقول: هنا كلمة جامعة وهي: انّ المسلم العاقل مخير في ترك عقله وفكره وتديّنه وقبول أحاديث عائشة وأمثالها اغتراراً بعظمة الصحابة والزوجات، وترجيح عقله ودينه بترك قبول كلّ ما رواه الصحابة، وتحكيم عقله في قبول الاَحاديث وردّها من دون العصبية والغلو.
____________
(1) سنن النسائي 4: 104.
(2) سنن النسائي 4: 105.

( 446 )
فلسفة الكسوف
(928) عن النعمان:... قال صلى الله عليه وسلم: «انّ الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنّهما آيتان من آيات الله عزّ وجلّ، إنّ الله عزّ وجلّ إذا بدا لشيء من خلقه خشع له...»(1).

عيد عائشة
(929) عن عائشة: جاء السودان يلعبون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيد، فدعاني، فكنت أطّلع اليهم من فوق عاتقه، فما زلت انظر اليهم حتّى كنت أنا التي انصرفت(2).
أقول: هل يقبل عقل المسلم نسبة هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل يجوز نظر المرأة إلى الرجال حتّى يمكّنها النبي صلى الله عليه وسلم من النظر اليهم؟ ولدفع هذا الاشكال قد تأوّل بعضهم تأويلات باردة مضحكة كاحتمال عدم بلوغ عائشة!! أو احتمال نظرها إلى آلاتهم لا إلى وجوهم!! وان وقع اليهم بلا قصد امكن ان تصرفه في الحال! ولاحظ بقية أحاديث عيدها(3).
واليك حديث من سنن الترمذي:
(930) عن محمّد بن الحاطب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين الحرام والحلال: الدف والصوت»(4).

في صلاة علي
(931) عن علي: دخل علَيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى فاطمة من الليل
____________
(1) سنن النسائي 3: 141.
(2) سنن النسائي 3: 195.
(3) سنن النسائي 3: 196 و197.
(4) صحيح جامع الترمذي 1: 316.

( 447 )
فأيقظنا للصلاة ثم رجع إلى بيته فصلّى هويّاً(1) من الليل، فلم يسمع لنا حسّاً، فرجع الينا فأيقظنا، فقال: «قوما فصلّيا».
قال: فجلست وأنا أعرك عيني وأقول: إنّا والله ما نصلّي إلاّ ما كتب الله لنا، انّما انفسنا بيد الله، فان شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ـ ويضرب بيده على فخذه ـ: ما نصلّي إلاّ ما كتب الله لنا: (وكان الاِنسان أكثرَ شيءٍ جدلاً)(2)(3).
أقول: لا يحتمل مقابلة علي له صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الجواب، والظاهر انّ عبادة علي كانت مشهورة عند المسلمين، فأراد بنو اُميّة الفجرة من وضع هذه الاَحاديث إهانته.

أحاديث عائشة في صلاة الليل
اختلفت أحاديث عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، فكأنها تقول وتحدّث ما تهوى، فلاحظ أبواب صلاة الليل في سنن النسائي وغيره.

البكاء على الميت
(932) عن أبي هريرة: مات ميت من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر ينهاهنَّ ويطردهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعهنَّ يا عمر، فانّ العين دامعة، والقلب مصاب، والعهد قريب»(4).
أقول: الرواية صريحة في ابطال عذاب الميت ببكاء أهله، لكن عمر يرى خلاف ذلك كما سبق.
____________
(1) الهَويّ ـ بالفتح ـ: الحين الطويل من الزمان. وقيل: هو مختص بالليل. «النهاية لابن الاثير 5: 285».
(2) الكهف 18: 54.
(3) سنن النسائي 3: 206.
(4) سنن النسائي 4: 19.

( 448 )
وضع اموي في حق فاطمة
(933) عن عبدالله بن عمر:... قال صلى الله عليه وسلم لها: «ما اخرجك من بيتك يا فاطمة»؟
قالت: أتيت أهل هذا الميت فترحّمت اليهم وعزّيتهم بميّتهم.
قال: «لعلّك بلغت معهم الكدى»(1).
قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها، وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر.
فقال لها: «لو بلغتها معهم ما رأيت الجنّة حتّى يراها جدّ أبيك»(2).
أقول: وقريب منه ما في بعض الكتب الستة غير سنن النسائي.
والظاهر انّ الرواية وضعها بعض أعداء أهل البيت، فانّ النبي لم يعهد منه أن يتكلّم مع ابنته (سيدة نساء أهل الجنة) بهذه الخشونة، ولا سيّما بعد أن ذكرت له عدم مجيئها إلى المقبرة.
وثانياً: انّ الذهاب إلى المقبرة ـ على فرض حرمته ـ لا يوجب الكفر حتّى لا ترى به الجنة، بل تضافرت الاَحاديث في أنّ أصحاب الكبائر الموبقة يدخلون الجنة إذا كان في قلوبهم ذرة من الايمان.
وثالثاً: انّ عبد المطلب كان موحّداً مؤمناً بالله تعالى، فأيّ مانع له من رؤية الجنة ودخولها، لعن الله العصبية الحمقى.
ثم أنَّ النسائي أنصف في الجملة، وقال بعد ذكر الحديث المذكور: ربيعة ـ أحد رواة الحديث ـ ضعيف.
____________
(1) في النهاية لابن الاثير ـ 4: 156 ـ: «لعلَّكِ بغلتِ معهم الكُدَى» أراد المقابر، وذلك لاَنّها كانت مقابرهم في مواضع صلبة، وهي جمع كُدية.
(2) سنن النسائي 4: 28.

( 449 )
تناقض في القيام عند مرور الجنازة
(934) عن ابن سيرين: مرّ بجنازة على الحسن بن علي وابن عباس فقام الحسن ولم يقم ابن عباس، فقال الحسن لابن عباس: أما قام لها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ابن عباس: قام لها ثم قعد(1).
(935) عن محمّد بن علي: انّ الحسن بن علي كان جالساً فمرّ عليه بجنازة فقام الناس حتّى جاوزت الجنازة، فقال الحسن: انّما مرّ بجنازة يهودي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقها جالساً فكره ان تعلو رأسه جنازة يهودي فقام. المصدر.
أقول انظروا إلى التناقض الفاضح فيما نقل عن الحسن، وهل يرضى العاقل أن يحكم بصحة ما في الكتب الستة بدعوى صدق رواتها؟!

تحدّث عائشة عمّا قام على خلافه الاجماع
(936) عن عائشة: اُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبيّ من صبيان الاَنصار فصلّى عليه، قالت عائشة: فقلت: طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءاً ولم يدركه، قال أوَ غير ذلك يا عائشة، خلق الله عزّ وجلّ الجنة وخلق لها أهلاً، وخلق النار وخلق لها أهلاً، وخلقهم في اصلاب آبائهم»(2).
أقول: ينقل السيوطي عن النووي في شرحه: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أنّ من مات من اطفال المسلمين فهو من أهل الجنة.

الردّ على الوهابية
(937) عن بريدة: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اتى على المقابر فقال:
____________
(1) سنن النسائي 4: 47.
(2) سنن النسائي 4: 57.

( 450 )
«السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وانّا إن شاء الله بكم لاحقون، انتم لنا فرط ونحن لكم تبع، اسأل الله العافية لنا ولكم»(1).
أقول: فقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم الاَموات خمس مرات في هذا الدعاء، ولولا استماعهم أو علمهم بالخطاب لكان لغواً.

أرواح المؤمنين
(938) عن ابن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انّما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة حتّى يبعثه الله إلى جسده يوم القيامة»(2).
أقول: وفي روايات: انّ الروح يدخل في بدن طائر.
ويقول السندي في حاشيته على المقام: قال السيوطي في حاشية أبي داود: إذا فسّرنا الحديث بانّ الروح يتشكّل طيراً، فالاشبه أنّ ذلك في القدرة على الطيران فقط لا في صورة الخلقة؛ لانّ شكل الانسان أفضل الاشكال.
قلت: هذا إذا كان الروح الانساني له شكل في نفسه ويكون على شكل الانسان، وأمّا إذا كان في نفسه لا شكل له، بل يكون مجرداً واراد الله أن يتشكّل ذلك المجرد لحكمة ما، فلا يبعد أن يتشكّل أول الاَمر على شكل الطائر، وأمّا على الثاني: فقد أورد عليه الشيخ علم الدين العراقي: انّه لا يخلوا إمّا ان يحصل للطير الحياة بتلك الاَرواح أو لا؟ والاَول: عين ما تقوله التناسخية، والثاني: مجرد حبس للارواح وتسجن...
أقول: انّما نقلت هذا المقدار من شرح السندي توضيحاً، ولكنّه غير صحيح، وتحقيق المقام في محلّه. والروايات لا بدّ من تأويلها.
____________
(1) سنن النسائي 4: 94.
(2) سنن النسائي 4: 108.

( 451 )
(939) عن كعب، عنه صلى الله عليه وسلم: «انّ أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر (شجر) الجنة»(1).

الصوم في السفر
(940) عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس من البرّ الصيام في السفر، عليكم برخصة الله عزّ وجلّ فاقبلوها»(2).
(941) وعنه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكّة عام الفتح في رمضان فصام حتّى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، فبلغه انّ الناس قد شقّ عليهم الصيام، فدعا بقدح من الماء بعد العصر فشرب... فبلغه أنّ ناساً صاموا فقال: «اولئك العصاة»(3).
(942) عن عمرو بن اُميّة الضمري قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر... فقال: «ادن مني حتّى أخبرك عن المسافر، إنّ الله عزّ وجلّ وضع عنه الصيام ونصف الصلاة»(4).
(943) عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: «انّ الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم، وعن الحبلى والمرضع»(5).
(944) وعن رجل قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم...: «ان الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم، ورخّص للحبلى والمرضع»(6).
أقول: هذا الحديث نص في أنّ افطار المسافر في السفر عزيمة،
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 2: 127.
(2) سنن النسائي 4: 176.
(3) سنن النسائي 4: 177.
(4) سنن النسائي 4: 178 وللحديث اسانيد اخرى.
(5) سنن النسائي 4: 180.
(6) سنن النسائي 4: 181.

( 452 )
فيقع التعارض بينه وبين ما دلّ على الجواز، فبعد التساقط بالتعارض يرجع إلى اطلاق الآية الكريمة الدالة على لزوم صيام عدة من أيام اُخر سواء صام المسافر في رمضان أم لا، فيستفاد منه بطلانه وعدم مشروعيته، ويؤكده الحديث الاَول: «عليكم برخصة الله» فانّ كلمّة «عليك» تدلّ على الوجوب. وتفصيل المقال في كتب الفقه.

نية الصوم قبل الفجر
هل تعتبر نية الصوم قبل الفجر في صحة الصيام أم لا؟ الاَحاديث فيها متعارضة(1).

الصوم من طلوع الشمس لا من طلوع الفجر!
(945) عن زر قال: قلنا لحذيفة: أي ساعة تسحّرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو النهار إلاّ أنّ الشمس لم تطلع!!(2).

جهالة الناس بالاحكام
(946) عن الحسن: قال ابن عباس ـ وهو أمير البصرة ـ: في آخر الشهر أخرجوا زكاة صومكم، فنظر الناس بعضهم إلى بعض، فقال: مَن هاهنا من أهل المدينة قوموا فعلِّموا اخوانكم، فانّهم لا يعلمون أنّ هذه الزكاة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلّ ذكر وانثى...(3) .

هدية عائشة
(947) عنها: انّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعن عنده فقلن: أيَّتنا بك أسرع
____________
(1) سنن النسائي 4: 196.
(2) سنن النسائي 4: 142. المترجم بلغة غير عربية. ويظهر من المترجم انّ بعض العلماء قائل به!!
(3) سنن النسائي 5: 50.

( 453 )
لحوقاً؟ قال: «أطولكنَّ يداً» فأخذن قصبة فجعلن يذرعنها، فكانت سودة أسرعهنّ به لحوقاً، فكانت أطولهنَّ يداً، فكان ذلك من كثرة الصدقة(1).
أقول: كثرة صدقة سودة (رض) هي هبتها حقّها لعائشة (رض)، فأهدت لها هذه الهدية، وإلاّ فمن المعلوم انّ الاَسرع به لحوقاً هي زينب بنت جحش (رض) حيث ماتت في امارة عمر، وأمّا سودة فماتت في امارة معاوية سنة 54 هـ.

طيب المحرم
(948) عن عائشة: كأنّي انظر إلى وبيص الطّيب في راس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم(2).
الوبيص: كالبريق لفظاً ومعنىً كما قيل.
ولها أحاديث متنوعة في ذلك. لكنّ الطّيب حرام للمحرم، وذهب غلاة المتأوّلين إلى انّه من خصائصه صلى الله عليه وسلم!! دون أن يردّوا هذه الاَحاديث الضعيفة.

صلابة عمر في تأويل الكتاب والسنّة
(949) عن ابن شهاب، عن محمّد: انّه حدّثه انّه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حجَّ معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران أنّ التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلاّ من جهل أمر الله تعالى.
فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي.
قال الضحاك: فانّ عمر بن الخطاب نهى عن ذلك.
____________
(1) سنن النسائي 5: 66 ـ 67.
(2) سنن النسائي 5: 139.

( 454 )
قال سعد: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه(1).
(950) عن ابن عباس: سمعت عمر يقول: والله انّي لاَنهاكم عن المتعة، وانّها لفي كتاب الله، ولقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني العمرة في الحج ـ المصدر.

كذب معاوية وانكاره الحق
(951) عن طاوس: قال معاوية لابن عباس: أعلمت أنّي قصَّرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة؟ قال: لا، يقول ابن عباس: هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة وقد تمتع النبي صلى الله عليه وسلم(2).
يقول السندي: والصحيح الذي لا يشكّ فيه والذي نقله الكواف انّه صلى الله عليه وسلم لم يقصر من شعره شيئاً ولا أحلّ من شيء من احرامه إلى أن حلق بمنى يوم النحر. إلى آخر كلامه في تحكيم بطلان ادعاء معاوية.
(952) عن عطاء، عن معاوية: أخذت من اطراف شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص كان معي بعدما طاف بالبيت وبالصفا والمروة في ايام العشر.
قال قيس: والناس ينكرون هذا على معاوية(3).
(953) عن مسلم بن يسار وعبدالله بن عبيد قالا: جمع المنزل بين عبادة بن الصامت وبين معاوية، فقال عبادة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيع الذهب بالذهب والورق بالورق... فبلغ هذا الحديث معاوية فقام فقال: ما بال رجال يحدّثون أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صحبناه ولم نسمعه منه!!
فبلغ ذلك عبادة بن الصامت فقام فأعاد الحديث فقال: لنحدّثنَّ بما
____________
(1) سنن النسائي 5: 253.
(2) سنن النسائي 5: 154.
(3) سنن النسائي 5: 245.

( 455 )
سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن رُغِمَ معاوية(1).
يقول السندي ردّاً على كلام معاوية: استدلال بالنفي على ردّ الحديث الصحيح بعد ثبوته مع اتفاق العقلاء على بطلان الاستدلال بالنفي وظهور بطلانه بأدنى نظر بل بديهة، فهذا جرأة عظيمة.
أقول: مدلول الحديث حكم ثابت قطعي، ولا اظنّ جهل معاوية به.

متعارضان
(954) قال سراقة: تمتّع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمتّعنا معه، فقلنا ألنا خاصة أم لاَبد؟ قال: «بل لابد»(2).
(955) عن أبي ذر قال في متعة الحجّ: ليست لكم ولستم منها في شيء، انّما كانت رخصة لنا أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم.
فهما متعارضان: إلاّ أن تحمل الاولى على متعة النساء.

متعارضة أيضاً
تعارضت الاَحاديث فيما يجوز للمحرم أكله من الصيد(3)، كما تعارضت الروايات في نكاح المحرم(4).

سلطة معاوية
(956) عن سعيد بن جبير قال: كنت مع ابن عباس بعرفات، فقال: ما لي لا أسمع الناس يلبون؟ قلت: يخافون معاوية.
فخرج ابن عباس من فسطاطه، فقال: لبيك اللّهمّ لبيك لبيك، فانّهم
____________
(1) سنن النسائي 7: 275 ـ 276.
(2) سنن النسائي 5: 179.
(3) سنن النسائي 5: 182.
(4) انظر سنن النسائي 5: 191.

( 456 )
قد تركوا السنّة من بغض علي(1).
قال السندي في شرحه: اي هو كان يتقيّد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضاً له.
أقول: قد ترك معاوية من دينه ما هو أعظم وأكبر من السنن بغضاً لعلي، فقد قتل كثيراً من الاَبرياء وحارب علياً في صفين، وقد ثبت انّه صلى الله عليه وسلم قال لعلي: «حربك حربي».

عقل عبدالله بن عمر
(957) عن سالم بن عبدالله: انّ عبدالله بن عمر جاء إلى الحجاج بن يوسف يوم عرفة حين زلت الشمس وأنا معه فقال: الرّواح إن كنت تريد السنّة.
فقال: هذه الساعة.
قال: نعم.
قال سالم: فقلت للحجاج: إن كنت تريد أن تصيب اليوم السنّة فاقصر الخطبة وعجلّ الصلاة.
فقال عبدالله بن عمر: صدق(2).
أقول: هذا الزنديق الذي يفضّل عبد الملك على النبي صلى الله عليه وسلم بدعوى أنّ خليفة الرجل أفضل من رسوله يتقرّب عبدالله منه ليصيب من دنياه ويؤيد شرعية ولايته، فيوصّيه بالسنن وصلاته في أول الوقت! فهذا عقل عبدالله الذي لم يحسن طلاق زوجته، وقد قال الله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار)(3).
____________
(1) سنن النسائي 5: 253.
(2) سنن النسائي 5: 254.
(3) هود 11: 113.

( 457 )
(958) عن هشام بن حسان: أحصوا ما قتل الحجاج صبراً فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل(1).

عبد الرحمن بن عوف واصحابه
(959) عن ابن عباس: انّ عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قالوا: يا رسول الله انّا كنّا في عزّ ونحن مشركون، فلمّا آمنّا صرنا أذلّة.
فقال: «انّي أمرت بالعفو فلا تقاتلوا».
فلمّا حوّلنا الله إلى المدينة أمرنا بالقتال فكفُّوا، فأنزل الله عزّ وجلّ: (ألم ترَ إلى الذين قيل لهم كفّوا أيديكم وأقيموا الصلاة)(2)(3).

رضاعة الكبير!!!
(960) عن عائشة: جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: انّي أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم عليَّ.
قال: «فأرضعيه».
قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير.
فقال: «ألستُ أعلم أنّه رجل كبير...»(4).
(961) وعن عروة قال أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهنَّ بتلك الرضعة أحد من الناس يريد رضاعة الكبير...(5)
أقول: ولعائشة (رض) أقوال غريبة عجيبة تنسبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها رضاعة الكبير التي لم توافق عليها واحدة من الزوجات الطاهرات،
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 2: 244.
(2) النساء 4: 77.
(3) صحيح جامع الترمذي 3: 6.
(4) سنن النسائي 6: 105.
(5) سنن النسائي 6: 106.

( 458 )
لكنّ عائشة تأذن للكبار أن يدخلوا عليها بمثل هذه الرضاعة كما مرّ.
ثم انّ رضاعة الكبير إن أُريد بها امتصاص اللبن من ثدي المرأة فهي حرام قطعاً؛ لاَنّ مس شفتي الرجل بثدي المرأة الاجنبية حرام في دين الاسلام، وإن اُريد بها مجرد شرب لبنها ولو من الاناء فهذا ممّا لا تحصل به الرضاعة المحرّمة. وعلى هذه الاحاديث اعتمد سلمان رشدي الملحد.
(962) عن اُمّ سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحرم من الرضاعة إلاّ ما فتق الاَمعاء في الثدي وكان قبل الفطام»(1).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم انّ الرضاعة لا تحرم إلاّ ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فانّه لا يحرم شيئاً.

ثلاث تطليقات
(963) عن محمود بن لبيد قال: اُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً، فقام غضباناً ثم قال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم» حتّى قام رجل وقال: يا رسول الله ألا أقتله(2)؟
(964) عن طاوس: انّ أبا الصهباء جاء إلى ابن عباس فقال: يا ابن عباس ألم تعلم انّ الثلاث كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من خلافة عمر ـ رضي الله عنهما ـ ترد إلى الواحدة؟ قال: نعم(3).

عائشة عصبية تفلق الصحفة
(965) عن اُمّ سلمة: انّها يعني أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه، فجاءت عائشة متَّزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به
____________
(1) صحيح جامع الترمذي 1: 338.
(2) سنن النسائي 6: 142.
(3) سنن النسائي 6: 145.

( 459 )
الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة ويقول: «كلوا غارت اُمّكم مرتين» ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى اُمّ سلمة واعطى صحفة اُمّ سلمة عائشة(1).
الفهر ـ بالكسر ـ: حجر قدر ما يدق به الجوز.
(966) عن جسرة بنت دجاجة، عن عائشة: ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم اناء فيه طعام، فما ملكت نفسي أن كسرتها، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كفّارته فقال: «اناء كاناء وطعام كطعام»(2).
أقول: المعاوضة تنفي الضمان ولا تنفي حرمة التصرف في مال الغير واتلافه بغير اذنه، فقد ارتكبت عائشة حراماً في كسر الاناء مرتين، ثم أنَّ جرأتها في الخروج إلى محضر الرجال ـ في مورد الحديث الاَول ـ وكسر الاناء بمحضر من الاَصحاب شيء اختصت هي به وضعفت عنه أكثر نساء الناس ـ مسلمات وغير مسلمات ـ حتى في القرن العشرين!
وفي حديث: انّها ضربت يد الرسول فسقطت القصعة وانكسرت!

غاية القتال
(967) عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اُمرت أن اقاتل الناس حتّى يشهدوا...»(3).
أقول الاَحاديث في بيان الغاية ومدخول كلمة حتّى مختلفة جداً في كلّ الصحاح(4).

من خرج من الطاعة
(968) عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة وفارق
____________
(1) سنن النسائي 7: 70 ـ 71.
(2) سنن النسائي 7: 71.
(3) سنن النسائي 7: 75.
(4) انظر سنن النسائي: 7: 75 وما بعدها إلى 81.

( 460 )
الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن خرج على اُمّتي يضرب برَّها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهدها فليس منّي، ومن قاتل تحت راية عمِّيَّة يدعو إلى عصبية أو يغضب لعصبيّة فقُتل فقتلة جاهلية»(1).

سهم ذي القربى
لاحظ أحاديثه في ص128 وص129 ج7 عن قول ابن عباس، وانّه لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانَّ عمر عرض عليهم شيئاً رأوه دون حقّهم فلم يقبلوا منه.

الحكومة الجائرة
(969) عن كعب: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة فقال: «انّه ستكون بعدي اُمراء من صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منّي ولست منه، وليس بوارد عليَّ الحوض...»(2).
(970) عن طارق: انّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم ـ وقد وضع رجله في الغرز ـ أي الجهاد أفضل؟ قال: «كلمة حقٍّ عند سلطان جائر»(3).

ريح الجنة
(971) عن أبي هريرة، عن رسول الله: «... وانّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاماً»(4).
(972) عن عبدالله بن عمر، عن رسول الله: «... وانّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً». المصدر.
أقول: كلا الحديثين في موضوع واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
____________
(1) سنن النسائي 7: 123.
(2) سنن النسائي 7: 160.
(3) سنن النسائي 7: 161.
(4) سنن النسائي 8: 25.

( 461 )
عقل المرأة
(973) عن شعيب، عن أبيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عقل المرأة مثل عقل الرجل حتّى يبلغ الثلث من ديّتها»(1).
أقول: مورد الحديث ديّة الاَعضاء دون ديّة النفس، ومدوله انّه إذا بلغ الثلث يرجع ديّة المرأة إلى نصف ديّة الرجل.

كتاب الفرائض والسنن والديات
(974) عن عمرو بن حزم: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم، فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها... وكان في كتابه...(2)
أقول: في أحاديث الشيعة ذكر كتاب عن علي باسم كتاب ظريف، فيه ذكر الديّات مفصلاً، ولا يبعد انّه هذا الكتاب ووقع بيد علي، فذكر ابن حزم بعضها ههنا، فلا بدّ من تطبيق الفاظ هذا الحديث عليه ليعلم التطابق، وان كان كتاب ظريف أطول.

أدنى ما يقطع به يد السارق
في جملة من الاَحاديث: انّه ربع دينار وهو الصحيح.
وفي بعضها: انّه دينار.
وفي بعضها: انّه عشرة دراهم(3). لاحظ هذه المتعارضات.

حب الامارة
عن الحارث:... ثم دفعه إلى فتية من قريش يقتلوه منهم عبدالله بن
____________
(1) سنن النسائي 8: 45.
(2) سنن النسائي 8: 58.
(3) سنن النسائي 8: 78 ـ 84.

( 462 )
الزبير ـ وكان يحب الامارة ـ فقال: أمّروني عليكم...(1).

خاتم الذهب
(975) عن سعيد بن المسيب: قال عمر لصهيب: ما لي أرى عليك خاتم الذهب؟
قال: قد رآه من هو خير منك فلم يعبه.
قال: من هو؟
قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم(2).
أقول: الاَحاديث الواردة في النهي عن استعمال الذهب وما ورد في خصوص خاتم الذهب(3) تدلّ على كذب هذا الحديث، وانّه موضوع.

حديث أبي هريرة
(976) عن أبي رزين قال: رأيت أبا هريرة يضرب بيده على جبهته يقول: ياأهل العراق تزعمون أنّي أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الاُخرى حتّى يصلحها»(4).
أقول: هل تقبل انّه صلى الله عليه وسلم يوصي بمثل هذا الموضوعات يا ترى؟!

براءة النبي من خالد
(977) عن ابن عمر:... أمر خالد أن يقتل كلّ رجل منّا أسيره، قال ابن عمر: فقلت والله لا أقتل أسيري... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع يديه: «اللّهمّ انّي أبرء اليك ممّا صنع خالد» مرّتين(5).
____________
(1) سنن النسائي 8: 90.
(2) سنن النسائي 8: 165.
(3) انظر سنن النسائي 8: 191.
(4) سنن النسائي 8: 218.
(5) سنن النسائي 8: 237.