خاتمة الكتاب
(1074) عن ابن أبي وقاص ـ كما في البخاري ـ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من
اصطبح كلّ يوم تمرات عجوة لم يضرّه سم ولا سحر! ورواه مسلم أيضاً.
(1075) وفي كتاب مسلم (كتاب السلام): عنه صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا
يوردن ممرض على مصح«.
أقول: وفيه أولاً: انّ صدره وذيله متناقض. وثانياً: انّ صدره مخالف
للطب، والنبي معصوم. والعمدة انّ التجربة على صحة العدوى.
(1076) في كتاب البخاري: عن نافع، عن ابن عمر: (
فاتوا حرثكم
أنّى شئتم)
(1)، قال: يأتيها في...
(2) .
وعلّق الشارح بقوله (في...) بحذف المجرور وهو الظرف أي في
الدبر. قيل: واسقط المؤلّف ذلك لاستنكاره!
(1077) وفي البخاري: بسنده عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في
الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم
(3).
حقاً انّ كتاب البخاري أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى!
(1078) وعن الذهبي ـ في تذكرة الحفاظ ـ عن شعبة، عن سعيد بن
إبراهيم، عن ابيه: انّ عمر حبس ابن مسعود وابا الدرداء وابا مسعود
____________
(1) البقرة 2: 223.
(2) صحيح البخاري 5: 16.
(3) صحيح البخاري 4: 238 كتاب بدء الخلق.
( 494 )
الانصاري فقال: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان قد حبسهم
في المدينة واطلقهم عثمان كما ذكره بعضهم.
(1079) وعن ابن عساكر، عن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن
الخطاب يقول لاَبي هريرة: لتتركنّ الحديث عن رسول الله أو لاَلحقنّك
بأرض دوس (أي بلده).
وقال لكعب الاحبار: لتتركنَّ الحديث عن الاول أو لاَلحقنّك بأرض
القردة.
وكذلك فعل معهما عثمان بن عفان.
(1080) عن ابن شهاب، عن قبيصة: انّ الجدّة جاءت أبا بكر تلتمس
أن تورث، فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئاً، وما علمت انّ رسول الله
ذكر لك شيئاً. ثم سأل الناس، فقال المغيرة: كان رسول الله يعطيها
السدس.
فقال له: هل معك أحد؟ فشهد محمّد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه
لها ابو بكر.
(1081) وعن الآمدي ـ في كتاب الاِحكام في أصول الاَحكام
(1): انّ ابن
عباس لم يسمع من رسول الله سوى اربعة أحاديث لصغر سنه
(2).
ولمّا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «انّما الربا في النسيئة». وانّ النبي لم يزل
يلبّي حتّى رمى حجر العقبة.
____________
(1) الاِحكام في أصول الاَحكام 2: 178 ـ 180.
(2) وعن ابن التيم في الوابل: ان ما سمعه ابن عباس عن النبي (ص) لم يبلغ العشرين
حديثاً.
وعن ابن معين والقطان وأبي داود في السنن: انّه روى تسعة أحاديث، وذلك
لصغر سنه، ومع ذلك فقد اسند له أحمد في مسنده 1696 حديثاً!
( 495 )
قال في الخبر الاَول ـ لما وجع فيه ـ: أخبرني به اسامة بن زيد. وفي
الخبر الثاني: أخبرني به الفضل بن العباس.
(1082) حدّث أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انّه قال: «من أصبح جنباً في
رمضان فلا صوم له».
فلمّا راجعوه قال: ما أنا قلته وربّ الكعبة، ولكن محمّداً قاله. ثم
عاد فقال: حدّثني به الفضل بن عباس.
(1083)
وعن ابن مندة في معرفة الصحابة والطبراني في المعجم الكبير
من حديث عبدالله بن سليمان بن اكيمة الليثي قال: قلت: يا رسول الله انّي
اسمع منك الحديث لا استطيع أن أؤديّه كما اسمعه منك يزيد حرفاً أو
ينقص حرفاً، فقال: «إذا لم تحلّوا حراماً ولم تحرّموا حلالاً وأصبتم المعنى
فلا بأس» فذكر للحسن فقال: لولا هذا ما حدّثنا.
وعن سنن الترمذي عن مكحول: اذ حدّثناكم على المعنى فحسبكم.
(1084) وعن الخطيب، عن أبي هريرة: ناول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معاوية
سهماً، فقال: «خذ هذا السهم حتّى تلقاني به في الجنة!».
(1085) وعن ابن عساكر وابن عدي والخطيب البغدادي ، عنه: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «انّ الله ائتمن على وحيه ثلاثة: أنا، وجبرئيل،
ومعاوية».
وفي رواية أُخرى عنه: الاَُمناء ثلاثة: جبرئيل، وأنا، ومعاوية.
أقول: ولقد انصف أبو هريرة حيث لم يقدم معاوية عليهما.
(1086) وعن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عمر بن
عبد الغفار: انّ أبا هريرة لمّا قدم الكوفة مع معاوية، كان يجلس بالعشيات
بباب كنده ويجلس الناس إليه، فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه فقال:
( 496 )
ياأبا هريرة انشدك الله أسمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي طالب: «اللّهمّ
وال من والاه وعاد من عاداه».
فقال: اللّهمّ نعم.
فقال: اشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديث وليه! ثم قام عنه.
(1087) استعمل عمر أبا هريرة على البحرين حوالي سنة 21 هـ ثم بلغه
عنه أشياء تخلّ بأمانة الوالي العادل، فعزله، واستدعاه وقال له: هل علمت
من حين انّي استخلفتك على البحرين وانت بلا نعلين، ثم بلغني انّك
ابتعت أفراساً بألف دينار وستمائة دينار.
فقال: كانت لنا أفراس تناتجت، وعطايا تلاحقت!
قال: قد حسبت لك رزقك ومؤنتك وهذا فضل فأدّه.
فقال له: ليس لك ذلك.
فأجابه عمر: بلى والله واوجع ظهرك، ثم قام إليه بالدرة فضربه حتّى
أدماه، ثم قال له: ائت بها.
قال: احتسبتها!
فقال له عمر: ذلك لو أخذتها من حلال وأديتها طائعاً، أجئت من
أقصى حجر بالبحرين يجبى الناس لك لا لله ولا للمسلمين؟ ما رجعت بك
أُميمة (أم أبي هريرة) إلاّ لرعيّة الحمر (أي ما ولدتك أُمّك إلاّ لرعيّة
الحمر).
وفي روايه عن أبي هريرة نفسه: انّ عمر قال: يا عدوَّ الله وعدوَّ
كتابه، سرقت مال الله، من أين اجتمعت لك عشرة آلاف؟
(1088) روى أحمد في مسنده: انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات
غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه، فسئل عن السبب، فقال: «وما
( 497 )
يمنعني، أتاني ربّي عزّ وجلّ في أحسن صورة قال: يا محمّد، قلت: لبيك
ربي وسعديك.
قال: فيم يختصم الملاَ الاَعلى.
قلت: لا أدري أي ربّي!
قال: فوضع كفّيه! بين كتفي فوجدت بردهما بين ثديي حتّى تجلّى
لي ما في السموات وما في الارض».
(1089) روى الشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم: انّ الله عزّ وجلّ يكشف عن
ساقه.
وفي البخاري، عن أبي سعيد: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يكشف ربّنا
عن ساقه فيسجد له كلّ مؤمن ومؤمنة».
(1090) عن السيوطي ـ في تاريخ الخلفاء ـ أخرج النخعي: انّ رجلاً
قال لعمر: ألا تخلف عبدالله بن عمر؟ فقال له: قاتلك الله، والله ما أردت
الله بهذا! استخلف رجلاً لم يحسن أن يطلّق امرأته
(1).
أبو هريرة واختراعاته
اسرائيلة
(1091) في البخاري: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كلّ ابن آدم
يطعن الشيطان في جنبه حين يولد غير عيسى بن مريم، ذهب ليطعن
فطعن في الحجاب»!
وفي رواية: عنه صلى الله عليه وسلم: «ما من بني آدم مولود إلاّ يمسّه الشيطان حين
____________
(1) تاريخ الخلفاء: 98.
( 498 )
يولد، يستهل صارخاً من مس الشيطان، غير مريم وابنها!»
وفي رواية عند مسلم: إلاّ نخسه الشيطان...
وقيل: انّ هذا من الاسرائيليات حيث يدلّ على عدم سلامة أحد حتّى
الانبياء والرسل وحتّى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم من مس الشيطان ونخسه وطعنه!
وعن ابن حجر في شرحه: وقد طعن فيه صاحب الكشّاف وتوقّف
في صحّته، وكذلك طعن الرازي فيه وقال: انّ الحديث خبر واحد ورد
على خلاف الدليل.
أفضل الناس
(1092) عن الترمذي والحاكم باسناد صحيح عن أبي هريرة: ما احتذى
النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله أفضل من جعفر
بن أبي طالب
(1).
أقول: وذلك لاَنَّ الاَفضلية عند أبي هريرة تنشأ من لملء بطنه، وينقل
عنه البخاري: انَّ خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا
فيطعمنا ما كان في بيته.
وكان يعجبه المضيرة جدّاً فيأكل مع معاوية، فإذا حضرت الصلاة
صلّى خلف علي رضي الله عنه ، فإذا قيل له في ذلك قال: مضيرة معاوية أدسم
وأطيب، والصلاة خلف علي أفضل. وكان يدور على البيوتات لملَ بطنه
حتّى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زر غبّاً تزد حباً»
(2).
أبو هريرة ومعاوية وعلي
(1093) (1094) أبو هريرة لم يكفر أيادي بني أُميّة، فقد نقل عنه
____________
(1) فتح الباري 7: 62.
(2) انظر أضواء على السنة المحمّديّة: 198 ـ 199.
( 499 )
الخطيب: ناول النبي صلى الله عليه وسلم معاوية سهماً فقال: «خذ هذا السهم حتّى تلقاني
به في الجنة».
وأخرج عنه هو وابن عساكر وابن صدى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: «انّ الله ائتمن على وحيه ثلاثة: أنا، وجبرائيل، ومعاوية».
وعن الاعمش: لمّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة
جاء إلى مسجد الكوفة فلمّا رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه
ثم ضرب صلعته مراراً وقال: يا أهل العراق، أتزعمون انّي أكذب على الله
ورسوله واحرق نفسي بالنار، والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان لكلّ
نبي حرماً، وانّ حرمي المدينة ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً
فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأشهد بالله أنّ عليّاً أحدث فيها.
فلمّا بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاّه امارة المدينة.
انظر أضواء على السنة المحمّديّة: 200 ـ 223. فانّا أخذنا أغلب
الاَحاديث المذكورة في الخاتمة منه وبعضها من غيره.
رواياته
(1095) وعنه ـ كما في البخاري ـ: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر
حديثاً منّي إلاّ ما كان من عبد الله بن عمرو، فقد كان يكتب
ولاأكتب.
وقال بعض المتتبّعين: كلّ ما رواه ابن عمرو (700) حديث عند ابن
الجوزي، و(722) في مسند أحمد، وفي البخاري 7، وفي مسلم 21
حديثاً. وأحاديث أبي هريرة (5374)!
( 500 )
(1096) وقد افزعت كثرة روايته عمر بن الخطاب فضربه بالدرة وقال
له: أكثرت يا أبا هريرة واحرى بك أن تكون كاذباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن ابن عساكر ـ من حديث السائب ـ: لتتركنَّ الحديث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أو لاَلحقنَّك بارض دوس.
وعن السيد رشيد رضا ـ في مجلة المنار ـ: لو طال عمرُ عمر حتّى
مات أبو هريرة لما وصلت الينا تلك الاَحاديث الكثيرة!
اساس الكذب
(1097) وعن ـ الطبراني ـ في المعجم الكبير ـ عنه: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم من حدّث حديثاً هو لله عزّ وجلّ رضاً فأنا قلته، وإن لم أكن قلته!
أقول: وهذا ما أسّسه واخترعه لاَكاذيبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن شعبة ـ كما عن البداية والنهاية لابن كثير
(1)ـ: أبو هريرة كان
يدّلس. وقد نقل عنه (أي شعبة) انّه قال: لاِِن أزني أحبّ اليَّ من أن
أُدلّس.
وأكثر أحاديث الخاتمة نقلتها من كتب بعض الباحثين لا من مصادرها
الاَولية.
ثم انّك عرفت من هذا الكتاب:
أوّلاً إنّ الصحابة لم يكونوا بأجمعهم عدولاً، بل هم بين عادل وفاسق
وأمين وخائن وكاذب، بل بعضهم منافق، وبعضهم مرتد، كما علمته مفصلاً.
ثانياً: إنّ كلّ حديث نقله مؤلّفو الصحاح غير مقطوع بصدوره عن
____________
(1) البداية والنهاية 8: 109.
( 501 )
النبي صلى الله عليه وسلم ولا بحجة بحسب الظاهر، إلاّ مع احراز وثاقة الرواة وسلامة المتن
من مخالفة القرآن والعقل والتأريخ، وإلاّ لا يجوز أخذه والتديّن به.
ثالثاً: جملة كثيرة من روايات الصحاح كذب ومخالفة للواقع، إمّا
بعمد من الرواة أو بعض الصحابة، وإمّا بسهو منهم.
رابعاً: لا امتياز لمؤلّفي الصحاح ولا للبخاري ومسلم، ولا يجوز
تقليدهم في امور الدين، بل يجب على العلماء أن يحقّقوا ما نسب إلى
النبي صلى الله عليه وسلم في كتبهم.
خامساً: أصحيّة كتاب البخاري وكتاب مسلم وصحّة جميع ما فيهما
شعار من لا عقل له ولا علم.
سادساً: إنّ تحقيق اسناد الحديث لا بدّ أن يشمل جميع الرواة من
الصحابة وغيرهم، والله يهدي من يشاء إلى الحق.
ثم انّ الرقم المسلسل العام للاحاديث وإن وصل إلى (1097)، لكنّ
القارئ يعرف أنّ الاَحاديث التي تعرّضنا لها أكثر منها بكثير، وأسأل الله
سبحانه وتعالى أن يتقبّل منّي بفضله وكرمه، وأن يجعله مفيداً وسبباً لهداية
المسلمين الصالحين: (
وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر)
(1) وما علينا إلاّ البلاغ والله يهدي من يشاء.
____________
(1) الكهف 18: 29.
( 502 )
ملحقات
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد كتابة الكتاب وقفت على بعض المطالب المتعلقة ببعض مباحث
الكتاب، وهي مطالب كثيرة تقتضي تأليف مجلد كبير لا يسعني ضبطها،
فاقتصرت على ذكر بعضها عملاً بالمقولة المشهورة: (ما لا يُدرك كلّه لا
يُترك كلّه) مستعيناً بالله تعالى دائم الفضل والاحسان، ومصلّياً على سيد
البشر وخاتم الرسل وآله الطاهرين، ومسلّماً على أصحابه المهتدين.
(1) حول عبدالله بن عمر
نقلنا عن عبدالله بن عمر ـ في ص412 ـ انّه قال: كنّا في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
لا نفاضل بينهم.
قال بعض أهل التتبّع: انّه على جميع الاَقوال ـ في ولادته وهجرته
ووفاته ـ لم يكن متجاوزاً العشرين يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في مثل
هذا السن لا يخيّر عادة في التفاضل بين مشيخة الصحابة ولا يتخذ حكماً،
فانّ الحكم الفاصل في مثل هذا يستدعي ممارسة طويلة ووقوفاً على
تجارب متتابعة مقرونة بعقلية ناضجة وتمييز بين مقتضيات الفضيلة، وقوة
في النفس لا يتمايل بها الهوى. وابن عمر كان يفقد كلّ هذه.
( 503 )
وعن تاريخ الخطيب
(1): قال أبو غسان الدوري كنت عند علي بن
الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر: كنّا نفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فنقول: خير هذه الاُمّة بعد النبي أبو بكر وعمر وعثمان، فيبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلا
ينكر.
فقال علي بن الجعد: انظروا إلى هذا الصبي هو لم يحسن أن يطلق امرأته
يقول: كنّا نفاضل!
وعن الاستيعاب ـ في ترجمة علي بعد ذكر الحديث المذكور ـ: وهو
الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ؛ لاَنّ القائل بذلك قد قال
بخلاف ما اجتمع عليه أهل السنة من السلف والخلف من أهل الفقه والاَثر:
انّ عليّاً أفضل الناس بعد عثمان رضي الله عنه ، وهذا ممّا لم يختلفوا فيه، وانّما
اختلفوا في تفضيل علي وعثمان، واختلف السلف أيضاً في تفضيل علي
وابي بكر. وفي اجماع الجمع الذي وصفنا دليل على أنّ حديث ابن عمر
وهم وغلط
(2).
أقول: عبدالله بن عمر يبغض عليّاً، فتراه بايع يزيد بن معاوية ولم
يبايع عليّاً، وعن جواهر الاخبار للصعدي ـ المطبوع ـ في ذيل كتاب البحر
الذخار ـ انّه قال لعلي ـ: إنّي لك ناصح، انّ بيعتك لم يرض بها الناس
كلّهم، فلو نظرت لدينك ورددت الاَمر شورى بين المسلمين.
فقال علي: ويحك، وهل ما كان عن طلب منّي؟ ألم يبلغك صنيعهم
بي؟ قم يا أحمق ما أنت وهذا الكلام
(3).
____________
(1) تاريخ الخطيب 11: 363.
(2) الاستيعاب 3: 52.
(3) جواهر الاَخبار 5: 71.
( 504 )
حقّاً انّه أحمق، فان متتبع يعرف أنّ بيعة علي تمت بمشاركة
جماهيرية لا نظير لها. ومن عجيب ما ورد في حق صاحبنا هذا ما في كتاب
سيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي: انّه استأذن أباه في الجهاد، فقال له
أبوه عمر: أي بني أنّي أخاف عليك الزنا
(1).
ومن وقف على احاديثه العجيبة وآرائه الغريبة ربّما يصدق مروان
على ما في فتح الباري
(2): ثبت عن مروان انّه قال ـ لما طلب الخلافة
فذكروا له ابن عمر ـ: ليس ابن عمر أفقه منّي، ولكنّه أسن منّي، وكانت له
صحبة.
وقد مرّ قول أبي حنيفة في حقّه.
(2) حول حديث العشرة المبشرة
ذكرنا في ص413 وص432 حديث تبشير العشرة بالجنة، وذكرنا
في ص433 ما يضعفه.
واورد عليه بعض المحقّقين أيضاً: بانّه لو كان صحيحاً لم يسأل عمر
رضي الله عنه حذيفة ـ صاحب السر المكنون ـ عن نفسه وينشده الله هل ذكره رسول
الله من المنافقين؟ وهو يدري انّ المنافقين في الدرك الاسفل من النار،
وانّهم لا يدخلون الجنة. وكيف يمكن الجمع بين هذا السؤال المتسالم
عليه
(3) وبين تلك البشارة؟
ولم يعتذر عثمان ـ حينما حوصر ـ عن خروجه إلى مكّة من المدينة
بقوله: انّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يلحد بمكة رجل من قريش عليه
____________
(1) سيرة عمر الخطاب: 115.
(2) فتح الباري 8: 209.
(3) لاحظ تاريخ ابن عساكر 4: 97، والتمهيد للباقلاني: 196، وكنز العمال 7: 24.
( 505 )
نصف عذاب هذه الاُمّة من الانس والجن، فلن أكون ذلك الرجل. فانّه لا
يليق بمن بشّر بالجنة.
وقال في تتمة ايراده: إنّ الحديث المذكور ينتهي إلى عبد الرحمن بن
عوف وسعيد بن زيد. وطريق عبد الرحمن ينحصر بعبد الرحمن بن حميد
ابن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه، عن ابن عوف تارة، وعن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أُخرى. وهذا اسناد باطل لا يتم، فانّ حميداً المشار إليه توفّي سنة 105
عن 73 عاماً، فهو وليد سنة 32 عام وفاة عبد الرحمن بن عوف أو بعده
بسنة، ولذا يرى ابن حجر رواية حميد المذكور عن عمر وعثمان منقطعة
قطعاً، وعثمان قد توفّي بعد ابن عوف، فهذا الاسناد ضعيف. فيبقى طريق
الرواية قصراً على سعيد بن زيد الذي عدّ نفسه من العشرة المبشّرة، وقد
رواها في الكوفة في امارة معاوية، ولم يذكره في عهد الخلفاء الراشدين
وكانوا هم وبقية الصحابة في أشد الحاجة إلى مثل هذه الرواية لتدعيم
الحجة لاَجل منصب الخلافة.
وقال هذا المورد: وأكبر الظن انّ سعيد بن زيد لما كان لا يتحمل من
مناوئي علي ـ كرّم الله وجهه ـ الوقيعة فيه والتحامل عليه ويجابه بذلك من
كان ولاه معاوية على الكوفة، وكان قد تقاعس عن بيعة يزيد عندما
استخلفه، أخذته الخيفة على نفسه من بوادر معاوية، فاتخذ باختلاقه هذا
الرواية ترساً يقيه على الاتهام بحبّ علي، وكان المتهم بتلك النزعة، يوم
ذاك يعاقب بألوان العذاب حتّى بالقتل.
وعلى كلٌّ البشارة بالجنة مزية لهؤلاء إن ثبتت وليست بفضل مطلق
على غيرهم؛ لانّ المبشِّر بالجنة في الاَحاديث كثير، ويزيد الشك فيه عدم
نقله في الصحاح الاَربعة، ومحاربة الزبير وطلحة مع علي في البصرة وهما
( 506 )
باغيان قد أوجب القرآن قتالهما.
(3) معاوية
ذكرنا ما يتعلّق بمعاوية في موارد من هذا الكتاب، واليك قطرات
أُخرى من نهره:
1 ـ عن تأريخ الطبري: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يطلع من هذا الفج
رجل من أُمّتي يحشر على غير ملتي».
وسند الحديث ـ كما عن العتب الجميل (ص86) ـ صحيح.
2 ـ وعنه، وعن نصر بن مزاحم في كتاب صفين، وعن الخطيب في
تأريخه، وعن العقيلي والمناوي عنه صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم معاوية على منبري
فاقتلوه»
وسنده معتبر.
3 ـ وعن الاتحاف والمستطرف: لمّا قدم معاوية المدينة صعد المنبر
فخطب وقال: من ابن علي؟ ومن علي؟ فقام الحسن فحمد الله واثنى عليه
ثم قال: انّ الله عزّ وجلّ لم يبعث بعثاً إلاّ جعل له عدواً من المجرمين، فأنا
ابن علي، وانت ابن صخر، وأُمّك هند، وأمّي فاطمة، وجدّتك قتيلة،
وجدّتي خديجة، فلعن الله ألاَمنا حسباً، وأخملنا ذكراً، وأعظمنا كفراً،
وأشدنا نفاقاً. فصاح أهل المسجد آمين آمين، فقطع معاوية خطبته ودخل
منزله.
4 ـ وعن السبط ـ في التذكرة
(1) ـ قال الاصمعي والكلبي في المثالب:
معنى قول الحسن لمعاوية: قد علمت الفراش الذي ولدت فيه. انّ معاوية
____________
(1) تذكرة الخواص: 16.
( 507 )
كان يقال انّه من أربعة من قريش: عمارة بن الوليد بن المغيرة
المخزومي، مسافر بن أبي عمرو، أبي سفيان، العباس بن عبد المطلب،
وهؤلاء كانوا ندماء أبي سفيان، وكان منهم من يتهم بهند...
5 ـ عن مسند أحمد
(1)من طريق عبدالله بن بريدة قال: دخلت أنا وأبي
على معاوية فأجلسنا على الفرش، ثم أُتينا بالطعام فأكلنا، ثم أُتينا بالشراب،
فشرب معاوية ثم ناول أبي، ثم قال: ما شربته منذ حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم...
6 ـ وعن تأريخ ابن عساكر
(2) من طريق عمير بن رفاعة قال: مرّ
بعبادة بن الصامت (الصحابي): وهو في الشام قطارة تحمل الخمر، فقال
ما هذه؟ أزيت؟ قيل: لا، بل خمر تباع لفلان، فأخذ شفرة من السوق فقام
اليها فلم يذر فيها راوية إلاّ بقرها وأبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلان
إلى أبي هريرة يقول له: أما تمسك عنّا أخاك عبادة، إمّا بالغدوات فيغدو
الى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم، وإمّا بالعشي فيقعد في
المسجد ليس له إلاّ شتم أعراضنا أو عيبنا، فأمسك عنّا أخاك.
فاقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة، فقال له: يا عبادة
مالك ولمعاوية ذره وما حمل، فإن الله يقول: (
تلك أُمّة قد خلت لها ما
كسبت ولكم ما كسبتم)
(3).
قال: يا أبا هريرة ولم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بايعناه على
السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى
الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا لومة لائم،
وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا
____________
(1) مسند أحمد 5: 347.
(2) تاريخ ابن عساكر 7: 211.
(3) البقرة 2: 134.
( 508 )
وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا
وأهلنا ولنا الجنة... فلم يكلّمه أبو هريرة بشيء.
7 ـ اخرج ابن عساكر في تأريخه، وابن سفيان في مسنده، وابن قانع وابن
مندة من طريق محمّد بن كعب القرظي قال: غزا عبد الرحمن بن سهل
الاَنصاري زمن عثمان، ومعاوية أمير على الشام، فمرت به روايا خمر ـ
لمعاوية ـ فقام اليها برمحه فبقر كلّ راوية منها، فناوشه الغلمان حتّى بلغ
شأنه معاوية، فقال: دعوه، فانّه شيخ قد ذهب عقله.
فقال: كلاّ والله ما ذهب عقلي، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخل
بطوننا واسقيتنا خمراً، واحلف بالله لئن بقيت حتّى أرى في معاوية ما
سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لاَبقرنَّ بطنه أو لاَموتنَّ دونه.
وذكره ابن حجر في الاصابة ولخصّه في تهذيب التهذيب، وأبو
عمرو في الاستيعاب، وذكره ابن الاثير في اُسد الغابة، كما قيل.
8 ـ قال بعض المتتبّعين في ابطال كون معاوية مجتهداً كما يدّعيه
بعض البسطاء: هل علم معاوية الكتاب والسنة والاجماع والقياس؟ وعند
من درس الكتاب، وقد كان عهده به منذ عامين قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فانّه هو وأبوه وأخوه من مسلمة سنة الفتح كما في الاستيعاب، وكان ذلك
في اُخريات السنة الثامنة للهجرة، ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم في اوليات سنة 11. ولا
شكّ انه لم يكن ليعرف الناسخ من المنسوخ، والمحكم من المتشابه.
والحال انّه عاش في بيت حافل بالوثنية، متهالك في الظلم والعدوان،
متفان في عادات الجاهلية... وجميع ما أخرجه عنه أحمد في مسنده
(106) أحاديث
(1) وبعد حذف مكرراتها تبقي (47) حديثاً، فهل هي
____________
(1) انظر مسند أحمد 4: 19 ـ 102.
( 509 )
تكفي للاجتهاد؟ كلا فاذن هو فاقد لمرتبة الاجتهاد رغم اصرار ابن حجر
المتحجّر في دفاعه عنه.
9 ـ وعن الحسن البصري ـ كما عن تأريخ ابن عساكر، وتاريخ
الخلفاء، وأوائل السيوطي، وتأريخ ابن كثير، ومحاضرات الراغب،
والنجوم الزاهرة ـ: أربع خصال في معاوية لو لم يكن فيه منهن واحدة
لكانت موبقة: انتزأوه على هذه الاُمّة بالسفهاء حتّى ابتزها أمرها بغير مشورة
منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكيراً
خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زياداً وقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر»، وقتله حجراً. ويل له من حجر
وأصحاب حجر. قاله مرتين.
10 ـ وعن الطبري من طريق ابن أبي نجيع قال: لمّا حج معاوية
طاف بالبيت ومعه سعد (ابن أبي وقاص)، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلى
دار الندوة فأجلسه معه على سريره، وقع معاوية في علي وشرع في سبّه،
فرصف سعد ثم قال: اجلستني معك على سريرك ثم شرعت في سبّ
عليّ... وقد مرّ الحديث بألفاظ مسلم.
وعن المسعودي ـ في مروج الذهب ـ: انّ سعداً لمّا قال هذه المقالة
لمعاوية ونهض ليقوم ضرط له معاوية..
وعن العقد الفريد: فلمّا مات سعد لعن معاوية عليّاً على المنبر (منبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وكتب إلى عمّاله أن يلعنوه على المنابر، ففعلوا...
وعنه، وعن غيره: قال معاوية لعقيل بن أبي طالب: إنّ عليّاً قد
قطعك وأنا وصلتك، ولا يرضيني منك إلاّ ان تلعنه على المنبر، قال: أفعل
فصعد المنبر، ثم قال: بعد أن حمد الله واثنى عليه وصلّى على نبيّه: أيّهاالناس، إنّ
( 510 )
معاوية بن أبي سفيان قد أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب، فالعنوه فعليه
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ثم نزل فقال له معاوية: انّك لم تبيّن
من لعنت منهما بينه!...
وعن أُسد الغابة، عن شهر بن حوشب: أقام فلان (يعني معاوية)
خطباء يشتمون عليّاً رضي الله عنه وأرضاه، يقعون فيه...
وعن العقد الفريد وغيره ـ في قصة طويلة ـ قال معاوية للاَحنف بن
قيس: يا أحنف لتصعدن المنبر فتلعننه ـ أي عليّاً ـ طوعاً أو كرهاً...
وعن الطبري، والكامل لابن الاثير، وتاريخ ابن عساكر: إنّ زياداً قال
لقيس بن عباد: لتلعننه ـ أي أبا تراب عليّاً ـ أو لاَضربنَّ عنقك...
وعن الطبري: إن بسر بن أرطأة شتم عليّاً على المنبر...
وعن الكامل لابن الاثير: استعمل معاوية كثير بن شهاب على الري،
وكان يكثر سبّ علي على منبر الري...
وعن مسند أحمد، والمستدرك، وغيرهما: كان المغيرة بن شعبة لمّا
ولي الكوفة كان يقوم على المنبر وينال من علي ويلعنه ويلعن شيعته. وقد
صح انّ المغيرة لعنه على منبر الكوفة مرات لا تحصى.
وأخرج ابن سعد، عن عمير بن اسحاق: كان مروان أميراً علينا ـ
يعني بالمدينة ـ فكان يسبّ عليّاً كلّ جمعة على المنبر.
وعن تأريخ ابن كثير: استناب معاوية على المدينة عمرو بن سعيد
ابن العاص الاموي المعروف بالاَشدق كان يسبّ علياً على صهوة المنبر.
وعن الساري في شرح صحيح البخاري، وغيره: سمّي عمرو
بالاَشدق لاَنّه صعد فبالغ في شتم علي ـ رضي الله عنه ـ فأصابته لقوة ـ أي داء ـ في
وجهه.
( 511 )
اقول: هذا معاوية وحزبه فاقض ما انت قاض. والله الهادي.
(4) الشواذ في الصحيحين
قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين
(1) بعد نقل حديث: ولعلّ
متوهّماً يتوهّم أنّ هذا متن شاذ، فلينظر في الكتابين (كتابي البخاري
ومسلم) ليجد من المتون الشاذّة التي ليس لها إلاّ اسناد واحد ما يتعجب
منه، ثم ليقس هذا عليها! انتهى كلام الحاكم.
(5) مقدار يوم القيامة
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يوم القيامة كقدر ما بين
الظهر والعصر»
(2).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين...
أقول: مضافاً إلى أنّه مخالف للاعتبار العقلي مخالف للكتاب العزيز
كقوله تعالى في سورة المعارج: (
تعرُجَ الملائكةُ والروحُ إليه في يومٍ
كان مقداره خمسين ألفَ سنةٍ فاصبر صبراً جميلاً إنّهم يرونه بعيداً
ونراه قريباً)
(3). بناء على إرادة يوم القيامة من اليوم المذكور في الآية.
فهذا الحديث باطل خرج من كيس أبي هريرة.
وفي حديثه الآخر: «يوم القيامة على المؤمنين كقدر...»
وهذا أيضاً غلط، فانّ اليوم أمر واحد ثابت في حدّ نفسه، إلاّ أن يؤوّل بأنّ
المراد من اليوم هو مكث المؤمنين وحسابهم في المواقف ثم خروجهم منها إلى
الجنة، لكنّ المستفاد من الاَحاديث الواردة في يوم القيامة والسؤال والحساب
خلافه، نعم هو في حقّ بعض المؤمنين الكاملين ممكن، والله العالم.
____________
(1) المستدرك على الصحيحين 1: 21 طبعة دار الفكر بيروت.
(2) المستدرك على الصحيحين 1: 84.
(3) المعارج 70: 4 ـ 7.
( 512 )
(6) لعن ستة
عن عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستة لعنتم لعنهم الله، وكلّ نبي
مجاب: المكذّب بقدر الله، والزائد في كتاب الله، والمتسلّط بالجبروت
يذلّ من أعزّ الله ويعزّ من أذلّ الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من
عترتي ما حرّم الله، والتارك لسنّتي»
(1).
وقال الحاكم: وهذا حديث صحيح الاسناد، ولا أعرف له علّة، ولم
يخرّجاه.
(7) عبدالله بن سلام
عن يزيد بن عميرة: انّ معاذ بن جبل لمّا حضرته الوفاة قالوا: ياأبا
عبدالرحمن أوصنا.
قال: أجلسوني، ثم قال: انّ العلم والايمان مكانهما، من التمسهما
وجدهما ـ قال ذلك ثلاث مرات ـ والتمسوا العلم عند أربعة رهط: عند
عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبدالله بن مسعود، وعند
عبدالله بن سلام، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انّه عاشر عشرة في الجنة»
(2).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
أقول: ينافي هذا حديث العشرة المبشرة، فانّه لو صح لكان ابن
سلام يدخل الجنة بعد العشرة المبشرة. ثم انّ الحديث يدلّ على أفضلية
هؤلاء الاَربعة من جميع الصحابة عند وفاة معاذ إيماناً وعلماً.
(8) هؤلاء الصحابة!
عن عامر بن سعد البجلي قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبي
____________
(1) مستدرك الحاكم 1: 36.
(2) المستدرك 1: 98.
( 513 )
مسعود وزيد بن ثابت فإذا عندهم جواري يغنين، فقلت لهم: أتفعلون هذا
وأنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ان كنت تسمع وإلاّ فامض، فانّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لنا في اللهو في العرس وفي البكاء عند الميت
(1).
أقول: اقض هل يمكن أن يرخّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في استماع غناء الجواري
للرجال الاَجانب؟ سبحان الله.
(9) عدم الاكتفاء بالقرآن دون السنة
عن أبي رافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ألفيّنَّ أحدكم متّكئاً على أريكته
يأتيه الاَمر من أمري ممّا أمرت به أو نهيت عنه فيقول: ما أدري ما وجدنا
في كتاب الله اتبعناه
(2).
وعن الحسن بن جابر: انّه سمع المقدام بن معد يكرب الكندي ـ
صاحب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول: حرّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشياء يوم خيبر منها: الحمار
الاَهلي وغيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يوشك أن يقعد الرجل منكم على
أريكته يحدّث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه
حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرّمناه، وانّما حرّم رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم كما حرّم الله»
(3).
(10) كتابة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
عن عبدالله بن عمرو قال: قالت لي قريش: تكتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وانّما هو بشر يغضب كما يغضب البشر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا
رسول الله، انّ قريشاً تقول تكتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانّما هو بشر
____________
(1) المستدرك 1: 103.
(2) المستدرك 1: 108.
(3) المستدرك 1: 109.
( 514 )
يغضب كما يغضب البشر.
قال: فأومئ إلى شفتيه، فقال: «والذي نفسي بيده ما يخرج ممّا بينهما
إلاّ حقّ فاكتب»
(1).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد، اصل في نسخ الحديث
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخرّجاه (وللحديث شواهد مذكورة في المستدرك).
(11) غسل من غسل الميت
عن عائشة: انّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم
الجمعة، ومن غسل الميت، والحجامة
(2).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرّجاه.
(12) البول قائماً!
عن عائشة: ما بال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائماً منذ أُنزل عليه الفرقان
(3).
وقال الحاكم، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم
يخرّجاه، وقد اتفقا على اخراج...
عن حذيفة: اتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سباطة قوم فبال قائماً.
وعن عمر: ما بلت قائماً منذ أسلمت
(4).
وعن عبدالله: من الجفاء أن تبول وأنت قائم
(5).
وعن شريح: سمعت عائشة تقسم بالله: مارأى أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول
____________
(1) المستدرك 1: 104.
(2) المستدرك 1: 163.
(3) المستدرك 1: 181 و185.
(4) المستدرك 1: 182.
(5) المستدرك 1: 182.
( 515 )
قائماً منذ أُنزل عليه الفرقان
(1).
وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرّجاه.
والذي عندي انّهما لمّا اتفقا على حديث منصور، عن أبي وائل، عن
حذيفة... فبال قائماً. وجدا حديث... عن عائشة معارضاً له فتركاه!
انتهى كلام الحاكم.
اُنظر إلى هذين المؤلّفين (البخاري ومسلم) وما يفعلان بالاحاديث؟!
(13) البسملة في أول السور
انظر المستدرك على الصحيحين 1: 231 و550.
(14) زيارة الاَموات للنساء
عن ابن عباس قال: لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ زائرات القبور والمتّخذين
عليها المساجد والسرج
(2).
وقال الحاكم: أبو صالح... انّما هو باذان، ولم يحتج به الشيخان،
لكنّه حديث متداول فيما بين الائمّة... فخرّجته.
وعن ثابت قال: لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ زوّارات القبور
(3).
قال الحاكم: وهذه الاَحاديث المروية في النهي عن زيارة القبور
منسوخة، والناسخ لها حديث علقمة... عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «قد
كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، فقد أذن الله لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم في زيارة
قبر أُمّه.
وهذا الحديث مخرج في الكتابين الصحيحين للشيخين.
____________
(1) المستدرك 1: 184.
(2) المستدرك 1: 185.
(3) المستدرك 1: 174.
( 516 )
عن عبدالله بن أبي مليكة: انّ عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر،
فقلت لها: يا أُمّ المؤمنين من أين أقبلت؟
قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر.
فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن زيارة القبور؟
قالت: نعم، كان نهى ثم أمر بزيارتها
(1).
أقول: يظهر منه انّ المنع والرخصة يشملان الذكور والاَُناث،
والاحاديث المتعلّقة بالمقام كثيرة.
(15) متعة الحج
عن سعيد بن المسيب قال: حجّ علي وعثمان رضي الله عنهما، فلمّا
كان ببعض الطرق نهى عثمان عن التمتع بالعمرة إلى الحج. فقيل لعلي: انّه
قد نهى عن التمتع، فقال: إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا، فلبّى علي
وأصحابه بالعمرة، ولم ينههم عثمان.
فقال علي: ألم أُخبر انّك تنهى عن التمتع بالعمرة؟
قال: بلى
(2).
فقال: ألم تسمع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ [قال:] تمتع؟
قال: بلى
(2).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرّجاه.
أقول لعثمان: فكيف تخالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس يصلح لاَحد أن
يخالفه؟! ثم انّ الحاكم كلّما صلّى على النبي ذكر آله كما رأيت، وهذا من
خواصه وخواص كتابه.
____________
(1) المستدرك 1: 376.
(2) المستدرك 1: 472.