أعين الناس ، وإبعاد الأمة عنهم ؛ لأنهم رأوا أفئدة الناس تهوي إليهم ، وفي ذلك تبديد لأحلامهم ومطامحهم الدنيوية .
هذا الكتاب :
والكتاب الذي بين يديك هو نموذج من نماذج الصراع والمواجهة التي أشرنا إليها ، وهو يعد محاولة علمية جديدة في مضمار رد الزيف والباطل ضمن إطار المواجهة بين الخير والشر ، والحق والباطل . فلقد بذل المؤلف حفظه الله جهدا علميا ملحوظا ومتميزا في إخراج كتابه هذا مستعينا بمهمات المصادر التاريخية والحديثية والأدبية ، وبين بشكل جلي تهافت الشبهات التي لم يُحبك صناعها صياغتها وتدبيجها ، وأبان عوارها ، وعدم انطباقها على من أرادوها غرضا لسهامهم الصفراء المسمومة .
و مؤسستنا .. دفاعا عن حريم آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأداء لوظيفتها التي أنشئت من أجلها ، حينما عرض عليها المؤلف كتابه ، وجدت فيه أحد أسباب الدفاع عن أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ومحاولة جيدة لتنزيههم عما ألحقه بهم أعداؤهم ، بل أعداء المذهب الحق ، والدين القويم . كما وجدت فيه فرصة ومادة علمية لإماطة اللثام عن خبط وخلط في كتب التاريخ والأدب في حق السيدة الجليلة آمنة بنت الحسين سلام الله عليهما ، والملقبة بسكينة . ولغلبة لقبها عليها ، فقد تعارف على تسميتها بسكينة بين العام والخاص ، الأمر الذي أتاح فرصة ذهبية للمتصيدين في الماء العكر ، ولأصحاب المطامع والأغراض المشؤومة في استغلال هذا الاسم الكريم لإفراغ جام حقدهم ، وعدائهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله الأطهار عليهم السلام .
(12)
وتؤمن مؤسسة السبطين عليهما السلام العالمية بأن المنافحة عن أهل الحق ، إنما تعني إعلاء كلمة الحق ، ولذا فقد سلكت هذا السبيل ، متخطية العقبات والصعاب من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة التي رسمتها في نظامها .
وكان لها أثارة في هذا الطريق من ذي قبل وهو كتاب « المولى في الغدير» ، والذي لقي استقبالا حافلا من العلماء والفظلاء ، وثناء جميلا للصياغة التي خرج بها الكتاب لأول مرة ، فهو فصل مستل من الجزء الأول من كتاب «الغدير» للعلامة الأميني ، وقد حوى هذا الفصل أهم أبحاث الغدير ، بل محورها الذي دارت عليه مجلداته الأحد عشر ، كما كانت للمؤسسة إصدارات أخر على هذا الطريق ، طريق الدعوة إلى تعقل الحق ، ونبذ العصبية المذهبية ، وقراءة التاريخ والتراث الإسلامي قراءة جديدة أكثر اتزانا وموضوعية ، ثم تلمس مواقع الحق والعدل ومعرفتها ؛ لغرض معرفة أهله ، ثم قبول الحق وإن كان فيه مرارة وشجا في الحلق . فإن في ذلك إراحة الضمير ، ورضا الرب تعالى .
وبعد عرض الكتاب على المؤسسة تمت مطالعته بدقة ، وأضافت إليه ما رأته ضروريا ، وما كان فات المؤلف ذكره من موارد ونكات مهمة ، كما عمدت إلى تدوين ثبت بالمصادر ، حتى خرج الكتاب بحلته النهائية هذه التي بين يديك .
والمؤسسة إذ تقدم هذا الإصدار إلى الطليعة المسلمة والمؤمنة ، يحدوها الأمل من حملة الأقلام ، والقراء الأعزاء ، التوجه إلى النتيجة التي أسفر عنها الكتاب ، من التأكيد على الاسم الحقيقي للسيدة الجليلة عقيلة قريش والطالبيين آمنة بنة الحسين عليهما السلام ، والملقبة بسكينة ، وأن كل ما قيل من
(13)
شعر فيها ، فهو في الحقيقة يعود على سكينة بنت خالد بن مصعب الزبيري ، ثم التحذر من نقل الروايات ، وخاصة روايات الأغاني ، التي أريد منها الطعن على أهل البيت عليهم السلام عموما ، والتقليل ـ باعتقادنا ـ من آثار واقعة الطف الدامية والأليمة ، والتي أخذت تلتهب وتأخذ طريقها في ضمائر الناس ، وتؤثر في النفوس ، باعتبار أن ابنة الحسين عليه السلام ، شهيد الطف ، وصريع الغدر الأموي ، هذه حالها .. وهذه سيرتها .
فضائل «سكينة» في سطور :
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الكتاب ليس بصدد التعرض لحياة السيدة الكريمة آمنة بنة الحسين عليهما السلام ، وإلا لكان له معها موقف آخر ، إنما الكتاب بصدد رد الشبهات المحمومة التي دسها أعداء أهل البيت عليهم السلام في تضاعيف الكتب والمؤلفات ، وفي معرض وضع النقاط على الحروف لروايات طالما تناقلها المؤرخون والكتاب بين غافل عنها ، ومتغافل يريد الوقيعة في جانب أهل البيت عليهم السلام ، كما يهيب بالأقلام المؤمنة والنزيهة الترفع عن نقل أكاذيب الأخبار وإلصاقها بأقدس البيوت وأشرفها .
فإنه لم يعرف عن البيت النبوي الطاهر ، خاصة في أولاد الأئمة الأطهار ، وبالخصوص بين النساء ، من عرف بالميوعة والتهتك والابتذال إلى الحد الذي وصفوا به ابنة الإمام الحسين عليه السلام ، السبط الشهيد ، ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسيد شباب أهل الجنة . ومن ينتقص من الإمام الحسين عليه السلام في ابنته ، إنما ينتقص من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنه قال : «حسين مني وأنا من حسين» ، والسيدة آمنة ـ سلام الله عليها ـ هي بضعة الحسين عليه السلام ، والذي كان يحبها حبا جما ، كان عليه السلام يظهر حبه لها ولأمها الرباب ـ رضوان الله عليها .
(14)
والحسين عليه السلام معصوم ، والمعصوم لا يحب ولا يبغض إلا في الله ، والذي يحبه الإمام الحسين عليه السلام إنما هو من أحباء الله وأوليائه . فهل سمعت أذن الدنيا أن الله يحب المتخلعين المرحين الفرحين ، وتلك آياته تنهى عن المرح ، كما أنه تعالى لا يحب الفرحين .
ورد في الخبر أن الحسن المثنى بن الحسن السبط عليه السلام أتى عمه الحسين عليه السلام يخطب إحدى ابنتيه فاطمة وسكينة ، فقال له أبو عبدالله عليه السلام: « أختار لك فاطمة ، فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . أما في الدين : فتقوم الليل كله ، وتصوم النهار ، وفي الجمال : تشبه الحور العين ، وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله تعالى فلا تصلح لرجل»
(1) .
يالله .. يالله .. ما أعظمها من كلمة بحق هذه السيدة العظيمة المستغرقة في جميع أوقاتها في ذات الله . فالمستغرق في الله ، هو الذي راح يسبح في الفناء ونزعت نفسه إلى الغاية القصوى من القداسة ، وابنة النبوة جديرة في الفناء في الذات الإلهية ، ولم لا وهي سليلة فاطمة وعلي والحسين عليهم السلام ، وتتصل بانبوة ينبوع السماء بواسطة جدتها الزهراء عليها السلام ، بل حسبها أن يقال : ابنة الحسين السبط عليه السلام . فهي بهذا الوصف الذي وصفها به أبوها ، لم تبق في قوس اللقاء الربوبي منزعا ، حتى بلغت الغاية في الاندفاع نحو القدس الذي لا يتناهي . وبعد هذا ، فمن أين يكون لها لفتة إلى ما حولها من نواميس الحياة ؟! ومن أين يتأتي لها ـ بعد ذلك الاستغراق ـ الانعطاف إلى لوازم معاشرة الناس ، وعوارض الدنيا الفانية ؟!
لقد شغلتها الآخرة عن الاولى ، فهي بين عبادةوزهادة ، وتذكير
(1) إسعاف الراغبين لمحمد بن الصبان المصري المطبوع بهامش نور الأبصار : 210 .
(15)
وتفكير ، وتسبيح وتقديس ، ونظر دائم إلى نور الملكوت ، مما لا ترى معه شيئا يدور حولها ، هذا معنى الاستغراق مع الله .
ولا شك أن ابنة النبوة قد حازت أرقى وأعلى مراتب الاستغراق ، فالإمام عليه السلام يصف حالاتها بقوله : (غالب عليها) . ومن هنا جاء حب الإمام الحسين عليه السلام الشديد لها ، وقد أخذت بمجامع قلبه ، وتركته قداستها وطهرها يزداد حنوا عليها ، حتى وصفها عليه السلام بأنها : (خيرة النساء) ، لما وقف عليها يوم الطف ، ورآها باكية نادبة ، فقال :
سيطول بعدي يا سكينة فاعلميلا تحرقي قلبـي بدمعك حسرةفـإذا قتلـت فأنت أولى بالذي
منك البكاء إذا الحمام دهـانيما دام مني الروح في جثمانيتأتينـه يا خيـرة النسـوان
ولاندري كيف تكون منزلة من يصفها الإمام المعصوم من السمو والعظمة ، وهو حجة الله على عباده ، بأنها من خيرة النساء ؟!
والسيدة آمنة عليها السلام علاوة على ذلك ، عاشت في كنف إمامين كان الجهال والأبعدون والمتسكعون وأهل اللهو ، فضلا عن العلماء وأصحاب النفوذ ، يهتدون بكلمة واحدة منهم ، ويصلحون بموقف بسيط ، أو إشارة عابرة ، والتاريخ شهيد على ذلك . فأخوها الإمام زين العابدين عليه السلام وسيد الساجدين ، ذلك الذي تعرف البطحاء وطأته ، والبيت يعرفه والحل والحرم ، وحسبك به مربيا وهاديا ومرشدا . وابن أخيها الإمام الباقر عليه السلام ، باقر علوم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ذلك الذي كانت علماء الدنيا وما زالت تنحني إجلالا له ، وخضوعا بما عنده من علوم الرسالة المحمدية الخالدة ، وبخوعا وتسليما له هيبة وفرقا من قوة الحجة وسطوع البرهان .
(16)
فهل يقبل منطق ، أو يرتضي لك عقل ، أن تعيش تلك السيدة الجليلة في ظلهما وفي بيوتهما ، وهي تدخل المغنين عليها وتستمع إليهم ، وتساهر الشعراء والمتخلعين حتى الصباح ؟ ماهذا الهراء والنعيق ؟! ولقد أحسن من قال : حدث العاقل بما لا يليق ، فإن صدق فلا عقل له .
فالسيدة سكينة ما فارقت المدينة منذ عادت إليها بعد واقعة كربلاء ، بل ولم تتخلف ـ بما توحي إليه الشواهد ـ عن بيت أخيها السجاد عليه السلام ، الذي كان دائم البكاء والحزن على أبيه الحسين عليه السلام ، فلا غرو أن ورثت السيدة آمنة عن أخيها الحزن السرمدي على أبيها ، خاصة وقد أدركت هي حادثة الطف الأليمة ووعتها ، فهي يومذاك قد جاوزت سن التكليف قليلا ، ومع عدم وجود خبر قطعي يركن إليه في تحديد عمرها ، فإنه يمكن الاستنتاج من بعض القرائن والشواهد التاريخية أنها كانت بين (11ـ14) عاما . ولعلنا نستطيع أن نستقرب تاريخ ولادتها بين سنتي 47 و 48 هـ .
وبعد الإمام السجاد عليه السلام لاذت في كنف ابن أخيها الإمام الباقر عليه السلام ، فهي امرأة وحيدة تحتاج إلى من يكفلها ، خاصة مع انقطاعها إلى العبادة ، وتبتلها لله عز وجل . وتاريخ الإمامين الهمامين بين يديك ، فهل تجد فيه أن بيوتهم كانت محتشدا للشعراء ؟ ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا
) .
وهل تجد شيئا من هذا يتوافق مع ما زوره آل الزبير ، ونشره آل مروان ، وروج له من هو في الميل والهوى مع آل أمية ، والجميع هم أعداء الله وأعداء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وأعداء أهل بيته عليهم السلام ؟
فالكذاب الأشر زبيري ، والمروج البطر أموي ، وناهيك بهما من مبغضين وعدوين لدودين لأهل البيت عليهم السلام بالخصوص ، ولبني هاشم
(17)
عموما بما فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ولا نريد الدخول ـ هنا ـ في أبحاث تاريخية جانبية ، فتاريخ الأسرتين الأسود يشهد على سوء فعالهم ، وعدائهم للدين . لكن المهم الذي يجب أن يعرفه القارئ مسبقا ، أن رائد وضع الأحاديث والأخبار الطاعنة في أهل البيت عليهم السلام هو مصعب الزبيري ، ثم تلاه الزبير بن بكار ، بعد أن أخزتهم ابنتهم سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير ، بما شاع من ملاحمها ، ومغامراتها مع شعراء الخلاعة والمجون والمغنين ، في مجالس لهو وطرب وسكر يندى لها الجبين الحر والحيي ، ولكن من أين تخجل أوجه سكبت بلذات الفجور حياءها ؟! وبدل أن يدفنوا عارهم ، راحوا فزحزحوه إلى أشرف البيوت التي تقف في مواجهة باطلهم ، وانحرافهم عن الدين .
ووجد المدائني ، رفيق مصعب ، ومن بعده المبرد والزجاجي وأبو علي القالي في هذه الأخبار مادة جيدة لمؤلفاتهم أولا ، وليحققوا بعض أغراضهم في النيل من البيت العلوي الطاهر ثانيا ؛ لما جبلوا عليه من نزعة أموية . وأخيرا جاء أبو الفرج الإصفهاني متوجا أعمال أولئك بكتابه «الأغاني» عيبة السفاسف ، وجراب الهزال ، وجعبة الضلال ، ويكفيك قول ابن الجوزي فيه عن غيره من الأقوال الكثيرة : ومن تأمل كتاب الأغاني رأى كل قبيح ومنكر(1) .
فهل يتصور عاقل ـ بعد هذا ـ أن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، والذين أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمودتهم ، وآمنة بنت الحسين عليهما السلام ـ سكينة ـ من ذوي القربى قطعا وجزما ،
(1) المنتظم185:14 رقم 2658 وفيات سنة 356 .
(18)
يصدر منهم مثل هذه القبائح والمنكرات ؟! ( أنظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا
) .
وهكذا جازى آل الزبير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عترته وذريته عليهم السلام ؟ ومن قبل ترك زعيمهم وكبيرهم خلف ابن الزبير بن العوام ، ونجعة السوء ، الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خطبه في الجمعة والجماعة .
وجانب آخر من حياتها يعطينا عنه خبرا ما جاء في الخبر من أن الحسن المثنى بن الحسن السبط لما اختار فاطمة بنت الحسين على اختها سكينة ، كان يقال : إن امرأة تختار على سكينة لمنقطعة القرين . وقد علمت من ذي قبل قول الإمام الحسين عليه السلام في ابنته فاطمة من أنها تقوم الليل كله ، وتصوم النهار . فإذا كان هذا حال فاطمة وهي مع ذلك تصلح لرجل ، فما ظنك بأختها ، التي لا تصلح لرجل ، من حال التبتل والعبادة ؟
وبعد هذا وذاك ، فأين تكون تلك المخاريق التي ألصقوها بابنة النبوة من مقيل الحق والصدق ؟ ألا إنها أهلك من ترهات البسابس . لا جرم أنهم جاءوا بأذني عناق ، فهذه سجية القوم تجاه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ، شنشنة نعرفها من (أخزم) ، وقد ملؤوا حشفا بسوء كيلة ، وسيعلم الذين ظلموا محمدا وآل محمد أي منقلب ينقلبون ، والعاقبة لأهل التقوى .
وأخيرا وليس آخرا رواية سهل بن سعد الساعدي الصحابي الشهير ، وقد صادف دخوله الشام يوم وصول سبايا كربلاء إليها ، وصادف أن سأل سكينة عن جاجتها ، بعد أن عرفها نفسه ، وعرفها باستحفائها السؤال ، فقالت له : قل لصاحب الرأس ـ تعني رأس الحسين عليه السلام ـ أن يقدم الرأس أمامنا ، حتى يشتغل الناس بالنظر إليه ، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
(19)
مثل هذا الموقف من هذه السيدة العلوية الجليلة ، تستشعر منه مدى حرص ابنة النبوة ، وسليلة الإباء ، وغيرتها أنها لا ترضى بالنظر إليها وإلى حرم آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كبارا وصغارا . وتتجلى من ذلك الموقف الغاية التي بلغتها «سكينة» ـ سلام الله عليها ـ من العفة والطهر والقداسة ، والروح الملائكية .
أو يصدر منها ـ بعد ذلك ـ ما نقلوا من أفائك ، من كانت هذه نشأتها وسلوكها وسيرتها حتى وفاتها ؟! ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغيرما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) .
والنتيجة التي نخلص إليها حول إيمان وتقوى وزهد ابنة النبوة ، وربيبة الرسالة ، وصاحبة الخلق المحمدي ، والنهج العلوي ، والشمائل الحسينة ، هي ما نجمله في النقاط التالية :
1 ـ عاشت وتوفيت تحت ظلال الإيمان ، وفي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه . جوار جدها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي ظل أخيها وابن أخيها عليهما السلام .
2 ـ كان غالب عليها الاستغراق مع الله تعالى .
3 ـ كانت من خير نساء زمانها .
4 ـ إنها من ذوي القربى الذين أوجب الله مودتهم .
5 ـ إنها من أشرف وأرفع بيوت العرب ، بل الدنيا بأسرها .
6 ـ إنها لم تكن تصلح لزوج لعزوفها عن الدنيا كلية .
7 ـ كان الإمام الحسين عليه السلام يحبها حبا جما ، وله بها تعلق شديد ؛ لكثرة عبادتها وتبتلها لله تعالى . والمعصوم لا يحب ولا يبغض إلا في الله ، ولمن
(20)
هو مع الله في المبدأ والمنتهى .
8 ـ كانت شديدة الغيرة على بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مع عفافها وشدة حفاظها على حجابها .
9 ـ ورثت إباء أبيها الإمام الحسين عليه السلام وشجاعته ، حيث ردت على طاغية زمانها وفرعونه يزيد بن معاوية ، واعترضت عليه ، وهي الصبية الصغيرة ، وقد عرفت أنها في أكثر التقادير كانت بنت (14) سنة .
وفي الختام نقدم جزيل شكرنا للمحقق المفضال السيد عدنان علي الحسيني حفظه الله ؛ فأنه قد بذل غاية المجهود في تحقيق وتدقيق الكتاب بما لا مزيد عليه فجزاه الله خير الجزاء .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .