( شبه الخوارج وردها )
ذكر ابن ابي الحديد المعتزلي طائفة من الاحتجاجات والشبه التي أوردها البعض على علي (ع) وأجاب عنها .
منها . قال : ومنها شبهة التحكيم . وقد يحتج به على انه اعتمد ما لا يجوز في الشرع . وقد يحتج به على انه اعتمد ما ليس بصواب في تدبير الأمر . الأول فقولهم انه حكم الرجال في دين الله . والله سبحانه يقول : ان الحكم الا لله ، والثاني فقولهم انه قد كان لاح له النصر وظهرت امارات الظفر بمعاوية . ولم يبق الا ان يؤخذ برقبته . فترك التصميم على ذلك وأخلد الى التحكيم . وربما قالوا ان تحكيمه يدل على شك منه في أمره ، وربما قالوا كيف رضي بحكومة ابي موسى . وهو فاسق عنده بتثبيطه أهل الكوفة . في حرب البصرة ، وكيف رضي بتحكيم عمرو ابن العاص وهو أفسق الفاسقين .
( 253 )
ـ الجواب ـ إما تحكيم الرجال في الدين فليس بمحظور . فقد أمر الله تعالى بالتحكيم . بين المرأة وزوجها . فقال تعالى ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ) وقال : في جزاء الصيد . ( يحكم به ذوا عدل منكم ) .
وأما قولهم : كيف ترك التصميم بعد ظفره بامارات النصر . فقد تواتر الخبر بأن أصحابه ـ لما رفع أهل الشام المصاحف وظهر أهل العراق عليهم . ومشارفة هلاك معاوية وأصحابه ـ انخدعوا برفع المصاحف . وقالوا لا يحل لنا التصميم على حربهم . ولا يجوز لنا الا وضع السلاح . ورفع الحرب والرجوع الى المصاحف . وحكمها . فقال لهم : انها خديعة . وانها كلمة حق يراد بها باطل . وأمره بالصبر . ولو ساعة واحدة فأبو ذلك . وقالوا ارسل الى الاشتر فليعد . فارسل اليه . فقال كيف اعود . وقد لاحت امارات النصر والظفر . فقالوا : له ابعث اليه مرة اخرى فبعث اليه فأعاد الجواب بنحو قوله الأول . وسأل ان يمهل ساعة من النهار . فقالوا ان بينك وبينه وصية ان لا يقبل . فان لم تبعث اليه من يعيده والا قتلناك بسيوفنا كما قتلنا عثمان . او قبضنا عليك وأسلمناك الى معاوية فعاد الرسول الى الأشتر فقال : أتحب أن تظفر انت ههنا وتكسر جنود الشام . ويقتل امير المؤمنين (ع) في مضربه ؟
( 254 )
قال : أوقد فعلوها . لا بارك الله فيهم . أبعد ان اخذت بمخنق معاوية . ورأى الموت عياناً ارجع . ثم عاد فشتم أهل العراق وسبهم ، وقال لهم وقالوا له ما هو منقول مشهور . فاذا كانت الحال وقعت هكذا فاي تقصير وقع من امير المؤمنين (ع) وهل ينسب المغلوب على امره المقهور على رأيه الى تقصير . وبهذا نجيب عن قولهم ان التحكيم يدل على الشك في أمره لانه انما يدل على ذلك لو ابتدأ هو به . فاما اذا دعاه الى ذلك غيره واستجاب اليه اصحابه فمنعهم وأمرهم أن يمروا على وتيرتهم وشأنهم فلم يفعلوا . وبين لهم انها مكيدة . فلم يتبينوا . وخاف ان يقتل أو يسلم الى عدوه . فانه لا يدل تحكيمه على شكه . بل يدل على انه قد دفع بذلك ضرراً عظيماً من نفسه . ورجا ان يحكم الحكمان بالكتاب فتزول الشبهة عمن طلب التحكيم من أصحابه . وأما تحكيمه عمرواً مع ظهور فسقه فانه لم يرض به . وإنما رضي به مخالفه وكره هو فلم يقبل منه . وقد قيل انه أجاب ابن عباس (ره) عن هذا . فقال : للخوارج . اليس قد قال الله تعالى . ـ فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ـ أرأيتم . لو كانت المرأة يهودية . فبعثت حكماً من أهلها ـ أرأيتم . لو كانت المرأة يهودية . فبعثت حكماً من أهلها اكنا نسخط ذلك . وأما ابو موسى . فقد كرهه امير المؤمنين (ع) وأراد أن يجعل بدله عبدالله بن العباس . فقال أصحابه لا يكون الحكمان من مضر
( 255 )
فقال : فالاشتر . فقالوا وهل اضرم النار الا الاشتر . وهل جر ما نرى الا حكومة الأشتر . ولكن أبا موسى . فأباه فلم يقبلوا منه واثنوا عليه . وقالوا : لا نرضى الا به فحكمه على مضض .
( من ارتد بسبب الخوراج )
كان من جراء فتنة الخوارج على ما ذكره المؤرخون . أن ارتد جماعة من المسلمين . وان كان دينهم مستودع من قبل . فقاتلهم علي (ع) وسبى ذراريهم . ولو لم يكن دينهم مستودع لكان حالهم حال عامة المسلمين .
ذكر المسعودي (1) قال : ومضى الحرث بن راشد الناجي (2) في ثلاثمائة من الناس فارتدوا الى دين النصرانية . وهم من ولد سامة بن لؤي عند أنفسهم . وقد أبى ذلك كثير من الناس . وذكروا أن سامة بن لؤي ما أعقب . ولست ترى سامياً الا منحرفاً عن علي (عه) قال فسرح عليهم علي (ع) معقل به قيس الرياحي . فقتل الحرث ومن معه من المرتدين بسيف البحر . وسبى عيالهم وذراريهم .
____________
(1) ج2 ص286 طبع دادا الرجاء .
(2) ذكره صاحب الاصابة باسم الخريت .
( 256 )
وذلك بساحل البحرين . فنزل معقل بن قيس بعض كور الاهواز بسبي القوم . وكان هنالك مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملاً لعلي (ع) فصاح به النسوة . امنن علينا . فاشتراهم بثلثماءة ألف وأعتقهم . وأدى من المال مأتي ألف وهرب الى معوية . فقال علي (ع) قبح الله مصقلة فعل فعل السيد وفر فرار العبد . لو أقام أخذنا ما قدرنا على أخذه فان اعسر انظرناه وان عجز لم نؤاخذه بشيء ، وأنفذ العتق ، وفي ذلك يقول مصلقة بن هبيرة من أبيات :
تركت نساء الحي بكر بن وائل * وأعتقت سبياً من لؤي بن غالب
وفارقت خير الناس بعـد محمد * لمـال قليل لا محـالة ذاهـب
وفي ذلك يقول الآخر :
ومصقلة الذي قد باع بيعاً * ربـحياً يوم ناجية بن سام
وقال علي بن محمد بن جعفر العلوي فيمن انتمى الى سامة بن لؤي بن غالب ابن محمد .
سامـة منـا فأما بنـوه * فـأمرهم عنـدنا مـظلم
اناس اتونـا بـأنسابهم * خـرافة مصطجع يـحلم
( 257 )
وقلنا لهم مثل قول الوصي * وكـل أقــاويلـه محكـم
اذا مـا سئلت فلم تدر مـا * تقـول فقـل ربنـا أعلـم
وكان علي بن الجهم الشاعر الشهير ينتسب الى سامة . وكان من النصب على جانب عظيم . فمن نصبه العداوة لعلي (ع) انه كان يلعن أباه فسئل عن ذلك . وبم اسحق اللعن منه ؟ فقال : بتسميته إياي علياً . أقول : وأنا سأل الله الرحمة والرضوان لأبي اذا شرفني بهذا الاسم المبارك . أنظر : شتان بين ابن الجهم وبين السيد الحميري (ره) في العقيدة . يروى ان السيد الحميري . كان ابواه يبغضان علياً (ع) وكانا من الخوارج . فسمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال :
لعــن الله والــدي جميعـــاً * ثـم اصلاهمـا عـذاب الجحيـم
حكما غـدوة كمـا صليـاً الفجـ * ـر بلعن ـ الوصي ـ باب العلوم
لعنا خيـر مـن مشى فوق ظهراً * لارض أو طـاف محرماً بالحطيم
كفـرا عنـد شتـم آل رسـول * الله نــسل المهـذب المعصـوم
( 258 )
والوصـي الـذي به تثبت الأ * رض ولـولاه دكدكت كـالرميم
وكـذا آله اولوا العلـم والفهـ * ـم هـداة الى الصـراط القويم
خلفـاء الاله فـي الخلق بالعد * ل وبالقسط عنـد ظلم الظلـوم
صلـوات الاله تتـرى عليهم * مقرنات بالرحب والتسليم (1) )
____________
(1) رواها ابن شاكر في ( الفوات ) ج1 ، ص19 .
( 259 )
( أعلام الخوراج )
( نجدة بن عويمر )
كان نجدة بن عويمر الحنفي من رؤساء الخوارج . وله مقالة مفردة من مقالة الخوارج . قال ابن ابي الحديد . كان نجدة يصلي بمكة بحذاء عبدالله بن الزبير في جمعة وعبدالله يطلب الخلافة فيمسكان عن القتال من أجل الحرم . وقال الراعي يخاطب عبد الملك .
اني حلفت علـى يميـن بـرة * لا اكـذب اليـوم الخليفـة قيلاً
مـا ان أتـيت أبا حبيب وافداً * يـومـاً اريـد لبيعتـي تبـديلاً
ولما أتيت نجيدة بـن عويمـر * أبغي الهـدى فيزيدنـي تضليلاً
من نعمة الرحمن لا من حيلتي * انـي اعـدلـه علـى فضـولاً
قال واستولى نجدة على اليمامة وعظم أمره حتى ملك اليمن والطائف وعمان والبحرين ووادي تميم وعامر . ثم ان
( 260 )
اصحابه نقموا عليه أحكاماً احدثها في مذهبهم . منها : قوله ان المخطيء بعد الاجتهاد معذور . وأن الدين أمران معرفة رسوله وما سوى ذلك فالناس معذورون بجهله الى أن تقوم عليهم الحجة فمن استحل محرماً من طريق الاجتهاد فهو معذور . حتى أن من تزوج اخته أو امه مستحلاً لذلك بجهالة فهو معذور ومؤمن . قال فخلعوه واختاروا أبا فديك .
ثم ان أبا فديك أنفذ الى نجدة بعد من قتله . ثم تولاه بعد قتله طوائف من أصحابه بعد أن تفرقوا عنه وقالوا قتل مظلوماً .
( 261 )
( ابي بلال )
كان ابي بلال مرداس من متقشفي الخوارج ورجالاتهم المشهورين وكان إمام الصفرية . وكان قد خرج في أيام يزيد بن معاوية بناحية البصرة على عاملة هبيرة بن زياد فبعث اليه زرعة بن مسلم العامري في ألفي مقاتل . وكان زرعة يميل الى رأي الخوارج . فلما اصطف العسكران . قال زرعة : يا أبا بلابل اني أعلم أنك على الحق ولكنا لو لم نقاتلك يحبس عبيد الله بن زياد عطاءنا عنا . فقال ابو بلال : ليتني فعلت كما أمرني به أخي عروة (1) فانه أمرني أن استعرض
____________
(1) عروة هذا اخو مرداس . لما جيىء برأس مرداس الى ابن زياد امر باحضار عروة فاحضر . فقال له يا عدو الله . امرت أخاك أن يستعرض المسلمين قد انتقم الله منه . ثم أمر به فصلب .
( 262 )
الناس بالسيف فاقتل كل من استقبلني . ثم هزمه ابو بلال (2) فبعث عبيد الله بن زياد . الى قتال ابي بلال عباد التميمي (3) في أربعة آلاف . والخوارج قد نزحوا آنذاك الى أرض فارس فصار اليهم . وكان التقاؤهم في يوم الجمعة . فناداه ابو بلال اخرج يا عباد : فاني اريد ان أحاورك فخرج
____________
(2) لما هزم ابو بلال زرعة واصحابه ، صار ابو بلال الى ـ آسنك . وهي ما بين رامهرمز وأرجان فنزل بها فجهز عبيد الله اليه أسلم بن زرعة في أسرع مدة وبعث اليه في ألفين وقد تكامل اصحاب مرداس الربعين رجلاً . فلما صار أسلم اليه . صاح به ابو بلال . اتق الله يا أسلم . فما الذي تريد منا ؟ قال اريد أن أردكم الى ابن زياد . قال اذن يقتلنا قال وان قتلكم . قال : تشرك في دمائنا . قال اني أدين بأنه محق وانتم مبطلون . فصاح به حريث بن حجل أهو محق ؟ وهو يطيع الفجرة . وهو أحدهم ويقتل بالظنة ويخص بالفيىء ويجوز في الحكم . أما علمت انه قتل بابن سعاد أربعة براء وانا أحد قتلته ( انظر فتك الخوراج بالمثلم بن سعاد ) وضعت في بطنه دراهم كانت معه . ثم حملوا على أسلم حملة رجل واحد فانهزم هو وأصحابه من غير قتال . وكاد يأسره معبد أحد الخوارج ـ فلما عاد غضب عليه ابن زياد غضباً شديداً . وقال له ويلك أتمضي في الفين وتنهزم بهم من حملة أربعين . فكان اسلم يقول لئن يذمني ابن زياد وأنا حي احب الي أن يمدحني وأنا ميت ، وكان اذا خرج الى السوق أو مر بصبيان صاحوا . ابو بلال وراءك أو ربما صاحوا يا معبد خذه حتى شكا الى ابن زياد ذلك . فأمر الشرطة أن يكفوا الناس عنه .
(3) هو عباد بن أخضر التميمي أحد قواد عبيد الله بن زياد في عهد يزيد قتل سنة 61 هجـ .
( 263 )
اليه . فقال ما الذي تبغي ؟ قال أن آخذ بأقفيتكم فاردكم الى الأمير عبيد الله بن زياد . فقال ـ حريث بن حجل أيحاول أن يرد فئة من المسلمين الى جبار عنيد . فقال له أنتم أولى بالضلال منه . وما من ذاك من بد . قال : وقدم القعقاع بن عطية الباهلي من خراسان يريد الحج . فلما رأى الجمعين . قال ما هذا ؟ قالوا الشراة . فحمل عليهم ونشبت الحرب بينهم فأخذت الخوارج ـ القعقاع أسيراً فأتوا به أبا بلال . فقال له ما أنت قال أنا من اعدائك انما قدمت للحج فحملت وغررت . فاطلقه . فرجع الى عباد واصلح من شأنه . وحمل على الخوارج ثانية . فحمل الى عباد وأصلح من شأنه . وحمل على الخوارج ثانية . فحمل عليه حريث بن حجل السدوسي وكهمش بن طلق الصريمي فأسراه وقتلاه . ولم يأتيا به أبا بلال . قال : فلم يزل القوم يجتلدون حتى جاء وقت صلاة الجمعة . فناداهم أبو بلال . هذا وقت الصلاة فوادعونا حتى نصلي وتصلوا . قالوا لك ذلك فرمى القوم أجمعون بأسلحتهم وعمدوا للصلاة . فأسرع عباد ومن معه وقضوا صلاتهم والحرورية مبطؤن فيهم ما بين راكع وساجد وقائم في الصلاة وقاعد حتى مال عليهم عباد ومن معه فقتلوهم جميعاً . وأتى برأس ابي بلال . وأمر عباد بصلب الرؤوس وحملها الى عبيد الله بن زياد ، ومن افتراءات ابن ابي الحديد المتزلي . قوله : ومرداس هذا ينتحله كثير من الفرق لتقشفه وتصرمه وصمد
( 264 )
عبادته وصلابة بنيته . أما المعتزلة فتنتحله . وتقول ، انه خرج منكراً لجور السلطان داعياً الى الحق . وانه من أهل العدل . ويحتجون لذلك بقوله لزياد . وقد كان . قال في خطبته على المنبر والله لاخذن المحسن بالمسيء والحاضر بالغائب والصحيح بالسقيم . فقام اليه مرداس . فقال قد سمعنا ما قلت . أيها الانسان وما هكذا قال الله تعالى لنبيه ابراهيم اذ يقول . الا تزر وازرة وزر اخرى (1) ثم خرج اليه عقيب هذا اليوم ، وأما الشيعة فتنتحله وتزعم انه كتب الى الحسين بن علي (ع) اني والله لست من الخوارج . ولا أرى رأيهم وأني على دين ابيك ابراهيم أقول : زعم امعتزلي ان المعتزلة تنتحله هذا صحيح لأنها مفتقرة الى أمثاله ، وأما قوله والشيعة تنتحله فهذا غير صحيح بل افتراء منه على الشيعة ليت شعري متى انتحلت الشيعة في دور من أدوارها الى مثل هذا الخارجي الذي مرقد عن حضيرة الإسلام وترأس على اربعين نفر ممن يندى الجبين بذكرهم حتى صار إماماً عليه . وصار يتنقل بهم من بلد الى بلد وديدنه السلب والنهب والهتك والفتك والسفك فالشيعة تترفع من أن ينسب اليها مثل هذا الخارجي المنبوذ ، ولكن هذا إفتراء من المعتزل على الشيعة . وما اكثر افتراءاته .
____________
(1) سورة النجم .
( 265 )
( عمران بن حطان )
كان عمران بن حطان السدوسي . قد نشأ بالبصرة ، وكان شاعراً روى عن ابي موسى الاشعري وغيره (2) وكان رأس القعد من الصفرية وخطيبهم (3) وقال ابو الفرج قبل ان يفتن بالشراة مشتهراً بطلب العلم والحديث ، حتى بلى بهذا المذهب فضل وهلك لعنه الله (4) . وكان عمران مجهولاً قبل ان يلحق بالخوارج . وكان سبب اعتناقه لمذهب الخوارج : كما يروى انه تزوج ابنة عمه حمزة ، وكانت خارجية فحاول أن يردها عن مذهب الشراة . فاذا هي التي ترده عن مذهب الجاعة ـ فلا خير في رجل يتأثر برأي امرأة ، وقيل انه جادل حرورياً ، في مجلسه . فاذا هو في نفس المجلس الذي بدأ فيه الجدال يصبح خارجياً .
____________
(2) هكذا ذكر ابن سعد في طبقاته طبع ليدن .
(3) الأغاني جزء 176 ، ص162 طبع بولاق .
(4) خزانة الأدب للبغدادي ج3 ص438 .
( 266 )
وصار يطارده الحجاج . أيام ولايته بالعراق ، فكان عمران يتنقل من حي الى حي متخفياً ، وقيل هدر عبد الملك دمه . بمدحه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله من قوله :
يا ضربة من تقي ما اراد بهـا * الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
الـي لا ذكـره يوماً فأحسبـه * أو في البـرية عنـد الله ميزاناً
لله در المرادي الـذي سفكت * كفـاه مهجـة ... الخلـق انساناً
أمسى عشية غشاه بضربتـه * ممـا جنـاه مـن الآثام عريانا
وما ان طرقت سمع الفقيه الطبري هذه الأبيات حتى رد عليه قائلاً :
يا ضربة من شقي ما أراد بها * الا ليهدم من ذي العـرش اركـانا
انـي لأذكـره يومـاً فالعنـه * والعـن الرجس عمران بن حطانا
ورد القاشي ابو الطيب طاهر بن عبدالله الشافعي عليه قائلاً :
اني لا برأ مما أنت قائله * عـن بن ملجم الملعون بهتانا
( 267 )
يا ضربة من شقي ما أراد بها * الا ليهــدم للإسلام أركـانـا
ولغيره من قصيدة عامرة :
فلا عفـا الله عنـه مـا تحملـه * ولا سقـى قبر عمـران بـن حطانا
لقولـه فـي شقي ضـل مجترماً * ونـال مـا نـاله ظلمـا وعـدوانا
يا ضربة من تقي مـا أراد بهـا * الا ليبلغ من ذي العـرش رضـوانا
بل ضربة من غوي اوردته لظى * مخلـداً قـد أتـى الرحمن غضبانا
وقال محمد بن احمد الطبيب يرد على عمران بن حطان .
يا ضربة من غدور صار ضاربها * أشقـى البـرية عنـد الله انسـانـا
اذا تفكــرت فيـه ظلت ألعنـه * والعـن الكلب عمـران بن حطـانا
وكان عمران ينتقل من حي الى حي ومن مكان الى مكان وينتسب لاهل كل حي ينزل به . حتى انتهى الى عمان فوجدهم يعظمون أمر ابي بلال . فأشهر أمره فيهم . فبلغ ذلك الحجاج . فكتب فيه الى اهل عمان . فهرب حتى أتى قوماً من الأزد في سواد الكوفة . فنزل بهم فلم يزل
( 268 )
عندهم حتى مات لعنه الله . وكان هلاكه سنة 84 هـ .
لعن الله اعظماً حملـوها * لديار البلى على الخشبات
أعظماً تكره النبي وأهل * البيت والطيبين والطيبات
أقول : ان اكثر الشعر المنسوب لافراد الخوارج . في شتى المناسبات هو من نظم عمران بن حطان . كان يقوله عن لسان غيره أو من يحب وينشره بين الناس ترويجاً لمذهب الخوارج .
( 269 )
( نافع بن الأزرق )
نافع بن الأزرق الحنفي . كان من شجعانهم . وكان مقدماً في فقه الخوراج وإليه تنسب الأزارقة . وكان يفتي بأن الدار كفر وانهم جميعاً في النار . وكل من فيها الا من أظهر ايمانه . ولا يحل للمؤمنين أن يجيبوا داعياً منهم الى الصلاة . ولا أن يأكلوا من ذبائحهم ولا أن يناكحوهم . ولا يتوارث الخارجي وغيره . وهم مثل كفار العرب وعبدة الأوثان . لا يقبل . منهم الا الاسلام أو السيف والبعد بمنزلتهم . والتقية . منه الا الإسلام أو السيف والبعد بمنزلتهم . والتقية لا تقبل لأن الا تعالى يقول : اذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ، وقال فيمن كان على خلافهم يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم فتفرق عنه جماعة من الخوارج .
( 270 )
( الطرماح بن حكيم الطائي )
قال ابو الفرج الأصبهاني في أغانيه (1) كان الطرماح من الشراة . وقال آخر (2) كان من الصفرية . وذكر المدائني انه كان من الأزارقة ويحدثنا الجاحظ (3) أن الطرماح كان خارجياً ، وكان منشأه بالشام وجاء الى الكوفة مع من جاء من جيش الشام وهو حينذاك شاب . وكان عمه القعقاع بن قيس الطائي من الكوفة . ذكر أبو الفرج أن الطرماح استمع الى شيخ من شيوخ تيم اللات من الخوارج فأثر به كلامه فاعتنق مذهبه حتى مات عليه . وفي بعض أدوار حياته قطن ـ الري ـ وكان يدرس بها . كما ذكر الجاحظ (4) عن عبد الأعلى . قال رأيت الطرماح مؤدباً بالري فلم أر أحداً آخذ لعقول الرجال ولا أجذب لأسماعهم الى حديثه منه ولقد رأيت الصبيان يخرجون من عنده كأنهم قد جلسوا الى العلماء . وكان يتعصب لأهل الشام والقحطانيين تعصبه للخوراج . كما أن الكميت كان يتعصب للعدنانيين ولأهل
____________
(1) الأغاني جزء 1ص 156 و160 طبع بولاق .
(2) من مقدمة ديوانه الذي نشره ( كرنكو ) .
(3) البيان والتبيين جزء 1ص 54 طبع مصر .
(4) ج2 ص357 .
( 271 )
الكوفة . وربما تنقل بين الكوفة والبصرة والري وخراسان . وشعره كله في الحماس ويريك عقيدته بالمذهب الخارجي والشراة منهم بقوله :
لقد شقيت شقـاء لا انقطاع لـه * ان لم أفـز فوزة تنجي مـن النار
والنار لم ينج مـن روعاتها أحد * الا المنيب بقلب المخلص الشاري
أو الذي سبقت مـن قبل مولده * لـه السعادة مـن خلاقهـا الباري
وكان يثني على عمه ويفتخر به في شعره :
عمي الذي صبح الجلائب غدوة * مــن نهروان بجحفـل مطنـاب
قيل أن الطرماح أراد الخوارد إلى النهروان مع الخوارج فمنعه عمه وقيل منعه بعض قومه . وقيل خرج الى النهروان . وتوفي الطرماح ما بين سنة 106 و112 هجـ .
ابان : ابن قحطبة ، قتله عبد الرحمن الأنباري بمرج القلعة سنة 158 هـ ابراهيم ابن حجر كان من أعيانهم .
أبو بلال ـ مرداس ـ كان من رؤسائهم قتله عباد التميمي قائد جيش ابن زياد ، وقد ترجماه على حدة : انظر ص165 .
ابو حمزة الأزدي المختار . كان من خطباء الشراة .
( 272 )
نشأ بالبصرة . وخرج في أواخر الدولة الأموية مع يحيى طالب الحق خالعاً لمروان بن محمد . وكان يقال له بطل ـ قديد ـ قتله قائد جيش مروان بن محمد ، ابو الخطاب . كان إمام المغاربة للخوارج .
ابو الخير : كان من رؤسائهم . استماله زياد بن ابيه وولاه جندي شابور وأعطاه أربعة آلاف فرجع عن مذهبه ـ ان صح ذلك .
ابو فديك : كان من رؤسائهم . وأصحاب ـ نجدة بن عامر التميمي . ثم خالفه الى ان قتله ونجدة .
ابن الماحوز : كان الرئيس الثاني للأزارقة . قتل في حرب جرت بينه وبين بني امية .
ابو منصور الخراساني احد أئمتهم .
ابو مكرم ، ابن عبدالله العجلي . رئيس المكرمية .
اخنس بن قيس : كان على مذهب الثعالبة ، ثم خالفهم وتبعه جماعة . فصار يقال له الأخنسية .
الأعرج الطائي : كان من فرسان الخوارج ومن شعراء الدولتين الأموية والعباسية .
الأشل الأزرقي : هذا من بعض اخوال عمران بن حطان الصفري . كان من شعرائهم .
( 273 )
أصفر بن عبد الرحمن : هو من اخوال ـ طوق بن مالك ـ كان من خطباء الصفرية .
ايوب بن حيان الوارقي : كان من رؤساء الشراة قتله محمد بن خرزاد ، بدر الذكواني ـ من قواد الضحاك بن قيس .
البرج بن مسهر الطائي : كان من شعرائهم . وكان أثرماً ـ أي ساقط الثنية ـ .
بلغ بن عقبة المسعودي : كان من رجالاتهم المعروفين .
بشير بن المنذر كان من أئمتهم .
البطين : كان من فرسانهم .
ثروان الحروري : الذي قام بالبصرة في أيام الرشيد ، كان من رؤسائهم ثعلبة بن مشكاة (1) وقيل بن عامر . كان يقول بامامة عبد الكريم بن عجرد ثم تركه وتبعه جماعة سموا بالثعالبة ، وكان من رؤساء الصفرية ، جابر بن زيد . كان من ائمتهم .
جعفر بن السماك : كان من أئمتهم .
الجلندي بن مسعود : كان إمام العمانيين قتله خازم بن خزيمة عامل السفاح .
____________
(1) وقيل ابن مسكان .
( 274 )
الجوف بن كلاب : كان من رؤسائهم . قتله قائد جيش مروان .
الحارث بن مزيد الأباضي : كان رئيس الحارثية .
حبيب بن خدرة الهلالي : كان من شعرائهم المعروفين ذكر زيد بن علي بقوله ،
يا با حسين لو شراة عصابة * صحبوك كان لو ردهم اصدار
يابا حسين والجديد الى بلى * أولاد درزة اسلموك وطاروا (1)
حبيبة البكري من عبد القيس : كان من رجالاتهم . قتل في المعركة . بين ابي بلال وجيش ابن زياد .
حتاب بن كاتب : كان من أئمتهم .
حرقوص بن زهير التميمي : هو نواة الخوارج المعروف بذي الثدية قتل بالنهروان بسيف امير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه .
الحرث بن راشد الناجي من رؤسهم .
حريث بن حجل : كان من فرسانهم ومن رجالات أصحاب مرداس .
____________
(1) تقول العرب للسفلة والسقاط . أولاد درزة .
( 275 )
حفص بن ابي المقدام : تبعه قدم من الاباضية . عرفوا بالحفصية .
حمزة القدري بن أدرك : كان من رؤسائهم خرج أيام الرشيد بخراسان وجمع بين البدعتين الخروج والقدر . كثر فساده في نواحي سجستان . وديار خراسان وكرمان . ومكران . وقهستان . وهزم كثيراً من العساكر . وكان أولاً على مذهب ـ الخازمية ـ ثم خالفهم في القدر والاستطاعة ورجع الى قول القدرية . وبقي الى أيام المأمون . حتى قتله جماعة من أهل نيسابور .
حوثرة الأسدي : كان من رجالاتهم . قتله رجل من طي من جيش معاوية ، حيان الوارقي كان من رؤسائهم .
خلف الخارجي كان من رؤسائهم . واليه تنسب الخلفية من خوارج كرمان خرزاد كان من رؤسائهم . قتله هرون بن عبدالله البجلي من رؤساء الخوارج أيضاً .
الخزرج بن الصدى بن الخلق . كان من خطبائهم .
داوود بن شبيب : كان من نساكهم . قتل في واقعة ـ ابي بلال .
الربيع بن حبيب . كان من أئمتهم .
رهين المرادي : كان من رؤسائهم وشعرائهم .
زحاف الطائي : كان من أئمتهم قتلة الناس في أيام
( 276 )
معاوية . وكان مع قريب قرينه .
زيد بن أبي أبيسة . رئيس الاباضية .
زيد بن جندب الأيادي . كان من الأزارقة من خطبائهم . وشعرائهم .
زياد بن الأصفر : كان رئيس الصفرية . وكان يقول أولاً بامامة مرداس .
ثم صار يقول بامامة عمران بن خطاب .
سالم بن مطر ابو طالوت : كان من رؤسائهم . بايعه جماعة منهم . وبعد خلعوه وبايعوا ـ نجدة ـ .
سبرة بن الجعد : كان من شعرائهم . اتخذه الحجاج سميراً له . ولم يعلم به انه من الخوارج ثم بعدها فارق الحجاج ولحق بقطري بن الفجأة .
سعيد بن المبشر : كان من أئمتهم . في عمان .
سعيد بن محرز : كان من أئمتهم ، في عمان .
سليمان بن عثمان : كان من أئمتهم في عمان .
سويد بن سليم : كان من قواد صالح بن مسرح .
شبيب بن ربعي : كان الرئيس الثاني للخوارج عندما اجتمعوا ـ بحروراء ثم رجع وصار قائداً على ميسرة علي (ع) لحرب الخوارج بالنهروان ، ثم خانه ، والتحق بهم ولقي جزاء عمله .