275 ـ ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام : إنّ شعيباً جعل لموسى عليه السلام في بعض السّنين الّذي كان عنده كلّ بلقاء تضعه غنمه في تلك السّنة فوضعت كلّها بلق (2) .
وفي هذا الخبر ما يحتاج إلى تأويل ، وهو : أنّه لا تأثير لشيء ممّا ذكر في الحقيقة في تغيّر هيئة الجنين ، وأمّا الأنبياء فدعواتهم مستجابة وأمورهم عجابة ، وإذا كان شيء ممّا يتعجّب منه من قبل الله تعالى فلا يستنكر وتعالى على كلّ شيء قدير (3) .
276 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، حدّثنا الحسن بن عليّ السّكري ، حدّثنا محمد بن زكريّا البصري ، حدّثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن
فلما تناهى (1) البلوى به رآى بخت نصر في المنام كأن ملائكة السماء هبطت إلى الارض أفواجاً إلى الجبّ الّذي فيه دانيال عليه السلام مسلّمين عليه ويبشّرونه بالفرج ، والله تعالى جلّت عظمته كان يبعث برزقه إليه على يد نبيّ عليه السلام .
فلمّا أصبح بخت نصّر ندم على ما فعل ، فأتى دانيال فأخرجه واعتذر إليه ثم فوّض إليه الأمر في ممالكه وأفضى الأمر بعده إلى ابنه واشتدّت البلوى على بني إسرائيل ووعدهم الله تعالى بقيام المسيح بعد نيّف وعشرين سنة (2) .
( في العلامات )
277 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن علي الصّوفي ، حدّثنا حمزة بن القاسم العبّاسي ، حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، حدّثنا محمد بن الحسين بن زيد الزّيّات ، حدّثنا عمرو بن عثمان الخزاز ، حدّثنا عبدالله بن الفضل الهاشمي ، عن الصادق عليه السلام قال : كان في كتاب دانيال عليه السلام أنّه :
إذا كان أوّل يوم من المحرّم يوم السّبت فانّه يكون الشّتاء شديد البرد ، كثير الرّيح ، يكثر فيه الجليد وتغلو فيه الحنطة ويقع فيه الوباء وموت الصّبيان وتكثر الحمى في تلك السّنة ويقلّ العسل وتكثر الكماة ويسلم الزّرع من الآفات ويصيب بعض الأشجار آفة وبعض
وإذا كان يوم الأحد أوّل المحرّم فانّه يكون الشّتاء صالحاً ويكثر المطر وتصيب بعض الأشجار والزّرع آفة ، وتكون أوجاع مختلفة ، وموت شديد ، ويقلّ العسل ، ويكثر في الهوى الوباء والموتان ، ويكون في آخر السّنة بعض الغلاء في الطّعام ، ويكون الغلبة للسّلطان في آخره .
وإذا كان يوم الأثنين أوّل المحرّم ، فانّه يكون الشّتاء صالحاً ، ويكون في الصّيف حرّ شديد ويكثر المطر في أيّامه (1) ويكثر البقر والغنم ويكثر العسل ويرخّص الطّعام والأسعار في بلدان الجبال وتكثر الفواكه فيها ويكون موت في النساء وفي آخر السّنة يخرج خارجي على السّلطان بنواحي المشرق ويصيب بعض فارس غمّ ، ويكثر الزّكام في ارض الجبل .
وإذا كان يوم الثلاثة أوّل المحرّم فانّه يكون الشّتاء شديد البرد ويكثر الثّلج والجمد بأرض الجبل وناحية المشرق ، ويكثر الغنم والعسل ويصيب بعض الاشجار والكروم آفة ويكون بناحية المغرب والشّام آفة من حدث يحدث في السّماء يموت فيه خلق ، ويخرج على السلطان خارجي قويّ ، ويكون الغلبة للسّلطان ، ويكون في أرض فارس في بعض الغلاّت آفة ، وتغلو الأسعار بها في آخر السّنة .
وإذا كان يوم الاربعاء أوّل المحرم ، فإنّ الشّتاء يكون وسطاً ، ويكون المطر في القيض صالحاً نافعاً مباركاً ، وتكثر الثّمار والغلاّت بالجبال كلّها وناحية جميع المشرق ، إلاّ أنّه يقع الموت في الرّجال في آخر السّنة ، ويصيب النّاس بأرض بابل وبالجبل آفة ، وترخص الأسعار ، وتسكن مملكة العرب في تلك السّنة ، ويكون الغلبة للسّلطان .
وإذا كان يوم الخميس أوّل المحرّم ، فانّه يكون الشّتاء ليّناً ، ويكثر القمح والفواكه والعسل بجميع نواحي المشرق ، وتكثر الحمّى في أوّل السّنة وفي آخرها وبجميع أرض بابل في آخر السّنة ، ويكون للرّوم على المسلمين غلبة ثمّ تظهر العرب عليهم بناحية المغرب ويقع بأرض السّند حروب والظّفر لملوك العرب .
وإذا كان يوم الجمعة أوّل المحرّم ، فإنّه يكون الشّتاء بلا برد ، ويقل المطر والأودية والمياه ، وتقلّ الغلاّت بناحية الجبال مائة فرسخ في مائة فرسخ ، ويكثر الموت في جميع النّاس ، ويغلو الأسعرا بناحية المغرب ، وتصيب بعض الأشجار آفة ، ويكون للرّوم على الفرس كرّة شديدة (1) .
( في علامات كسوف الشمس في الإثني عشر شهراً )
278 ـ إذا انكسفت الشمس في المحرّم ، فانّ السّنة تكون خصيبة إلاّ أنّه يصيب النّاس أوجاع في آخرها وأمراض ، ويكون من السلطان ظفر ، وتكون زلزلة بعدها سلامة .
وإذا انكسفت في صفر ، فانّه يكون فزع وجوع في ناحية المغرب ، ويكون قتال في المغرب كثير ، ثم تقع الصّلح في ربيع والظّفر للسّلطان .
وإذا انكسفت في ربيع الأوّل ، فانّه يكون بين النّاس صلح ، ويقل الاختلاف ، والظّفر للسّلطان بالمغرب ، ويضرّ البقر والغنم ، ويتّسع في آخر السّنة ، ويقع الوباء في الإبل بالبدو .
وإذا انكسفت في شهر ربيع الآخر ، فإنّه يكون بين الناس اختلاف كثير ، ويقتل منهم خلق عظيم ، ويخرج خارجيّ على الملك ، ويكون فزع وقتال ، ويكثر الموت في النّاس .
وإذا انكسفت في جمادي الأولى ، فانّه يكون السّعة في جميع النّاس بناحية المشرق والمغرب ، ويكون للسّلطان إلى الرّعية نظر ، ويحسن السّلطان إلى أهل مملكته ويراعي جانبهم .
وإذا انكسفت في جمادي الآخر ، فإنّه يموت رجل عظيم بالمغرب ، ويقع ببلاد مصر قتال وحروب شديدة ، ويكون ببلاد المغرب غلاء في آخر السّنة .
وإذا انكسفت في رجب ، فإنّه تعمر الارض ، وتكون أمطار كثيرة بالجبال وبناحية
وإذا انكسفت في شعبان ، يكون سلامة في جميع النّاس من السّلطان ، ويكون للسّلطان ظفر على أعدائه بالمغرب ، ويقع وباء في الجبال في آخر السّنة ، ويكون عاقبته إلى سلامة .
وإذا انكسفت في شهر رمضان كان جملة النّاس يطيعون عظيم فارس ، وتكون للرّوم على العرب كرّة شديدة ، ثمّ تكون على الرّوم ويسبي منهم ويغنم .
وإذا انكسفت في شوّال ، فانّه يكون في أرض الهند والزّنج قتال شديد ، ويكثر نبات الأرض بالمشرق .
وإذا انكسفت في ذي القعدة ، فانّه يكون مطر كثير متواتر ، ويقع خراب بناحية فارس .
وإذا انكسفت في ذي الحجّة ، فانّه يكون فيه رياح كثيرة ، وتنقص الأشجار ، ويقع بالأرض من المغرب سبع وخراب في كلّ ارض من ناحية المغرب ، وينقص الطّعام ويغلو عليهم ، ويخرج خارجي على الملك ويصيبه منه شدّة ، ويقلّ طعام أهل فارس ثمّ يرخص في العام الثّاني (1) .
( في علامات خسوف القمر طول السّنة )
279 ـ إذا انكسف القمر في المحرّم ، فانّه يموت رجل عظيم ، وتنقص الفاكهة بالجبال ، ويقع في النّاس حكّة ، ويكثر الرّمد بأرض بابل ، ويقع الموت ، وتغلو أسعارها ، ويخرج خارجيّ على السّلطان والظّفر للسّلطان ويقتلهم .
وإذا انكسف في صفر ، فانّه يكون جوع ومرض ببابل وبلادها حتّى يتخوّف على النّاس ، ثمّ تكون أمطار كثيرة ، ويحسن نبات الأرض وحالا النّاس ، ويكون بالجبال فاكهة كثيرة .
وإذا انكسف في شهر ربيع الأول ، فانّه يقع بالمغرب قتال ، ويصيب النّاس يرقان .
وإذا انكسف في شهر ربيع الآخر ، فانّه يكثر الأنداء بالجبال ، ويكثر الخصب والمياه ، وتكون السّنة مباركة ، ويكون للسّلطان الظّفر بالمغرب .
وإذا انكسف في جمادي الأولى ، فأنه تهراق دماء كثيرة بالبدو ، ويصيب عظيم الشّام بليّة شديدة ، يخرج خارجيّ على السّلطان والظّفر للسّلطان .
وإذا انكسف في جمادي الآخرة ، فانّه تقل الأمطار والمياه بنينوى ، ويقع فيها جزع شديد وغلاء ، ويصيب ملك بابل إلى المغرب بلاء عظيم .
وإذا انكسف في رجب ، فانّه يكون بالمغرب موت وجوع ، ويكون بأرض بابل أمطار ، ويكثر وجع العين في الأمصار .
وإذا انكسف في شعبان ، فإنّ الملك يقتل أو يموت ويملك ابنه ، وتغلو الاسعار ، ويكثر جوع النّاس .
وإذا انكسف في شهر رمضان ، يكون بالجبل برد شديد وثلج ومطر وكثرة المياه ، ويقع بأرض فارس سباع كثيرة ، ويقع بأرض ماه موت كثير بالصّبيان والنّساء .
وإذا انكسف في شوّال ، فانّ الملك يغلب على أعدائه ، ويكون في النّاس شرّ وبليّة .
وإذا انكسف في ذي القعدة ، فانّه تنفتح المدائن الشّداد ، وتظهر الكنوز في بعض الأرضين والجبال .
وإذا انكسف في ذي الحجّة ، فانّه يموت رجل عظيم بالمغرب ، ويدّعي فاجرٌ الملك (1) .
وجميع ذلك إن صحّت الرّوايات عن دانيال النّبي عليه السلام يجري مجرى الملاحم والحوادث في الدّنيا وعلاماتها (2) .
وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : إذا اراد الله بقوم خيراً أمطرهم باللّيل وشمّسهم بالنّهار (3) .
وقال صلّى الله عليه وآله : إذا غضب الله على أمّة ولم ينزل بها العذاب ، غلت أسعارها ، وقصرت أعمارها ، ولم تربح تجّارها ، ولم تزك ثمارها ، ولم تغزر أنهارها ، وحبس عنها أمطارها ، وسلّط عليها شرارها (1) .
وقال صلّى الله عليه وآله : إذا منعت الزّكاة هلكت الماشية (2) وإذا جار الحكّام أمسك القطر من السّماء ، وإذا خفرت الذّمة نصر المشركون على المسلمين ، وأمثلة ذلك كثيرة ، والله أعلم بحقيقة ذلك (3) .
280 ـ عن ابن بابويه ، حدّثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن محمد بن شاذان النّيسابوري ، حدّثنا أبي أبو عبدالله محمد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمد بن زياد أبي أحمد الأزدي (1) ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباسّ رضي الله عنه قال : بعث الله تعالى جرجيس عليه السلام إلى ملك بالشّام يقال له : دازانة (2) يعبد صنماً ، فقال له : أيّها الملك اقبل نصيحتي : لا ينبغي للخلق أن يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلاّ إليه ، فقال له الملك : من أيّ أرض أنت ؟ قال : من الرّوم قاطنين بفلسطين .
فأمر بحبسه ، ثمّ مشط جسده بامشاط من حديد حتّى تساقط لحمه وفضح جسده ، ولمّا لم يقتل أمر بأوتاد من حديد ، فضربها في فخذيه وركبتيه وتحت قدميه ، فمّا رآى أنّ ذلك لم يقتله أمر بأوتاد طوال من حديد ، فوتّدت في رأسه فسأل منها دماغه ، وأمر بالرّصاص فاُذيب وصبّ على أثر ذلك ، ثمّ أمر بسارية من حجارة كانت في السّجن لم ينقلها إلاّ ثمانية عشر رجلاً فوضعت على بطنه ، فلمّا أظلم اللّيل وتفرّق عنه الناس رآه أهل السّجن وقد جاءه ملك ، فقال له : يا جرجيس إنّ الله تعالى يقول : اصبر وابشر ولا تخف ، إنّ الله معك يخلّصك ، وأنّهم يقتلونك أربع مرّات في كلّ ذلك أدفع عنك الألم والأذى .
فلمّا أصبح الملك دعاه فجلده بالسّياط على الظّهر والبطن ، ثمّ ردّه إلى السّجن ، ثم كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكلّ ساحر فبعثوا بساحرا ستعمل كلّما قدر عليه من السّحر فلم يعمل فيه ، ثمّ عمد إلى سمّ فسقاه ، فقال جرجيس : « بسم الله الّذي يضلّ عند صدقه كذب الفجرة وسحر السّحرة » فلم يضرّه .
فقال السّاحر : لو أنّي سقيت بهذا السّم أهل الأرض لنزعت قواهم ، وشوّهت خلقهم ، وعميت أبصارهم ، وأنت يا جرجيس النّور المضيء والسّراج المنير والحقّ اليقين ، أشهد أنّ إلهك حقّ وما دونه باطل ، آمنت به وصدّقت رسله وإليه أتوب ممّا فعلت فقتله الملك .
ثمّ أعاد جرجيس عليه السلام إلى السّجن ، وعذّبه بألوان العذاب ، ثمّ قطّعة أقطاعاً وألقاها في جبّ ، ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب ، فأمر الله تعالى أعصاراً أنشأب سحابة سوداء وجاءت بالصّواعق ورجفت الأرض ، وتزلزلت الجبال حتّى أشفقوا أن يكون هلاكهم ، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجبّ وقال : قم يا جرجيس بقوة الله الّذي خلقك فسوّاك ، فقام جرجيس عليه السلام حيّاً سويّاً ، وأخرجه من الجبّ وقال : اصبر وابشر .
فانطلق جرجيس حتّى قام بين يدي الملك ، وقال : بعثني الله ليحتجّ بي عليكم ، فقام صاحب الشّرطة وقال : آمنت بإلهك الّذي بعثك بعد موتك ، وشهدت أنّه الحقّ ، وجميع الآلهة دونه باطل ، وأتبعه أربعة آلاف أمنوا وصدّقوا جرجيس عليه السلام فقتلهم الملك جميعاً بالسّيف .
ثم أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النّار حتّى احمرّ ، فبسط عليه جرجيس عليه السلام وأمر بالرّصاص فاُذيب وصبّ في فيه ، ثمّ ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ، ثمّ ينزع ويفرغ الرّصاص مكانه ، فلمّا رآى أنّ ذلك لم يقتله أوقد عليه النّار حتّى مات وأمر برماده فذرّ في الرّياح ، فأمر الله تعالى رياح الأرضين في اللّيلة ، فجمعت رماده في مكان ، فأمر ميكائيل فنادى جرجيس ، فقام حيّاً سويّاً بإذن الله .
فانطلق جرجيس عليه السلام إلى الملك وهو في أصحابه ، فقام رجل وقال : إن تحتا اربعة عشر منبراً ومائدة بين أيدينا ، وهي من عيدان شتّى ، منها ما يثمر ، ومنها مالا يثمر ، فسل ربّك أن يلبس كلّ شجرة منها لحالها ، وينبت فيها ورقها وثمرها ، فإن فعل ذلك فإنّي أصدّقك ، فوضع جرجيس عليه السلام ركبتيه على الارض ودعا ربّه تعالى ، فما برح
فامر به الملك ، فمدّ بين الخشبتين ووضع المنشار من تحت رجليه ، ثمّ أمر بقدر عظيمة ، فاُلقي فيها زفت وكبريت ورصاص ، فاُلقي فيها جسد جرجيس عليه السلام فطبخ حتّى اختلط ذلك كلّه جميعاً ، فاظلمت الأرض لذلك ، وبعث الله إسرافيل عليه السلام فصاح صيحة خرّ منها النّاس لوجوههم ، ثمّ قلب إسرافيل القدر ، فقال : قم يا جرجيس بإذن الله تعالى ، فقام حيّاً سويّاً بقدرة الله .
وانطلق جرجيس إلى الملك ، فلمّا رآه الناس عجبوا منه ، فجاءته امرأة وقالت : أيّها العبد الصّالح كان لنا ثور نعيش به فمات ، فقال جرجيس عليه السلام : خذي عصاي هذه فضعيها على ثورك وقولي : إنّ جرجيس يقول : قم باذن الله تعالى ، ففعلت فقام حيّاً ، فآمنت بالله .
فقال الملك : إن تركت هذا السّاحر أهلك قومي ، فاجتمعوا كلّهم أن يقتلوه ، فأمر به أن يخرج ويقتل بالسّيف ، فقال جرجيس عليه السلام ـ لمّا أخرج ـ : لا تعجلوا عليّ فقال : « اللّهمّ أهلكت (1) أنت عبدة الأوثان أسألك أنت تجعل اسمي وذكري صبراً لمن يتقرّب إليك عند كلّ هول وبلاء » ثمّ ضربوا عنقه فمات ، ثمّ أسرعوا إلى القرية ، فهلكوا كلّهم (2) .
281 ـ وبالاسناد المذكور ، عن ابن عباس ( رض ) قال : قال عزير : يا ربّ إنّي نظرت في جميع اُمورك وأحكامها ، فعرفت عدلك بعقلي ، وبقي باب لم أعرفه : إنّك تسخط على أهل البليّة فتعمّهم بعذابك وفيهم الأطفال ، فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البريّة ، وكان الحرّ شديداً ، فرآى شجرة فاستظلّ بها ونام ، فجاءت نملة فقرصته ، فدلك الأرض برجله فقتل من النّمل كثيراً ، فعرف أنّه مثل ضرب فقيل له يا عزيز : إنّ القوم إذا استحقّوا عذابي قدرت نزوله عن د انقضاء آجال الأطفال ، فمات أولئك بآجالهم ، وهلك هؤلاء بعذابي (3) .
282 ـ وبالاسناد المذكور ، عن أبي حمزة ، عن الباقر عليه السلام قال : لمّا خرج ملك القبط يريد هدم بيت المقدس اجتمع النّاس إلى حزقيل النّبي ، فشكوا إليه ، فقال : إنّي اُناجي ربّي اللّيلة فناجى ربّه ، فأوحى الله إليه : قد كفيتم وكانوا قد مضوا ، فأوحى الله تعالى إلى ملك الهواء أن امسك عليهم أنفاسهم ، فماتوا كلّهم وأصبح حزقيل عليه السلام فأخبر قومه ، فخرجوا فوجدوهم قد ماتوا (1) .
283 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : سأل عبدالأعلى مولى بني سام الصّادق عليه السلام وأنا عنده : حديث يرويه النّاس ، فقال : وما هو ؟ قال : يروون أنّ الله تعالى أوحى إلى حزقيل النّبيّ عليه السلام أن أخبر فلان الملك أنّي متوفيك يوم كذا ، فأتى حزقيل عليه السلام إلى الملك فأخبره بذلك ، قال : فدعا الله وهو على سريره حتّى سقط ما بين الحائط والسّرير ، وقال : يا ربّ أخّرني حتّى يشبّ طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله إلى ذلك النّبيّ أن ائت فلاناً وقل له : إنّي أنسأت في عمره خمس عشرة سنة ، فقال النّبيّ : يا ربّ وعزّتك إنّك تعلم أنّي لم أكذب كذبة قطّ ، فأوحى الله إليه : إنّما أنت عبد مأمور فأبلغه (2) .
=
248 ـ وبالإسناد المذكور ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد عنهما صلوات الله عليهما في قوله تعالى : ( ألم تر إلى الّذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم ) (1) قال : إنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشّام من بني إسرائيل ، وكانوا سبعين ألف بيت ، وكان الطّاعون يقع فيهم في كلّ أوان ، وكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء وبقي فيها الفقراء لضعفهم ، وكان الموت يكثر في الّذين أقاموا ، ويقلّ في الّذين خرجوا ( قال : فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطّاعون ، فخرجوا بأجمعهم ، فنزلوا على شطّ بحر ، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا فماتوا جميعاً ، فكنستهم المارّة عن الطّريق فبقوا بذلك ما شاء الله ) فصاروا رميماً عظاماً ، فمرّ بهم نبيّ من الأنبياء يقال له : حزقيل فرآهم وبكى وقال : يا ربّ لو شئت أحييتهم السّاعة ، فأحياهم الله .
وفي رواية : أنّه تعالى أوحى إليه أن رشّ الماء عليهم ، ففعل فأحياهم الله (2) .
285 ـ وباسناده عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال ن عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن الصّادق عليه السلام قال : كان في زمان بني إسرائيل رجل يسمّى إليا رئيس على أربعمائة من بني إسرائيل ، وكان ملك بني إسرائيل هوى امرأة من قوم يعبدون الأصنام من غير بني إسرائيل فخطبها فقال : على أن أحمل الصّنم فأعبده في بلدتك ، فأبى عليها ، ثمّ عاودها مرّة بعد
فجاء إليا إلى الملك ، فقال ملّكان الله ومدّ لك في العمر فطغيت وبغيت . فلم يلتفت إليه ، فدعا الله إليا أن لا يسقيهم قطرة ، فنالهم قحط شديد ثلاث سنين ، حتّى ذبحوا دوابّهم ، فلم يبق لهم من الدّوابّ إلاّ برذون يركبه الملك ، وآخر يركبه الوزير ، وكان قد استتر عند الوزير أصحاب إليا يطعمهم في سرب .
فأوحى الله تعالى جلّ ذكره إلى إليا : تعرّض للملك ، فإنّي اريد أن أتوب عليه ، فأتاه فقال : يا إليا ، ما صنعت بنا قتلت بني إسرائيل ، فقال إليها : تطيعني فيما آمرك به ؟ فأخذ عليه العهد ، فأخرج أصحابه وتقرّبوا إلى الله تعالى بثورين ، ثمّ دعا بالمرأة فذبحها وأحرق الصّنم ، وتاب الملك توبة حسنة حتّى لبس الشّعر وأرسل إليه المطر والخصب (1) .