73
3 ـ ميراث الغرقى
ذكر الترمذي في باب ميراث الغرقى عن نعيم بن
خالد ، عن عبدالعزيز بن محمد ، حدثنا جعفر ، عن
أبيه : أنّ أم كلثوم وابنها زيداً ماتا في يوم واحد ،
فالتقت الصائحتان في الطريق فلم يرث كل
واحد منهما من صاحبه... (3)
( 1 ) السنن الكبرى 4 : 38 ، تاريخ دمشق 19 : 492 ، الاِصابة 8 : 466 ت
12237.
( 2 ) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد 8 : 464.
( 3 ) سنن الدارمي 2 : 379 ، ومثله في المستدرك على الصحيحين 4 : 346 ،
السنن الكبرى للبيهقي 6 : 222 ، سنن الدارقطني 4 : 40 ، 45 من كتاب
الفرائض والسير بسنديه عن عبد الله بن عمر بن حفص وجعفر بن محمد عن
أبيه.
74
4 ـ عدة المتوفّى عنها زوجها
عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم أنّه قال : إنما
نقل علي عليه السلام أم كلثوم حين قتل عمر لاَنّها كانت
مع عمر في دار الاِمارة (1).
وعن الشعبي قال : نقل علي عليه السلام أم كلثوم بعد قتل
عمر بن الخطاب بسبع ليال ، ورواه سفيان الثوري
في جامعه وقال : لاَنّها كانت في دار الاِمارة (2).
5 ـ الوكالة في التزويج
روى الطبراني في الاَوسط بسنده عن الحسن بن
الحسن بن علي : أنّ عمر بن الخطاب خطب إلى
علي أم كلثوم ، فقال إنها تصغر عن ذاك ، فقال
( 1 ) الاثار لاَبي يوسف 1 : 143. وانظر مصنف ابن أبي شيبة 4 : 133 عن الحكم
ومصنف عبدالرزاق 7 : 30 رواه بسند آخر عن معمر عن أيوب او غيره أن
علياً.... ومثله في النوادر : 186 ، عن جعفر عن أبيه.
( 2 ) الام 7 : 182 ، السنن الكبرى للبيهقي 7 : 436 والنص منه ، مصنف ابن ابي
شيبة 4 : 133 ، الباب 175 ، ح 5.
75
عمر : إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : كل سبب
ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي
فأحببت أن يكون لي من رسول الله سبب ونسب ،
فقال علي للحسن والحسين : زوّجا عمَّكما.
فقالا : هي امرأة من النساء تختار لنفسها.
فقام عليٌّ وهو مغضب ، فأمسك الحسن بثوبه
وقال : لا صبر على هجرانك يا ابتاه.
لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلاّ روح بن
عبادة ، تفرد به سفيان عن وكيع (1).
وهناك مسائل أخرى في الشريعة ، كجمع الرجل بين زوجة
الرجل وبنته (2) ؟ والهدية (3) والصداق (4) وغيرها سنتعرض إليها
ضمن بياننا لهذه الاَمور الخمسة إن شاء الله تعالى.
( 1 ) الاَوسط 6 : 357 ، وعنه في مجمع الزوائد 4 : 272 ، السنن الكبرى 7 : 64.
( 2 ) مرت مصادره في القول الخامس قبل قليل.
( 3 ) صحيح البخاري 3 : 222 | كتاب الجهاد والسير ـ باب حمل النساء القرب
إلى الناس في الغزو ، وكذا في كتاب المغازي 5 : 36 باب ذكر أم سليط ، كنز
العمال 13 : 623 ، شرح النهج 12 : 76.
( 4 ) سنذكر مصادر الصداق لاحقاً.
76
77
أخبار في كتب الشيعة
ونبحث فيه عن بعض الفروع الفقهية التي دخلت في المصادر
الحديثية الشيعية ثم منها إلى الفقه.
1 ـ 2 صلاة الجنائز وكيفية التكبير على الميت
قال الشيخ الطوسي في الخلاف :
« مسأله 541 : إذا اجتمع جنازة رجل وصبيّ وخنثى
وامرأة ، وكان الصبيّ ممّن يُصلّى عليه ، قدمت المرأة
إلى القبلة ، ثمّ الخنثى ، ثمّ الصبي ، إلى أن
يقول :.... دليلنا : اجماع الفرقة وأخبارهم. وروى
عمار بن ياسر قال : أُخرجت جنازة أم كلثومبنت
عليّ عليه السلام وابنها زيد بن عمر ، وفي الجنازة الحسن
والحسين عليهما السلام ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن عباس ،
وأبو هريرة ، فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الاِمام
والمرأة وراءَهُ وقالوا : هذا هو السنة » (1).
وقد استدل بعض علماء أهل السنة بهذه المسألة وما يليها ـ إلزاماً
لنا ـ للدلالة على وقوع التزويج من أم كلثوم ، ولنا فيه مسائل :
( 1 ) الخلاف 1 : 722 ، كتاب الجنائز مسألة : 541
78
الاَولى :
إنّ ما رواه الشيخ عن عمار بن ياسر ، مرسل إذ ليس له طريق
إليه ، وبتتبعنا في كتب الحديث عند الشيعة والعامة لم نحصل على
خبر يروى بهذا المضمون عن عمار بن ياسر إلاّ ما حكاه الشيخ في
هذه المسألة.
بل كل ما في الاَمر هو وجودها عند العامة عن عمار بن أبي
عمار ؟ فنتساءل : هل هذا هو عمار بن ياسر أم غيره ؟ وهذا ما نوضحه
لك بعد قليل.
بل كيف يكون المعني به عمار بن ياسر ، ذلك الصحابي الجليل
الملازم عليّاً ، إذ لو كان ذلك لاحتمل أن يكون الاِمام عليّ حاضراً
جنازة ابنته أم كلثوم كذلك ؟ لكنا نرى الخبر يقول( في الجنازة
الحسن والحسين ) وليس فيه ذكر الاِمام عليّ ، مع العلم بأنّ عمار بن
ياسر كان قد استشهد تحت لواء عليّ بن أبي طالب في صفين ، فلا
يعقل أن يروي واقعة قد حدثت في خلافة بعض بني أمية ؟
الثانية :
ان الخبر آنف الذكر يخالف ما نقل عن زواج عبدالله بن جعفر
من أم كلثوم بعد زينب بنت علي ، لاَن النص يقول في زوجته زينب :
« فماتت عنده » (1) ومن المعلوم أن وفاة السيده زينب كان إما في سنة
( 1 ) السنن الكبرى للبيهقي 7 : 70 و 71.
79
62 (1) أو 56 (2) أو 76 (3) في حين أنّ خبر الصلاة على أم كلثوم
كان
قبل السنة الرابعة والخمسين من الهجرة يقيناً (4).
الثالثة :
من الثابت المعلوم أن الشيخ الطوسي أتى بهذا الخبر في كتابه
( الخلاف ) استشهاداً والزاماً للآخرين لا استدلالاً به ، لاَنّه كان قد قال
ـ بعد ذكره للمسألة ـ :
« دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم ، وروى عمار بن ياسر قال :
أخرجت... »
وهذا يفهم بأن دليل الشيخ كان إجماع الطائفة وأخبارهم الواردة
عن الحلبي (5) زاً وابن بكير (6) وعمارالساباطي (7) و... لا خبر
عمار بن
ياسر حتّى يرد الاِشكال.
مضافاً إلى ذلك أنّا نعلم أن الكتب الفقهية عند الشيعة الاِمامية
( 1 ) وفاة زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي : 142.
( 2 ) معالي السبطين : 689 ، مع بطلة كربلاء لمغنية : 90 ، أعلام النساء 1 : 508.
( 3 ) نزهة الانام في محاسن الشام 2 : 347 و 381 للبدري ، وشرح نهج البلاغة
لابن ميثم كما في معالي السبطين للحائري : 690.
( 4 ) للمزيد انظر اعيان الشيعة 13 : 12.
( 5 ) تهذيب الاحكام 3 : 323 ح 10006 و 10008 ، الاستبصار 1 : 471 ح
1823 و 1825.
( 6 ) الكافي 3 : 175 ح 5 ، تهذيب الاحكام 3 : 323 ح 10007 ، الاستبصار
1 : 472 ح 1824.
( 7 ) الكافي 3 : 174 ح 2 ، تهذيب الاحكام 3 : 322 ح 1004 ، الاستبصار
1 : 472 ح 1827.
80
كتبت على نحوين.
أوّلهما : وفق الاَصول الحديثية والرجالية الشيعية ، فلا يُتعرّضُ
فيها إلى آراء المذاهب الاَخرى.
وثانيهما : بملاحظة آراء أهل السنة والجماعة مع ما للشيعة من
أدلة ، وهذا ما يسمى بالفقه المقارن أو فقه الخلاف.
فكتاب الشيخ الطوسي « الخلاف » هو من القسم الثاني ، إذ لم نره
يذكر خبر عمار بن ياسر في كتابه المبسوط أو النهاية أو التهذيب أو
غيرها من كتبه الفقهية الحديثية الفتوائية ، بل ذكرهُ في كتابه( الخلاف )
وهو المعني بفقه الخلاف ، وهذا يؤكد بأنّه جاء بهذا الخبر إلزاماً
للآخرين أو استشهاد به على ما ذهب إليه.
وعليه فدليل الشيخ في هذه المسألة هو إجماع الفرقة المحقّة ،
والاَخبار الواردة عن أهل بيت النبوة والتي وردت في صحاح
أخبارهم عليهم السلام لا ما ذكره عن عمار... ! !
الرابعة :
إنّ عماراً هذا ليس بأبن ياسر ، بل هو عمار بن أبي عمار مولى
بني هاشم ، وفي بعض النصوص مولى الحارث بن نوفل ، وعمار بن
أبي عمار تابعي وليس بصحابي ، وقد روى عن أبي هريرة وابن
عباس ، وخرّج له أبو داود في سننه (1) والبيهقي (2) وغيرهم.
( 1 ) سنن ابي داود 2 : 77 ح 3193 وفيه عمار مولى الحرث بن نوفل.
( 2 ) السنن الكبرى 4 : 33.
81
وعليه ، فإنّ الشيخ الطوسي ذكر خبر عمار في الخلاف بعد ذكره
دليل الشيعة وذلك للاستشهاد به لا الاستدلال.
وبنظري أنّ الخطأ والتصحيف الواقع في كتاب ( الخلاف ) جاء
من قِبَل النساخ وقَبْلَ العلاّمة الحلي ، إذ لا يعقل أن لا يعرف الشيخ
الطوسي ، وهو الاِمام الرجالي المحدّث أنّ عمار بن ياسر قد استشهد
في صفين وأنّه لا يُعقل أن يُحدث بأمر وقع في خلافة بعض بني
أمية ؟ !
نعم إن أول من توجه إلى أنّ عماراً هذا ليس بابن ياسر هو
العلاّمة الحلي( ت 726 هـ ) في كتابه منتهى المطلب ، وهو من كتب
فقه الخلاف.
فقد قال العلاّمة الحلّي في « مختلف الشيعة »
ـ والذي يختص بنقل أقوال علماء الشيعة الاِمامية ـ :
« ... واحتجّ الشيخ في الخلاف بالاِجماع ، وبما روى
عمار بن ياسر ، قال : أخرجت جنازة أم كلثوم... » (1)
وقال في « منتهى المطلب » : « ... لنا : ما رواه الجمهور
عن عمار بن أبي عمار قال : شهدت جنازة أم كلثوم
بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام وابنها زيد بن عمر ،
فوضع الغلام بين يدي الاِمام ، والمرأة خلفه ، وفي
الجماعة الحسن والحسين عليهما السلام وابن عباس وابن
( 1 ) مختلف الشيعة للعلاّمة الحلّي 2 : 315.
82
عمر وثمانون نفساً من الصحابة ، فقلت : ما هذا ؟
فقالوا : هذه السنة ، ومن طريق الخاصة : ما رواه
الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما
قال... » (1)
وقال في « تذكرة الفقهاء » ، وعند ذكره بعض الفروع :
>ب | لو اجتمع الرجال والنساء ، قال أصحابنا :
يجعل رأس المرأة عند وسط الرجل ليقف الاِمام
موضع الفضيلة فيهما ، وكذا لو اجتمع... ـ إلى ان
يقول ـ :
وفي اخرى : « يستوي بين رؤوسهم كلّهم ، لاَنّ أم
كلثوم بنت عليّ عليه السلام وزيداً ابنها توفّيا معاً فأخرجت
جنازتهما فصلى عليهما أمير المدينة فسوى بين
رؤوسهما وارجلهما ، ولا حجة في فعل غير النبي
والاِمام عليه السلام ) (2).
وأنت ترى نباهة العلاّمة الحلّي وعدم تخطيه عن منهجه في
كتابيه ، فإنّه حينما يذكر الخبر في( مختلف الشيعة ) ـ وهو المعنى
بفقه الاِمامية واختلاف أعلام الطائفة فيه ـ ، يذكر خبر الخلاف عن
عمار بن ياسر أمانة منه في النقل ، لكنه حينما يقارن المسألة مع كتب
( 1 ) منتهى المطلب للعلاّمة الحلي 7 : 357.
( 2 ) تذكرة الفقهاء ، للعلاّمة الحلّي 2 : 66.
83
أهل السنة نراه يشير إلى أن المحكيّ عن عمار بن ياسر مرويٌ في
كتب الجمهور عن عمار بن أبي عمار التابعي مولى بني هاشم ، لا ابن
ياسر الصحابي.
وهذا يرشدنا إلى ضرورة الاعتناء بفقه الخلاف ودراسته في
الحوزات العلمية لكي نضيف إلى فقهنا ما يؤيدنا من فقه العامة؛ نأتي
به استشهاداً لا استدلالاً ، وهو يعمق استدلالنا وحجّتنا ، لاَنّ كثيراً من
الفروع الفقهية لو قيست مع أمثالها في كتب العامة لعُرفت من خلالها
أمورٌ كثيرة خافية علينا اليوم ، لاَنّ فقهنا مهيمن وناظر على فقه العامة
الذي تأثر بالسلطة والسياسة ووو... بشكل كثير.
إذاً دراسة الاَفكار والعقائد والآراء المطروحة في زمن صدور
النص له الارتباط الكامل في فهم المسائل المختلف فيها عند
المسلمين اليوم.
وعليه ، فلا يمكن للخصم أن يستدلّ علينا بورود خبر عمار بن
ياسر ، وأمثاله في « مسالك الاَفهام » أو « مجمع الفائدة والبرهان » أو
« جواهر الكلام » وغيرها مثلاً ، لكونها مأخوذة من كتاب الخلاف ،
وقد عرفت كيفية دخول هذا الخبر إلى التراث الشيعي.