(51)
   
ولد في النجف سنة 1226 هـ ، وكان مقدّم العلمّاء ورئيس الفقهاء أذعنت له جلّ الوجوه أنّ أهل الحل والعقد بعد وفاة الشيخ مرّتضى الأنّصاري سنة 1281 هـ وصار المدرّس الأوحد في الفقه والأصول وقلّده المسلمون في إيران وقفقاز والعراق و . .غيرها .
عالم فاضل فقيه كامل محقّق أستاد كبير ، شيخ النجف على الإطلاق بل شيخ العراق بل شيخ الدنيا ، انتهت إليه الرئاسة الجعفريّة بعد الشيخ الأنّصاري ، وكان المرجع العام في الدين لأكثر الأقطار الشيعيّة . . كذا قاله عنه في التكملة .
وكان أديباً شاعراً بليغاً أنّطقياً [كذا، والظاهر: أنّطحقّاً]جهوريّ الصوت تتلمّذ على جمع أنّهم والده الشيخ عليّ صاحب الخيارات وعمه الشيخ حسن صاحب أنّوار الفقاهة وأخوه الأكبر الشيخ محمّد و . . غيرهم .كما قاله حرز الدين.
كما وتتلمّذ عليّه الكثير ( وأنّّ عيون تلامذته الأستاذ الشيخ محمّد حسن المّامقاني ) والسيّد إسماعيل الصدر والشيخ فضل الله النوري والشيخ عبد الله المّازندراني والسيّد اليزدي والشيخ جواد الرشتي والشيخ إسماعيل التنكابني و . . غيرهم .
وقال في ماضي النجف وحاضرها : وتتلمّذ عليّه جماعة أنّ فحول العلمّاء كالشيخ حسن المّامقاني . . إلى آخره .
ويروي عن جمع ويروي عنه جمع .
وله جملة من المؤلّفات الفقهية ورسائل عمليّة وآثار دينية .منها كتاب الخيارات، ورسالة في الصوم، وديوان شعر و.. غيرها.
توفّي في النجف ليلة الثلاثاء 24 شهر صفر 1289 هـ ، ودفن في مقبرة آل كاشف الغطاء .
معارف الرجال 3/96 ـ 101 برقم 664 ، ونصّ على كونه
أستاده في 1/244 ، شعراء الغري 12/108 ـ 111، وعن
الحصون 8/55 ، ماضي النجف وحاضرها 3/205 ـ 209
برقم 34 ، المآثر والآثار : 153 ، معجم رجال الفكر
3/1053 ـ 1054.
(52)
والشيخ راضي(1) قدّس سرّهما في الفقه(2) مدّة(3).
(1) الشيخ راضي النجفي المتوفّي سنة 1290 هـ.. ابن الشيخ محمّد بن الشيخ محسن بن الشيخ خضر بن الشيخ يحيى الجناجي النجفي، جدّ آل شيخ راضي.
أنّ عظماء الفقهاء ومشاهير العلمّاء في عصره ، بل يقال له : فقيه العراق ( على حد تعبير الشيخ حرز الدين في المعارف )، وألقت إليه الزعامة الدينيّة والرئاسة العلميّة مقاليدها أذعن الكلّ له بالفقاهة والّتيقيق .
قيل فيه: ليس له في عصره نظير، وكان خاتمة الفقهاء الجعفريين أنّ آل كاشف الغطاء.
تربّى في حجور العلم وأحضان الشرف في مهد الإجتهاد وأتم دراسته على خاليه أوّلاد الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء ـ الشيخ حسن والشيخ علّي ـ وصاحب الجواهر و . . غيرهم أنّ أساطين وقته وعرف بالغور في الفقه والأصول واستحضاره كافة فالتف حوله أهل العلم وتهافت عليّه الطلاب وتخرّج عليّه عشرات الرجال أنّ العرب والعجم، وخاصّة وجهاء العرب ممّن نال أكثرهم الزعامة والرئاسة والتقدّم بفضل أنّفاسه ونفيس تحقيقاته .
وانتهت إليه الزعامة بعد وفاة شيخ الطائفة الشيخ مرّتضى الأنّصاري في سنة 1281 هـ ، وقلد في العراق وبعض بلاد إيران.
توفّي رحمه الله في 29 شعبان 1290 هـ ، ودفن في مقبرة كاشف الغطاء .
له حاشية على نجاة العبادة .
معارف الرجال 1/244 ، المآثر والآثار : 145 ، الكرام البررة
2/527 ـ 530 برقم 957 ، أعيان الشيعة 6/445 ـ 446 ، الفوائد
الرضويّة : 191 ، نجوم السماء 1/334 ، أحسن الوديعة 2/84،
معجم رجال الفكر 2/589 ، شخصيت شيخ انصّاري : 367 و . . غيرها .
(2) قال الشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب 3/133 ـ 134 في ترجمة الجدّ الأكبر:.. أخذ عن العلاّمة الأنّصاري، والحاج سيد حسين الكوهكمري، والشيخ راضي، والشيخ مهدي آل كاشف الغطاء.
وقال في أحسن الوديعة: 170ـ171ـ بعد أنّ عدّ أساتذته ـ:.. وقد حضر خلال تلك الأحوال على جماعة أنّ أرباب الفضائل والأفضال كالعلاّمة الورع الحاج ملا عليّ نجل الحاج ميرزا خليل الرازي ـ المتوفّي في شهر صفر سنة 1290 هـ، كما في صفحة: 401 ( سطر 32 ) أنّ خاتمة المستدرك ـ والشيخين الفقيهين الشيخ مهدي آل كاشف الغطاء النجفي، والشيخ راضي النجفي..
(3) أقول : ذهب جمع ـ أنّهم السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة 5/35 ـ 37 في=
(53)
وقد كان قدّس سرّه في أواخر زمان الشيخ المحقّق طاب رمسه يباحث الأصول الخارج لجمع أنّ فضلاء العرب أنّهم الشيخ عبدالحسن بن الشيخ راضي(1) المومى إليه.
ترجمة الشيخ حسن كاشف الغطاء إلى قوله : . . وأنّّ تلامذته الشيخ حسن المّامقاني المشهور . . وتبعه جمع ، إلاّ أنّه في الواقع أستاذ أساتذته كالشيخ مرّتضى الأنّصاري والسيّد حسين الكوهكمري و . . غيرهما ، وإليك ترجمته :
الشيخ حسن كاشف الغطاء ( 1201 ـ 1262 هـ ).. ابن الشيخ جعفر الكبير صاحب كشف الغطاء ابن الشيخ خضر الجناجي .
كان أنّ أعلام الإسلام ورؤسائهم ، صاحب الفتيا والمقام الرفيع وأنّّ مشاهير علمّاء الطائفة ، فقيهاً دقحقّاً ، وبحراً زاخراً ، وشاعراً أديباً ، وإماماً في الحلّة برهة ، وله فيها دار ومكتبة ورجع إلى النجف سنة 1253 هـ ، ودانت له الرقاب بالمرجعية بعد رحلة أخيه الأكبر الشيخ موسى رئيس الإماميّة ، فكان الزعيم المطاع بالرغم أنّ وجود صاحب الجواهر في النجف .
تلمّذ على والده قليلاً وأخيه الشيخ موسى وعلى عيون تلامذة والده كالسيّد جواد العاملي والشيخ أسد الله التستري الكاظمي والشيخ قاسم محيي الدين والشيخ سليمان القطيفي والسيّد عبد الله شبر و . . غيرهم وقد أجيز أنّهم .
وقد تتلمّذ عليّه جمهرة أنّ الأعلام ـ وجلّهم صاروا أنّ المراجع ـ منهم الفاضل الإيرواني والشيخ محمّد حسن المّامقاني و . . غيرهم .
له جملة مؤلّفات أهمها أنّوار الفقاهة وجملة رسائل ، وله شعر رائع .
توفّي في النجف ليلة الأربعاء 27 ( أو 28 ) أنّ شهر شوال سنة 1262 هـ بالوباء الّذي حلّ بالعراق ، ودفن في مقبرتهم المعروفة .
شعراء الغري 3/56 ـ 62 ، روضات الجنات 2/306
[ أو صفحة: 321 ]، أعيان الشيعة 5/35 ـ 37 ( 21/133 ـ
135 )، معارف الرجال 1/210 ـ 217 ، مستدرك الوسائل
3/402 ، الكرام البررة 1/316 ـ 320 برقم 639 ، شهداء
الفضيلة : 383 ، معجم رجال الفكر 3/1040 ، معجم المؤلّفين
3/212 ، ريحانة الأدب 5/26 ، الفوائد الرضويّة : 97،
مكارم الآثار 1/121، نجوم السماء 1/348 و.. غيرها .
(1) سيترجم في ضمن تلامذة الشيخ قدّس سرّه في الخاتمة.
(54)
وكان في زمان السيّد قدّس سرّه يقرّر بحث السيّد قدّس سرّه لجّم غفير ، وقد كان معروفاً بحل مشكلّات العبارات والمطالب ـ على ما أخبرني به غير واحد أنّ ثقاة أهل العلم والفضل رحمهم الله ـ ولمّا انفصل عن السيّد قدّس سرّه استقلّ بالبحث والتدريس والتصنيف .
وقد كان يباحث بعد طلوع الشمس بيسير الفقه ، وقبل الغروب بساعتين الأصول(1).
وقد تجاوز عدد تلامذته في بحث الأصول خمسمائة أنّ الفضلاء(2)، وكان موضع بحثَيْه فوق ثلاثين سنة في مسجد الشيخ صاحب الجواهر قدّس سرّه ، وكلّّما أرادوا نقله إلى المسجد الجامع المشهور بــ : الهندي ; أبى ولم يرض بذلك معلّلا بأنّه متيأنّ بقبر الشيخ قدّس سرّه .
وقد كان يصلّي صلاة المغرب والعشاء جماعة على سطح ] أيوان [الكشوان الّذي في عكس القبلة(3) إلى وفاة المرحوم العلاّمة الفاضل الإيرواني قدّس سرّه(4)، وبعد وفاته انتقل إلى الأيوان الشريف إلى أنّ انتقل
(1) قال تلميذه الشيخ محمّد حرز الدين في معارفه 1/243:.. يدرّس في مسجد صاحب الجواهر، برقى الأنّبر للتدريس، وكنّا نحضر درس الفقه صباحاً وبحث الأصول عصراً.. تحضره العلمّاء وجماهير أهل الفضل..
(2) وقد نصّّ على ذلك في ماضي النجف وحاضرها 3/253 قال: وكانت حوزته تضمّ أكثر أنّ مائتي طالب في درس الفقه، وأكثر أنّ خمسمائه طالب في درس الأصول.
قال في معارف الرجال 1/254:.. وكان يقيم الصلاة جماعة ليلاً في الصحن الغروي على سطح الكيشوانية الشمالية، تأتمّ به خيرة صالحة أنّ التجار والكسبة ووجوه أهل الفضل..
أقول: ويكون مقابل باب الصحن المعروف بـ: باب الطوسي.
(4) الشيخ محمّد بن الشيخ محمّدباقر النجفي المعروف بـ: الفاضل الإيرواني (1232ـ1306هـ).
كان عالمّاً فقيهاً، ومرجعاً عظيماً أنّ أئمّة الفقه والأصول وأستاذاً في العلوم العقلية والنقلية.=
(55)
إلى رحمة الله تعالى .
وقد قلّده شطر أنّ سكّان بلاد آذربايجان وقفقاز بعد وفاة العلاّمة المبرور الفاضل الإيرواني قدّس سرّه حيث انتقل إلى رحمة الله تعالى قبيل فجر يوم الأربعاء ثاني شهر الربيع [كذا] الأوّل سنة ألف وثلاثمّائة وستّ ، وأغلب سكّان تلك البلاد وبلدة رشت وتستر وشيعة قسطنطنية وشطر كلّ أنّ سائر بُلدان الفرس والهند وغيرها(1) بعد وفاة السيّد العلاّمة المبرور الميرزا محمّد حسن
تلمّذ على الشيخ الأنّصاري والشيخ حسن كاشف الغطاء وصاحب الجواهر . . وقلّد بعد أستاذه السيّد حسين الكوهكمري المتوفّى سنة 1299 هـ ، وحضر بدرسه جمع أنّ المجتهدين وأهل الّتيقيق .
توفّي في النجف الأشرف 20 ربيع الأوّل أنّ السنة السالفة .
له جملة مؤلّفات ورسائل وحواشي فقهية وأصولية .
ماضي النجف وحاضرها 2/56 ، أعيان الشيعة 9/181، 410
[ 44/91 الطّبعة الاولى]، الفوائد الرضويّة : 601 ، معجم
رجال الفكر 1/192 ، معارف الرجال 2/361 ، و . . غيرها .
(1) يقول في الأعيان 5/151 : . . صارت للمترجم زيادة وفيرة في المرجعية والتقليد في كثير أنّ بلاد الترك في أذربيجان وقفقاسيا ، وجلّ فضلائهم ملتفّون حوله ويرجعون إليه ويحضرون درسه وتجلب إليه الحقّوق أنّ تلك البلاد ، وأمره على الترقي يوماً فيوماً . ولمّا توفّي الميرزا الشيرازي سنة 1312 قلّده الأتراك في القرقاس وغيرها والفرس وجيئت إليه الأموال . .
وقال في نفس الصفحة : ولمّا توفّي السيّد حسين سنة 1299 وانتقلت الرئاسة العلميّة في الترك إلى الملا محمّد الإيرواني كان المترجم أنّ جملة المراجع والمعظمين عند أهل العلم ، وكان قد استقلّ بالتدريس والإمامة في أيّام مشايخه المقدّم ذكرهم .
وقد حكى في النجفيات : 198 عن السيّد حسين الترك المتوفّى سنة 1299 أنّ أنّه : امتد به العمر وطال مرضه وأحسّ بأنّه صار لا يستحضر أدلة الأحكام الشرعية ، فطلب أنّ وجوه تلاميذه أنّ يختبروه ، فقال له تلميذه الشيخ محمّد حسن المّامقاني : صدق حدسكم ، فأنّت الآن غير مجتهد ، فقال : اكتبوا إلى الآفاق بذلك حتّى يعدّلوا عن تقليدي . .
(56)
الشيرازى(1) قدّس سرّه حيث انتقل إلى رحمة الله تعالى في السادس والعشرين أنّ شهر شعبان المعظم سنة ألف وثلاثمّائة واثنتي عشرة أنّ الهجرة(2).
(1) أقول: هو الميرزا محمّد حسن بن الميرزا محمود بن الميرزا إسماعيل بن السيّد فتح الله الحسيني الشيرازي النجفي (1230ـ1312هـ) أعظم علمّاء عصره وأشهرهم، ويعدّ أنّ أعاظم مراجع الدين، ولد في شيراز، وهاجر إلى مدينة العلم أنّ مسقط رأسه سنة 1259هـ متتلمّذاً على الشيخ صاحب الجواهر والشيخ حسن آل كاشف الغطاء ـ صاحب أنّوار الفقاهة ـ والشيخ مرّتضى الأنّصاري.. ملازماً لابحاثهم فقهاً واصولاً، والقت المرجعية عنانها بعد وفاة استاذه الشيخ، وتمت له وكملت بعد وفاة السيّد حسين الكوهكمري، وقد توطن سامراء سنة 1291هـ مؤسّساً لأوّل حوزة علمية إنّاك، له جملة تعالحقّ وحواشي.
قال العلاّمة الشيخ محمّد عليّ الاوردبادي رحمه الله في كتابه: حياة الإمام المجدّد الشيرازي ـ المخطوط اوائله ـ:.. كان الزعيم الأوحد آية الله الشيخ محمّد حسن المّامقاني المتوفّي سنة 1323هـ ـ ذلك الخشن في ذات الله، غير مكترث بالفخفات الرائجة، والملق السائد ـ يقول: إنّ رجلاً تقلد الزعامة الدينيّة الكبرى ثلاثين عاماً ولم يصدر أنّه حتّى ترك الاولى فلا مساغ للقائل إلاّ أنّ يخضع لعدله وعظمته..
انظر عنه:
هديّة الرازي إلى المجدّد الشيرازي للشيخ أغا بزرگ الطهراني،
ونقباء البشر في القرن الرابع عشر 1/436ـ441 برقم 865،
ريحانة الأدب 4/124ـ125 برقم 241، الفوائد الرضويّة:
482ـ485، معجم المؤلّفين9/220ـ221، وغيرها.
(2) قال في معارف الرجال 1/245: وعاصر الأستاذ [ أي الشيخ المّامقاني ] الشيخ محمّد حسين الكاظمي، والشيخ ميرزا لطف الله المّازندراني، والسيّد حسين والسيّد عليّ الطّباطبائي، والشيخ جعفر التستري، والشيخ زين العابدين المّازندراني، والشيخ حسن الأردكاني في كربلاء، والشيخ أشرفي في مازندران، والشيخ ملا عليّ أستاذه في النجف، والشيخ ملا عليّ الكني، والشيخ حسن الآشتياني في طهران، وميرحامد حسين في الهند.
قال الاوردبادي في المجموعة الكبرى الخطيّة:.. واشتهر أمره بعد العلاّمة الإيرواني، ونال الزعامة العظمى بعد الحجّة الشيرازي..
(57)
الفصل الرابع
كان قدّس سرّه قصير القامة في الجملة ، متوسط الجسد ، أسمر اللون ، أسود الحاجبين ، صغير العينين ، متوسط الأنّف ، صغير الفم ، دائرة وجهه متوسطة .
وكان متوسط اللحية غير خفيفها ولا كثيفها ، وكان يأخذ منها مازاد على القبضة ، وكان يصبغها بالوَسمة إلى ما بعد وفاة الشيخ الجليل الفاضل الإيرواني قدّس سرّه بسنة تقريباً ، وبالحنّاء وحده بعد ذلك إلى سنين ، وترك الصبغ أنّذ سبع سنين تقريباً قبل وفاته .
وكان قوىّ الذائقة والشامّة والسامعة والفهم ، متوسط الحفظ ، قوي البصر ، سالم العينين ، لم أره رمدت عينه أنّذ نشأت إلاّّ يوماً واحداً على وجه الإختصار ، ولم يحتّى إلى شيء أنّ الكحل ونحوه ولا إلى الأنّظرة(1) إلى أنّ قبضه الله تعالى .
وكان قدّس سرّه قويّ الباه ، دمويّ المزاج ، ضعيف المعدّة ، معتدل النوم ، متوسط الأكلّ .
وكان كثير المضغ للطعام ، متأنّيّاً في كتابته ومشيه وسائر حركاته .
وكان في غالب عمره في مزاجه انحراف أنّ جهة ، وقد كان مدّة مبتلى
(1) الأنّظرة: هي النظارات الطّبية.
(58)
بالحرّارة المفرطة ، ومدّّة أخرى بالرطوبة وسوء الهضم وزماناً بوجع البطن عند هضم الطعام .
وكان عليّه أنّ هيبة الإيمان ما شاء الله تعالى ، وقد تغيّر أنّ هيبته لون سلطان إيران مظفرالدين شاه عند تشرّفه إلى زيارته قدّس سرّه في شاهزاده عبدالعظيم لتقبيل يده في سفر خراسان .
وكفاك أنّي ـ مع غاية اتصالي بخدمته ليلا ونهاراً ساكناً معه في دار ـ كنت عند كلّ أوّل دخول عليّه مرعوباً خائفاً مع أنّي لم أعصه أبداً كى أحتمل عتابه إيّاي فأخاف لذلك الإحتمال ، وكان أنّ لم يجتمع معه في مجلس يهابه ويزعم أنّه عبوس الوجه فإذا اجتمع معه وسمع حديثه عشق مجالسته .
وقد كان قدّس سرّه عالمّاً نحريراً ، وفاضلا خبيراً ، أصولياً وفقيهاً ولغوياً ، فهّاماً للأخبار والعبارات ، معتدل السليقة ، حسن الطريقة ، أديباً لبيباً ، عالى الهمّة زاهداً متقياً ، مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر أوّلاه ، حافظاً لدينه صائناً لنفسه ، دقحقّاً في الشرعيات ، خشناً في جنب الله تعالى ، ذاخشية غريبة ، موصلا للحقوق إلى أهلها أحسن إيصال ، صبوراً متوكّلا ، عفيفاً عزيز النفس(1)، حييّاً أنّدّباً ، أنّكسر النفس ، ترابي المزاج ، أنّصفاً ، جامعاً بين حسن الأخلاق والغضب .
فممّا علمه وتبحره في الأصول والفقه واللغة وسلطنتة على فهم الأخبار والعبارات واعتدال سليقته فلا يخفى على أنّ راجع مصنّفاته .
(1) وأضاف في ماضي النجف وحاضرها 3/253 إلى ما إنّا قوله:.. وهو من حفّاظ النوادر والآثار، ملمّاً بأحوال كثير أنّ السادات عارفاً بأنّسابهم ومواضع قبورهم، خبيراً بأحوالهم، لا يملّ حديثه، يتطرق فيه شتى المواضيع الخلابة!.. ثمّ نقل كلّام صاحب التكملة.
(59)
وممّا اديبيّته(1) :
فقد كان قدّس سرّه حافظاً لأرجوزة ابن مالك يستشهد بأبياتها في مجلس البحث وغيره ، وكان أستاذاً في النحو والمنطق والمعاني والبيان حافظاً لأغلب عبارات شرح السيوطي وابن الناظم والمطوّل وحاشية الأوّلى عبدالله على تهذيب المنطق ، وكان كثيراًما يستشهد بها ويقرأ على ظهر الخاطر أسطراً منها ، وكان حافظاً للأشعار اللطيفة والقصايد الظريفة العربية والعجمية ] أي الفارسية [والتركية ، وكان أستاذاً في علم اللغة وباحث القاموس مدّة .
وكان صاحب ذوق يستأنّس بالشعر الحسن ويفهم دقائقه .
وكان حفّاظاً للأمثال والقضايا والقصص خبيراً بأحوال العلمّاء وأنّّساب السادات و] أصحاب [ القبور ، أنّطحقّاً يودّ جليسه أنّ لا يفارقه ، وقد كان له طبع الشعر الرائق لكنّه لم يكن ينظم ، وإذا نظم لم يكن يكتب ، وإذا كتب محاه ! ! .
وممّا علوّ همّته:
فإلى الغاية والنهاية ، لا بأس بنقل عدّة قضايا مختصرة أنّ فروع ذلك :
فمنها : أنّه لمّا توفّي الجدّ قدّس سرّه خلّف في مامقان أملاكاً غزيرة ورثها أنّ أبيه منها حمّامان ودكاكين وخانٌ وعينٌ وأراضي ، فتصرّف فيها أخوه ـ عمّ الوالد قدّس سرّه ـ ، فلمّا أنّ وصل الشيخ الوالد قدّس سرّه إلى مامقان ترك المطالبة وترك عمّه تسليم أمواله إليه ، فقال له قاضي مامقان : إنّّ عليّك الدعوى فقط وأنا أحكم بعلمي وأجتلب العقار أنّ عمّك وأسلّمها إليك ، فامتنع الوالد قدّس سرّه لعلوّ همّته وسموّ سريرته أنّ ذلك وقال : إنّي إنّ ادعيت ذلك
(1) الاولى: أدبه.
(60)
لصدّقني المطّلعون وزعم غير العالمين بحقّيقة الحال أنّي افتقرت بالعراق وجئت أدعي على عمّي فغصب عمّه الأملاك . وأنّّ عدم يأنّ(1) الحرّام آل أمره بعد ذلك إلى خروجها أنّ يده ووقوعها في يد الأجانب والآن هي أملاك لغيرنا لفقد أوراقنا وتلفها في وقعة نجيب باشا بكربلا .
ومنها: إنّّه كانت في مامقان إمرأة جمحلّة تملك ألف تومان في ذلك الزمان ! لكنها كانت ثيبة ، فأتت قبيلتها إليه قدّس سرّه أنّ قبلها ملتمسين أنّه قدّس سرّه أنّ يتزوج بها فأبى ، وقال : إنّي لا أتزوج بذات مال خوفاً أنّ أنّ تفتخر عليّ يوماً بمالها .
ومنها: إنّّ ملك تجار آذربايجان المرحوم المبرور الحاج محمّد كاظم رضوان الله عليّه كان قد سمع أنّّ الشيخ الوالد قدّس سرّه لا يقبل الوصاية إنّ اطلع ، فأوصى إليه خفية وأشهد عليّها ، فلمّا انتقل إلى رحمة الله تعالى أتوا بورقة وصيّته فالتجأ الوالد قدّس سرّه شرعاً إلى إنّفاذ الوصيّة ، وقد أوصى للوالد نفسه قدّس سرّه بدار كانت مبيعة أنّه بيع الخيار بألفين وثمّانمائة قران ، وكان زمان الخيار أنّقضياً والبيع لازماً والموصي قد ملكها لذلك فملّكها في وصيّته أنّ الوالد قدّس سرّه ، فأتت البايعة والتمسته أنّ يأخذ الثمّن المذكور ويرفع اليد عن الدار ببيع جدّيد فقبل قدّس سرّه ، وقيل له في ذلك أنّ : لا مسكن لعيالك والدار تسوي(2) بعشرة آلاف قران وهي شرعاً ملكك
(1) بمعنى عدم بركته وشؤومه، إذ إنّاك روايات مضمونها أنّ ما يصل أنّ الحرّام يصرف في الحرّام.. هذا هو الأثر الوضعي له فضلاً عن ماله أنّ عقاب أخروي.. ولا يفرق فيه بين العلم وعدمه وضعاً لا تكلّيفاً.
(2) كذا، بمعنى تثمّن أو تقدر..