عبدالله بن سنان ، عن اُم سعيد الأحمسية قالت :
دخلتُ المدينة فاكتريتُ البغل أو البغلة لأزور عليه قبور الشهداء ، قالت :
قلتُ : ما أحد أحقّ أن أبدأ به من جعفر بن محمّد عليه السلام ، قالت : فدخلت عليه
فأبطأت ، فصاح بي المكاري : حبستينا عافاكِ الله .
فقال لي أبوعبدلله : « كأنّ إنساناً يستعجلك يا اُم سعيد » .
قلتُ : نعم جعلتُ فداك ، إنّي اكتريت بغلاً لأزور عليه قبور الشهداء ، فقلت
ما آتي أحداً أحقّ من جعفر بن محمّد عليه السلام .
قالت : فقال : « يا اُم سعيد فما يمنعكِ من أن تأتي قبر سيّد الشهداء » .
قالت : فطمعتُ أن يدلّني على قبر علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقلتُ : بأبي أنت
و اُمي ومَن سيّد الشهداء ؟
قال : « الحسين بن فاطمة عليهما السلام ، يا اُم سعيد مَن أتاه ببصيرة واعية فيه كان له
حجّة وعمرة مبرورة ، وكان له من الفضل هكذا وهكذا » (1) .
وقال أيضاً : حدّثني أبي ، وعلي بن الحسين ومحمّد بن الحسن رحمهم الله ، عن سعيد بن عبدالله ،
عن الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق الغمشاني ،
عن اُم سعيد الأحمسية ، قالت :
دخلتُ المدينة فاكتريتُ حماراً على أن أطوف على قبور الشهداء ، فقلتُ :
لابد أن أبدأ بابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأدخل عليه ، فأبطأتُ على المكاري قليلاً
فهتف بي ، فقال لي أبوعبدالله عليه السلام : « ما هذا يا اُم سعيد » .
قلت له : جعلت فداك تكاريتُ حماراً لأدور على قبور الشهداء .
قال : « أفلا أخبرك بسيّد الشهداء ؟ » .
قلت : بلى .
____________
1 ـ كامل الزيارات : 110 باب 37 ما روي من أن الحسين عليه السلام سيّد الشهداء .
(190)
قال : « الحسين بن علي عليهما السلام » .
قلتُ : وانه سيّد الشهداء ؟
قال : « نعم » .
قلتُ : فما لمن زاره ؟
قال : « حجّة وعمرة ومن الخير هكذا وهكذا » (1) .
74
اُم سلمة
هي أم محمّد بن مهاجر .
راوية من راويات الحديث ، روت عن الإمام الصادق عليه السلام ، وروى عنها ابنها محمّد بن
مهاجر (2) .
روى الشيخ الصدوق في العلل ، قال : أخبرني علي بن ابراهيم بن حاتم ، قال : حدّثني علي
ابن محمّد ، قال : حدّثنا العباس ابن محمّد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن مهاجر ،
عن اُمّه اُم سلمة قالت :
خرجتُ إلى مكة فصحبتني امرأة من المرجئة ، فلمّا أتينا الربذة أحرم الناس وأحرمتْ
معهم ، فأخّرتُ احرامي إلى العقيق .
فقالت : يا معشر الشيعة تخالفون في كلّ شيء ، يُحرم الناس من الربذة وتُحرمون من
العقيق . وكذلك تُخالفون في الصلاة على الميّت ، يكبّر الناس أربعاً وتكبّرون خمساً ، وهي
تشهد على الله أنّ التكبير على الميّت أربع .
قالت : فدخلتُ على أبي عبدالله عليه السلام فقلتُ له : أصلحك الله ، صحبتني امرأة من المرجئة
فقالت كذا وكذا ، فأخبرته بمقالتها ، فقال أبوعبدالله عليه السلام :
____________
1 ـ كامل الزيارات : 110 باب 37 ما روي من أنّ الحسين عليه السلام سيّد الشهداء .
2 ـ جامع الرواة 2 : 456 ، رجال أبوعلي الحائري : 368 ، تنقيح المقال 3 : 72 ، أعيان الشيعة 3 : 479 ، رياحين الشريعة 3 : 396 ، معجم رجال الحديث 23 : 177 .
(191)
« كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلّى على الميّت كبّر فتشهّد ، ثم كبّر فصلّى على النبيّ
ودعا ، ثم كبّر واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ، ثم كبّر فدعا للميّت ، ثم يكبّر
وينصرف . فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين كبّر وتشهّد ، ثم كبّر فصلّى
على النبيّ ، ثم كبّر فدعا للمؤمنين والمؤمنات ، ثم كبّر الرابعة وانصرف ولم
يدع للميّت » (1) .
ورواه الكليني في الكافي باب الصلاة على الميّت (2) ، والشيخ في التهذيب (3) .
75
اُم سلمة الهاشميّة
اُم سلمة بنت الإمام أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام ، واُخت الإمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام ،
زوجها محمّد الأرقط بن عبدالله الباهر ابن الإمام زين العابدين عليه السلام ، ولدها اسماعيل بن محمّد
الأرقط .
راوية للحديث ، علّمها الإمام الصادق عليه السلام دعاءً حين مرض ولدها اسماعيل .
روى الكليني في الكافي عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن
عبدالله بن عثمان أبي اسماعيل السرّاج ، عن عبدالله بن وضاح وعلي بن أبي حمزة ، عن اسماعيل
بن الأرقط و اُمه اُم سلمة اُخت أبي عبدالله عليه السلام قال :
مرضتُ مرضاً شديداً حتى يأسوا منّي ، فدخل عليّ أبوعبدالله ، فرأى
جزع اُمي عليّ ، فقال لها : « تَوضَّأي وصلّي ركعتين وقولي في سجودك :
اللهم أنت وهبته لي ولم يك شيئاً فهبه لي هبة جديدة » ، فَفَعلتْ ، فأصبحتُ
وقد صَنعتْ هريسة فأكلتُ منها مع القوم (4) .
____________
1 ـ علل الشرائع : 303 .
2 ـ الكافي 3 : 181 حديث 3 .
3 ـ التهذيب 3 : 189 حديث 431 .
4 ـ الكافي 3 : 478 حديث 6 باب صلاة الحوائج .
(192)
ورواه الشيخ الطوسي رحمه الله بسنده عن اسماعيل بن الأرقط (1) .
وأخرجه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار بسنده عن مكارم الأخلاق (2) .
وإنما سمّي عبدالله بالباهر ، لجماله وللنور الذي كان يشعّ من وجهه ، وهو من الرواة الثقات
والفقهاء الفضلاء ، روى عدّة روايات عن آبائه عليهم السلام ، وتولّى صدقات أميرالمؤمنين عليه السلام ، وتوفي
عن عمر قارب 75 سنة .
وسمّي محمّد بالأرقط ؛ للجدري الذي كان في جسمه ، وهو أيضاً من الفقهاء ومحدّثي
المدينة (3) .
76
اُم سلمة الشيرازيّة
عالمة ، فاضلة ، مؤلّفة .
لها كتاب « الكلّيات في السّير والسلوك والعرفان » باللغة الفارسية ، طُبع في شيراز .
ذكرها الشيخ آغابزرك الطهراني في الذريعة (4) .
77
اُم سليط
صحابيّة جليلة ، عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا ابن عبدالبر في الاستيعاب .
وهي من فواضل نساء عصرها ، بايعت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وحضرت معه يوم اُحد .
قال عمر بن الخطاب : كانت اُم سليط تزفر لنا القرب يوم اُحد ، أي تحمل القرب المملوءة
ماء .
____________
1 ـ التهذيب 3 : 313 حديث 970 .
2 ـ مكارم الأخلاق : 395 ، بحارالأنوار 91 : 372 .
3 ـ انظر ترجمتها في : تكملة الرجال 1 : 190 ، أعيان الشيعة 3 : 479 و 404 ، ورياحين الشريعة 3 : 398 .
4 ـ الذريعة 5 : 69 رقم 270 .
(193)
تزوّجت بعد أبي سليط مالكَ بن سنان والد أبي سعيد الخدري ، فولدت له أباسعيد ، فهو
أخو سليط بن أبي سليط لأمّه (1) .
78
اُم سليم النجاريّة
صحابيّة جليلة ، عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2) .
وقال المامقاني في تنقيح المقال : والظاهر أنّها التي عدّها ابن عبدالبر وابن مندة وأبونعيم ،
وهي اُم سليم بنت ملحان بن خالد الأنصارية الخزرجيّة النجاريّة . واختلف اسمها فقيل :
سهلة ، وقيل : رملة ، وقيل : رميثة ، وقيل : مليكة ، والغميصاء ، والرميصاء .
تزوّجها مالك بن النضر بن مالك في الجاهلية ، فغضبَ عليها وخرج إلى الشام ومات
هناك ، فخطبها أبوطلحة الأنصاري وهو مشرك ، فقالت : أما إنّي فيك لراغبة وما مثلك يُرد ،
ولكنّك كافر وأنا امرأة مسلمة ، فإن تسلم فلكَ مهري ولا أسألك غيره ، فأسلم وتزوّجها
وحسن إسلامه . وقد قيل : إنّها كانت من عقلاء النساء ، وإني اعتبرها من الحسان (3) .
وذكر ابن حجر العسقلاني في الإصابة ستّ نساء صحابيات تكنّى كلّ منهنّ اُم سليم وهنّ :
اُم سليم بنت حكيم ، و اُم سليم بنت خالد ، و اُم سليم بنت سحيم الغفارية ، و اُم سليم بنت عمرو
ابن عبّاد ، و اُم سليم بنت قيس بن عمرو ، و اُم سليم بنت ملحان (4) .
وفي الإستيعاب واُسد الغابة ذكر اثنتين فقط وهما : اُم سليم بنت سحيم اسمها أمة أو اُميّة
بنت أبي الحكم الغفارية ، و اُم سليم بنت ملحان (5) .
____________
1 ـ انظر : رجال الشيخ الطوسي : 32 ، نقد الرجال : 412 ، مجمع الرجال 7 : 180 ، منهج المقال : 400 ، جامع الرواة 2 : 456 ، تنقيح المقال 3 : 73 ، أعيان الشيعة 3 : 479 ، معجم رجال الحديث 23 : 178 ، الإستيعاب ( المطبوع مع الإصابة ) 4 : 463 ، الاصابة 2 : 460 ، أعلام النساء 2 : 255 .
2 ـ رجال الشيخ الطوسي : 33 .
3 ـ تنقيح المقال 3 : 73 .
4 ـ الإصابة 4 : 460 .
5 ـ الإستيعاب ( المطبوع مع الإصابة ) 4 : 456 ، اُسد الغابة 5 : 591 .
(194)
وفيه أيضاً : اُم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن
عدي بن النجّار ، اختلف في اسمها فقيل : سهلة ، وقيل : رميلة ، وقيل : رميثة ، وقيل : مليكة ،
ويقال : الغميصاء أو الرميصاء .
كانت عند مالك بن النضر ـ أبي أنس بن مالك في الجاهلية ـ فولدت له أنس بن مالك ،
فلمّا جاء الإسلام أسلمت مع قومها وعرضت الإسلام على زوجها فغضب عليها وخرج إلى
الشام فهلك هناك . ثم خلف عليها بعده أبوطلحة الأنصاري ، خطبها مشركاً ، فلما علم أنّه لا
سبيل له إليها إلاّ بالإسلام ، أسلم وتزوّجها وحسن إسلامه ، فولدت له غلاماً مات صغيراً ، ثم
ولدت له عبدالله بن أبي طلحة ، فبورك فيه وهو والد اسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة الفقيه
واخوته وكانوا عشرة ، كلّهم حُمل عنهم العلم .
وروت اُم سليم عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عدّة أحاديث ، وكانت من عقلاء النساء ، روى عنها ابنها
أنس (1) .
وفي الإصابة : إنّ طلحة خطب اُم سليم ـ قبل أن يسلم ـ فقالت له : يا أباطلحة ألستَ
تعلم أن إلهك الذي تعبده نبت في الأرض ؟
قال : بلى .
قالت : أفلا تستحي تعبد الشجرة ، إن أسلمت فإنّي لا اُريد منك صداقاً غيره ، فأسلَمَ .
وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يزورها فتتحفه بالشيء ، وانّه قال : « إنّي أرحمها ، قتل أخوها وأبوها
معي » (2) .
79
اُم سليمان
راوية من راويات الحديث ، روت عن اُم أنس بن مالك ، وروت عنها حفصة بنت
____________
1 ـ الإستيعاب ( المطبوع مع الإصابة ) 4 : 455 .
2 ـ الإصابة 4 : 460 . وانظر : منهج المقال : 400 ، مجمع الرجال 7 : 181 ، نقد الرجال : 412 ، جامع الرواة 2 : 456 ، أعيان الشيعة 3 : 479 ، رياحين الشريعة 3 : 406 .
(195)
سيرين .
قال الشيخ الطوسي في التهذيب : وروى محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن يحيى
المعاذي ، عن محمّد بن عبدالحميد ، عن محمّد بن حفص ، عن حفص بن غياث ، عن ليث بن
عبدالملك ، عن أبي بشير ، عن حفصة بنت سيرين ، عن اُم سليمان ، عن اُم أنس بن مالك : أنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
« اذا توفّيت المرأة فأرادوا أن يغسّلوها فليبدأوا ببطنها فلتمسح مسحاً
رفيقاً إن لم تكن حبلى ، فإن كانت حبلى فلا تحرّكيها ، فإذا أردتِ غسلها
فابدأي بسفليها فألقي على عورتها ثوباً ، ثم خذي كرسفة فاغسليها فأحسني
غسلها ، ثم أدخلي يدك من تحت الثوب فامسحيها بكرسف ثلاث مرات ،
وأحسني مسحها قبل أن توضّئيها ، ثم وضئيها بماء فيه سدر » .
ورواه في الاستبصار أيضاً (1) .
80
اُم سنان الأسلميّة
إحدى الراويات للحديث ، روت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وروى عنها ابن عباس ، وروت عنها
ابنتها ثُبيتة بنت حنظلة الأسلميّة .
كانت من الصحابيات المحبّات لأهل البيت عليهم السلام ، ومن المجاهدات ، حيث تتصف بالشجاعة
والهمة العالية .
أتت رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أراد التوجّه إلى خيبر وقالت له :
يا رسول الله اُحبُّ أن أخرج معك ، أخرز السقاء ، واُداوي الجرحى ،
وأنصر المجاهدين ، واحفظ لهم أمتعتهم ، وأسقي عطشاهم .
فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لها : « تعالي معنا وكوني مع اُم سلمة » ، حيث كانت أكثر
____________
1 ـ التهذيب 1 : 302 حديث 880 باب تلقين المحتضرين ، الاستبصار 1 : 207 حديث 727 باب تقديم الوضوء على غسل الميت .
(196)
أوقاتها معه صلى الله عليه وآله وسلم (1) .
81
اُم سنان المذحجيّة
اُم سنان بنت خيثمة بن فرشة المذحجيّة .
شاعرة عربيّة ، معروفة بفصاحة اللسان ، والشجاعة والجرأة . من المواليات لأمير
المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه ، حضرت معه واقعة صفين ، وأنشدت شعراً
حماسياً ، تُحرّض به الرجال على قتال أعداء الله والصبر في المعركة .
روى ابن عبدربّه في العقد الفريد عن سعيد بن حُذافة قال : حَبس مروان بن الحكم ـ وهو
والي المدينة ـ غلاماً من بني ليث ، في جناية جناها ، فأتته جدّة الغلام اُم أبيه ، وهي اُم سنان
بنت خيثمة بن فرشة المذحجيّة ، فكلّمته في الغلام فأغلظَ لها مروان . فخرجت إلى معاوية ،
فدخلت عليه فانتسبت فعرفها ، فقال لها : مرحباً يا ابنه خيثمة ، ما أقدمكِ أرضنا وقد
عهدتك تشتمينا وتُحضين علينا عدونا ؟
قالت : إنّ لبني عبد مناف أخلاقاً طاهرة ، وأعلاماً ظاهرة ، وأحلاماً وافرة ، لا يجهلون بعد
علم ، ولا يسفهون بعد حلم ، ولا ينتقمون بعد عفو ، وإنّ أولى الناس باتباع ما سنَّ آباؤه
لأنتَ .
قال : صدقتِ! نحن كذلك ، فكيف قولك :
عَزبَ الرُّقادُ فـمقلتي لا تَرقُـدُ * والليلُ يـصدرُ بـالهمومِ ويُورِدُ
يا آلَ مِذْحجَ لا مقـامَ فشمِّرُوا * إنّ العَـدو لآلِ أحــمدَ يـقصدُ
هـذا علـيّ كـالهلالِ تحفُـهُ * وسط السَّماء مِن الكواكبِ أسـعدُ
خيرُ الخلائِقِ وابنُ عمِّ مُـحمّدٍ * إن يهدكمْ بـالنورِ منْـهُ تـهتدوا
ما زالَ مُذ شَهِدَ الحروبَ مظفَّراً * والنصـرُ فَـوقَ لوائِـهِ ما يفقدُ
____________
1 ـ انظر : اُسد الغابة 5 : 592 ، الإصابة 4 : 462 ، رياحين الشريعة 3 : 410 .
(197)
قالت : كان ذلك يا أميرالمؤمنين ، وأرجو أن تكون لنا خَلفاً بعده .
فقال رجل من جلسائه : كيف يا أميرالمؤمنين وهي القائلة :
امّا هَلَكتَ أبا الحسيـن فَلَـمْ تَـزلْ * بـالحقِ تُعـرفُ هـادياً مَهديـا
فـاذهب عَليكَ صلاة ربِّك ما دَعتْ * فـوقَ الغُصـونِ حَمـامةٌ قمريَّا
قد كُنتَ بعدَ محمّـدٍ خَـلَفاً كـما * أوصـى إليـكَ بِنـا فكُنتَ وفيَّـا
فاليـومْ لا خَلَفـاً يـؤمَّل بَعـدهُ * هَيهـات نـأمُـلُ بـعده إنـسيَّا
قالت : يا أميرالمؤمنين لسان نطقَ ، وقول صدقَ ، ولئن تحقّق فيك ما ظننا فحظك أوفر ،
والله ما ورَّثك الشَنان (1) في قلوب المسلمين إلاّ هؤلاء ، فادحض مقالتهم وأبعد منزلتهم ، فإنّك
إن فعلت ذلك تزد من الله قرباً ، ومن المؤمنين حُبّاً .
قال : وانّك لتقولين ذلك ؟
قالت : سبحان الله! والله ما مثلك مُدح بباطل ، ولا اعتذر إليه بكذب ، وأنّك لتعلم ذلك من
رأينا وضمير قلوبنا ، كان والله عليٌّ أحب إلينا منك ، وأنتَ أحبُ إلينا من غيرك .
قال : ممّن ؟
قالت : من مروان بن الحكم ، وسعيد بن العاص .
قال : وبمَ أستحقّ ذلك عندك ؟
قالت : بسعة حِلمكَ وكريم عفوك .
قال : فإنّهما يطمعان في ذلك .
قالت : هما والله من الرأي على ما كنتَ لعثمان بن عفان رحمه الله .
قال : والله لقد قاربتِ ، فما حاجتك ؟
قالت : يا أميرالمؤمنين إنّ مروان تَبَنَّكَ (2) بالمدينة مَن لا يُريد البراح ، لا يحكم بعدل ، ولا
يقضي بسنّة ، يتتبّع عثرات المسلمين ، ويكشف عورات المؤمنين ، حبس ابن ابني فأتيته فقال
____________
1 ـ الشَنان : البغض . الصحاح 5 : 2146 ( شنن ) .
2 ـ تَبَنَّكَ : أقام . الصحاح 4 : 1576 ( نبك ) .
(198)
كيت وكيت ، فألقمته أخشن من الحجر ، وألعقته أمرّ من الصاب (1) . ثم رجعت إلى نفسي
باللائمة وقلت : لمَ لا أصرف ذلك إلى مَن هو أولى بالعفو منه ، فأتيتك يا أميرالمؤمنين لتكون في
أمري ناظراً وعليه مهدياً .
قال : صدقتِ ، لا أسألك عن ذنبه والقيام بحجّته ، اُكتبوا لها باطلاقه .
قالت : يا أميرالمؤمنين ، وأنى لي بالرجعة وقد نفد زادي وكلّت راحلتي ؟ فأمر لها براحلة
وخمسة آلاف درهم (2) .
وروى ذلك أيضاً ابن طيفور في بلاغات النساء عن العباس بن بكار ، قال : حدّثني عبدالله
ابن سليمان المديني ، عن أبيه ، عن سعد . . . . . . (3) .
ونقله عنهما السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة ، وذكره الحكيمي في أعيان النساء (4) .
82
اُم شريك
صحابية جليلة ، راوية للحديث ، عدّها الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم (5) .
وقال السيّد الأمين في أعيان الشيعة : والنساء اللاتي تكنّى باُم شريك من الصحابيات أكثر
من واحدة :
1 ـ اُم شريك بنت أنس بن رافع بن امرىء القيس بن زيد الأنصاري ، من بني
عبدالأشهل ، بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
2 ـ و اُم شريك بنت جابر بن حكيم :
____________
1 ـ قال الجوهري : الصاب : عصارة شجر مُر . الصحاح 1 : 66 ( صوب ) . وقال الفيروزآباد : الصاب : شجر مُر ، ووهم الجوهري في قوله : عصارة شجر . القاموس المحيط 1 : 94 ( صوب ) .
2 ـ العقد الفريد 1 : 349 .
3 ـ بلاغات النساء : 63 .
4 ـ أعيان الشيعة 3 : 479 ، أعيان النساء : 238 .
5 ـ رجال الشيخ الطوسي : 33 .
(199)
ففي الطبقات الكبير لابن سعد : اسمها غزيّة بنت جابر بن حكيم ، وكان محمّد بن عمر
الواقدي يقول : هي من بني معيص بن عامر بن لؤي ، وكان غيره يقول : هي دوسيّة من الأزد .
ثم روى عن الواقدي بسنده : كانت اُم شريك امرأة من بني عامر بن لؤي معيصية ، وأنها
وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يقبلها ، فلم تتزوّج حتى ماتت .
ثم روى بسنده : أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تزوّج اُم شريك الدوسيّة .
وبسنده أيضاً : أنّ المرأة التي وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هي اُم شريك امرأة من الأزد .
وبسنده أيضاً : أنّ المرأة المقصودة من قوله تعالى : ( وامرأة مؤمنة ) (1) هي اُم شريك
الدوسيّة .
وبسنده في حديث طويل حاصله : أنّه أسلم أبوالعكر زوج اُم شريك غزيّة بنت جابر
الدوسيّة من الأزد ، فهاجر مع دوس حين هاجروا ، فجاء أهله إلى اُم شريك فقالوا : لعلّكِ على
دينه ؟
قالت : أي والله ، فعذّبوها ، يطعمونها الخبز بالعسل ولا يسقونها ، ووضعوها في الشمس
وهم قائظون ثلاثة أيام .
قالت : حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري ، وقالوا لها في اليوم الثالث : اُتركي ما أنت عليه ،
فأشارت بإصبعها إلى السماء بالتوحيد ، وقد بلغ بها الجهد إذ وجدت برد دلو على صدرها
فشربت ، ثم رفع ، ثم دلي فشربت ، هكذا ثلاث مرات ، واُهرقت عليها منه . فنظروا إليها
فقالوا : من أين لك هذا يا عدوة الله ؟
قالت : إنّ عدوة الله غيري ، هذا من عند الله ، فأسرعوا إلى قربهم وأداواهم فوجدوها
موكأة ، فأسلموا .
قال : وهي التي وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهي من الأزد ، وكانت جميلة فقبلها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالت عائشة : ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير ، قالت اُم شريك : أنا
____________
1 ـ الأحزاب : 50 .
(200)
تلك ، فسمّاها الله مؤمنة إن وهبت نفسها للنبيّ ، فلمّا نزلت هذه الآية قالت عائشة : إنّ الله
ليسرع لكِ في هواك .
قال محمّد بن عمر الواقدي : رأيتُ من عندنا يقولون : إنّ هذه الآية نزلت في اُم شريك ،
وأنّ الثبت عندنا أنّها امرأة من دوس من الأزد ، إلاّ في رواية أنّها من بني عامر بن لؤي
معيصية .
وقال : روت اُم شريك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث منها بالإسناد عن سعيد بن المسيب
عنها : أمرَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الوزغان .
وفي الإستيعاب : اُم شريك القرشيّة العامريّة ، اسمها غزية ، وقيل غزيلة بنت دودان بن
عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة بن حجر ، ويقال : حجر بن عيد بن معيص بن عامر بن
لؤي ، وقيل في نسبها : اُم شريك بنت عوف بن جابر بن ضباب بن حجر بن عيد بن معيص بن
عامر بن لؤي . يقال : إنّها التي وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، واختلف في ذلك وقيل في جماعة سواها ذلك .
روى عنها سعيد بن المسيب ، وجابر بن عبدالله .
ويقال : إنّها المذكورة في حديث فاطمة بنت قيس بقوله عليه السلام : « اعتدي في بيت اُم شريك » .
وقد ذكرها بعض في أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يصح من ذلك شيء لكثرة الإضطراب فيه . ومَن زعم أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : كان ذلك بمكة ، وكانت عند أبي العكر بن سميّ بن الحارث الأزدي ،
فولدت له شريكاً .
وقيل : كانت تحت الطفيل بن الحارث فولدت له شريكاً ، والأوّل أصح .
وقيل : إنّ اُم شريك الأنصارية تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يدخل بها ؛ لأنّه كره غيرة نساء الأنصار .
وفي الإصابة : غُزيلة بالتصغير ، وغزية بتشديد الياء ، وقيل : بفتح أوله ، قال أبوعمر : مَن
زعم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكحها قال : كان ذلك بمكة .
(201)
وهو عجيب فإنّ قصة الواهبة نفسها إنّما كانت بالمدينة .
وفي اُسد الغابة : اُم شريك الدوسيّة من المهاجرات ، ذكرها ابن مندة ، وقال أبونعيم : هي
عندي عامريّة .
وفي الإصابة : فعلى هذا تكون نسبتها إلى بني عامر من طريق المجاز ، مع أنّه يحتمل العكس
بأن تكون قرشيّة عامريّة فتزوّجت في دوس .
ثم قال : والذي يظهر أنّ اُم شريك واحدة اختلف في نسبتها أنصاريّة أو عامريّة من قريش
أو أسديّة من دوس ، واجتماع هذه الأنساب الثلاث ممكن ، كأن يقول : قرشيّة تزوّجت في
دوس فنسبت إليهم ، ثم تزوّجت في الأنصار فنسبت إليهم ، أو لم تتزوّج بل هي نسبة أنصارية
بالمعنى الأعم .
3 ـ و اُم شريك بنت جابر الغفارية :
في الاستيعاب : ذكرها أحمد بن صالح البصري في أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم .
وفي اُسد الغابة : قال ابن حبيب : بايعت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم .
4 ـ و اُم شريك بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبدود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج ابن
ساعدة .
في الطبقات الكبرى لابن سعد : تزوّجها أنس بن رافع بن امرىء القيس بن زيد بن
عبدالأشهل فولدت له الحارث بن أنس ، وأسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وفي اُسد الغابة : بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قاله ابن حبيب (1) .
83
اُم عطيّة الأوسيّة
صحابية جليلة ، عدّ الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله اُم عطيّة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
____________
1 ـ أعيان الشيعة 3 : 480 . وانظر : نقد الرجال : 412 ، مجمع الرجال 7 : 181 ، جامع الرواة 2 : 456 ، معجم رجال الحديث 23 : 179 ، رياحين الشريعة 3 : 41
(202)
ولم يذكر اسمها ولا مائزاً لها (1) .
وفي تنقيح المقال : وقد ذكر في اُسد الغابة عدّة نساء مكنّيات بذلك عدّهن من الصحابيات :
اُم عطيّة الأنصارية الخافضة وستأتي ترجمتها .
و اُم عطيّة الأنصارية ، اسمها نسيبة بنت الحارث أو كعب ، المعدودة من أهل البصرة ،
وكانت من كبار نساء الصحابة ، تغسّل الموتى ، وتغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسنذكر ترجمتها
مفصلاً .
و اُم عطيّة الأوسية ، وقيل : اُم عصمة ، والأوّل أكثر .
والكلّ مجهولات الحال عندي ، إلاّ غسّالة الأموات ، فإنّ تمكين المسلمين إيّاها من تغسيل
موتاهم يكشف عن وثاقتها ، ولا أقل حسن حالها (2) .
84
اُم عطيّة الأنصاريّة
صحابية جليلة ، عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3) .
وفي الطبقات الكبرى لابن سعد : اُم عطيّة الأنصارية أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
وغزت معه ، وروت عنه .
قال محمّد بن عمر : شهدت اُم عطيّة خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ثم روى بسنده عن حفصة
بنت سيرين ، عن اُم عطيّة قالت : غزوتُ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع غزوات ، فكنتُ أصنع لهم
طعامهم ، وأخلفهم في رحالهم ، وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى .
وبسنده عن حفصة ، عن اُم عطيّة : لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لنا النبي :
« اغسلنها وتراً ثلاثاً أو خمساً ، واجعلن في الخامسة ( وفي رواية : في الآخرة )
____________
1 ـ رجال الشيخ : 33 .
2 ـ تنقيح المقال 3 : 73 ، اُسد الغابة 5 : 603 .
3 ـ رجال الشيخ الطوسي : 33 . وانظر : مجمع الرجال 7 : 182 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 412 ، جامع الرواة 2 : 456 ، أعيان الشيعة 3 : 482 ، رياحين الشريعة 3 : 413 .
(203)
كافوراً أو شيئاً من كافور ، وإذا غسلتنها فأعلمنني » ، فلما غسّلناها أعلمناه
فأعطانا حقوه وقال : « أشعرنها إياه » .
قال إسحاق الأزرق : حقوه : إزاره .
وبسنده عن شراحيل مولاة اُم عطيّة قالت : كان علي بن أبي طالب يُقيل عند اُم عطيّة (1)
وفي الإستيعاب : اُم عطيّة الأنصاريّة اسمها نسيبة بنت الحارث ، وقيل : نسيبة بنت كعب ،
والثاني قاله يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ، وفيه نظر ؛ لأنّ نسيبة بنت كعب كنيتها اُم عمارة .
تعدّ اُم عطيّة من أهل البصرة ، وكانت من كبار نساء الصحابة ، تغزو كثيراً مع رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ، شهدت غسل بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحكت ذلك ، وحديثها أصل في غسل الميّت ، وكان
جماعة من الصحابة والتابعين في البصرة يأخذون عنها غسل الميّت .
روى عنها أنس بن مالك ، ومحمّد بن سيرين ، وحفصة بنت سيرين (2) .
وفي تنقيح المقال قال المامقاني : فإنّ تمكين المسلمين إيّاها من تغسيل موتاهم يكشف عن
وثاقتها ، ولا أقل حسن حالها (3) .
85
اُم عطيّة الخافضة
عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من الصحابيات (4) .
وقال المامقاني في تنقيح المقال : عدّها الشيخ في رجاله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم
يذكر اسمها ولا ما يميّزها (5) .
____________
1 ـ الطبقات الكبرى 8 : 455 .
2 ـ الاستيعاب ( المطبوع مع الإصابة ) 4 : 471 .
3 ـ تنقيح المقال 3 : 73 .
4 ـ رجال الشيخ الطوسي : 33 .
5 ـ تنقيح المقال 3 : 73 . وانظر اُسد الغابة 5 : 603 ، رياحين الشريعة 3 : 414 .