فقالت اُم مسلم ترثيه :
لا هُـمّ إنّ مُسْلِماً أتـاهُـمُ * مُسْتَسْلِماً للموتِ إذ دَعاهُمُ
إلـى كتابِ الله لا يَخْشاهُمُ * فـرمَّلوه مـن دَم إذ جاهُمُ
و اُمُّـهم قـائمـة تـراهُمُ * يأتمرونَ الغيَّ لا تنهاهُمُ (1)
وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : إنّ التي رثته هي اُم ذريح العبدية ـ وقد مرّ
ذكرها سابقاً ـ قائلة :
يا رب إنّ مُسْلِمـاً أتاهُـمُ * بِـمُصْحَفٍ أرْسَلَهُ مولاهُمُ
للعدلِ والإيمانِ قد دَعاهُمُ * يَتلو كـتابَ الله لا يخشاهُمُ
فَخَضبوا من دمهِ ظباهُـمُ * و اُمـهم واقفـةٌ تـراهُمُ
تأمرهم بالغَيّ لا تنهاهم (2)
ويمكن أن يكون كل من اُمّه و اُم ذريح قد رثته ، والله العالم (3) .
109
اُم معبد الخزاعيّة
هي عاتكة بنت خالد بن خُليف بن ربيعة بن أصرم الخزاعيّة .
زوجها ابن عمّها تميم بن عبدالعزى بن منقذ بن ربيعة بن أصرم .
كانت فصيحة اللسان ، مليحة البيان ، قويّة الجنان ، مُرحّبة بالضيف ، تهب ما كان عندها
من الطعام للضيوف . كان منزلها بـ « قُدَيْد » ـ بين مكة والمدينة ـ ، وهي التي نزل عندها
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما هاجر إلى المدينة المنوّرة .
روى ابن سعد في الطبقات عن محمّد بن عمر : حدّثني ابراهيم بن نافع ، عن ابن أبي نجيع ،
عن عبدالله مولى أسماء بنت أبي بكر ، قال : وحدّثني حزام بن هاشم ، عن أبيه وغيره ، قالوا :
____________
1 ـ تأريخ الطبري 4 : 529 .
2 ـ شرح نهج البلاغة 9 : 112 .
3 ـ أعيان الشيعة 3 : 477 .
(252)
ما شعرت قريش أين وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين خرج من الغار في آخر ليلة الاثنين في السحر
ـ وقال يوم الثلاثاء ـ بقُدَيْد ، فسمعوا صوتاً من أسفل مكة يتبعه العبيد والصبيان والنساء
حتى انتهى إلى أعلى مكة ولا يرى شخصه :
جزى الله ربّ الناسِ خيرَ جزائهِ * رَفيقين قـالا خيمـةَ اُم مَـعبدِ
هُما نزلا بـالبرِ واعتديـا بـه * فَقـد فاز مَن أمسى رفيقَ محمّدِ
لِـيهن بَني كَعب مقام فتاتهـم * وَمقعدهـا للمسلمين بمـرْصَـدِ
وقال : أخبرنا محمّد بن عمر ، عن حزام بن هاشم ، عن أبيه ، عن اُم معبد ، قالت : طلع
علينا أربعة على راحلتين فنزلوا بي ، فجئتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشاة اُريد ذبحها ، فإذا هي ذات در ،
فأدنيتها منه فلمس ضرعها فقال : « لا تذبحيها » فأرسلتها .
قالت : وجئت باُخرى فذبحتها ، فطبخت لهم فأكل هو وأصحابه .
قلتُ : ومن معه ؟
قالت : ابن أبي قحافة ، ومولى ابن أبي قحافة ، وابن اُريقط وهو على شركه .
قالت : فتغدّى رسول الله منها وأصحابه وسفرتهم منها ما وَسِعَتْ سفرتهم ، وبقي عندنا
لحماً كثيراً . وبقيت الشاة التي لمس رسول الله ضرعها عندنا حتى كان زمان الرمادة زمان
عمر بن الخطاب ، وهي سنة ثماني عشرة من الهجرة .
قالت : وكنّا نحلبها صبوحاً وغسوقاً (1) ، وما في الأرض قليل ولا كثير .
وكانت اُم معبد يومئذٍ مسلمة ، قاله محمّد بن عمر ، وقال غيره : بل قدمت بعد ذلك
وأسلمت وبايعت (2) .
وروى ابن حجر في الاصابة : أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين خرج من مكة مهاجراً إلى المدينة هو
وأبو بكر ومولى أبي بكر وهو عامر بن فهيرة ودليلهما عبدالله بن اُريقط ، مرّوا على خيمة اُم
معبد الخزاعية ، وكانت امرأة برزة جلدة تسقي وتطعم بفناء الكعبة ، فسألوها لحماً وتمراً
____________
1 ـ الغسوق : ظلمة أوّل الليل . القاموس المحيط 3 : 281 « غسق » .
2 ـ الطبقات الكبرى 8 : 288 . وانظر : اُسد الغابة : 5 : 620 ، الإستيعاب ( المطبوع مع الإصابة ) 4 : 495 .
(253)
ليشتروه فلم يصيبوا عندها شيئاً ، وكان القوم مرملين وفي كسر الخيمة شاة ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يا اُم معبد هل بها من لبن ؟ » .
قالت : هي أجهد من ذلك .
فقال : « أتأذنين لي أن أحلبها ؟ » .
قالت : نعم إن رأيت بها حلباً ، فمسح بيده على ضرعها وسمّى الله ودعا لها في شاتها ،
فدرّت واجترت ، فدعا بإناء فحلب فيه حتى علاه البهاء ، ثم سقاها حتى رويت ، ثم سقى
أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم ، ثم حلب فيه ثانياً ، ثم غادره عندها وبايعها وارتحلوا
عنها (1) .
ومن بلاغتها أنّه حينما قدم زوجها ورأى عندها لبن كثير سألها فأخبرته بما جرى ، فقال
لها صفي لي هذا الرجل ؟
فقالت : رأيتُ رجلاً ظاهره الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثلجة ، ولم تزر به
صعلة ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره عطف ، وفي عنقه سطح ، وفي صوته صحل ،
وفي لحيته كثاثة ، أزج أقرن ، إن صمتَ فعليه الوقار ، وإن تكلّم سما وعلاه البهاء ، أجمل الناس
وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأجمله من قريب ، حلو المنطق ، فصلاً لا نزر ولا هذر ، كأنّ منطقه
خرزات منظم يتحدرن ، ربعة لا بائن من طول ولا تقتحمه عين من قصر ، غضّ بين غضين ،
فهو أنظر الثلاثة منظراً ، وأحسنهم قدراً ، له رفقاء يحفّون به ، إن قال أنصتوا لقوله ، وإن أمر
تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابس ولا مفند (2) .
110
اُم المقدام الثقفيّة
رواية من راويات الحديث ، روت عن جويرية بن مسهر ، وروى عنها عبدالواحد بن
المختار الأنصاري ، كما ذكره الشيخ الصدوق في المشيخة في طريقه إلى جويرية بن مسهر في
____________
1 ـ الإصابة 4 : 497 .
2 ـ رياحين الشريعة 3 : 441 .
(254)
خبر ردّ الشمس بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (1) .
111
اُم موسى
سريّة الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه .
راوية للحديث ، روت عنه عليه السّلام ، وعن اُم سلمة .
وروى عنها مغيرة بن مقسم الضبي المتوفي سنة 136 أو غيرها .
وقال العجلي : كوفيّة تابعية .
قيل : اسمها فاختة ، وقيل : حبيبة .
وفي تهذيب التهذيب قال : أخرج حديثها البخاري والنسائي وابن ماجة القزويني في
سننهما ، وقال الدارقطني : حديثها مستقيم (2) .
112
اُم نزار الملائكة
اسمها « سليمة » ، لُقّبت بـ « درّة العرب » و « وردة اليازجي » ، إلاّ أنّ كنيتها طغت على
اسمها وألقابها . وقد سمّتها بنت الشاطىء في كتابها « الشاعرة العربيّة المعاصرة »
بـ « سلمى » (3) .
ولدت في بغداد سنة 1908 م ، وتوفيّت في لندن سنة 1952م إثر عمليّة جراحية اُجريت
لها ، ودفنت في العراق .
وهي شاعرة عراقيّة معروفة ، تُعدُّ في طليعة الشاعرات العربيات . عالجت في شعرها
____________
1 ـ انظر : من لا يحضره الفقيه 4 : 28 ، تكملة الرجال 2 : 719 ، تنقيح المقال 3 : 74 ، أعيان الشيعة 3 : 488 ، رياحين الشريعة 3 : 446 .
2 ـ انظر ترجمتها في أعيان الشيعة 3 : 488 ، الطبقات الكبرى لابن سعد 8 : 485 ، تهذيب التهذيب 12 : 507 ، لسان الميزان 7 : 534 ، أعلام النساء 5 : 122 .
3 ـ الشاعرة العربيّة المعاصرة : 37 .
(255)
قضايا سياسيّة واجتماعية وقوميّة عديدة ، وحملت لواء الثورة على العادات البالية التي كانت
سائدة آنذاك ، ووصل صوتها إلى جميع أنحاء العالم العربي . ونشرت لها الصحف والمجلاّت
قصائد رائعة تعبّر عن مستواها الثقافي العالي ، وطبع ديوانها الأوّل باسم « حديقة الورود » في
بيروت سنة 1867م .
وهي مع ذلك كلّه كانت محافظة على حجابها الإسلامي ، لم تختلط مع الرجال ، ممّا أثار
تعجّب الكثير من الادباء آنذاك .
قالت الأديبة بنت الشاطىء : ومن العجب أن تكون أم نزار شاعرة جيلها الثائرة على
الأغلال ، وهي التي لم تنطلق من قفص الحريم كما انطلقت جميلة العلايلي . . . صوت اُم نزار
ينطلق من وراء الحجاب يُعلن عن الوجود الثوري للشاعرة العربيّه الحديثة (1) .
وقالت أيضاً : وفي تراث اُم نزار قصيدة عنوانها « المذياع الصامت » تعبّر عن موقفٍ
مثيرٍ ، هو صمت المذياع لخلل فيه ، وكانت الشاعرة المحجّبة تتصل فيه بالعالم المسحور ،
قالت :
أيّها الصامت المعذّب روحـي * بعدما كنتَ مؤنسي وسميـري
هاج لي صمتك الحزين شجوناً * مبهمـات فغـاب عنّي سروري
أتأسى بـالقرب منكَ لعلّ القر * ب شافٍ مـن لوعتي وسعيري
وأمني النفس التي فاتها الصبر * بـلحن مـن صوتك المسحور
أثقل البحث ساعدي وأضنـى * الجهد قـلبي وكـدّني تفكيري
عـلّني أستطيـع عرفان سـرٍّ * غـاب عنّي فتهتُ فـي ديجور
وسجا الليل واعتكر
وتـغيّب بـالسهـر
أجهـد القلب بالفكر
____________
1 ـ الشاعرة العربيّة المعاصرة : 42 .
(256)
كيف أسلو وللسكون شبوح * مـرعبات وللدجـى أوهـام
وحـوالـيّ عـالم يـتنزّى * فـي أضـاليله فـلا يلتـام
تتهاوى فيه النفوس فتنهـا * ر الأمـاني وللمنايـا ازدحام
وحيالي من اشتباك المآسي * غُمـم جَـدَّ جـدُّها وضرام
وفؤادي أبلته أحلامـه الرو * ع فـأودت بـسعـده الآلام
وسميري الغرّيد ماذا دهـاه * فـتعايى فـمات فيـه الكلام
كيف بي لو طالَ غرّيـدي * الصمت وأوفى عليه داء عقام
وهو نايي ومزهري
ونـديمي ومخبري
بـأمانيّ مـعشري
صاحبٌ ثابتُ الـولاء وفـيّ * دون اخلاصه وفاء الصحـاب
ليس ينفك مغدقاً حولي البشر * مُشَتّتـاً سـآمتي واكتئـابـي
كم صحارى قطعتها بجناحيه * وكم جزت عرض طاغي العباب
والأهـازيج بـالسحر الأهـا * زيـج وإرنان جَرْسها الـخلاّب
مـنهل سائغ المذاق فُـراتٌ * كـم روى غلّتي فـراق شرابي
جفّ سلساله الشهي في القلـ * ب مـن لوعـة الظما والعذاب
فأنـا بيـن وحدتـي
وسكونـي ولهفتـي
رهن شجوٍ وحيرةٍ (1)
ومن شعرها ما خاطبت به قلبها الطموح :
فإلامَ يا قلبي الطموح نهيمُ في * وديـان أفـكار تـذيق العلقما
____________
1 ـ الشاعرة العربيّة المعاصرة : 43 ـ 44 .
(257)
لا أنتَ تترك مـا تروم ولا أنـا * أرضى بـأن أصغي اليكَ فأسلما
جاوزتَ يا قلبي الحدودَ ألم يحن * لكَ أن تكفّ عن الطموح وتسأما
وقالت مخاطبة النساء :
رضيتـنَّ علـى الأسـرِ * فـهنتُنّ مــدى العمـرِ
وأمـعنتنّ فـي الصبـرِ * علـى غـائلة الـدهـرِ
متـى تــعملنَ لـلإفلا * ت مـن أسرِ الشقا العاتي
متـى تفخرنَ بـالماضي * متـى تـبسمنَ لـلآتـي
أَلِفْنا الضعـف وارتحنـا * لبلــوانــا رضيّــات
فلـم نهـوَ مـن الدُنيـا * سـوى ثــوب ومـرآة
وقالت أثناء توجّه الجيوش العربيّة إلى فلسطين سنة 1948 م :
شدّدي الـعنفَ علـى الباغيـن إذلالاً وقهـرا
شدّدي الضيقَ على الطاغين زيدي القيدَ عسرا
لا تلينـي لأفاعـي أمـعنت لـدغـاً وغـدرا
لا تـرقّـي للمضلّيـن وإن جـاؤك أســرى
دمّـريهـم حطّمـي طغيانهـم حتـى يخـرا
أرهـقيهم أبـدلي أحـلامَهـم يـأساً وخسرا
جـرّعيهـم أكؤسـاً مـن بغيهم تـطفح مرّا
إمنحيهـم مـن فـلسطين عنــاءً مُستمـرا
* * *
اُمّـة البـأسِ أعيـدي ربـواتَ البأس حُمـرا
أطبقـي الكفيـن هـدي الـرجس تقتيلاً ودحرا
لا تـرّقـي لصهايين عنـوا فـي القـدس شرّا
أبعـدي الرأفـة عـن أفئـدة تـطفح طُهـرا
(258)
لـيس للـرأفة بـعد الآن أنْ تـعقب خيـراً
قـتلّيهـم فـالأذلاء يـرونَ الليـنَ خـسرا
أظهـري الحقّ علـى البـاطل تبياناً وزجرا
ليس مـا تأتين إلاّ النبـل والعـدل الأغـرا
اُذكري الأهوال تنهال علـى الساحات سكرى
اُذكري الأطفال تتسـاقـط ارهابـاً وذُعـرا
اسـألي القـدسَ يُـنبئكِ بمـا كـان ومـرّا
اسأليه مسجـداً مستـرهقاً يـشكو وديـرا
اسـألي العتمـة والليـل الـدجى المكفهرا
اسألي الأشـلاء فـالأشلاء بـالقصةِ أدرى
كـيف مـرّ الدهر بالقدس وكيف ارتد نُكرا
كيف رَفّت ومضـات النور بالساحةِ حيـرى
* * *
عاصفٌ سـوف يعـمّ السـوح تصخاباً وذُعرا
عاصفٌ سوف يحيل الكون ـ أما اهتيج ـ قفرا
أي فـلسطين ألا فـلينبشوا نـابـاً وظفـرا
ولـيمدّوا شـركَ الطغيـان طيّـاً ثـم نـشرا
وليمنـوا طـغمة الشـذاذ فـي القدس مقـرا
لـيس مـن شأن دمـاء العُرب أن تذهب هدرا
* * *
لـن تكونـي كـعبةَ الاسـراءِ للعادين وكـرا
لـن تـصيري للمغيـرين على الأمجـادِ جسرا
(259)
أنتِ سجّلتِ علـى غـرةِ بـأسِ العـرب سفـرا
أنـت وطّـدت علـى الأمجـادِ حصنـاً مشمخرا
أنتِ أنـتِ النصـر والعـزة أنـتِ النيـل طُـرا
فليصمـوا مسمـعَ الـدنيـا تفاهـات وهجـرا
* * *
مَـنْ أبـاحَ الغابَ للأغـراب كـي يهديه حكرا ؟
مَـنْ دعـا الغربي أن يلعب في الصحراء دورا ؟
أيهـا الغـرب دع الغـدر فقـد حملـت أمـرا
خُذ طـريق الحقّ واجنح للهدى واستدنِ غفـرا
كيـف خنتَ القدس فـاستهدفته صدراً ونحرا ؟
كيفَ أغريت علـى سكـب الـدم الطاهر غدرا ؟
هـذه الدارُ لهـا أهـلٌ أرادوا الـعيش نضـرا
هذه السوحُ فـراديـس سَمـت عِـزاً وطُهـرا
هـذه الجنّـات كـانت للهـدى مغدى ومسرى
كيف تنصـاع إلـى صهيون أو توليه أمرا ؟ !
* * *
عـالم الظلـم استفق فـالشرق يـستوقد وترا
طال ليل العبث واجتُثت فـروعُ الصبـر قسـرا
لـم نَعـد نقوى علـى الطغيـان تضليلاً وسترا
سوف تزجيها لظىً حمراء تـصلي الغرب سعرا
كان مـا قد فـات مـن حلم سما بالعرب فخرا
* * *
(260)
إنّـه الظلـم يحيـل القلب مهمـا لان صخرا
إنّهـا الغمـرة تجتـاح النهـى ترديه سكرا
* * *
اي فـلسطين وإن عـانيتَ ارهـاقاً وجورا
إنّهـا خـاتمــة الآلام أشجـاهـا ممـرّا
لملمي الأشلاء ولتضفي عـلى الغمـة سترا
ولتجيلي الطرفَ في البيد تري في البيد أمرا
هاهـي الساحات أفواج توالي اثـر اُخـرى
هـاهي الأبطال قد ضجّت إلى الهيجاء حَرى
فلتعديهـا فـلسطين ليـوم إلنصـرِ ذُخـرا
* * *
ساحة الإسراء لـن تلفِي بـكِ الفتنة بحـرا
لا تسائـي لـن يكـون الهدى للشرك مقرّا
أحمدٌ مُنقذكِ الاسمى سيـولي العرب نصرا
فيكِ من أنوار عيسى مـا يـحيل الليل فجرا
وعلـى آفاقِكِ الـزهر سَنـا النصر استقرا
فاملأي الأكواب أضعافاً وردّي السهم عشرا
وامنحـي هـذي الصهايين بقعرِ البحرِ قبرا
أورديهـا مـوردَ الهلكـةِ أو تـرتد حسرى
ادفنيها فـي هـوى الـذلِ وساءت مُستقرا
اقذفيها في جحيم تحشر الغاوين حشرا (1)
____________
1 ـ مستدركات أعيان الشيعة 3 : 43 ـ 44 .
(261)
113
اُم هاني
رواية من روايات الحديث ، من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام ، روت عنه عليه السلام ، وروى عنها
محمّد بن اسحاق واُسيد بن ثعلبة (1) .
روى ثقة الإسلام الكليني عن علي بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن موسى بن جعفر
البغدادي ، عن وهب بن شاذان ، عن الحسن بن أبي الربيع ، عن محمّد بن إسحاق ، عن اُم هاني ،
قالت :
سألتُ أبا جعفر محمّد بن علي عليه السلام عن قول الله تعالى : ( فلا اُقسم بالخُنَّس
الجوار الكُنّس ) (2) ، فقال : « إمام يخنس سنة ستين ومائتين ، ثم يظهر
كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء ، فإن أدركتِ زمانه قرّت عينيك » (3) .
وروى أيضاً عن عدّة من أصحابنا ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمر
بن يزيد ، عن الحسن بن الربيع الهمداني قال : حدّثنا محمّد بن إسحاق ، عن اُسيد بن ثعلبة ،
عن اُم هاني ، قالت :
لقيتُ أبا جعفر محمّد بن علي عليه السلام فسألته عن هذه الآية : ( فلا اُقسم بالخُنَّس
الجوار الكُنّس ) ، قال : « الخنس : إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه
عند الناس سنة ستين ومائتين ، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمة الليل ،
فإن أدركتِ ذلك قرّت عينك » (4) .
____________
1 ـ انظر : جامع الرواة 2 : 456 ، تنقيح المقال 3 : 74 ، أعيان الشيعة 3 : 488 ، رياحين الشريعة 3 : 453 ، معجم رجال الحديث 23 : 181 .
2 ـ التكوير : 15 .
3 ـ الكافي 1 : 276 حديث 22 باب في الغَيبة .
4 ـ الكافي 1 : 276 حديث 23 باب في الغَيبة .
(262)
114
اُم هاني بيكي
اُم هاني بنت الحاج عبدالرحيم خان بيگلر بيكى يزد .
فاضلة ، أديبة ، لها ديوان شعر ، ذكره الطهراني في الذريعة ، وقال : ما تزوّجت إلاّ أخيراً ،
وماتت بلا عقب ، نقل في ( نش يز ص 275 ) عن أحفاد أخيها : أنّ أشعارها توجد في ظهر
كتب وقفتها ، وأورد غزلاً لها على طريق « يك ودو » (1) .
115
اُم هشام الأنصاريّة
اُم هشام بنت حارثة بن النعمان بن نفع بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن
النجّار ، تزوّجها عمارة بن سعد بن قيس ، هكذا ذكر نسبها ابن سعد في الطبقات .
وهي صحابية جليلة ، عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا ابن عبد البر وأبو نعيم وابن مندة وابن الأثير .
روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وروى عنها حبيب بن عبدالرحمان بن يساف ، ويحيى بن
عبدالله .
أسلمت قديماً ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيعة الرضوان .
روى ابن سعد بسنده عنها أنّها قالت : لقد مكثنا سنة أو سنة وبعض سنة وأنّ تنورنا
وتنور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واحد ، وما أخذتُ ( ق والقرآن المجيد ) (2) إلاّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأها
على الناس في كلّ جمعة إذا خطبهم (3) .
____________
1 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 9 | 1 : 96 رقم 587 .
2 ـ ق : 1 .
3 ـ انظر : رجال الشيخ الطوسي : 34 ، نقد الرجال : 412 ، مجمع الرجال 7 : 182 ، منهج المقال 7 : 400 ، جامع الرواة 2 : 456 ، أعيان الشيعة 3 : 488 ، تنقيح المقال 3 : 74 ، الطبقات الكبرى 8 : 442 ، اُسد الغابة 5 : 623 .
(263)
116
اُم الهيثم النخعيّة
اُم الهيثم بنت الأسود ، ويقال : بنت العريان النخعيّة .
شاعرة ، تابعية من أصحاب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه .
ولم نجد من ذكرها بإسم غير اُم الهيثم ، ولعلّ اسمها كنيتها ، أو اشتهرت بالكنية ، وقد
اختلفت كلماتهم في اسم أبيها :
فالشيخ المفيد في الارشاد ، وأبو مخنف فيما حكاه عنه أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل
الطالبين قالا : اُم الهيثم بنت الأسود النخعية .
وابن عبدالبر في الاستيعاب ، وابن الأثير في اُسد الغابة قالا : اُم الهيثم بنت العريان
النخعية .
وابن حجر في الاصابة قال : اُم الهيثم النخعية .
ولعلّها نُسبت تارة الى أبيها ، واُخرى إلى جدها .
والذي عثرنا عليه من شعرها هو قصيدة ترثي بها أمير المؤمنين علياً عليه السلام ، وقد اختلفت
رواية الرواة في هذه القصيدة اختلافاً كبيراً ، ويظهر أنّه وقع خلط من المؤرّخين بين هذه
القصيدة وقصيدة أبي الأسود الدؤلي ، التي هي على وزنها وقافيتها ، حتى أنّ القصيدة المنسوبة
إلى اُم الهيثم نسبها بعضهم بتمامها إلى أبي الأسود الدؤلي .
والظاهر أنّه لإتحاد الوزن والقافية بين القصيدتين اُدخل شيء من قصيدة اُم الهيثم في
قصيدة أبي الأسود ، وبالعكس اشتباهاً ، كما وقع نظير ذلك في ميمية الفرزدق في مدح زين
العابدين عليه السلام ، وميمية اُخرى للحزين الليثي أو الكناني في مدح بعض بني اُميّة ، كما نبّه عليه في
الأغاني .
وقد ذكر هذه القصيدة ابن عبدالبر في الاستيعاب ، وتعبه ابن الأثير في اُسد الغابة ، وذكرها
أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين عن أبي مخنف مع بعض الاختلافات لما في
الاستيعاب ، ونحن نجمع بين الروايتين ، فنذكرها أولاً برواية الاستيعاب ، ثم نذكرها برواية
(264)
أبي مخنف .
في الاستيعاب : قال أبو الأسود ، وأكثرهم يرويها لاُم الهيثم بنت العريان النخعية .
وفي اُسد الغابة : من ذلك ما قاله أبو الأسود الدؤلي ، وبعضهم يرويها لاُم الهيثم بنت
العريان النخعية :
ألا يـا عَيـن وَيحـكِ أسْعـدِينا * ألا تَـبكـي أميـرَ المـؤمـنينا
تَبـكي اُم كـلثـومِ عَـليـهِ * بِعَبْـرتـها وقــد رأتْ اليقينـا
ألا قُـل للخـوارج حيثُ كـانوا * فـلا قَـرّتْ عيـونُ الشـامتينا
أفي الشهر الحَرامِ (1) فَجعتمونا * بخيـرِ النـاسِ طُـراً أجمعينـا
قَتلتُمْ خيـرَ مَنْ ركـبَ المطـايا * فذلّلهـا ومَـنْ ركـبَ السفينـا
ومَنْ لبسَ النعالَ ومَـنْ حـذاها * ومَـنْ قَـرأ المثـاني والمبينـا
وكـلُ منـاقبِ الخيـراتِ فيـه * وحـبّ رسـولِ ربِ العـالمينـا
لَقد عَلمتْ قـريش حيثُ كـانت * بـأنّك خَيْـرهـا حَسبـاً ودِينـا
إذا استقبلتَ وجـه أبـي حسينٍ * رأيـتَ البـدرَ راقَ النـاظـرينا
وكنّــا قبـلَ مَـقتلـهِ بخيـرٍ * نرى مـولى رسـولَ اللهِ فينـا
يُقيـمُ الحـقَ لا يـرتابَ فيـه * ويعـدلُ فـي العـدى والأقربينا
وليسَ بـكاتـمٍ عِلمـاً لَـدَيـه * ولـمْ يـخلق مِـن المتجبرينـا
كـأنّ النـاسَ إذْ فقـدوا عَليّـاً * نعـامٌ حـارَ فـي بَلـدٍ سنينـا
فـلا تشمتْ معـاويةَ بنَ حربٍ * فــإنّ بقيـةَ الخلفــاءِ فينـا
وفي مقاتل الطالبيين : قال أبو مخنف ، وقالت اُم الهيثم بنت الأسود النخعية ترثي أمير
المؤمنين عليه السلام :
ألا يا عَينْ وَيحكِ فاسْعدِينا * ألا تَبكـي أميـرَ المـؤمنينا
____________
1 ـ هكذا وردَ ، والصحيح : الصيام .
(265)
رُزئنا خيرَ مَنْ ركبَ المطايـا * وَخَيَّسَها ومَنْ ركبَ السفينـا
ومَنْ لبسَ النَّعالَ ومَنْ حذاها * ومَـنْ قـرأ المثاني والمئينا
وكنّا قبـلَ مقتـلِه بـخيـرٍ * نَـرى مولى رسولَ اللهِ فينا
يُقيمُ الدِينَ لا يرتـاب فيـه * ويَقضي بـالفرائضِ مُستبينا
ويَدْعوا للجماعةِ مَنْ عَصاه * وينهـك قَطع أيديِ السارقينا
وليسَ بكـاتمٍ عِلمـاً لَـدَيْهِ * ولـمْ يخلـق مِـن المتجبريا
لَعَمر أبي لقدْ أصحابَ مصر * على طولِ الصحابةِ أوجعونا
وغرّونـا بـأنّهمُ عكـوفٌ * وليسَ كـذاكَ فعـلُ العاكفينا
أفي شهر الصيام فَجعتمونا * بخيـرِ النـاسِ طُراً أجمعينا
ومَنْ بَعدَ النبيِّ فخيرُ نـفسٍ * أبـو حسنٍ وخيرُ الصالحينا
كأنّ الناس إذْ فقـدوا عليـاً * نـعامٌ جـالَ فـي بلد سنينا
ولو إنّا سُئلنا المـالَ فيـه * بَـذلنا المـالَ فيـهِ والبنينا
أشابَ ذؤابتي وأطالَ حُزني * أمـامَة حيـنَ فارقتْ القرينا
تطوفُ بـهِ لحاجتها إليـهِ * فَـلمّا استيأستْ رفـعتْ رنينا
وعبـرةُ اُم كلثـوم إليهـا * تُجاوبها وقـد رأتْ اليقينـا
فلا تَشمتْ معاويةَ بنَ حربٍ * فـإنّ بـقيةَ الخُلفـاءِ فينـا
وأجمعنا الأمارة عَن تراضٍ * إلى ابنِ نَبينا وإلـى أخِينـا
فلا نُعطي زمامَ الأمرَ فينـا * سـواهُ الدهـر آخر ما بقينا
وإنّ سراتنا وذوي حجـانا * تَـواصوا أن نُجيب إذا دُعينا
بـكلِّ مهنـدٍ عَضب وجرد * عليهـنّ الكُماة مسوّمينا (1)
____________
1 ـ انظر : الإرشاد : 18 ، أعيان الشيعة 3 : 487 ، رياحين الشريعة 3 : 455 ، مقاتل الطالبيين : 43 ، الأغاني 12 : 329 ، تأريخ الطبري 5 : 150 ، الفصول المهمة : 139 ، مقتل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لابن أبي دنيا المطبوع في نشرة تراثنا العدد 12 السنة الثالثة .
(266)
117
اُم الوشاء
راوية للحديث ، روت عن أخيها ، وروى عنها ابنها الوشاء ووثّقها .
قال الكشي : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عبدالله بن محمّد بن خالد الطيالسي ،
قال : حدّثني الوشاء ، عمّن يثق به ـ يعني اُمه عن خاله ـ قال : فقال عمرو بن الياس : قال :
دخلتُ أنا و أبي الياس بن عمرو على أبي بكر الحضرمي وهو يجود بنفسه ، قال : يا عمرو
ليست هذه بساعة الكذب ، إشهد على جعفر بن محمّد إنّي سمعته يقول : « لا تمسّ النار مَنْ
مات وهو يقول بهذا الأمر » (1) .
118
اُم وهب الكلبيّة
اُم وهب بن حبّاب الكلبي ، وقيل : اُم وهب بن عبدالله بن حبّاب الكلبي .
من ربّاب الفروسيّة والشجاعة والحميّة ، مجاهدة من المجاهدات ، حضرت أرض كربلاء
يوم عاشوراء وشهدت ما جرى على آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من مصائب ومحن ، وشاركتهم في
مصائبهم إذ بعثت ولدها وهب بن حبّاب الكلبي ليقاتل بين يدي سيّده ومولاه أبي عبدالله
الحسين عليه السلام ، وكانت تُشجّعه وتحرّضه على القتال وتقول له : لا أرضى عنك حتى تُقتل بين
يدي الحسين عليه السلام .
قال السيّد ابن طاووس في مقتل الحسين عليه السلام ( اللهوف في قتلى الطفوف ) : وخرج وهب بن
حبّاب الكلبي فأحسن في الجلاد وبالغ في الجهاد ، وكان معه امرأته ووالدته ، فرجع إليهما
وقال : يا اُماه أرضيت أم لا ؟
فقالت الاُم : ما رضيت حتى تُقتل بين يدي الحسين عليه السلام .
وقالت امرأته : بالله عليك لا تفجعني بنفسك .
____________
1 ـ رجال الكشي : 416 حديث 789 ، معجم رجال الحديث 23 : 180 .
(267)
فقالت له اُمه : يا بُني أعزب عن قولها ، وارجع فقاتل بين يدي ابن نبيّك تَنل شفاعة جدّه
يوم القيامة .
فرجع ، فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه ، فأخذت امرأته عموداً فأقبلت نحوه وهي
تقول : فداك أبي و اُمي ، قاتل دون الطيّبين حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأقبل كي يردّها إلى النساء ، فأخذت بجانب ثوبه وقالت : لن أعود دون أن أموت معك .
فقال الحسين عليه السلام : « جُزيتم من أهل بيت خيراً ، إرجعي إلى النساء رحمك الله » ،
فانصرفت إليهن ، ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قُتل رضوان الله عليه (1) .
وقال الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام : ثم خرج وهب بن عبدالله بن حبّاب الكلبي ،
وكانت معه اُمه فقالت له : قم يابني وانصر ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فقال : أفعل يا اُماه ولا اُقصّر إن شاء الله ، ثمّ برز وهو يقول :
إنْ تُنكروني فأنا ابـن الكَلبِ * سوفَ تَروني وتَرونَ ضَربي
وحَملَتي وصَولَتي في الحربِ * أدركُ ثـاري بعدَ ثارِ صحبِي
وارفـعُ الكَـربَ بيومِ الكَربِ * فما جلادي في الوغا باللعب
ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قَتل جماعة ، فرجع إلى اُمّه وامرأته فوقف عليهما فقال : يا اُماه
أرضيتِ عني ؟
فقالت : ما رضيت أو تقتل بين يدي ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فقالت له اُمرأته : أسألك بالله أن لا تفجعني بنفسكَ .
فقالت له اُمّه : لا تسمع قولها ، وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليكون غداً
شفيعك عند ربّك ، فتقدّم وهو يقول :
إنّـي زعيـمٌ لَـكِ اُم وَهـبِ * بالطَعنِ فيهم تارةً والضَربِ
فِعلُ غُـلامٍ مُـؤمنٍ بـالرَبِ * حتى يذيقُ القومَ مُرّ الحربِ
____________
1 ـ اللهوف في قتلى الطفوف : 44 .
(268)
إنّي امرؤ ذو مُـرّةٍ وعـصبِ * ولستُ بـالخوّارِ عنـدَ الـنكبِ
حسبي بنفسي مِن عليم حسبِي * إذا انـتميتُ في كرامِ العربِ (1)
ولا يخفى عليك عزيزي القاريء أنّ هناك امرأة اُخرى تكنى باُم وهب ، وهي : اُم وهب
بنت عبد ، واسمها قمر ، أو قمري ، زوجة عبدالله بن عمير الشهيد بأرض الطف يوم عاشوراء ،
تأتي ترجمتها في حرف القاف .
119
أمامة القرشيّة
أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبدشمس بن عبدمناف القرشية .
اُمّها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبوها ابن اُخت خديجة بنت خويلد اُم المؤمنين زوجة
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، و اُمّه هالة بنت خويلد .
تزوّج أبو العاص زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الإسلام ، حيث سألت خديجة رسولَ
الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يزوّجه بها ، لأنّه ابن اختها ، فولدت علياً ـ مات صغيراً ـ وأمامة ، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحملها في الصلاة ، فإذا ركع وسجد وضعها ، فإذا قام حملها .
في الطبقات الكبرى لابن سعد واُسد الغابة وغيرهما من المصادر : أنّ رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم اُهديت له هدية فيها قلادة من جزع فقال : « لأدفعنها إلى أحبّ أهلي إليّ » ، فدعا أمامة بنت زينت فأعلقها في عنقها .
وهي التي أوصت فاطمة الزهراء أميرَ المؤمنين عليه السلام أن يتزوّج بها بعد وفاتها ، وقالت :
« إنّها تكون لولدي مثلي » ، فتزوّجها الإمام عليّ عليه السلام بعد وفاة الزهراء ، وكانت الزهراء
خالتها ، ولذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام : « أربعة ليس إلى فراقهن سبيل » ، وعدّ منهن أمامة بنت
أبي العاص ، وقال : « أوصت بها فاطمة » .
وقد زوّجها منه عليه السلام الزبير بن العوّام ، وكان أبوها أبو العاص قد أوصى بها إليه ، فلمّا
____________
1 ـ مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .
(269)
استشهد الإمام عليّ عليه السلام قالت اُم الهيثم النخعية .
أشـاب ذوائبي وأذلّ ركنـي * أمـامة حين فـارقت القـرينا
تـطيف بـهِ لحـاجتها إليـه * فلمّا استيأست رفعت رنينا (1)
وكان الإمام عليّ عليه السلام قد أمر المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب أن يتزوّج أمامة
بنت أبي العاص بن الربيع زوجته بعده ؛ لأنّه خاف أن يتزوّجها معاوية ، فتزوّجها المغيرة
فولدت له يحيى ، وبه كان يكنّى ، وهلكت عند المغيرة ، وقد قيل : إنّها لم تلد لعلي ولا للمغيرة
كذلك ، قال الزبير : إنّها لم تلد للمغيرة بن نوفل ، قال : وليس لزينب عقب .
وروي أنّ علياً سلام الله عليه لما حضرته الوفاة قال لأمامة بنت أبي العاص :
« لا آمن أن يخطبك هذا الطاغية بعد موتي ـ يعني معاوية ـ فإن كان
لك في الرجال حاجة فقد رضيتُ لكِ المغيرة بن نوفل عشيراً » .
فلمّا انقضت عدّتها كتبَ معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم يأمره أن يخطبها عليه
ويبذل لها مائة ألف دينار ، فلمّا خطبها أرسلت إلى المغيرة بن نوفل : أنّ هذا قد أرسل يخطبني
فإن كان لك بنا حاجة فأقبل ، وخطبها من الحسن بن علي عليهما السلام فزوّجها منه .
وروى الكليني في الكافي في باب النكاح من الكافي بسنده عن أبي جعفر عليه السلام : إن في أولاد
علي بن أبي طالب محمّد بن علي الأوسط ، اُمه أمامة بنت أبي العاص ، وهذا ينافي القول بأنّها لم
تلد لعلي عليه السلام .
وروى الكليني في الكافي أيضاً عن محمّد بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن
الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن فاطمة بنت علي ، عن أمامة بنت أبي العاص ابن
الربيع و اُمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قالت : أتاني أمير المؤمنين علي عليه السلام في شهر
____________
1 ـ في مقاتل الطالبيين : 43 نقلاً عن أبي مخنف ورد البيتان هكذا :
أشاب ذؤابتي وأطال حزني * أمـامة حين فارقت القرينا
تطوف به لحـاجتها إليـه * فلمّا استيأست رفعت رنينا
(270)
رمضان فاُتي بعشاء تمر وكمأة فأكل عليه السلام ، وكان يحبّ الكمأة (1) .
120
امرأة أشرف الحدّاد
سيّدة جليلة ، من ربّات العبادة والورع والزهد ، ومن فواضل نساء عصرها ، صاحبة
إيمان واعتقاد بالأئمة عليهم السلام ، وخصوصاً الإمام الحسين صلوات الله عليه . لها حكاية عجيبة
ولطيفةٌ تدلّ على درجة إيمانها وتعلّقها بسيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ، وتدلّ أيضاً على
فضيلة زيارة عاشوراء .
قال المحدّث النوري في كتابه « دار السلام » : حدّثني الصالح التقي النقي المبرّأ من كلّ درن
الحاج المولى حسن اليزدي ، المجاور في المشهد الغروي ـ وهو من الذين وفوا بحقّ المجاورة
وأتعبوا أنفسهم في مجهود العبادة ، كثّر الله من أمثالهم وأصلح بالهم ومآلهم ـ ، عن العدل الثقة
الأمين الحاج محمّد علي اليزدي ، قال :
كان رجل صالح فاضل في يزد مشتغل بنفسه ومواظب لعمارة رمسه ، يبيت في الليالي في
مقبرة خارج بلد يزد تُعرف بالمزار ، وفيها جملة من الصلحاء ، وكان له جار نشأ معه من صِغر
سنّه عند المعلّم إلى أن صار عشّاراً في أوّل كسبه ، وكان كذلك إلى أن مات ، ودفن في تلك
المقبرة قريباً من المحلّ الذي كان يبيت فيه المولى المذكور ، فرآه بعد موته بأقل من شهر في
المنام في زيّ حسن وعليه نضرة النعيم ، فتقدم إليه وقال له :
إنّي عالم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك ، ولم تكن ممنّ يحتمل في حقّه حسن في الباطن ،
ويحمل فعله القبيح على بعض الوجوه الحسنة كالتقيّة أو الضرورة أو إعانة المظلوم وغيرها ،
ولم يكن عملك مقتضياً إلاّ للعذاب والنكال فبما نلت هذا المقام ؟ !
____________
1 ـ الكافي 6 : 369 حديث 1 باب الكمأة . وانظر ترجمتها في : تنقيح المقال 3 : 69 ، أعيان الشيعة 3 : 486 ، رياحين الشريعة 3 : 350 ، معجم رجال الحديث 23 : 181 ، أعيان النساء : 43 ، الطبقات الكبرى 8 : 39 ، تأريخ الطبري 5 : 154 ، الكامل في التأريخ لابن الأثير 3 : 397 ، اُسد الغابة 5 : 400 ، الإصابة 4 : 236 ، أعلام النساء 1 : 77 نقلاً عن منتخب أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للزبير بن بكّار والسمط الثمين للمحب الطبري .