71
كان قوم من العرب قد قرروا أن يبيتوا النبي بالمدينة غدراً ، فسار عليٌّ عليه السلام متعصباً معلماً حتى وافاهم بسحر ، فأقام حتى أصبح وصلى بأصاحبه الغداة ، وصفّهم واتكىء على سيفه ، وقال للعدو :
يا هؤلاء أنا رسولُ رسولِ الله إليكم أن تقولوا : لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وإلا لأضربنكم بالسيف ، قالوا ارجع كما رجع صاحباك ، قال : أنا لا أرجع ، لا والله حتى تسلموا أو أصربكم بسيفي هذا ، أنا علي بن أبي طالب.
فاضطرب القوم وزلزلوا زلزالاً شديداًً لما سمعوا باسمه وعرفوه ، ولو راجعوا أنفسهم وحكمّوا عقولهم لاختاروا السلم والدعة والأمن ، ولكن الطيش والغرور والكبرياء قد دفعت بهم لاختيار القتال ، فبرز إليهم علي عليه السلام فقتل منهم في حملة واحدة ستة أو سبعة ، وانهزم المشركون وظفر المسلمون ، وغنموا ما شاء لهم أن يغنموا ، وكانت هزيمة المشريكن منكرة ، وأصداؤها تنتشر بين قبائل العرب ، فازدادت هيبة الإسلام في النفوس ، وأخبر جبرائيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالفتح ، ونزلت حينئذٍ سورة العاديات.
وباستعراض آيات سورة العاديات تتبين عظم المعركة ، وشدة الوقعة ، وصدق اللقاء ، ومدى القوة المحاربة.
وحينما أخبر حبرائيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببشائر هذا الفتح ، بشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بذلك ، وأمرهم باستقبال علي عليه السلام وكان النبي في طليعة المستقبلين ، وحينما رأى رسول الله في موكبه ، ترجل وأهوى على قدميه يقبلهما ، تواضعاً لله على هذا التكريم الكريم ، وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
72
اركب فإن الله ورسوله عنك راضيان ، فبكى عليٌّ عليه السلام فرحاً بهذه البشارة.
وسرية أخرى بقيادته إلى بني سعد بن بكر بفدك بمائة فارس ، فجعل يسير الليل ويكمن النهار حتى فجأهم ، فجدّوا بالهرب ، وأمعنوا بالفرار ، فاستولى علي عليه السلام على النعم والأغنام ، وأخرج خمسها ، وقسم الباقي على أصحابه.
وسرية أخرى إلى بلاد طيىء في مائة وخمسين من الأنصار للتطويح بصنم لهم يعبد من دون الله ، فأغار عليهم ، وهدم الصنم وأحرقه ، وغنم سبياً ونعماً وشاءً وفضة ، واستخرج ما في خزانة الصنم من أسياف ودروع ونفائس فغنمها.
وهناك سريتان بقيادته إلى اليمن؛ الأولى بعد فتح مكة ، فأسلمت بها همدان كلها في يوم واحد ، فكتب علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فخر ساجداً لله ثم جلس ، فقال السلام على همدان. وقيل بعث النبي علياً وبعث خالداً في جند ، وقال : إن التقيتما فالأمير علي ، فوصل خالد فأقام ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوا إلى ذلك ، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خالداً بالقفول ، وبعث علياً. قال البرّاء : فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا ، وصلى بنا عليٌّ ثم صفّنا صفاً واحداً ، ثم تقدم بين أيدينا ، وقرأ عليهم كتاب رسول الله؛ فأسلمت همدان.
ويرى الشيخ المفيد أن إرسال النبي لعلي إلى اليمن كان ليخمس ركازها ، ويقبض ما وافق عليه أهل نجران من الحلل والعين وغير ذلك ، لا لأجل الحرب لأن أهل اليمن أسلموا قبل ذلك.
73
والسرية الثانية كانت في رمضان سنة عشر من الهجرة ، عقد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم لواءً و عممه بيده ، وقال : امض ولا تلتفت ، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك. وخرج عليٌّ عليه السلام في ثلاثمائة فارس ، فلقي أهل اليمن ودعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ورموا بالحجارة والنبل ، فصف أصحابه ثم حمل عليهم فقتل منهم عشرين رجلاً ، فتفرقوا وانهزموا فكفّ عن طلبهم ، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وبايعوا ، وسلّموا صدقاتهم إليه ، فقفل راجعاً فوافى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة في طريقه إلى حجة الوداع.
وقد يبدو من جملة الآثار أن علياً عليه السلام أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاضياً إلى اليمن ، ووضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده على صدره ، وقال : اللهم ثبّت لسانه وأهد قلبه ... قال عليٌّ : والله ما شككت في قضاء بين اثنين ، وكيف لا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : عليٌّ أقضاكم.
وكما كان علي عليه السلام مقدامه في حروبه ، وخليفته في مدينته ، فقد كان نائبه في الأداء عنه؛ ففي السنة التاسعة من الهجرة بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر الصديق ( رض ) في سورة براءة إلى أهل مكة ، فهبط عليه حبرائيل وقال : أنه لا يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك ، فانفذ علياً عليه السلام حتى لحق أبا بكر فأخذها منه ، فوجد أبو بكر في نفسه ، ولكنه أطاع الأمر ، وأخبره النبي فيما بعد : لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني.
ومضى عليٌّ عليه السلام في الأمر حتى أتى الموسم ، فنادى : إن الله بريء من المشركين ورسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ، لا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، ولا يجتمع مؤمن وكافر في المسجد الحرام بعد عامهم هذا ، ومن كان
74
بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم عهد فعهده إلى مدته ، ومن لم يكن له عهد فأجله إلى أربعة أشهر.
ولك أن تتصور حالة العتاة من العرب ، والطغاة من قريش ، وهم يستمعون هذا النداء الصارم ، ويشهدون هذا اليوم الفاصل ، وهم يرون البيت بيتهم والحرم حرمهم ، وإذا بهم يطردون عنه وإلى الأبد.
ولئن كان علي عليه السلام في هذا الموقف نائباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد كان عليٌ نفس رسول الله في حادثة مباهلة نصارى نجران بإجماع المؤرخين ، فقد طلبوا إلى النبي المباهلة ، أو طلب إليهم النبي المباهلة؛ فكان النداء الإلهي في القرآن العظيم مجلجلاً : (
فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لّعنت الله على الكذبين
) (1).
فخرج النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فما باهلهم نصارى نجران لما علموا من الحق وإن كتموه. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا :
« والله لو باهلونا لأضطرم عليهم الوادي ناراً ».
(1) سورة آل عمران ، الآية : 61.
75
لقد رأينا علياً فيما مضى ، صبياً يدخل الإسلام ثاني اثنين ، وقد رأيناه يتربى في منزل الوحي وينشأ في ظلال الإيمان ، ورأيناه يشهد عذاب طائفة من المستضعفين فيتلظى لهم حرقاً ، ورأيناه مصاحباً للنبي في جولته للطائف يعرض الإسلام على القبائل فيردّ ، ورأيناه فدائياً يسرع إلى فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ملتحفاً ببرده الحضرمي ، يقيه بنفسه من طواغيت قريش ، ورأيناه أخاً لرسول الله في مكة والمدينة ، ورأيناه قائداً عسكرياً فذاً في مشاهد النبي كلها ، ورأيناه خليفة لرسول الله على المدينة في غزوة تبوك، و رأيناه نائباً عنه في تبليغ براءة لأهل مكة وإعلان شرائع الإسلام ، ورأيناه مصلحاً وقاضياً من قبله في اليمن ، ورأيناه صهراً للنبي وأباً لذريته الطاهرة ، ورأيناه نفسه في المباهلة ، ووزيره بمنزلة هارون من موسى ، رأينا هذا وسواه ، بل ذكرنا هذا وفاتنا سواه ، وهو يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، و » عليٌّ أقضاكم« و » أنا مدينة العلم و علي بابها« و « علي مع الحق والحق مع علي » و « اللهم أدر الحق معه حيثما دار » سمعنا كل هذا غيضاً من فيض إطراء النبي له وثنائه عليه ، ونموذجاً من نماذج إعداده إعداداً رسالياً خاصاً ، وشاهدنا إلى جنب ذلك كلّه ملازمته للنبي ملازمة الظل للشاخص ، واختصاصه به على انفراد في أغلب لياليه وأيامه ، وتفرده بمناجاته وحده في شتى الظروف ، واتحاد المنزل ما بين الديار ، ولمسنا صلة الرحم الشديدة بين
76
الرجلين ، وأواصر القرب ما بينهما ، لا يكاد يفترق أجدهما عن الآخر ، ولا يملّ أحدهما حديث الآخر ، حتى كان علي منه وهو من علي ... لم يكن كل هذا امراً اعتباطياً ، ولا مناخاً اعتيادياً ، وإنما للأمر ما بعده عند النبي. حتى إذا كانت حجة الوداع ، وإذا بالوحي يفجأ النبي : (
يأيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من رّبّك وإن لّم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس
) (1).
ما هذا البلاغ الخطير الذي يراد من النبي ، وما هذا الاشفاق من النبي فيه ، أهو يخشى الناس ويحذر عدم الامتثال فيذهب أمره أدراج الرياح؟ أهو من الشدة بحيث يزلزل هذه الرصانة التي تبثها محمد في قومه وأصحابه؟ أهو من الحساسية بحيث يخترق هذا الغشاء الرقيق بينه وبين جملة من ذوي الأحلام والخطر.
لقد رأينا النبي في الأحكام صغيرها وكبيرها يبلغها أولاً بأول لا يخشى في ذلك لومة لائم ، وينزلها بمنزلها المحدد لا يحيد عن ذلك قيد أنملة ، فما هذا التبليغ الجديد - أنه القيادة في نيابته لدى التحاقه بالرفيق الأعلى ، والإستقرار بمقامه في إدارة شؤون الدين والدنيا.
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلمحّ تارة ، ويصرّح أخرى بإمامة علي عليه السلام يؤمّره على الناس في القيادة ، ولا يؤمّر عليه أحداً ، ينوّه بفضله ويعلي من شأنه ، يخصّه بالمنح العليا ، علماً وتفقهاً ومنزلةً ، ويشاركه بالمهمات الصبعة فيجده أهلاً لحملها ، وهو الذي يأخذ بقسط كبير من وقته الثمين في إفاضات يعلم قليلها ، ويجهل كثيرها ، يعلمن عن بعضها ، ويكتم بعضها الآخر ، ولكن النبي قد يبدو مشفقاً كل الاشفاق عن أن يقول القول الفصل ، والوحي يلجئه إلى الإعلان ، ويضمن له السلامة
(1) سورة المائدة ، الآية : 67.
77
مما يخشاه ، والتصريح منه إثر التصريح بأفضلية علي وأهليته من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلاقي التاويل والتعليل من قبل علية القوم ، ويقابل بالإيهام والإبهام من جملة المهاجرين ، يلتمسون بذلك حداثة السن حيناً ، وحب بني عبد المطلب حيناً آخر ، لتضييعه عن موضعه ، وتمييعه عند مؤداه.
وكان النبي في سنة حجة الوداع ، يؤكد السنن ، ويثبت الفروض ، ويحيي الأحكام ، وكان يلوّح بل يصرّح في نعني نفسه : يوشك أن ادعى فأجيب ، أو يقول : قد حان مني خفوق ، وتارة : لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، وأخرى : إن حبرائيل كان يعرض عليّ القرآن في كل عام مرة ، وفي هذا العام عرضه عليّ مرتين ، وهكذا.
ونزلت سورة النصر؛ فسماها المسلمون سورة التوديع ، لأن المسلمين ودّعوا نبيهم ، لما فيها من إيحاء بتكامل رسالته ، وإنذار بانتهاء مدته ، لما أمره فيها الله من التسبيح والاستغفار ، وكان بين هذا كثير الخلوة بعلي ، طويل المناجاة معه ، شديد الاحتراس عليه ، يطلق الكلمة إثر الكلمة في ترشيحه ، فتارة هو الوزير ، وأخرى هو الوصي ، وسواهما : خليفتي من بعدي ، والناس يرصدون ذلك بمسمع وبمشهد ، فيسيغه الأنصار دون المهاجرين ، ويتقبله المستضعفون دون الزعماء ، أو فقل يتقبله أكثر الأنصار ، ـ ويرفضه أكثر المهاجرين ، وقد يشتد النزاع في ذلك ، وقد يتحوّل إلى صراع مرير ، وقد يلجأ هؤلاء وهؤلاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليفسر لهم ما قال ، فيقتنع من يقتنع عن رضا ، ويأبى من يأبى عن سخط ، والأمور بقربة من النبي ، وهو يرى بوادر الفرقة تتطلع ، وسحب الفتنة تكاد تنقض ، ووجد بعض القلوب تستوحش لهذا الحديث ، وبعض المشايخ تأتمر للعصبيات ، والناس في خطوة من الجاهلية ، والإسلام وتر النفوس ، وهو لا يحاسب بأكثر من الظاهر ،
78
ولكنه يذكر بالله واليوم الآخر ، عسى أن يهدي الله به أحداً ، ويجدد العهد عسى أن يصغي له أحد ، جاداً لا يتردد ، ولكنه مضطرب لا يهدأ أيضاً.
وتنتهي حجة الوداع ، ويتجه النبي نحو المدينة حتى يصل إلى « غدير خم » في قيظ لافح ، وحرارة محرقة ، وهجير ملتهب ، فيتوقف الركب النبوي في المنطقة التي سيفترق فيها الحاج ، ويتجه كلٌّ إلى قصده ، وينحو كلٌّ منحاه ، والموكب بعد في آلافه المؤلفة من المهاجرين والأنصار ومسلمة الفتح ، وبقية المسلمين من هنا وهناك ، ولا نريد ذكر الآلاف منهم فيما اختلف فيه المؤرخون زيادة ونقصاناً فهذا لا يعنينا ، بقدر ما يعنينا الموقف والحدث ، والمسلمون ألوف لا شك في هذا وينصب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم منبر من أحداج الإبل عند الظهيرة ، ويمتطي النبي صهوة المنبر ، وهو يقول :
« إني دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد حان مني خفوق من بين أظهركم ، وإني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ».
ثم نادى بأعلى صوته : ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا اللهم بلى. فقال لهم على النسق ، وقد أخذ بضبعي علي عليه السلام فرفعهما حتى بان بياض أبطيهما : « فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والي من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ».
ثم نزل وصلى الظهر والعصر وأفرد لعلي خيمة ، وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ، فيهنؤه بالمقام ، ويسلموا عليه بإمرة
79
المؤمنين ، ففعل الناس ذلك كلهم حتى من كان معه من أزواجه ونساء المسلمين.
وكان موقف عمر بن الخطاب ( رض ) مشرّفاً في ذلك اليوم إذ طفح السرور على وجهه ، وقال : بخٍ بخٍ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ولكنه تناسى هذا الموقف فيما بعد ، وتغافل عن هذه التهنئة الحارّة ، وعن مغزاها في كلٍ من السقيفة وتعيين أهل الشورى.
وحينما صدع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الأمر في استخلاف علي عليه السلام نزلت الآية : (
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلم ديناً
) (1).
وما قدمناه من إيجاز مكثّف محل إجماع بين المسلمين كافة ، ورواته الثقات بالمئات ، وشهوده من المسلمين بالألوف ، وجاءت بعد ذلك التأويلات الفجّة لتجعل لهذا الحدث والحديث دلالات لغوية جديدة ، ولهذا النص التصريح إرادات بيانية مموهة ، فالمولى : يراد به المالك ، ويراد به الناصر ، ويراد به المعتق بالكسر والفتج ، ويراد به ابن العم ، ويراد به ضامن الجريرة ، ويراد به السيد المطاع ، كما يراد به الأولى. إلى غير ذلك مما يراد به ابتلاع الحديث والحدث جملة وتفصيلاً ، وتناسى من ساق هذه التعليلات والتفريعات المضنية أن التبادر العرفي العام عند العرب علامة الحقيقة ، وأن مقتضيات المقام النبوي في نزوله في هذه الهاجرة على غير منزل ، لا يراد به إلا الأولى الذي تجب له الولاية العامة على المؤمنين ، والمرجعية الكبرى للأمة في قضايا الدنيا والدين ، ولكن قريشاً أبت هذا ، وتناست هذا الموقف ،
(1) سورة المائدة ، الآية : 3.
80
وكأنه لم يكن ، وفتحت على الإسلام باباً لم يغلق من الفتنة والفرقة إلى قيام الساعة ، وصبر عليٌّ عليه السلام على هذا الحيف ، لأنه ذو هدف محدد وهو بقاء الإسلام.
وهو القائل : والله لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين ، ولم يكن جورٌ إلا عليّ خاصة.