وفصل القول الحارث بن هشام المخزومي :
     « أيها الناس : إن يكن الأنصار قد تبوأوا الدار والإيمان من قبل ، ونقلوا رسول الله الى دورهم من دورنا فآووا ونصروا ، فإنهم قد لهجوا بأمر أن تبثوا عليه فإنهم قد خرجوا مما وسموا به ، وليس بيننا وبينهم معاتبة إلا السيف » .
     واستيقظ الأنصار من غفوتهم ، وإذا في قبالهم هذا النفر من مسلمة الفتح ، لا أكفاؤهم من قريش ، فسقط في أيديهم ، وذهبت احتجاجاتهم هباء ، غضبوا حين لا ينفع العضب ، وتصرفوا ساعة لا يجدي التصرف . فألطف لهم القول ثابت بن قيس :
     « يا معشر الأنصار ؛ إنما كان يكبر عليكم هذا القول لو قاله أهل الدين من قريش » .
     ولكن أهل الدين من قريش قلة واية قلة ، فهذا خالد بن سعيد بن العاص ، أمير رسول الله على إلىمن ، وهو من هذه القلة النادرة التي توجهت الى علي فقالت : « يا بني عبد مناف ... طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم » .
     قال له علي عليه السلام : « يا خالد : هذا أمرنا أبت قريش أن تؤتيناه » .
     فأسترجع خالد قائلا :
     « يا ويح قريش ... وهل في الناس أحد أولى بمقام محمد منك » وكان موقف خالد فريداً ومتميزاً ، ألقاه مرتين : مرة أمام أبي بكر في المسجد ، وأخرى بين يدي علي في بيت رسول الله ، وهل وجد علي أمثال خالد إلا بضعة نفر ن لو ضحّى فيهم لضحّى بالإسلام كله ، وها هو


112
يرى هذا التناقض العجيب ، وهذا التهافت البغيض على الأمر ، فما كان صانعاً ؟
     كان على أمير المؤمنين أن يحدد موقعه ثابتاً من عدة مواقف طرحها المناخ السياسي عليه :
     1 ـ أن يبايع لأبي بكر دون قيد أو شرط ، و ينفض يده من الأمر ، فيريح ويستريح .
     2 ـ أن يحتج على البيعة ، ويدعو إلى نفسه بما معه ومن معه من بني هاشم والعدد الضئيل من الأنصار ، وأصابع إلىد من المهاجرين ، وإن سفكت الدماء وارتدّ الناس .
     3 ـ أن يصبر ويتجرع مرارة الصبر ،ويقف موقفاً وسطاً بين ذلك، يحتّجُ ويناظر ، ويمسك عن البيعة ، مطالباً بحقه الذي يراه ، والمنصوص عليه ، متوسلاً إلى ذلك بالذرائع السلمية ، فإن فاز بشيء منها فبها ، وإلا فقد أعذر ، حفظا للإسلام ، وحقناً للدماء ، وتألفاً للقلوب ، وبقيا على الأمة .
     وما كان علي ليقف في الموقع الأول من هذه الخيارات ، وهو يرى نفسه الأحق بالخلافة ، والأولى بالبيعة ، وما خلق ليريح الناس في مجالدة الباطل ، ولا ليسترح في ظل الأمن والدعة .
     وما كان لعلي أن يدخل معركة خاسرة يفرّق فيها كلمة المسلمين، فيقوم بالسيف ، والردّة على الأبواب ، والناس حديثو عهد بالإسلام، والجاهلية ألصق بالنفوس وأقرب إلىها من حبل الوريد ، ولا أن يخاطر بهذه القلة الخيرة التي امتنعت عن البيعة تحرجاً وتأثماً ، فتذهب دولة الإسلام ، لا عن ضعف في النفس أو خور في الطبيعة ، ولكن إيقاءً


113
للحال من الزوال ، وتريثاً في الأمر عن صلابة ، ولعله يشير إلى ذلك : « ويح الناس ... إن أقُلْ يقولوا حرص على الملك ، وإن أسكت يقولوا جزع من الموت ، أما والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه » .
     إذن لم يكن موقفه هذا عن تلكؤ وتردد بل عن روية ويقين .
     بعد هذا نجد موقفه خليقاً بأن يتحدد بالإمساك عن البيعة ولو إلى حين ، وبيان مقامه وأحقيّته ، وعرض ظلامته ومظلوميته ، سليماً . وهذا ما حدث بالضبط ، إذ لم يجد ناصراً حقيقياً يضحّي ـ بما فيه الكفاية ـ من أجل القيم ، فلا أقل من أن يقف موقفاً صارماً حتى يعذر أمام ربه ونفسه وعارفي منزلته . وكان جديراً بعلي أن يقف هذا الموقف ، فهو مأمور بالصبر ، وهو مأمور بالعمل معاً . ويريد هذا الموقف أن المعارضة الأنصارية ذهبت إلى أمير المؤمنين تستشيره وتستثيره ، قالوا :
     تركت أمراً أنت أحق به وأولى ، ولقد هممنا أن نصير إلى أبي بكر فننزله عن المنبر . فقال : لو فعلتم ذلك لما كنتم إلا حرباً ، ولو فعلتم ذلك لأتوني ؛ فقالوا : بايع وإلا قتلناك ، وإن رسول الله أوعز إلى قبل وفاته ، وقال : يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك من بعدي ، فقلت يا رسول الله : فما تعهد إلى إذا كان كذلك ، فقال : إذا وجدت أعواناً فجاهدهم ، وإن لم تجد أعواناً فكفّ يدك ، واحقن دمك .
     ولقد كفّ علي يده ، ولكنه لم يكفّ لسانه عن المحاججة ، ولا ضميره عن الرفض ، حتى أعذر ، فلقد بلغه احتجاج أبي بكر على الأنصار كون النبي من قريش ، فقال : « إ ِحتجوا بالشجرة ، وأضاعوا الثمرة » .


114

     وحجّه بهذا وسواه بما حج به خصومه ، وألزمه بما ألزمهم ، وقال : « أنا أحق منكم بهذا الأمر لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي نخن أولى برسول الله حياً وميتاً » .
     كان هذا في مسجد رسول الله ، وعمر متأهب للوثوب عليه ، قائلا للإمام : لستَ متروكاً حتى تبايع ، فقال علي :
     « إحلب حلبا لك شطره ، وشدّه إلىوم يرده عليك غدا ؛ والله يا عمر : لا أقبل قولك ولا أبايعه »
     ووقف عمر باهتا أمام هذا الإصرار ؛ فبدر أبو بكر الى عمر قائلا ، وقد تأزم الموقف وازداد تحرجا « فإن لم تبايع فلا أكرهك » .
     وانتهز الفرصة أبو عبيدة ؛ وهو يتطامن لعلي ، ويتواضع إلىه ، ليّن العريكة ، هادىء الطبع ، متناغم اللفظ : « يا ابن عم : إنك حديث السن ، وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ، وإنك إن تعش فأنت لهذا الأمر خليق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك » .
     وقد أبلغ أبو عبيدة في مراده ، وبذل غاية جهده ، وبالغ في الثاني واختيار اللفظ المناسب للمعنى المناسب ، عسى أن يؤثر هذا الأ ُسلوب الجديد بعلي ، أو يثني من عزمه ، ولكن عليا أنقى فكراً ، وأصفى ذهناً من أن ينطلي عليه هذا الملحظ ، فغضب وسرد الحقيقة المرّة التي سمعها أبو عبيدة فانهارت أعصابه ، وتهاوت أحلامه ، فعلي يجبهه مصارحا :
     « الله الله يا معشر المهاجرين ... تخرجون سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته ، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس ، فوالله


115
لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت ، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ؛ ما دام فينا القارىء لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعيه ، الدافع عنهم الاُمور السيئه ، القاسم بينهم بالسوّية ».
     وكان علي بهذا يعني نفسه ويشير إلى ملحظين :
     الاول : انه من اهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً .
     الثاني : أنه المرشح للاضطلاع بالمسؤولية ، لما يحمله بين جنبيه من تتبع لكتاب الله قراءة ومعرفة وتأويلاً ، وما يتمتع به من علم وفقه وسنّة ، و ما يضطلع به من أمر الرعيّة، في الذبّ عنها في الضرّاء، و السرّاء ، والعدل فيها عند الشدة والرخاء . ثم يؤكد هذا لأبي عبيدة محذرّاً :
     « وإنه والله لفينا يا أبا عبيدة ، إنه لفينا فلا، تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله ، وتزدادوا عن الحق بعداً ».
     لقد بلغ التأثر عند علي حداً لا يطاق معه السكوت ، فعاود الاحتجاج موكداً ، وأكده مردداً في هذه الإشارات الدقيقة التي استمعها أبو عبيدة ذاهلاً؛ ولكن بشير بن سعد الأنصاري استمعها متأثراً بها ، وهو الذي مهّد لأبي بكر من الخزج ، فما ملك نفسه أن يقول : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك ، وكلام بشير حجة عليه هو نفسه ، فهل يُجهل مقام علي لديه حتى يستظل بهذه المعاذير التي لا تخفى على من له ادنى دراية بشوؤن الناس ومتضيات الأحوال .


116

     وتنهاهى هذا الإحتجاج إلى الأنصار في لحظته ، فكثر فيما بينها الأخذ والرد ، وهتفت لعلى من جديد : لا نبايع إلا علياً ، ولكن هذا كان بعد فوات الاوان ، وعند تفاقم الأمر ، وبدرهم عبد الرحمن بن عوف موارباً في كلامه ، متناسياً ما هتفوا به : « يا معشر الأنصار ....... إنكم وإن كنتم أولي فضل ونصر وسابقة ، ولكن ليس فيكم مثل أبي بكر ولا عمر ولا علي ولا أبي عبيدة ».
     وهو بهذا يدير الكلام دوران الرحى على قطب سواه ؛ ولكن زيد بن ارقم يدريك هذا المنحى ، ويجرد القول على وجهه :
     « اننا لا ننكر فضل من ذكرت ياعبد الرحمن ، وإن منا لسيد الأنصار سعد بن عبادة ، ومن أمر الله أن يقرأه السلام وأن يؤخذ عنه القرآن اُبيّ بن كعب ، ومن يجيء يوم القيامة أمام العلماء معاذبن جبل، و من أمضي رسول الله شهادته بشهادة رجلين وهو خزيمة بن ثابث ، وإنا لنعلم إن من بين من ذكرت من قريش من لو طلب الخلافة لم ينازعه فيها أحد وهو علي بن أبي طالب ».
     كان هذا كلّه ينتهي لأمير المومنين علي ويجيل الفكر فيه ، ولكنه يكره الخلاف ، ويرى الصبر على الضميم اجدى عائدية ، فهو لا يريد الخلافة لنفسها ، ولكنه يريدها للإسلام ، هي وسيلة لتطبيق قانون السماء في الأرض .
     ويلجأ عليٌّ آخر الأمر إلى طريق اُخرى تنجلي مغلقةً أمامه تماماً ، ولكنه يسلكها إلقاءً للحجة ، فيستقبل الليل مستنصراً تلكم الفتية من الأنصار الذين تلمكهم الاسي ، واستطارت بهم اللهفة ، واستبدّ بهم الأسف ، وإلى جنبه ابنة محمد فاطمة الزهراء ، يطلب الحق ، ويستعدي


117
على الباطل من عسى أن يستجيب ، ولم تكن الاستجابة إلا معاذير وآهات ، ولم تجد النصره إلا خذلاناً وإعضماضاً ، فكانت جموع الأنصار تجيب بلسان واحد ، متجهة إلى الزهراء :
     « يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهاذا الرجل ، ولو أن ابن عمك سبق إلىنا ماعندلنا به ».
     وتغصّ الزهراء بريقها ، ويجيبهم عليٌّ :
     « أفكنت أدعُ رسول الله في بيته لم أدفنه ، ثم أخرج اُنازع الناس سلطانه ».
     وتنتهي الزهراء إلى النتائج هذه لا تجد ناصراً ، ولا تلمس موازرأً ، بل تجد لائمة دون روّية ، فتصدع بالنهاية : « ما صنع والله ابو الحسن إلا ما كان ينبغي له ....... وقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه ».
     وكان ماسبق من اختلاف بعض الأنصار إلى علي ، ومحاججة علي بحقه ، وتلاوم بعض الناس في شأن علي ، واجتماع بعض المهاجرين والأنصار في فضاء بني بياضة ، واحتجاج جملة من الصحابة على أبي بكر في مسجد رسول الله ، واستنصار علي بالزهراء للأنصار؛ كان كل ذلك مبرراً سياسياً لأن يشدد الشيخان القبضة على الحكم ، وأن يلجئا إلى القوة والعنف .
     وكان عليٌّ في الزهراء ، وقد لجأ إليها سلمان وعمار والمقداد، أبوذر والزبير وسواهم من بني هاشم ، وطائفة من الأنصار تصابحهم وتماسيهم ، متألبة حيناً ، ونادمة حيناً آخر ، وكان الإحساس بشيء من الخطر يدبّ إلى نفس الشيخين ، فليحسما هذا الموضوع ، وأقبل عمر في شدته ، ومعه جملة من الاعوان في طليعتهم أسيد بن حضير زعيم


118
الأاوس ، وقنفد مولى عمر ، ولفيف من مسلمة الفتح ، واقتحموا دار فاطمة بنت محمد ، ولوحوا « بالنار » لا حراق البيت على من فيه ، إن لم يخرج عليٌّ فيبايع ، وعمر ينادي ـ فيما يزعم ابن قتيبة ـ :
     « والله لتخرجن من الدار إلى البيعة أو لأخرقنها على من فيها ، فيقال له : إن في الدار فاطمة بنت رسول الله ، فيقول : وإن كانت فيها ». ولا أستطيع بيان ما جرى في هذه اللحظات الثائرة ، ولكني أدعه للزهراء : « يا أبت يا رسول الله ....... ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة » .
     و تناهى صوتها إلى الجمع ، فبكوا لبكائها ، و تفرقوا عن بيتها ، إلا عمر بزعم ابن قتيبة ، فإنه أقم ، وأخرج علياً ، وذهب به وجماعة إلى المسجد بين يدي أبي بكر؛ وقال عمر : يا علي بايع ، فقال: وإن لم أفعل ، قالوا إذن تقتل ، قال : تقتلون عبد الله وأخاً لرسوله ، قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخاً لرسول الله فلا ، و أبو بكر ساكت ؟ فقال له عمر : ألا تأمر فيه بامرك ، قال : لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمه إلى جنبه .
     فلحق عليٌّ بقبر رسول الله قائلاً :
     « يا ابن أم : إن القوم استضعفوني ، وكادوا يقتلونني ».


119
(2)
ظلامة الزهراء في انعطاف تاريخي

تثاءبت احتجات الأنصار باهتة ، وتبخرّت أحلام المعارضة السياسية لبيعة أبي بكر ذائبة ، ولكن الآهات لا تهدأ ، والزفرات لا ترقأ ، فقد انطلقت الشكوى الحزينة لابنة صاحب الرسالة ، تزمجر في الاُفق ، فتهتز المدينة لها رقةً حيناً ، وجزعاً حيناً اخر ؛ فالزهراء حبيبة محمد ، وديعته عند المسلمين ، ولهاحرمتها و قداستها ، وإذا بها ترسل ادلتها لمقالتها ، وتدلي بحججها لظلامتها ، تطالب أبابكر ، بفدك نحلتها ، وبإرثها من أبيها ، وبسهم ذوي القربى ، تحاجج بمنطق القرآن ، وتناظر بلغة الوحي ، فاغمط عيناً دون ذلك ، ولجأ إلى المعاذير ، واخترع حديث : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة » كما يرى ذلك طه حسين (1) .
     وكان خبر واحد لا يفيد علماً ولا عملاً ، ولكنه أصر عليه ، فكذب دعواها في النحلة مع الشهود ، وتصرفها زمن أبيها ، ووضع إلىد عليها ، وكلها أمارات تصدق دعواها ، وحرمها الميراث ولم يحرم أزواج النبي من ذلك وانزل سهم ذوي القربى ـ وهو حق خاص منصوص عليه في التنزيل ـ في حساب المسلمين ببيت المال .
(1) ظ : محمد الدسوقي / أيام مع طه حسين / 128 +المؤلف / هكذا رأيتهم / 62.
120
     نظرت الزهراء فإذا يدها صفر من كل شيء : فدك ، الميراث ، السهم المفروض . فلا هي ترث أباها كالمسلمين ، ولا وضع يدها على فدك يحول دون مصادرتها وفيها عمالها ورجالها ، ولا الحق الشرعي النازل من السماء يصل إلىها ، وإذا بها رعية لا تملك شيئاً ، ومغتصبه لا تقدر على شيء ، ومنتهبة لا فرصة لديها في استرداد حق أو استرجاع نصيب .
     انتهت الحقوق المإلىة لديها الى زاوية حادة كما انتهت الحقوق القيادية لزوجها إلى درب مسدود ، فعاد الاثنان علي وفاطمة متساويين في الحرمان والاضطهاد ، ومتناظرين في المحنة والابتلاء .
     واكبر الظن أن أبا بكر قد رد الزهراء في الميراث والنحلة وسهم ذوي القربى ، لا تشكيكاً في صدقها ، فهو أعلم الناس بصدقها في قرارة نفسه دون شك ، ولكنه احتاط لنفسه كثيراً ، ولمنصبه أكثر ، فما أراد أن يأخذ على نفسه أمام المهاجرين والأنصار أنها صادقة ، إذ لو أخذ على نفسه ذلك لكان في أشد الحرج وأعسر الضيق ، فما يدرينا ؛ فلعل الزهراء تأتيه غدا فتقول له إن أبي قد نصّ على عليّ بالخلافة ، سمعتُ هذا ووعيت هذا ، فما هو موقفه يا ترى ؟ وقد حكم لها على نفسه بالأولى ، فما له لا يحكم لها في الآخرة ، إذن فليحسم الأمر منذ لحظاته الأولى ، فالنبي لا يورث ، ولم ينحل الزهراء فدكاً والشهاد ناقصة : زوجها يجرّ النار الى قرصه ، وأم أيمن أعجمية فيما يزعم عمر ، والحسن / والحسين صبيان لا شهاد لهما ، أما وضع إلىد على فدك من قبل الزهراء في حياة أبيها ، وتصرفها في ذلك جهاراً ، فأمر مغموض عليه ، أو أريد أن يغمض عليه ، وأما سهم ذوي القربى فيضعه ببيت المال فالمأمور بإعطائه رسول الله وقد مات ، وكأن الحكم قد نسخ وإلى