أعتقد أنني ـ بعد هذا التحقيق العلمي الدقيق ـ قد وفيت ببعض كلمات البحث الأكاديمية ، بأسلوب يسير ، وبفهم بديهي ، لم أذهب مذاهب القوم في الاستنباط فلسفياً ، ولم أجنح للعبارات المغلقة أو المبهمة ، ولم أتكلف نصاً عميق الدلالة ، بل حاولت خلافه هذا كله ، فجاء العرض بكل بساطة وسماح ، وكان البحث في سلامة من التعنت والأيهام ، واضحاً وضوح الألق في الأديم الصافي ، ومشرقاً إشراق الشمس على البطحاء ، لا أريد بذلك ثناء أو مديحاً ، بل أريد صدقاً وحقيقة ، وذلك سبيل النهج الموضوعي الخالص .
كان هذا الكتاب حصيلة ممارسة فكرية وتأريخية ذاتية في سيرة الامام علي عليه السلام وقيادته النابعة من معين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي بعدُ تمثل الاسلام في مصادره وموارده تمثيلاً منقطع النظير ، فما رأينا علياً عليه السلام مطيعاً لهوى النفس ، ولا سائراً بركاب التأرجح بين الحق والباطل ، فهو مع الحق والحق معه كما عبر عن ذلك منقذ الانسانية محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وما لمسنا علياً مندفعاً لنصرة هذا الدين بدوافع عصبية أو إقليمية ، بل كان ذلك عن بصيرة نافذة أريد بها وجه الله تعالى وحده . وما شاهدنا علياً عليه السلام منتصراً لنفسه على حساب دينه وعقيدته والمسلمين ، بل واجهنا صبره على الأذى ، وتجرعه مرارة الغيظ ،
362
وسكوته عن أثباج قيادته العليا ، لئلا يتأثر الاسلام بشيء ، والناس قريبو العهد بالجاهلية ، فصبر وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، يرى تراثه نهباً ، على حد تعبيره ، وما أدركنا علياً عليه السلام ، متمتعاً بنعيم الدنيا ، ولا مسرفاً في ملبسه وطعامه ، بل أدركناه يلبس الخشن من الثياب ، ويأكل الجشب من الطعام ، إن هي إلا كسيرات من خبز الشعير ، تداف في ملج أو لبن قارض ، زهداً بالترف والعيش الرغيد ، ولو شاء لأهتدى السبيل إلى مصفى هذا العسل ، ولباب ذلك القمح ، ونسائج الحرير ، ولكنها نفسه يروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الفزع الأكبر « ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا عهد له بالشبع ، ولا طمع له بالقرص » كما جاء ذلك في كتابه لأبن حنيف واليه على البصرة . ولقد رأيناه يرتعد من البرد في رحبة الكوفة ، وعليه مدرعة إستحيا من راقعها فهي بالية متهرأة ، لئلا يرزأ المسلمين بشيء من المال الذي جعل له الله فيه حقاً مشروعاً « إن هي إلا قطيفتي التي جئت بها من المدينة » كما قال ذلك لابن عباس .
ولقد خبرناه في قيادته للأمة لم يضع حجراً على حجر ، ولا لبنة فوق لبنة ، وإنما نزل ضيفاً في الكوفة على ابن أخته جعدة بن أبي هبيرة المخزومي ، وأبى أن يسكن في قصر الأمارة ، ووصفه بأنه قصر الخِبال ، وما داره الاثرية الموجودة اليوم جنوبي قصر الأمارة في الكوفة إلا دار ابن أخته ليس غير .
ولقد درسناه وهو يساوي في العطاء بين الناس ، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، لم يؤثر قرابة ، ولا ميز رحماً ، ولا فضل أسباطاً وحفدة هو والحسن والحسين وعقيل أخوه ، وعبد الله بن جعفر زوج عقيلة بني هاشم « زينب » ابنة أمير المؤمنين على حد سواء مع الأعرابي والمولى والمهاجري والأنصاري .
363
ولقد أخذ ولاته وعماله بالشدة والنصح والتأديب ، فما حابى أحداً ، ولا تهاون مع أحد .
ولقد حرب الناكثين والقاسطين والمارقين بصلابة وشجاعة في ذات الله ، كما حارب بالملحظ نفسه في بدر وأحد والأحزاب وخيبر وذات السلاسل ومشاهد رسول الله كلها ، قاذفاً بنفسه في لهوات الحرب ، مباشراً القتال بسيفيه ورمحيه ، وما رأينا قائداً في تأريخ الحروب ينزل ساحة الميدان مقاتلاً سوى أمير المؤمنين عليه السلام ، فالقائد عادة يأمر ويشرف ، ويخطط ويبرمج ، أما عليٌّ عليه السلام ، فقد جمع إلى ذلك مباشرة الحرب ، ومنازلة الأقران ، وكانت له ضربتان في المبارزة طولاً وعرضاً ، فأذا ضرب طولاً قطّ ، وإذا ضرب ضرب عرضاً قَدَّ ، وهذا شأن الأبطال المعدودين ، وأنى يعد معه سواه و « لا فتى إلا عليٌّ ، ولا سيفَ إلا ذو الفقار » ولا تعجب من ذلك فقد خاض المعارك في سبيل الله أربعين عاماً ، وهو القائل عن ذلك « نهضتُ بها ولم أبلغ العشرين ، وها أنا ذا قد ذَرّفتُ على الستين » فللّه درهُ .
ولقد مات عليٌّ ولم يترك بيضاء ولا صفراء إلا سبعمائة درهم من عطائه ، أراد بها شراء من يخدم زوجته على ما قال ذلك ولده الامام الحسن عليه السلام لدى تقلده الامامة في خطبة له .
وفي هذا الضوء وغيره ، ومن خلاله وسواه ، كان هذا الكتاب في ثلاثة فصول رئيسية ، إبتعدت عن الهذر والهذيان ، ونأت عن العاطفة والتعصب الأعمى ، وحققت الواقعية النوعية في جميع الأبعاد ، رؤيةً ونظريةً وتمحيصاً ورأياً ، فما إستندت إلى المراسيل التأريخية ، ولا تجنّت على المصادر ، ولا إفتأتت على الحقائق ، سبرت وحللت ودرست وقارنت ، لا رائد لها سوى السيرة كما كانت ، ولا هدف إلا
364
تصوير قيادة الامام عليه السلام كما هي ، عسى أن تكون قاربت ذلك ، فلا إحاطة للانسان والباحث والمفكر بتراث هذا الانسان العظيم ، ولا قِبلَ للكاتب الموضوعي على إستيعاب روافد هذا البحر المحيط ، فهو عليّ ابن أبي طالب وكفى .
إنها ـ إذن ـ نفحات من عبير سيرته ، وشذرات من كنوز قيادته ، وما لا يدرك كلّه ، لا يترك كله .
تحدثنا في الفصل الأول ، وعنوانه « عليٌّ في عصر النبوة » عن سيرة الامام في عهد الرسول الأعظم في ثلاثة عشر بحثاً مكثفاً ، إستوعبت حياة أمير المؤمنين من ميلاده حتى الهجرة النبوية ، وعرضت بتركيز موجز لإعداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام إعداداً خاصاً تربوياً ورسالياً منذ نعومة أظفاره حتى النصر المبين في معركة « بدر الكبرى » وتناولت سيرة الامام علي عليه السلام في عنفوان شبابه وهو يتوجّه بالزهد والايثار والمواساة بأدق معاني هذه الكلمات وأصدقها ، ودرست علياً عليه السلام بأعتباره فارس المهمات الحربية الصعبة ، وأكدت على تحركه المستميت نضالياً في مشاهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلها ، بما أعتبر بها فارس العرب الأول دون منازع ، ولحظت تسلّمه الراية العظمى في كل الفتوح الألهية بأمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما في ذلك من التأكيد على كونه الامام والقائد ، والمرجع ، فهو أميرٌ لا يُؤَمرُ عليه ، وهو مستخلفٌ والرعيةُ سواه . وأبرزت موقع الامام في فتح مكة عملياً ، وهو إلى جنب النبيّ يكسر الأصنام ، ويطوّح بالأوثان ، لتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة أعدائه هي السفلى . وحققت القول في الأنباء التي كدرت صفو فتح مكة ، بتحرك هوازن وثقيف ، ونشوب معركة « حُنين » الفاصلة في نتائجها على يد أمير المؤمنين عليه السلام وهو يذود الكتائب ، ويحمي
365
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعيد النصر للمسلمين . ولمست علياً عليه السلام رفيق النبي الأمين في حربه وسلمه ، في مظاهر عديدة أشار إليها البحث لما وآحذرَ الاطالة .
وتناول الفصل في بحثه العاشر أحداث حجة الوداع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووقائع النص على إستخلاف عليٌّ عليه السلام في بيعة الغدير ، بروح رياضية ، وعرض أصيل ، ونتائج علمية .
وكان البحث الحادي عشر مخصصاً للوسائل والأساليب التي شرّعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يمهد أمر الخلافة للامام تصريحاً لا تلمحياً ، ونصاً لا إجتهاداً ، بما بلّغ به رسالة ربه ، وهو يلتحق بالرفيق الأعلى وكان البحث الثاني عشر من الفصل متحدثاً عن قيادة قريش الثلاثية برئاسة أبي بكر (رض) وعضوية عمر بن الخطاب (رض) وعضوية أبي عبيدة بن الجراح ، وهي تقتحم مؤامرة السقيفة ، وتبعد أهل البيت عن الخلافة ، بتخطيط محكم ، وقرار عاجل ، وإحاطة شاملة .
وكان آخر بحث من الفصل متحدثاً عن بيعة أبي بكر (رض) وما صاحبها من المفاجأة ، وما رافقها من المعارضة ، وما تكلم به قادة المسلمين ، ورجال الأمة ، إستنكاراً من جهة ، شجباً صامتاً من جهة أخرى ، وبين بين ، حتى تمت مرجعية الصحابة بديلاً متداعياً عن مرجعية أهل البيت عليهم السلام .
وكان الفصل الثاني بعنوان : « عليٌّ بين الشيخين وعثمان » وقد إنتظم في أحد عشر بحثاً رئيسياً ، ضغط الأحداث ، وسلط الضوء الكاشف بحدود على الوقائع ، وأبان مظلومية عليِّ والزهراء عليهما السلام ، وتناول خطب الزهراء بالذات ، وإحتجاجها الصارخ ، وهما يتصاعدان في الأفق البهيم ، وعطف على الثورة المضادة للاسلام وأعاصير الردة ،
366
ونظر إلى أبي بكر وهو يقدس علياً ولكنه يعهد إلى عمر ، ولمس سيرة عمر متكأ على أمير المؤمنين ، ورأى عمر يتناسى علياً وينص على عثمان حصراً في تعيين مجلس الشورى ، ويتسلم عثمان السلطة فيقابل بالكراهية بيعةً وسياسة ، وينقم عليه المسلمون فيتفاقم الخطب ، ولا ناصر له من أتباعه ، حتى يتشحط بدمه صريعاً . فكان البحث الأول في إحتجاج الأنصار فرادى وجماعات مع هنٍ وهنّ ، وإمتناع أمير المؤمنين عن البيعة في جملة من الصحابة الرساليين ، ورعيل من بني هاشم ، وتبعه البحث الثاني متحدثاً عن ظلامة الزهراء في إنعطاف تأريخي خطير يدعمه القرآن والسنة ، وكانت شكوى الزهراء وخطبها يشعان عنان السماء في البحث الثالث ، وجاء البحث الرابع معالجاً لظروف الثورة المضادة للاسلام في إتجاه معاكس ، فيه الاحتجاج حيناً ، والمعارضة حيناً آخر ، بما سمي بحروب الردة ، فكانت بلاءً منصبّاً على الأمة في مختلف الأفتراضات الواقعية منها والمغلّفة بستار مهلهل رقيق .
ووجدنا أبا بكر (رض) في بحث خاص يقدس علياً عليه السلام حتى ليطيل النظر في وجهه ، لأن النظر إلى وجه عليٍّ عبادة فيما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليته نظر إلى قلب عليّ فوجد ما فيه من وجد ، ولمس ما في شغافه من ألم وأسى ، ولكنه أغمض عن ذلك كله ، وعهد إلى عمر(رض) في الخلافة في مسلسل محكم لأقصاء أمير المؤمنين عن القيادة .
وجاء عمر إليها واثقاً من نفسه ، ومستنداً إلى أمير المؤمنين في معضلاته ومتكأ عليه في الفتاوى والمشكلات والرأي والإشارة والمشاورة ، بما صوره تصويراً دقيقاً المبحث السادس « سيرة عمر وإتكاؤه على أمير المؤمنين » ودنا أجل عمر فعيّن مجلساً للشورى برئاسة
367
عبد الرحمن بن عوف ، رشح فيه عثمان بما رسم وخطط تعييناً وتعيناً ، وأقصى علياً في رؤية واضحة لا أبهام فيها ولا غموض ، وبويع عثمان فأستقبل المسلمون بيعته بالكراهية والسخط ، وزاد في الطين بلة بسياسته من الصحابة لا سيما أبي ذر وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود بما مثلّه البحثان الثامن والتاسع في تكثيف وموضوعية .
ونقم المسلمون على عثمان سياسته المالية ، وسياسته العمالية في تعيين الولاة ، وإستئثاره بالفيء ، وتسليط مروان على مرافق الدولة ، وإستهتار عماله بحقوق المسلمين ، وضعف شخصيته ، وتداعي هيبة الخلافة ، فتجمعت الأمصار ، وكثر اللغط ، وغدر مروان ، فكان التغيير الجذري بثورة المسلمين مصريين وعراقيين وحجازيين ، وأمسك معاوية بجيشه السوري المنظم عن نصرته ، وتربص حتى مصرعه ، فكان له ما أراد ، إذ أجهز الثائرون على عثمان من كل صوب وحدب ، وقتل طعيناً وأنصاره بمشهد وبمسمع ، ومنتدى ومجمع ، لم يحركوا ساكناً ، إلا لماضة من إحتجاج مصطنع ، لا يسمن ولا يغني من جوع .
ولقد نصح له عليّ عليه السلام ما أستطاع إلى ذلك سبيلاً ، وقد إستجاب له عثمان بحدود معيّنة ، ولكن مروان أفسد على عثمان رأيه ، فكانت الفتنة بما صورناه في البحث تصويراً فاعلاً نابضاً بوقائع الأمور الصادقة دون أية إضافة أو تزيّد .
وكان الفصل الثالث بعنوان : « عليّ في قيادته للأمّة » في أربعة عشر مبحثاً ، لا أستطيع الوفاء بأنجازاتها العلمية ، فيها العرض الصادق ، والاجتهاد المتميّز ، والحقائق الناصعة ، والأضواء الكاشفة ، والتأريخ الصقيل الخالص ، والتقييم الموضوعي الرائد ، والمناخ الانساني
368
المتطور ، والقيادة المتموجة بين البعد السياسي والملحظ الديني مما رسخ أصول الحكم الإسلامي في ذروة تعليماته الفذة ، وقرارته الحضارية في العدل الاجتماعي ، والمساواة البشرية ، مما قلب المفاهيم الخاطئة ، وإستبدالها بموازين جديدة عادت بالاسلام إلى ينابيعه الأولى ، وبالمسلمين إلى عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم .
ولمحت الدراسة إلى ما أبلتي به الامام من الخصوم والأعداء ، وهو في غمرة من الآلام النفسية حتى إستشهاده ، مما عبرّت عنه المباحث التي أكتفي بذكرها دون التفصيل ، وبعنواناتها دون التعليق ، وأدع تقييم ذلك للقارىء يحكم له أو عليه ، هذه البحوث هي كما وردت :
1 ـ الثورة ترشح الامام للخلافة ، والامام يستقرىء الغيب المجهول .
2 ـ إستقبال خلافة الامام بين المحرومين والأرستقراطيين .
3 ـ المتمردون في مجابهة الامام متظاهرين بالثأر لعثمان .
4 ـ قيادة الناكثين بين التردد وإقتحام مشارف البصرة .
5 ـ حرب الجمل وهزيمة المتمردين .
6 ـ عليٌّ في البصرة ومسيرة رسول الله .
7 ـ عليٌّ يتخذ الكوفة عاصمة ، ويقدّم طلائعه إلى صفّين .
8 ـ معركة صفين وإنحياز الخوارج .
9 ـ الوفاء بشأن التحكيم ومعركة النهروان .
10 ـ معاوية والخوارج يقتسمان الأحداث الدموية .
11 ـ ظواهر العدل الاجتماعي عند الامام تقلب الموازين .
369
12 ـ المهمات القيادية السياسية والتعليمات العسكرية لأمير المؤمنين .
13 ـ تهذيب النفس الانسانية لدى الامام في إرادة الحكم الأسلامي .
14 ـ عليٌّ ومناوؤه حتى إستشهاد الامام .
وكل ما أخلص إليه في هذا الفصل : أن الامام إستقبل الأحداث وجهاً لوجه ، وأرسى المفهوم الاسلامي المشرق للحكم والحاكم ، فلم يكن مهادناً في ذات الله ، ولا متخاذلاً في أمر الله ، ولا مجاملاً في تنفيذ حكم الله ، وقد كلفّه هذا الاتجاه المستقيم كثيراً من العناء والبلاء ، حتى خاض غمار ثلاثة حروب دامية ، ما إنتصر بها لنفسه ، وإنما إنتصر بها لمبدئه .
ولقد إحتاط لنفسه ودينه وللمسلمين ، فما عطل حكماً ، ولا إحتجن مالاً ، ولم يسرف في شيء أبداً ، فأحتفل به المحرومون ، ورفضه الأرستقراطيون ، وسير من القيم والمثل العليا ما جعله في مصاف الخالدين . وزهد في الحياة بما جعله كأحد الناس له ما لهم وعليه ما عليهم ، وطبق سنن العدل والمساواة حتى إبتعد عنه الأنتهازيون ، وإختلف عليه الأقربون ، وبقي في كوكبة قليلة من القادة والأنصار ، وأبقى على فئة صالحة من الرساليين ، وتفرق عنه الناس يميناً وشمالاً ، وهو القائل : « ما أبقى لي الحقّ من صديق » .
وإحتضن معاوية أصحاب المطامع ، وإشترى الذمم والضمائر ، ولكنه الباطل الذي يتلاشى في جولته أمام الحق في صولته ، فالامام خالدٌ ما دامت السماوات والأرض ، ومناوؤه في مزبلة التأريخ تُصبُّ
370
عليهم لعنة الأجيال ، ورحم الله الشيخ عبد الحميد السماوي حيث يقول :
وهذا عَلِيٌّ . . والأهـازيجُ باسـمِهِ أعيدوا « ابن هندٍ » إن وَجَدتُم رُفَاتَهُ