ولـم أر فـرسـانـاً أشـد حفـيظـةً | * | وأمنـع منـا يـوم تـل الـجمـاجـم |
غـداة غـدا أهـل العـراق كـأنهـم | * | نعـام تـلاقـى في فجـاج الـمخـارم |
إذا قلـت قـد ولـوا تثـوب كـتيبـة | * | ملـملـةً في البيـض شمـط الـمقـادم |
وقـالـوا لنـا هـذا عـلي فبـايعـوا | * | فقلنـا صـهٍ بـل بالسيـوف الصـوارم |
وقفنـا لـديهم يـوم صفيـن بـالثنـا | * | لـدن غـدوةٍ حتى هـوت لغـروب |
وولى ابن حـرب والرمـاح تنـوشـه | * | وقـد أرضت الأسيـاف كل غضوب |
نجـالـدهم طـوراً وطـوراً نشـلهـم | * | على كـل محبـوك السـراة شبـوب |
فلـم أر فـرسـانـاً أشـد حفيـظـة | * | إذا غشـي الآفـاق رهـج جـنـوب |
صـدق الله وهـو لـلصـدق أهـلٌ | * | وتـعـالـى ربـي وكـان جـليـلاً |
رب عـجـل شهـادةً لـي بقـتـل | * | في الـذي قـد أحـب قتـلاً جميـلاً |
مقبـلاً غيـر مـدبـرٍ إن لـلقتـل | * | عـلى كـل ميـتـةٍ تـفـضـيـلاً |
أنـهـم عنـد ربهـم في جـنـانٍ | * | يشـربـون الـرحيق والسلـسبيـلا |
مـن شـراب الأبـرار خـالـطـه | * | المسـك وكـأسـاً مزاجها زنجبيـلاً(1) |
قـد أكـثـرا لـومـي ومـا أقـلا | * | أنـي شـريـت الـنـفـس لـن أعتـلا |
أعـور يـبـغـي أهـلـه مـحـلاً | * | قـد عـالـج الـحـيـاة حـتـى مـلا |
لا بـد أن يــفــلَّ أو يُــفــلا | * | أشــلـهـم بـذي الـكـعـوب شــلا |
مـع ابـن عـم أحـمـد الـمعـلى | * | أول مــن صــدقــه وصــلــى |
ليـس عمرو تبـارك ذِكـره الحـارث بـالسوء أويـلاقي عليـا |
واضـع الـسيف فـوق منكبـه الأيمن لا يحسب الفـوارس شيـّا |
لـيت عمراً يلـقاه في حومة الـنقع وقد أمست الـسيوف عصيّـا |
حيث يـدعـو لـلحـرب حامية القـوم إذا كان بـالبـراز مليّـا |
فـالقه إن أردت مكـرمة الـدهـر أو المـوت كـل ذاك عليـا |
يقـول لنـا معـاويـة بن حـرب | * | أمـا فيكـم لـواتـركـم طـلـوبُ |
يشـد على أبـي حسـن عـلـيٍّ | * | بـأسمـر لا تـهجـّنـه الـكعـوبُ |
فـيهتـك مجمـع اللـبّـاتِ منـه | * | ونـقـع الحـرب مـطـرد يـؤوبُ |
فقـلت لـه أتلعبُ يـا بـن هنـد | * | كـأنـك بينـنـا رجـل غـريـبُ |
أتغـريـنـا بحيـة بـطـن وادٍ | * | أتـيـح لـه بـه أسـد مـهـيـبُ |
بـأضعـف حيـلةً منـا إذا مـا | * | لـقـينـاه ولـقـيـاه عـجـيـبُ |
سـوى عمـرو وقتـه خصيتـاه | * | وكـان لـقلـبـه مـنـه وجـيـب |
كـان الـقـوم لـمـا عـاينـوه | * | خـلال الـنقـع ليـس لهـم قلـوبُ |
لعمـر أبي معـاويـة بن حـرب | * | ومـا ظني ستـلحـقـه الـعيـوبُ |
لـقـد نـاداه في الهيجـا علـيٌ | * | فـاسمعـه ولـكـن لا يـجـيـبُ |
يـذكـرني الـولـيـد دعـا علـيٍّ | * | ونـطق المـرء يمـلأه الـوعيـدُ |
متـى تـذكـر مشـاهـده قـريش | * | يطـر من خـوفه القلب السـديـدُ |
فـأمـا في الـلقـاء فـأيـن منـه | * | معـاويـة بن حـرب والـولـيـد |
وعيـرني الـولـيـد لـقـاء ليـثٍ | * | إذا مـا شـدّ هـابـتـه الأســود |
لـقيـت ولـستُ أجـهلـه عـليـاً | * | وقـد بـلّت من العـلـق الـلبـود |
فـأطـعنـه ويـطعنـني خـلاسـاً | * | ومـاذا بـعـد طعـنـتـه أريـدُ |
فرمهـا منـه يـا بـن أبي مُعَيـط | * | وأنت الفـارس البـطـل الـنجيـد |
وأقـسم لـو سمعـتَ نـدا عـلـي | * | لـطار القـلب وانـتفـخ الـوريـد |
ولـو لاقـيـتـه شُـقّـت جيـوبٌ | * | علـيك ولـطمـت فيـك الخـدودُ |
نحـنُ ضـربـنـاكـم علـى تـأويـلـه | * | كـمـا ضـربنـاكـم علـى تنـزيـلـهِ |
ضـربـاً يـزيـل الهـام عـن مقيـلـهِ | * | ويـذهـل الـخـلـيـل عـن خـليـلـهِ |
كـلا ورب الـبـيـت لا أبـرح اجـي | * | حـتى أمـوت أو أرى مـا أشـتهـي |
لا أفتـأ الـدهـر أحـامـي عن علـي | * | صهـر الرسـول ذي الأمانات الوفـي |
يـنصـرنـا رب السـمـوات الـعلـي | * | ويـقطـع الهـام بحـدّ الـمشـرفـي |
يمنحنـا الـنصـر على من يـبـتغـي | * | ظلمـاً علـينـا جاهـداً ما يـأتـلـي |
تعـاتبني أن قـلتُ شيئـاً سمعتُـه | * | وقـد قلتَ لـو انصفتـني مثله قـبلي |
أنـعلك فيما قـلت نعـل ثبـيتـةٌ | * | وتـزلق بي في مثـل ما قلـتهُ نعـلي |
وما كـان لي عـلم بصفين أنهـا | * | تكـون وعمّـار يحـث عـلى قتـلي |
ولـو كان لي بالغيب علم كتمتهـا | * | وكـايدت أقـواماً مراجـلهـم تغـلي |
أبـى الله إلا أن صـدرَك واغـرٌ | * | علـيَّ بـلا ذنب جـنيـت ولا ذحـلِ |
سـوى أنني والـراقصات عشيـة | * | بنصرك مدخول الهـوى ذاهـل العقـل |
فلا وضعت عني حَصَانٌ قناعهـا | * | ولـو حملـت وجنـاء ذِعلـبةً رحـلي |
ولا زلت أدعى في لؤي بن غالبٍ | * | قـليـلاً غَـنَـائي لا أمـرُّ ولا أُحـلي |
إن الله أرخى من خنـاقـك مـرةً | * | ونلـت الـذي رجيت ان لم أزر أهـلي |
واترك لك الشام التي ضاق رحبها | * | عليك ولم يهنـك بها العيش من أجـلي |
أالآن لمـا ألـقـت الحـرب بـركهـا | * | وقـام بنـا الأمـر الجليـل على رجـل |
غمـزتَ قنـاتى بعـد سـتيـن حجـةٍ | * | تـبـاعـاً كـأنـي لا أمِـرّ ولا أحـلي |
أتيـت بـأمـر فيـه لـلشـام فـتنـةٌ | * | وفي دون مـا أظهـرتـه زلة الـنعـل |
فقـلت لك الـقول الـذي ليس ضائـراً | * | ولو ضـرّ لم يضررك حملك لي ثقـلي |
فعـاتبـتنـي في كـل يـوم ولـيـلةٍ | * | كـأن الـذي ابليـك ليـس كمـا ابـلي |
فـيـا قـبـح الله الـعتـاب وأهـلـه | * | ألـم تـر ما أصبحتُ فيه من الـشغـل |
فـدع ذا ولكن هـل لك اليـوم حيلـة | * | تـرد بهـا قـومـاً مـراجلهـم تغـلي |
دعـاهم عليٌّ فـاستجـابـوا لـدعـوةٍ | * | أحب إلـيهـم من ثـرى المال والأهـل |
إذا قلت هـابوا حومة المـوت أرقلـوا | * | إلى الموت إرقال الهَلـوكِ إلى الـفحـل (1) |