218 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو إسحاق المدني وأبو الحسن الحافظ قالا : حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي ، حدثنا سليمان بن خالد بن صبيح ـ مولى سهل بن حنيف ـ أبو عمر الرقى حدثنا أبو علية ، عن أبي سفيان بن العلاء ، عن أبي عتيق قال : قالت عائشة : إذا مر ابن عمر فأرونيه ، فلما مر قيل لها : هذا بن عمر ، قالت : يا أبا عبد الرحمان ما يمنعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : قد رأيت رجلا قد غلب عليك وظننت أن لا تخالفيه ، قالت : أما انك لو نهيتني ما خرجت .
219 ـ وبهذا الاسناد عن أبي سفيان بن العلا هذا ، عن بن أبي عتيق قال : قالت عائشة : إذا ذكرت يوم الجمل أخذت مني هاهنا ، وتشير بيدها إلى حلقها .
220 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد ، أخبرنا أحمد بن عثمان الآدمي ، حدثنا أبو جعفر محمد بن سويد الطحان ، حدثنا سفيان بن محمد المصيصي ، حدثنا يوسف بن أسباط ، حدثنا سفيان الثوري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ما ذكرت عائشة مسيرها إلا بكت حتى تبل خمارها ، وتقول : يا ليتني كنت نسياً منسياً (1).
221 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الوليد الامام وابو بكر بن قريش قالا : حدثنا الحسين بن سفيان ، حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا الحسن بن الحسين ، حدثنا رفاعة بن أياس الضبي ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا مع علي يوم الجمل ، فبعث إلى طلحة بن عبيدالله أن القني فأتاه ، فقال : نشدتك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه ،
____________
(1) تاريخ بغداد 9 | 185 ـ ونظيره في انساب الاشراف 2 | 265 .
( 183 )
وعاد من عاداه ، قال نعم ، قال فلم تقاتلني ؟ قال : لم اذكر ، قال فانصرف طلحة (1) .
222 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ، أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا بن نمير ، حدثنا وكيع ، حدثنا اسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال : كان مروان مع طلحة والزبير يوم الجمل ، فلما نشبت الحرب ، قال مروان لا اطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فاصاب ركبته (2) ـ يعني طلحة ـ .
223 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو نصر بن عمر بن عبد العزيز عمر بن قتادة ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج ، حدثنا أبو جعفر الحضرمي مطين ، حدثنا جندل بن والق ، حدثنا محمد بن عمر المازني ، عن أبي عامر الانصاري ، عن بلال بن ثور بن مجزأة السدوسي ، عن أبيه ، عن جده قال : مررت بطلحة وهو صريع بآخر رمق ، فقال : من أنت ؟ فانى أرى وجهك كالقمر ليلة البدر ؟ قال قلت : رجل من أصحاب أمير المؤمنين ، قال : فمد يدك أبايعك لأمير المؤمنين ، فبسطت يدي فبايعني ، ثم قضى نحبه فاتيت علياً فأخبرته بمقالته ، فقال : الله اكبر صدق الله ورسوله ، أبي الله أن يدخله الجنة الا وبيعتي في عنقه ، وأما الزبير بن العوام فانه أيضاً خرج يطلب بدم عثمان ثم تلهف على ذلك حين أحس الفتنة .
قال رضي الله عنه : وذكر ابن اعثم في فتوحه : أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كتب إلى طلحة والزبير قبل قتال الجمل اخذاً للحجة عليهما : أما بعد فقد علمتما اني لم أرد الناس حتى أرادوني ، ولم ابايعهم حتى اكرهوني ، وانتما ممن أراد بيعتي وبايعوا ، ولم تبايعا لسلطان غالب ولا لغرض
____________
(1) مروج الذهب 2 | 364 .
(2) رواه البلاذري في انساب الاشراف 2 | 246 اطول من ذلك .
( 184 )
حاضر (1) ، فإن كنتما بايعتما طائعين ، فتوبا إلى الله وارجعا عما أنتما عليه ، وان
كنتما مكروهين فقد جعلتما لي السبيل (2) عليكما باظهاركما الطاعة وكتمانكا المعصية ، وأنت يا زبير فارس قريش ، وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين ودفعكما هذا الأمر قبل ان تدخلا فيه أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما (3)
وكتب إلى عائشة : أما بعد ، فإنك قد خرجت من بيتك عاصية لله ولرسوله محمد صلى الله عليه وآله ، تطلبين أمراً كان عنك موضوعاً ثم تزعمين أنك تريدين الاصلاح بين المسلمين ، فخبريني ما للنساء وقود العساكر والاصلاح بين الناس ؟ وطلبت كما زعمت بدم عثمان وعثمان رجل من بني أمية ، وأنت امرأة من بني تيم بن مرة ، ولعمر الله ان الذي عرضك للبلاء وحملك على المعصية لأعظم اليك ذنبا من قتلة عثمان ، وما غضبت حتى اغضبت ولا هجت حتى هيجت ، فاتق الله يا عائشة وارجعي إلى منزلك واسبلي عليك سترك والسلام (4) .
وروى : انه راسلهم مرة بعد اخرى ليكفوا عن الحرب ، وحمل زيد ابن صوحان وعبد الله بن عباس رسالاته إليهم ، فلما لم يجيبوا إلى ذلك جمع من تابعه من الناس من اهل بيعته فخطبهم فقال : يا أيها الناس اني قد تأنيت هؤلاء القوم وراقيتهم وناشدتهم كيما يرجعوا ويرتدعوا ، فلم يفعلوا ولم يستجيبوا وقد بعثوا إلي ان ابرز إلى الطعان واثبت للجلاد وقد كنت وما اهدد بالحروب ولا أدعى إليها وقد انصف من راماها ، ولعمري لئن ابرقوا
____________
(1) هكذا في الأصلين ولكن في شرح لنهج البلاغة لابن أبي الحديد : « لحرص حاضر » وفي شرح لنهج البلاغة لعبده : « لعرض حاضر » وفي هامشه : والعرض ، بفتح فسكون ـ أو بالتحريك ـ : هو المتاع ، وما سوى النقدين من المال ومعناه ولا لطمع في مال حاضر .
(2) السبيل : الحجة .
(3) شرح نهج البلاغة لعبده ولابن أبي الحديد 17 | 131 الكتاب | 54 .
(4) الامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري 1 | 70 .
( 185 )
وارعدوا فلقد عرفوني وراوا نكايتي القارة ، أنا أبو الحسن الذي فللت حدهم ، وفرقت جماعتهم فبذلك القلب القى عدوي وأنا على بينة من ربي لما وعدني من النصر والظفر ، واني لعلي غير شبهة من أمري ، ألا ان الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ، ومن لم يقتل يمت ، وان أفضل الموت القتل ، والذي نفس على بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة الفراش ، ثم رفع يده إلى السماء وهو يقول : اللهم ان طلحة بن عبيدالله اعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتى ، اللهم فعاجله ولا تمهله ، اللهم وان الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي ونصب الحرب لي وهو يعلم انه ظالم لي ، فاكفنيه كيف شئت وانى شئت . قال « رض » أنصف القارة من راماها ، القارة قبيلة وهم عضل والديش وهم ابناء الهون بن خزيمة ، سموا قارة لاجتماعهم والتفافهم ، تشبيهاً بالقارة التي هي الاكمة ، وقد أراد الشداخ أن يفرقهم في قبائل كنانة فقال رجل منهم :
دعونا قارة لا تنفرونـا * فنجفل مثل اجفال الظليم
أي دعونا مجتمعين ، وكانوا رماة الحدق زعموا أن أربعين منهم احسوا بشيء في الليلة المظلمة فرموه فاصبحوا فرأوا الأربعين سهما في هرة (1) والتقى قاري واسدى فقال القاري : ان شئت صارعتك ، وأن شئت راميتك ، وان شئت سابقتك ، فاختار الاسدي المراماة ، فقال القاري :
قد علمت سلمى ومن والاها * إنا نصـد الخيل من هواها
قد انصف القارة من راماها * إنــا إذا ما فئــة نلقاها
نرد اولاها على أخراهــا * نردهـا داميــة كلاهـا
ثم انتزع القاري له بسهم فشك به فؤاده ، ضربه أمير المؤمنين مثلا فيمن
____________
(1) وفي [ ر ] : هزة وهو تصحيف .
( 186 )
أختار محاربته وهو ابن بجدتها (1) فقد انصفه .
قال رضي الله عنه : ولما تقابل العسكران : عسكر أمير المؤمنين علي عليه السلام وعسكر أصحاب الجمل ، جعل أهل البصرة يرمون أصحاب علي بالنبل حتى عقروا منهم جماعة ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين انه قد عقرنا نبلهم فما انتظارك بالقوم ، فقال علي : اللهم اني اشهدك اني قد اعذرت وانذرت فكن لي عليهم من الشاهدين ، ثم دعا على بالدرع ، فأفرغها عليه وتقلد بسيفه واعتجر بعمامته واستوى على بغلة النبي صلى الله عليه وآله ، ثم دعا بالمصحف فأخذه بيده وقال : يا أيها الناس من ياخذ هذا المصحف فيدعوا هؤلاء القوم إلى ما فيه ؟ قال فوثب غلام من مجاشع يقال له مسلم ، عليه قباء أبيض ، فقال له : انا آخذه يا أمير المؤمنين ، فقال له علي : يافتى ان يدك اليمنى تقطع فتأخذه باليسرى فتقطع ، ثم تضرب عليه بالسيف حتى تقتل ، فقال الفتى : لا صبر لي على ذلك (2) يا أمير المؤمنين ، قال فنادى علي ثانية ، والمصحف في يده ، فقام إليه ذلك الفتى وقال : أنا آخذه يا أمير المؤمنين ، قال فاعاد عليه على مقالته الاولى ، فقال الفتي : لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله ، ثم اخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم ، فقال : يا هؤلاء ، هذا كتاب الله بيننا وبينكم ، قال فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها ، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله ، فاحتضن المصحف بصدره فضرب عليه حتى قتل ـ رحمة الله عليه ـ قال فنظرت إليه امه فرثته بأبيات من الشعر ، قال ثم رفع علي رأيته إلى ابنه محمد بن الحنفية وقال : تقدم يا بني ، فتقدم محمد ثم وقف بالراية لا يبرح بها ،
____________
(1) هو ابن بجدتها : يقال للعالم المتقن ، واصله الدليل الهادي في الصحراء ، ومن لا يبرح عن قوله ـ المعجم الوسيط .
(2) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ـ لأصبر على ذلك .
( 187 )
فصاح به علي : اقتحم لا ام لك ، فحمل محمد بالراية وطعن بها في أصحاب الجمل طعناً منكراً ، وعلي ينظر فاعجبه ما رأى من فعاله فجعل يقول عليه السلام :
اطعن بها طعن أبيــك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد
قال فقاتل بالراية محمد بن الحنفية ساعة ، ثم رجع وضرب علي بيده إلى سيفه فاسله ، ثم حمل على القوم فضرب فيهم يمينا وشمالاً ، ثم رجع وقد انحنى سيفه فجعل يسويه بركبته فقال له أصحابه : نحن نكفيك ذلك يا أمير المؤمنين ، فلم يجب أحداً حتى سواه ثم حمل ثانية حتى اختلط فيهم ، فجعل يضرب فيهم قدما حتى انحنى سيفه ، ثم رجع إلى أصحابه ووقف يسوي السيف بركبته وهو يقول : والله ما أريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة ، ثم التفت إلى ابنه محمد بن الحنفية وقال : هكذا فاصنع يا بني (1) ثم تقدم رجل من أصحاب الجمل يقال له عبد الله بن يبرى فجعل يرتجز ويقول :
يا رب أني طالب أبا الحسن * ذاك الذي يعرف حقاً بالفتن
ذاك الذي نطلبه على الاحن * ونقضـه شريعة من السنن
قال فخرج إليه علي وهو يقول :
ان كنت تبغي ان ترى أبا حسـن * وكنت ترميــه بايثار الفتـن
فاليوم تلقـاه مليــا فاعلمــن * بالضرب والطعن عليما بالسنن
قال ثم شد عليه علي بالسيف فضربه ضربة هتك بها عاتقه فسقط قتيلاً ، فوقف عليه علي وقال : قد رأيت أبا الحسن فكيف رأيته ؟ (2) قال وخرج أخوه عبد الله بن يبرى وهو يرتجز ويقول :
أضربكم ولو أرى علياً * عممته أبيض مشرفياً
واسمراً عنطنطا خطيا * ابكي عليه الولد والوليا
____________
(1) و(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 | 257 و9 | 111 و1 | 256 .
( 188 )
قال : فخرج إليه علي عليه السلام متنكرا وهو يقول :
يا طالبا في حربه عليا * يمنحه أبيض مشرفيا
أثبت لتلقاه بها عليـا * مهذبـاً سميدعاً كميا
قال ثم حمل عليه علي فضربه ضربة على وجهه فرمى بنصف رأسه ، وأنصرف علي يريد إلى أصحابه ، فصاح به صائح من ورائه والتفت فإذا بعبدالله بن خلف الخزاعي ـ وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة ـ فلما رآه علي عليه السلام عرفه فنادى : ما تشاء يابن خلف ؟ قال هل لك في المبارزة ؟ قال علي عليه السلام : ما اكره ذلك ولكن ويحك يابن خلف ما راحتك في القتل ، وقد علمت من أنا ، فقال عبد الله بن خلف ، زرني من بذخك يابن أبي طالب وادن مني لترى أينا يقتل صاحبه فثنى إليه علي عليه السلام عنان فرسه ، قال : والتقيا للضراب فبدره عبد الله بن خلف بضربة ، دفعها علي عليه السلام بححفته ، ثم ضربه ضربة رمى بيمينه ثم ثناه بأخرى ، فاطار قحف رأسه (1) (2) .
قال « رضي الله عنه » العنطنط : الطويل المضطرب ، والسميدع : السيد الكريم الموطأ الاكتاف . وجال الأشتر بين الصفين وقتل من شجعان أهل الجمل جماعة واحداً بعد واحد مبارزة ، وكذلك عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر واشتبكت الحرب بين العسكرين واقتتلوا قتلاً شديداً لم يسمع بمثله ، وقطعت على خطام الجمل ثماني وتسعون يداً ، وصار الهودج كأنه القنفذ (3) مما فيه من النبل والسهام ، واحمرت الارض بالدماء ، وعقر الجمل من ورائه فعج (4) ورغا ، فقال علي : عرقبوه فانه شيطان ، ثم التفت إلى محمد بن أبي بكر وقال : انظر
____________
(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 | 261 .
(2) قحف الرأس : فوق الدماغ ـ النهاية .
(3) و(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 | 262 ـ 266 .
( 189 )
إذا عرقب الجمل فادرك اختك فوارها ، وقد عرقب الجمل فوقع لجنبه وضرب بجرانه الارض ، ورغا رغاء شديداً وبادر عمار بن ياسر فقطع أنساع الهودج بسيفه واقبل علي عليه السلام على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فقرع الهودج برمحه ، ثم قال : يا عائشة اهكذا أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقالت عائشة [ يا ] أبا الحسن قد ظفرت فأحسن ، وملكت فاسجح ، وقال علي عليه السلام لمحمد بن أبي بكر : شأنك باختك فلا يدنو أحد
سواك ، فأدخل محمد يده إلى عائشة فاحتضنها ، ثم قال : اصابك شيء ؟ قالت لا ، ولكن من أنت ويحك فقد مسست مني ما لا يحل لك ؟ فقال محمد : اسكتي فأنا محمد أخوك ، فعلت بنفسك ما فعلت ، وعصيت ربك وهتكت سترك وابحت حرمتك ، وتعرضت للقتل ، ثم ادخلها البصرة وانزلها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي (1) .
قال رضي الله عنه : ومن كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في ذم البصرة وأهلها : « كنتم جند المرأة واتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق ، المقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ، كأني بمسجدكم كجوجؤ سفينة قد بعث إليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها » (2) .
قال « رض » الزعاق : الماء الشديد الملوحة .
الفصل الثالث
في بيان قتال أهل الشام أيام صفين وهم القاسطون
224 ـ أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار
____________
(1) انساب الاشراف 2 | 249 اقصر من ذلك .
(2) خطبة 6 من نهج البلاغة لصبحي الصالح .
( 190 )
الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري ، حدثنا اسماعيل بن أبان ، حدثنا اسحاق ابن ابراهيم الإزدي عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع من ؟ قال : مع علي بن أبي طالب ، معه يقتل عمار بن ياسر (1) .
225 ـ وأخبرنا أبو منصور شهردار هذا أخبرنا أبو الفتح عبدوس هذا كتابة ، أخبرنا الامام أبو بكر أحمد بن اسحاق الفقيه ، حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا زكريا بن الخزاز المقري ، حدثنى اسماعيل بن عباد المقري ، حدثنا شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى منزل ام سلمة ، فجاء علي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعدي (2) .
226 ـ وأخبرني أبو منصور شهردار هذا كتابة ، أخبرني أبو الفتح عبدوس هذا كتابة ، حدثنا أبو بكر محمد بن بالويه ، حدثنا الحسن بن علي ين شبيب المعمري ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، قال حدثني أبو زيد الاحول ، عن عتاب بن ثعلبة قال : حدثني أبو أيوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علي بن أبي طالب عليه السلام (3) .
227 ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ،
____________
(1) اسد الغابة لابن الاثير 4 | 32 ـ ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 | 212 .
(2) تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 | 206 .
(3) مستدرك الصحيحين 3 | 139 ـ تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 | 213 .
( 191 )
أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا
والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السبعى النيسابوري بها ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا ابراهيم بن مرزوق ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن سعيد بن أبي الحسن ، عن امه ، عن ام سلمة : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية (1) .
228 ـ وبهذا الأسناد عن إبراهيم بن مرزوق هذا ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن امه ، عن ام سلمة : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية (2) أخرجه مسلم في الصحيح .
229 ـ وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله ابن بطة الاصبهاني ، حدثنا الحسن بن الجهم ، حدثنا الحسين بن الفرج ، حدثنا محمد بن عمرو ـ هو الواقدي ـ حدثني عبد الله بن الحارث ، عن أبيه ، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً ، وشهد صفين وقال لا اصلي ابداً (3) حتى يقتل عمار ، فأنظر من يقتله فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : تقتله الفئة الباغية ، قال : فلما قتل عمار ، قال خزيمة : قد جازت لي الصلاة ، ثم اقترب فقاتل حتى قتل ، وكان الذي قتل عماراً ابو عادية المزني طعنه برمح فسقط وكان يومئذ يقاتل وهو إبن أربع وتسعين سنة ، فلما وقع اكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كلاهما يقول : أنا قتلته ،
____________
(1) و(2) صحيح مسلم الجزء الثامن ـ | 186 .
(3) أي لا اصلي خلف امام حتى يتبين الإمام . هكذا في المخطوطات وروى ابن سعد في طبقاته ج 3 ص 259 هكذا : أنا لا أصل أبداً . . فلما قتل عمار . . قال خزيمة : قد بانت لي الضلالة وهكذا أيضاً رواه ابن الاثير في اسد الغابة 4 | 47 .
( 192 )
فقال عمرو بن العاص : والله ان تختصمان إلا في النار ، فسمعها منه معاوية فلما انصرف الرجلان ، قال معاوية لعمرو : ما رأيت مثل ما صنعت ، قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما : انكما لتختصمان في النار ، فقال عمرو : وهو والله ذاك والله انك لتعلمه ولو ددت اني مت قبل هذا بعشرين سنة (1) .
230 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدثني محمد بن اسحاق الصفار ، حدثني وهب ـ هو بن بقية ـ (2) ، حدثني خالد يعني ـ ابن عبد الله ـ عن خالد الحذاء ، عن عكرمة : أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله بن عباس : انطلقا [ إلى ] ابى سعيد فاسمعا من حديثه ، فأتيناه فإذا هو في حائط له ، فلما رآنا جاء فاخذ ردائه ثم قعد فأنشا يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال : كنا نحمل لبنة لبنة ، وعمار لبنتين لبنتين ، فرآه النبي صلى الله عليه وآله فجعل ينفض التراب عن رأس عمار ويقول : يا عمار الا تحمل كما يحمل أصحابك ؟ قال : اني أريد الأجر من الله عزوجل قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول : ويحك تقتلك الفئة الباغية ، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار ، قال عمار : أعوذ بالرحمان ـ أظنه قال من الفتن ـ (3) .
قال أحمد بن الحسين البيهقي هذا حديث صحيح على شرط البخاري .
231 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ،
____________
(1) مستدرك الصحيحين 3 | 385 ورواه ابن الاثير في اسد الغابة 4 | 474 والطبقات الكبرى لابن سعد 3 | 259 . وهذا كلام قالته عائشة أيضا بعد حرب الجمل ـ انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 | 264 .
(2) في [ ر ] : (خ ل) : منبه .
(3) صحيح البخاري الجزء الأول ص 3 باب التعاون في بناء المسجد ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 3 | 252 و252 ـ والحديث أيضاً في الجزء الرابع منه ص 21 باب مسح الغبار عن الناس .
( 193 )
حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن اسحاق ، قال حدثني بريدة بن سفيان ، عن محمد بن كعب : أن كاتب رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الصلح ، كان علي بن أبي طالب عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، فجعل على يتلكأ ويابى إلا أن يكتب : « محمد رسول الله » فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اكتب فان لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد ، فكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو (1)
232 ـ قال رضي الله عنه : وروى السيد أبو طالب باسناده عن علقمة والاسود قالا : أتينا أبا أيوب الانصاري فقلنا : يا أبا أيوب ، ان الله أكرمك بنبيه صلى الله عليه وآله إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ضيفا لك ، فضيلة الله فضلك بها ، فاخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال أبو أيوب : فاني أقسم لكما : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا البيت الذي أنتما فيه ، وما فيه غير رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي جالس عن يمينه ، وأنا جالس عن يساره ، وأنس بن مالك قائم بين يديه ، إذ تحرك الباب فقال صلى الله عليه وآله : انظر من بالباب ؟ فخرج أنس فنظر فقال : هذا عمار بن ياسر ، فقال صلى الله عليه وآله : افتح لعمار الطيب المطيب ، ففتح أنس ودخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فرحب به ثم قال لعمار : انه سيكون في امتي من بعدي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب ، وان سلك الناس كلهم وادياً وسلك علي وادياً ، فاسلك وادى علي وخل عن الناس ، ان عليا لا يردك عن هدى ،
____________
(1) شرح النهج لابن أبي الحديد 2 | 232 و233 من الطبقة الثالثة باختلاف يسير .
( 194 )
ولا يدلك على ردى ، يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله (1)
قال رضي الله عنه : يقال فيه هنات وهنوات وهنيات : خصال سوء قال لبيد : إن البرى من الهنات سعيد .
الآثار :
233 ـ أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا الشيخ العالم محيى السنة أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا أبو الحسين (2) محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي بقنطرة بردان (3) ، حدثنا محمد بن سعيد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي ، حدثني عمى عمرو بن عطية بن سعد ، عن أخيه الحسن بن عطية ، حدثني جدى سعد بن عبادة ، عن علي عليه السلام ، قال : أمرت بقتال ثلاثة ، القاسطين والناكثين والمارقين ، فأما القاسطون فاهل
الشام ، وأما الناكثون فذكرناهم ، وأما المارقون فاهل النهروان ـ يعنى الحرورية (4) .
234 ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عمر عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي ، حدثنا وهب بن جرير وأبو الوليد ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد الله بن سلمة يقول : رأيت عمار
____________
(1) حديث مشهور وله مصادر كثيرة منها : تاريخ الخطيب البغدادي 3 | 186 ، تاريخ ابن عساكر ترجمه الإمام علي عليه السلام 3 | 214 وفرائد السمطين للجويني 1 | 178 .
(2) في [ و] : أبو الحسن .
(3) قنطرة البردان ، بفتح الباء والراء : محلة ببغداد ، بناها رجل يقال له السرى بن الحطم صاحب الحطمية قرية قرب بغداد ـ معجم البلدان .
(4) رواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 | 202 واورده البلاذري في انساب الاشراف 2 | 138 عن علقمة وروى أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 2 | 858 قطعة من الحديث .
( 195 )
بن ياسر يوم صفين شيخا آدما طويلا ، آخذ الحربة بيده ويده ترعد قال : والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات ، وهذه الرابعة ، والذي نفسي بيده لو ضربوا بنا حتى يبلغوا [ بنا ] سعفات هجر لعرفنا ان مسلحتنا على الحق وانهم على الضلالة (1) .
235 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله مكي بن بندار الزنجاني ببغداد ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن رجاء الحنفي بمصر ، حدثنا هارون بن محمد بن أبي الهيدام العسقلاني ، حدثنا عثمان بن طالوت بن عباد الجحدري ، حدثنى بشر بن أبي عمرو بن العلا ، حدثني أبي ، حدثني الذيال بن حرملة قال : سمعت صعصعة بن صوحان يقول : لما عقد علي بن أبي طالب عليه السلام أخرج لواء رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ير ذلك اللواء مذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فعقده ، ودعا قيس بن سعد بن عبادة فدفعه إليه واجتمعت الأنصار وأهل بدر ، فلما نظروا إلى لواء رسول الله صلى الله عليه وآله بكوا فانشأ قيس بن سعد بن عبادة « رض » يقول :
هذا اللـواء الذي كنــا نحف بــه * دون النبــي وجبريــل لنـا مدد
ما ضر من كانت الانصــار عيبتـه * أن لا يكون لهم من غيرهم عضد (2)
236 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثني يحيى بن سعيد ، عن يحيى ابي معشر ، عن محمد بن قيس ، عن ابن عمارة ، عن خزيمة بن ثابت قال : ما زال جدى كافاً سلاحه حتى
____________
(1) حديث مشهور رواه جمع من الحفاظ منهم : ابن سعد في الطبقات 3 | 258 و259 ـ الحاكم في المستدرك 2 | 148 ـ أحمد في المسند 6 | 289 .
(3) وقعة صفين لنصر بن مزاحم | 453 ، والابيات هذه جاءت في اسد الغابة 4 | 216 .
( 196 )
قتل عمار بصفين ، فسل سيفه فقاتل حتى قتل .
قال أحمد بن الحسين البيهقي : لما قتل عمار بصفين ، اقتتل (1) أمير المؤمنين علي عليه السلام فيما زعم أهل التواريخ قتالاً شديداً وقتل من عدوه ليلة الهرير ناس كثير ، واتصلت الحرب بينهم حتى ولى اكثر أهل الشام أدبارهم ،
فجعل معاوية ومن بقى معه مصاحفهم على رؤوس أرماحهم (2) وقالوا : نحن ندعوكم إلى كتاب الله عزوجل وكان ذلك منهم مكراً وحيلة ، ليمسك أصحاب علي عن قتالهم فكان الأمر كما ظنوا واشاروا إلى علي عليه السلام بترك القتال (3) .
237 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين العلوي ، أخبرنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل ، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا عبد الله بن يونس بن بكير ، حدثنا أبي ، عن الأعمش ، حدثني من رأى عليا عليه السلام يوم صفين : يصفق بيديه ويعض عليهما فقال : يا عجبا أعصى ويطاع معاوية ! (4) .
238 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرني الحاكم أبو عبد الله الحافظ في التاريخ ، قال : سمعت أبا عثمان سعيد بن نصر الاندلسي يقول : سمعت أبا علي اسماعيل بن محمد الصفار يقول : سمعت أحمد بن عبيد بن ناصح يقول : سمعت أبا عبيد (5) يحدث عن أبي سنان العجلي قال : قال ابن عباس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ابعثنى إلى معاوية بن أبي سفيان بينك وبينه فوالله لافتلن له حبلا لا ينقطع وسطه ولا ينقضى طرفه ، فقال علي : لست من مكرك ومكر معاوية في شيء ،
____________
(1) في [ ر ] : (خ ل) : قاتل .
(2) ارماح : جمع رمح ويأتي جمعه على رماح أيضاً .
(3) وقعة صفين ـ | 476 وما بعدها .
(4) وقعة صفين ـ لنصر بن مزاحم | 388 .
(5) في [ و] ـ أبا عبد الله .
( 197 )
والله لا اعطي معاوية إلا السيف حتى يغلب الحق الباطل ، قال ابن عباس : أو غير هذا ، قال كيف ؟ قال [ ابن عباس ] : أنه يطاع ولا يعصى وانت عن قليل تعصى ولا تطاع ، قال فلما جعل اهل العراق يختلفون على علي عليه السلام قال : لله در ابن عباس انه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق .
239 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا سعيد ابن أسد ، حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال : قطع يوم صفين أربعون الف قصبة ، فوضعت كل قصبة على قتيل فنفدت القصبه (1) ولم تحص القتلى .
قال يعقوب وروى حماد بن زيد ، عن هشام ، عن ابن سيرين قال : بلغ القتلى يوم صفين سبعين الفا ، فما قدروا على ان يعدوهم إلا بالقصب .
240 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرني أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثنا يعلى بن أسد ، حدثنا حاتم بن وردان ، حدثني علي بن زيد ، حدثني رجل من بني سعد قال : كنت واقفاً إلى جنب الأحنف بصفين ، والأحنف إلى جنب عمار ، فقال عمار : حدثنى خليلي : ان آخر زادك من الدنيا ضيحة لبن ، قال فبينا نحن وقوف إذ سطع الغبار وقالوا : جاء أهل الشام فقام السقاة يسقون الناس ، فجاءت جارية معها قدح فناولته عماراً ، فشرب وأعطى الاحنف فضله فشرب الاحنف وناولني فضله فإذا هو لبن ، فأصغيت إلى الأحنف فقلت : ان كان صاحبك صادقا ليقتلن الآن قال قال وغشينا الناس فسمعته يقول : الجنة .
الجنة تحت الأسنة * اليوم القى الاحبة
محمّداً وحزبه
____________
(1) في [ و ] القصب .