|
|||
(76)
قبل سلها ، والحضوا لخزر (1) واطعنوا لشزر (2) ونافحوا بالظبا (3) وصلوا السيوف بالخطى ، واعلموا أنكم بعين الله ، ومع ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله ، فعاودوا الكرة ، واستحيوا من الفر ، فانه عار من الاعقاب ، ونار يوم الحساب ، وطيبوا عن أنفسكم نفسا ، وامشوا إلى الموت مشيا سجحا (4) ، وعليكم بهذا السواد الاعظم ، والرواق المطنب ، فاضربوا ثبجه (5) فان الشيطان كامن في كسره ، قد قدم للوثبة يدا ، وأخر للنكوص رجلا ، فصمدا صمدا حتى ينجلي لكم عمود الحق ، وأنتم الاعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم (6) وأنشأ يقول :
وباسناد مرفوع إلى الاعمش عن عطية قال : لما خرج عمر بن الخطاب 1 ـ الخزر : النظر وهو علامة الغضب. 2 ـ الشزر : الجوانب يمينا وشمالا. 3 ـ نافحوا : كافحوا وضاربوا ، الظبا : السيف. 4 ـ السجح : السهل. 5 ـ الثبج : الوسط. 6 ـ سورة محمد/35. 7 ـ سورة التوبة/12. الغدير 6/194. شرح إبن أبي الحديد 5/168. مجمع الامثال 2/358. شرح إبن ميثم 2/178. (77)
إلى الشام وكان العباس بن عبد المطلب معه يسايره ، فكان من يستقبله ينزل فيبدأ بالعباس فيسلم عليه يقدر الناس إنه هو الخليفة لجماله وبهائه ، وهيبته ، فقال عمر : لعلك تقدر إنك أحق بهذا الامر مني ؟ فقال له العباس بن عبد المطلب : أحق به مني ومنك من خلفناه بالمدينة ، فقال عمر : ومن ذاك ؟ قال : من ضربنا بسيفه حتى قادنا إلى الاسلام ( يعني أمير المؤمنين عليا عليه السلام ) (1).
حدثني أبو محمد هارون بن موسى ، قال : حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، قال : حدثني أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، قال : حدثني الحسن بن علي بن محمد ابن علي بن موسى بن جعفر عليهم السلام ، قال : حدثني أبي علي قال : حدثني أبي محمد قال : حدثني أبي علي ، قال : حدثني أبي موسى ، قال : حدثني أبي جعفر ، قال : حدثني أبي محمد ، قال : حدثني أبي علي ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلام ، والصلاة ، قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي مثلكم في الناس مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، فمن أحبكم يا علي نجا ، ومن أبغضكم ورفض محبتكم هوى في النار. ومثلكم يا علي مثل بيت الله الحرام ، من دخله كان آمنا فمن أحبكم و والاكم كان آمنا من عذاب النار ، ومن أبغضكم ألقي في النار يا علي ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) (2) ومن كان له عذر فله عذره ، ومن كان فقيرا فله عذره ، ومن كان مريضا فله عذره ، وان الله لا يعذر غنيا ، ولا فقيرا ، ولا مريضا ، ولا صحيحا ، ولا أعمى ، ولا بصيرا في تفريطه في موالاتكم ومحبتكم (3). 1 ـ فضائل الخمسة 2/83 و 87. 2 ـ سورة آل عمران/97. 3 ـ مستدرك الصحيحين 2/343. ذخائر العقبى/20. وقد تواترت أحاديث بهذا الشأن بألفاظ شتى ، وتعابير مختلفة. وأسانيد كثيرة تجدها في كتاب فضائل الخمسة 2/83 و 87 و 64 و 66. (78)
وبهذا الاسناد عن أبي محمد مرفوعا إلى الحسن بن علي عليهما السلام ، قال : حدثني أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله ، ودعا الناس في مرضه ، فقال : من يقضي عني ديني وعداتي ويخلفني في أهلي وامتي من بعدي ؟ فكف الناس عنه ، وانتدبت له ، فضمنت ذلك ، فدعا لي بناقته العضباء ، وبفرسه المرتجز ، وببغلته ، وحماره ، وسيفه ، وذي الفقار ، وبدرعه ذات الفضول ، وجميع ما كان يحتاج إليه في الحرب ، ففقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب ، فأمرهم أن يطلبوها ودفع ذلك إلي ثم قال : يا علي اقبضه في حياتي لئلا ينازعك فيه أحد بعدي ، ثم أمرني فحولته إلى منزلي (1).
وذكر ان بعض عمال أمير المؤمنين عليه السلام أنفذ إليه في عرض ما أنفذ من حياته مال الفيء قطفا غلاظا ، وكان عليه السلام يفرق كل شيء يحمل إليه من مال الفيء لوقته ولا يؤخره ، وكانت هذه القطف قد جائته مساء ، فأمر بعدها و وضعها في الرحبة ليفرقها من الغد ، فلما أصبح عدها فنقصت واحدة فسأل عنها فقيل له : أن الحسن بن علي عليهما السلام ، إستعارها في ليلته على أن يردها اليوم ، فهرول عليه السلام مغضبا إلى منزل الحسن بن علي عليهما السلام وهو يهمهم وكان من عادته أن يستأذن على منزله إذا جاء. فهجم بغير إذن فوجد القطيفة في منزله فأخذ بطرفها يجرها وهو يقول : النار يا أبا محمد ، النار النار يا أبا محمد ، النار حتى خرج بها (2). وذكروا أن بعض العمال أيضا حمل إليه في جملة الجباية ، حبات من اللؤلؤ فسلمها إلى بلال وهو خازنه على بيت المال ، إلى أن ينضاف إليها غيرها ، 1 ـ بحار الانوار 22/456 بصورة مفصلة. علل الشرائع/1/168. 2 ـ هذا الحديث والذي يليه غير صحيح ، وأنه من الموضوعات ومن دسائس المنحرفين عن أهل البيت عليهم السلام لان الامامية تعتقد أن الائمة صلوات الله عليهم فوق مستوى البشر ، وأنهم منزهون عن كل ما يزري بذلك المقام الطافح بالعظمة القدسية ، وعلى هذا الاساس فما نقرأه في الحديثين ينافي تلك العظمة الآلهية ويصادم ما تقتضيه حقائقهم المقدسة ، والغريب أن الشريف الرضي سجل الخبرين من دون تعقيب. (79)
ويفرقها فدخل يوما إلى منزله فوجد في أذن إحدى بناته الاصاغر حبة من تلك الحبات ، فلما رآها إتهمها بالسرقة فقبض على يدها ، وقال : والله لئن وجب عليك حد لاقيمن فيك ، فقالت يا أمير المؤمنين. إن بلالا أعارنيها ليفرحني بها إلى أن تفرق مع أخواتها ، فجذبها إلى بلال جذبا عنيفا وهو مغضب ، فسأله عن صدق قولها فقال : هو كما ذكرت يا أمير المؤمنين ، فقال : والله لا وليت لي عمار أبدا وخلى يد الجارية.
والصحيح ، أن صاحب هذه القصة ، كان إبن أبي رافع وهو الذي كان على بيت ماله (1). وقال عليه السلام يوما على منبر الكوفة : من يشتري مني سيفي هذا ، ولو ان لي قوت ليلة ما بعته ، وغلة صدقته تشتمل حينئذ على أربعين ألف دينار في كل سنة (2). وأعطته عليه السلام الخادم في بعض الليالي قطيفة فانكر دفأها ، فقال : ما هذه ؟ فقال الخادم : هذه من قطف الصدقة فألقاها ، قال عليه السلام : اصردتمونا بقية ليلتنا (3). وقال عليه السلام في يوم وهو يخطب : معاشر الناس إني تقلدت أمركم هذا ، فوالله ما حليت منه بقليل ولا كثير ، إلا قارورة من دهن طيب أهداها إلي دهقان من بعض النواحي (4). قال : ودهقان بالضم فاستفيدت منه عليه السلام. ولما قبض عليه السلام خطب الناس الحسن بن علي عليهما السلام فقال : 1 ـ كيف يتفق هذا الخبر الموضوع مع ثناء أهل البيت عليهم السلام على بلال بن رباح ، وانه يشفع لمؤمني الحبشة وقد إتفق علماؤنا الاعلام على إطرائه وتوثيقه ورسوخ قوة الايمان فيه. 2 ـ مناقب ابن شهر اشوب 2/72. نقلا عن البلاذري ، وفضائل أحمد. 3 ـ انساب الاشراف 2/117 ومناقب ابن شهر آشوب 2/108. 4 ـ حلية الاولياء 1/81 بسنده عن ابي عمرو بن العلاء. وج 9/53. كنز العمال 6/401. (80)
لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الاولون ، ولا يدركه الآخرون في حلم ولا علم ، وما ترك من صفراء ولا بيضاء ، ولا دينارا ، ولا درهما ، ولا عبدا ، ولا أمة ، الا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لاهله ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيه الراية فلا يرجع حتى يفتح الله عليه (1).
وروي عن مولى لبني الاشتر النخعي قال : رأيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام ، وأنا غلام وقد أتى السوق بالكوفة فقال : لبعض باعة الثياب أتعرفني ؟ قال : نعم أنت أمير المؤمنين ، فتجاوزه وسأل آخر فأجاب بمثل ذلك إلى أن سأل واحدا فقال : ما أعرفك فاشترى منه قميصا فلبسه ثم قال : ( الحمد لله الذي كسا علي بن أبي طالب ) ، وإنما ابتاع عليه السلام ممن لا يعرفه خوفا من المحاباة في إرخاص ما ابتاعه (2). 1 ـ جمهرة خطب العرب 2/7. الامامة والسياسة 1/127. العقد الفريد 2/6. تاريخ الطبري 6/91. 2 ـ مناقب ابن شهر اشوب 2/169. (81)
بإسناد مرفوع إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ، أن ثورا قتل حمارا ، على عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فرفع ذلك إليه وهو في اناس من أصحابه فيهم أبو بكر ، وعمر ، فقال يا أبا بكر ، إقض بينهم. فقال : يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ، ما عليها شئ. فقال : يا عمر ، إقض بينهم. فقال : مثل قول أبي بكر. فقال : يا علي إقض بينهم. فقال : نعم يارسول الله ، إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب الثور ، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم (1).
قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله يده إلى السماء وقال : الحمد لله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيينى (2). وعنه ـ عليه السلام ـ قال : قضى أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ بقضية ما قضى بها أحد كان قبله ، وكانت أول قضية قضى بها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأفضى الامر إلى أبي بكر ، أتى برجل قد شرب الخمر ، فقال له أبو بكر : أشربت الخمر ؟ قال : نعم قال ولم شربتها ؟ وهي محرمة ، قال : اني أسلمت ، ومنزلي بين ظهراني قوم 1 ـ مناقب إبن شهرآشوب 2/169. 2 ـ مناقب إبن شهراشوب 2/354 بسنده إلى مصعب بن سلام بلفظ آخر. نور الابصار/71. الصواعق المحرقة/73. فضائل الخمسة 2/303. (82)
يشربون الخمر ويستحلونها ، ولم أعلم أنها حرام ، فأجتنبها. قال : فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال : ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرجل ؟ فقال : معضلة وأبو حسن لها. فقال أبو بكر : يا غلام ادع عليا ، فقال عمر : بل يؤتى الحكم في بيته ، فأتوه وعنده سلمان ، فأخبروه بقصة الرجل واقتص عليه الرجل قصته ، فقال علي عليه السلام : لابي بكر : ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والانصار ، فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ، وإن لم يكن أحد تلا عليه آية التحريم فلا شئ عليه.
قال : ففعل أبو بكر بالرجل ما قاله عليه السلام ، فلم يشهد عليه أحد فخلى سبيله ، فقال سلمان لعلي عليه السلام : لقد أرشدتهم ، فقال عليه السلام : إنما أردت أن أجدد تأكيد هذه الآية في وفيهم : ( افمن يهدى إلى الحق احق أن يتبع ام من لا يهدي إلا ان يهدى فمالكم كيف تحكمون ) (1). أبو أيوب المدني ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي المعلى ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : أتى عمر بإمراة قد تعلقت برجل من الانصار ، وكانت تهواه ولم تقدر له على حيلة ، فذهبت فأخذت بيضة فأخرجت منها الصفرة وصبت البياض على ثيابها وبين فخذيها ، ثم جاءت إلى عمر فقالت يا أمير المؤمنين : إن هذا الرجل أخذني في موضع كذا ففضحني ، قال : فهم عمر أن يعاقب الانصاري ، وعلي عليه السلام ـ جالس ، فجعل الانصاري يحلف ويقول : يا أمير المؤمنين تثبت في أمري. فلما أكثر من هذا القول ، قال عمر : يا أبا الحسن ما ترى فنظر علي عليه السلام إلى بياض على ثوب المرأة وبين فخذيها فاتهمها أن تكون إحتالت لذلك. فقال : آتوني بماء حار قد اغلي غليا شديدا ، ففعلوا فلما أتي بالماء أمرهم فصبوه على موضع البياض فاشتوى ذلك البياض فأخذه عليه السلام ، فألقاه إلى 1 ـ سورة يونس/35. إبن شهراشوب 2/356. الارشاد 1/190. (83)
فيه فلما عرف الطعم ألقاه من فيه ، ثم أقبل على المرأة فسألها حتى أقرت بذلك ، ودفع الله عن الانصاري عقوبة عمر بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (1).
وبإسناد مرفوع إلى عاصم بن ضمرة السلولي ، قال : سمعت غلاما بالمدينة على عهد عمر بن الخطاب ، وهو يقول : يا أحكم الحاكمين أحكم بيني ، وبين امي ، فقال له عمر : يا غلام لم تدعو على أمك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين إنها حملتني في بطنها تسعا ، وأرضعتني حولين فلما ترعرعت ، وعرفت الخير من الشر ويميني من شمالي طردتني وانتفت مني وزعمت أنها لا تعرفني. فقال عمر أين تكون المرأة ؟ قال : في سقيفة بني فلان. فقال عمر علي بأم الغلام ، قال : فأتوا بها مع أربعة إخوة لها في قسامة يشهدون لها انها لا تعرف الصبي ، وان هذا الغلام غلام مدع ظلوم غشوم ، يريد أن يفضحها في عشيرتها و أن هذه الجارية من قريش ، لم تتزوج قط ، وأنها بخاتم ربها ، فقال عمر : يا غلام ما تقول ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه والله امي ، حملتني تسعا ، وأرضعتني حولين ، فلما ترعرعت ، وعرفت الخير والشر ويميني من شمالي ، طردتني وانتفت مني و زعمت أنها لا تعرفني. فقال عمر : يا هذه ما يقول الغلام ؟ قالت يا أمير المؤمنين و الذي احتجب بالنور ولا عين تراه وحق محمد وما ولد ، ما أعرفه ولا أدري اي الناس هو ، وإنه غلام مدع يريد أن يفضحني في عشيرتي ، وأنا جارية من قريش لم أتزوج قط ، واني بخاتم ربي. فقال عمر : ألك شهود ؟ فقالت : نعم هؤلاء ، فتقدم القسامة فشهدوا أن هذا الغلام مدع يريد أن يفضحها في عشيرتها ، وأن هذه جارية من قريش لم تتزوج قط ، وأنها بخاتم ربها ، فقال عمر : خذوا بيد الغلام فانطلقوا به إلى السجن حتى نسأل عن الشهود ، فإن عدلت شهادتهم جلدته حد المفتري ، فأخذ بيد الغلام لينطلق به الي السجن ، فتلقاهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، في 1 ـ الغدير 6/126. ابن شهراشوب 2/367. الارشاد 1/210. (84)
بعض الطريق ، فنادى الغلام : يا ابن عم رسول الله اني غلام مظلوم ، وأعاد عليه الكلام الذي كلم به عمر ، ثم قال : وهذا عمر قد أمر بي إلى الحبس.
فقال علي عليه السلام : ردوه فلما ردوه قال لهم عمر : أمرت به إلى السجن فرددتموه إلي ، فقالوا يا أمير المؤمنين : أمرنا علي بن أبي طالب برده إليك ، و سمعناك تقول لا تعصوا لعلي أمرا ، فبيناهم كذلك إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : علي بام الغلام فأتوا بها ، فقال عليه السلام : يا غلام ما تقول ؟ فأعاد عليه الكلام ، فقال عليه السلام لعمر : أتأذن لي في أن اقضي بينهما ؟ فقال عمر : يا سبحان الله وكيف لا ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : أعلمكم علي بن أبي طالب عليه السلام (1). فقال عليه السلام للمرأة : يا هذه ألك شهود ؟ قالت : نعم فتقدم القسامة فشهدوا بالشهادة الاولى ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : والله لاقضين بينكم اليوم بقضية هي مرضاة الرب من فوق عرشه ، علمنيها رسول الله صلى الله عليه و آله ، ثم قال لها : ألك ولي ؟ فقالت : نعم هؤلاء إخوتي ، فقال لاخوتها : أمري فيكم وفيها جائز ؟ قالوا : نعم يا ابن عم رسول الله ، أمركم فينا وفى اختنا جائز ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اشهد الله واشهد أمير المؤمنين ( يعني عمر ) وأشهد من حضر من المسلمين أني قد زوجت هذه المرأة من هذا الغلام على أربع مائة درهم ، والمهر من مالي. يا قنبر علي بالدارهم ، فأتاه قنبر بها ، فصبها في يد الغلام ، ثم قال : خذها فصبها في حجر إمرأتك ، ولا تأتنا الا وبك أثر العرس ( يعنى الغسل ) ، فقام الغلام فصب الدراهم في حجر المرأة ثم تلببها فقال لها : قومي فنادت المرأة ، النار النار ، يا ابن عم رسول الله ، تريد أن تزوجني من ولدي هذا ، والله ولدي زوجني إخوتي هجينا فولدت منه هذا الغلام ، فلما ترعرع وشب أمروني أن أنتفي منه ، وأطرده و 1 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب. الغدير 3/96. كنز العمال 6/153. مناقب الخوارزمي/49. مقتل الخوارزمي 1/43. (85)
هذا والله إبني ، وفؤادي يتحرق أسفا على ولدي ، قال : ثم أخذت بيد الغلام وانطلقت ونادى عمر : واعمراه لولا علي لهلك عمر (1).
وبإسناد مرفوع قال : بينا رجلان جالسان في دهر عمر بن الخطاب إذ مر بهما رجل مقيد ، وكان عبدا ، فقال أحدهما : إن لم يكن في قيده كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا ، فقال الآخر إن كان فيه كما قلت فامرأته طالق ثلاثا ، قال : فذهبا إلى مولى العبد فقالا : إنا قد حلفنا على كذا وكذا فحل قيد غلامك حتى نزنه ، فقال مولى الغلام : إمرأته طالق إن حللت قيد غلامي ، قال فارتفعوا إلى عمر فقصوا عليه القصة ، فقال مولاه أحق به إذهبوا فاعتزلوا نساءكم ، فقالوا إذهبوا بنا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، لعله أن يكون عنده في هذا شئ فأتوه عليه السلام فقصوا عليه القصة ، فقال ما أهون هذا ثم دعا بجفنة وأمر بقيد الغلام فشد فيه خيط وأدخل رجليه والقيد في الجفنة ، ثم صب الماء عليه حتى إمتلات ثم قال : ارفعوا القيد فرفع القيد حتى أخرج من الماء ثم دعا بزبر الحديد فأرسلها في الماء حتى تراجع الماء إلى موضعه حين كان القيد فيه ثم قال : زنوا هذا الحديد فإنه وزنه (2). وروي ان أمير المؤمنين عليه السلام ، كان إذا قطع اليد قطع أربع أصابع و ترك الكف ، والراحة ، والابهام ، وإذا أراد قطع الرجل قطعها من الكعب وترك العقب ، فقيل له : لم هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : اني لاكره أن تدركه التوبة فيحتج علي عند الله إني لم أدع له من كرائم بدنه ما يركع به ويسجد (3). 1 ـ هذا الحديث واضرابه من القضايا التي اجمعت العامة والخاصة على صحته ، وجاء في كتب الفريقين مما يثبت جهل عمر وقصوره في العلم إلى جانب اعترافه وتصريحه بفضل سيدنا امير المؤمنين عليه السلام. الغدير 6/104. مناقب ابن شهراشوب 2/361. البحار 9/487 الطبعة القديمة. 2 ـ الغدير 6/38 ـ 323. قضاوتهاى امير المؤمنين (ع)/59. 3 ـ المصدر السابق. (86)
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : ادعى على عهد أمير المؤمنين عليه السلام رجلان كل واحد على صاحبه أنه مملوكه ، ولم يكن لهما بينة ، فبنى لهما بيتا وجعل كوتين قريبة إحداهما من الاخرى ، وأدخلهما البيت وأخرج رأسيهما من الكوتين ، وقال لقنبر : قم عليهما بالسيف فإذا قلت لك إضرب عنق المملوك فافزعهما ولا تضربن أحدا منهما ، ثم قال له : إضرب عنق المملوك فهز قنبر السيف فأدخل أحدهما رأسه وبقى رأس الآخر خارجا من الكوة فدفع الذي أدخل رأسه إلى صاحبه ، وقال له : إذهب فانه مملوكك (1).
وعنه عليه السلام قال : كان صبيان في زمن علي عليه السلام يلعبون بأحجار لهم ، فرمى أحدهم بحجره فأصاب رباعية صاحبه ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فأقام الرامي البينة أنه قال : حذار حذار ، فدرأ عنه القصاص ثم قال عليه السلام : قد أعذر من حذر (2). وفي خبر مرفوع قال ، لما رفع أمير المؤمنين عليه السلام يده من غسل رسول الله صلى الله عليه وآله أتته أنباء السقيفة ، فقال : ما قالت الانصار ؟ قالوا قالت : منا أمير ومنكم أمير ، قال عليه السلام : فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وصى بأن يحسن إلى محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، قالوا : وما في هذا من حجة عليهم ؟ فقال عليه السلام : لو كانت الامارة فيهم لم تكن الوصية بهم ، ثم قال عليه السلام : فماذا قالت قريش ؟ قالوا : احتجت بأنها شجرة الرسول صلى الله عليه وآله ، فقال عليه السلام : إحتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة (3). 1 ـ نفس المصدر. 2 ـ شرح محمد عبده 3/164. 3 ـ شرح ابن ميثم البحراني 2/184. شرح ابن ابي الحديد 6/3. (87)
بإسناد مرفوع إلى الاصبغ بن نباته قال : أتى إبن الكواء أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان معنتا في المسائل فقال له : يا أمير المؤمنين خبرني عن الله عزوجل ، هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام قد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم ، وردوا عليه الجواب ، قال : فثقل ذلك على إبن الكواء ولم يعرفه فقال : وكيف كان ذلك ؟ فقال : أوما تقرأ كتاب الله تعالى إذ يقول لنبيه عليه السلام : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) (1) فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب كما تسمع في قول الله يا ابن الكواء ، قالوا بلى ، وقال لهم : ( إني أنا الله لا إله الا أنا وأنا الرحمن الرحيم ) فأقروا له بالطاعة والربوبية ، وميز الرسل والانبياء والاوصياء ، وأمر الخلق بطاعتهم فأقروا بذلك في الميثاق و أشهدهم على أنفسهم ، وأشهد الملائكة عليهم أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذه غافلين (2).
قال السيد الرضي أبو الحسن : ولهذه الآية تأويل ليس هذا الموضع كشف جليته وبيان حقيقته. وسأله عليه السلام رجل من اليهود ، فقال : أين كان الله تعالى من قبل أن 1 ـ سورة الاعراف/172. 2 ـ مجمع البيان 1/497. تفسير الدر المنثور 3/142. تفسير الطبري 9/114. (88)
يخلق السماوات والارض ؟ فقال عليه السلام : أين سؤال عن مكان ، وكان الله ولا مكان.
فقطعه في أوجز كلمة (1). 1 ـ شرح محمد عبده 1/160. (89)
فقال : كم بين المشرق والمغرب ؟ قال عليه السلام : مسيره يوم مطرد للشمس. وهذا أخصر كلام يكون وأبلغه.
وبإسناد مرفوع قال : إجتمع نفر من الصحابة على باب عثمان بن عفان فقال كعب الاحبار : والله لوددت أن أعلم أصحاب محمد عندي الساعة فأسأله عن أشياء ما أعلم أحد على وجه الارض يعرفها ما خلا رجلا أو رجلين إن كانا ، قال : فبينا نحن كذلك إذ طلع علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : فتبسم القوم. قال : فكأن عليا عليه السلام دخله من ذلك بعض الغضاضة ، فقال لهم : لشئ ما تبسمتم ؟ فقالوا : لغير ريبة ولا بأس يا أبا الحسن إلا أن كعبا تمنى امنية فعجبنا من سرعة إجابة الله له في أمنيته ، فقال عليه السلام لهم : وما ذاك ؟ قالوا : تمنى أن يكون عنده أعلم أصحاب محمد عليه السلام ليسأله عن أشياء زعم أنه لا يعرف أحدا على وجه الارض يعرفها ، قال فجلس عليه السلام ، ثم قال : هات يا كعب مسائلك. فقال : يا أبا الحسن أخبرني عن أول شجرة اهتزت على وجه الارض ؟ فقال عليه السلام : في قولنا أو في قولكم ؟ فقال : بل أخبرنا عن قولنا وقولكم ، فقال عليه السلام : تزعم يا كعب أنت وأصحابك إنها الشجرة التي شق منها السفينة قال كعب : كذلك نقول فقال عليه السلام : كذبتم يا كعب ولكنها النخلة التي أهبطها الله تعالى مع آدم عليه السلام من الجنة ، فاستظل بظلها وأكل من ثمرها. (90)
هات يا كعب : فقال يا أبا الحسن أخبرني عن أول عين جرت على وجه الارض ، فقال عليه السلام : في قولنا أو في قولكم ؟ فقال كعب : أخبرني عن الامرين جميعا ، فقال عليه السلام : تزعم أنت وأصحابك أنها العين التي عليه صخرة بيت المقدس ، قال كعب : كذلك نقول ، قال : كذبتم يا كعب ولكنها عين الحيوان وهي التي شرب منها الخضر فبقى في الدنيا.
قال عليه السلام هات يا كعب : قال أخبرني يا أبا الحسن عن شئ من الجنة في الارض فقال عليه السلام : في قولنا أو في قولكم ، فقال : عن الامرين جميعا ، فقال عليه السلام : تزعم أنت وأصحابك انه حجر أنزله الله من الجنة أبيض فاسود من ذنوب العباد ، قال كذلك نقول ، قال : كذبتم يا كعب ولكن الله أهبط البيت من لؤلؤة بيضاء ، جوفاء من السماء إلى الارض فلما كان الطوفان رفع الله البيت وبقى أساسه. هات يا كعب ، قال : أخبرني يا أبا الحسن عمن لا أب له ، وعمن لا عشيرة له ، وعمن لا قبلة له ، قال : اما من لا أب له فعيسى عليه السلام ، وأما لا عشيرة له فآدم عليه السلام ، واما من لا قبلة له فهو البيت الحرام ، هو قبلة ولا قبلة لها. هات يا كعب فقال : أخبرني يا أبا الحسن عن ثلاثة أشياء لم ترتكض في رحم ولم تخرج من بدن ، فقال عليه السلام له : هي عصا موسى عليه السلام ، وناقة ثمود وكبش إبراهيم. ثم قال هات يا كعب ، فقال : يا أبا الحسن بقيت خصلة فإن أنت أخبرتني بها فأنت أنت ، قال هلمها يا كعب قال : قبر سار بصاحبه ، قال : ذلك يونس بن متى إذ سجنه الله في بطن الحوت (1). وبإسناد مرفوع إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ، قال : قدم أسقف نجران على عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين : إن أرضنا باردة 1 ـ سفينة البحار 2/482 نقلا عن تفسير علي بن ابراهيم القمي. فضا وتهاى أمير المؤمنين/250. |
|||
|