|
|||
(106)
ألا لاذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة ، أو مغرما بالجمع و الادخار ، ليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شبها بهما الانعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى ، لا تخلو الارض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهودا أو خافيا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وكم ذا ، وأين أولئك ، أولئك والله الاقلون عددا ، والاعظمون قدرا بهم يحفظ الله حججه ، وبيناته حتى يودعوها نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعر المترفون ، وأنسوا ما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى ، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى رؤيتهم ، إنصرف إذا شئت (1). وقال عليه السلام : المرء مخبوء تحت لسانه (2). وقال عليه السلام : هلك إمرؤ لم يعرف قدره (3). وقال عليه السلام : لكل إمرئ عاقبة حلوة أو مرة (4). وقال عليه السلام : لكل مقبل إدبار ، وما أدبر كأن لم يكن (5). وقال عليه السلام : أكثر العطايا فتنة وما كلها محمودا في العاقبة (6). وقال عليه السلام : الصبر لاعطاء الحق مر ، وما كل له بمطيق (7). وقال عليه السلام : لا يعدم الصبور الظفر ، وإن طال به الزمان (8). 1 ـ شرح ابن ميثم البحراني 5/321. محمد عبده 3/186. شرح ابن أبي الحديد 18/346. 2 ـ ابن ميثم 5/327. إبن أبي الحديد 18/353. 3 ـ إبن أبي الحديد المعتزلي 18/355. شرح ابن ميثم البحراني 5/327. 4 ـ شرح ابن ميثم 5/332. شرح ابن أبي الحديد 18/361. 5 ـ ابن أبي الحديد 18/363. إبن ميثم البحراني 5/332. 6 ـ دستور معالم الحكم/119. 7 ـ ابن ميثم 5/225. 8 ـ شرح ابن ابي الحديد 18/366. شرح ابن ميثم ـ الكبير ـ 5/332. (107)
وقال عليه السلام : الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم (1).
وقال عليه السلام : على كل داخل في باطل إثمان ، إثم العمل به ، وإثم الرضا به (2). وقال عليه السلام : ما اختلفت دعوتان إلا كانت إحداهما ضلالة (3). وقال عليه السلام : ما شككت في الحق منذ أريته (4). وقال عليه السلام : ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي (5). وقال عليه السلام : للظالم البادي غدا بكفه عضة (6). وقال عليه السلام : الرحيل وشيك (7). وقال عليه السلام : من وثق بماء لم يظمأ (8). وقال عليه السلام : من أبدى صفحته للحق هلك (9). وقال عليه السلام : استعصموا بالذمم في أوتادها (10). وقال عليه السلام : عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته (11). وقال عليه السلام : قد بصرتم إن أبصرتم ، وقد هديتم إن أهتديتم (12). 1 ـ إبن ميثم البحراني 5/332. إبن أبي الحديد 18/362. 2 ـ إبن أبي الحديد 18/362. شرح ابن ميثم 5/332. 3 ـ شرح ابن مثيم البحراني 5/340. ابن أبي الحديد 18/367. 4 ـ إبن أبي الحديد 18/374. ابن ميثم الحبراني 5/340. 5 ـ شرح ابن ميثم 5/340. شرح ابن أبي الحديد 18/368. 6 ـ ابن ميثم البحراني 5/341. ابن أبي الحديد 18/369. 7 ـ إبن أبي الحديد المعتزلي 18/370. شرح ابن ميثم 5/341. 8 ـ ابن ميثم البحراني 1/270. إبن أبي الحديد 1/207 في آخر خطبته عليه السلام برقم 4. 9 ـ شرح إبن أبي الحديد 18/371. شرح عبده 3/195. 10 ـ إبن أبي الحديد 18/372. ابن ميثم البحراني 5/333 وفيه : اعتصموا. 11 ـ شرح ابن ميثم 5/333. شرح ابن أبي الحديد 18/373. 12 ـ ابن أبي الحديد 18/376. ابن ميثم البحراني 5/333. (108)
وصيتي لكم ألا تشركوا بالله شيئا ، ومحمد صلى الله عليه وآله فلا تضيعوا سنته ، أقيموا هذين العمودين ، وخلاكم ذم ، أنا بالامس صاحبكم ، واليوم عبرة لكم ، وغدا مفارقكم ، وإن أبق فأنا ولي دمي ، وإن أفن فالفناء ميعادي ، وإن أعف فالعفو لي قربة ، وهو لكم حسنة ( فاعفوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) (1).
وقال عليه السلام : عاتب أخاك بالاحسان إليه ، واردد شره بالانعام عليه (2). وقال عليه السلام : من وضع نفسه موضع التهمة فلا يلومن من أساء به الظن (3). وقال عليه السلام : من ملك إستأثر (4). وقال عليه السلام : من إستبد برأيه هلك (5). وقال عليه السلام : من كتم سره كانت الخيرة بيده (6). وقال عليه السلام : الفقر الموت الاكبر (7). 1 ـ شرح محمد عبده 2/24. شرح ابن ميثم البحراني 4/403. ( سورة النور/22 ). 2 ـ شرح إبن أبي الحديد 18/160. ابن ميثم 5/333. 3 ـ إبن ميثم البحراني 5/334. ابن أبي الحديد 18/380. 4 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/381. شرح ابن ميثم 5/334. 5 ـ ابن ميثم البحراني 5/334. ابن أبي الحديد 18/382. 6 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/384. شرح ابن ميثم 5/334. 7 ـ ابن ميثم البحراني 5/335. إبن أبي الحديد 18/386. (109)
وقال عليه السلام : من قضى حق من لا يقضي حقه فقد عبده (1).
وقال عليه السلام : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (2). ومن كلامه له عليه السلام ، يعظ به بعض أصحابه : لا تكن ممن يرجوا الآخرة بغير عمل. ويرجي التوبة بطول الامل. يقول في الدنيا بقول الزاهدين. ويعمل فيها بعمل الراغبين. إن أعطي منها لم يشبع ، وإن منع منها لم يقنع. يعجز عن شكر ما أوتي. ويعجبه الزيادة فيما بقي ، ينهى ولا ينتهي. ويأمر بما لا يأتي. يحب الصالحين وليس منهم. ويبغض المذنبين وهو أحدهم. يكره الموت لكثرة ذنوبه. ويقيم على ما يكره الموت له. تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن. يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ، ويرجوا لنفسه بأكثر من عمله. النوم مع الاغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء (3). ومن كلام له عليه السلام : قد قطعوا رحمي ، واضاعوا أيامي ، ودفعوا حقي ، وصغروا عظيم منزلتي ، واجمعوا على منازعتي ، لايعاب المرء بتأخير حقه إنما يعاب من أخذ ما ليس له (4). وقال عليه السلام : الفرص تمر مر السحاب (5). وقال عليه السلام : الاعجاب يمنع من الازدياد (6). وقال عليه السلام : الامر قريب ، والاصطحاب قليل (7). وقال عليه السلام : أضاء الصبح لذي عينين (8). 1 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/388. شرح محمد عبده 3/192. شرح ابن ميثم البحراني 5/335. 2 ـ ابن ميثم البحراني 5/335 رقم 151. ابن أبي الحديد 18/389 رقم 167. 3 ـ شرح محمد عبده 3/189. شرح ابن ميثم 5/328 رقم 137. ابن أبي الحديد 18/356 رقم 146. 4 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/390. ابن ميثم البحراني 5/335. 5 ـ ابن ميثم 5/248. ابن أبي الحديد 18/131. محمد عبده 3/155. 6 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/391. شرح إبن ميثم 5/335 7 ـ ابن ميثم البحراني 5/336. ابن أبي الحديد 18/391. 8 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/395. شرح ميثم بن علي بن ميثم البحراني 5/336 (110)
وقال عليه السلام : ترك الذنب أهون من طلب التوبة (1).
وقال عليه السلام : كم من أكلة منعت أكلات (2). وقال عليه السلام : الناس أعداء ما جهلوا (3). وقال عليه السلام : من إستقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ (4). وقال عليه السلام : من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء الباطل (5). وقال عليه السلام : إذا هبت أمرا فقع فيه ، فان شدة توقيه أعظم مما يخاف منه (6). وقال عليه السلام : آلة الرئاسة سعة الصدر (7). وقال عليه السلام : ازجر المسيء بثواب المحسن (8). وقال عليه السلام : احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك (9). وقال عليه السلام : اللجاجة تسل الرأي (10). وقال عليه السلام : الطمع رق مؤبد (11). وقال عليه السلام : ثمرة التفريط الندامة (12). 1 ـ ابن ميثم 5/336. ابن أبي الحديد 18/396. 2 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/397. شرح ابن ميثم 5/336. شرح محمد عبده 3/193. 3 ـ شرح ابن ميثم البحراني 5/336. ابن أبي الحديد 18/403 رقم 174. 4 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/404. ابن ميثم 5/337. شرح محمد عبده 3/193. 5 ـ ابن ميثم البحراني 5/337. ابن أبي الحديد 18/405. 6 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/406. شرح ميثم بن علي بن ميثم 5/337. 7 ـ إبن ميثم البحراني 5/338. إبن أبي الحديد 18/407. 8 ـ شرح عبده 3/194. ابن أبي الحديد 18/410. شرح ابن ميثم 5/338. 9 ـ ابن أبي الحديد 18/411. شرح عبده 3/194. ابن ميثم البحراني 5/338. 10 ـ شرح ابن ميتم بن علي بن ميثم 5/339. شرح ابن أبي الحديد 18/412. 11 ـ ابن أبي الحديد 18/413. ابن ميثم البحراني 5/339. 12 ـ شرح ابن ميثم 5/339. محمد عبده 3/194. شرح ابن أبي الحديد 18/414. (111)
وقال عليه السلام : من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع (1).
وقال عليه السلام : عليكم بالصبر فيه يأخذ الحازم ، وإليه يرجع الجازع (2). وقال عليه السلام : في شأن الخلافة ، واعجبا أتكون الخلافة بالصحابة ، ولا تكون بالصحابة والقرابة. ويروى والقرابة والنص. ويروى له عليه السلام شعر في هذا المعنى وهو :
سئل أبو جعفر الخواص الكوفي ( وكان هذا رجلا من الصالحين ويجمع مع ذلك التقدم في العلم بمتشابه القرآن وغوامض ما فيه وسائر معانيه ) عما جاء في الخبر أنه من أحسن عبادة الله في شيبته .. ألقى الله الحكمة عند سنه. فقال : كذا قال الله عزوجل : ( فلما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما ) (4) ثم قال تعالى : ( وكذلك نجزي المحسنين ) (5) وعدا عليه حقا. ألا ترى أن عليا أمير المؤمنين عليه السلام ، آمن صغيرا فلم يلبث أن صار ناطقا حكيما فقال عليه السلام : رحم الله امرا سمع حكما فوعى ، وأخذ بحجزة هاد فنجى ، قدم خالصا وعمل صالحا ، واكتسب مذخورا ، واجتنب محذورا ، رمى غرضا ، وأحرز عوضا ، خاف ذنبه وراقب ربه ، وجعل الصبر مطية نجاته ، والتقوى عدة وفاته اغتنم المهل ، وبادر الاجل ، واقطع الامل ، وتزود من العمل. ثم قال ابو جعفر : فهل رأيت كلاما أوجزا ووعظا أبلغ من هذا ؟ وكيف 1 ـ ابن أبي الحديد 18/415. ابن ميثم البحراني 15/341. 2 ـ ابن ميثم 5/341. ابن أبي الحديد المعتزلي 18/322. 3 ـ شرح ابن أبي الحديد 18/416. شرح محمد عبده 3/195. شرح ابن ميثم 5/341. 4 ـ سورة يوسف/22. 5 ـ سورة القصص/14. (112)
لا يكون كذلك ، وهو خطيب قريش ولقمانها عليه السلام.
وقال عليه السلام : تخففوا تلحقوا (1). قال الشريف الرضي أبو الحسن رضي الله عنه : ما أقل هذه الكلمة ، وأكثر نفعها ، وأعظم قدرها ، وأبعد غورها ، وأسطع نورها. وبعد هذه الكلمة قوله عليه السلام : فخلفكم الساعة تحدوكم وإنما ينتظر بأولكم آخركم. وقال عليه السلام : لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل (2). وقال عليه السلام : يا ابن آدم ما كسبت فوق قوتك فانت فيه خازن لغيرك (3) وقال عليه السلام : ان للقلوب شهوة واقبالا وادبارا فأتوها من قبل شهوتها و إقبالها ، فإن القلب إذا أكره عمى (4). وقال عليه السلام : الناس نيام فإذا ماتوا انبتهوا (5). وقالوا : كان عليه السلام يقول : متى أشفي غيظي إذا غضبت ؟ أحين أعجز عن الانتقام ؟ فيقال لي : لو صبرت. أم حين أقدر عليه ؟ فيقال لي لو عفوت. ويروى لو غفرت (6). وعن الشعبي ، أن أمير المؤمنين عليه السلام ، مر بقذر على مزبلة فقال : هذا ما بخل به الباخلون. وفي خبر آخر أنه عليه السلام قال : هذا ما كنتم تتنافسون عليه بالامس (7). 1 ـ شرح ابن أبي الحديد 1/301 من خطبة له عليه السلام برقم 21. شرح عبده 1/54. شرح إبن ميثم البحراني 1/330. 2 ـ شرح ميثم بن علي بن ميثم البحراني 5/340. شرح ابن أبي الحديد 19/9. 3 ـ ابن أبي الحديد 19/10. ابن ميثم البحراني 5/343. محمد عبده 3/196. 4 ـ شرح محمد عبده 3/197. ابن أبي الحديد 19/11. ابى ميثم 5/344. 5 ـ دستور معالم الحكم/97. 6 ـ شرح ابن أبي الحديد 29/12. ابن ميثم البحراني 5/344. 7 ـ ابن ميثم البحراني 5/344. ابن أبي الحديد 19/13. شرح عبده 3/197. (113)
قال الشريف الرضي أبو الحسن رضي الله عنه ، وكل واحد من القولين حكمة واضحة العبرة ، ولمعة شادخة الغرة.
وقال عليه السلام : لم يذهب من مالك ما وعظك (1). قال الرضي أبو الحسن رضي الله عنه ، وأقول سبحان الله ! ما أقصر هذه الكلمة من كلمة وأطول شأوها في مضمار الحكمة ! وقال عليه السلام : إن القلوب تمل فابتغوا لها طرائف الحكمة (2). ومن كلام له عليه السلام ، في قوم من أصحابه كانوا يتسللون إلى معاوية : فكفى لهم غيا وكفى بذلك منهم شافيا ، فرارهم من الهدى والحق ، وإيضاعهم إلى العمى والجهل ، وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها ، قد علموا أن الناس في الحق أسوة فهربوا إلى الاثرة فبعدا لهم وسحقا (3). وقال عليه السلام ـ لما سمع قول الخوارج : لا حكم إلا لله ـ : كلمة حق يراد بها باطل (4). قال الشريف أبو الحسن رضي الله عنه ، وهذه أبلغ عبارة عن أمر الخوارج لما جمعوا حسن الاعتزاء والشعار ، وقبح الابطان والاضمار. وقال عليه السلام ، في صفة العامة : الغوغاء هم الذين إذا اجتمعوا ضروا ، وإذا تفرقوا نفعوا ، فقيل له عليه السلام : قد علمنا مضرة إجتماعهم فما منفعة افتراقهم ؟ قال عليه السلام : يرجع أصحاب المهن إلى مهنهم ، فينتفع الناس بهم كرجوع البناء إلى بنائه ، والحائك إلى منسجه ، والخباز إلى مخبزه (5). ويروى أنه عليه السلام ، أتي بجان ومعه غوغاء ، فقال عليه السلام : لا 1 ـ شرح ابن أبي الحديد 19/15. شرح ابن ميثم 5/345. 2 ـ شرح عبده 3/197. شرح ابن ميثم البحراني 5/344. ابن أبي الحديد 19/16. 3 ـ شرح ابن ميثم البحراني 5/225 وفيه : من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف الانصاري و هو عامله على المدينة في بعض من أهلها لحقوا بمعاوية. شرح ابن أبي الحديد 18/52. 4 ـ ابن أبي الحديد 19/17. ابن ميثم 5/345. 5 ـ شرح إبن ميثم البحراني 5/345. شرح ابن أبي الحديد 19/18. (114)
مرحبا بوجوه لا ترى إلا عند كل سوأة (1).
وجاءه عليه السلام رجل من مراد وهو في المسجد ، فقال : احترس يا امير المؤمنين فإن هاهنا قوما من مراد يريدون اغتيالك ، فقال عليه السلام : إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، وأن الاجل جنة حصينة (2). ومن خطبة له عليه السلام : ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها راكبها ، وخلعت لجمها فقحمت بهم في النار ، ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها ، وأعطوا أزمتها ، فأوردتهم الجنة (2). ومن جملة هذه الخطبة ، أيضا قوله عليه السلام : حق وباطل ، ولكل أهل ، فلئن أمر الباطل لقديما فعل ، ولئن قل الحق لربما فعل ، ولقلما أدبر شيء فأقبل (3). قالوا : ولما قال طلحة ، والزبير له عليه السلام : نبايعك على إنا شركائك في هذا الامر ، فقال عليه السلام : لا ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة ، وعونان على العجز والاود (4). ومن كلام له عليه السلام في مدح الكوفة : ويحك يا كوفة ، ما أطيبك ! وأطيب ريحك ! وأخبث كثيرا من أهلك ! الخارج منك بذنب. والداخل فيك برحمة ، أما لا تذهب الدنيا حتى يحن إليك كل مؤمن ويخرج عنك كل كافر ، أما لا تذهب الدنيا حتى تكوني من النهرين إلى النهرين حتى أن الرجل ليركب البغلة السفواء (5) يريد الجمعة ولا يدركها (6). 1 ـ ابن أبي الحديد 19/20. ابن ميثم البحراني 5/345. محمد عبده 3/198. 2 ـ شرح ابن أبي الحديد 19/21. شرح ابن ميثم ـ الكبير ـ 5/346. 3 ـ من خطبة له عليه السلام لما بويع بالمدينة. شرح عبده 1/42. شرح ابن ميثم البحراني 1/296. 4 ـ شرح ابن أبي الحديد 19/22. شرح ابن ميثم 5/346. 5 ـ السوفاء : السريعة السير. ريح سفواء سريعة المر ، هوجاء. 6 ـ سفينة البحار 2/498. (115)
وقال عليه السلام : المسالمة حبيب العيوب (1).
وقال عليه السلام : الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم (2). وقال عليه السلام : ايها الناس إتقوا الله الذي إن قلتم سمع ، وإن أضمرتم علم ، وبادروا الموت الذي إن هربتم أدرككم ، وإن أقمتم أخذكم ، وإن نسيتموه ذكركم (3). وقال عليه السلام : لا يزهدك في المعروف من لا يشكره لك ، فقد يشكرك عليه من لم يستمتع بشيء منه (4). وقال عليه السلام : يا ابن آدم لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على يومك الذي أنت فيه ، فان يكن بقى من أجلك يأت الله فيه برزقك (5). وقال عليه السلام : كل وعاء يضيق بما جعل فيه ، إلا وعاء العلم فانه يتسع (6). وقال عليه السلام : أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل (7). وقال عليه السلام : أفضل رداء يرتدي به الحلم ، فإن لم تكن حليما فتحلم ، فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم (8). 1 ـ شرح محمد عبده 3/105. شرح ابن أبي الحديد 18/97. 2 ـ الغرر والحكم 2/115. 3 ـ شرح ابن الحديد 19/23. شرح ابن ميثم البحراني 5/346. 4 ـ ابن ابي الحديد المعتزلي 19/24. ابن ميثم البحراني 5/347. 5 ـ شرح محمد عبده 3/217. شرح ابن ميثم ـ الكبير ـ 5/379. شرح ابن أبي الحديد 19/155. 6 ـ شرح ابن ابي الحديد 19/25. شرح ابن ميثم 5/347. 7 ـ ابن أبي الحديد 19/26. ابن ميثم البحراني 5/348. 8 ـ شرح ابن أبي الحديد 19/27. شرح ابن ميثم 5/348. (116)
يا بني إني لما رأيتني قد بلغت سنا ، ورأيتني أزداد وهنا ، أردت بوصيتي إياك خصالا منهن : إني خفت أن يعجل بي أجلي قبل أن أفضي إليك بما في نفسي وأن انقص في رأيي كما نقصت في جسمي ، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى ، وفتن الدنيا ، فتكون كالصعب النفور فإن قلب الحدث كالارض الخالية ما القي فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالادب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك ما قد كفاك أهل التجارب بغيبة وتجربة ، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب ، وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه ، واستبان لك ما أظلم علينا فيه.
ومنها : واعلم أن أمامك طريقا ذا مشقة ، بعيدا ، وهولا شديدا ، وأنك لا غنى بك عن حسن الارتياد ، وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر ، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك ، فيكون ثقله وبالا عليك ، وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك ذلك فيوافيك به حيث تحتاج إليه تغتنمه ، واغتنم ما أقرضت من استقرضك في حال غناك. واعلم يا بني أن أمامك عقبة كؤودا ، مهبطها على جنة أو على نار ، فارتد لنفسك قبل نزولك فليس بعد الموت مستعتب ولا إلى الدنيا منصرف. (117)
واعلم يا بني أنك خلقت للآخرة لا إلى الدنيا ، وللفناء لا للبقاء ، وأنك لفي منزل قلعة ، ودار بلغة ، وطريق من الآخرة ، وأنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه ولا يفوته طالبه ، وإياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة ، وإن استطعت ألا تكون بينك وبين الله تعالى ذو نعمة فافعل.
ومنها : ظلم الضعيف أفحش الظلم ، وربما كان الداء دواء ، والدواء داء ، وربما نصح غير الناصح ، وغش المستنصح. وإياك والاتكال على المنى ، فإنها بضائع النوكى. والعقل حفظ التجارب. وخير ما جربت ما وعظك. بادر الفرصة قبل أن تكون غصة. من الفساد إضاعة الزاد. لا خير في معين مهين. سيأتيك ما قدر لك. لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك. إمحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة. وإن أردت قطيعة أخاك فاستبق له من نفسك بقية ترجع إليها. لا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا يكونن على الاساءة أقوى منك على الاحسان. لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك فإنه يسعى في مضرتك ونفعك وليس جزاء من سرك أن تسوئه. والرزق رزقان ، رزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن أنت لم تأته أتاك. ما أقبح الخضوع عند الحاجة ، والجفاء عند الغنى. إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك. إستدل على ما لم يكن بما قد كان فإن الامور أشباه. لا تكونن ممن لا تنفعه العظة إلا إذا أبلغت في ألمه ، فإن العاقل يتعظ بالقليل وإن البهائم لا تنتفع إلا بالضرب الاليم. من ترك القصد جار. ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ومن اقتصر على قدره كان أبقى له. وربما أخطأ البصير قصده وأصاب الاعمى رشده. قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. إذا تغير السلطان تغير الزمان. نعم طارد الهم اليقين. ومنها : يا بني وإياك ومشاورة النساء ، فإن رأيهن إلى أفن ، وعزمهن إلى وهن ، و (118)
اقصر عليهن حجبهن فهو خير لهن. وليس خروجهن بأشد من الدخول من لا يوثق به عليهن ، وإن استطعت الا يعرفن غيرك فافعل. ولا تملك المرأة من أمرها ما يجاوز نفسها ، فإن ذلك أنعم لبالها ، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، ولا
تعطها حتى تشفع لغيرها. وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم.
وأول هذه الوصية قوله عليه السلام : من الوالد الفاني ، المقر للزمان ، المدبر العمر ، المستسلم للدهر ، الذام للدنيا ، الساكن مساكن الموتى ، الظاعن عنها غدا ، إلى الولد المؤمل ما لا يدرك السالك ، سبيل من قد هلك ، غرض الاسقام ، ورهينة الايام ، ورمية المصائب ، وعبد الدنيا ، وتاجر الغرور ، وغريم المنايا ، وأسير الموت ، وحليف الهموم ، وقرين الاحزان ، ونصب الآفات ، وصريع الشهوات ، وخليفة الاموات (1). ومن كلام له عليه السلام في صفة الدنيا ما أصف من دار أولها عناء وآخرها فناء ، في حلالها حساب وفي حرامها عقاب ، من استغنى فيها فتن ، ومن افتقر فيها حزن ، ومن ساعاها فاتته ، ومن قعد عنها واتته ، ومن أبصر بها بصرته ، ومن أبصر إليها أعمته (2). ومن كلام له عليه السلام من حاسب نفسه ربح. ومن غفل عنها خسر. ومن خاف أمن. ومن اعتبر 1 ـ شرح ابن أبي الحديد 16/9. شرح ابن ميثم البحراني ـ كبير ـ 5/2. شرح محمد عبده 3/42. هذه الوصية على طولها موجودة في جميع شروح كتاب ( نهج البلاغة ) وقد تصدى لشرحها على حدة جمع من الاعلام والعلماء. 2 ـ شرح محمد عبده 1/127 مطبعة الاستقامة. شرح ابن ميثم 2/227. (119)
أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم. وصديق الجاهل في تعب (1).
قال الشريف الرضي ذو الحسبين أبو الحسن رضي الله عنه ، ولو لم يكن في هذه الفقرة المذكورة إلا هذه الكلمة الاخيرة ، لكفى بها لمعة ثاقبة ، وحكمة بالغة ، ولا عجب أن تفيض الحكمة من ينبوعها ، وتزهر البلاغة في ربيعها. قال الكاتب : تمت كتابة كتاب خصائص الائمة عليهم السلام وفرغ من كتبه العبد المذنب الراجي إلى غفران الله وعفوه عبد الجبار بن الحسين بن أبي العم الحاج الفراهاني الساكن بقرية خونجان (2) عمرها الله يوم الاربعاء الرابع من شوال سنة ثلاث وخمسين وخمس عائة ( 553 ) غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمسلمات إنه الغفور الرحيم. 1 ـ شرح ابن ميثم البحراني 5/348. شرح محمد عبده 3/199. شرح ابن أبي الحديد 19/28. 2 ـ خونجان : قرية من قرى اصفهان ، قديمة ومتداعية ، ينسب الحيا جمع من اعلام الفكر والادب والنسبة إليها الخونجاني ـ معجم البلدان 2/407. |
|||
|