الباب الثّاني عشر
(وداع قبر أمير المؤمنين عليه السَّلام)
1 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد في كتاب الجامع(1) يروي عن أبي الحسن عليه السلام «قال : إذا أردت أن تودِّع قبر أمير المؤمنين عليه السلام فقل :
«السَّلام عليكَ ورحمةُ الله وبَركاتُه ، أسْتَودِعُكَ اللهَ وأَسْتَرْعِيكَ ، وأقْرَءُ عَلَيكَ السَّلامَ ، آمنّا باللهِ وبِالرُّسل وبِما جاءَتْ بِه ودَعَت إليه [ودَلَّتْ عَلَيهِ] فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ، اللّـهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتي إيّاهُ فَإنْ
تَوَفَّيْتَني قَبْلَ ذلِكَ فَإنّي أشْهَدُ في مَماتي عَلى ما كنتُ شَهِدْتُ عَلَيْهِ في حَياتي، أشْهَدُ أنَّكمُ الأئمّة ـ وتسمّيهم واحداً بعد واحد ـ وأشهدُ أنَّ منْ قَتَلَهُمْ وحارَبَهُم مُشركونَ ومنْ رَدَّ عَلَيْهم في أسْفَلِ دَرَكٍ منَ الجَحيم وأشهَدُ
أنَّ مَنْ َحارَبَهُمْ لنا أعْداءٌ وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُرَءاءُ، وَأنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطانِ، وَعَلى مَنْ قَتَلَهُمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ
أجْمَعينَ، وَمَنْ شَرِكَ فيهِمْ وَمَنْ سَرَّهُ قَتْلَهُمُ ، اللّـهُمَّ إنّي أسْالُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَالتَّسْليمِ أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وآل محمّدٍ ،
ولا تَجْعَلْهُ آخرَ الْعَهْدِ مِن زِيارَتِه فَإنْ جَعَلتَهُ فَاحْشُرني مَعَ هؤلاءِ المُسَمِّينَ الاُئِمَّةِ ، اللّهُمَّ وذَلِّلْ قُلُوبَنا بِالطّاعَةِ والمُناصَحَةِ والمَحبّةِ وَحُسْنِ المُؤازَرةِ»»(2) .
____________
1 ـ قال العلاّمة الرّازيّ ـ قدّس سرّه ـ في الذريعة : «الجامع في الحديث» لاُبي جعفر محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القمّيّين ، والمتوفّى 343 ، روى الشّيخ الطّوسي في التهذيب زيارة علي ّ بن موسى الرضا عليهما السلام عن الكتاب المترجم بـ «الجامع» تأليف أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد ، والظّاهر من السيّد ابن طاووس المتوفّى 664 أنّ «الجامع» هذا كان عنده ، قال في الإقبال في نوافل شهر رمضان : «روى عبدالله الحلبيّ في كتاب له وابن الوليد في جامعه» ، بل الظّاهر من «ميرزا كمالا» صهر العلاّمة المجلسيّ أنّه كان موجوداً في عصره حيث أنّه يأمر ولده بالرّجوع إلى هذا الكتاب في المجموعة الّتي مرّت في ج3 ص170 بعنوان : «بياض الكمالي» ـ انتهى» . أقول: الظّاهر من تسمية الكتاب أنّ كلّ ما فيه مأثور عن الأئمة عليهم السلام والله يعلم ، لكن المولى المجلسيّ توقّف في صدور جميع أخباره عن المعصوم عليه السلام.
2 ـ زاد به في الفقيه : «وسبّح تسبيح الزّهراء فاطمة عليها السلام وهو : سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي العزّ الشّامخ المنيف ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي البهجة
( 44 )
الباب الثّالث عشر
(فضل الفرات وشربه والغسل فيه)
1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن ـ عيسى(1) ، عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عُمَرَ بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن علي عليه السلام «قال : الماء سيّد شراب الدُّنيا والآخرة ، وأربعة أنهار في الدُّنيا من الجنّة : الفُرات ، والنّيل ، وسَيحان ، وجَيحان . الفُرات :
الماء ، والنّيل : العَسَل ، وسَيحان : الخمر ، وجَيحان : اللّبن»(2) .
2 ـ وعنه ، عن أبي جميلة
(3)، عن سليمان بن هارون أنّه «سمع أبا عبدالله عليه السلام يقول : من شرب من ماءِ الفُرات وحَنّك به فهو محبّنا أهل البيت»(4) .
3 ـ وبإسناده عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي الجارود(5) ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : لو أنْ بيننا وبين الفُرات كذا وكذا مِيلاً لذهبنا إليه واستشفينا به» .
____________
=
والجمال ، سبحان من تردّى بالنّور والوقار ، سبحان من يرى أثر النّمل في الصفا ، ووَقْعَ الطّير في الهواء» .
1 ـ رواية الاُشعريّ عن عيسى بن ـ عبدالله الهاشمي في غاية البعد ، والظّاهر إمّا أن تكون الرّواية مرفوعة ، أو لا بدّ من الواسطة ، والظّاهر هو الحسن بن عليّ بن فضّال ، كما أورد في البحار الخبر الّذي يأتي تحت رقم 6 وفيه : «أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن ، عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ عليه السلام» .
2 ـ لعلّ المراد أنّ تلك الأسماء مشتركة بينها وبين أنهار الجنّة وفضلها لكون التّسمية بها من جهة الوحي والإلهام ، ويحتمل أن يدخلها شيء من تلك الأنهار التي في الجنّة كما ورد في الفرات . (البحار)
3 ـ هو المفضّل بن صالح الاُسديّ ، ورواية ابن فضّال السّاقط من الخبر الماضي .
4 ـ لعلّ الحكم متعلّق بمجموع الشّرب والتَّحنيك لا بكلٍّ منهما . (البحار)
5 ـ المراد به زياد بن المنذر الهَمْداني ، إليه تنسب الجاروديّة منهم .
( 45 )
4 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن ثَعلَبة بن مَيمون ، عن سليمانَ بنِ هارونَ العِجليّ «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ما أظنُّ أحداً يُحَنّك بماءِ الفرات إلاّ أحبّنا أهل البيت ، وسَألني : كم بينك وبين ماءِ الفرات ، فأخبرته ، فقال : لو كنتُ عنده لأحببتُ أن آتيه طَرَفي النّهار» .
5 ـ وحدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى ، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشِم ، عن أبيه ، عن عليِّ بن الحكم ، عن سليمان بن نَهِيك ، عن أبي عبدالله «في قول اللهِ عزّوجلّ : «وآوَيْناهُما إلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ ومعِين(1)» ، قال: «الرَّبوة» نجف الكوفة؛ و «المعينُ» الفُرات» .
6 ـ وحدّثني عليُّ بن الحسين ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمَد بن عيسى ، عن الحسن(2) ، عن عيسى بن عبدالله بن محمّد بن عُمَرَ ، عن أبيه ، عن جَدّه ، عن عليٍّ عليه السلام «قال: الفُرات سَيّد المِياه في الدُّنيا والآخرة» .
7 ـ وحدَّثني محمد بن عبدالله ، عن أبيه عبدالله بن جعفر الحميريِّ ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله ، عن أبيه ـ عمّن حدِّثه ـ عن حَنان بن سَدير ، عن أبيه ، عن حكيم بن جُبير «قال : سمعت عليِّ بن الحسين
[عليهما السلام] يقول : إنّ ملكاً يهبط كلِّ ليلةٍ معه ثلاث مثاقيل مسك مِن مسك الجنَّة فيطرحها في الفرات ، وما مِن نهرٍ في شرق ولا في غرب أعظم بركةً منه» .
8 ـ وحدَّثني عليُّ بن محمّد بن قولُوَيه ، عن أحمدَ بن ـ إدريس ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن ابن أبي عُمَير ، عن الحسين بن عثمانَ ـ عمّن ذكره ـ عن أبي عبدالله عليه السّلام
«قال : تَقْطُر في الفُرات كلَّ يوم قَطَراتُ من الجنّة» .
9 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ
____________
1 ـ المؤمنون: 50 .
2 ـ يعني ابن عليِّ بن فضّال .
( 46 )
ابن مَهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن رَبيع بن محمّد المُسليِّ ، عن عبدالله بن سليمان «قال : لمّا قَدِم أبو عبدالله عليه السلام الكوفةَ في زَمَن أبي العبّاس فجاءَ على دابَّته في ثِياب سَفَره حتّى وقف على جِسْر الكوفة ، ثمّ قال لغلامه : اسْقني ؛ فأخذ كوزَ مَلاّح فغَرَفَ له به فأسقاه فشَرِب والماءُ يسيل مِنْ شِدْقَيه وعلى لِحيته وثيابه ، ثمَّ استزاده فزاده فحمد الله ، ثمّ قال : نَهرُ ماءٍ ما أعظم بَرَكتُه ، أما إنّه يسقط فيه كلُّ يوم سبع قَطَرات مِن الجنّة ، أما لو علم النّاس ما فيه من البركة لضربوا الاُخبِية على حافَتَيه ، أما لولا ما يدخله من الخاطئين ما اغتمس فيه ذو عاهَةٍ إلاّ بَرِء(1)» .
10 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه ، عن جدِّه عليِّ ابن مَهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن عليِّ بن الحَكَم ، عن عرفة ، عن رِبعيّ «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : «شاطيء الوادِ الأَيْمَنِ(2)» الّذي ذكره تعالى في كتابه هو الفرات ، و «الْبُقْعَةِ المبارَكَةِ(2)» هي كربلاء ، و «الشّجرة(2)» هي محمّد صلّى الله عليه وآله » .
11 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن ـ مَهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن ابن أبي عُمَير ، عن الحسين بن عثمان(3) ، عن أبي عبدالله عليه السلام . ومحمّد بن أبي حمزة ـ عمّن ذكره ـ عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : ما أظنُّ أحداً يُحنَّك بماءِ الفُرات إلاّ كان لنا شِيعةً» ،
وروى ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا «قال : يجري في الفرات ميزابان من الجنّة» .
قال(4) : قال ابن أبي عمير : ولا أعلمه إلاّ ابن سنان وقد رواه لي .
____________
1 ـ في البحار : «إلاّ أبرىء».
2 ـ القصص : 30 ، أي الجانب الأيمن من الوادي . والخبر مذكور في التّهذيب ج6 ص44 إلاّ قوله : «والشّجرة ـ إلخ» . وقوله : «عرفه ، عن ربعي» فيه «محرمة بن ربعيّ».
3 ـ هو ابن عثمان بن شريك العامريّ الكوفيّ الثّقة . له كتاب يرويه ابن أبي عمير .
4 ـ القائل ابن مهزيار ظاهراً . وليس هذه الفقرة إلى قوله : «وقد رواه لي» في البحار .
( 47 )
12 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن(1) ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس ابن معروف ، عن عليِّ بن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حَنان بن سَدير ، عن حكيم بن جُبَير الأسَديّ «قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : إنٌَ الله يهبط ملكاً كلِّ ليلة معه ثلاث مثاقيل مِن مِسْكِ الجنّة فيطْرَحُه في فُراتِكم هذا ، وما من نَهر في شرق الأرض ولا في غَرْبها أعظم بَرَكةً منه» .
13 ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فَضّال ، عن ثَعلَبة بن مَيمون ، عن سليمانَ ابن هارونَ «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : ما أظنُّ أحداً يُحَنَّك بماءِ الفُرات إلاّ أحبّنا أهل البيت» .
14 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريَ ، عن أبيه ، عن أحمدَ بن محمّد البرقيّ ، عن عبدالرّحمن بن حمّاد الكوفيّ قال : حدَّثنا عبدالله بن محمّدٍ ـ الحجَال ، عن غالب بن عثمان ، عن عُقْبَة بن خالِد «قال : ذكر أبو عبدالله عليه السلام الفرات قال : أما إنّه من شيعةِ عليٍّ
عليه السلام وما حُنِّك به أحدٌ إلاّ أحبَنا أهل البيت » .
15 ـ حدَّثني أبي ، عن الحسن بن مَتِّيل ، عن عِمرانَ بن موسى ، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ الرَّازيّ ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة ، عن سَيف بن عَمِيرَة ، عن صَنْدَل ، عن هارون بن خارجة «قال : قال أبو عبدالله عليه السّلام : ما أحدٌ يشرب من ماءِ الفرات ويُحَنّك به إذا وُلِدَ إلاّ أحبَّنا ، لأنَّ الفُرات نهرٌ مؤمن» .
16 ـ وبإسناده ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : نَهران مؤمنان ، ونهران كافران ، نَهران كافران نهر بَلْخ ودِجْلَة ، والمؤمنان نِيل مصر والفُرات ، فحَنّكوا أولادَكم بماءِ الفُرات»(2) .
____________
1 ـ المراد به ابن الوليد . ومحمّد بن إسماعيل هو ابن بزيع الثّقة .
2 ـ قال ابن الأثير في شرح هذا الحديث : «جعلهما مؤمنين على التّشبيه ، لأنّهما يفيضان على الأرض فيسقيان الحرث بلا مَؤونةٍ ، وجعل الآخرَيْن كافِرَين لأنّهما لا يسقيان ولا يُنْتَفَع بهما إلاّ بمؤونة وكُلْفَة ، فهذان في الخير والنَّفْع كالمؤمنَين ، وهذان في قِلَّة النُّفع كالكافِرَين .
( 48 )
الباب الرّابع عشر
(حبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الحسن والحسين عليهما السلام والأمر بحبِّهما وثواب حبّهما)
1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ؛ وعبدالله ابن أبي جعفر الحميريّ ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم؛ وغيره ، عن جميل بن درَّاج ، عن أخيه نوح ، عن الأجلح ، عن سَلَمة بن كُهَيل(1) ، عن عبدالعزيز ، عن عليِّ عليه السلام
«قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : ياعليُّ لقد أذْهَلَني هذان الغُلامان ـ يعني الحسن والحسين ـ أن أحبّ بعدهما أحداً [ابداً] إنَّ ربّي أمرني أن اُحِبّهما واُحبّ مَن يُحبّهما» .
2 ـ حدّثني محمّد بن أحمدَ بن إبراهيمَ ، عن الحسين بن عليٍّ الزّيديِّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن عبّاس؛ وعبدالسّلام بن حَرْب جميعاً قال : حدَّثنا مَن سمع بَكْرَ بن عبدالله المزنيَّ ، عن عِمرانَ بن الحصَين(2) «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لي : يا عِمرانُ إنّ لكلِّ شيءٍ موقعاً من القلب ، وما وقع موقع هذين الغلامين مِن قلبي شيءٌ قط ، فقلت : كلُّ هذا يارسولَ الله؟ قال: يا عِمران وما خَفي عليك أكثر أنّ الله أمرني بحبّهما» .
3 ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ـ عمّن حدَّثه ـ عن سفيان الجريريّ ، عن أبيه ، عن ابي رافع ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن أبي ذرّ الغفاريِّ «قال : أمرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بحبّ الحسن والحسين عليهما السلام ، فأنا اُحبّهما واُحبّ مَن يحبّهما لحبِّ رسول الله إيّاهما» .
____________
1 ـ عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام.
وراويه هو أجلح بن عبدالله ابن حُجيّة ظاهراً ، ويقال : اسمه يحيى
والأجلح لقبه . (من التّهذيب لابن الحجر).
2 ـ هو عمران بن حُصَين بن عبيد بن خلف ، أسلم هو وأبو هريرة عامّ خيبر . روى عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .
( 49 )
4 ـ حدّثني أبي ، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ قال: حدَّثني رجلٌ ـ نسيت اسمه ـ من أصحابنا ، عن عبيدالله بن موسى ، عن مُهَلْهَل العَبديّ ، عن أبي هارون العبديِّ ، عن رَبيعة السّعديّ ، عن أبي ذرّ الغِفاريّ «قال : رأيت رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقبّل الحسن والحسين عليهما السلام وهو يقول : من أحبَّ الحسن والحسين وذرّيتهما مخلصاً لم تلفح النّار وجْهَه ولو كانت ذنوبه بِعدَدِ رَملٍ عالج إلاّ أن يكون ذَنبه ذنباً يخرجه من الإيمان» .
5 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز القرشيِّ قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ـ عَمّن ذكره ـ عن عليِّ بن عابس ، عن الحَجّال(1) ، عن عَمْرِو بن مُرَّة ، عن عبدالله بن سَلَمة ، عن عُبَيدة السّلمانيِّ ، عن عبدالله بن معسود «قال : قال : سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : مَن كان يحبّني فليحبَّ ابنَي هذَين ، فإنَّ الله أمرني بحبّهما» .
6 ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه محمّد بن عيسى ، عن عبدالله بن المغِيرة ، عن محمّد بن سليمانَ البزَّاز ، عن عَمْرِو بنِ شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : مَن أراد أن يتمسّك بعروة الله الوثقى الّتي قال الله تعالى في كتابه فليوال عليَّ بن أبي طالب والحسن والحسين ، فإنَّ اللهَ يحبّهما مِن فوق عرشه» .
7 ـ وعنه(2) ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه؛ وعبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ ـ عن رجل ـ عن عبّاس بن الوليد ، عن ابيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : مَن أبغض الحسن والحسين جاءَ يوم القيامة وليس على وجهه لحمٌ ، ولم تنله شفاعتي » .
8 ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي المغرا(3) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السّلام
____________
1 ـ يعني عبدالله بن محمّد الكوفيّ الثّقة.
2 ـ الضّمير راجع إلى سعد بن عبدالله.
3 ـ المراد به حميد بن مثنّى الصّيرفيّ الثّقة .
( 50 )
« قال : سَمعتُه يقول : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : قرَّة عيني النِّساء(1) ، ورَيحانتي الحسن والحسين» .
9 ـ حدّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ـ عمّن ذكره ـ عن عليِّ بن عبّاس ، عن المِنهال عن عَمرو ، عن الأصبغ ، عن زاذان «قال : سمعت عليَّ بن أبي طالب عليه السلام في الرُّحْبَة(2) يقول : الحسن والحسين رَيحانتا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم » .
10 ـ حدَّثني جماعة مشايخي منهم : أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ،
عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن أبي عبدالله زكريّا المؤمن ، عن ابن مُسكان ، عن زيد مولى ابن هُبيرة(3) «قال : « قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : خذوا بِحُجزَة هذا الأنزع ، فإنّه الصّدِّيق الأكبر؛ والهادي لمن اتَّبعه ، ومَن سبقه مرق(*) من دين الله ، ومَن خذله محقه الله ، ومَن اعتصم به فقد اعتصم بـ [ ـحبل ] الله ، ومَن أخذ بولايته هداه الله ، ومن ترك ولايته أضله الله ، ومنه سبطا أمتي الحسن والحسين ، وهما ابناي؛ ومَن
ولد الحسين الأئمّة الهداة والقائم المهديّ ، فأحبّوهم وتوالوهم ،
ولا تتّخذوا عدوَّهم وليجَة من دونهم ، فيحلُّ عليكم غضبٌ مِن رَبّكم
، وذلّة في الحياة الدُّنيا ، وقد خاب مَنِ افترى» .
11 ـ حدَّثني الحسين بن عليٍّ الزّعفرانيُّ بالرَّيّ قال : حدَثنا يحيى بن سليمان ، عن عبدالله بن عثمان بن خَثيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يَعلى بن مُرَّة «قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : حسينٌ منّي وأنا من حسين ، أحبَّ الله مَن أحبَّ حسيناً ، حسين سِبط مِن الأسباط» .
____________
1 ـ كذا في جلّ النّسخ ، والصّواب : «حُبِّب إليّ من الدنيا النّساء
والطّيب ، وقرّة عيني في الصّلاة» ، راجع بيانه مفصّلاً «الخصال» طبع مكتبتنا ص165 .
* ـ أي خرج.
2 ـ الرّحبة ـ بضمّ أوّله ، وسكون ثانية ، وباء موحّدة ـ : قرية
بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحُجّاج إذا أرادوا
مكّة . (المعجم).
3 ـ يعني زيد بن يونس الشّحّام .
( 51 )
12 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبي سعيد الحسين بن عليِّ بن زَكريّا العَدْويّ البَصريّ قال : حدَّثنا عبدالأعلى بن حمّاد النَّرسيّ قال: حدّثنا وُهَيب(1) ، عن عبدالله بن عثمان ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يَعلى العامِريّ «أنَّه خرج من عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى طعام دُعي إليه فإذا هو بحسين عليه السلام يلعب مع الصِّبيان فاستقبل النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أمامَ القوم ثمَّ بسط يديه فطَفَر الصّبيّ ههنا مرَّة ، وههنا مَرَّة ، وجعل رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يضاحكه حتّى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنِه والاُخرى تحت قَفائه ، ووضع فاهُ على فيه وقَبّله ، ثمَّ قال : حسين منّي وأنا من حسين ، أحبَّ الله
مَن أحبَّ حسيناً ، حسين سِبط من الأسباط » .
13 ـ وعنه ، عن أبي سعيد قال : حدّثنا
نَضْرُ بنُ عليٍّ قال : حدَّثنا عليُّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام «قال : أخذ رَسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد الحسن والحسين فقال : مَن أحبَّ هذين الغلامين وأباهما واُمّهما فهو معي في دَرَجتي يوم القيامة» .
الباب الخامس عشر
(زيارة الحسن بن عليٍّ عليهما السلام وقبور الأئمّة عليهم السلام بالبقيع)
1 ـ حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم قال: حدَّثني سلمة بن الخطّاب ، عن عمر بن عليٍّ ، عن عمّه ، عن عُمَرَ بن يزيدَ بيّاع السّابري ـ رفعه ـ «قال : كان محمّد بن عليٍّ ابن الحنفيّة يأتي قبر الحسن بن عليٍّ عليهما السلام فيقول :
«السَّلام عليكَ يَا ابْنَ أميرِ المؤمِنينَ ، وابْنَ أوَّلِ المُسْلِمينَ ، وكيف لا تكون كذلك ، وأنْتَ سَليل الهُدى ، وحَليفُ التَّقوى ، وخامِسُ أهْلِ الكِساء(2) ، غَذَتْك يَدُ الرَّحمة ، و
____________
1 ـ هو وهيب بن خالد الباهليّ المعروف بـ «صاحب الكرابيس» ، عامّيّ ، وهو راوي عبدالله بن عثمان بن خثيم القارئ ، وشيخ عبدالأعلى بن حمّاد النَّرْسيَ ، العامّيّ .
2 ـ كذا ، والمشهور أنّ الخامس منهم الحسين عليه السلام .
( 52 )
رُبّيتَ في حِجْرِ الإسْلامِ ، ورُضِعْتَ مِنْ ثَدْي الإيمانِ ، فَطِبْتَ حيّاً ، وَطِبتَ ميّتاً ، غَيْرُ أنَّ النَّفْسَ غَيْرُ راضِيةٍ بِفِراقِكَ ، وَلا شاكّةٍ في حَياتِك(1)
يَرْحَمُك اللهُ» ،
ثمَّ التفت إلى الحسين عليه السلام فقال : «يا أبا عبدِاللهِ فَعلى أبي
محمّدٍ السَّلامُ»(2) .
2 ـ وعنه ، عن سَلَمة ، عن عبدالله بن أحمدَ ، عن بكر بن صالح ، عن عَمرِو بنِ هشام ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أحَدهما عليهما السلام
«قال : إذا أتيت قبور الأئمَّة بالبقيع فَقِفْ عندهم واجعل القبلةَ خلفَك والقبرَ بين يديك ، ثمَّ تقول :
«السَّلامُ عَلَيْكُمْ أئِمَّةَ الْهُدى، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ والبِرِّ والتَّقْوى، السَّلامُ عَلَيكم الْحُجَجُ على أهْلِ الدُّنْيا، السَّلامُ
عَلَيْكُمْ الْقَوّامينَ في الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ،
السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا آلَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ
عَلَيْكُمْ أهْلَ النَّجْوى، أشْهَدُ أنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ في ذاتِ اللهِ، وَكُذِّبْتُمْ ، وَاُسيءَ إلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ،
وَأشْهَدُ أنَّكُمُ الاَْئِمَّةُ الرّاشِدُونَ المَهديّون ، وَأنَّ طاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ، وَأنَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ، وَأنَّكُمْ دَعْوَتُمْ فَلَمْ
تُجابُوا، وَأمَرْتُمْ فَلَمْ تُطاعُوا، وَأنَّكُمْ دَعائِمُ الدّينِ وَأرْكانُ الاَْرْضِ، لَمْ تَزالُوا بِعَيْنِ اللهِ يَنْسَخُكُمْ مِنْ أصْلابِ
كُلِّ مُطهَّرٍ،(3) وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أرْحامِ الْمُطَهَّراتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجاهِلِيَّةُ الْجَهْلاءُ، وَلَمْ تَشْرَكْ فيكُمْ فِتَنُ الاَْهْواءِ،
طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ، مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيّانُ الدّينِ(4) فَجَعَلَكُمْ في بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ،
وَجَعَلَ صَلواتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا وَكَفّارَةً لِذُنُوبِنا، إذِ اخْتارَكُمُ اللهُ لَنا، وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَيْنا مِنْ
وِلايَتِكُمْ، وَكُنّا عِنْدَهُ مُسَمِّينَ بِعِلْمِكُمْ، مُعْتَرِفينَ بِتَصْديقِنا إيّاكُمْ، وَهذا مَقامُ مَنْ أسْرَفَ وَأخْطَأ وَاسْتَكانَ
وَأقَرَّ بِما جَنى وَرَجى بِمَقامِهِ الْخَلاصَ، وَأنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ
____________
1 ـ جاء الخبر في التّهذيب للشّيخ الطّوسيّ ـ رحمه الله ـ ج6 ص47 وفيه : «وَلا شاكَّة في الجنان لَكَ» أي لا تشكّ الأنفس في أنّك في الجنان .
2 ـ كذا في النّسخ ، وفي التّهذيب : «ثمّ يلتفت إلى الحسين عليه السلام فيقول : «السَّلامُ عَلَيكَ ياأبا عَبْدِالله وَعَلى أبي مُحَمَّدٍ السَّلامُ» .
3 ـ النّسخ في الأصل : النّقل ، ونسختِ الرّيح آثار الدّار أي غيّرتها .
4 ـ الدَّيّان : القهّار والقاضي والحاكم والسّايس والحاسب والمجازي الّذي لا يضيع عملاً ، بل يجزي بالخير والشّرّ . (القاموس)
( 53 )
مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكى مِنَ الرَّدى، فَكُونُوا لي شُفَعاءَ، فَقَدْ
وَفَدْتُ إلَيْكُمْ إذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أهْلُ الدُّنْيا، وَاتَّخَذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها ، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ لا يَسْهُو، وَدائِمٌ لا يَلْهُو، وَمُحيطٌ بِكُلِّ شَىْءٍ لَكَ الْمَنُّ بِما وَفَّقْتَني وَعَرَّفْتَني أئمَّتي ، وبِما
أقَمْتَني عَلَيه، إذْ صَدَّ عَنْهُ عِبادُكَ، وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ، وَاسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِ، وَمالُوا إلى سِواهُ ، فكانتِ المِنَّة مِنكَ عَلَيَّ
مَعَ أقْوامٍ خَصَصْتَهُمْ بِما خَصَصْتَني بِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إذْ كُنْتُ عِنْدَكَ في مقام مَذْكُوراً مَكْتُوباً، فَلا
تَحْرِمْني ما رَجَوْتُ، وَلا تُخَيِّبْني فيـما دَعَوْتُ، بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرينَ » ،
وداع لنفسك بما أحببتَ» .
3 ـ حدّثني عليُّ بن الحسين؛ وغيرُه ، عن عليِّ بن إبراهيمَ بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ ، عن يزيد بن إسحاقَ شَعَر ، عن الحسن بن عَطيَّة ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : تقول عند قبر الحسين ما أحببت» .
الباب السّادس عشر
(ما نزل به جَبرئيل عليه السلام في الحسين بن عليّ عليهما السلام أنّه سيقتل)
1 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز القرشيِّ الكوفيِّ قال: حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سِنان ، عن سعيد بن يسار ؛ أو غيره «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : لمّا أن هبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقتل الحسين عليه السلام أخذ بيد عليٍّ فخلا به مَليّاً مِن النَّهار فغلبتّهما العَبْرة ، فلم يتفرَّقا حتّى هبط عليهما جبرئيل عليه السلام ـ أو قال : رسول ربّ العالمين ـ فقال لهما : رَبّكما يقرؤكما السّلامَ ويقول : عزمت عليكما لما صبرتما(كذا) ، قال : فصبرا» .
حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، سعيد بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول مثله .
حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوبَ بن يزيدَ ، عن
( 54 )
محمّد بن سِنان ، عن سعيد بن يَسار مثله .
2 ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليِّ الوشّاء ، عن أحمدَ بن عائذ ، عن أبي سَلَمة سالم بن مُكرَم ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : لمّا
لمّا حَمَلتْ فاطمة بالحسين جاءَ جبرئيل عليه السلام إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : إنَّ فاطمة سَتَلِدُ وَلداً تقتله اُمتك مِن
بعدك ، فلمّا حَمَلتْ فاطمة بالحسين كَرِهَتْ حملَه ، وحين وضَعَتْه كرهتْ وضعه ، ثمَّ قال أبو عبدالله عليه السلام : هل رأيتم في الدّنيا
اُمّاً تلد غلاماً فتكرهه(1)؟! ولكنّها كَرِهَتْهُ لاُنّها عَلِمتْ أنّه سَيُقتل ، قال : وفيه نزلتْ هذه الآية :
«وَوَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً حَمَلَتْهُ اُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصلُهُ ثَلثون شَهراً(2)»» .
3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن حمّاد ، عن أخيه أحمد بن حمّاد ، عن محمّد بن عبدالله ، عن أبيه «قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : أتى جبرئيل عليه السلام إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له : السّلام عليك يا محمّد ، ألا اُبشّرك بغلام تقتله اُمّتك مِن بَعدِك؟ فقال : لا حاجة لي فيه ، قال: فانتهض إلى السّماء ، ثمَّ عاد إليه الثّانية ، فقال له مثل ذلك ، فقال : لا حاجة لي فيه ، فانعرج إلى السّماء ثمَّ انقضّ إليه الثّالثة فقال له مثل ذلك ، فقال : لا حاجة لي فيه ، فقال : إنَّ ربَّك إنّ جاعِل الوصيّة في عَقبه ، فقال : نعم ، ثمَّ قام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فدخل على فاطمة فقال لها : إنّ جبرئيل أتاني فبشّرني بغلام تقتله اُمتي مِن بعدي ! فقالت : لا حاجة لي فيه ، فقال لها إنّ ربّي جاعل الوصيّة في عقبه ، فقالت : نعم إذن ، قال : فأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية : « حمَلَتْهُ اُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً» لموضع إعلام جبرئيل إياها بقتله ، « فحملته كرها » بأنّه مقتول ، و « وَضَعَتْهُ كُرْهاً» لأنّه مقتول» .
4 ـ وحَدّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز قال : حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن عَمرو بن سعيد الزَّيّات قال : حدَّثني رجلٌ من أصحابنا ،
____________
1 ـ في الكافي : «لم تر في الدّنيا اُمٌّ تلد غلاماً تكرهه ولكنّها ـ إلخ» .
2 ـ الأحقاف: 15 .
( 55 )
عن أبي عبدالله عليه السلام «أنَّ جبرئيل نزل على محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : يا محمّد إنَّ الله يقرء عليك السَّلام ويبشّرك بمولود يولد مِن فاطمة عليها السلام تقتله اُمّتك مِن بعدك ، فقال: يا جبرئيل وعلى ربّي السَّلام ، لا حاجة لي في مولود [يولد مِن فاطمة] تقتله اُمّتي مِن بعدي ، قال : فعرج جبرئيل إلى السّماء ، ثمَّ هبط فقال له مثل ذلك ، فقال : يا جبرئيل وعلى ربّي السَّلام ؛ لا حاجة لي في مولود تقتله اُمّتي مِن بعدي ، فعرج جبرئيل إلى السَّماء ثمّ هبط فقال له : يا محمّد إنَّ ربَّك يقرئك السَّلام ويبشّرك الله جاعل في ذرّيَّته الإمامة والولاية والوصيَّة ، فقال : « قد رضيت(1) ، ثمّ أرسل إلى فاطمة أنَّ الله بُبشّرني
بمولود يولد منك تقتله اُمّتي من بعدي ، فأرسَلَتْ إليه أن لا حاجة لي في مولود يولد منّي تقتله اُمّتك مِن بعدك ، فأرسل إليها أنَّ الله جاعلٌ في ذُرِّيَّته الإمامة والوصيَّة ، فأرسَلتْ إليه أني قد رضيت ، «فحمَلَتْهُ اُمُهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحملُهُ وَفِصلُهُ ثَلثُون شَهْراً حتّى إذا بَلَغَ أشُدَّهُ وَبَلَغَ أربَعينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أوزِعْني أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتي أنْعَمتَ عَليَّ وَعَلى والِدَيَّ وأنْ أعْمَلَ صالِحاً تَرْضهُ وأصْلِحْ لي في ذُرِّيَّتي » ، فلو أنّه قال : أصلح لي ذرّيّتي لكانت ذرّيَته كلّهم أئمّة ، ولم يرضع الحسين مِن فاطمة ولا مِن اُنثى لكنَّه كان يؤتى به النَّبيّ فيضع إبهامَه في فيه فيمصّ منها ما يكفيه اليومين والثّلاثة فنبت لحم الحسين عليه السلام(2)
مِن لحم رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ودمه من دمه ولم يولد مولود لستّة أشهر إلاّ عيسى بن مريم والحسين بن علي عليهما السلام».
وحدّثني أبي ـ رحمه الله ـ ، عن سعد بن عبدالله ، عن علي بن إسماعيل بن عيسى ، عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزَّيات بإسناده مثله .
5 ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن
____________
1 ـ المراد بذلك ما قاله إبراهيم : «ومن ذرّيتي» بعد قوله : «انّي جاعلك للنّاس إماماً».
2 ـ الخبر خبر واحد مجهول ، وكان فيه وهم ، والظّاهر أنّ الأصل : «لكنه يؤتي به النَّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيضع يده في فمه فإذا مسّ إصبعه يظهر له أنّه جائع فأمر بإرضاعه ، وبهذا الوجه نبت لحم الحسين ـ يعني بمراقبة النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ » ، وراوي الخبر غير معلوم ، ولعلّ الزَّيّات لترديده في صحَّة اللّفظ لم يسمّ الرّاوي .
( 56 )
أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فَضّال ، عن عبدالله بن بُكَير ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : دَخَلَتْ فاطمة عليها السلام على رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وعيناه تَدْمَع ـ فسألتْه : ما لكَ ؟! فقال : إنّ جَبرئيل أخبرني أنّ اُمتي
تقتل حسيناً ، فجزعتْ وشقّ عليها ، فأخبرها بمن يملك مِن ولدها فطابت نفسها وسكنتْ» .
6 ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى(1) ، عن صفوانَ بن يحيى ، عن الحسين بن أبي غُنْدَر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : زارنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد أهدَتْ لنا اُمُّ أيمن لبناً وزَبداً وتَمراً ، فقدَّمنا منه ، فأكل(2) ثمَّ قام إلى زاوية البيت فصلّى رَكعات ، فلمّا كان في آخر سجوده بكى بكاءً شديداً ، فلم يسأله أحد منّا ، إجلالاً وإعظاماً له ، فقام الحسين وقعد في حجره ، فقال : يا أبة لقد دخلتَ بيتنا فما سَررنا بشيء كسُرورنا بدخولك ، ثمَّ بكيتَ بكاء غمّنا فما أبكاك؟! فقال : يا بُنَّي أتاني جبرئيل آنفاً فأخبرني أنّكم قَتلى ؛ وأنّ مصارعكم شتّى ، فقال : يا أبة فما لمن زار قبورنا على تشتّتها؟ فقال : يا بُنَّي أولئك طوائف مِن اُمّتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة ، وحقيق عَليَّ أن آتيهم يوم القيامة حتّى اُخلِّصَهم مِن أهوال السّاعة ومِن ذنوبهم ، ويسكنهم الله الجنّة» .
7 ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد قال: حدَّثني محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه ، عن محمّد بن عليٍّ القرشيّ ، عن عبيد
بن يحيى الثَّوريِّ ، عن محمّد بن الحسين بن عليِّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام «قال : زارنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذات يوم فقدّمنا إليه طعاماً وأهدت إلينا اُمُّ أيمن صَحْفَة من تمر وقَعْباً من لَبَن وزَبَد ، فقدّمنا إليه فأكل
منه ، فلمّا فرغ قمتُ و
____________
1 ـ هو محمّد بن عيسى بن عبيد أبو جعفر اليقطيني .
2 ـ كذا ، والصّواب : «فقدّمنا إليه فأكل منه» ، كما يأتي في الخبر الآتي .
( 57 )
سكبتُ على يدَي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ماءً ، فلمّا غسل يديه مسح وجهه ولحيته ببلّة يديه ، ثمّ قام إلى مسجد في جانب البيت وصلّى وخرَّ ساجداً فبكى وأطال البكاء ، ثمَّ رفع راسه ، فما اجترء منّا أهل البيت أحدٌ يسأله عن شيءٍ ، فقام الحسين يدرج حتّى صعد على فَخذي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخذ برأسه إلى صدره ، وضع ذقنه على رأس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثمّ قال : يا أبة ما يُبكيكَ؟ فقال : يابني إنّي نظرت إليكم
اليوم فسررت بكم سروراً لم أسرّ بكم قبله مثله ، فهبط إليَّ جبرئيل فأخبرني أنّكم قتلى ؛ وأنَّ مصارعكم شتّى ، فحمدت اللهَ على ذلك وسألت لكم الخيرة ، فقال له : يا أبة فمن يزور
قبورنا ويتعاهدها على تشتّتها؟ قال : طوائف مِن اُمّتي يريدون بذلك بِرّي وصِلتي أتعاهدهم في الموقف ، وآخذ بأعضادِهم فاُنجّيهم من أهواله وشدائده» .
الباب السّابع عشر
(قول جبرئيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :)
«إنّ الحسين تقتله اُمّتك من بعدك ، وأراه التّربة الّتي يقتل عليها»
1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ قال : حدَّثني سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سُوَيد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن هارونَ بن خارجةَ ، عن ابي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّ جَبرئيل أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والحسين يلعب بين يديه ـ فأخبره أنّ اُمّته ستقتله ، قال : فجزع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : ألا اُريك التّربة الّتي يقتل فيها؟ قال : فخسف ما بين
مجلس رسول الله إلى المكان الَّذي قتل [فيه الحسين عليه السلام]
حتّى التقت القطعتان ، فأخذ منها ودحيت في أسرع من طَـرفَـة عين ، فخرج وهو يقول : طوبى لك مِن تربةٍ ، وطوبى لمن يقتل حولك ، قال : وكذلك صنع صاحب سليمان تكلّم باسم الله الأعظم فخسف ما بين سَرير سليمان وبين العرش من سُهولة الأرض وحزونتها حتى التقت القطعتان فاجترّ
( 58 )
العرش ، قال سليمان : يخيّل إليَّ أنه خرج من تحت سَريري ، قال : ودُحيت في أسرع مِن طرفة العين»(1) .
2 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عبدالحميد العطّار ، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح ، عن أبي اُسامة زيدٍ الشّحّام ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : نعى جَبرئيل الحسين إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في بيت اُمّ سَلَمة ، فدخل عليه الحسين ـ وجَبرئيل عنده ـ ، فقال : إنّ هذا تقتله اُمّتك ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أرني من التربة الّتي يسفك فيها دمه ، فتناول جَبرئيل قبضة من تلك التربة فإذا هي تربة حمراء» .
3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله تعالى ـ عن سعد ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى؛ ومحمّد بن ألحسين بن أبي الخطّاب؛ وإبراهيم بن هاشم ، عن عثمان بن عيسى ، عن سَماعة بن مِهران ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله وزاد فيه : «فلم تزل عند اُمّ سَلَمة حتّى ماتت ـ رحمها الله ـ » .
4 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الوليد الخزّاز ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبدالملك بن أعْيَن «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان في بيت اُمّ سَلَمة وعنده جَبرئيل ، فدخل عليه الحسين عليه السلام فقال له جَبرئيل : إنَّ اُمّتك تقتل ابنك هذا ، ألا اُريك مِن تربة الأرض الّتي يُقتل فيها؟ فقال رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : نعم ، فأهوى جَبرئيل عليه السلام بيده وقبضة منها فأراها النّبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم » .
5 ـ حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرَّزّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سِنان ، عن هارون بن خارِجَة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : سمعته يقول : بينا الحسين بن عليّ عليهما السلام عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ أتاه جَبرئيل عليه السلام فقال : يامحمّد أتحبّه؟ قال : نعم ، فقال : أما أنّ اُمتك سَتَقتله ، قال :
____________
1 ـ للخبر بيّانٌ ، فمن أراد الاطّلاع فليراجع البحار ج14 ص155 من الطعبة الحديثة ذيل الخبر 11 ، ويأتي مثله تحت رقم 5 .
( 59 )
فحَزَن رسول الله حُزناً شديداً ، فقال له جَبرئيل : يارسول الله أتريد أن اُريك التربة الّتي يقتل فيها؟ فقال : نعم ، فخسف ما بين مجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا ـ ثمَّ جمع بين السّبّابتين ـ ثمَّ تناول بجناحه من التَربة وناولها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثمّ رجعت أسرع من طَرْفَة عين ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : طوبى لك من تربة ، وطوبى لمن يقتل فيك» .
6 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليٍّ الوّشّاء ، عن أحمدَ بن عائذ ، عن ابي خديجة سالم بن مُكرَم الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال لما ولدتْ فاطمة الحسين عليهما السلام جاء جَبرئيل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له : إنّ اُمّتك تقتل الحسين عليه السلام مِن بعدك ، ثمَّ قال: ألا اُريك مِن تربته ، فضرب بجناحه فأخرج مِن تربة كربلاء وأراها إيّاه ، ثمَّ قال : هذه التّربة الّتي يقتل عليها» .
7 ـ حدَّثني أبي ، عن الحسين بن عليٍّ الزَّعفرانيِّ قال : حدَّثني محمّد بن عَمرو الأسلميّ قال : حدَّثني عَمرو بن عبدالله بن عَنْبَسة ، عن محمّد بن عبدالله بن عمر ، [و] عن أبيه ، عن ابن عبّاس «قال : الملك الّذي جاء إلى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم يخبره بقتل الحسين عليه السلام كان جَبرئيل الرّوح الاُمين منشور الأجنحة
باكياً صارخاً قد حمل مِن تربة الحسين عليه السلام وهي تفوح كالمِسْك ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : وتفلح اُمّة تقتل فرخي ؟ ـ أو قال : فرخ ابنتي ؟ ـ فقال جَبرئيل :
يضربها الله بالاختلاف ، فتختلف قلوبهم» .
8 ـ حدّثني النّاقد أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن عليٍّ قال: حدَّثني جعفر بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبدالرَّحمن الغَنَوي ، عن سليمان(1) قال : وهل بقى في السّماوات ملكٌ لم ينزل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يعزّيه بولده الحسين؟ ويخبره بثواب الله إيّاه ، ويحمل إليه تربته مصروعاً عليها مذبوحاً مقتولاً جريحاً طريحاً مخذولاً؟
____________
1 ـ كذا في جلّ النّسخ ، وفي بعضها : «سلمان» ، ونقل في البحار على اختلافها ، والظّاهر أنّه هو سليمان بن عبدالله أبو العلاء الغنويّ الكوفيّ .
( 60 )
فقال رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : اللّهُمّ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَه ، وَاقْتُل مَن قَتَلَه ، واذْبَح مَن ذَبحه ، ولا تمتّعه بما طَلبَ .
قال عبدالرَّحمن : فوالله لقد عوجِلَ الملعونُ يَزيدُ ، ولم يتمتّع بعد قتله بما طلب ، ولقد اُخذ ، بات سَكراناً وأصبح ميّتاً متغيّراً
، كأنّه مطلي بقار ، اُخذ على أسف ، وما بقي أحد ممّن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلاّ أصابه جنون أو جذام أو برصٌ ، وصار ذلك وراثة في نسلهم ـ لعنهم الله ـ .
9 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبدالكريم بن عَمرو ، عن المعلّى بن خنيس «قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أصبح صباحاً فرأتْه فاطمة باكياً حزيناً ، فقالَتْ : مالكَ يارسول الله ؟ فأبى أن يخبرها ، فقالت : لا آكل ولا أشرب حتى تخبرني ، فقال : إنّ جَبرئيل أتاني بالتّربة الّتي يقتل عليها غلامٌ لم يحمل به بَعدُ ، ولم تكن تحمل بالحسين عليه السلام وهذه تربته» .
حدَّثني عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هِلال قال: حدَّثني محمّد بن عَميرَة الأسلميُّ قال : حدَّثني عَمرو بن عبدالله بن عَنْبَسَة ، عن محمّد بن عبدالله بن عمر؛ وعن أبيه ، عن ابن عبّاس ـ وذكر الحديث مثل حديث أبي عبدالله الزَّعفرانيِّ سواء .
وحدَّثني عبيدالله بن الفضل قال : حدّثني جعفر بن سليمانَ ، عن أبيه ، عن عبدالرَّحمن الغَنَوي ، عن سليمانَ ـ وذكر مثل حديث أبي الحسين النّاقد سواء .
الباب الثّامن عشر
(ما نزل من القرآن بقتل الحسين عليه السلام وانتقام الله عزَّوجلَّ ولو بعد حين)
1 ـ حدّثني محمّد بن جعفر القرشي الرّزّاز قال: حدّثني محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعدان الحنّاط ، عن عبدالله بن القاسم الحضرميِّ ، عن صالح بن سَهل ، عن ابي عبدالله عليه السلام «في قول الله عزَّوجَلَّ : « وَقَضَيْنا إلى
( 61 )
بَني إسْرائيلَ في الكتاب لَتُفسِدُنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَين(1)» ، قال: قتل أمير المؤمنين عليه السلام وطعن الحسن بن عليّ عليهما السلام ، « وَلَتعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً» قتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام ،
« فإذا جاءَ وَعْدُ اُولهُما» ، قال :
إذا جاءَ نصر الحسين عليه السلام
« بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا اُولي بأسٍ شَديدٍ فَجاسُوا خِلال الدِّيارِ» قوماً يبعثهم الله قبل القائم عليه السلام ، لا يدعون وتراً لآل محمّد إلاّ أحرقوه(2) ، « وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً(3)»» .
2 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : تلا هذه الآية : « إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنُوا في الحياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ
الأشْهادُ(4)» ، قال : الحسين بن عليِّ عليهما السلام منهم ولم ينصر بعد ، ثمَّ قال : والله لقد قتل قتلة الحسين عليه السلام ولم يطلب بدمه بعد» .
3 ـ وحدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوبَ بن يزيدَ ؛ وإبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عُمَير ـ عن بعض رجاله ـ عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزَّوجلَّ : «وإذَا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ(5)» ، قال : نَزَلَتْ في الحسين بن عليِّ عليهما السلام»(6) .
4 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن حكم الحنّاط ، عن ضُرَيس ، عن أبي خالد الكابليِّ ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : سَمِعتُه يقول في قول الله عزَّوجلَّ : « اُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلُون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَديرٌ(7)» ، قال: عليُّ والحسن والحسين عليهم السلام» .
5 ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن محمّد بن سِنان ـ عن رجل ـ «قال : سألت عن
____________
1 ـ الإسراء : 4 .
2 ـ في بعض النّسخ : «إلاّ أخذوه» ، وفي خبر الكافي : «إلاّ قتلوه».
3 ـ الإسراء : 5.
4 ـ الغافر : 51.
5 ـ التّكوير : 8 و 9 .
6 ـ المراد أنّ مصداقها الحقيقيّ هو عليه السلام.
7 ـ الحجّ : 39 .
( 62 )
أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى : « ومَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَليِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِف في القَتْلِ إنَّهُ كانَ مَنْصُوراً(1)» ، قال : ذلك قائم آل محمّد يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام ، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مُسرفاً ، وقوله : « فَلا يُسْرِف في الْقَتلِ»
لم يكن ليصنع شيئاً يكون سرفاً ، ثمَّ قال أبو عبدالله عليه السلام: يقتل والله ذَراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم»(2) .
6 ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين ، عن عثمانَ بن عيسى ، عن سَماعة بن مِهران ، عن أبي عبدالله عليه السلام «في قوله تبارك وتعالى : « لا عُدْوانَ إلاّ عَلَى الظّالمِينَ» ، قال : أولاد قتلة الحسين عليه السلام» .
حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن ابراهيمَ بن هاشم ؛ ومحمّد بن الحسين ، عن عثمانَ بن عيسى ، عن سَماعَة بن مِهرانَ مثله .
7 ـ حدّثني محمّد بن جعفر الكوفيُّ الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سَعدانَ ، عن عبدالله بن القاسم الحضرميّ ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله عليه السلام «في قول الله تبارك وتعالى : « وَقَضَيْنا إلى بَني إسْرائيلَ في الكتاب لَتُفْسِدنَّ في الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ(4)» ،
قال : قتل عليّ وطعن الحسن ، «وَلَتعْلُنَّ عُلُوّاً كَبيراً» ، قال : قتل الحسين عليهم السلام» .
الباب التّاسع عشر
(علم الأنبياء عليهم السلام بقتل الحسين بن علي عليهما السلام)
1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثني سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب؛ ويعقوبَ بن ـ يزيدَ جميعاً ، عن محمّد بن سِنان ـ عمّن ذكره ـ عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنَّ
____________
1 ـ الإسراء : 33.
2 ـ أي الرّاضين بفعل آبائهم ، وكذا في الخبر الآتي .
3 ـ البقرة : 193.
4 ـ الإسراء: 4 .
( 63 )
إسماعيل الَّذي قال الله تعالى في كتابه : « وَاذْكُرْ في الكِتابِ إسْمعيلَ إنّه كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيّاً(1)» ، لم يكن إسماعيلَ
بن إبراهيم عليهما السلام ، بل كان نبيّاً مِن الأنبياء ؛ بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فَرْوَة رأسه ووجهه ، فأتاه ملكٌ عن الله تبارك وتعالى فقال : إن الله بعثني إليك فمرْني بما شئت ، فقال : لي اُسوة بما يصنع بالحسين » .
2 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ؛ وابن أبي الخّطاب؛ وابن يزيدَ جميعاً ، عن محمّد
بن سِنان ، عن عمّار بن مروانَ ، عن سَماعَة بن مِهران(2) ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّه كان لله رسولاً نبيّاً تسلّط عليه قومه فقشروا جِلدة وجهه وفَروَة رأسه ، فأتاه رسولٌ مِن ربِّ العالمين فقال له : ربُّك يُقرؤك السَّلام ويقول : «قد رَأيتُ ما صنع بك» وقد أمرني بطاعتك ، فمرْني بما شئتَ ، فقال : يكون لي بالحسين اُسْوَة» .
3 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ؛ وأحمدَ بن الحسن بن عليِّ ، عن أبيه ، عن مروانَ بن مسلم ، عن بُرَيد بن معاوية العِجليِّ «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام: يا ابن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الَّذي ذكره الله في كتابه حيث يقول : « اذْكُرْ في الكتابِ إسمعِيل إنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نبيّاً» ؛ أكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ؟ فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم ، فقال عليه السلام :إن إسماعيل مات قبل إبراهيم (3) وإنَّ إبراهيم كان حُجَّة لله قائماً ، صاحب شريعة فإلى مَن اُرسل إسماعيل إذن؟ قلت : فمن كان حُجَّة قائماً ، صاحب شريعة فإلى مَن اُرسيل إسماعيل إذن؟ قلت : فمن كان جعلت فداك؟ قال: عليه السلام : ذاك إسماعيل بن حزقيل النَّبيِّ ؛ بعثه الله إلى قومه
فكذّبوه وقتلوه وسلخوا وجهه ، فغضب الله [له] عليهم فوجّه إليه سطاطائيل ؛
____________
1 ـ مريم : 54.
2 ـ جاء الخبر في البحار من علل الشّرائع ، وفيه : «سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام ـ إلخ» .
3 ـ فيه ما فيه ، وفوت إبراهيم قبل إسماعيل ، كما في «العلل»
و «كمال الدين» وغيرهما .
( 64 )
ملكَ العَذاب ، فقال له : يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب ؛ وجَّهَني إليك ربُّ العزّة لاُعذّب قومَك بأنواع العذاب إن شئتَ ، فقال له إسماعيل : لا حاجة لي في ذلك ، فأوحى الله إليه : فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال : يارَبِّ إنَّك أخذت الميثاق لنفسك بالرُّبوبيّة ، ولمحمّد بالنّبوَّة ، ولأوصيائه بالولاية ، وأخبرتَ خير خلقك بما تفعل اُمته بالحسين بن عليِّ عليهما السلام مِن بعد نبيِّها ، وإنّك وعدتَ الحسين
عليه السلام أن تُكِرَّه(1) إلى الدُّنيا حتّى ينتقم بنفسه ممّن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا رَبّ أن تكرّني إلى الدُّنيا حتى أنتقم ممّن فعل ذلك بي ، كما تكرّ الحسين عليه السلام ، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك فهو يكرّ مع الحسين عليه السلام» .
4 ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن عليٍّ بن مهزيار ، عن ابيه ، عن جدّه ، عليِّ بن مهزيار ، عن محمّد بن سنان ـ عمّن ذكره ـ
عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّ إسماعيلَ الَّذي قال الله تعالى في كتابه : « اذْكُرْ في الكتابِ إسمعيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ » اُخذ فسلخت فَرْوَة وَجْهه ورَأسه ، فأتاه ملك فقال : إنَّ اللهَ بعثني إليك فمرني بما شئتَ ، فقال : لي اُسوة بالحسين بن عليٍّ».
الباب العشرون
(علم الملائكة بقتل الحسين عليه السلام)
1 ـ حدّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز الكوفيُّ قال : حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال : حدَّثني موسى بن سَعدانَ الحنّاط ، عن عبدالله بن القاسم الحضرميِّ ، عن إبراهيم بن شعيب الميثميِّ «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إنّ الحسين بن عليٍّ عليهما السلام لمّا ولد أمر الله عزَّوجلَّ جَبرئيل عليه السلام أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنّىُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الله ومِن جَبرئيل ، قال : وكان مَهْبَطُ جَبرئيل على جَزيرة في البحر فيها ملك يقال له : فطرس ، كان من
____________
1 ـ أي ترجعه .
( 65 )
الحملة فبعث في شيء فأبطأ فيه فكسر جناحه وأُلقي في تلك الجزيرة
يعبدالله فيها ستّمائة عام حتّى ولد الحسين عليه السلام ، فقال الملك لجَبرئيل عليه السلام : أين تريد؟ قال: إنَّ الله تعالى أنعم على محمّد
صلّى الله عليه وآله وسلّم بنعمة فبعثت أهنّئه من الله ومنّي ، فقال: يا جَبرئيل احملني معك لعلَّ محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم يدعو الله لي ، قال : فحمله فلمّا دخل جَبرئيل على النّبيِّ وهنأه مِن الله وهَنّأه منه وأخبره بحال فطرس فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ياجَبرئيل أدخله ، فلمّا أدخله أخبر فطرس النَّبيَّ بحاله فدعا له النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال له : تمسّح بهذا المولود وعُدْ إلى مكانك ، قال : فتمسّح فطرس بالحسين عليه السلام وارتفع وقال : يارسول الله أما إنّ اُمّتك ستقتله وله عليَّ مكافأة أن لا يزوره زائرٌ إلاّ بلّغته عنه ، ولا يسلّم عليه مسلّمٌ إلاّ بلّغته سلامه ، ولا يصلّي عليه مُصّلٍّ إلاّ بلّغته صَلاته ، قال : ثمَّ ارتفع».
الباب الحادي والعشرون
(لعن الله تبارك وتعالى ولعن الاُنبياء قاتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)
1 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد اليقطينيِّ ، عن محمّد بن سِنان ، عن أبي سعيد القَمّاط عن ابن أبي يَعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في منزل فاطمة
عليها السلام والحسين في حِجره إذ بكى وخرَّ ساجداً ، ثمَّ قال : يا فاطمة بنت محمّد! إنَّ العليَّ الأعلى ترائي لي في بيتك(1) هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهْيَأ هَيئة ، وقال لي : يامحمّد أتحبّ الحسين؟ فقال : نعم ؛ قُرة عيني ورَيحانتي وثمرة فؤادي ؛ وجلدة ما بين عيني ، فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يده على رأس الحسين(2) عليه السلام ـ بورك
____________
1 ـ المراد به رسوله جَبرئيل أو يكون الرّائي غاية الظّهور العلميّ على سبيل الكناية ، كما قاله العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ ، وسيأتي بيانه مفصّلاً في ص69 .
2 ـ كناية عن إفاضة الرّحمة .
( 66 )
من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني ؛ ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على مَن قَتَلَه وناصَبَه وناواه ونازَعَه ، أما إنّه سيّدُ الشّهداء مِنَ الاُوَّلينَ والآخِرينَ في الدُّنيا والآخرَة ـ وذكر الحديث ـ »(1) .
2 ـ حدّثني أبو الحسين محمّد بن عبدالله(2) بن عليٍّ النّاقد قال : حدّثني أبو هارون العَبَسيِّ ، عن أبي الاشهب جعفر بن حَيّان(3) ، عن خالد الرّبعيّ قال : حدَّثني مَن سمع كعباً «يقول : أوَّل من لعن قاتل الحسين بن عليِّ عليهما السلام إبراهيم خليل الرَّحمن ، لعنه وأمر ولده
بذلك وأخذ عليهم العهد والميثاق ، ثمَّ لعنه موسى بن عِمرانَ ، وأمر اُمّته بذلك ، ثمَّ لعنه داود وأمر بني إسرائيل بذلك ، ثمَّ لعنه عيسى ، وأكثر أن قال : يابني إسرائيل العنوا قاتِله ، وإن أدركتم أيّامه فلا تجلسوا عنه ، فإنَّ الشَّهيد معه كالشَّهيد مع الأنبياء ، مقبل غير مُدبر ، وكأنّي أنظر إلى بُقعته ، وما مِن نبيِّ إلاّ وقد زارَ كربلاء ووقف عليه وقال: إنّك لبقعة كثيرة الخير ، فيك يدفن القَمَر الأزهر» .
3 ـ حدَّثني الحسين بن عليٍِّ الزّعفرانيُّ بالرَّيّ قال : حدّثنا محمّد
بن عُمَرَ النَّصيبيُّ ، عن هِشام بن سعد قال : أخبرني المشيخة «أنّ الملك الّذي جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وأخبره بقتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام كان ملك البحار وذلك أنَّ ملكاً من ملائكة الفردوس نزل على البحر فنشر أجنحته عليها ، ثمَّ صاح صيحة وقال : يا أهل البِحار البسوا أثواب الحزن فإنَّ فرخ رَسول اللهِ صلّى الله عليه وآله مذبوحٌ ، ثمَّ حمل مِن تربَتِه في أجنحته إلى السّماوات ، فلم يبق ملك فيها إلاّ شمّها وصار عنده لها أثر ، ولعن قتلته وأشياعهم وأتباعهم» .
____________
1 ـ تأتي تتمة الخبر في الباب الآتي .
2 ـ تقدّم أنّه «أحمد بن عبدالله» ، وأحدهما تصحيف.
3 ـ هو جعفر بن حيّان السّعديّ أبو الاُشهَب العطارديّ البصريّ المتوفّى سنة 165 ، كما قاله ابن الحجر في تهذيب التّهذيب .