زيارَة اُخْرى
بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم
3 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فَضالَة بن أيّوبَ ، عن نُعَيم بن الوليد ، عن يوسفَ [بن] الكُناسيّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إذا أتيتَ قبر الحسين فائت الفُرات واغتسل بِحيال قبره وتَوجَّهْ إليه ، وعليك السَّكينة والوَقار حتّى تدخل الحائر مِن جانبه الشَّرقيِّ ، وقُلْ حين تدخله :
«السَّلامُ عَلى مَلائِكةِ اللهِ المُقَرَّبين ، السّلام عَلى مَلائكة
اللهِ المُنْزَلينَ ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ الله المَرْدِفينَ ، السَّلامُ على ملائِكة اللهِ المُسَوِّمينَ ، السَّلامُ عَلى مَلائكَةِ اللهِ الَّذينَ هُمْ في هذا الحائِر بإذْنِ الله مُقيمونَ» .
فإذا استقبلت قبر الحسين فقل :
«السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ ، صَلى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ أمِينِ اللهِ عَلى رُسُلِهِ(*) ، وَعَزائِمِ أمْرِه ، الخاتِمِ لِما سَبَقَ ، وَالفاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ(1) ، وَالمُهَيمِن عَلى ذلكَ كُلِّهِ ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ» .
ثمّ تقول : «السَّلامُ عَلى أمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَبدِكَ وَأخِي رَسُولِكَ ، الَّذي انْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَالدَّليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ ، دَيّانِ الدِّينِ بَعَدْلِكَ وَفَصْلِ قَضائِكَ بَين خَلْقِكَ ، وَالمُهَيْمِنِ عَلى ذلكَ كُلِّه ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحسَنِ بْنِ عَليٍّ عَبْدِكَ وَابْنِ رَسُولِكَ ، الَّذي انْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ ..... ـ إلى آخر ما صلّيت على أمير المؤمنين ـ . ثمَّ تسلّم على ـ
____________
1 ـ «الخاتم لما سبق» يعني الأنبياء ، و «الفاتح لما استقبل» يعني الأوصياء . وقوله : «المُهَيْمِنِ عَلى ذلك كلِّه» أي الرَّقيب الشّاهد عليهم جميعاً . (الوافي)
وقال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : «لما سبق» أي لما سبق من المعارف ، «ولما استقبل» أي لما استقبل من الحكم والحقائق والمعارف ، وليس معناه : الفاتح لمن يأتي بعدَك؛ لاُنّ كلمة «ما» الموصولة جاءَتْ لغير ذوي العقول .
( 222 )
الحسين وسائر الأئمّة كما صَلّيتَ وسَلّمتَ على الحسن بن عليٍّ ، ثمَّ تأتي قبرَ الحسين عليه السلام فتقول :
«السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، رَحِمَكَ اللهُ يا أبا عَبْدِالله ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللهِ ما أمَرَكَ بِهِ ، وَلَمْ تَخْشَ أحَداً غَيرَهُ ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِهِ ، وَعَبَدْتَهُ صادِقاً مُخْلِصاً حَتّى أتاكَ اليَقينُ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ كَلِمةُ التَّقْوى ، وَبابُ الهُدى ، وَالْعُرْوَةُ الوُثْقى ، وَالحُجَّةُ عَلى مَنْ يَبقى ، وَمَن تَحْتَ الثَّرى ، أشْهَدُ أنَّ ذلكَ لَكُمْ سابِقٌ فيما مَضىُ ، وَذلِكَ لكم فاتِحٌ فيما بَقي(1) ، أَشْهَدُ أنَّ أرْواحَكُمْ وَطِينَتَكُمْ طِينَةً طَيِّبَةً ، طابَتْ وَطَهُرَتْ هي بَعضُها مِنْ بعْضٍ مَنّاً مِنَ اللهِ وَمِنْ رَحْمَتِهِ ، فأشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ أنّي بِكُمْ مُؤمِنٌ وَبإيابِكُمْ مُوقِنٌ وَلَكُمْ تابِعٌ في ذاتِ نَفْسي وَشَرائِعِ دِيني وَخاتِمَةِ عَمَلي وَمُنْقَلبِي وَمَثْواي(2) ، فأسألُ اللهَ البَرَّ الرَّحِيم أنْ يُتَمِّمَ لي ذلِكَ ، وَأشْهَدُ أنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ عَنِ اللهِ ما أمَرَكُمْ بِهِ حَتّى لَمْ تَخْشَوا أحَداً غَيرَهُ ، وَجاهَدْتُم في سَبِيلِهِ وَعَبَدتُمُوهُ حَتّى أتاكُمُ الْيَقينُ ، فَلَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكُمْ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ أمَرَ بِهِ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ بلغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ بِهِ ، أشْهَدُ أنَّ الَّذِين انْتَهَكُوا حُرْمَتَكَ وَسَفَكُوا دَمَكَ مَلْعُونونَ عَلى لِسانِ النَّبيِّ الاُمِّي» .
ثمّ تقول : «اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ ، وَخالَفُوا مِلَّتَكَ ، وَرَغِبُوا عَنْ أمْرِكَ ، وَاتَّهَمُوا رَسُولَكَ(3) ، وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ، اللّهُمَّ احْشُ قُبُورَهُم ناراً ، وَ
____________
1 ـ أي تلك الأحوال والفضائل حاصلة فيمن مَضى من الأئمّة ، وهي سببٌ لفتح أبواب الإمامة والخلافة والعلوم والمعارف فيمن بقى من الأئمّة ، فكلمة «ما» بمعنى «مَن» . وقرء بعض الأصحاب «فائح» بالهمزة بعد الألف ، أي يفوح مِن القرآن شَميم فَضائلهم . (مرآة العقول)
2 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : أي أعزم وأوطّن نفسي على أن أكون تابعاً لكم في الاُمور المتعلّقة بنفسي وفي سائر شرائع ديني ، وفي خاتمة عملي ، وفي منقلبي إلى ربّي ، وفي مَثوايّ في قبري ، وفي الجنّة ، أو في جميع حركاتي وسَكناتي ، ولمّا لم يكن بعض هذه الاُمور على بعض الوجوه باختياره وما كان باختياره لا يتأتّى إلاّ بتوفيقه تعالى .
3 ـ قوله : «نعتمك» أي الأئمّة وولايتهم وقولهم ، وقوله : «واتّهموا نبيّك» أي فيما أدَّى إليهم في أهل بيته عليهم السلام . (مرآة العقول)
( 223 )
أجْوافَهُمْ ناراً ، وَاحْشُرْهم وَأتْباعَهم إلى جَهنَّمَ زُرْقاً(1) ، اللّهُمَّ الْعَنْهم لَعناً يَلْعَنُم بِهِ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَبٍ ، وكلُّ نَبيٍّ مُرْسَلٍ ، وَكُلُّ عَبْدٍ مُؤمِنٍ امْتَحَنْتَ
قَلْبَهُ للإيمانِ ، اللّهُمَّ الْعَنْهُمْ في مُسْتَسرِّ السِّرّ(2) وظاهِرِ العَلانيّةِ ، اللّهُمَّ الْعَنْ جَوابيتَ هذِهِ الاُمَّةِ وَطَواغيتَها ، وَالْعَنْ فَراعِنَتَها ، وَالْعَنْ قَتَلَةَ أمِيرِ المؤمِنينَ ، وَالْعَنْ قَتَلَةَ الحُسَنِ وَالحُسَينِ ، وَعَذِّبهُمْ عَذاباً أليماً لا تُعَذِّبُ بِهِ أحَداً مِنَ العالَمين ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْصُرُهُ وَتَنْتَصِرُ بِهِ ، وَتَمنُّ عَلَيْهِ بِنَصْركَ لِدينكَ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ» .
ثمَّ اجلس عندَ رأسه صلوات الله عليه فقلْ :
«صَلّى الله عَلَيْكَ ، أشْهَدُ أنَّكَ عَبْدُاللهِ وَأمِينُهُ ، بَلَّغْتَ ناصِحاً ، وَأدَّيْتَ أمِيناً ، وقُتِلْتَ صِدِّيقاً ، وَمَضَيْتَ عَلى يَقينٍ ، لَم تُؤْثِرْ عَميً عَلى هُدىً ، وَلَمْ تَمِل مِنْ حَقٍّ إلى باطِلٍ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةً وآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بِالمَعْروفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَر ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ ، وتَلَوْتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، وَدَعوتَ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالموعِظَةِ الحَسَنَةِ ، صَلّى اللهُ عليكَ وَسَلّم تَسْليماً كَثيراً ، أشْهَدُ أنَّكَ كُنْتَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ ، قَدْ بَلَّغْتَ ما اُمِرْتَ بِهِ ، وَقُمْتَ بِحَقِّهِ وَصَدَّقْتَ مَنْ قَبْلَكَ ، غَير واهِنٍ وَلا مُوهِنٍ ، صَلّى اللهُ عَلَيكَ وَسَلّم تَسْليماً ، فَجَزاكَ اللهُ مِن صِدِّيقٍ خَيراً عَنْ رَعيَّتِكَ(3) ، أشْهَدُ أنَّ الجِهادَ مَعَكَ جِهادٌ ، وَأنَّ الحَقَّ مَعَكَ وَإلَيْكَ ، وَأنْتَ أهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ ، وَمِيراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكَ وَعِنْدَ أهْلِ بَيْتِكَ عَلَيْهمُ السَّلامُ ، أشْهَدُ أنَّكَ صِدِّيقٌ عِنْدَ اللهِ ، وَحُجَّتُهُ عَلى خَلْقِهِ ، أشْهَدُ أنَّ دَعْوتَكَ حَقٌّ ، وَكُلَّ داعٍ مَنْصُوبٍ غَيرِكَ فَهُوَ باطِلٌ مَدْحُوضٌ ، وَأشْهَدُ أنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبينُ» .
ثمَّ تحوَّل عندَ رِجليه وتخيّر مِن الدُّعاء وتدعو لنفسك ، ثمّ تحوَّل عند رأس عليِّ بن الحسين عليهما السلام وتقول :
«سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبينَ وأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ ، عَلَيكَ يا مَولايَ وَابْنَ مَولاي وَرَحْمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ ، صَلّى الله عَلَيكَ وَعَلى أهْلِ بَيْتِكَ وَعَلى عِتْرَةِ آبائِكَ
____________
1 ـ أي عمياً.
2 ـ تقدّم بيانه في ص 40.
3 ـ في بعض نسخ الكافي : «عن رعيّته» ولعلّه أصوب .
( 224 )
الأخْيارِ الَّذين أذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطهيراً» .
ثمّ تأتي قبور الشُّهداء وتسلّم عليهم وتقول :
«السَّلامُ عَلَيْكم أيُّها الرَّبّانيُّون ، أنْتَم لَنا فَرَطٌ(1) وَسَلَفٌ ، وَنَحنُ اتْباعٌ وَأنْصارٌ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ كَما قالَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى في كِتابِهِ : «وَكأَيِّنْ مِنْ نَبيٍّ قاتََ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أصابَهُمْ في سَبيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَما اسْتَكانُوا(2)» ، فَما وَهَنْتُمْ وَما ضَعَفْتُمْ وَما اسْتَكَنْتُمْ حَتّى لَقيتُمُ اللهَ عَلى سَبيلِ الحَقِّ ، وَنُصْرَةِ كَلِمَةِ اللهِ التّامَّةِ ، صَلّى اللهُ عَلى أرْواحِكُم وَأبْدانِكُمْ وَسَلّم تَسْلِيماً ، أبْشِرُوا بِمَواعِدِ اللهِ الَّذي لا خُلْفَ لَهُ إنَّهُ لا يُخْلِفُ المِيعادَ ، اللهُ مُدْرِكٌ لَكُمْ ثَأْرَ ما وَعَدَكُمْ ، أنتُم سادَةُ الشُّهداءِ في الدُّنْيا
وَالآخِرَةِ ، أنْتُمُ السّابِقُونَ وَالمُهاجِرُونَ وَالأنصارُ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ قَدْ جاهَدْتُم في سَبيل اللهِ ، وَقاتَلتُمْ عَلى مِنْهاجِ رَسُولِ اللهِ وَابْنِ رَسُولِ اللهِ ، الحَمْدُ للهِ الَّذي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ ، وَأراكُم ما تُحبُّونَ» .
ثمَّ تقول : «أتَيْتُكَ يا حَبِيبَ رَسُولِ اللهِ وَابْنَ رَسُولِهِ ، وَإنّي لَكَ عارِفٌ ، وَبحقِّكَ مُقِرٌّ ، وَبِفَضْلِكَ مُسْتَبْصِرٌ ، وَبِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكَ مُوقِنٌ ، عارِفٌ بِالهُدَى الَّذي أنْتَ عَلَيْهِ ، بأبي أنْتَ وَاُمِّي وَنَفْسي ، اللّهُمَّ إنّي اُصَلي عَلَيْهِ كَما صَلَّيْتَ أنْتَ عَلَيْهِ وَرُسُلُكَ وَأميرُ المؤْمِنينَ ، صَلاةً متتابِعَةً مُتَواصِلَةً مُتَرادِفَةً ، يَتْبَعُ بَعضُها بَعْضاً ، لا انْقِطاعَ لَها وَلا أمَدَ ولا أبَدَ وَلا أجَلَ في محضَرِنا هذا وإذا غِبْنا وَشَهِدْنا ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ» .
*****
____________
1 ـ قال في النّهاية : فيه «أنا فَرَطُكم على الحوض» أي متقدِّمكم إليه . يقال : فَرَط يَفْرِط ، فهو فارطٌ وَفَرَطٌ إذا تقدّم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ، ويهيّىء لهم الدِّلاء والأرْشِيَة . ومنه الدّعاء للطّفل الميّت : «اللّهم اجعله لنا فرطاً» أي أجراً يتقدّمنا ـ انتهى . وقوله : «الرّبّانيّون» قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : الرّبّانيّ منسوب إلى الرّبّ ، والألف والنّون من زيادات النّسب ، أي الرّاسخ في الدّين والعلم ، أو الّذي يطلب بعلمه وجه الله ، أو من الرّبّ بمعنى التّربية ، أي الّذين يربّون المتعلّمين ، و «الرّبّيّون» أيضاً منسوب إلى الرِّبّ بالفتح والكسر من تغييرات النّسب ، أي المتمسّكون بعبادة الله وعلمه.
2 ـ آل عمران : 146 .
( 225 )
(زيارَةٌ اُخرى)
4 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن عبدالله ، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن عبدالله بن محمّد بن خالد الطَّيالسيِّ ، عن الحسن بن عليٍّ ، عن أبيه ، عن فَضل بن عثمان الصّائغ ، عن معاويةَ بن عمّار «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : ما أقول إذا أتيتُ قبر الحسين عليه السلام؟ قال: قُلْ : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عبداللهِ ، صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله ، رَحِمَكَ اللهُ يا أبا عَبْدِاللهِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، وَلَعَن
اللهُ مَنْ شَرِكَ في دَمِكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضي بِهِ ، أنَا إلى اللهِ مِنْ ذلِكَ بَريءٌ»» .
(زيارَةٌ اُخرى)
بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحِيم
5 ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أبي عبدالله الرَّازيّ ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة ، عن الحسن بن محمّد بن عبدالكريم أبي عليّ ، عن المفضّل بن عُمَرَ ، عن جابر الجُعفيِّ(1) «قال : أبو عبدالله عليه السلام للمفضل : كم بينك وبين قبر الحسين عليه السلام ؟ قال : قلت : بأبي أنت واُمّي يوم وبعض يوم آخر ، قال فتزوره؟ قلت : نَعَم ، قال : فقال: ألا اُبشِّرك؟ ألا اُفرّحك ببعض ثوابه؟ قلت : بلى جُعِلتُ فِداك ، قال : فقال لي : إنَّ الرَّجل منكم ليأخذ في جِهازه ويتهيّأ لزيارته فيتباشر به أهل السَّماء ، فإذا خرج مِن باب منزله راكباً أو ماشياً وكَّل الله به أربعة آلاف مَلَكٍ مِن الملائكة يصلّون عليه حتى يوافي قبر الحسين عليه السلام ، يا مفضَّل إذا أتيت قبر الحسين بن عليٍّ عليهما السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات ، فإنَّ لك بكلِّ كلمة كِفلاً من رَحمة الله ، فقلت : ما هي جعلت فداك؟ قال : تقول :
____________
1 ـ لا يخفى ما في سند الخبر ، لأنّه إمّا أن يكون مكان المفضّل رجلٌ آخر ، أو مكان «عن» في قوله» : «عن جابر» الواو ، وإلاّ فلا يستقيم إلاّ بتكلّف بعيد ، وهو أن يقال : المفضّل كان نسي الخبر ثمّ أخبره جابر به . (البحار) أقول : الظّاهر راوي جابر
هو المفضّل بن صالح . وفي مشيخة الفقيه : المفضّل بن عمر ، عن جابر الجعفيّ في طريق جابر بن عبدالله .
( 226 )
:
«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ الله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارث
نُوحٍ نَبي الله ، السَّلامَ عَلَيْكَ يا وارِثَ إبْراهيمَ خَليلِ الله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَليمِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ الله(1) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَليٍّ وَصيّ رَسُولِ الله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الحسَنِ الرَّضي ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله(2) ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الشَّهيدُ الصِّدِّيقُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الوَصيُّ البارُّ التَّقي ، [السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله وَابْنَ حُجَّتِهِ] ، السَّلامُ عَلى الأرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأناخَتْ بِرَحْلِكَ(3) ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ الله المُحدِقين بِكَ ، أشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ، وآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرتَ بالمعرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وَعَبَدْتَ الله مُخلِصاً حَتى أتاكَ اليَقين ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحمةُ الله وَبَرَكاتُهُ» .
ثمّ تسعى فلك بكلِّ قدم رفعتَها ووضعتَها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله ، فإذا سلَّمت على القبر فالمسْه بيدك وقُلْ : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله في سَمائه وَأرْضِهِ» .
ثمَّ تمضي إلى صلاتك ، ولك بكلِّ ركعةٍ ركعَتها عنده كثواب مَن حجّ واعتمر ألف مرَّة(4) واعتق ألف رَقَبةٍ ، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبي مُرسلٍ ، فإذا انقلبتَ مِن عند قبر الحسين عليه السلام ناداك مُنادٍ ـ لو سمعت مقالته لأقمت عُمرك عند قبر الحسين عليه السلام ـ وهو يقول : «طُوبى لك أيُّها العبدُ ! قد غَنِمتَ وسلمت ، قد غُفر لك ما سلف ، فاستأنفِ العمل» ، فإن هو مات مِن عامَّه أو في ليلته أو يومه لم يَلِ قبضَ روحه إلاّ الله ، وتَقْبُلُ الملائكة معه [و] يستغفرون له ، ويصلّون عليه حتّى يوافي منزله ، وتقول الملائكة : ياربّ هذا عبدك وقد وافى قبر ابن نبيّك صلّى الله عليه وآله وسلّم(5) وقد وافى منزله ، فأين نذهب؟ فيأتيهم
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «محمّد نبيّ الله».
2 ـ الظّاهر فيه تقديم وتأخير ، والصّواب : «السّلام عليك يا وارث فاطمة بنت رسول الله ، السّلام عليك ياوارث الحسن الرّضيّ».
3 ـ الإناخة: إبراك الإبل ، وهناك كناية عن النّزول والقرار ، والرّحل : المسكن.
4 ـ في بعض النّسخ : «مَن حجَ ألف حجّة واعتمر ألف عمرة».
5 ـ وافاه أي أتاه .
( 227 )
النِّداء مِن السَّماء : يا ملائكتي قِفوا بباب عبدي؛ فسبِّحوا وقدَّسوا واكتبوا ذلك في حَسناته إلى يوم يتوفى ، قال : فلا يزالون ببابه إلى يوم يتوفى يسبِّحون الله ويقدِّسونه ، ويكتبون ذلك في حسناته ، فإذا توفّي شَهدوا جنازَته وكَفنه وغُسله والصَّلاة عليه ، ويقولون : ربّنا وكلتنا بباب عبدك وقد توفّى فأين نذهب؟ فيناديهم : يا ملائكتي قِفوا بقبر عبدي فسبّحوا وقدِّسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم القيامة» .
حدَّثني حكيم بن داودَ بن حكيم ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن أبي عبدالله الرّازيّ الجاموراني ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة بإسناده مثله .
(زيارةٌ اُخرى)
6 ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن جدّه محمّد بن عيسى بن عبدالله ، عن إبراهيم بن أبي البلاد «قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسين عليه السّلام؟ فقال لي : ما تقولون أنتم فيه؟ فقلت : بعضنا يقول حجّةٌ وبعضنا يقول عمرة ، قال : فأيّ شيء تقول إذا أتيتَ؟ فقلت : أقول : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بالمعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وَدَعَوتَ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحكْمَةِ وَالموعِظَةِ الحسَنَةِ ، وَأشْهَدُ أنَّ الَّذينَ سَفَكُوا دَمَكَ وَاسْتَحلُّوا حُرمَتَكَ
مَلْعُونُونَ مُعَذَّبُونَ عَلى لِسان داودَ وَعيسى بْنِ مَرْيَمَ ، ذلك بما عَصَوا وَكانُوا يَعْتَدونِ(1)»» .
7 ـ حدَّثني أبي ، عن موسى بن جعفر البغداديّ ـ عمّن حدّثه ـ عن إبراهيم بن ابي البلاد «قال : قال لي ابو الحسن عليه السلام : كيف السّلام على أبي عبدالله عليه السلام؟ قال : قلت : أقول : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُوِل اللهِ ،
____________
1 ـ كأنّه سقط هنا قوله : «قال : نعم هو هكذا» ، كما يأتي في الخبر الآتي .
( 228 )
أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ، وآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بالمعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وَدَعَوتَ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بالحكْمَةِ والموعِظَةِ الحسَنَةِ ، أشْهَدُ أنَّ الَّذينَ سَفَكُوا دَمَكَ واسْتَحَلُّوا حُرْمَتَكَ مَلْعُونُونَ مُعَذَّبونَ عَلى لِسانَ داودَ وَعيسى بنِ مَرْيَمَ ، ذلِكَ بِما عَصَوا وَعَصَوا وَكانُوا يَعْتَدونَ» ، قال : نعم هو هكذا» .
(زيارة اُخرى)
8 ـ حدَّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمة بن الخطّاب ، عن عليِّ بن محمّد ـ عن بعض أصحابه ـ عن سليمان بن حَفْص المروزيّ ـ عن الرَّجل ـ «قال : تقول عند قبر الحسين عليه السلام : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله ، السَّلامُ عليك يا حُجَّةَ الله في أرْضِهِ ، وَشاِهَدُه عَلى خَلْقِهِ ،
السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ عَليّ المُرْتَضى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراء ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمتَ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بالمعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِ الله حَتى أتاكَ اليَقِينُ ، وَصَلى اللهُ عَلَيْكَ حَيّاً وَمَيِّتاً» .
ثمَّ ضَعْ خَدَّك الأيمن على القبر وقُلْ : «أشْهَدُ أَنَّكَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ ، جِئتُكَ مُقِرّاً بالذّنُوبِ ، اشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله» . ثمّ اذكُر الأئمَّة واحِداً واحِداً وقل : «أشْهَدُ أنَّهُمْ حُجَجُ اللهِ» .
ثمّ قل : «اكتُبْ لي عِنْدَكَ عَهْداً وَميثاقاً بأنّي أتَيْتُكَ
مُجَدِّداً المِيثاقَ فاشْهَدْ لي عِنْدَ رَبِّكَ ، إنَّكَ أنْتَ الشّاهِدُ»» .
9 ـ حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم ، عن سَلَمَة بن الخطّاب ، عن الحسين بن زَكريّا ، عن سليمانَ بن حفص المروزيّ ، عن المبارك «قال : تقول عند قبر الحسين عليه السلام :
«السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عِبْدِالله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله في أرْضِهِ ، وَشاِهدَهُ عَلى خَلْقِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلام عَلَيْكَ يا ابْنَ عَلي المرْتَضى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ فاطِمَة الزَّهْراءِ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ
( 229 )
بالمعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وجاهَدْتَ في سَبيل الله
حَتى أتاكَ اليَقينُ ، فَصَلى الله عَلَيْكَ حَيّاً وَمَيِّتاً» .
ثمَّ ضَعْ خَدَّك الأيمن على القبر وقل : «أشْهَدُ أنَّكَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ ، جِئتُكَ مُقِرّاً بالذنُوبِ لِتَشْفَعَ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا ابْنَ رَسُول الله» .
ثمّ اذكر الأئمّة بأسمائهم واحداً بعد واحد ، وقل : «أشْهَدُ أنَّهُمْ حُجَجُ الله»؟ ثمّ قال: «اكْتُبْ لي عِنْدَكَ ميثاقاً وَعَهْداً أني أتَيْتُكَ مُجَدِّداً الميثاق ، فاشْهَدْ لي عِنْدَ رَبِّكَ إنَّكَ أنْتَ الشّاهِدُ»» .
(زيارةٌ اُخْرى)
10 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجران ، عن عامر بن جُذاعة ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إذا أتيت الحسين عليه السلام(1) فقل :
«الحمْدُ لله وصَلى الله عَلى مُحَمَّدٍ النَّبي وَآلِهِ ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَرَحمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، صَلى الله عَلَيْكَ يا أبا عِبْدِالله ، لَعَنَ الله مَنْ قَتَلَكَ ، وَمَنْ شارَكَ في دَمِكَ ، وَمَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضي بِهِ ، أنا إلى الله مِنْهُم بَريّءٌ ـ ثلاثاً ـ »» .
11 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نجران ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عامر بن جُذاعةَ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إذا أتيت الحائر فقل :
«الحَمْدُلله ، وَصَلى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَأهْلِ بَيْتِهِ ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ وَرَحمةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، عَلَيْكَ السَّلامُ يا أبا عَبْدِالله ، لَعَنَ الله مَنْ قَتَلَكَ ، وَمَنْ شارَكَ في دَمِكَ ، وَمَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضي بِهِ ، أنا إلى الله مِنْهُمْ بَريءٌ»» .
*****
____________
1 ـ أي مزار الحسين عليه السلام كما هو الظّاهر .