(زيارةٌ اُخْرى)
12 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أحمدَ بن الحسن بن عليِّ بن فَضّال ، عن عَمرِو بن سعيد المدائنيِّ ، عن مُصدِّق بن صَدَقَةَ ، عن عمّار بن موسى السّاباطيِّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : تقول إذا أتيت إلى قبره(1) :
«السَّلام عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ أمير المؤمِنينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عبْدِالله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ شَبابِ أهْلِ الجنَّةِ وَرَحمةُ اللهِ وَبرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ رِضاهُ مِنْ رِضا الرَّحمنِ ، وَسَخَطُهُ مِنْ سَخَطِ الرَّحمن ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمينَ اللهِ وَحُجَّتِه وَبابَ اللهِ ، والدَّليلَ عَلى اللهِ ، وَالدَّاعي إلى اللهِ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ حَلَّلْتَ حَلالَ اللهِ ، وَحَرَّمْتَ حَرامَ اللهِ ، وأقَمْتَ الصَّلاةَ ، وآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بالمعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وَدَعَوتَ إلى سَبيل ربِّكَ بالحكْمَةِ وَالموْعِظَةِ الحَسَنَةِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ شُهَداءُ أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّكُم ترْزَقُونَ ، وأشْهَدُ أنَّ قاتِليك في النّارِ ، أدِينُ اللهَ بِالبَراءةِ ممَّن قاتَلَكَ ، وَممَّن قَتَلَكَ وشايَعَ عَلَيْكَ ، وَمِمَّن جَمَعَ عَلَيْكَ ، وَمِمَّنْ سَمِعَ صَوتَكَ وَلَمْ يُجِبْكَ(2) ، يالَيْتَني كُنْتُ مَعَكُمْ فأَفُوزَ فَوزاً عَظيماً»» .
13 ـ حدَّثني علي بن الحسين ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن بن أبي نجران ، عن يزيد بن إسحاقَ ، عن الحسن بن عَطِيّة ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : تقول عند قبر الحسين عليه السلام ما أحببتَ».
(زيارة اُخرى)
14 ـ حدًّثني محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالِح بن عُقْبَةَ ، عن أبي سعيد المدائنيّ «قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقلت : جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه السّلام ، قال : نَعَم يا أبا سعيد أئت قبرَ
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «إذا انتهيت إلى قبره».
2 ـ في بعض النّسخ : «ولم يعنك» .
( 231 )
الحسين عليه السلام أطيبِ الطّيِّبينَ وأطْهَرِ الطّاهرين وأبَرّ الأبرار ، وإذا زُرْته يا أبا سعيد فسبِّح عندَ رأسِه تسبيح أمير المؤمنين عليه السلام ألف مرَّة ، وسبِّح عند رجليه تسبيح فاطمةَ الزَّهراء عليها السلام ألف مرَّة ، ثمّ صَلِّ عنده ركعتين تقرء فيهما : «يس» و «الرَّحمن» ، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثوابَ ذلك إن شاء الله تعالى ، قال : قلت : جعلت فداك علّمني تسبيح عليِّ وفاطمة عليهما السّلام ، قال: نَعَم يا أبا سعيد :
تسبيح عليِّ عليه السلام : «سُبحانَ الَّذِي لا تَنْفَدُ خَزائِنُهُ ، سُبحانَ الَّذي لا تَبيدُ مَعالِمُهُ ، سَبْحانَ الَّذي لا يَفْنى ما عِندَهُ ، سُبحانَ الَّذِي لا يُشْرِكُ أحَداً في حُكْمِهِ ، سُبْحانَ الَّذي لا اضْمِحلالَ لِفَخْرِهِ ، سُبْحان الَّذي لا انْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ، سُبْحانَ الَّذِي لا إلهَ غَيرُهُ» .
وتسبيح فاطمة عليها السلام : «سُبْحانَ ذِي الجَلالِ الباذِخ العَظيم ، سُبحانَ ذِي العِزِّ الشّامِخ المُنيفِ ، سُبْحانَ ذي الملْكِ الفاخِرِ القَديمِ ، سُبْحانَ ذِي البَهجَة(1) والجَمالِ ، سُبْحانَ مَنْ تَردّى بالنُّورِ وَالوَقارِ ، سُبْحانَ مَن يَرى أثَرَ النَّملِ في الصَّفا ، وَوَقْعَ الطَّيرِ في الهَواءِ(2)»».
(زيارةٌ اُخرى)
15 ـ حدَّثني أبي ؛ وغير واحدٍ ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن موسى الوَرّاق ، عن يونسَ(3) ، عن عامِر بن جُذاعَةَ «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إذا أتيت قبر الحسين عليه السلام فقل :
«السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضي بِهِ ، أنا إلَى اللهِ مِنْهُمْ بَريءٌ» .
*****
____________
1 ـ البهجة : الحسن ، والباذخ : العالي.
2 ـ وقوع الطّير سقوطها ، فالمراد سقوطها على الأشجار والأعشاش الواقعة في الهواء عرفاً ، أو يكون «في» بمعنى «من» . (البحار) وسيأتي التّسبيحان بوجهٍ آخر تحت رقم 20 مع شرحهما.
3 ـ يعني ابن عبدالرّحمن ، وكان ثقة وجهاً في أصحابنا ، عظيم المنزلة .
( 232 )
(زيارةٌ اُخرى)
16 ـ حدَّثني الحسين بن محمَّد بن عامِر ، عن أحمدَ بن إسحاقَ بن سعد قال : حدّثنا سعدانْ بن مسلم ، [عن] قائد أبي بصير(*) قال : حدّثنا بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إذا أتيتَ القبر بدأت فاثنيت على الله عزَّوجَلَّ ، وصلَّيت على النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم واجتهدت في ذلك [إن شاءَ الله] ثمَّ تقول :
«سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ فيما تَروحُ وَتَغْدُو(1) ، الزَّاكياتُ الطّاهِراتُ لَكَ وَعَلَيْكَ ، وَسَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المقَرَّبينَ وَالمسَلِّمِينَ لَكَ بِقُلُوبِهِم ، والنّاطِقينَ بِفَضْلِكَ وَالشُّهَداءِ عَلى أنَّكَ صادِقٌ صِدِّيقٌ ، صَدَقْتَ وَنَصَحْتَ فيما أتَيْتَ بِهِ ، وَأنَّكَ ثَأرُ اللهِ في الأرضِ ، وَالدَّمُ الَّذي لا يُدْرِكَ ثَأرَهُ أحَدٌ مِنْ أهْلِ الأرْضِ(2) ، وَلا يُدْرِكُهُ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ ، جِئْتُكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وافِداً إلَيْكَ ، [و] أتَوَسَّلُ إلَى اللهِ بِكَ في جَميعِ حَوائِجي مِنْ أمْر دُنياىَ وَآخِرَتي ، وَبِكَ يَتَوَسَّلُ المتوَسِّلونَ إلىَ اللهِ في حَوائِجِهِمْ ، وَبِكَ يُدْرِكُ أهْلُ التِّراتِ مِنْ عِبادِ اللهِ طَلِبَتَهَمُ» .
ثمَّ امش قَليلاً ثمَّ تستقبل القبر ـ والقِبلة بين كتفيك ـ فقلْ :
«الحَمْدُ لله الْواحِدِ [الأحَدِ] المتِوَحِّدِ بالاُمُورِ كُلِّها ، خالِقِ الخَلْقِ فَلَمْ يَغْرُبْ عَنْهُ شَيءٌ مِنْ أمْرِهِمْ ، وَعالِمِ كُلِّ شَيءٍ بِلا تَعْليم ؛ ضَمَّنَ الأرْضَ وَمَنْ عَلَيْها دَمَكَ وَثَأْرَكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله ، أشْهَدُ أَنَّ لَكَ مِنَ الله ما وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَالْفَتْحِ ، وَأنَّ لَكَ مِنَ اللهِ الْوَعْدُ الحَقُّ في هَلاكِ عَدُوِّكَ وَتَمام مَوعِدِهِ إيّاكَ ، أشْهَدُ أنَّهُ قاتَلَ مَعَكَ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ كما قالَ الله تَعالى : «وَكأَيِّنْ مِنْ نَبيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ فَما
وَهَنُوا لِما أصابَهُم(3)»» .
____________
1 ـ الغُدْوة : البكرة ، ويقال : غدا عليه واغتدى أي بكر ، والرّواح مِن زوال الشَّمس إلى اللّيل ، يقال : راح يروح رواحاً . أي سلام ملائكته فيما يأتون به عليك في أوّل النّهار وآخره ، وقد يقال : راح يروح إذا أتى أيّ وقت كان . (البحار)
* ـ يعني البطائنيّ.
2 ـ في البحار مكان «ثأره» «ترته».
3 ـ آل عمران : 146 .
( 233 )
ثمَّ كبّر سبع تكبيرات ، ثمَّ امْشِ قليلاً واستقبل القبر ، ثمَّ قل :
«الحَمْدُ لله الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلْكِ ، خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْديراً ، أشْهَدُ أنَّكَ
قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللهِ ما اُمِرْتَ بِهِ وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللهِ ، وَتَمَّتْ بِكَ كَلِماتُهُ ، وَجاهَدْتَ في سَبيلِهِ حَتّى أتاكَ اليَقينُ ، لَعَنَ
اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَاُمَّةً خَذَلَتْكَ ، وَلَعَنَ الله
اُمَّةً خَذَّلَتْ عَنْكَ ، اللّهُمَّ إنّي أشْهَدُ بالْولايَةِ لِمَنْ والَيْتَ وَوالَتْ رُسُلُكَ ، وَأشْهَدُ بِالبَراءةِ مِمَّنْ بَرِئْتَ مِنْهُ وَبَرِئَتْ مِنْهُ رُسُلُكَ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذين كَذَّبُوا رَسُولَكَ ، وَهَدَمُوا كَعْبَتَكَ ، وَحَرَّفُوا كِتابَكَ ، وَسَفَكُوا دِماءَ أهْلِ بَيْتِ نَبيِّكَ ، وَأفْسَدُوا عِبادَكَ
وَاسْتَذَلُّوهُمْ ، اللهم ضاعف لهم اللعنة فيما جرت به سنتك في برك وبحرك ، اللهم العنهم في سمائك وأرضك اللّهُمَّ وَاجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ في أوليائِكَ ، وَحَبِّبْ إليَّ مَشاهِدَهُمْ ، حَتّى تُلْحِقَني بِهِمْ ، وَتَجْعَلَهُمْ لي فَرَطاً وَتَجْعَلَني لَهُم تَبَعاً في الدُّنيا والآخرة» .
ثمَّ امش قَليلاً ، فَكبّر سَبعاً ، وَهَلِّل سَبعاً ، واحْمِدِ اللهَ سَبعاً ، وسبِّحِ الله تعالى سَبعاً ، وأجِبْه سَبعاً [و] تقول :
«لَبَّيْكَ داعِيَ الله [لَبَّيْكَ داعِيَ الله] ، إنْ كانَ لَمْ يَجِبْكَ بَدَني
فَقَدْ أجابَكَ قَلْبي وَشَعْري وَبَشَري وَرَأْيي وَهَوايَ عَلَى التَّسْليمِ لَخَلَفِ النَّبيِّ المُرْسَلِ ، وَالسِّبْطِ المُنْتَجَبِ ، وَالدَّلِيلِ العالِمِ ، وَالأمَينِ المُسْتَخْزَنِ ، وَالمَرْضيِّ البَلِيغ(1) وَالمظْلُوم المُهْتَضَمِ ، جِئْتُ انْقِطاعاً إلَيْكَ وَإلى وَلَدِكَ وَوَلَدِ وَلَدِكَ ، الخَلَف مِنْ بَعْدِكَ عَلى بَرَكَةِ الحَقِّ ، فَقَلْبي لكُمْ مُسَلِّمٌ ، وَأمْري لَكُمْ مُتَّبِعٌ ، وَنُصْرَتي لَكُم مُعَدَّةٌ ، حَتّى يَحكُمَ الله وَهُوَ خَيرٌ الحاكِمينَ لِدِيني(2) وَيَبْعَثكُم ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ ، إنّي مِنَ المؤمِنينَ بِرَجْعَتِكُمْ ، لا اُنكِرُ لله قُدْرَةً وَلا اُكَذِّبُ لَهُ مَشِيَّةً ، وَلا أزْعَمُ أنَّ ما شاءَ لا يَكونُ» .
ثمّ امش حتّى تنتهي إلى القبر وقل ـ وأنت قائمٌ ـ :
«سُبْحانَ الله ، يُسَبِّحُ لله ذي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ وَيُقَدِّسُ بأسْمائِهِ جَميعُ
____________
1 ـ في بعض النّسخ: «الوصي المبلّغ» ، وفي البحار : «والموصّي البليغ».
2 ـ في البحار : «لدينه» .
( 234 )
خَلقِهِ ، سُبْحانَ اللهِ المَلِكِ الْقُدُّوسِ ، رَبِّنا وَرَبِّ المَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْني في وَفْدِكَ إلى خَيْرِ بِقاعِكَ وَخَيرِ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الجِبْتَ وَالطّاغُوتَ» .
ثمَّ ارْفَع يَدَيْك حتّى تَضعَهما مَمْدودَتين على القبر ، ثمَّ تقول :
«أشْهَدُ أنَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مِنْ طُهْرِ طاهِرٍِ ، قَدْ طَهُرَتْ بِكَ الْبِلادُ وَطَهُرَتْ أرْضُ أنْتَ فيها ، أنَّكَ ثَأْرُ اللهِ في الأرْضِ حَتّى تَسْتَثْئر لَكَ مِنْ جَميعِ خَلْقِهِ» .
ثمَّ ضَع خَدَّيك ويديك جميعاً على القبر ، ثمَّ اجْلَس عِند رأسه وَاذْكُر الله بما احببتَ وتوجَّهْ إليه واسأل حَوائجكَ ، ثمّ ضَع يدَيك وخَدَّيك عند رجلَيه وقل : «صَلّى اللهُ عَلَيْكَ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ ، فَلَقَدْ صَدَقْتَ وَصَبَرْتَ ، وَأنْتَ الصّادِقُ المُصَدَّقُ ، قَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ بالأيْدي وَالألْسُنِ» .
ثمَّ تقوم إلى قبر وَلَدِه وتُثني عليهم بما أحببتَ وتسأل ربَّك حوائجَك وما بَدا لك ، ثمَّ تستقبل قبور الشُّهداءِ قائماً فتقول :
«السَّلامُ عَلَيْكُمْ أيُّهَا الرَّبانيُّونَ ، أنْتمْ لَنَا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ وأنْصارٌ ، أبْشِرُوا بِمَوْعِدِ اللهِ لا خُلْفَ لَه ، وَأنَّ اللهَ مُدرِكٌ بِكُم ثأْرَكُمْ ، وَأنْتُمْ سادَةٌ الشُّهَداءِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ» .
ثمَّ اجعلِ القبر بين يديك وصَلِّ ما بدالك ، وكلّما دخلتَ الحائر فسلّم ثمَّ امشِ حتّى تضع يديك وخدَّيك جميعاً على القبر ، فإذا أردتَ أن تخرجَ فاصْنع مثل ذلك ، ولا تقصِّر عِنده مِن الصَّلاة ما أقمتَ ، وإذا انصرفتَ مِن عنده فودِّعْه وقُل : «سَلامُ اللهِ وَسَلامُ
وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المقَرَّبين وَأنْبيائه المرْسَلِينَ وَعِبادَهُ الصّالحين عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَعَلى رُوحِكَ وَبَدنِكَ ، وَذُرِّيَّتِكَ وَمَنْ حَضَرَكَ مِنْ أوْلِيائِكَ»» .
17 ـ حدَّثني بهذه الزِّيارة أحمد بن محمّد بن الحسن بن سَهل ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن موسى بن الحسن بن عامِر ، عن أحمدَ بن هِلال قال : حدَّثنا اُميَّة بن عليّ القيسيُّ الشّاميُّ ، عن سَعدانَ بنِ مسلم ـ عن رجل ـ عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ، وزاد في آخره من بعد «مَنْ حَضَرَكَ مِنْ أوليائك» : فإذا بلغت الرَّواح فقل هذا الكلام مِن أوَّله إلى آخره ، كما قلت حين دخلت الحائر ، فإذا دخلت
( 235 )
منزلك فقل : «الحَمْدُلله الَّذي سَلَّمَني وَسَلَّمَ مِنّي(1) ، الحَمْدُ لله في الاُمُور كُلِّها وَعَلى كُلِّ حالٍ ، الحَمْدُ لله رَبِّ العالَمِينَ» ، ثمَّ كبّر إحْدى وعِشرين تكبيرةً متتابعةً ، وَسَهِّل(2) ولا تعجِّل فيها إن شاءَ الله تعالى ـ والباقي مثله ـ .
(زيارةٌ اُخرى)
18 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة ، عن العبّاس بن عامِر ، عن أبان(3) ، عن الحسن بن عَطيّة أبي ناب ، عن بيّاع السّابري(4) «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام وهو يقول : مَن أتى قبر الحسين عليه السلام كتب الله له حجّةً وعمرةً ـ أو عمرة وحجّة(5) ـ ، قال : قلت : جعلتُ فِداك فما أقول إذا أتيته؟ قال: تقول :
«السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، السَّلامُ عَلَيكَ
يا ابْنَ رَسُولِ الله ، السَّلامُ عَلَيكَ يَومَ وُلِدْتَ وَيَومَ تَموتُ وَيَومَ تُبْعَثُ حَيّاً ، أشْهَدُ أنَّكَ حَيٌّ شَهيدٌ ، تُرْزَقُ عِنْدَ رَبِّكَ ، وَأتَوالي وَليَّكَ ، وَأبْرَءُ مِنْ عَدُوِّكَ ، وَأشْهَدُ أنَّ الَّذِينَ قاتَلُوكَ وانْتَهَكُوا حُرْمَتَكَ مَلْعُونُونَ عَلى لِسانِ النَّبيِّ الاُمِّيِّ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بِالمَعْروفِ ، ونَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وَجاهَدْتَ في سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ، أسْأَلُ اللهَ وَلِيِّكَ وَوَلِيِّنا أنْ يَجْعَلَ تُحْفَتَنا مِنْ زيارَتِكَ الصَّلاةَ عَلى نَبيِّنا ، وَالمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِنا ، اشْفَعْ لي يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ عِنْدَ رَبِّكَ»» .
19 ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة ، عن العبّاس بن عامِر ، عن جابر المكفوف ، عن أبي الصّامت ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : سمعتُه يقول : مَن أتى الحسين عليه السلام ماشياً كتب الله له
____________
1 ـ أي سلَّم غَيري مِن شَرّي وكَفَّ أذاي عنهم.
2 ـ أي اقرء بتأنِّ ، أو امشِ ، من قولهم : إذا أتى السَّهل
وهو ضدّ الحَزْن ، وعلى أيّ وجهٍ لا يخلو مِن تكلّف ، ولعلّه تصحيف : «وترسّل» من التّرسّل: التّأنّي . (المجلسي ـ ره ـ)
3 ـ يعني ابن عثمان الأحمر.
4 ـ هو عمر بن يزيد الثّقة.
5 ـ الشّكّ من الرّاوي .
( 236 )
بكلِّ خُطْوَةٍ ألف حَسَنةٍ ، ومحى عنه ألفَ سيِّئةٍ ، ورفع له الفَ درجةٍ ، فإذا أتيتَ الفُرات فاغتسل وعلِّق نعليك وامش حافياً ، وامشْ [بـ]ـمشي العَبدِ الذَّليل ، فإذا أتيتَ باب الحائر فكبّر الله أربعاً وصَلِّ عنده واسألْ حاجَتك».
(زيارةٌ خَفيفة)
19 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن أبي الصَّبّاح(1) ، عن أبي عبدالله عليه السلام ـ أو عن أبي بصير عنه ـ «قال : قلت : كيف السَّلام على الحسين بن عليِّ عليهما السلام ؟ قال : تقول : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، السَّلام عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ أعانَ عَلَيْكَ ، وَمَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضي بِهِ ، أنا إلى الله مِنْهُمْ بَرِيءٌ»» .
(زيارةٌ خَفيفة)
20 ـ وبإسناده ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبان بن عثمان؛ وعن أبي همّام(2) ، عن أبي عبدالله «قال : إذا أتيت قبر الحسين عليه السلام فقل : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ شَرِكَ في دَمِكَ ، وَمَنْ بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضي بِهِ ، وَأنا إلى اللهِ مِنْهُمْ بَريءٌ»».
(زيارَةٌ اُخْرى)
بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحِيمِ
21 ـ حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بن الحسين العَسْكريُّ ؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه عليِّ بن مَهزيار ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن محمّد بن مَروانَ ، عن أبي حمزة الثّماليِّ «قال :
____________
1 ـ المراد به إبراهيم بن نعيم العبديّ.
2 ـ هو إسماعيل ، وسقط هنا : «عن أبيه» .
( 237 )
قال الصّادق عليه السلام : إذا أردت المسير إلى قبر الحسين عليه السلام فصُمْ يومَ الأربعاء والخميس والجمعة ، فإذا أردت الخروج فاجمع أهلك ووُلْدَك ، وادع بدعاء السَّفر واغتسل قبل خروجك وقل حين تغتسل : «اللّهُمَّ طَهِّرْني وَطَهِّرْ قَلْبي ، وَاشْرَحْ لي صَدْري ، وَأجِز عَلى لِساني ذِكْرَكَ وَمِدْحَتَكَ ، وَالثَّناءَ عَلَيْك ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِكَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنَّ قِوامَ ديني التَّسْليمُ لأَمْركَ ، والاتِّباعُ لِسُنَّةِ نَبيِّكَ ، وَالشَّهادَةُ عَلى أَنْبيائِكَ وَرُسُلِكَ إلى جَميعِ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ نُوراً وَطَهُوراً ، وَشِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ وَسُقْمٍ وَآفَةٍ وَعاهَةٍ ، وَحِرْزاً مِنْ شَرِّ ما أخافُ وَأحْذَر» .
فإذا خرجت فقل : «اللّهُمَّ إنّي إلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي ، وَإليْكَ فَوَّضْتُ أمْري ، وإلَيْكَ أسْلَمْتُ نَفْسي ، وَإلَيْكَ أَلجَأُتُ
ظَهْري ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، لا مَلْجَأ وَلا مَنْجا إلاّ إلَيْكَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ ، عَزَّ جارُكَ وَجَلَّ ثَناؤكَ» ، ثمّ قل :
«بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ وَإلى اللهِ ، وَفي سَبِيلِ اللهِ ، وَعَلىُ مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ وَإلَيهِ اُنيِبُ(1) ، فاطِرِ السَّماواتِ السَّبْعِ وَالأرَضينَ السَّبْعِ ، وَرَبِّ الْعَرْش الْعَظيم ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدِ ، وَاحْفَظْني في سَفَري ، وَاخْلُفني في أهْلي بِأحْسَنِ الخَلَف(2) ، اللّهُمَّ إلَيْكَ تَوَجَّهْتُ ، وَإلَيْكَ خَرَجْتُ ، وَإلَيكَ وَفَدْتُ ، وَلِخَيْركَ تَعرَّضْتُ ، وبِزيارَةِ حَبيبِكَ تَقَرَّبْتُ ، اللّهُمَّ لا تَمْنَعْني خَيْرَ ما عِنْدَكَ بِشَرِّ ما عِنْدي ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لي ذُنُوبي ، وكَفِّرْ عَنّي سَيِّئاتي ، وَحُطَّ عَنّي خَطايايَ ، وَاقْبَلْ مِنّي حَسَناتي» .
وتقول : «اللّهُمَّ اجْعَلْني في دِرْعِكَ الحَصينَةِ ، الَّتي تَجْعَلُ فيها مَنْ تُريدُ ، اللّهُمَّ إنّي أبْرَءُ إلَيْكَ مِنَ الحَوْلِ وَالْقُوَّةِ(3) ـ ثلاث مرّات ـ » ، واقرء «فاتحةَ الكتاب» و «المُعوَّذَتَين» و «قُلْ هُوَ الله أحَدٌ» و «إنّا أنْزَلْنَاهُ» و «آيَةَ الكُرْسيّ» وَ «يس» وآخر الحَشْر : «لَوْ أنْزَلْنا هذَا القُرآنَ عَلى جَبَلٍ [لَرَأيْتَهُ خاشِعاً مُتِصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَ
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «وإليه أنبت».
2 ـ أي كن لي عوضي في أهلي في إيصال الخيرات إليهم ومنع السّوء عنهم . وفي البحار : «بأحسن الخلافة».
3 ـ أي : «لكن بحولك وقوّتك أبْرَء إليك من الحول والقُوَّة إلاّ بِكَ ، فأنْتَ حَولي وقُوّتي» ، كما في الكافي.
( 238 )
تِلْكَ الأمْثالُ نَضْرِبها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ الله الَّذي لا إله إلاّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَة هُوَ الرَّحمن الرَّحيم * هُوَ اللهُ الَّذي لا إله إلاّ هُوَ الْمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبّرُ سُبْحانَ الله عَمّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارىءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْماءُ الحسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما في السَّموات وَالأرضِ وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ]» .
ولا تدَّهِن ولا تكتحل حتّى تأتي الفرات ، وأقلَّ الكلام والمزاح ، وأكثر مِن ذكر الله تعالى ، وإيّاك والمِراح والخصومة ، فإذا كنتَ راكباً أو ماشياً فقل :
«اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ مِنْ سَطَواتِ النَّكال(1)
وَعَواقِب الوَبالِ(2) ، وَفِتْنَةِ الضَّلال ، وَمِنْ أنْ تَلْقاني بِمَكْروهٍ ، وَأعُوذُ بِكَ مِنَ الحَبْسِ واللّبْسِ(3) ، وَمِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطانِ ، وَطَوارِقِ السَّوءِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ ، وَمِنْ
شَرِّ شَياطِيِن الجنِّ وَالإنْسِ ، وَمِنْ شَرِّ مَنْ يَنْصُبُ لأَولِياءِ اللهِ الْعَداوَةَ ، وَمِنْ أنْ يَفْرُطُوا(4) عَليّ وَأنْ يَطْغُوا ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ عُيُونِ الظُّلْمَةِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ ، وَمِنْ شِرْكِ إبْليسَ(5) وَمَنْ يَرُدُّ عَنِ الخَيرِ
____________
1 ـ السَّطوة: البطش والقهر ، والنَّكال : العقوبة الَّتي تنكُل النّاسَ عن فعل ما جعلتها له جزاء ، أي من سطوات الله الّتي توجب عبرةَ مَن اطَّلع عليها . ويحتمل أن يكون المراد سطوات الجبّارين في الدّنيا . (البحار)
2 ـ الوَبال: الثِّقل والمكروه والعذاب ، أي العواقب المنتهية إلى الوَبال . وقوله عليه السلام : «وفتنة الضّلال» أي الامتحان الَّذي يوجب الضَّلال عن الحقّ ، ويمكن قِراءة «الضُّلاَل» بالضَّمّ والتّشديد بصيغة الجمع . (المجلسي ـ ره ـ)
3 ـ اللّبس ـ بالفتح ـ الاختلاط واشتباه الحقّ بالباطل ، واللُّبس ـ بالضّمّ ـ : الشّبهة . و«طوارق» جمع الطّارقة وهي الدّاهية.
4 ـ يقال : فَرَطَ عليه يفرُط ـ بالضّمّ ـ : إذا أسرف عليه في القول ، ذكره الفيروزآباديّ ، وقال الطّبرسيّ في قوله تعالى [طه : 45] : «قالا رَبَّنا إنَّنا نَخافُ أنْ يَفْرُط عَلَينا» أي نَخشى أن يتقدّم فينا بعذاب يعجّل علينا ، «أو أن يطغى»
أي يجاوز الجدّ في الإساءةِ بِنا .
5 ـ قال الجزريّ : ومنه الحديث : «أعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الشّيطان وَشِرْكِه» ، أي ما يَدْعو إليه ويُوَسْوِس به مِن الإشراك بالله تعالى . ويُروى بفتح الشّين والرّاء : أي حبائله ومَصايده ـ انتهى . وفي بعض النّسخ : «ومن شرّ الشّرّ وشرك إبليس» .
( 239 )
باللِّسانِ وَالْيَدِ» ،
فإذا خِفْتَ شيئاً فقُل : «لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ باللهِ ، بِهِ احْتَجَبْتُ وَبِهِ اعْتَصَمْتُ ، اللّهُمَّ اعْصِمني مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ ، فإنَّما أنَا بِكَ(1) وَأنَا عَبْدُكَ» .
فإذا أتيت الفُرات فقل قبل أن تَعبره : «اللّهُمَّ أنْتَ خَيرُ مَنْ وَفَدَ إلَيْهِ الرِّجالُ ، وَأنْتَ يا سَيِّدي أكْرَمُ مَأْتيٍّ وَأكْرَمُ مُزورٍ ، وَقَدْ جَعَلْتَ لِكُلِّ زائرٍ كرامَةً وَلِكُلِّ وافِدٍ تحفَةً ، وَقَدْ أتَيْتُكَ زائِراً قَبْرَ ابْنِ نَبيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهَ ، فَاجْعَلْ تُحفَتَكَ إيّايَ فَكاكَ رَقَبَتي
مِنَ النّارِ ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي عَمَلي ، وَاشْكُر سَعْيي ، وَارْحَمْ مَسيري إلَيْكَ بِغَيرِ مَنٍّ مِنِّي ، بَلْ لَكَ المَنُّ عَليَّ إذْ جَعَلْتَ ليَ السَّبيلَ إلى زِيارَتِهِ ، وَعَرَّفْتَني فَضْلَهُ ، وَحَفَظْتَني حَتّى بَلَّغْتَني قَبر ابْنِ وَلِيِّكَ ، وَقَدْ رَجَوتُكَ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَقْطَعْ رَجائي ، وقَدْ أتَيْتُكَ فلا تُخيِّبْ أمَلي ، وَاجْعَلْ هذا كَفّارَةً لِما
قَبْلَهُ مِنْ ذُنُوبي ، وَاجْعَلْني مِنْ أنْصارِهِ ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ» .
ثمَّ اعبر الفُرات وقل : «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْ سَعْيي مَشْكُوراً وَذَنْبي مَغْفُوراً ، وعَمَلي مَقْبُولاً ، وَاغْسِلْني مِنَ الخَطايا وَالذُّنُوبِ ، وَطَهِّرْ قَلْبي مِنْ كُلِّ آفَةٍ
تَمْحَقُ دِيني ، أو تُبْطِلُ عَمَلي يا أرْحَمَ الرَّاحِمين» .
ثمَّ تأتي النِّيْنَوى فتضعْ رَحْلَك بها ، ولا تدهِنْ ولا تكتحل ولا تأكل اللَّحم ما دُمت مُقيماً
بها ، ثمَّ تأتي الشَّطّ بحذاء نخل القبر(2) فاغتسل وعليك المِئزر(3) وقل ـ وأنت تغتسل ـ :
«اللّهُمَّ طَهِّرني وَطَهِّرْ [لي] قَلْبي وَاشْرَحْ لي صَدْري ، وَأجِرْ عَلى لِساني مَحبَّتَكَ وَمِدْحَتَكَ وَالثَّناءَ عَلَيْكَ ، فَإنَّهُ لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِكَ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أنَّ قِوامَ ديني
التَّسْليمُ لأمْرِكَ ، وَالشَّهادَةُ عَلى جَميعِ أنْبِيائِكَ وَرُسِلكَ بِالاُلْفَةِ
بَيْنَهُمْ ، أشْهَدُ أنَّهُمْ
____________
1 ـ أي متوسّل ومعتصم بك ، أو ليس وجودي وساير اُموري إلاّ بك . (البحار)
2 ـ قيل : الظّاهر كونه تصحيف : «محلّ القبر» .
3 ـ أي الإزار ـ بالكسر ـ وهو المِلْحَفة ، وكلّ ما سترك . وفي بعض النّسخ : «وعَلَيْكَ
الوقار» .
( 240 )
أنْبياؤكَ وَرُسُلُكَ إلى جَميع خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ نُوراً وَطَهوراً وَحِرْزاً وَشِفاءً مِن
كُلِّ سُقْمٍ وَداءٍ ، وَمِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعاهَةٍ ، وَمْنْ شَرِّ ما أخافُ وَأحْذَرُ ، اللّهُمَّ طَهِّرْ بِهِ قَلْبي وَجَوارِحِي ، وَعِظامِي وَلَحْمِي وَدَمي ، وَشَعْري وَبَشَري ، وَمُخِّي وَعَصَبي ، وَما أقَلَّتِ الأرْضُ مِنِّي(1) ، وَاجْعَلْهُ لي شاهِداً يَومَ فَقْري وَفاقَني» .
ثمَّ ألبسْ أطْهَرَ ثيابِك ، فإذا لبستَها فقل : «الله أكْبر» ـ ثلاثين مرَّة ـ وتقول : «الحَمْدُلله الَّذي إلَيْهِ قَصَدتُ فَبَلَّغَني ، وَإيّاهُ أرَدْتُ
فَقَبِلَني وَلَمْ يَقْطَعْ بي ، وَرَحْمَتَهُ ابْتَغَيْتُ فَسَلَّمَني ، اللّهُمَّ أنْتَ حِصْني وَكَهْفي ، وَحِرْزي وَرَجائي وَأمَلي ، لا إلهَ إلاّ أنْتَ يا رَبَّ الْعالمينَ» .
فإذا أردت المشي فقل : «اللّهُمَّ إنّي أرَدْتُكَ فأرِدْني ، وَأنّي أقْبَلْتُ بِوَجْهي إلَيْكَ فَلا تُعْرِض
بِوَجْهِكَ عَنّي ، فَإنْ كُنْتَ عَليَّ ساخِطأ فَتُبْ عَليَّ ، وَارْحَمْ مَسيري إلى ابْنِ حَبيبِكَ
، أبْتَغي بِذلكَ رَضاكَ عَنّي فارْضِ عَنّي ، وَلا تُخَيّبْني يا أرْحَمَ الرَّاحمينَ» .
ثمَّ امش حافياً وعَلَيْكَ السّكينة والوقار بالتَّكبير والتَّهليل والتَّمجيد(2) والتَّحميد والتّعظيم للهِ ولرسوله ، صلّى الله عليه وآله ، وقل أيضاً :
«الحَمْدُلله الواحِدِ المتوَحِّدِ بالاُمُورِ كُلِّها ، خالِقِ الخَلْقِ وَلَمْ يَعْزُبْ عَنْهُ شَيءٌ مِنْ اُمُورِهمْ(3) ، وَعالِمِ كُلِّ شيءٍ بِغَيرِ تَعلِيم ، صَلواتُ اللهِ وسلامُ ملائِكتِهِ المُقَرَّبِين ، وأنْبيائِهِ المُرْسَلِينَ وَرُسُلِهِ أجَمْعينَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأهْلِ
بَيْتِهِ الأوصياءِ ، الحَمْدُ للهِ الَّذي أنْعَمَ عَليَّ وَعَرَّفَني فَضْلَ مَحَمَّدٍ وَأهْلَ بَيْتِهِ ، صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ» .
ثمّ امش قليلاً وقصِّر خُطاكَ ، فإذا وقَفْتَ على التَّلِّ واستقبلتَ
القبرَ فقفْ(4) وقل: «الله أكبر» ـ ثلاثين مرَّة ـ وتقول :
____________
1 ـ أي حملت الأرض منّي أي جميع أعضائي وأجزائي ، فإنَّ كلَّها على وجه الأرض . (البحار)
2 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : التَّمجيد ذكره تعالى بالمجد وهو العظمة والثَّناء عليه ، وأخصّ الأذكار به : «لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِالله».
3 ـ قوله : «لم يعزب» أي لم يغب.
4 ـ في بعض النّسخ : «فاستقبل القبر فقف» ، وفي البحار كما في المتن .
( 241 )
«لا إلَه إلاّ الله في عِلْمِهِ(1) وَلا إلهَ إلاّ اللهُ بَعْدَ
عِلْمِهِ منتهى علمه ، وَلا إلهَ إلاّ اللهُ مَعَ عِلْمِهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ ، وَالحَمْدُ لله في عِلْمِهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ ، والحَمْدُلله بَعْدَ عِلْمِهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ ، والحَمْدُ لله مَعَ عِلْمِهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ ، وَسُبْحانَ اللهِ في عِلْمِهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ ، والحَمْدُ لله بِجمِيعِ محامِدِهِ عَلى جَمِيع نِعَمِهِ ، وَلا إله إلاّ اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ ، وَحَقُّ لَهُ ذلِكَ ، لا إله إلاّ الله الحَلِيمُ الْكريمُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ الْعَليُّ الْعَظيمُ ، لا إلهَ إلاّ اللهُ نُورُ السَّماواتِ السَّبْعِ ، وَنُورُ الأرَضينَ السَّبْع ، وَنُورُ الْعَرْشِ الْعَظيمِ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العالَمِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا مَلائِكَةَ اللهِ وَزُوّارَ قَبْرِ ابْنِ نَبي اللهِ» ،
ثمَّ امش عشر خُطُوات ، وكبّر ثَلاثين تكبيرة وقل ـ وأنت تمشي ـ :
«لا إلهَ إلاّ اللهُ تَهْلِيلاً لا يُحْصيهِ غَيرُهُ قَبْلَ كُلِّ واحِدٍ ، وَبَعْدَ
كُلِّ واحِدٍ ، وَمَعَ كُلِِّ واحِدٍ ، وَعَدَدَ كُلِّ واحِدٍ ، وَسُبْحانَ اللهِ تَسْبيحاً لا يُحصِيهِ غَيرُهُ قَبْلَ كُلِّ واحِدٍ ، وَبَعْدَ كُلِّ واحِدٍ ، وَمَعَ كُلِّ واحِدٍ ، وَعَدَدَ كُلِّ واحدٍ ، وسُبْحانَ اللهِ وَالحَمْدُ لله وَلا إلهَ إلاّ اللهُ وَاللهُ أكبر ، قَبْلَ كُلِّ واحِدٍ ، وَبَعْدَ كُلِّ واحِدٍ ، وَمَع كُلِّ واحِدٍ ، وَعَدَدَ كُلِّ واحِدٍ أبَداً أبَداً أبَداً ، اللُّهُمَّ [إنّي اُشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شًهيداً فَاشْهَدْ لي] إنّي أشْهَدُ أنَّكَ حَقُّ وَأنَّ رَسُولَكَ حَقٌّ(2) ، وأنَّ قَولَكَ حَقٌّ ، وأنَّ قَضاءَكَ حَقٌّ ، وأنَّ قَدَرَكَ حَقٌ ،
وأنَّ فِعْلَكَ حَقٌّ ، وأنَّ جَنَّتَكَ حَقٌ ، وأنَّكَ مُمِيتُ الأحْياءَ ، وَأنَّكَ مُحيي المَوْتى ، وَأَنَّكَ باعِثُ مَنْ في الْقُبُورِ ، وَأنَّكَ جامِعُ النّاسِ لِيَوم لا رَيْبَ فيهِ ، وَأنَّكَ لا تُخلِفُ الميعادَ ، السَّلام عَلَيْكَ يا حُجَّة اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلام عَلَيْكُم يا مَلائِكَةَ اللهِ وَيا زُوَّارَ قَبْرِ أبي عبدالله عليه السلام» .
ثمَّ امش قليلاً وَعَلَيْكَ السَّكينة والوَقار بالتَّكبير والتَّهليل والتَّمجيد والتَّحميد والتَّعظيم لله ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقصِّر خُطاك ، فإذا أتيتَ الباب الَّذي
____________
1 ـ أي اُهلّله تهليلاً كائناً في علمه ، أي كما يعلمه الله وينبغي له بعدد منتهى علمه ، أي لا نهاية له . وقوله : «بعد علمه» أي تهليلاً محقّقاً ثابتاً يكون بعد علمه بصدوره منّي . وقوله : «مع علمه» أي تهليلاً باقياً مع علمه أزلاً وأبداً ، ويكون في كلِّ آن عدد منتهى علمه ، وكذا البواقي. (البحار)
2 ـ في بعض النّسخ : «وَأنّ حَبيبَك حقٌّ» .
( 242 )
يلي المشرق فَقِفْ على الباب وقل : «أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأمينُ اللهِ عَلى خَلْقِهِ ، وَأنَّهُ سَيِّدُ الأوَّلينَ وَالآخِرينَ ، وَأنَّهُ سَيِّدُ الأنْبِياءِ وَالمرْسَلينَ ، سَلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ ، الحَمْدُ لله الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لَنَهْتَدي لَولا أنْ هَدانَا اللهُ ، لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بالحَقِّ ، اللّهُمَّ إنّي أشْهَدُ أنَّ هذا قَبرُ ابْنِ حَبيبكَ وَصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَأنَّهُ الفائِزُ بِكَرامَتِكَ ، أكْرَمْتَهُ بِكِتابِكَ ، وَخَصَصْتَهُ وَائْتَمَنْتَهُ عَلى وَحْيِكَ ، وَأعْطَيْتَهُ مَواريثَ الأنْبياءِ ، وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلى خَلْقِكَ ، فأعْذَرَ في الدَّعْوَةِ(1) ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ ، لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَالجهالَةِ وَالْعَمى ، وَالشَّكِّ والارْتيابِ إلى بابِ الهُدى مِنَ الرَّدى ، وأنْتَ تَرى وَلا تُرى ، وَأنْتَ بِالمنْظَرِ الأعْلى(2) ، حَتّى ثارَ عَلَيْهِ مِنْ خَلْقِكَ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنيا وباعَ الآخِرَةَ بِالثَّمَنِ الأَوْكَسِ(3)
[الأدْنى] ، وَأسْخَطَكَ وَأسْخَطَ رَسُولَكَ ، وأطاعَ مِنْ عَبِيدِكَ مِنْ
أهْلِ [الشِّقاق وَ] النِّفاقِ ، وَحَمَلَةِ الأوْزار مَنِ اسْتَوجَبَ النّارَ ، لَعَنَ اللهُ قاتِلي وُلْدِ رَسُولِكَ ، وَضاعَفَ عَلَيْهِمُ الْعَذابَ الألِيمَ» .
ثمَّ تدنو قليلاً وقل : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوحٍ نَبيِّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إبراهيمَ خَليلِ اللهِ ، السَّلام عَلَيْكَ يا وارثَ مُوسى كَليمِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوح الله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ أمير المؤمنين عَليِّ بْنِ أبي طالِبٍ وَصيِّ رُسُولِ الله ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الحسَنِ بْنِ عَليٍّ الزَّكيِّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ ياوارِثَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَ النِّساءِ الْعالَمِينَ ، الصِّدِّيقَةِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الصِّدِّيقُ الشَّهيدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الوَصيُّ الرَّضيُّ البارُّ التَّقيُّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ
أيُّها الوَفيُّ النَّقيُّ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ،
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «وجعلته حجّة على خلقك مِن الأصْفياءِ ، فَأعْذَرَ في الدُّعاءِ» ، وفي البحار كما في المتن».
2 ـ أي أنت مطَّلعٌ على جميع اُمور الخلق كالَّذي يكون جالساً على المنظر الرَّفيع ، مُشْرفاً على مَن دونه ، أو أنّه لا يصلُ أنْظار الخلق وأفكارهم إليك.
3 ـ الوكس : النّقص .
( 243 )
وَآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بالمعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ ، وَعَبَدْتَ اللهَ مُخْلِصاً حَتّى أتاكَ الْيَقين(1) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى الأرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأناخَتْ بِرَحْلِكَ ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُحْدِقينَ بِكَ ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ وَزُوَّارِ قَبْرِ ابْنِ نَبيِّ اللهِ» .
ثمَّ ادخل الحائر وقل حين تدخل : «السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُقَرَّبِينَ ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُنزَلينَ ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُسَوِّمِينَ ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الَّذِينَ هُمْ مُقِيمُونَ في هذا الحائِرِ بإذْنِ رَبِّهِمْ ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الَّذِينَ هُمْ في هذا الحائِرِ يَعْمَلُونَ لأمْرِ اللهِ مُسَلّمُون(2) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَابْنَ أمِينِ الله ، وَابْنَ خالِصَةِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ إنّا لله وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ ، ما أعْظَمَ مُصِيبَتَكَ عِنْدَ جَدِّكَ(3) رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم وَما أعْظَمَ مُصيبَتَكَ عِنْدَ مَنْ عَرَفَ اللهَ عَزَّوَجلَّ ، وَأجَلَّ مُصيبَتَكَ عنْدَ المَلأ الأَعْلى ، وَعِنْدَ أنْبِياءِ اللهِ وَعِنْدَ رُسُلِ اللهِ ، السَّلامُ مِنّي إلَيْكَ وَالتَّحيَّةُ مَعَ عَظيم الرَّزيَّةِ عَلَيْكَ(4) ، كُنْتَ نُوراً في الأصْلابِ الشّامِخَةِ ، وَنُوراً في ظُلُماتِ الأرْضِ ، وَنُوراً في الهَواءِ ، وَنُوراً في السَّماوات الْعُلى ، كُنْتَ فيها نُوراً ساطِعاً لا يُطْفىء ، وَأنْتَ النّاطِقُ بِالهُدى» ،
ثمَّ امش قليلاً وقل : «الله أكبر» ـ سبع مرَّات ـ وهلّله سبعاً ، وأحمده سبعاً ، وسبّحه سبعاً وقل : «لَبَّيْكَ داعِي اللهِ» سبعاً ، وقل :
«إنْ كانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَني عِنْدَ اسْتَغاثَتِكَ ، وَلِساني عِنْدَ اسْتِنْصارِكَ ، فَقَدْ أجابَكَ قَلْبي ، وَسَمْعي وَبَصَري ، ورَأيي وَهَواي عَلى التَّسْلِيمِ(5) لِخَلَفِ النَّبيِّ المُرْسَلِ ، وَالسِّبْطِ ـ
____________
1 ـ أي الموت الّذي لا شكّ فيه.
2 ـ في البحار : «بإذن الله مسلّمون».
3 ـ في بعض النّسخ : «عند أبيك».
4 ـ الرَّزيئة ـ بالهمز ـ : المصيبة ، وقد يخفّف فيقرء بالياء المشّددة ، وتعديته بـ «على» بتضمين مَعنى التَّوجُّع والحزن . والشّامخة : الرفيعة.
5 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : قوله : «على التّسليم» يحتمل أن يكون خبراً لقوله : «ورأيي وهواي» ، ويحتمل أن يكون حالاً ، أي حال كوني ثابتاً على التّسليم ، ويمكن أن يكون صِلة للإجابة بأن يكون «على» في مقام «في» أي أجابك في التّسليم لك .
( 244 )
المنْتَجَبِ ، وَالدَّليلِ العالِمِ ، والأمِينِ المُسْتَخْزَنِ ، والمُؤدِّي المبَلّغِ ، وَالمظْلُومِ المُضْطَهَدِ(1) ، جِئْتُكَ يا مَولايَ انْقِطاعاً إلَيْكَ ، وَإلى جَدِّكَ وَأبِيكَ ، وَوُلْدِكَ الخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ ، فَقَلْبي لَكَ مَسَلِّم ، وَرَأْيي لَكَ مُتَّبِعٌ ، وَنُصْرَتي لَكَ مُعِدَّة ، حَتّى يَحْكُمَ اللهُ بِدينِهِ وَيَبْعَثكُمْ ، وَاُشْهِدُ اللهَ أنَّكُمُ الحُجَّةُ ، وَبِكُمْ تُرْجَى
الرَّحْمَةُ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ ، إنّي بِكُمْ مِنَ المُؤمِنينَ ، لا اُنكِرُ لله قُدْرَةً ، وَلا اُكَذِّبُ مِنهُ بِمَشيئَةٍ» ،
ثمَّ امش وقصِّر خُطاك حتّى تستقبل القبر ، واجعل القِبلَة بين كتفيك واستقبل بوجهك وَجهةً وقل :
«السَّلامُ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ ، والسَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ أمِين
اللهِ عَلى رُسُلِهِ(2) وَعَزائِمِ أمْرِهِ ، الخاتِم لِما سَبَقَ ، والفاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ(3) ، وَالمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ
وَبَرَكاتُهُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ صاحِبِ ميثاقِكَ ، وَخاتَم رُسُلِكَ ، وَسيِّدِ عِبادِكَ ، وَأمينِكَ في بِلادكَ ، وَخَيْرِ بَريَّتِكَ كما تَلا كِتابَكَ ، وَجاهَدَ عَدُوَّكَ حَتّى أتاهُ اليَقِينُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أمِيرِ المؤمِنينَ عَبْدِكَ ، وَأخِي رَسُولِكَ
الَّذِي انْتَجَبْتَهُ بِعِلمِكَ ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَالدَّلِيلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَ بِرِسالَتِكَ ، وَدَيّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ(4) وَفَصْلِ قَضائِكَ بين خَلْقِكَ ، وَالمُهَيمنَ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، اللّهُمَّ أتْمِمْ بِهِ كَلِماتِكَ(5) ، وَأنْجِزْ بِهِ وَعْدَكَ ، وَأهْلِكْ بِهِ عَدُوَّكَ ، وَاكْتُبنا في أَوْلِيائِهِ وَأحِبّائِهِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا لَهُ شيعَةً وَأنْصاراً وَأعْواناً عَلى طاعَتِكَ وطاعَةِ رَسُولِكَ ، وَما وَكَّلْتَهُ بِهِ ، وَاسْتَخْلَفْتَهُ عَلَيْهِ يا رَبَّ العالَمِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى
____________
1 ـ المضطهد على بناء المفعول : المقهور .
2 ـ قوله : «على رُسُله» أي على علومِهم أي تصديقهم ، أو عَلى أنفسهم ، لاُنّه إمام الأنبياء ، والأظهر : «على رِسالاته» . (البحار)
3 ـ مرَّ بيانه في ص 221 ذيل الخبر 3 .
4 ـ أي قاضي الدّين وحاكمه الّذي يقضي بعد ذلك . قال في القاموس : الدّيّان : القهّار ، والقاضي ، والحاكم ، والسّائس ، والحاسب ، والمجازي.
5 ـ قوله عليه السلام : «وأتمم به كلماتك» أي مواعيدك في نصر الدِّين وإعلاء الحقّ وإذلال الباطل ، أو شرائعك وأحكامك ، أو آيات كلامك ، والاُوّل أظهر . (البحار)
( 245 )
فاطِمَةَ بِنْتِ نَبيِّكَ ، وَزَوْجَةِ وَلِيِّكَ ، وَاُمِّ السِّبْطَينِ الحَسَنِ وَالحُسَين ، الطّاهِرَةِ المطَهَّرَةِ ، الصِّدِّيقَةِ الزَّكيَّةِ ، سَيِّدَةِ نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ أجْمَعين(1) ، صَلاةُ لا يَقْوى عَلى إحَصائِها غيرُكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الحَسَنِ بْنِ عَليٍّ عَبْدِكَ ، وَابْنِ أخي رَسُولِكَ ، الَّذِي انْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُ هادياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَالدَّليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ ، وَدَيّانَ الدِّين بِعَدْلِكَ ، وَفَصْلِ قَضائِكَ بَين خَلْقِكَ ، وَالمهَيْمِنَ ، وَالمهَيْمِنَ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، [والسَّلامُ عليه] وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحسين بن عَليِّ عَبْدِكَ ، وَابْنِ أخي رَسُولِكَ ، الَّذي انْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لمنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَالدَّليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرسالاتِكَ ، وَدَيّانَ الدِّينِ بِعَدْلِكَ وَفَصْلِ قَضائِكَ بَين خَلْقِكَ ، وَالمهَيْمِنَ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، [والسَّلامُ عَلَيْهِ] وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ» .
وَتُصلّي على الأئمَّة كلّهم كما صَلّيت على الحسن والحسين عليهما السلام تقول :
«اللّهُمَّ أتْمِمْ بِهِمْ كَلِماتِكَ ، وَأنْجِزْ بِهِمْ وَعْدَكَ ، وَأهْلِكْ بِهِمْ عَدُوَّكَ وَعَدُوَّهُم مِنَ الجنِّ وَالإنْس أجْمَعينَ ، اللّهُمَّ اجْزِهِمْ
عَنّا خَيرَ ما جازَيْتَ نَذِيراً عَنْ قَومِهِ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا لَهُم شيعَةً وَأنْصاراً وَأعْواناً ، عَلى طاعَتِكَ وطاعَةِ رَسُولِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يَتَّبِعُ النُّورَ الَّذِي اُنْزِلَ مَعَهُمْ ، وَأَحْيِنا مَحْياهُمْ ، وأمِتْنا مَمَاتَهُم ، وَأشْهِدْنا مَشاهِدَهُمْ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اللّهُمَّ إنَّ هذا مَقامٌ أكْرَمْتَني بِهِ ، وَشَرَّفْتَني بِهِ ، وَأعْطَيْتَني فيهِ رَغْبَتي عَلى حَقيقَةِ إيماني بِكَ وَبِرَسُولِكَ(2)» .
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «سيّدة نساء العالمين».
2 ـ «أعطيتني فيه رغبتي» أي مرغوبي ومطلوبي من الحوائج والمطالب على قدر إيماني بك وبرسولك ، فإنّ قضاء الحوائج وحصول المطالب إنّما يكون على قدر الإيمان واليقين بالإجابة ، وبشرف المكان وصاحبه . ويحتمل أن تكون «على» تعليليّة ، أي هذا التّشريف والإكرام والعطاء إنّما هو لأنّي آمنتُ بك وبِرسولك ، كما هو حقّ الإيمان بحسب قابليّتي ، ويحتمل أن يكون متعلّقاً بالرّغبة ، أي ما رغبت فيه إليك من المثوبات بسبب أنّي آمنتُ بك وبثوابك وبما أخبر به رسولُك وآله عليهم السلام في ثواب زيارته عليه السلام ، ولذا أتَيْتُه زائراً . (المجلسيّ ـ ره ـ)
( 246 )
ثمّ تدنو قليلاً وتقول: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَسَلامُ الله وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المقَرَّبينَ ، وأنْبِيائِهِ المرْسَلينَ ، كُلَّما تَروحُ الرّائحاتُ الطّاهِراتُ لَكَ ، وَعَلَيْكَ سَلامُ المؤمِنينَ لَكَ بِقُلُوبِهِمْ ، النّاطِقينَ لَكَ بِفَضْلِكَ ، بِألْسِنَتِهِمْ ، أشْهَدُ أنَّكَ صادِقٌ صِدِّيقٌ ، صَدَقْتَ فيما دَعَوْتَ إلَيْهِ ، وَصَدَقْتَ فيما أتَيْتَ بِهِ ، وَأنَّكَ ثَأْرُ اللهِ في الأرْضِ ، اللّهُمٌّ أدْخِلْني في أوْلِيائِكَ ، وَحَبِّبْ إليَّ شَهادَتَهُمْ ومَشاهِدَهُمْ في الدُّنْيا وَالآخِرَةُ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ(1)» .
وتقول : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، رَحِمَكَ اللهُ يا أبا عَبْدِاللهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إمامَ الهُدى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَلَمَ التُّقى ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ [عَلى أهْلِ الدُّنْيا ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ] وَابْنَ حُجَّتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبيّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثَأْرَ اللهِ وَابْنَ ثَأرِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وِتْرَ اللهِ
وَابْنَ وِتْرِهُ ، أشْهَدُ أنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً ، وَأنَّ قاتِلَكَ في النّارِ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ جاهَدْتَ في سَبيلِ اللهِ حَقَّ
جِهادِهِ ، لَم تأخُذْكَ في اللهِ لَوْمَةُ لائمِ ،
وَأنَّكَ عَبَدْتَهُ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ كَلِمَةُ التَّقْوى ، وَبابُ الْهُدى ، والحُجَّةُ عَلى خَلْقِهِ ، أشْهَدُ أنَّ ذلِكَ لَكُمْ سابِقٌ فيما مَضى ، وَفاتِحٌ فيما بَقِيَ ، وَأشْهَدُ أنَّ أرْواحَكُمْ وَطِينَتَكُمْ طِينَةٌ طَيِّبَةٌ ، طابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُها مِنْ بعضٍ مِنَ اللهِ وَمِن رَحْمَتِهِ ، فَأُشْهِدُ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى وَكَفى بِهِ شَهيداً ، وَاُشْهِدُكُمْ أنّي بِكُمْ مؤْمِنٌ وَلَكُمْ تابِعٌ في ذاتِ نَفْسي ، وَشَرائِع دِيني وَخاتِمَةِ عَمَلي(2)
وَمُنْقَلِبي وَمَثْوايَ ، فَأسْألُ اللهَ البَرَّ الرَّحيمَ أنْ يُتَمِّمَ ذلِكَ لي ، أشْهَدُ أنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ ، وَصَبرتُمْ وَقُتِلْتُم ، وَغُصِبْتُمْ وَاُسيءَ إلَيْكُم فَصَبَرتُمْ ، لَعَنَ اللهُ اُمَّةً خالَفَتْكُمْ ، وَاُمَّةً
____________
1 ـ قوله : «سلام الله» هو مبتدأ خبره قوله : «لك» ، أو خبره مقدّر و «لك» متعلّق بـ «تروح» ، وقوله : «وعَلَيْكَ» خبر قوله : «سلام المؤمنين» ، وقوله : «حبّب إليّ شهادتهم» أن أصيّر شهيداً مثلَهُم أو في سبيلهم ، ويحتمل أن يكون المراد بالشّهادة الحضور ، أي إنّي اُحبّ حضورهم وظهورهم ، و «مشاهدهم» مواطن حضورهم وظهورهم أحياء وأمواتاً . (البحار) وفي بعض النّسخ : «حبّب إليّ مشاهدهم وشهادتهم» بالتّقديم والتأخير.
2 ـ في بعض النّسخ : «خواتيم عملي» .
( 247 )
جَحَدَتْ وِلايَتَكُمْ ، وَاُمَّةً تَظاهَرَتْ عَلَيْكُم ، وَاُمَّةً شَهِدتْ وَلَمْ تُسْتَشْهَدْ ، الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ النّارَ مَثواهُمْ ،
وَبِئسَ الْوردُ المَورَودُ ، وَبِئْسَ الرِّفْدُ المَرْفُودُ(1)» .
وتقول: «صَلّى اللهُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله ، صَلّى الله
عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله ، وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ ، لَعَنَ اللهُ قاتِليكَ ، وَلَعَنَ اللهُ سالِبيكَ ، وَلَعَنَ اللهُ خاذِليكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ شايَعَ عَلى
قَتْلِكَ ، وَمَنْ أمَرَ بِقَتْلِكَ ، وَشارَكَ في دَمِكَ ، وَلَعَن اللهُ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيّ بِهِ أوْ سَلَّمَ إلَيْهِ ، أنَا أبْرَءُ إلَى اللهِ مِنْ وِلايَتِهِمْ ، وَأتَولّى اللهَ وَرَسُولَهُ وآلَ رَسُولِهِ ، وَأشْهَدُ أنَّ الَّذينَ انْتَهَكُوا حُرْمَتَكَ وَسَفَكُوا دَمَكَ مَلْعُونُونَ ، عَلى لِسانِ النَّبيِّ الاُمّيِّ ، اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذين كَذَّبُوا رُسُلَكَ ، وَسَفَكُوا دِماءَ أهْلِ بَيْتِ نَبيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ ، اللّهُمَّ الْعَنِ
قَتَلَةَ أميرِ المؤمِنينَ ، وَضاعِف عَلَيْهِمُ الْعَذابَ الألِيمَ ، اللّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الحسينِ بْنِ عَليٍّ ، وَقَتَلَة أنْصارِ الحسَينِ بْنِ عَليٍّ ، وَأصِلْهُمْ حَرَّ نارِكَ ، وَذُقْهُمْ بَأسَكَ ، وَضاعِفْ عَلَيْهِمُ الْعَذابَ الألِيمَ ، وَالْعَنْهُمْ لَعْناً وَبيلاً ، اللّهُمَّ احْلُلْ
بِهِمْ نِقْمَتَكَ ، وَآتِهِمْ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبونَ ، وَخُذهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ، وَعَذِّبْهُم عَذاباً نُكْراً(2) ، وَالْعَنْ أعْداءَ نَبيِّكَ وَ [أعْداءَ] آلِ نَبيِّكَ لَعْناً وَبِيلاً ، اللّهُمَّ الْعَنِ الجِبْتَ وَالطّاغُوتَ وَالفَراعِنَةَ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» .
وتقول: «بأبي أنْتَ وَاُمِّي يا أبا عَبْدِاللهِ ، إلَيْكَ كانَتْ رِحْلَتي مَعَ بُعْدِ شُقَّتي ، وَلَكَ فاضَتْ عَبرَتي(3) ، وَعَلَيْكَ كانَ أسَفي وَنَحِيبي ، وَصُراخِي وَزَفْرَتي وَشَهِيقي(4) ،
____________
1 ـ قوله : «وبئس الرّفد» الرِّفد ـ بالكسر ـ : العطاء والصّلة ، يقال : رَفده يَرفِده : أعطاه ، والمرفود تأكيد
للرّفد ، أي بئس العطاء المعطى عطاؤهم وهو على سبيل التّهكّم . (البحار)
2 ـ النّكر ـ بالضّمّ ـ : المنكر والأمر الشّديد.
3 ـ العَبْرَة : الدَّمعة قبل أن تفيض ، وقيل : تردّد البُكاء في الصَّدر ، وقيل : الحزن بلا بُكاء . (أقرب الموارد)
4 ـ النّحيب : أشدّ البكاء ، والصّراخ ـ كغراب ـ : الصّوت الشّديد ، والصّارخة : صوت الاستغاثة . ويقال : زَفَرَ يَزْفِرُ زَفْراً وَزَفيراً : إذا أخرج نفسه بعد مدّه إيّاه ، والزَّفْرة : التّنفّس بعد مدّ النّفس ، والشَّهيق : تردّد البكاء في الصّدر . (البحار)
( 248 )
وَإلَيْكَ كانَ مَجِيئي ، وَبِكَ أَسْتَتِرُ مِنْ عَظِيم جُرْمي(1) ، أتَيْتُكَ [زائِراً] وافِداً قَدْ أوقَرْتُ ظَهْري ، بأبي أنْتَ وَاُمِّي ، يا سَيِّدي بَكَيْتُكَ يا خِيَرَةَ اللهِ وَابْنَ خِيَرَتِهِ ، وَحَقٌّ لِيَ أنْ أبكِيَكَ ، وقد بكتك السماوات والأرضون ، والجبال والبحار ، فما عذري إن لم أبكك ، وَقَدْ بَكاكَ حَبيبُ رَبّي ، وَبَكَتْكَ الأئمَّةُ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِم ، وَبَكاكَ مَنْ دُونَ سِدْرَةِ المُنْتَهى إلى الثَّرى جَزَعاً عَلَيْكَ» .
ثمّ اسْتَلمِ القَبرَ وقل : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عبْدِاللهِ ، يا حُسَين بْنَ عَليٍّ يا ابْنَ رَسُول اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّة اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ ، أشْهَدُ أنَّكَ عَبْدُاللهِ وَأمِينُهُ ، بَلَّغْتَ ناصِحاً وَأدَّيْتَ أميناً ، وَقُلْتَ صادِقاً ، وَقُتِلْتَ صِدِّيقاً ، فَمَضَيْتَ شَهيداً عَلى يَقينٍ ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمىً عَلى هُدىً ، وَلَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إلى باطِلٍ ، وَلَمْ تُجِبْ(2) إلاّ اللهَ وَحْدَهُ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ كُنْتَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ ، بَلَّغْتَ ما اُمِرْتَ بِهِ ، وَقُمْتَ بِحَقِّهِ ، وَصَدَّقْتَ مَنْ كانَ قَبْلَكَ غَيرَ واهِنٍ وَلا مُوهِنٍ ، فَصَلّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْليماً ، جَزاكَ اللهُ مِنْ صِدِّيقٍ خَيراً ، أشْهَدُ أنَّ الجِهادَ مَعَكَ جِهادٌ ، وَأنَّ الحقَّ مَعَكَ وَإلَيْكَ ، وَأَنْتَ أهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ ، وَمِيراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكَ وَعِنْدَ أهْلِ بَيْتِكَ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ ، وَوَفَيْتَ وَجاهَدْتَ في سَبيل الله بالحكْمَةِ وَالموْعِظَةِ الحَسَنَةِ ، وَمَضَيْتَ لِلَّذي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهيداً(3)
وَمُسْتَشْهِداً وَمَشْهُوداً ، فَصلّى اللهُ عَلَيْكَ وسَلَّمَ تَسْليماً ، أشْهَدُ أنَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ ، مِنْ طُهْرِ طاهِرٍ مَطَهَّرٍ ، طَهُرْتَ وَطَهُرَتْ أرْضٌ أنْتَ بِها ، وَطَهُرَ حَرَمُكَ ، أشْهَدُ أنَّكَ أمَرْتَ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ ، وَدَعَوتَ إلَيْهِما ، وَأشْهَدُ أنَّ اُمَّةً قَتَلَتْكَ أشْرارُ خَلْقِ اللهِ وَكَفَرَتُهُ ، وإنّي أسْتَشْفِعُ بِكَ إلى اللهِ رَبِّكَ وَرَبّي مِنْ جَميعِ ذُنُوبي ، وَأتَوَجَّهُ بِكَ إلى اللهِ في جَميعِ حَوائِجي وَرَغْبَتي ، في أمْرِ آخِرَتي وَدُنْياي» .
ثمّ ضَعْ خَدَّك الاُيمن على القبر وقل : «اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا الْقَبر وَمَنْ
____________
1 ـ أي من عذابك بسبب عظيم جُرمي ، فيكون «مِنْ» تعليليّة ؟ أو بتقدير مضاف : من عذاب عظيم جرمي ، أو المعنى أستتر مِن جرمي ليفارقني ولا يكون أثره معي ولا يأتيني مثله بعد ذلك أبداً . (العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ)
2 ـ في بعض النّسخ : «لم تحبّ».
3 ـ في بعض النّسخ : «شاهداً» .
( 249 )
فيهِ ، وَبحقِّ هذِهِ الْقُبُورِ وَمَنْ أسْكَنْتَها ، أنْ تَكْتُبَ اسْمي
عِنْدَكَ في أسْمائِهِمْ حَتّى تُورِدَني مَوارِدَهُمْ ، وَتُصْدِرَني مَصادِرَهُمْ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» .
وتقول : «رَبِّ أفْحَمَتْني ذُنُوبي(1) وَقَطَعَتْ مَقالَتي ، فَلا حُجَّةَ لي وَلا عُذْرَ لي ، فَأنَا المُقِرُّ بِذَنْبي ، الأسِيرُ بِبَليَّتي ، المُرْتَهِنُ بِعَمَلي ، المُتجَلِّدُ في خَطِيئَتي ، المُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي(2) ، المُنْقَطَعُ بي ، قَدْ أوْقَفْتُ نَفْسي يا رَبِّ مَوقِفَ الأَشْقِياءِ الأذِلاّءِ المُذْنِبينَ ، المُجْتَرِئينَ عَلَيكَ ، المُسْتَخِفِّين بِوَعيدِكَ ، يا سُبْحانَكَ ! أيَّ جُرْأَةٍ اجْتَرَءْتُ عَلَيْكَ ، وَأيَّ تَغْريرٍ غَرَّرْتُ بِنَفْسي ، وَأيَّ سَكْرَةٍ أوْبَقَتْني ، وَأيَّ غَفْلَةٍ أعْطَبَتْني ، ما كانَ أقْبَحَ سُوءَ نَظَرِي ، وَأوْحَشَ فِعْلي ، يا سَيِّدي فَارْحَمْ كَبْوَتي لحُرِّ وَجْهي(3) ، وزَلَّةِ قَدَمي ، وَتَعْفيري في التُّرابِ خَدِّي ، وَنَدامَتي عَلى ما فَرَطَ مِنّي ، وأقِلْني عَثْرَتي ، وَارْحَمْ صَرْخَتي وَعَبْرَتي ، وَاقْبَلْ مَعْذِرَتي ، وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلي ، وَبإحْسانِكَ عَلى خَطيئاتي ، وَبِعَفْوِك عَليِّ ، رَبِّ أشْكُو إلَيْكَ قَسَاوَةَ قَلْبي ، وَضَعْفَ عَمَلي ، فَامْنَحْ بِمَسْأَلَتي(4) ، فأنَا المُقِرُّ بِذَنْبي ، المُعْترِفُ بخَطِيئَتي ، وَهذِهِ يَدي وَناصِيَتي ، أسْتَكينُ لَكَ
بِالْقَوَدِ مِنْ نَفْسِي ، فَأقْبَلْ تَوبَتي ، وَنَفِّسْ كُرْبَتي ، وَارْحَمْ خُشُوعي وَخُضَوعي وَانقِطاعي إلَيْكَ سَيِّدي ! وا أسفي عَلى ما كان مِني وَتَمَرُّغي(5)
وَتَعْفِيري في تُرابِ قَبْرِ ابْنِ نَبيِّكَ بَينَ يَدَيْكَ ، فَأنْتَ رَجائي وَظَهْري وَعُدَّتي وَمُعْتَمَدي ، لا إله إلاّ أنْتَ» .
ثمَّ كبر خمسةً وثلاثين تكبيرةً ، ثمّ ترفع يديك وتقول :
«إلَيْكَ يا رَبِّ صَمَدْتُ مِنْ أرْضي ، وَإلَى ابْنِ نَبيِّكَ قَطَعْتُ البِلادَ رَجاءً لِلْمَغْفِرَةِ ،
____________
1 ـ أي : اسكتَتْني ولم تدع لي عُذراً وجواباً . (ملاذ الأخيار) وفي القاموس : «فَحَمَ الرَّجل ـ كمنع ـ : لم يُطِقْ جَواباً» .
2 ـ التَّجَلُّد : التَّكَلُّف ، أي أسعى فيه بغاية جَهدي وسَعيي . وقوله : «عن قصدي» أي عن مقصودي ، أو عن الطّريق المستقيم ، ويقال : فلانٌ انْقُطِعَ بِهِ مجهولاً أي عَجز عَن سَفَره . (البحار)
3 ـ الكَبْوَة : الانكباب على الوجه ، وحُرّ الوجه ـ بالضّمّ ـ ما أقبل عَلَيْكَ وبدالك منه .
4 ـ منح أي أعطا ، وفي نسخة : «فارتح» يقال : ارتاح الله له برحمته أي انقذه مِن البليَّة ، والارتياح : النّشاط والرَّحمة .
5 ـ في بعض النّسخ : «تضرّعي» . وتمرّغ في التّراب : تقلّب .
( 250 )
فَكُنْ لي يا وَليَّ اللهِ سَكَناً وَشَفيعاً(1) ،
وَكُنْ بي رَحِيماً ، وَكُنْ لي مَنْجاً(2) يَومَ
لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ [عِنْدَه] إلاّ لمن ارْتَضى ، يَوْمَ لا تَنْفَعُ شَفاعَةُ الشّافِعينَ ، وَيَومَ يَقُولُ أهْلُ الضَّلالَةِ : «مَا لَنَا مِنْ شافِعينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيم(3)» ، فَكُنْ يَومَئِذٍ في مَقامي بَين يَدَي رَبِّي لي مُنْقِذاً ، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمي إذَا ارْتَعَدَت فرائِصي ، وَاُخِذَ بِسَمْعي ، وَأنَا مُنَكِّسٌ رَأْسي(4) بِما قَدَّمْتُ مِنْ سُوءِ عَمَلي ، وَأنا عارٍ كما وَلَدَتْني اُمِّي ، وَرَبّي يَسْأَلُني فَكُنْ لي يَومَئِذٍ شافِعاً(5) وَمُنْقِذاً ، فَقَدْ أعْدَدْتُكَ لِيَومِ حاجَتي وَيَومِ فَقْري وَفاقَتي» .
ثمَّ ضَعْ خَدَّك الأيسر على القبر وتقول :
«اللّهُمَّ ارْحَمْ تَضَرُّعي في تُرابِ قَبْرِ ابْنِ نَبيِّكَ ، فَإنّي في مَوضِعِ رَحْمَةٍ يا رَبِّ» .
وتقول :
«بأبي أنْتَ وَاُمِّي يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، إنّي أبْرَءُ
إلَى اللهِ مِنْ قاتِلِكَ وَمِنْ سالِبِكَ ، يا لَيْتَني كُنْتُ مَعَكَ ، فَأَفُوزَ فَوزاَ عَظيماً ، وَأَبْذُلَ مُهْجَتي فِيكَ ، وَأقيَكَ بِنَفْسي ، وَكُنْتُ فيمَن أقامَ بَين يَدَيْكَ حَتّى يُسْفَكَ دَمي مَعَكَ ، فَأَظْفُرَ مَعَكَ بِالسَّعادَةِ وَالْفَوزِ بِالْجنَّةِ» .
وتقول : «لَعَنَ اللهُ مَنْ رَماكَ ، لَعَنَ الله مَنْ طَعَنَكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنِ اجْتَزَّ رَأْسَكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ حَمَلَ رَأْسَكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ نَكَتَ بِقَضيبِهِ بَين ثَناياكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ أبْكى
____________
1 ـ قوله : «صمدت» أي قصدت ، وفي بعض النّسخ : «عمدت» بمعناه. وقوله : «فكن لي يا سيّدي سكناً» عدل الخطابَ عن الله تعالى إلى الإمام عليه السلام ، والسَّكَن ـ بالتّحريك ـ : ما يسكن إليه ، والرّحمة والبركة . (البحار)
2 ـ المنجى : مكان النّجاة ، وفي بعض النّسخ ـ بالحاء لمهملة ـ : «منحاً».
3 ـ الشّعراء : 100 و101 ، وفي المصحف : «فما لنا ـ
الآية» . والمعنى : ما لنا مِن شفيع مِن الأباعد ولا صِديق
مِن الاُقارب ، وذلك حين يشفع الملائكة والنّبيّون والمؤمنون ، وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبدالله قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : إنّ الرّجل يقول في الجنّة : ما فعل صديقي فلانٌ ـ وصديقه في الجحيم ـ ؟! فيقول الله تعالى : أخرجوا له صديقَه إلى الجنّة ، فيقول مَن بقي في النّار : «فما لنا من شافعين ولا صديق حميم» . (المجمع)
4 ـ نكّسه تنكيساً بمعنى نكسه ، ونكس رأسه : طأطأه من ذُلٍّ .
5 ـ في بعض النّسخ : «شفيعاً» .
( 251 )
نِساءَكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ أيْتَمَ أوْلادَكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ أعانَ عَلَيْكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ سارَ إليكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ مَنَعَكَ ماءَ الْفُراتِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ غَشَّكَ وَخَلاكَ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ سَمِعَ صَوتَكَ فَلمْ يُجِبْكَ ، لَعَنَ الله ابْنَ آكِلَةِ الأكْبادِ ، وَلَعَنَ اللهُ ابْنَه وَأعْوانَهُ وَأتْباعَهُ وَأنْصارَهُ ابْنَ سُمَيَّة(1) ، وَلَعَن اللهُ جَميعَ قاتِليكَ وَقاتِلي أبِيكَ وَمَنْ أعانَ عَلى قَتْلِكُم ، وَحَشَا الله أجْوافَهُمْ وَبُطُونَهُمْ وَقُبورَهُمْ ناراً ، وَعَذَّبَهُمْ عَذاباً أليماً» .
ثمَّ تسبِّح عند رأسه ألف تسبيحةٍ مِن تسبيح أمير المؤمنين عليه السلام ، فإن أحببت تحوَّلت(2) إلى عند رِجْلَيه وتدعو بما قد فسّرت لك ، ثمّ تدور من عند رِجليه إلى عند رأسه . فإذا فرغتَ مِن الصَّلاة سبَّحت ، والتّسبيح تقول :
«سُبْحانَ مَنْ لا تَبيدُ مَعالِمُهُ(3) ، سُبْحانَ مَنْ لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ ، سُبحانَ مَنْ لا انْقِطاعَ
لِمُدَّتِهِ ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْفَدُ ما عِنْدَهُ ، سُبحانَ مَنْ لا اضْمِحلالَ لِفَخْرِهِ ، سُبْحانَ مَنْ لا يُشاوِرُ أحَداً في أمْرِهِ ، سُبْحانَ مَنْ لا إلهَ غَيرُهُ(4)» .
ثمَّ تحوَّل عند رِجْلَيه وضَع يدك على القبر وقل :
«صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عبدالله ـ ثلاثاً ـ صَبَرْتَ وَأنْتَ الصّادِقُ المُصَدِّقُ ، قتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَكُمْ بِالأيْدي وَالألْسُنِ» .
____________
1 ـ قوله : «ابن سُمَيّة» أي هو وأشباهه ، ولعلّه سقط اللّعن قبله من النّسّاخ.
2 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : الظّاهر أنّ المراد أنّك مخيّر بين الإتيان بالتّسبيح في هذا الوقت وبين تأخيره إلى التَّحوّل إلى الرِّجلين وإتيان ما سيأتي بعد ذلك مِن الأعمال حتّى تأتي بالصَّلاة الَّتي سيأتي ذكرها ، ثمّ تأتي بالتّسبيح إمّا بعد الصّلاة بلا فصل أو بعد الإتيان بما بعدها أيضاً إلى زيارة الشّهداء ، كلاهما محتمل ، والتأخّر عن زيارة الشّهداء أيضاً بعيدٌ ، ولا يبعد أن يكون هذا التَّخيير جارياً في التّسبيح الآتي أيضاً ، وعلى التّقادير يكون المراد بقوله الآتي : «بما قد فسّرت لك» ما ساُفسّره لك ، ويحتمل أن يكون المراد الإتيان بالأدعية والأفعال السّابقة مرّة اُخرى عند الرِّجلين ، ثمّ الإتيان بالتّسبيح ، والأوّل أظهر .
3 ـ أي لا يذهب ولا ينقطع ما يستدلّ به على وجوده وسائر صفاته الكماليّة ، أو أسباب علمه ، والأوّل أظهر . (البحار)
4 ـ في كيفيّة هذا التّسبيح وتسبيح فاطمة عليها السلام (الآتي) اختلاف بين هذا الحديث وحديث أبي سعيد المتقدّم في ص 231 .
( 252 )
وتقول : «اللّهُمّ رَبَّ الأرْبابِ ، صَريخَ الأخْيارِ ، إنّي عُذتُ مَعاذاً ، فَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، جِئْتُكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وافِداً إلَيْكَ ، أتَوَسَّلُ إلَى اللهِ في جَميع حَوائِجي مِنْ أمْرِ آخِرَتي وَدُنْيايَ ، وَبِكَ يَتَوَسَّلُ المتوَسِّلُونَ إلى الله
في جَميع حَوائِجِهِمْ ، وَبِكَ يُدْرِكُ أهْلُ الثَّوابِ مِنْ عِبادِ اللهِ طَلِبَتَهُمْ ، أسأَلُ وَلِيَّكَ وَوَلِيَّنا أنْ يَجْعَلَ حَظِّي مِنْ زيارَتِكَ الصَّلاةَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَالمَغْفِرَةَ لِذُنُوبي ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْصُرُهُ وَتَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ» .
ثمّ تضع خَدَّك عليه وتقول : «اللّهُمٌّ رَبَّ الحُسَينِ ! اشْفِ صَدْرِ الحُسَينِ ، اللّهُمَّ رَبَّ الحُسَينِ ! اطْلُبْ بِدَم الحُسَين ، اللّهُمَّ رَبَّ الحُسَين ! انْتَقِمْ مِمَّنْ رَضِيَ بِقَتْل الحُسين ،
اللّهُمَّ رَبَّ الحسَين ! انْتَقِمْ مِمَّن خَالَفَ الحُسَين ، اللّهُمَّ رَبَّ الحُسين ! انْتَقِمْ مِمَّنْ فَرِحَ بِقَتْلِ الحُسَين» ، وتبتهل إلى الله في اللّعنة على قاتل(1) الحسين وأمير المؤمنين عليهما السلام .
وتسبّح عند رجليه ألف تسبيحةٍ من تسبيح فاطمة الزَّهراء صلّى الله عليها ، فإن لم تقدر فمائة تسبيحة وتقول :
«سُبْحانَ ذِي العِزِّ الشّامِخِ المنيفِ ، سُبْحان ذي الجلال الفاخر العظيم(2) ، سُبْحانَ ذِي الملْكِ الفاخِرِ القَديمِ ، سُبْحانَ ذِي المْلكِ الفاخِرِ العَظيم ، سُبْحان مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَالجمالَ ، سُبْحانَ مَنْ تَردّى بِالنُّورِ وَالوَقارِ ، سُبْحانَ مَنْ يَرى أثَرَ النَّمْلِ في الصَّفا ، وَخَفَقانَ الطَّير(3) في الْهَواءِ ، سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكذا ولا هكذا غيره» .
ثمَّ صِرْ إلى قبر عليِّ بن الحسين(4)
ـ فهو عند رجل الحسين عليهما السّلام ـ فإذا وقفت عليه فقل :
«السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، وَابْنَ خَليفَةِ رَسُولِ اللهِ ، وَابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ مُضاعَفَةً ، كُلَّما طَلَعَتْ شَمْسٌ أوْ غَرَبَتْ ،
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «على من قتل» .
2 ـ في بعض النّسخ : «الفاخر العميم» . والشّامخ: المرتفع ، والمنيف : العالي المشرف .
3 ـ خفقان الطّير : طيرانه وضربه بجناحيه . والوَقار ـ كسحاب ـ : الرّزانة.
4 ـ مرّ الكلام فيه ، راجع ص220.
( 253 )
السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ ، بِأبي أنْتَ وَاُمِّي مِنْ مَذْبُوحٍ وَمَقتُولٍ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ ، بأبي أنْتَ وَاُمِّي دَمُكَ المُرْتَقى(1) بِهِ إلى حَبيبِ اللهِ ، بِأبي أنْتَ وَاُمِّي مِنْ مُقَدَّم بَينَ يَدي أبيكَ يَحْتَسِبُكَ(2) وَيَبْكي عَلَيْكَ ، مُحتَرِقاً عَلَيْكَ قَلْبُهُ ، يَرْفَعُ دَمُكَ بِكَفِّهِ إلى أعْنانِ السَّماءِ(3) لا تَرْجَعُ مِنْهُ قَطْرَةٌ ، وَلا تَسْكُنْ عَلَيْكَ مِنْ أبيكَ زَفْرَةٌ ، وَدَّعَكَ لِلْفِراقِ ، فَمَكانُكُما عِنْدَ اللهِ مَعَ آبائِكَ الماضِينَ ، وَمَعَ اُمُّهاتِكَ في الجِنانِ مُنَعَّمِينَ ، أبْرءُ إلَى اللهِ مِمَّنْ قَتَلَكَ وَذَبَحكَ» .
ثمّ انكبَّ على القَبر وضَعْ يديك عليه وقلْ : «سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبينَ ، وَأنْبيائِهِ المرْسَلينَ وَعِبادِهِ الصَّالحينَ ، عَلَيْكَ يا مَولاي وَابْنَ مَولايَ ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى عِتْرتِكَ وَأهْلِ بَيْتِكَ وَآبائِكَ وَأبْنائِكَ وَاُمُّهاتِكَ الأخْيارِ الأبْرارِ ، الَّذينَ
أذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطهِيراً ، السَّلامُ عَلَيْكَ
يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَابْنَ أميرِ المؤْمِنينَ ، وَابْنَ الحُسينِ بْنِ عَليّ ، وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، لَعَنَ اللهُ قاتِلَكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّكُمْ ، لَعَنَ الله مَنْ
بَقِيَ مِنْهُمْ وَمَنْ مَضى ، نَفْسي فِداؤُكُمْ وَلِمَضَجَعِكُمْ ، صَلّى اللهُ عَلَيْكُمْ وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثِيراً» .
ثمَّ ضع خدَّك على القبر وقل : «صَلّى اللهُ عَلَيْكَ يا أبا الحَسَنِ ـ ثلاثاً ـ بأبي أنْتَ وَاُمِّي أتَيْتُكَ زائِراً وافِداً عائِذاً مِمّا جَنَيْتُ عَلى نَفْسي ، وَاحْتَطَبْتُ عَلى ظَهْري ، أسْألُ اللهَ وَلِيَّكَ وَوَلِيِّي أنْ يَجْعَلَ حَظِّي مِنْ زيارَتِكَ
عِتْقَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ـ وتدعو بما أحببت ـ ». ثمَّ تدور مِن خلف الحسين عليه السلام إلى عند رأسِه وصلِّ عند رأسه
____________
1 ـ المرتقى : موضع الارتقاء ، يقال : لقد ارتقيت مرتقىً صعباً.
2 ـ قوله عليه السلام : «يحتسبك» قال الجزريّ : الاحتساب في الأعمال الصّالحة ، وعند المكروهات هو البِدارُ
إلى طلب الأَجْر ، وتحصيله بالتَّسليم والصَّبر ، أو باستعمال أنواع البِرِّ والقيام بها على الوجه المرْسُوم فيها طَلَباً للثَّواب المرجوِّ منها ، ومنه الحديث : «مَن مات له وَلدٌ فاحْتسَبَه» أي احتسبَ الأجْر بصَبْره على مصيبته . يقال : احتسب فلانٌ ابناً له : إذا مات كبيراً ، وافترطه إذا مات صَغيراً ـ انتهى ، وفي بعض النّسخ : «يحقبك» ، من أحقبه أي أردفه خلفه.
3 ـ أعنان السَّماء أي نواحيها.
( 254 )
رَكعتين ، تقرء في الأولى «الحمْد» و «يس» وفي الثّانية «الحمد» و «الرَّحمن» ، وإن شئتَ صلَّيت خَلْف القبر ، وعند رأسه أفضل . فإذا فرغتَ فصلِّ ما أحببتَ إلاّ أنَّ رَكعتي الزِّيارة لا بدَّ منهما عند كلِّ قبر ، فإذا فرغتَ من الصَّلاة فارْفَعْ يديك وقل : «اللّهُمَّ إنّا أتَيْناهُ مُؤمِنينَ بِهِ ، مُسَلِّمِينَ لَهُ ، مُعْتَصِمِينَ بِحَبْلِهِ ، عارِفينَ بِحَقِّهِ ، مُقِرّينَ بِفَضْلِهِ ، مُستَبْصِرينَ بِضَلالَةِ مَنْ خَالَفَهُ ، عارِفينَ بالْهُدَى الَّذي هُوَ عَلَيْهِ ، اللّهُمَّ إنّي اُشْهِدُكَ
وَاُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ مِنْ مَلائِكَتِكَ ، أنّي بِهِمْ مُؤْمِنٌ ، وَأنّي بِمَن قَتَلَهُمْ كافِرٌ ، اللّهُمَّ اجْعَلْ لِما أقُولُ بِلِساني حَقيقَةً في قَلْبي ، وَشَريعَةً في عَمَلي ، اللّهمَّ اجْعَلْني مِمَّنْ لَهُ مَعَ الحُسَينِ بْنِ عَليٍّ عليهما السلام قَدَمٌ ثابِتٌ ،
وَأثْبِتْني فيمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ ، اللّهُمَّ ألْعَنِ الَّذِينَ
بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ كُفْراً ، سُبْحانَكَ يا حَلِيمُ عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ في الأرْضِ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ
يا عَظِيمُ ، تَرى عَظيمَ الجُرْمِ مِنْ عِبادِكَ فَلا تُعجِّلُ عَلَيْهِمْ ، تَعالَيْتَ يا كَريمُ ، أنْتَ شاهِدُ غَيرُ غائِبٍ ، وَعالِمٌ بما اُتي إلىُ أهْلِ صَفْوَتِكَ وَأحِبّائِكَ مِنَ الأمِرِ الَّذي لا تَحْمِلُهُ سَماءٌ وَلا أرْضٌ ولو شِئْتَ لانْتَقَمْتَ مِنْهُمْ ، وَلكِنَّكَ ذو أناةٍ ،
وَقَدْ أمْهَلْتَ الَّذِينَ اجْتَرَؤوا عَلَيْكَ وَعَلى رَسُولِكَ وَحَبِيبِكَ ، فأسْكَنْتَهُمْ أرْضَكَ ، وَغَذَوتَهُم بِنِعْمَتِكَ ، إلى أجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ ، وَوَقْتٍ هُمْ صائِرُونَ إلَيْهِ ، لِيَسْتَكْمِلُوا الْعَمَلَ الَّذي قَدَّرْتَ ، وَالأجَلَ الَّذِي أجَّلْتَ ، لِتُخَلِّدَهُمْ في مَحَطٍّ وَوَثاقٍ(1) وَنارِ [جَهَنَّمْ] ، وَحَمِيمٍ وَغُسّاقٍ ، وَالضَّريعِ وَالأحْراقِ(2) ، والأغْلالِ وَالأوْثاقِ ، وَغِسْلِين وَزَقُّومٍ(3) وَصَدِيدٍ ، مَعَ
____________
1 ـ المَحطّ محلّ الانحطاط والنُّزول إلى السِّفل . (البحار) والوَثاق : ما يشدّ به .
2 ـ الغسّاق ـ بالتّخفيف والتّشديد ـ : ما يسيل مِن صديد أهل النّار وغسالتهم ، وقيل : ما يسيل من دموعهم. وقيل : هو الزّمهرير . والضّريع : هو نبت بالحجاز له شوك كبار . والأحراق ـ بالفتح ـ جمع الحَرَق النّار ـ بالتّحريك ـ : لَهَبُها . (النّهاية)
3 ـ الغِسلين هو ما انغسل من لحوم أهل النّار وصديدهم ، والياء والنّون زائدتان . والزَّقّوم ما وصف الله تعالى في كتابه العزيز فقال : «إنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعامُ الأَثيمِ» [الدّخان : 43] وقال : «إنّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أصْلِ الجحيمِ * طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشَّياطينِ» [الصافات : 64 و65] وهي فَعَول من الزَّقم : اللَّقْم الشّديد والشُّرب المُفرط . (الجزريّ)
( 255 )
طُولِ المَقامِ في أيّامٍ لَظى(1)
، وَفي سَقَرِ الَّتي لا تُبْقي وَلا تَذَرُ ، وَفي الحَمِيمِ والجحيم» .
ثمّ تنكّب على القبر وتقول : «يا سَيِّدي أتَيْتُكَ زَائِراً مُوقَراً مِنَ الذُّنُوبِ ، أتَقَرَّبُ إلى رَبّي بِوُفُودي إلَيْكَ ، وَبُكائي عَلَيْكَ ، وَعَويلي وَحَسْرَتي وَأسَفي وَبُكائي(2) ، وَما أخافُ عَلى نَفْسي رَجاءَ أنْ تَكُونَ لي حِجاباً وَسَنَداً وَكَهْفاً ، وَحِرْزاً وَشافِعاً وَقايَةً مِنَ النّار غَداً ، وَأنَا مِنْ مَواليكُمُ الَّذِينَ اُعادِي عَدُوَّكُمْ وَأوالي وَلِيَّكُمْ ، عَلى ذلِكَ أحْيا وَعَلَيْه أمُوتُ ، وَعَليْهُ اُبْعَثُ إنْ شَاءَ اللهُ ، وَقَدْ أشْخَصْتُ بَدَني وَوَدَّعْتُ أهْلي وَبَعُدَتْ شُقَّتي(3) ، وَاُؤَمِّلُ في قُربِكُمُ النَّجاةَ ، وَأرْجُو في إتْيانِكُمُ الكَرَّةَ(4) ،
وَأطْمَعُ في النَّظَرِ إلَيْكُم وَإلى مَكانِكُمْ غَداً في جِنانِ(5) رَبّي مَعَ آبائِكُمُ الماضِينَ» .
وتقول : «يا أبا عَبْدِاللهِ يا حُسَينُ ابْنَ
رَسُولِ اللهِ ، جِئتُكَ مُسْتَشْفِعاً بِكَ إلَى الله ، اللّهُمَّ إنّي أسْتَشْفِعُ إلَيْكَ بِوَلَدِ حَبِيبِكَ ، وَبِالملائِكَةِ الَّذِينَ يَضِجُّونَ عَلَيْهِ وَيَبْكُونَ وَيَصْرَخُونَ ، لا يَفْتَرُونَ ، وَلا يَسْأَمُونَ وَهُمْ مِنَ خَشْيَتِكَ مُشْفِقُونَ ، وَمِن عَذابِكَ حَذِرُونَ ، لا تُغَيِّرهُمُ الأيّامُ ، وَلا يَنْهَزِمُونَ مِنْ نَواحِي الخَيْرِ
يَشْهَقُونَ(6) ، وَسَيِّدُهُمْ يَرى ما يَصْنَعُونَ ؛ وَما فيهِ يَتَقَلَّبُونَ ، قَدِ انْهَمَلَتْ مِنْهُمُ الْعُيُونُ فَلا تَرْقَأُ(7) ، وَاشْتَدَّ مِنْهُمُ الحُزْنُ بِحُرْقَةٍ لا تُطْفَأُ» .
____________
1 ـ لظى اسم من أسماء النّار ، ولا ينصرف للعلميّة والتّأنيث . (النّهاية)
2 ـ أوقر الدّابّة إيقاراً : حملها ، وأوقر النّخلة : كثر حملها . والعَويل : رفع الصّوت بالبُكاء ، وقال في البحار : ذكر البُكاء ثانياً إمّا زيادة مِن النّسّاخ ، أو تأكيد ، أو المراد بالأوَّل البكاء عليه صلوات الله عليه ، وبالثّاني البكاء على نفسه .
3 ـ قوله : «الّذين اُعادي» فيه التفاوت من الغيبة إلى التّكلّم ، ولا يبعد أن يكون في الأصل «الّذي» بصيغة الفرد ، والشّقّة ـ بالضّم والكسر ـ : النّاحية والسّفر البعيد . (البحار)
4 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : المراد به الرّجوع في الرَّجعة ، أو إلى الزّيارة ، أو إلى أهلي ، والأوّل أظهر . وفي بعض النّسخ : «الكثرة» أي في الخيرات والمثوبات ، وهي تصحيف . وفي بعض النّسخ : «في أيّامكم الكرّة».
5 ـ في بعض النّسخ : «جنّات».
6 ـ في بعض النّسخ : «ولا يهرمون في نواحي يشهقون».
7 ـ انهملتْ عينه : فاضتْ . ورَقَأ الدَّمع ـ كجعل ـ : جَفّ وسَكن .
( 256 )
ثمَّ ترفع يديك وتقول : «اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ مَسْألَةَ المِسْكِين المسْتَكِين ، العَليلِ الذَّليلِ الَّذي لَمْ يُرِدْ بِمَسْألَتِهِ غَيرَكَ ، فَإنْ لَمْ تُدْرِكْهُ رَحْمُتُكَ عَطِبَ ، أَسأَلُكَ
أنْ تُدارِكَني بِلطْفٍ مِنْكَ ، وَأنْتَ الَّذِي لا تُخَيِّبُ سائِلَكَ(1) ، وَتُعْطِي المَغْفِرَةَ وَتَغْفِرُ الذُّنُوبَ ، فَلا أكُونَنَّ يا سَيِّدي أنا أهْوَنَ خَلْقِكَ عَلَيْكَ ، وَلا أكُونُ أهْوَنَ مَنْ وَفَدَ إَلَيْكَ بِابْنِ حَبيبِكَ ، فَإنّي أمَّلْتُ وَرَجَوتُ ، وَطَمِعْتُ وَزُرْتُ وَاغْتربْتُ(2) ، رَجاءً لَكَ أنْ تُكافِيَني إذْ أخْرَجَتَني مِنْ رَحْلي ،
فَأَذِنْتَ لي بِالمَسِير إلى هذا المَكانِ رَحْمَةً مِنْكَ ، وَتَفَضُّلاً
مِنْكَ ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ» .
واجتهد في الدُّعاء ما قدرت عليه ، وأكثر
منه إن شاء الله ، ثمَّ تخرج من السَّقيفة وتقف بحذاء قبور الشُّهداء تؤمي إليهم أجمعين وتقول : «السَّلام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلام عَلَيْكُمْ يا أهْلَ الْقُبُورِ
مِنْ أهْلِ دِيارِ المُؤمِنينَ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُم فَنِعمَ عُقْبى الدَّارِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أولياءَ الله ، السَّلامُ عَلَيْكُم يا أنْصارَ اللهِ وَأنْصارَ رَسُولِهِ ، وَأنْصارَ أميرِ المؤمِنينَ ، وَأنْصارَ ابْنِ رَسُولِهِ وَأنْصارَ دينِهِ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ كَما قال اللهُ عزَّوجَلّ : «وَكأَيِّنْ مِنْ نَبيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أصابَهُمْ في سَبيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا(3)» ، فَما ضَعُفْتُمْ وَما اسْتَكَنْتُمْ ، حَتّى لَقِيتُمُ اللهَ عَلى سَبيلِ
الحَقِّ ، صَلّى اللهُ عَلَيْكُمْ وَعَلى أرْواحِكُمْ وَأبْدانِكُمْ وَأجْسادِكُمْ ، أبْشِرُوا بِمَوعِدِ اللهِ الَّذي لا خُلْفَ لَهُ
وَلا تَبْدِيلَ ، إنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ
وَعْدَهُ ، وَاللهُ مُدْرِكٌ بِكُمْ ثأرَ ما وَعَدَكُمْ(4)
، أنْتُمْ خاصَّةُ اللهِ اخْتَصَّكُمْ اللهُ لأبي عَبْدِاللهِ عَلَيهِ السَّلام ، أنْتُمُ الشُّهداءُ وَأنْتُمُ السُّعَداء ، سُعِدْتُمْ عِنْدَاللهِ ، وَفُزْتُمْ بِالدَّرَجاتِ مِنْ جَنّاتٍ لا يَطْعُنُ أهْلُها وَلا يُهْرَمُونَ
، وَرَضُوا بِالمَقامِ في دارِ السَّلامِ ، مَع مَنْ نَصَرْتُم(5) ،
جَزاكُمُ اللهُ خَيْراً مِنْ
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «لا يخيّب سائلك» .
2 ـ أي اخترتُ الغربة وتركتُ الوطن.
3 ـ آل عمران : 146.
4 ـ قوله : «ثأر ما وعدكم» لعلّ الإضافة بيانيّة ، أو المعنى : ثَأْرَ ما وَعَدَكُمْ ثَأرَهُ ، وفي التهذيب : «ثأراً وعدكم» وهو أظهر . (البحار)
5 ـ قوله : «لا يطعن أهلها» على بناء المعلوم ـ بضمّ العين ـ أي لا يشيبون ، عن قولهم : طعن في السِّنّ إذا ذهب فيه ، أو على بناء المجهول من الطَّعن بالرّمح ونحوه ، أو من الطّاعون . وفي بعض النّسخ بالظّاء المعجمة من الطَّعن بمعنى السِّير ، أي لا يخرجون منها . وقوله : «مَعَ من
( 257 )
أعْوانٍ جَزاءَ مَنْ صَبر مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ ، أنْجزَ اللهُ ما وَعَدَكُمْ مِنَ الْكَرامَةِ في جَوارِهِ
وَدارِهِ مَعَ النَّبيِّين وَالمرْسَلِينَ ، وَأميرِ المؤمِنينَ وَقائِدِ الغُرِّ المُحَجِّلِينَ(1) ،
أسْأَلُ الله الَّذي حَمَلَني إلَيْكُمْ حَتى أراني مَصارِعَكُم أنْ يرِينيِكُمْ عَلَى الحَوْضِ رِواءً مَرْويَّينِ ، وَيُريَني أعْداءَكُمْ في أسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الجَحِيمِ ، فَإنَّهُمْ قَتَلُوكُمْ ظُلْماً وَأرادُوا إماتَةَ الحَقِّ ، وَسَلَبُوكُمْ لاِبْنِ سُمَيَّةَ
وابْنِ آكِلَةِ الأكْبادِ ، فَأسْألُ الله أنْ يُرينيَهُمْ ظِمآء مُظْمَئينَ(2) مُسَلْسَلِينَ مغلّلين ، يُساقُونَ إلى الجحيم ، السَّلام عَلَيْكُم يا أنْصارَ اللهِ وَأنْصارَ ابْنِ رَسُولِ اللهِ مِنِّي ما بَقِيتُ [وَبَقِيَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ] ، وَالسَّلام عَلَيْكُمْ دائِماً إذا فُنِيتُ وَبَلَيْتُ ، لَهْفى عَلَيكُمْ أيُّ مُصِيبَةٍ
أصابَتْ كُلَّ مَوْلىً لِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، لَقَدْ عَظُمٌتْ وَخُصَّتْ وَجَلَّتْ وَعَمَّتْ مُصيبَتُكُمْ ، أنَا بِكُمْ لَجَزِعٌ ، وَأنا بِكُمْ لَمُوجَعٌ مَحزُونٌ ، وَأنا بِكُمْ لَمُصابٌ مَلْهُوفٌ(3) ،
هَنيئاً لُكُمْ ما اُعْطِيتُمْ ، وَهَنيئاً لَكُمْ ما بِهِ حُيّيتُمْ ، فَلَقَدْ بَكَتْكُمُ الملائِكَةُ وَحَفَّتْكُمْ وَسَكَنَتْ مَعَسْكَرَكُمْ ، وَحَلَّتْ مَصارِعَكُمْ ، وَقَدَّسَتْ وَصَفَّتْ بِأجْنِحَتِها عَلَيْكُم ، لَيْسَ لَها عَنْكُمْ فِراقٌ إلى يَومِ التَّلاقِ ، وَيَوم المَحْشَرِ وَيَومَ المَنْشَر طافَتْ عَلَيْكُمْ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ ، وَبَلَغْتُم بِها شَرَفَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، أتَيْتُكُمْ شَوقاً ، وَزُرْتُكُمْ خَوفاً ، أسْأَلُ اللهَ أنْ يُرِينِيَكُمْ عَلَى الحَوْضِ وَفي الجِنانِ مَعَ الأنْبياءِ وَالمُرْسَلينَ ، وَالشُّهداءِ وَالصّالِحينَ ،
وَحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً» ،
____________
نصرتم» لعلّه متعلّق بقوله : «فزتم» . (العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ )
1 ـ قال في النّهاية : ومنه الحديث : «أمّتي الغُرُّ المُحَجَّلُونَ» أي بيضُ مواضع الوضوء من الأيْدي والوجْه والأقْدام ، استَعار أثرَ الوضوء في الوجْه واليَدَين والرِّجلين للإنسان من البَياضِ الّذي يكون في وجْه الفَرس ويَدَيْه ورِجْلَيه ـ انتهى.
2 ـ قوله : «مروتين» هو من قولهم رويت القوم أرويهم رَيّاً إذا استقيت لهم الماءَ وهو تأكيد للرِّواء ـ بالكسر والمدّ ـ ، أي رواء من الماء رواهم ساقي الحوض صلوات الله عليه ، وكذا قوله : «مُظمَئين» ـ على بناء المفعول من باب الإفعال ، أو التّفعيل ـ تأكيد للظّمْآء بالكسر ـ من قولهم : أظمأته وظمأته أي عطشته ، أي جعلهم اللهُ ظماء ومنع منهم الماء لسوء أعمالهم ، أو المراد كثرة أسباب عطشهم مِن شدَّة الحَرّ والحركات العنيفة وأمثالها . (البحار)
3 ـ قال في القاموس : لَهِفَ ، كفرح : حَزِنَ وتَحَسَّر ، كتَلَهَّفَ عليه . ويا لَهْفَةُ : كلمةٌ يُتَحَسَّر بها على فائتٍ ، ويقال : يا لَهْفه عليك ، ويا لَهْفَ ، ويا لهفا ، إلى آخر ما قال .
( 258 )
ثمَّ دُرْ في الحائر وأنت تقول : «يا مَنْ إلَيْهِ وَفَدْتُ ، وَإلَيْهِ خَرَجْتُ ، وَبِهِ اسْتَجَرْتُ ، وَإلَيْهِ قَصَدْتُ ، وَإلَيْهِ بِابْنِ نَبيِّهِ تَقَرَّبْتُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمُنَّ عَليَّ بِالجَنَّةِ ، وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، اللّهُمَّ
ارْحَمْ غُرْبَتي وَبُعْدَ داري ، وَارْحَمْ مَسِيري إلَيْكَ وَإلى ابْنِ
حَبِيبِكَ ، وَاقْلِبْني مُفْلِحاً مُنْجِحاً قَدْ قَبِلْتَ مَعْذِرَتي وَخُضوعي وَخُشُوعي عِنْدَ إمامي وَسَيِّدي وَمَولايَ ، وَارْحَمْ صَرْخَتي(1) وَبُكائي وَهَمِّي وَجَزَعي وَخُشُوعِي وَحُزْني ، وَما قَدْ باشَرَ قَلْبي مِنَ الجَزَع عَلَيْهِ ، فَبِنِعْمَتِكَ عَليَّ وَبِلُطْفِكَ لي خَرَجْتُ إلَيْهِ ، وَبِتَقْويَتِكَ إيّايَ ، وَصَرْفِكَ المَحذُورِ عَنِّي ، وَكِلاءَتِكَ(2)
بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ لي ، وَبِحفْظِكَ وَكَرامَتِكَ إيّايَ ، وَكُلَّ بَحْرٍ قَطَعْتُهُ ، وَكُلُّ وادٍ وَفَلاةٍ سَلَكْتُها ، وَكُلُّ مَنزلٍ نَزَلْتُهُ ، فَأنْتَ حَمَلْتَني في الْبَرِّ وَالبَحْرِ ، وَأنْتَ الَّذي بَلَغْتَني وَوَفَّقتَني وَكَفَيْتَني ، وَبِفَضْلِ مِنْكَ وَوِقايَةٍ بَلَغْتُ ، وَكانَتِ المِنَّةُ لَكَ عَليَّ في ذلِكَ كُلِّهِ ، وأثَري مَكْتُوبٌ عِنْدَكَ وَاسْمي وَشَخْصِي ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى ما أبَلَيْتَني وَاصْطَنَعْتَ عِنْدي(3) ، اللّهُمَّ
فَارْحَمْ فَرَقي مِنْكَ ، وَمَقامِي بَينَ يَدَيْكَ وَتَمَلُّقي ، وَاقْبَلْ مِنِّي تَوَسُّلي إلَيْكَ بِابْنِ حَبِيبِكَ ، وَصَفْوَتِكَ وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَتَوَجُّهِي إلَيْكَ ، وَأقِلْني عَثْرَتي ، وَاقْبلْ عَظيمَ ما سَلَف مِنّي ، وَلا يَمْنَعْكَ ما تَعْلَمُ مِنّي مِنَ الُعُيوبِ وَالذُّنُوبِ وَالإسْرافِ عَلى نَفْسي ، وَإنْ كُنْتَ
لي ماقِتاً(4) فَارْضَ عَنِّي ، وَإنْ كُنْتَ عَليَّ ساخِطاً فَتُبْ عَليَّ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لي وَلِوالِدَيَّ وَارْحَمْهُما كَما رَبَّياني صَغيراً وَاجْزِهِما عَنِّي خَيْراً ، اللّهُمَّ اجْزِهِما بِالإحْسانِ إحْساناً وَبِالسَّيِّئات غُفْراناً ، اللّهُمَّ أدْخِلْهُما الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَحَرِّمْ وُجُوهَهُما عَنْ عَذابكَ ، وَبَرِّدْ عَلَيْهِما مَضاجَعَهُما ، وَافْسَحْ لَهُما في قَبريْهما(5) ، وعَرِّفْنيهما في مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَجَوارِ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمْ» .
*****
____________
1 ـ الصَّرْخَة: الصّيحة الشّديدة.
2 ـ كَلأَهُ الله كِلاءةَ وكِلاءً : حفظه وحرسه ، يقال : اذهب في كِلاءة الله.
3 ـ الاصطناع : افتعال من الصَّنيعة ، وهي العطيّة والكَرامة والإحسان.
4 ـ أي مبغضاً ، ومَقَتَه مَقْتاً : أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح.
5 ـ أي : وسّع قبريهما.