الباب التّاسع والتّسعون
(ثواب زيارة قبر أبي الحسن موسى بن جعفر)
(ومحمّد بن عليٍّ الجواد عليهم السلام ببغداد)
1 ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء «قال : سألت الرّضا عليه السلام عن زيارة قبر أبي الحسن عليه السلام أمثل زيارة قبر الحسين عليه السلام ؟ قال : نَعَم» .
وحدَّثني محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، بإسناده مثله(1) .
2 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أبي عليٍّ ، عن الحسين بن بَشّار الواسطيِّ(2)
«قال : قلت للرّضا عليه السلام : أزور قبر أبي الحسن عليه السلام ببغداد؟ فقال : إن كان لابدَّ منه فمن وراءِ الحجاب»(3) .
3 ـ حدَّثني عليُّ بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ ، عن الحسن بن عليٍّ الوشّاء «قال : قلت للرّضا عليه السلام : ما لِمَن زارَ قبر أبيك أبي الحسن عليه السلام ؟ فقال :
زُرْه ، قال : فقلت : فأيُّ شيء فيه من الفضل؟ قال: له مثل مَن زارَ قبر الحسين عليه السلام»(4) .
____________
1 ـ راجع الكافي ج4 ص583 ح2.
2 ـ هو الحسين بن بشّار بالباء الموحّدة المفتوحة والشّين المعجمة المشدّدة ، ثقة ، صحيح ، عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الرّضا عليه السلام . وما في بعض النّسخ : «يسار» ـ بالسّين المهملة ـ سهو ، لعدم وجوده في كتب الرّجال . وراويه «أبو علي» الظّاهر هو محمّد بن عيسى الأشعريّ .
3 ـ الأمر بالزّيادة خارج الجدار ومن وراء الحجاب للتّقية من المخالفين . (البحار)
4 ـ الخبر رواه الصّدوق في ثواب الأعمال هكذا : «قلت للرّضا عليه السلام : ما لمن زار قبر أبي الحسن عليه السلام ؟ قال : له مثل ما لمن زار قبر أبي عبدالله عليه السلام» .
( 314 )
4 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر ، عن أبيه ،
عن هارون بن مسلم ، عن عليِّ بن حسّان
الواسطي(كذا) ـ عن بعض أصحابنا ـ عن الرّضا عليه السلام «في إتيان قبر أبي الحسن عليه السلام قال : صلّوا في المساجد حَولَه» .
5 ـ حدَّثني أبي ؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد
بن الحسن ـ رحمهم الله ـ جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسين بن بَشّار الواسطيّ «قال : سألت أبا الحسن الرّضا عليه السلام ما لِمَن زارَ قبر أبيك صلوات الله عليه؟ قال : فقال : زوروه ، قال : قلت : فأيُّ شيء فيه مِنَ الفضل ؟ قال : فقال : فيه من الفضل كفضل من زارَ والده ـ يعني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، قلت : فإن خِفْتُ ولم يمكن لي الدُّخول داخلاً ؟ قال : سلّم من وراءِ الجدار» .
6 ـ حدَّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر القرشيُّ ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزيع ، عن الخيبريّ ، عن الحسين بن محمّد الأشعريّ القمّي «قال : قال لي الرّضا عليه السلام : من زارَ قبر أبي ببغداد كان كمن زارَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقبرَ أمير المؤمنين عليه السلام إلاّ أنَّ لرسول الله وأمير المؤمنين فضلهما(1)» .
وحدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله(2) .
7 ـ حدِّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عبدالرّحمن بن أبي نَجرانَ «قال : سألت أبا جعفر(3) عليه السلام عمّن زارَ رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قاصداً ، قال : له الجنّة ، ومَن زار قبرَ أبي الحسن(4) عليه السلام فله
____________
1 ـ أي : لهما فضلهما في أنفسهما ولا ينافي ذلك تساوي فضل زيارته لزيارتهما ، أو المعنى أنّه في عظم الثّواب مشتركة ، إلاّ أنّ زيارتهما أفضل بقدر فضلهما ، والأوّل أظهر ، والثّاني أنسب بسائر الأخبار . (ملاذ الأخبار)
2 ـ راجع الكافي ج4 ص583 ح1 .
3 ـ المراد به الجواد عليه السلام ، وعبدالرّحمن كان من أصحابه.
4 ـ أي الأوّل ، وهو الكاظم عليه السلام ، وكذا ما يأتي .
( 315 )
الجنّة» .
8 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء ، عن الرّضا عليه السلام «قال : زيارة قبر أبي مثل زيارة قبر الحسين عليهما السلام» .
9 ـ وعنه ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن أحمدَ بن عُبدُوس الخَلَنْجيِّ(1) ، عن أبيه رَحيم(2)
«قال : قلت للرّضا عليه السلام : جعلت فداك إنَّ زيارة قبر أبي الحسن عليه السّلام ببغداد علينا فيها مَشقّة ، وإنّما نأته فنسلّم عليه مِن وراءِ الحيطان ، فما لِمَن زارَه من الثَّواب ؟ قال: فقال له : والله مثل ما لِمَن أتى قبر رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم» .
10 ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ ابن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن رَحيم «قال : قلت للرّضا عليه السلام : جعلت فداك إنَّ زيارة قبر أبي الحسن عليه السلام ببغداد علينا فيها مَشقّة ، فما لِمَن زارَه ؟ فقال : له مثل ما لمن أتى قبر الحسين عليه السلام من الثَّواب ، قال ودخل رَجلٌ فسلّم عليه وجلس وذكر بغداد ورداءَة أهلها وما يتوقّع أن ينزل بهم من الخسف والصّيحة والصَّواعق ـ وعدَّد من ذلك أشياء ـ ، قال : فقمت لأخرج فسمعت أبا الحسن عليه السلام وهو يقول : أمّا أبو الحسن فلا»(3) .
11 ـ حدَّثني محمّد بن يَعقوبَ ، عن محمّد بن يحيى ، عن حَمدان القَلانِسيّ ،
____________
1 ـ الخَلَنْجُ : شجر فارسيّ مُعرَّب ، تتّخذ من خشبه الأواني . وقيل : كلّ جفنة وصحفة وآنية صنعت من خشب ذي طرائق وأساريع مُوّشّاةٍ . (لسان العرب) فكأنّ الرّجل كان يبيع ذلك فنسب إليه.
2 ـ كذا ، والظّاهر فيه تصحيف أو سقط.
3 ـ قال العلاّمة المجلسيّ (ره) : «أي لا
يصيب قبره الشّريف مثل هذه الاُمور ، أو لا يدع أن يصيب أهل بغداد شيء من ذلك ، فهم ببركة قبره محروسون ، والأوّل أظهر لفظاً والثّاني معناً» . وقوله: «أمّا أبو الحسن فلا» خصّ عليه السلام الأمان ببلد فيه مزاره لا كلّ بغداد» .
( 316 )
عن عليِّ بن محمّد الحُضَيْنيّ(1) ، عن عليِّ بن عبدالله بن مَروان ، عن إبراهيم بن عُقْبَة «قال : كتبت إلى أبي الحسن الثّالث عليه السلام أسأله عن زيارة قبر أبي عبدالله ، عن زيارة قبر أبي الحسن وأبي جعفر عليهم السلام ، فكتب إليَّ : أبو عبدالله المقدّم(2) ، وهذا أجمع وأعظم أجراً» .
12 ـ حدَّثني علي بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ،
عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عبدالرَّحمن بن أبي
نَجرانَ «قال : سألت أبا جعفر عليه السلام(3) عمّن زار النَّبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قاصداً ؟ قال : له الجنّة ، ومن زار قبر أبي الحسن عليه السلام فله الجنَّة».
الباب المائة
(زيارة أبي الحسن موسى بن جعفر وأبي جعفر محمّد بن عليّ الجواد عليهم السلام)
1 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيّ ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ـ عمّن ذكره ـ عن أبي الحسن عليه السلام «قال : تقول ببغداد :
«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّة اللهِ ،
السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الأَرضِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ
يا مَنْ بَدا لله في شَأْنِهِ(4) ، أتَيتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ ، مُعادِياً لأَعْدائِكَ ، فَأشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مَولايَ» ، قال : وَادْعُ اللهَ واسأل حاجتك ، قال :
____________
1 ـ الحُضَين ـ بالحاء المهملة المضمومة والضّاد المعجمة المفتوحة ـ بنوه بطن من بني رقّاش من بكر بن وائل من العدنانيّة ، أبوها أبو ساسان حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة ـ إلى آخر النّسب . (الأمينيّ ـ ره ـ)
2 ـ قوله عليه السلام : «المقدّم» أي الحسين عليه السلام أقدم وأفضل ، أو المعنى أنَّ زيارته فقط أفضل من زيارة كلٍّ من المعصومين عليهم السلام ،
ومجموع زيارتهما أجمع وأفضل ، أو المعنى أنّ زيارة الحسين عليه السلام أولى بالتّقديم . ثمّ إن أضفت إلى زيارته عليه السلام زيارتهما عليهما السلام
كان أجمع وأعظم أجراً . (مرآة العقول) والخبر مذكور في الكافي ، راجع ج4 ص583 ح3.
3 ـ يعني الثّاني عليه السلام.
4 ـ في بعض نسخ التّهذيب : «يا مريد الله» من الإرادة ، وفي بعضها: «بدأ الله» بالهمزة ، أي : أراد الله إمامته . (ملاذ الأخيار) وفي قوله : «يا من بدا لله في شأنه» كلام ، راجع مرآة العقول ج18 ص304 .
( 317 )
وسلّم بهذا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام(1) .
وقال : إذا أردت زيارة موسى بن جعفر ؛ ومحمّد بن عليٍّ
عليهم السلام فاغتسل وتنظّف والبس ثوبيك الطّاهرَين ، وزُرْ قبر أبي الحسن موسى بن جعفر ومحمّد بن عليٍّ بن موسى الرّضا عليهم السلام ، وقل حين تصير عند قبر موسى بن جعفر عليهما السلام :
«السَّلام عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلماتِ الأَرضِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ بدا لله في شَأنِهِ ، أتَيْتُكَ زائِراً ، عارفاً بحقِّكَ ، مُعادياً لاُعْدائِكَ ، مُوالياً لأولِيائِكَ ، فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مَولايَ» .
ثمَّ سل حاجتك(2) ، ثمَّ سلّم على أبي جعفر محمّد بن عليِّ الجواد عليهما السلام بهذه الأحرف ، وابدء بالغسل وقل :
«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليِّ الإمام الْبَرِّ التَّقيِّ الرَّضيِّ ،
وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوقَ الأرَضِينَ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى ،
صَلاةً كَثِيرةً تامّةً زاكِيَةً مُبارَكَةً مُتَواصِلَةً مُتَواتِرَةً
مُترادِفَةً ، كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى أحَدٍ مِنْ
أولِيائِكَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إمامَ المُؤمِنينَ(3) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَليفَةَ النَّبيِّينَ وَسُلالَةَ الْوَصيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله في ظُلُماتِ الأَرض ، أتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ ، مُعادِياً لأَعدْائِكَ ،
مُوالِياً لأولِيائِكَ ، فَأشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مولايَ» .
ثمّ سل حاجتك(2) فإنّها تقضى إن شاء الله تعالى ،
قال : وتقول عند قبر أبي الحسن عليه السلام ببغداد ،
ويجزىء في المَواطِنَ كلّها(4)
____________
1 ـ إلى هنا مرويّ في الكافي (ج4 ص578) ، وما بعده
مكرّرٌ ، ولعلّ التّكرار في كلام ابن قولُويه من جهة اختلاف الأسانيد .
كما أشار إليه في البحار .
2 ـ أي : سل من الله حاجتك ، فإنّه عليه السّلامُ يشفع لك عنده تعالى.
3 ـ في بعض النّسخ : «يا وارث النّبيّين».
4 ـ هذه الزّيارة مرويّ في الكافي (ج4 ص579) مسنداً إلى قوله : «للمؤمنين والمؤمنات» ، وفي التّهذيب ج6 ص115 .
( 318 )
أن تقول : «السَّلامُ عَلى أوْلياءِ اللهِ وَأصفِيائِهِ ،
السَّلامُ عَلى اُمناءِ اللهِ وَأحِبّائِهِ ، السَّلامُ عَلى أنْصارِ
اللهِ وَخُلَفائِهِ ، السَّلامُ عَلى محالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، السَّلامُ عَلى مَساكِنِ
ذِكْرِ الله ، السَّلامُ عَلى مَظاهِرِ أمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ ، السَّلامُ عَلى الدُّعاةِ إلىَ اللهِ ، السَّلامُ عَلى المُسْتَقرِّينَ في مَرْضاتِ اللهِ ،
السَّلامُ عَلَى المخْلَصِينَ في طاعَةِ اللهِ(1) ،
السَّلامُ عَلى الأدِلاءِ عَلى اللهِ ، السَّلامُ عَلى الَّذِينَ مَنْ والاهُمْ
فَقَدْ وَالىَ اللهَ ، وَمَنْ عاداهُمْ فَقَدْ عادَى اللهَ ، وَمَن عَرَفَهُمْ
فَقَدْ عَرَفَ اللهَ ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللهَ ، وَمَنِ اعْتَصَمَ
بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ ، وَمَنْ تَخَلّى مِنْهُم
فَقَدْ تَخَلّى مِنَ اللهِ ، اُشْهِدُ اللهَ أنّي مُسلِم
لُكُمْ ، سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ ، مُؤمِنٌ بِسِرّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ ، مُفَوِّضٌ في ذلِكَ كُلِّهِ إلَيْكُمْ ، لَعَنَ اللهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجنِّ والإنْسِ ، وَأبْرَءُ إلىَ اللهِ مِنْهُمْ ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ». .
وهذا يجزىء في المشاهد كلِّها ، وتكثر من الصَّلاة على محمَّدٍ وآله ، وتسمّي واحداً واحداً بأسمائهم ، وتبرء من أعدائهم ، وتخيّر لنفسك مِن الدُّعاء وللمؤمنين وللمؤمنات.
الباب الحادي والمائة
(ثواب زيارة أبي الحسن عليِّ بن موسى الرِّضا عليه السلام بطوس)
1 ـ حدَّثني جماعة مشايخي ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن داودَ الصِّرْميِّ(2) ، عن أبي جعفر الثّاني عليه السلام «قال : سمعته يقول : مَن زارَ قبر أبي فله الجنَّة» .
2 ـ حدّثني الحسن بن عبدالله ، عن أبيه عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن داود الصِّرْميِّ ، عن أبي جعفر الثّاني عليه السلام «قال : سمعته يقول : مَن زارَ قبر أبي فَلَهُ
____________
1 ـ في الكافي والتّهذيب : «على الممحّصين» ، وقال الجوهريّ : «مَحَصْتُ الذّهبَ بالنّار ، إذا خلّصته ممّا يشُوبه ، والتّمحيص : الابتلاء والاختبار» . وفي العيون كما في المتن.
2 ـ الظّاهر كونه داود بن مافنّة الصّرميّ ـ بكسر الصّاد المهملة ـ ، كوفيّ ، روى عن الرّضا عليه السلام ، يكنّى أبا سليمان .
( 319 )
الجنَّة» .
3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله قال : حدَّثني عليُّ بن إبراهيم الجعفريُّ ، عن حَمدان الدِّيوانيِّ(1) «قال : دخلت على أبي جعفر الثّاني عليه السلام فقلت : ما لِمن زارَ أباك بطوس؟ فقال عليه السلام : مَن زارَ قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر(2) ، قال حَمدان : فلقيتُ بعد ذلك أيّوب بنَ نوح بن دُرَّاج فقلت له : يا أبا الحسين إنّي سمعت مولاي أبا جعفر عليه السلام يقول : مَن زار قبر أبي بطوس غَفَرَ الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر ، فقال أيّوب : وأزيدك فيه ؟ قلت : نَعَم ، قال : سمعته يقول : ذلك ـ يعني أبا جعفر ـ وأنّه إذا كان يوم القيامة نصب له مِنبرٌ بحذاء مِنبرِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى يفرغ النّاس من الحساب»(3) .
4 ـ قال أبي ـ رحمه الله ـ : قال سعد: حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ الدَّقّاق قال : حدَّثني أبو صالِح شعيب بن عيسى قال : حدَّثني صالِح بن محمّد الهَمْدانيُّ قال : حدَّثني إبراهيمٌ بنُ إسحاقَ النَّهاونديُّ «قال : قال أبو الحسن الرِّضا
عليه السلام : مَن زارَني على بُعدِ داري وشَطونِ(4) مَزاري ، أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطِن حتّى اُخلّصِه من أهوالها : إذا
تطايرت الكُتُبُ يميناً وشِمالاً ، وعند الصّراط ، وعند الميزان» . قال سعد : وسمعته بعد ذلك من صالِح بن محمّد الهَمْدانيّ .
5 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد ، عن إبراهيم بن رَيّان قال : حدّثني يحيى بن الحسن الحُسَينيّ قال: حدَّثني عليُّ بن عبدالله بن قُطْرب ، عن أبي الحسن
____________
1 ـ حمدان الدّيوانيّ ، قال في اللّباب : «هذه النّسبة إلى ديوان ، سكّة بمرو» ، رواه الصّدوق (ره) في الفقيه (تحت رقم 3189) عن حمدان هذا خبراً في فضل زيارة الرّضا عليه السلام عنه . وما في النّسخ : «الدّسواني» تصحيف .
2 ـ «تقدّم وتأخّر» كلاهما فعل ماضٍ ، يعني ما تقدّم منك قديماً وحديثاً . وقد مرَّ الكلام فيه في ص 149 .
3 ـ في بعض النّسخ : «حتّى يفرغ الله من حساب الخلائق».
4 ـ شطون على زنة فعول : البُعد .
( 320 )
موسى عليه السلام «قال : مرَّ به ابنه وهو شابٌّ حَدَثٌ ، وبَنوه مجتمعون عنده ، فقال : إنّ ابني هذا يموت في ارض غُربة ، فمن زارَه مسلّماً لأمره عارفاً بحقِّه ، كان عند الله عزَّوجَلَّ كشهداء بدر» .
6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن يعقوبَ ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن حَمدانَ بن إسحاقَ «قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ؛ أو حكى لي عن رَجلٍ عن أبي جعفر ـ الشّكُّ مِن عليِّ بن إبراهيم ـ «قال : قال أبو جعفر عليه السلام : مَن
زارَ قبر أبي بطوس غَفر الله له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر ، فحَجَجت بعد الزّيارة ، فلقيت أيّوب بن نوح ، فقال لي : قال أبو جعفر [الثّاني] عليه السلام : مَن زار قبر أبي بطوس غفر الله ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر ، وبنى له منبراً بحَذاء منبر رسول الله وعَلي صلوات الله عليهما حتّى يفرغ الله مِن حساب الخلائق
. فرأيت أيّوب بن نوح بعد ذلك وقد زار ، فقال : جئت أطلب المنبر !» .
7 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن ؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف ، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغِيرَة ، عن الحسين بن سَيف بن عَميرَة ، عن محمّد بن أسلم الجبليِّ ، عن محمّد بن سليمان «قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رَجل حجّ حجّة الإسلام فدخل متمتّعاً بالعُمرَة إلى الحجّ ، فأعانه الله على حجّه وعلى عُمرته ، ثمَّ أتى المدينة فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمَّ أتاك عارفاً بحقّك يعلم أنّك حجّة الله على خلقه ، وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عَلَيكَ(1) ، ثمَّ أتى أبا عبدالله الحسين عليه السلام فسلّم عليه ، ثمَّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ، ثمَّ انصرف إلى بلاده ، فلمّا كان وقت الحجّ رَزَقه الله ما يحجّ به فأيّهما أفضل ؟ هذا الَّذي قد حجَّ حَجّة الإسلام يرجع ويحجّ
أيضاً أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليِّ بن موسى عليهما السلام فليسلّم
____________
1 ـ في العيون : «ثمّ أتى أباك أمير المؤمنين عليه السلام عارفاً بحقّه يعلم أنّه حجّة الله على خلقه وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عليه ، ثمَّ أتى أبا عبدالله عليه السلام ـ إلخ » . (عيون أخبار الرضا عليه السلام ، طبع مكتبة الصّدوق ج2 ص637) وفي الكافي مثل ما في المتن .
( 321 )
عليه ؟ قال : بل يأتي خراسان فليسلّم على أبي الحسن أفضل ، وليكن ذلك في رَجب ، ولكن لا ينبغي أن يفعلوا هذا اليوم ، فإنَّ علينا وعليكم خَوفاً من السّلطان وشُنْعةً(1)» .
8 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليِّ بن مَهزيار «قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما لِمَن زار قبر الرِّضا عليه السلام ؟ قال : [فله] الجنَّة والله» .
9 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى ، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر البِزَنطيّ «قال : قرأت في كتاب أبي الحسن الرِّضا عليه السلام : أبلغ شيعتي أنَّ زيارتي تَعدل عند الله ألفَ حجّة ، قال : فقلت لأبي جعفر عليه السلام : ألف حجّةٍ ؟ ! قال : إي والله ؛ وألف ألف حجّةٍ لمن زاره عارفاً بحقِّه»(2) .
10 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وعليُّ بن الحسين ؛ وعليُّ بن محمّد بن قولُوَيه ، عن عليِّ بن إبراهيمَ بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمَير ، عن زيد النَّرْسيِّ(3) ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما
السلام «قال : مَن زار ابني هذا ـ وأومأ إلى أبي
الحسن الرِّضا ـ فله الجنَّة» .
11 ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ؛ وعليُّ بن الحسين ؛ وغيرهما ، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليِّ بن مَهزيار «قال :
قلت لأبي جعفر عليه السلام : جُعِلتُ
فِداك زِيارة الرِّضا أفضل أم زيارة أبي عبدالله حسين بن عليٍّ عليهما السلام ؟
قال :
____________
1 ـ الشُّنْعة ـ بضمّ الشّين ثمّ السّكون ـ : الكراهة والفظاعة.
2 ـ لأنّ زيارتهم عليهم السلام موجبة لبقاء الحجّ.
3 ـ بفتح النّون وإسكان الرّاء المهملة : قرية من قرى الكوفة ، تنسب إليها الثِّياب النَّرْسيَّة ، ونهرٌ من أنهار الكوفة عليه عدّة قرى ، حفره نَرْس بن بهرام ، مأخذه من الفرات نسب إليها جمعٌ من المحدّثين بالكوفة ، وزيدٌ منهم ، وهو أحد أصحاب الاُصول وكتابه يوجد عندنا ، رواه عنه محمّد بن أبي عمير . (الأمينيّ ـ ره ـ)
( 322 )
زيارَة أبي أفضل ، وذلك أنَّ أبا عبدالله عليه السلام يزوره كلُّ النّاس ، وأبي لا يزوره إلاّّ الخواصّ من الشّيعة(1)» .
وعنهم ـ رحمهم الله ـ عن عليّ بن إبراهيم ، عن حَمدان بن إسحاقَ «قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام ؛ أو حكى لي رجل عن أبي جعفر عليه السلام
ـ الشّكّ مِن عليٍّ ـ يقول : وذكر مثل حديث أيّوب بن نوح ، حديث المنبر .
12 ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن عليّ بن الحسين النّيسابوريّ ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن عبدالرَّحمن بن سعيد المكّيّ ، عن يحيى بن سليمان المازنيِّ(2)
، عن أبي الحسن موسى بن جعفر
عليهما السلام «قال : مَن زار قبر وَلَدي كان له عند الله سبعون حَجّة مبرورة ، قال : قلت : سبعين حجّة؟! قال: نَعَم ؛ وسبعمائة حَجَّةٍ ، قلت : سبعمائة حَجّةٍ ؟ قال : نَعَم ؛ وسبعين ألف حَجّة ، قلت : وسبعين ألف حَجّة ، قال : نَعَم ؛ ورُبَّ حجَّةٍ لا تُقبل ، مَن زارَه وبات عنده ليلة كان كمن زارَ اللهَ في عَرشه ، قلت : كمن زارَ الله في عرشه ؟ ! قال : نَعَم إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين ، أمّا الأربعة الّذين هم مِن الأوّلين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، وأمّا الأربعة الّذين هم من الآخرين فمحمّدٌ وعليُّ والحسنُ والحسينُ
____________
1 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : «لعلّ هذا كان مختصّاً
بذلك الزّمان ، فإنّ الشّيعة كانوا لا يرغبون في زيارته عليه السلام إلاّ الخواص منهم الّذين يعرفون فضل زيارته . فعلى هذا التّعليل في كلِّ زمان يكون إمامٌ من الأئمّة أقلّ زائراً يكون ثواب زيارته أكثر . أو المعنى
أنّ المخالفين أيضاً يزورون الحسين عليه السلام ، ولا يزور الرّضا عليه السلام إلاّ الخواصّ وهم الشّيعة ، فتكون «من» بيانيّة . أو المعنى أنّ
مِن فرق الشّيعة لا يزوره إلاّ من كان قائلاً بإمامة جميع الأئمّة ، فإنَّ من قال بالرّضا عليه السلام لا يتوقّف في مَن بعده ، والمذاهب النّادرة الّتي حدثت بعده زالت بأسرع زمان ولم يبق لها أثر . فالوجه في التّعليل إمّا قلّة الزّائرين أيضاً ، أو أنّ حضور المخالفين يصير سبباً لقلّة فضل الزّيارة
، كما يؤمي إلى التّعليل المتقدّم في نظره تعالى إلى زوّار الحسين عليه السلام
قبل نظره إلى أهل الموقف» . وقال العلاّمة الأمينيّ ـ رحمه الله ـ مثله .
2 ـ حيّ من تميم أبوها مازن بن مالك بن عمرو بن تميم (الأميني ـ ره ـ)
( 323 )
صلوات الله عليهم أجمعين ، ثمَّ يمدُّ المِضمار(1) فيقعد معنا مَن زار قبور الأئمّة ؛ ألا إنَّ أعلاهم دَرَجة وأقربهم حَبْوة(2) مَن زار قبرَ وَلَدي عليٍّ ـ عليه السلام » .
حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله قال : حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ [قال : حدَّثني إبراهيم بن رئاب] بهذا الإسناد مثله.
الباب الثّاني والمائة
(زيارة قبر أبي الحسن الرِّضا عليه السلام)
1 ـ حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم ، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب ، عن عبدالله ابن أحمد(3) ، عن بكر بن صالِح ، عن عَمرو بن هِشام ـ عن رجل من أصحابنا ـ «قال : إذا أتيت الرّضا عليُّ بن موسى عليهما السلام فقل :
«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليِّ بْنِ مُوسى الرِّضا المرْتَضى ، الإمام التَّقيّ النَّقيّ ، وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوقَ الأرضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى ، الصِّدِّيقِ الشَّهيدٍ ، صَلاةً كَثيرة نامِية زاكيّة مُتواصِلَةً مُتِواتِرَةً مُترادِفَةً ، كَأفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى أحَدٍ مِنْ أولِيائِكَ» .
وروي(4) عن بعضهم قال : إذا أتيت قبر عليِّ بن موسى الرِّضا بطوس
____________
1 ـ المضمار مَيدان السِّباق ، والّذي يضمر فيه الخيل ، ولعلّه كناية عن المجلس عبّر به عنه لسعته ، وفي بعض النّسخ : «المِطمار» ، والمطمار والمطمر خيط للبنّاء يقدّر به . وقد ورد في كثير من الأخبار في مثل هذا المقام
هذه اللّفظة ، وهذا أظهر . ولعلّ مدّه ليدخل فيه مَن كان
مِن أوليائهم ويخرج عنه مخالفوهم ، وفي بعض نسخ الكافي : «الطّعام» . (ملاذ الأخيار)
2 ـ الحبوة : العطيّة ، والحبوة أيضاً الاحتباء بالثّوب بأن يجمع
بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ، وهنا يحتمل المعنيَين . (البحار)
3 ـ هو عبدالله بن أحمد الرّازي بقرينة بكر بن صالِح.
4 ـ هذه الزّيارة نقلها شيخنا الصّدوق في الفقيه وحكاها
جمع عن جامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، وذكر مختصره في المزار الكبير ويظهر من الكتاب أنّها رويتْ عن
الأئمَّة صلوات الله عليهم . (الأمينيّ ـ ره ـ)
( 324 )
فاغتسل عند خروجك من منزلك وقل حين تغتسل :
«اللّهُمَّ طَهِّرني قَلْبي ، وَاشْرَحْ لي صَدْري ، وَأجِرْ عَلى
لِساني مِدْحَتَكَ وَالثَّناءَ عَلَيْكَ ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لي طَهُوراً وَشِفاءً [وَنُوراً]» .
وتقول حين تخرج :
«بِسْمِ اللهِ وبالله وَالَى اللهِ ، وَإلىَ ابْنِ رَسُولِهِ ، حَسْبي اللهُ ، تَوَكَّلْتُ
عَلى اللهِ ، اللّهُمَّ إلَيْكَ تَوَجَّهْتُ ، وَإلَيْكَ قَصَدْتُ
، وَما عِنْدَكَ أرَدْتُ» .
فإذا خرجتَ فقفْ على باب دارك وقل :
«اللّهُمَّ إلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي ، وَعَليْكَ خَلَّفْتُ أهْلي وَمالي وَما خَوَّلْتَني ، وَبِكَ وَثِقْتُ فَلا تَخيِّبْني يا مَنْ لا يَخيبُ مَنْ أرادَهُ ، وَلا يَضيعُ مَنْ حَفِظَهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاحْفَظني بِحفْظِكَ ، فَإنَّهُ لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَ» .
فإذا وافيت سالماً إن شاءَ الله فاغتسل وقل حين تغتسل :
«اللّهُمَّ طَهِّرْني ، وَطَهِّرْ قَلْبي ، وَاشْرَحْ لي صَدْري ،
وَأجِرْ عَلى لِساني مِدْحَتَكَ وَمَحَبَّتَكَ ، وَالثَّناءَ عَلَيْكَ ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِكَ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنَّ قُوَّة دِيني(1)
التّسْليمُ لأمْرِكَ وَالاِتِّباع لِسُنَّةِ نَبيِّكَ ، وَالشَّهادَةُ عَلى جَميعِ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لي شِفاءً وَ نُوراً ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ» .
ثمّ البس ثيابك ، وامش حافياً ، وعَلَيْكَ السَّكينةُ والوَقار ، بالتّكبير والتّهليل والتّسبيح والتّحميد والتّمجيد(2) ،
وقصِّر خُطاك وقل حين تدخل :
«بِسْمِ اللهِ وَبِالله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأنَّ عَليّاً وَليُّ الله» .
ثمَّ اشِرْ إلى قبره ، واستقبل وجهه بوجهك ،
واجعل القبلة بين كتفيك وقل :
____________
1 ـ في بعض نسخ العيون : «أنّ قوام ديني» ، والقِوام ـ بالكسر ـ : نظام الأمر وعماده وملاكُه الَّذي يقوم به . وهو أظهر بالمقام.
2 ـ التَّمجيد ذكَره تعالى بالمجد ـ وهو العظمة ـ والثَّناء عليه ، وأخصّ الأذكار به : «لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِالله» . (العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ)
( 325 )
«أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ،
وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأنَّهُ سَيِّدُ
الأولين والآخرين ، وأنه الأنبياءِ وَالمرْسَلينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبيِّكَ وَسَيِّدٍ خَلْقِكَ أجْمَعين ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحْصائِها غَيرُكَ ، اللُّهُمَّ صَلِّ عَلى أمِير المؤمِنين عَليِّ بْنِ أبي طالِبٍ عَبْدِكَ وَأخي رَسُولِكَ الَّذي انْتَجَبْتَهُ لَعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لمنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَالدَّليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ ، وَدَيّانِ يَومِ الدِّين بِعَدْلِكَ وَفَضائِكَ بَين خَلْقِكَ ، وَالمهَيْمنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى فاطَمَةَ بِنْتِ نَبيِّكَ
؛ وَزَوجَةِ وَليِّكَ ، وَاُمِّ السِّبْطَين الحَسَنِ والحُسَينِ سَيِّديْ شَبابِ أهْل الجنَّةِ ، الطُّهْرَةِ الطّاهِرَةِ المُطهَّرَةِ ، النَّقيَّةِ(1) الرَّضيَّةِ الزَّكيَّةِ ، سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ وَسَيِّدَة نِساء أهْل الجنَّةِ مِنَ الخلْقِ أجْمَعِينَ ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحَسَنِ وَالحُسَين سِبْطي نَبيِّكَ وَسَيِّدَي شَبابِ أهْل الجنَّةِ ، القائِمَين في خَلْقِكَ ، وَالَّدالَّين عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ ، وَدَيّاني الدِّين بِعَدْلِكَ وَفَصْلَي(2) قَضائِكَ بَينَ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليِّ بِنِ الحسَين [سيّد العابِدينَ] عَبْدِكَ ، القائِمِ في خَلْقِكَ ، وَخَليفَتِكَ عَلى خَلْقِكَ ، وَالدَّليلِ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ ، وَدَيّان الدِّينِ بَعَدْلِكَ ، وَفَصْلِ قَضائِك بَينَ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ صَلًّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ عَبْدِكَ وَوَليِّ دينِكَ ، وَخَليفَتِكَ في أرْضِكَ ، باقِرِ عِلْمِ النَّبيِّين ، القائِمِ بَعَدْلِكَ وَالدَّاعي إلى دينكَ وَدين آبائِهِ الصّادِقينَ ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائها غَيرُكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ ، عَبْدِكَ وَوَليْ دِينِكَ ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ أجمعِينَ الصّادِقِ البارِّ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُوسى بْنِ جَعْفَر الكاظِم الْعَبْدِ الصّالحِِ ، وَلِسانِكَ في خَلْقِكَ ، النّاطِقِ بِعِلْمِكَ ، وَالحُجَّةِ عَلى بَريَّتِكَ ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائها غَيرُكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليّ بن مُوسى الرِّضا الرَّضيّ المُرْتَضى ، عَبْدِكَ وَوَليّ دِينكَ ، الِقائِمِ بِعَدْلِكَ ، والدَّاعي إلى دينِكَ ، وَدينِ آبائِهِ الصّادقِين ، صَلاةً لا يَقْدر عَلى إحْصائِها غَيرُكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ وَعَليِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ،
____________
1 ـ في بعص النّسخ : «التّقية».
2 ـ في جلّ النّسخ : «وفصل قضائك» ، وفي العيون والفقيه مثل ما في المتن .
( 326 )
القائمَينِ بِأمْرِكَ وَالمؤَدِّيينِ عَنْكَ وَشاهِدَيكَ عَلى خَلْقِكَ وَدَعائِم دِينكَ وَالقِوام عَلى ذلِكَ ، صَلاةً لا يَقوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحسَن بْنِ عَليٍّ ، الْعامِلِ بِأمْرِكَ ، والْقائِمِ في خَلْقِكَ ، وَحُجَّتِكَ المُؤدِّي عَنْ نَبيِّكَ وَشاهِدِكَ عَلى
خَلْقِكَ ، المخْصُوصِ بِكَرامَتِكَ ، الدّاعي إلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعينَ ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ ، وَوَليِّكَ الْقائمِ في خَلْقِكَ ، صَلاةً نامِيةً باقِيةً ، تُعَجِّلُ بِها فَرَجَهُ وَتَنْصُرُهُ [بها] ، وَتَجْعَلُنا مَعَهُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِزيارَتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ ، وَاُوالي وَليَّهُمْ ، وَاُعادِي عَدُوَّهُمْ ، فَأرْزُقني بِهِمْ خَيرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَاصْرِف عَنّي هَمَّ نَفْسي في الدُّنيا والآخِرَة(1) ، وَأهْوالَ يَومِ الْقيامَةِ» .
ثم تجلس عندَ راسه وتقول :
«السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظَلُماتِ الأرْضِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدِّينِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ ، السَّلامُ عَلْيْكَ يا وارثَ نُوحِ نَبيِّ الله ، السَّلام
عَلَيْكَ ياوارثَ إبراهيمَ خَليلِ اللهِ ، السَّلامُ
عَلَيْكَ يا وارثَ مُوسى كَليمِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ ، السَّلامُ
عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ الله ، السَّلام عَلَيْكَ يا وارِثَ أمير المؤمنينَ عَليِّ بْنِ أبي طالب وَليِّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ الحَسَنِ وَالحُسَينِ سَيِّدَي شَبابِ أهْلِ الجنَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَليِّ بْن الحُسَين سَيِّدِ الْعابِدين(2) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدِ بِنِ عَليٍّ باقِرِ عِلْمِ الأوَّلينَ وَالآخِرِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ البارِّ التَّقيِّ النَّقيّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ مُوسى بْنِ جَعفَر الْكاظِم ، السَّلام عَلَيْكَ أيُّها الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الوَصيُّ البارُّ التَّقيّ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ ، وَآتيْتَ الزَّكاةَ ، وَأمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ ، وَعَبَدْتَ الله مُخلِصاً حَتّى أتاكَ الْيَقينُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبَا الحَسَنِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، إنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ» .
____________
1 ـ في العيون : «واصرف عنّي بهم شرّ الدُّنيا والآخرة».
2 ـ في بعض النّسخ : «زين العابدين» .
( 327 )
ثمَّ تَنكبّ على القبر وتقول :
«اللّهُمَّ إلَيْكَ صَمَدْتُ(*) مِنْ أرْضي ، وَقَطَعْتُ الْبِلادَ رَجاءَ رَحمتِكَ ، فلا تخيِّبْني وَلا تَرُدَّني بِغَيرِ قَضاءِ حَوائِجي ، وَارْحَمْ تَقَلُّبي عَلى قَبرِ ابْنِ أخِي نَبيِّكَ وَرَسُولِكَ صَلّى الله عَليه وآلِهِ ، بِأبي أنْتَ وَاُمّي أتَيْتُكَ زائراً وافِداً عائِذاً مما جَنَيْتُ بِهِ عَلى نَفْسي ، وَاحْتَطَبْتُ عَلى ظَهْري ، فَكُنْ لي شَفيعاً إلى رَبِّكَ يَومَ فَقْري وَفاقَتي ، فَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَحمُوداً ، وَأنْتَ عِنْدَ اللهِ وَجيهٌ في الدُّنْيا والآخِرَةِ» ؛
ثمَّ ترفع يدك اليمنى وتبسط اليُسرى على القبر وتقول :
«اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَبِمُوالاتِهِمْ ، وأتَوَلّى آخِرَهُمْ بما تَوَلَّيْتُ بِهِ
أوَّلَهُمْ ، وَأبْرَءُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُم(1)
، اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذِين بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ ، وَاتَّهَمُوا نَبِيِّكَ ، وَجَحَدوا آياتك ، وَسَخرُوا بإمامِكَ ، وَحَملُوا النّاسَ عَلى أكْتافِ آلِ مُحَمَّدٍ ، اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِاللَّعْنَةِ عَلَيهِمْ وَالبَراءةِ مِنْهُمْ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، يا رَحْمنُ يا رَحيمُ»؛
ثمَّ تحوِّل عند رجليه وتقول :
«صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا الحَسَنِ ، صَلى الله عَلَيْكَ وَعلى رُوحِكَ وَبَدنِكَ ، صَبرتَ وَأنْتَ الصّادِقُ المُصَدَّقُ ، قَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ بِالأيْديِ وَالألْسُنِ» ،
ثمَّ أبتهل(2) باللَّعْنَةِ على قاتل أمير المؤمنين ، وباللّعنة على قتلة الحسين وعلى جميع قتلة أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
، ثمَّ تحوَّل نحو رأسه من خَلْفه وصلِّ رَكعتين ، تقرء في إحديهما «يس» ، وفي الاُخرى «الرَّحمن» ، وتجتهد في الدُّعاء لنفسك والتَّضرُّع ، وأكثر من الدُّعاء لوالديك ولإخوانك المؤمنين ، وأقم عنده ما شئت ، وليكن صلاتك عند القبر إن شاء الله» .
*****
____________
1 ـ الوليجة : مَن تتّخذه معتمداً مِن غير أهلك ، أي أبرء من
كلّ مَن لم يحذو حذوهم ، ولم يقل بإمامتهم.
2 ـ قال في النّهاية : وفي حديث الدّعاء: «والابتهال أن تمدّ يديك جميعاً» ، وأصله
التّضرّع والمبالغة في السّؤال ـ انتهى.
* ـ أي قصدت .