1 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ(1)
، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال لي : إنَّ عندكم ـ أو قال : في قُرْبكم ـ لفضيلة ما اُوتي أحدٌ مثلها ، وما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها ، ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها ، وإنَّ لها لأهلاً خاصّة قد سمّوا لها ، واُعطوها بلا حول منهم ولا قوّة إلاّ ما كان من صنع اللهِ لهم وسعادة حَباهم [الله] بها ورحمة ورأفة وتقدّم .
قلت : جُعِلت فِداك وما هذا الّذي وصفتَ لنا ولم تُسمّه ؟
قال : زيارة جدَّي الحسين [بن عليٍّ] عليهما السلام فإنّه غريب بأرض غُرْبَة ، يبكيه من زارَه ، ويحزنُ له من لم يَزُرْه ، ويحرق له مَن لم يشهده ويرحمه مَن نظر إلى قبر ابنه عندَ رِجله في أرض فَلاة ، لا حميم قربه ولا قريب ، ثمَّ منع الحقّ وتوازَرَ عليه أهل الرِّدَّة حتّى قتلوه وضَيّعوه وعرضوه للسّباع ، ومَنعوه شُربَ ماءِ الفُرات الَّذي يشربه الكِلاب ، وضيّعوا حَقَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصيّته به وبأهل بيته ، فأمسى مَجفُوّاً في حفرته ، صَريعاً بين قرابته ، وشيعته بين أطباق التّراب ، قد أوحش قربه في الوحدة والبُعد عن جدِّه ، والمنزل الَّذي لا يأتيه إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان وعرَّفه حقّنا .
فقلت له : جُعِلتُ فِداك قد كنتُ آتيه حتّى بليتُ بالسّلطان وفي حفظ أموالهم وأنا عندهم مشهورٌ فتركت للتّقية إتيانه وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير ،
ولقد حدَّثني أبي أنّه لم يَخلُ مكانه منذ قُتِل مِن مُصلٍّ يصلّي عليه من الملائكة ، أو مِن الجِنّ ، أو مِن الإنس ، أو مِن الوَحش ، وما مِن شيءٍ إلاّ وهو يغبط زائره ويتمسّح به ويرجو في النَّظر إليه الخير لنظره إلى قبره [عليه السلام] ، ثمّ قال: بلغني أنَّ قوماً يأتونه مِن نواحي الكوفة و[اُ] ناساً من غيرهم ونِساء يَنْدُبْنَه ، وذلك في النّصف من شعبان ، فمن بين قارىء يقرء ، وقاصٍّ يقصّ ، ونادبٍ يندب ، وقائل يقول المراثي .
فقلت : نَعَم جُعِلتُ فِداك قد شَهدتُ بعض ما تصف ، فقال : الحمدُ للهِ الّذي جعل في النّاس مَن يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا ، وجعل عَدؤنا من يطعن عليهم مِن قرابتنا وغيرهم يَهْذؤنهم(1) ويقبّحون ما يصنعون» .
2 ـ وبهذا الإسناد ، عن عبدالله الأصمّ ، عن عبدالله بن بُكَير الأرجاني(2) «قال : صَحبت أبا عبدالله عليه السلام في
طريق مكّة من المدينة فنزلنا منزلاً يقال له : عُسْفان(3)
ثمّ مررنا بجبل أسود عن يسار الطّريق موحشٍ ، فقلت له : يا ابن رَسول الله ما أوحش هذا الجبل ! ما رأيت في الطّريق مثل هذا ، فقال لي : يا ابن بُكَير أتدري أيّ جبل هذا؟ قلت : لا ، قال: هذا جبل يقال له : «الكمد» وهو على
وقال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : لعلّه تصحيف «جبّ الحزن» لما روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : «تعوّذوا بالله من جبّ الحزن» وهو اسم جبّ في جهنّم.
قلت : جُعِلتُ فِداك أخبرني عن الحسين عليه السلام
لو نُبشَ(6) كانو يجدون في
3 ـ حدَّثني محمّد بن يعقوبَ ، عن عدَّة من أصحابه ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال(2) ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : ما مِن نَبيٍّ ولا وصيّ نبيِّ يبقى في الأرض بأكثر مِن ثلاثة أيّام ثمَّ ترفع روحُه وعَظْمُه ولَحمُه إلى السّماء ، وإنّما تؤتى مواضع آثارهم ويبلّغونهم مِن بعيدٍ السَّلامَ ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب»(3) .
واحتمل الفيض ـ قدّس سرّه ـ في الوافي بأن يكون المراد باللّحم والعظم المرفوعين المثاليّين
وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن يعقوبَ ، عن محمّد بن يحيى ؛ وغيره ، عن أحمدَ بنِ محمّد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن زياد ، عن أبي عبدالله عليه السلام ـ مثله(1) .
4 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع ـ عن بعض أصحابه ـ رَفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام «قال : قلت : نكون بمكّة أو بالمدينة أو بالحائر أو المواضع الّتي يُرجى فيها الفضل فربّما يخرج الرَّجل يتوضّأ فيجيء الآخر فيصير مكانه ، قال: مَن سبق إلى موضع فهو أحقّ به يومه وليلته» .
5 ـ حدَّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن مَنيع ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن صَفوانَ بن مِهرانَ الجمّال ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : أهون ما يكسب زائر الحسين عليه السلام في كلِّ حسنة ألف ألف حسنةٍ ، والسّيّئة واحدة ، وأين الواحدة من ألف ألف ؟ ! ثمَّ قال : يا صَفوانُ أبشر فإنَّ لله ملائكةٌ معها قضبان من نور فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين عليه السلام
سيّئة ، قالت الملائكة للحفظة : كفّي ، فتكفّ ، فإذا عمل حسنة قالت لها : اكتبي اُولئك الَّذين يبدُّل الله سيّئاتهم حسنات» .
6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن
7 ـ وروى عن محمّد بن مَروان قال : حدَّثنا محمّد بن الفضل(2) «قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول : مَن زارَ قبر الحسين عليه السلام في شهر رَمضان ومات في الطّريق لم يعرض ولم يحاسب ، ويقال له : ادخل الجنّة آمناً» .
8 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهما الله ـ جميعاً ، عن الحسين بن سعيد قال : حدّثنا عليُّ بن السّحت الخّزّاز قال : حدَّثنا حفص المزنيُّ ، عن عُمَر بن بياض ، عن أبان بن تَغلب «قال : قال لي جعفر بن محمّد
عليهما السلام : يا أبان متى عهدك بقبر الحسين عليه السلام ؟ قلت : لا والله يا ابن رسول الله ؛ ما لي به عهد منذ حين ، فقال: سبحان الله العظيم وأنت مِن رُؤساء الشِّيعة تترك زيارة الحسين عليه السلام ، لا تزوره ؟!! مَن زارَ الحسين عليه السلام كتب الله له بكلِّ خُطْوةٍ حسنةً ، ومحى عنه بكلِّ خطوة سيّئة ، وغفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر ، يا أبان لقد قُتل الحسين عليه السلام فهبط على قبره سبعون ألف ملكٍ شُعْث غُبر يبكون عليه وينوحون عليه إلى يوم القيامة» .
حدَّثني الحسين بن محمّد بن عامِر ، عن المعلّى بن محمّد البَصريّ ، عن عليِّ بن أسباط ، عن الحسن بن الجَهْم «قال : قلت لأبي الحسن الرِّضا عليه السلام : أيّهما أفضل : رَجلٌ يأتي مكّة ولا يأتي المدينة ، أو رجل يأتي النَّبيِّ ولا يأتي مكّة (3) ؟ قال : فقال لي : أيُّ شيء تقولون أنتم؟ فقلت : نحن نقول في الحسين عليه السلام ، فكيف في النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ ! قال : أما لئن قلت ذلك لقد شهد أبو عبدالله عليه السلام عيداً بالمدينة فانصرف فدخل على النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فسلّم عليه ، ثمَّ قال لمن حضره : أما لقد فضّلنا
10 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ـ عن بعض أصحابه ـ يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام «قال : قلت : نكون بمكّة أو بالمدينة أو بالحائر أو المواضع الّتي يرجى فيها الفضل ، فربّما يخرج الرَّجل ليتوضّأ فيجيء آخر فيصير مكانه ، قال : مَن سبق إلى موضع فهو أحقُّ به يومه وليلته» .
11 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ،
عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان ، عن
محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ،
عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ(1) ،
عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه السّلام «قال : لمّا اُسرِي بالنَّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى السّماء قيل له : إنّ الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صَبرُك ، قال : أسلم لأمرك يا رَبِّ ولا قوَّة لي على الصَّبر إلاّ بك فما هُنَّ ؟ قيل له : أوَّلهنَّ الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة ، قال : قبلت يا رَبِّ ورضيت وسلَّمت ومنك التَّوفيق والصَّبر ، وأمّا الثّانية فالتّكذيب والخوف الشَّديد وبذلُكَ مُهْجَتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك ، والصَّبر على ما يصيبك منهم مِن الأذى ومِن أهل النِّفاق ، والألم في الحرب والجراح ، قال : قبلتُ يا رَبِّ ورضيت ومنك التَّوفيق والصَّبر ، وأما الثالثة فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل ، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم وآخر ذلك القتل ، فقال : يا رب قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر ، وأمّا ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقُّها غَصباً الَّذي تجعله لها وتُضرَب وهي حامل ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ثمَّ يمسّها هوان وذلٌّ ، ثمَّ لا تجد مانعاً وتطرح ما في بطنها من الضَّرب وتموت
من ذلك الضَّرب ، قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ،
قَبلتُ يا ربِّ وسلّمت ومنك التَّوفيق والصَّبر ، ويكون لها مِن أخيك ابنان
وأمّا ابنها الآخر فتدعوه اُمَّتك للجِهاد ثمَّ يقتلونه صَبراً ،
ويقتلون وُلده ومَن معه مِن أهل بيته ، ثمَّ يسلُبون حَرمه ، فيستعين بي وقد مضى القضاء منّي فيه بالشَّهادة له ولمن معه ، ويكون قتله حُجّةً
على من بين قطريها ، فيبكيه أهل السّماوات وأهل الأرضين جَزَعاً عليه ، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته ، ثمَّ أخرج مِن صلبه ذكراً به أنصرك وأنَّ شبحه عندي تحت العرش(1) يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط ، يسير معه الرُّعب ، يقتل حتّى يشكّ فيه ، قلت : إنّا لله !
فقيل : ارفع رأسك ، فنظرت إلى رَجلٍ أحسن النّاس صورةً وأطيبهم ريحاً ، والنّور يسطع مِن بين عَينيه ومِن فوقه ومن تحته ، فدعوته فأقبل إليَّ وعليه ثياب النُّور وسيما كلِّ خير حتى قَبَّل بين عَيني ، ونظرت إلى الملائكة قد حفّوا به ، لا يحصيهم إلاّ الله عزَّوجَلَّ ، فقلت : يارَبِّ لمن يغضب هذا ولمن أعددت هؤلاء ؟ وقد وعدتَني النَّصر فيهم فأنا انتظره منك؟ وهؤلاء أهلي وأهل بيتي وقد أخبرتَني ممّا يلقون مِن بعدي ولئن شئتَ لأعطيتني النًّصر فيهم على مَن بغى عليهم ، وقد سلَّمتُ وقبلتُ ورضيت ومنك التّوفيق والرِّضا
والعون على الصَّبر ، فقيل لي : أمّا أخوك فجزاؤه عندي جنّة المأوى نُزُلاً بصبره ، أفلح حجّته على الخلائق يوم البعث ، واُولّيه حَوضَك يسقي منه أولياءَكم ويمنع منه أعداءَكم ، وأجعل جهنَّم عليه بَرداً
وسلاماً ، يدخلها فيُخرج مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة مِن المودَّة ، وأجعل منزلتكم في درجةٍ واحدةٍ في الجنّة ، وأمّا ابنك المخذول المقتول ، وابنك المعذور المقتول صبراً ، فإنّهما ممّا اُزيّن بهما عرشي ، ولهما من الكَرامة سِوى ذلك ممّا لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء فعليّ فتوكّل ، ولكلِّ مَن أتى قبرَه مِن الخلق من الكرامة لأنَّ زوَّاره زوَّارك و
وأمّا ابنتك فإنّي أوقفها عند
عرشي فيقال لها : إنَّ الله قد حكمكِ في خلقه فمن ظلمكِ وظلم وُلدكِ فاحكمي فيه بما أحببتِ فإنّي اُجيز حكومتكِ فيهم ، فتشهد العرصة فإذا وقف مَن ظَلَمها أمرتُ به إلى النّار ، فيقول الظّالم : واحسرتا ! على ما فرَّطْتُ في جنب الله ، ويتمنّى الكَرَّة(2) ، ويعضّ الظّالم على يديه ويقول : يا ليتني اتّخذت مع الرَّسول سَبِيلاً ، يا ويلتي ليتني لَم أتّخِذ فلاناً خليلاً ، وقال : حتّى إذا جاءَنا قال : يا ليت بَيني وبَيْنَك بُعْدَ المَشرِقين فَبِئس القَرين ، ولَنْ يَنفعَكم اليَومَ إذ ظلَمْتُم أنّكم في العذاب مُشتَركون ، فيقول الظّالم : أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلِفون ، أو الحكم لغيرك ، فيقال لهم : ألا لعنة الله على الظّالمين الّذين يَصُدُّون عن سبيل الله ويَبغُونها عِوَجاً وهم بالآخرة كافِرون ، وأوَّل من يحكم فيه ـ حسن بن عليٍّ عليه
السلام في قاتله ، ثمَّ في فتفذ فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط مِن نار ، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مَغربها ، ولو وضعت على جبال الدُّنيا لذابت حتّى تصير رماداً فيضربان بها ، ثمَّ يجثو أمير المؤمنين عليه السلام بين يدي الله للخصومة مع فلان في جبّ فيطبق عليهم ، لا يراهم أحد ولا يرون أحداً فيقول الّذين كانوا في ولايتهم : ربّنا أرنا اللَّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس ، نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ، قال الله عزّوجَلَّ : «وَلَن يَنْفَعَكُمُ اليْومَ إذْ ظَلَمْتُمْ أنَّكم في الْعَذابِ مُشْتركُون(3)» فعند ذلك ينادون بالوَيل والثُّبُور(4) ، ويأتيان الحوض فيسألان
عن أمير المؤمنين عليه السلام ومعهم حفظة فيقولان : اعف عنّا واسقنا وتخلّصنا ، فيقال لهم : فلمّا راؤه زلفة سيئت وجوه الّذين كفروا ، وقيل : هذا الَّذي كنتم به تدّعون بإمرة المؤمنين ، ارجعوا ظماء مظمئين إلى النّار فما شرابكم إلاّ الحميم
12 ـ وحدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن جدِّه «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : جُعِلتُ فِداك أيّما أفضل : الحجّ أو الصّدقة ؟ قال : هذه مسألة فيها مسألتان ، قال : كم المال؟ يكون ما يحمل صاحبَه إلى الحجّ ؟ قال : قلت : لا ، قال : إذا كان مالاً يحمل إلى الحجّ فالصَّدقة لا تعدل الحجّ ، الحجّ أفضل ، وإن كانت لا يكون إلاّ القليل فالصَّدقة ، قلت : فالجهاد ؟ قال: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض في وقت الجِهاد ، وقال: ولا جِهاد إلاّ مع الإمام ، قلت : فالزِّيارة ؟ قال: زيارة النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وزيارة الأوصياء وزيارة حمزة ، وبالعِراق زيارة الحسين عليه السلام ، قلت : فما لمن زار الحسين عليه السلام ؟ قال : يخوض في الرَّحمة ، ويستوجب الرِّضا ، ويصرف عنه السّوء ، ويدرّ عليه الرّزق ، وتشيّعه الملائكة ، ويلبس نوراً تعرفه به الحفظة ، فلا يمرُّ بأحدٍ من الحفظة إلاّ دعا له» .
13 ـ وروى أحمد بن جعفر البلديُّ ، عن محمّد بن يزيدَ البكريّ ، عن منصور بن نصر المدائني ، عن عبدالرَّحمن بن مسلم « قال : دخلت على الكاظم عليه السلام
فقلت له : أيّما أفضل : زيارة الحسين بن عليٍّ أو أمير المؤمنين عليهما السلام ؟
أو الفلان وفلان ، وسمّيت الأئمّة واحداً واحداً ؟ فقال لي : يا عبدالرَّحمن مَن زار أوَّلنا فقد زارَ آخرنا ومَن زارَ آخرنا فقد زارَ أوَّلنا ، ومن تولّى أوَّلنا فقد تولّى آخرنا ، ومَن تولّى آخرنا فقد تولّنا أوَّلنا ، ومن قضى حاجةً لأحدٍ من أوليائنا فكأنما قضاها لأجمعنا ، يا عبدالرَّحمن أحبّنا وأحبَّ مَن يُحبّنا وأحبَّ فينا ، واحبب لنا وتولّنا وتولَّ مَن يتولاّنا ، وأبغض مَن يبغضنا ، ألا وإنَّ الرَّادّ علينا كالرَّادّ على رسول الله جدِّنا ، ومَن رَدَّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد رَدّ على اللهِ ، ألا يا عبدالرَّحمن ومَن أبغضنا فقد أبغض محمّداً ومَن أبغض محمّداً فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله عزَّوجلَّ كان حقّاً على الله أن يصليه النار وماله مِن نصير» .
14 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد ، عن محمّد بن الحسن
إنّ الحسين عليه السلام لمّا قتل أتاهم آتٍ وهم في المُعَسْكر فصرخ
فزَبَر ، فقال لهم : وكيف لا أصرخ ورَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قائم ينظر إلى الأرض مرَّة ، وإلى حزبكم مرَّة ، وأنا أخاف أن يدعو الله على أهل الأرض فأهلك فيهم ، فقال بعضهم لبعض : هذا إنسان مجنون .
فقال التّوَّابون : تاللهِ ما صَنَعنا لأنفسِنا ، قتلنا لابن سُمّيّة سيّد شبابِ أهل الجنّة ، فخرجوا على عبيدالله بن زياد ، فكان مِن أمرهم ما كان .
قال : فقلت له : جعلت فداك مَن هذا الصّارخ؟ قال : ما نراه
إلاّ جبرئيل ، أما إنّه لو أذن له فيهم لصاحَ بهم صَيحةً يخطف به أرواحهم مِن أبدانهم إلى النّار ، ولكن أمهل ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ أليمٌ ، قلت : جُعلتُ فِداك ما تقول فيمن يترك زِيارته وهو يقدر على ذلك ؟ قال : إنّه قد عقّ رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعقّنا واستخفّ بأمرٍ هو له ، ومَن زارَه كان الله له مِن وراءِ حوائجه ، وكَفاه ما أهمّه
الحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين .
|
بهراد الجعفريّ 1375 هـ ش |