الحافظ عبد الحميد صادق الصّغير
إنّ حفظ القرآن الكريم والعمل به يُعد من أفضل الأعمال المُقرّبة إلى الله، والتي تعمل على تقويم سلوك الانسان وجعلهِ إنساناً مستقيماً في تعامله مع الحياة ومواجهة ظروفها بقلب تملؤهُ الطمأنينةُ والسلام الداخليّ المتولد من الطاقة الروحانية التي يبعثها القُرآن الكريم في قلب حامله، وكذلك لما يحوي القُرآن الكريم من دروسٍ وإرشاداتٍ وعِبر لجميع العصور.
ومن أراد أن يحفظ القُرآن الكريم بإتقان عليه أن يلتزم بما يلي من النصائح ويعمل على تطبيقها:
1.tالإخلاص والتوكُّل على الله من أهم العوامل المؤثّرة في عملية الحفظ، فمهما سعى الإنسان واجتهد فإنّهُ لا ينتفع منه إذا لم يتحقّق الإخلاص فيه، فيصبح عمله هباءً منثوراً، ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه النقطة بالآية المباركة: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾( ).
فعندما يربط الإنسان أعماله بالله فإنّها لا تضيع أبداً، بل تثمر وتزيد بركتها، فقد قيل: (ما كان لله ينمو).
2.tصدق الرغبة في الحفظ، والالتجاء إلى الله لكي يسهل عليه سلوك هذا الطريق المبارك الذي لا يناله إلّا ذو حظ عظيم، وكذلك عليه أن يتنافس في حفظه مع أقرانه المؤمنين، فهو من أجلّ وأعظم الأعمال، وقد قال الله تعالى في كتابه المحكم: ﴿وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾( ).
3.tمن أهمّ الأمور التي يجب على حافظ القُرآن الكريم الانتباه إليها: هي ضرورة الالتزام والعمل بالأحكام والتوجيهات الإلهيّة الموجودة فيه، حتى يكون مثالاً لقول الإمام الصادق (عليه السّلام): «الحافظ للقُرآن العامل به مع السَّفَرة الكِرام البَرَرة»( ).
4.tاختيار المكان المناسب؛ يلعب هذا العامل دوراً كبيراً في حفظ القرآن الكريم، حيث كلّما كان المكان هادئاً جميلاً سوف ينعكس انعكاسا رائعاً في نفس الحافظ وروحيّته، وتتجلّى في حفظه السّكينةُ والاطمئنانُ.
5.tاختيار الزمان الملائم للحفظ؛ حيث يُفضّل لمن يريد أن يحفظ القُرآن أن يختار الوقت المناسب له حيث يكون فيه صافي الذهن غير مشتّت التركيز، ويستحسن أن يكون وقت السَّحَر.
6.tالحفظ بطريقة التّرتيل؛ فإنّ الحفظ بهذه الطريقة يعمل على ترسيخ الآيات بصوتٍ جميلٍ، ومِن ثَمَّ يستشعر عظمة الآيات، ويترك شعوراً رائعاً لدى الحافظ، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا﴾( )، ولا يستطيع الحافظ أن يُتقن هذه الطريقة إلّا بكثرة الاستماع الى القُرّاء المعروفين بالصّوت الجميل والقراءة الصّحيحة للآيات المباركة، فإذا لم يعمل بهذه الطريقة صَعُبَ عليه الحفظُ.
7.tالحفظ بطريقة فهم الآيات عن طريق التّفسير؛ حيث إنّ منْ أهمِّ ميّزاتِ هذهِ ٱلطريقةِ أنَّها تجعلُ حافظَ ٱلقرآنِ ٱلكريمِ مُتمكِّنًا منَ ٱلحفظِ بسهولةٍ؛ فهي تذلِّلُ لهُ صعوبةَ ٱلحفظِ، وتُهيِّئُهُ لمواجهةِ صعوباتِ وعوائقِ حفظِهِ وٱستذكارِهِ، ومنْ ٱلميّزاتِ ٱلأخرى لهذهِ ٱلطّريقةِ أنَّها تزيدُ ٱلحافظَ معلوماتٍ واسعةً منَ ٱلعلومِ ٱلدّينيّةِ وٱلدّنيويّةِ عن طريق الاستعانة بالتّفسير لفهم معاني الآيات.
8.tضرورة المراجعة بعد الحفظ وتكرار الآيات لكي تترسّخ في ذهن الحافظ، فمن ترك المراجعة نسي الحفظ.
والمراجعة بمعنى أنْ يخصّص يوميّاً وقتاً لقراءة المحفوظات السّابقة، وكذلك عليه الانتباه إلى الآيات المتشابهة والتركيز عليها؛ حتى لا يكون عُرضةً للاشتباه.
9.tأن يكون الحفظ بصورة منتظمة، فالحفظ المنتظم القليل خيرٌ من المتقطّع الكثير، فقد روي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «... وإنّ أحبّ الأعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإنْ قَلَّ»( ).
10.tالحفظ خطوةً بخطوة لمن يجد صعوبةً في الحفظ حتّى يسهل عليه الحفظ، وعليه التّركيز في الآيات المراد حفظها حتّى لا ينشغل بشيء آخر.
11.tيُفضّل الاقتصار على طبعة واحدة من المصحف الشّريف، حتّى لا يتشتّت ذهن الحافظ.
12.tومن يجد صعوبةً في حفظ القُرآن الكريم؛ عليه الارتباط بالأُستاذ النّاصح الخبير، حتّى يستعين به في حفظهِ ويَرجع له في كلّ الأمور.


 الحافظ عبد الحميد صادق الصّغير
وحدة التّحفيظ في معهد القُرآن الكريم فرع النّجف الأشرف
يوم الخميس 6 صفر 1442هـ / الموافق 24/ 9/ 2020م