العتبة العباسية المقدسة
فالعتبات المقدسة هي محطّ قصد الآلاف من الزائرين يومياً لذا لابدّ من وجود منظومة إدارية تدير هذا المكان المقدس وتطوّر موجوداته وتديمها وتحفظها، وتنظم زيارة من يفدون إليه سنوياً، لذا فقد كان من الضروري وجود شخص على رأس هذا الهرم الإداري مهما كان هذا الهرم صغيراً وبسيطاً.
ولأن مراقد الأئمة الطاهرين وأولادهم)عليهم السلام جميعاً) ومنها مرقد أبي الفضل العباس(عليه السلام) هي من الأوقاف العامة التي يرجع أمر ولايتها إلى الحاكم الشرعي كما ثبت بالأدلّة النقلية، فإنّ تعيين شخص يديرها كوكيل منصوب من قبل الحاكم الشرعي لا من غيره أمرٌ مفروغٌ منه، طالما أن قراراته تحتاج إلى أن تكون وفق الضوابط الشرعية التي لا تُعرف إلا من خلال ذلك الحاكم، وقد مرّت العتبة المقدسة بفترات كان من يديرها تابعاً له.
لكنها للأسف الشديد خلت في بعض سنوات القرنين الأخيرين من الشرعية في إدارتها؛ بسبب تدخل الحكومات الظالمة أو المحتلة في تعيين المتولّي دون الرجوع للحاكم الشرعي الجامع للشرائط، ولكن ذلك ما حصل بعد9/4/2003م عند زوال الديكتاتورية وسقوط الطاغية.
وقد تغيّر الاسم في 9/4/2003م من السادن إلى (لجنة إدارة الروضة) التي كانت لجنة تنفيذية فقط، وشُكلت في كلٍّ من العتبتين مؤقّتاً من قبل ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة في وقتها وبتخويل شفوي منه، والذي كان المتولي الشرعي للعتبتين، حيث تصدّت المرجعية للأمر بسبب أن الولاية الشرعية للعتبات المقدسة ترجع لها بحسب فقه أهل البيت)عليهم السلام)، فضلاً عن أنّ الأمر كان مُلحّاً ولا يمكن تأخيره تلافياً للفراغ الإداري المفاجئ والخطر في نفس الوقت الذي داهم البلاد بعد سقوط الطاغية ودخول المحتلّين الأمريكيين إليها، إذ لا توجد جهة أكثر أمانة وشرعية من المرجعية الدينية لتتصدّى لهذا الأمر، إلى أن تشكّلت بعد أسابيع من ذلك(اللجنة العليا لإدارة العتبات المطهرة في كربلاء المقدسة) بشكل خطّي من قبل المرجعيات الدينية الأربع في النجف الأشرف وبضمنها المرجعية العليا، فأصبحت اللجنة العليا هي المتولّي الحقيقي لكلا العتبتين، حيث عيّنت شخصاً أسمته (المُشرِف) في كلٍّ من العتبتين ليقوم بالمهام التنفيذية لما تقرره اللجنة فيهما، واستمرّت في عملها حتى 20/7/2006م، حيث صادقت المرجعية الدينية العليا على تعيين(الأمين العام) للعتبة طبقاً للقانون الجديد الذي يدير العتبات المقدسة ذي الرقم (19) الصادر في أواخر 2005م، وبذلك حَلّ هذا العنوان محلّ )السادن) أول الأمر.
وسنتناول في هذا التقرير أسماء المتولّين سدانة الروضة العباسية المقدسة وتواريخ ذلك منذ القرن الحادي عشر الهجري.
ويلاحظ بأن هناك فراغات في الزمن بين تواريخ إنهاء السدنة السابقين لوظائفهم وبين تواريخ الآخرين الذين أعقبوهم في إشغال هذه الوظائف، ويرى بعض المؤرخين المتأخرين إن مردّ ذلك يرجع الى وفاة السادن مع التأخر في تعيين أو تنسيب اللاحق لحين حصول الإجراءات والخطوات لتعيين أو تثبيت السادن الجديد، كما أن هناك فراغاً إداريّاً في عموم الدولة العراقية حصل بعد9/4/2003م، كما نود الإشارة الى أن سدانة الروضة العباسية المقدسة لم تكن منذ البداية والى وقت قريب مستقلّة تماماً عن سدانة الروضة الحسينية المقدسة، وإنما كانت تابعة أو مُلحقة بها، وفي سبيل تخفيف الأعباء عن سادن الروضة الحسينية المقدسة، كان الأخير يجعل نائباً عنه من يراه أهلاً وكفؤاً لإدارة شؤون ومهام العتبة العباسية المقدسة.
أسماء من تولّى سدانة الروضة العباسية كنائب أو كممثل لسادن الروضة الحسينية المقدسة أو مستقلٍّ عنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري حتى الآن على وجه الاختصار:
1- محمد بن نعمة الله، وكان خازناً عام (1025هـ) واستمر في عمله هذا حتى وفاته.
2- الشيخ حمزة السلامي(نسبة الى عشيرة السلالمة العربية العراقية) وذلك في عام 1091هـ والى ما بعد عام 1108هـ .
3- الشيخ محمد شريف الذي تولّى السدانة بعد وفاة السادن السابق وكان سادناً عام 1161هـ وظل شاغلها حتى وفاته .
4- الشيخ أحمد الخازن وقد تولى أعباء السدانة بعد رحيل السادن السابق وقد توفّي في عام 1187هـ.
5- الشيخ علي بن عبدالرسول، وتولّى السدانة عام 1187هـ واستمر في أداء مهام عمله الى ما بعد عام 1222هـ وحتى وفاته، وهو جدّ المرحوم الشيخ محمد علي محمود الكيشوان في الروضة العباسية المقدسة، وتُعرف أسرته في الوقت الحاضر ببيت الشيخ، وتنتمي هذه الأسرة الى قبيلة جشعم العربية.
6- الشيخ عبدالجليل الكليدار، وقد تولّى السدانة عام 1224هـ، وقد تمّ عزله من عمله لأسباب غير معلومة.
7- السيد محمد علي بن درويش بن محمد آل ثابت، ويرجع نسبه الى ثابت بن سلطان كمال الدين نقيب نقباء العراق في عام 957هـ، وهو الجد الأعلى لأسرة آل ثابت في كربلاء، وقد تولّى السدانة في عام 1225هـ والى ما بعد عام 1229هـ.
8- السيد ثابت بن درويش وهو أخو السادن السابق، وكان سادناً في عام (1232هـ) والى ما بعد 1238هـ.
9- السيد حسين بن حسن بن محمد بن حسين آل ثابت، وهو الجد الأعلى لآل وهاب، تولّى السدانة بتأريخ 4 شوال 1240هـ أثر عزل السادن السابق.
10- السيد وهاب السيد محمد علي بن عباس آل طعمة علم الدين من آل طعمة، كان سادناً للروضة الحسينية المقدسة ثم تولّى سدانة الروضة العباسية المقدسة سنة 1243هـ.